أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-5-2017
3859
التاريخ: 1-2-2016
6186
التاريخ: 2-2-2016
2719
التاريخ: 31-1-2016
2922
|
مما لاشك فيه أن علم المتهم بالتهمة محل المحاكمة يعتبر من المفترضات الأساسية لحق الدفاع ، إذ يتعين أن يكون المتهم على علم بسائر الإجراءات المتخذة ض ده ، وبالادعاءات المسندة إليه وبما يدعمها من أدلة ، كي يتسنى له إعداد دفاعه على هديها وحتى لا يؤخذ على حين غرة بتهمة لم تتح له الفرصة الكاملة لدحضها ، وعلم المتهم بالتهمة المسندة إليه يرتبط بصحة الإجراءات ونفاذها ومن ثم سلامة المحاكمة أيما ارتباط (1) .
ولأهمية هذا الحق نص عليه في الدستور المصري لعام 1971 ، إذ أوجبت المادة (71) ( ... ويجب إعلانه – المتهم - وعلى وجه السرعة بالتهم الموجهة إليه....) .
ولم يورد الدستور الفرنسي لعام 1958 واليمني لعام 1994، نصا يتضمن هذا الحق للمتهم ، وأيضا لم يشر الدستور العراقي لعام 2005 وهو الذي تم وضعه في القرن الحادي والعشرين الى هذه الضمانة ، وكان من الأولى بواضعيه أن يستثمروا أفكار وتجارب الغير ويأتوا بشيء نموذجي ومتطور يعمل على تفادي انتهاك الحقوق والحريات ، ولكن مما يؤسف له انشغال الكتل السياسية في العراق بتحقيق المكاسب الخاصة بها وأهدرت أهم وأعظم مصلحة وهي النص والعمل على ضمان حقوق الإنسان بشكل متطور ودقيق يكون سابقة للدساتير في دول العالم ، خصوصا وأننا في مرحلة عهد جديد - لم تألفه من قبل . من حرية التعبير وتقبل فكر الأخر ، لذلك أقترح أن يتضمن الدستور العراقي نصا يكفل حق المتهم في إحاطته علما بالتهمة وبشكل يضمن اطلاعه على كافة التهم المسندة إليه وبأدق تفاصيلها .
وكانت التشريعات الجنائية موضوع المقارنة أكثر حرصا في توفير هذه الضمانة للمتهم ، إذ أكد قانون الإجراءات الجنائية المصري في المادة (233) على أن تنكر في ورقة التكليف بالحضور التهمة ، ومواد القانون التي تنص على العقوبة ، كما ورد نص مماثل في قانون الإجراءات الجنائية اليمني في المادة (350) ، أما النص العراقي كان أكثر تفصيلا من النص المصري ، فقد أشارت المادة (187/أ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية ، الى أن التهمة يجب أن تحرر في ورقة خاصة يتصدرها أسم القاضي ووظيفته ، وتتضمن أيضا معلومات على درجة كبيرة من الأهمية كنكر أسم المتهم وهويته ومكان وقوع الجريمة وزمانها ووصفها القانوني ، وأسم المجني عليه والشيء الذي وقعت عليه الجريمة والوسيلة التي ارتكبت بها ، والمواد القانونية المنطبقة عليها ، وتؤرخ ورقة التهمة ويوقعها رئيس المحكمة أو القاض ي ، وأرى أن المشرع العراقي كان موفقا في هذا المجال فإيراد مثل هذه المعلومات التي تم ذكرها من ش أنه إحاطة المتهم بعلم كاف بالتهمة المنسوبة إليه ، الأمر الذي يتمكن من خلاله إعداد دفاعه بشكل جيد ، فلا يفاجئ بالتهم ولا يؤخذ على حين غرة .
