المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



عصر الإمام الحسن المجتبى ( عليه السّلام )  
  
1667   05:09 مساءً   التاريخ: 7-6-2022
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 4، ص113-120
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسن بن علي المجتبى / قضايا عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-4-2016 2820
التاريخ: 4-03-2015 3107
التاريخ: 6-4-2016 3121
التاريخ: 5-4-2016 3222

إنّ الخوارج حينما خرجوا على أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) وتمرّدوا عليه ؛ لم يكن لحركتهم أيّة ميزة على غيرهم من المتمرّدين عليه كطلحة والزبير ومعاوية وغيرهم ، ولم يكن لهم هدف خاص كما كان لمعاوية وطلحة والزبير ، وما ينسبه لهم المؤرّخون من الجدل حول التحكيم مع أنّهم من أنصاره في بداية الأمر - ونتائجه لم يلتزم بها أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) إن صحّ - يدلّ على أنّهم كانوا في منتهى السذاجة والعفوية ، وأنّهم كانوا ضحايا المتآمرين على أمير المؤمنين بقصد إثارة الفتن في جيشه وإلهائه عن معاوية والرجوع لحربه ، وكان لمقتلهم آثاره السيئة في نفوس الكثيرين من أصحابه ، لأنّ القتلى كان أكثرهم ينتمي إلى عشائر الكوفة والبصرة ، فليس بغريب إذا ترك قتلهم في نفوس من ينتمون إليهم ما يجده كلّ قريب لفقد قريبه .

ولمّا انتهى أمير المؤمنين منهم دبّ الوهن والتخاذل والخلاف بين أصحابه ، فجعل يستحثّهم على الخروج معه لحرب معاوية ويخطب فيهم المرّة تلو الأخرى فلا يجد منهم إلّا التخاذل والخلاف عليه ، فيقولون : لقد نفدت نبالنا وكلّت أذرعنا ونصلت أسنّة رماحنا وتقطعت سيوفنا ، فأمهلنا لنستعد فإنّ ذلك أقوى لنا على عدوّنا ، واستمر على ذلك مدّة من الزمن كان يدعوهم بين الحين والآخر للخروج إلى معسكرهم في النخيلة ، فلا يخرج إلّا القليل الذي لا يغني شيئا[1].

هذا والأشعث بن قيس وشبث بن ربعي وأمثالهما لا همّ لهم إلّا التخريب وبثّ روح التخاذل في النفوس ، وراح يضع في أذهان الجيش أنّ عليّا كان عليه أن يصنع مع أهل النهروان كما صنع عثمان ويتغاضى عنهم وهم قلّة لا يشكّلون خطرا عليه ، لقد قال الأشعث ذلك ليحدث تصدّعا في صفوف الجيش وليشحن نفوس من تربطهم بأولئك القتلى أنساب وقرابات بالكراهية والعداء لعليّ ( عليه السّلام ) .

وسرت مقالة الأشعث بين الناس فزادتهم تخاذلا وتصدعا[2] ، وأتيح لمعاوية أن يتّصل بسراتهم ورؤسائهم أكثر من قبل ، تحمل كتبه لهم الوعود والأماني ، ويقدّم بين يدي الوعود والأماني العطايا والصلات يعجّل لهم ما يرغبون في عاجله وما يغري قليله المعجّل بكثيره الموعود ، حتى اشترى ضمائرهم وأفسدهم على إمامهم وجعلهم يعطونه الطاعة بأطراف ألسنتهم ويطوون قلوبهم على المعصية والخذلان .

