أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-02-05
1414
التاريخ: 2024-01-31
892
التاريخ: 2024-05-06
644
التاريخ: 2024-01-31
997
|
وقال في ترجمة المتوكل على الله ابن الأفطس، ما صورته (1) : وأخبرني الوزير أبو محمد بن عبدون، أن الجدب توالى بحضرته (2) حتى جفت مذانبها، واغبرت جوانبها، وغرد المكاء في غير روضه، وخاض الياس بالناس أعظم خوضه، وأبدت الخمائل عبوسها، وشكت الأرض للسماء بوسها، فأقلع المتوكل عن الشرب واللهو، ونزع ملابس الخيلاء والزهو، وأظهر الخشوع، وأكثر السجود والركوع، إلى أن غيم الجو، وانسجم النو، وصاب الغمام، وترنمت (3) الحمام، وسفرت الأنوار (4) ، وزهت النجود والأغوار، واتفق أن وصل أبو يوسف المغني والأرض قد لبست زخارفها، ورقم الغمام مطارفها، وتدبجت (5) الغيطان والربى، وأرجت نفحات الصبا، والمتوكل ما فض لتوبته ختاما، ولا نفض عن قلبه منها قتاما (6) ، فكتب إليه:
ألم أبو يوسف والمطر ... فيا ليت شعري ما ينتظر
ولست بآب وأنت الشهيد ... حضور نديك فيمن حضر
ولا مطلعي وسط تلك السماء ... بين النجوم وبين القمر
(663)
وركضي فيها جياد المدام ... محثوثة بسياط الوتر فتعث إليه مركوبا، وكتب معه:
بعثت إليك جناحا فطر ... على خفية من عيون البشر
على ذلل (7) من نتاج البروق ... وفي ظلل من نسيج الشجر
فحسبي ممن نأى من دنا ... ومن غاب كان فدا من حضر فوصل القصبة (8) المطلة على البطحاء، المزرية بمنازل الروحاء، فأقام منها حيث قال عدي بن زيد يصف مصنعا (9) :
في قباب حول دسكرة ... حولها الزيتون قد ينعا ومر (10) لهم من السرور يوم ما مر لذي رعين، ولا تصور قبل عيونهم لعين. وأخبرني أنه سايره إلى شنترين قاصية أرض الإسلام، السامية الذرا والأعلام، التي لا يروعها صرف، ولا يفرعها طرف، لأنها متوعرة المراقي، معفرة (11) للراقي، متمكنة الرواسي والقواعد، من (12) ضفة نهر استدار بها استدارة القلب بالساعد، قد أطلت على خمائلها، إطلال العروس من منصتها، واقتطعت من الجو أكثر من حصتها، فمروا بألبش (13) قطر سالت به جداوله، واختالت فيه خمائله، فما يجول الطرف منه إلا في حديقة،
(664)
أو بقعة أنيقة، فتلقاهم ابن مقانا قاضي حضرته وأنزلهم عنده، وأورى لهم بالمبرة زنده،وقدم لهم طعاما، واعتقد قبوله منا وإنعاما، وعندما طعموا قعد القاضي بباب المجلس رقيبا لا يبرح، وعين المتوكل حياء منه لا تجول ولا تمرح، فخرج أبو محمد وقد أرمه بتثقيله، وحرمه راحة رواحه ومقيله، فلقي ابن خيرون منتظرا له، وقد أعد لحلوله منزله، فسار إلى مجلس قد ابتسمت ثغور نواره، وخجلت خدود ورده من زواره، وأبدت صدور أباريقه أسرارها، وضمت عليه المحاسن أزرارها، ولما حضر له وقت الأنس وحينه، وأرجت له رياحينه، وجه من يرقب المتوكل حتى يقوم جليسه، ويزول موحشه لا أنيسه، فأقام رسوله وهو بمكانه لا يريمه، قد لازمه كأنه غريمه، فما انفصل، حتى ظن أن عارض الليل قد نصل، فلما علم أبو محمد بانفصاله بعث إلى المتوكل قطيع راح (14) وطبق ورد، وكتب معهما:
إليكها فاجتلها منيرة ... وقد خبا حتى الشهاب الثاقب
واقفة بالباب لم يؤذن لها ... إلا وقد كاد ينام الحاجب
فبعضها من المخاف جامد ... وبعضها من الحياء ذائب فقبلها منه، رحمه الله تعالى وعفا عنه، وكتب إليه:
قد وصلت تلك التي زففتها ... بكرا وقد شابت لها ذوائب
فهب حتى نسترد ذاهبا ... من أنسنا إن استرد ذاهب فركب إليه، ونقل معه ما كان بالمجلس بين يديه، وباتا ليلتهما لا يريمان السهر، ولا يشيمان برقا إلا الكاس والزهر.
ثم قال بعد كلام (15) : وأخبرني الوزير الفقيه أبو أيوب بن أبي أمية أنه مر
(665)
في بعض أيامه بروض مفتر المباسم،معطر الرياح النواسم، قد صقل الربيع حوذانه، وأنطق بلبله وورشانه (16) ، وألحف غصونه برودا مخضرة، وجعل إشراقة للشمس ضرة، وأزاهره تتيه على الكواكب، وتختال في خلع الغمائم السواكب، فارتاح إلى الكون به بقية نهاره، والتنعم ببنفسجه وبهاره، فلما حصل من أنسه في وسط المدى، عمد إلى ورقة كرنب قد بللها الندى، وكتب فيها بطرف غصن، يستدعي الوزير أبا طالب ابن غانم، أحد ندمائه، ونجوم سمائه:
أقبل أبا طالب إلينا ... وقع وقوع الندى علينا
فنحن عقد بغير وسطى ... ما لم تكن حاضرا لدينا
__________
(1) القلائد: 43.
(2) ك: أن الأرض توالى عليها الجدب بحضرته.
(3) القلائد: وغنت.
(4) في الأصول: الأزهار.
(5) هذه رواية القلائد، وفي ق ك ط ج: وتتوجت.
(6) ك: ولا قوض... خياما.
(7) ك: على فلك.
(8) القلائد: فوصل إلى القصبة؛ وفي ك: فوصل القبة.
(9) البيت في اللسان (دسكر) منسوباص للأخطل؛ والدسكرة: بناء كالقصر حوله بيوت اللهو والشراب.
(10) القلائد: ومضى.
(11) القلائد: معثرة.
(12) القلائد: على.
(13) في الأصول: بأنفس؛ وألبش - كما في القلائد ودوزي - هي (Elvas) وتقع إلى الغرب من بطليوس (Badajos).
(14) القلائد: بقطيع خمر؛ والقطيع - بلغة الأندلسيين - الزجاجة.
(15) القلائد: 46.
(16) الورشان: طائر مفرد يشبه الحمام.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|