أما موقف المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان ، فيلحظ أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 لم يتضمن نصا يبين فيه ضرورة إحاطة المتهم علما بالتهمة ، ولكن يمكن أن نستشف أن هذا الإعلان قد أشار ضمنا لهذا الحق من خلال المادة (1/11 ) التي أكدت على ضرورة توفير جميع الضمانات اللازمة للمتهم في الدفاع عن نفسه، إذا ما علمنا أن من بين هذه الضمانات هو إحاطة المتهم علما بالتهمة ، وحبذا لو أورد نص صريحة حتى لأيدع مجالا للتأويل ، وأكدت الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لعام 1950على هذه الضمانة حيث نصت المادة (6/ 3/ أ) ( لكل متهم الحق بشكل خاص أ- بأن يعلم ، ضمن أقصر مهلة، وبلغة يفهمها وبشكل مفصل طبيعة وسبب الاتهام الموجهة ضده ) ، وسار العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على ذات النهج وأورد نصة مشابهة في المادة ( 3/14/أ ) ، وحرصت الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لعام 1969 على توفير هذه الضمانة للمتهم في المادة (8/2/أ ) حيث جاء فيها ( لكل منهم الحق في الحصول على الضمانات الدنيا التالية 000 ومنها إخطار المتهم مسبقة وبالتفصيل بالتهم الموجهة إليه ).
ولأهمية هذا الإجراء وما يوفره من ضمانة للمتهم باعتباره معيارا من معايير المحاكمة العادلة ، تكاد تجمع الأنظمة الأساسية للمحاكم الدولية الجنائية على ضرورة النص عليه .
فيلا حظ أن النظام الأساسي لمحكمتي يوغسلافيا ورواندا قد نص على وجوب تبليغ المتهم الذي تحديد أي تهمة ضده ، في أقرب وقت ممكن وبالتفصيل وباللغة التي يفهمها بطبيعة التهمة الموجهة إليه وسببها (2) . ولا يختلف الأمر كثيرة في موقف المحكمة الجنائية الدولية إذ أوجبت المادة (1/67/أ) من النظام الأساسي تبليغ المتهم فورا وتفصيلا بطبيعة التهمة الموجهة إليه وأسبابها ومضمونها ، يلحظ من مقارنة هذا النص بمثيلاته من نصوص النظام الأساسي لمحكمتي يوغسلافيا ورواندا ، أنه كان أكثر دقة من خلال إضافة عبارة ( فورا ) بدلا من ( في أقرب وقت ممكن ) ، فالمتهم من خلال نص المحكمة الجنائية الدولية يكون على علم بالتهمة منذ اللحظة التي توجه إليه .
وأكد قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا على ضرورة توفير هذه الضمانة للمتهم ، فقد نصت المادة (19/رابعا/أ) على حق المتهم في محاكمة عادلة ونزيهة وفقا لضمانات معينة منها ، أن يعلم فورة بمضمون التهمة الموجهة إليه وبتفاصيلها وطبيعتها وسببها) ، كما أكدت المادة (20) ثالثا) على ضرورة أن تكون محكمة الجنايات متأكدة من أن المتهم على دراية وإدراك بالتهمة أو التهم المنسوبة إليه ، وأرى أن موقف قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا هذا ، قد عالج مسألة إحاطة المتهم علما بالتهمة بشيء من الدقة والتفصيل ، فيلحظ أنه ساير الأنظمة الأساسية للمحاكم الدولية الجنائية من خلال النص على ضرورة إحاطة المتهم علما بالتهمة ولكنه أضاف أمرين حبذا لو أخذت بهما الأنظمة الأساسية لتلك المحاكم:
أولهما: أنه أشار الى ضرورة تأكد محكمة الجنايات من أن المتهم على علم كاف بالتهم الموجهة إليه وبذلك أعطت له ضمانة تحميه من علم مراعاة السلطة القائمة بالتحقيق لهذه الضمانة أو أنها خالفت ما تمليه عليها العدالة في تأدية مهامها .
ثانيهما : إن قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم (23) لسنة 1971 جزء لا يتجزء من قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا (3) ، وبالرجوع الى قانون أصول المحاكمات الجزائية ، يلحظ بأنه وضح طبيعة هذا الإجراء – تبليغ المتهم بالتهمة – في المادة (187/أ) وأوجب أن يكون الأمر تحريرية وذكر جملة من البيانات التفصيلية على درجة كبيرة من الأهمية ، الأمر الذي لم تذكرة الأنظمة الأساسية للمحاكم الدولية الجنائية .
___________
1- ينظر: د. حاتم بكار ، حماية حق المتهم في محاكمة عادلة ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، بلا تاريخ طبع ، ص 242 .
2- ينظر: المادة ( 4/21/أ ) من النظام الأساسي لمحكمة يوغسلافيا ، المادة (/4/20أ) من النظام الأساسي المحكمة رواندا .
3- ينظر : المادة (16) من قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|