لقد استطاع المتآمرون من أهل العراق أن يحقّقوا لمعاوية كلّ أطماعه وأن يشلّوا حركة الإمام ( عليه السّلام ) ويخلقوا له من المصاعب والمشاكل ما يشغله عن لقاء أهل الشام مرّة ثانية ، فلم تنته معركة النهروان حتى ظهرت فلولهم في أكثر من ناحية في العراق ، وتركت معركة النهروان في أهاليهم وقبائلهم أوتارا لم يكن من السهل نسيانها ، لا سيما وأنّ أيدي المتآمرين ممن كانوا على صلة بمعاوية كانت تزوّدهم بالأموال والعتاد فيخرج الرجل ومعه المائة والمئتان ، فيضطر أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) إلى أن يرسل إليهم رجلا من أصحابه ومعه طائفة من الجند فيقاتل المتمرّدين ، حتى إذا قتلهم أو شرّدهم ؛ عاد إلى الكوفة ، وقبل أن يستقرّ يخرج آخر بجماعة من المتمرّدين .

وهكذا كانت الحالة بعد معركة النهروان حتى خرج الخريت بن راشد ، وقد جاءه قبل خروجه ، وقال له : واللّه إنّي لا أطيعك ولا أصلي خلفك لأنّك حكّمت الرجال وضعفت عن الحق ، فقال له : إذن تعصي ربّك وتنكث عهدك ولا تضرّ إلّا نفسك ، ودعاه للمناظرة ، فقال له : أعود إليك غدا ، فقبل منه وأوصاه أن لا يؤذي أحدا من الناس ولا يعتدي على الدماء والأموال والأعراض فخرج ولم يعد ، وكان مطاعا في قومه بني ناجية وخرج معه جماعة في ظلمة الليل والتقى في طريقه برجلين وكان أحدهما يهوديا والآخر مسلما ، فقتلوا المسلم ، وعاد اليهودي إلى عامل عليّ على السواد فأخبره بأمرهم فكتب العامل لأمير المؤمنين فأرسل إليهم جماعة من أصحابه وأمره بردّهم إلى الطاعة ومناجزتهم إن رفضوا ذلك ، وحدثت بينه وبين الخريت وجماعته مناظرة لم تجد شيئا ، فطلب منهم أصحاب أمير المؤمنين أن يسلموهم قتلة المسلم فأبوا إلّا الحرب ، وكانت بين الطرفين معارك دامية ، فأرسل إليهم أمير المؤمنين قوة أخرى ، وكتب إلى عبد اللّه بن العباس وكان أميرا على البصرة يأمره بملاحقتهم ، والخريت مرّة يدّعي بأنّه يطلب بدم عثمان ، وأخرى ينكر على عليّ ( عليه السّلام ) التحكيم .

وأخيرا قتل الخريت وجماعة من أصحابه وأسر منهم خمسمائة قادوهم إلى الكوفة ، فمرّ بهم الجيش على مصقلة بن هبيرة الشيباني وكان عاملا لعلي ( عليه السّلام ) على بعض المقاطعات فاستغاث به الأسرى فرقّ لحالهم كما تزعم بعض الروايات ، واشتراهم من القائد على أن يسدّد أثمانهم أقساطا وأعتقهم ، وجعل يماطل في أداء ما عليه ، ولمّا طالبه عبد اللّه بن عباس بأداء المبلغ أجابه : لو طلبت هذا المبلغ وأكثر منه من عثمان ما منعني إيّاه ، ثم هرب إلى معاوية فاستقبله استقبال الفاتحين وأعطاه ما يريد .

وطمع مصقلة أن يستجلب أخاه نعيم بن هبيرة إلى جانب معاوية ، فأرسل اليه رسالة مع رجل من نصارى تغلب كان يتجسّس لصالح معاوية ، ولم يكد يبلغ الكوفة حتى ظهر أمره فأخذه أصحاب أمير المؤمنين وقطعوا يده .

إلى كثير من أمثال هذه الحوادث التي تدين المتمرّدين ومن كان يعاونهم بالتآمر وإشاعة الفوضى في جميع أطراف الدولة لاستنزاف قوة الإمام في الداخل وليكون في شغل عن معاوية وتصرفاته .

ومن غير البعيد أن يكون مصقلة الشيباني على صلة بالمتمرّدين وأنّ حرصه على تخليصهم من الأسر لقاء مبلغ من المال يعجز عن دفعه لم يكن بدافع إنساني كما يبدو ذلك لأول نظرة في حادثة من هذا النوع ، بل كان بدافع الإحساس بمسؤوليته عن فئة كان يشترك معها في الهدف والغاية ويمنيها بالمساعدة عندما تدعو الحاجة ، وقد لقي من معاوية هذا الترحيب لأنّه اشترك في الفساد والفوضى وساعد المخرّبين الذين جرّعوا عليّا ( عليه السّلام ) الغصص وأرهقوه من أمره عسرا وكانوا إلى ابن هند فرجا ومخرجا .

أمّا أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) فلم يزد حين بلغه فرار مصقلة إلى الشام على أن قال : ما له قاتله اللّه ؟ فعل فعل الأحرار وفرّ فرار العبيد وأمر بداره فهدمت[3] .

وقد أتيح لمعاوية في ذلك الجوّ الذي ساد العراق في الداخل أن يتحرك من ناحيته على القرى والمدن المتاخمة لحدود الشام فيقتل وينهب وينكّل بقوّات المخافر المرابطة على الحدود بدون رادع من أحد ووازع من دين ، وأمير المؤمنين ( عليه السّلام ) يدعو أهل العراق لنجدة إخوانهم وملاحقة المعتدين فلا يجد منهم ما يرضيه .

وأغارت قوات معاوية على الحجاز واليمن بقيادة بسر بن أرطاة وأوصاه باستعمال كلّ ما من شأنه إشاعة الفوضى وبثّ الخوف والرعب في تلك البلاد ، فمضى ابن أرطاة ينفّذ أمر معاوية فأسرف في الاستخفاف بالدماء والحرمات والأعراض والأموال في طريقه إلى المدينة ، ولمّا بلغ المدينة قابل أهلها بكلّ أنواع الإساءة والقسوة فقتل فيها عددا كبيرا واضطرّهم إلى بيعة معاوية ، وكانت أخباره قد انتهت إلى اليمن فانتشر فيها الخوف والرعب ، وفرّ منها عامل أمير المؤمنين عبيد اللّه بن العباس ، ولمّا دخلها أسرف في القتل والنهب والتخريب ، ووجد طفلين صغيرين لعبيد اللّه ابن العباس ، فذبحهما في حضن أمهما ، فأصابها خلل في عقلها وظلّت تندبهما وتبكيهما حتى ماتت غما وكمدا[4].

وجهّز جيشا آخر لغزو مصر ليحقّق لابن العاص أمنيته الغالية ، وولّاه قيادة ذلك الجيش ، ولمّا بلغ أمير المؤمنين ذلك ؛ دعا أهل الكوفة لنجدة إخوانهم في مصر فلم يستجيبوا لطلبه ، وبعد أن ألحّ عليهم أجابه جماعة منهم وما لبث أن جاءته الأنباء بأنّ ابن العاص قد تغلّب عليها وقتل وإليها محمد بن أبي بكر ومثّل به ثم أحرقه ، فانتدب مالك بن الحرث الأشتر وولّاه عليها لإنقاذها من أيدي الغزاة ، وكان كما يصفه المؤرّخون حازما قويا مخلصا لأمير المؤمنين كما كان أمير المؤمنين لرسول اللّه على حدّ وصف الإمام وغيره له .

ولمّا بلغ معاوية نبأ اختياره حاكما في مصر اضطرب واشتدّ خوفه على أنصاره وقواته المرابطة فيها ، واستطاع بعد تفكير طويل أن يجد المخرج من تلك الأزمة التي أحاطت به ، فأغرى أحد أنصاره ممّن يسكنون الطريق التي لابدّ للأشتر من المرور عليها بالمال لقاء اغتياله ، ولمّا بلغ الأشتر ذلك المكان ونزل فيه جاءه بعسل مسموم كان قد أعدّه له بناء لتخطيط معاوية ، فكانت به نهايته[5] ، وكان ناجحا في التخلّص من خصومه بهذا الأسلوب ، فقد قتل ابن خاله محمد بن أبي حذيفة وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص والإمام أبا محمد الحسن ( عليه السّلام ) بهذا الأسلوب ، وأحيانا كان يتباهى به ويقول : إنّ للّه جندا من العسل ينتقم به لأوليائه .

وتوالت الأحداث في داخل العراق والبلاد التي كانت تخضع لسلطة أمير المؤمنين ، فلم يكن يفرغ من تمرّد حتى يفاجأ بآخر ولا يسدّ ثغرة إلّا فتحت له أخرى حتى طمع فيه معاوية إلى حدود الاستخفاف[6] ، هذا وأصحابه بالرغم مما يجري حولهم وعلى حدود بلادهم وفي خارجها من احتلال لبعض المقاطعات وقتل ونهب ممعنون في خلافه مفرقون فيما أحبّوا من طلب العافية ، إذا استنفرهم لا ينفرون وإذا دعاهم لا يجيبون ، يتعللون بالأعذار الواهية كحر الصيف وبرد الشتاء ، ولا يغضبون لحقّ أو دين ولا للمشرّدين والمستضعفين حتى كان يتمنّى فراقهم بالموت أو القتل ويبكي أحيانا على من مضى من أنصاره ويقول : « متى يبعث أشقاها فيخضب هذه من هذا ؟ » مشيرا إلى رأسه الكريم ولحيته الشريفة ، ويتمنّى لو أنّ معاوية صارفه فيهم صرف الدينار بالدرهم فأخذ منه عشرة وأعطاه واحدا من أهل الشام ، ووطّن نفسه أخيرا أن يخرج لحرب معاوية بمن هم على رأيه من أهله وعشيرته وأنصاره ، فيقتل بهم حتى يلقى اللّه في سبيل الحقّ والعدل ، وتحدّث إليهم حديثا لا لبس فيه ، وحمّلهم تبعات ما سينجم عن تخاذلهم[7].

وكان - على ما يبدو - لهذا الموقف الحازم منه أثره في نفوس القوم بعد أن أيقنوا بأنّه سيخرج بنفسه وأهله وخاصّته إلى معاوية ، وسيلحقهم بذلك الخزي والعار ويصبحون حديث الأجيال إذا هم تركوه يخرج على هذه الحال ، فردّ عليه زعماؤهم ردّا جميلا ، وجمع كلّ رئيس منهم قومه وتداعوا للجهاد من كلّ جانب وتعاقدوا على الموت معه ، حتى أصبحت الحرب حديث الناس ، وأرسل إلى عمّاله في مختلف المناطق يدعوهم للاشتراك معه بمن عندهم من الجيوش والمقاتلين .

وخرج الناس إلى معسكراتهم في النخيلة ينتظرون انسلاخ شهر رمضان من سنة أربعين لهجرة النبي ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، وأرسل أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) زياد بن حفصة في جماعة من أصحابه طليعة بين يديه ، وبقي هو مع الجيش ينتظر انسلاخ الشهر المبارك ، وإذا بالقدر ينقضّ عليه وعلى أهل العراق فيكمن له أشقى الأولين والآخرين في فجر اليوم التاسع عشر من ذلك الشهر وهو في بيت اللّه فيضربه على رأسه الشريف وهو يصلّي لربّه ، فيخرّ منها في محرابه وهو يقول : « فزت وربّ الكعبة »[8].

 


[1] راجع أعيان الشيعة : 1 / 524 طبعة دار التعارف سيرة المؤمنين ( مبحث الخوارج ) عن ابن الأثير .

[2] راجع أعيان الشيعة : 1 / 524 طبعة دار التعارف سيرة المؤمنين ( مبحث الخوارج ) عن ابن الأثير .

[3] راجع أعيان الشيعة : 1 / 525 - 526 .

[4] تأريخ اليعقوبي : 2 / 195 - 199 .

[5] تأريخ اليعقوبي : 2 / 193 - 194 .

[6] راجع أعيان الشيعة : 1 / 528 - 530 ، وتاريخ اليعقوبي : 2 / 195 - 200 .

[7] نهج البلاغة الخطبة 177 ، طبعة محمد عبده .

[8] راجع سيرة الأئمة الاثني عشر : 1 / 446 - 451 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.