المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



التوبيخ واللوم  
  
2605   11:28 صباحاً   التاريخ: 21-4-2022
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : حدود الحرية في التربية
الجزء والصفحة : ص363 ـ 369
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /

المبدأ الحقيقي لتحديد الحرية هو استعمال الأسلوب المصحوب بالمحبة والملاطفة لهداية الطفل إلى السبيل المنتخب، وعندما يكون هذا الأسلوب لا يفي بالغرض نلجأ إلى سبيل التذكير والأمر والنهي والتسلط والتقبيح.

والآن نحن بصدد الجواب عن السؤال التالي: لو عجزت الأساليب السابقة فما هو العمل؟

هناك أسلوب آخر يسمى أسلوب التوبيخ واللوم ويحتاج تطبيقه إلى ظرافة خاصة نحاول الإشارة إلى جزئيات ذلك كما يلي:

التحذير

يمكننا أحياناً استعمال التحذير لتنبيه الطفل. يذوب الطفل أحياناً مع العابه بحيث يفقد السيطرة على نفسه وسلوكه ويخرج عن ضوابطه بصورة إرادية أو غير إرادية.

المهم هنا إرجاع الاطفال حدودهم عن طريق التحذير وتحفيزهم إلى مراعاة الضوابط والعودة إلى ما كانوا عليه وهذا ضروري للتربية والرشد.

ويمكن أحياناً وبنظرة حادة إرجاع الطفل إلى حدوده أو بعبارة تحذيرية واحدة يمكن منعه عن السبيل الذي هو سائر فيه، وفي بعض الموارد نعمل بعض الحركات أو نتظاهر ببعضها كعدم الارتياح والتأسف أو تحريك الرأس لنشير إلى عدم رضانا عن أفعاله وسلوكه، وكذلك تنبيهه إلى أخطائه وغفلته ونسيانه.

كما لاحظنا أننا في جميع تلك الموارد لم نعاقب الطفل ولكننا عبرنا له عن خروجه من طريقه وعليه العودة اليه، ووضحنا له قبح عمله وحاولنا هدايته إلى الصحيح.

التوبيخ

عندما لا يجدي التحذير واللوم لا تنفع النظرات الحادة لإرجاعه إلى السابق، نستعمل عبارات حادة ومصطلحات تجرح عواطفه وشعوره وتوجب رجوعه.

طبيعي أن استعمال التوبيخ الجارح للعواطف والشامل للألفاظ الحادة يكون في موارد خاصة فقط، وعندما يغلق سبيل العطف والملاطفة والتذكير والوصول إلى طريق مسدود.

القرآن الكريم يستعمل هذا الأسلوب مع هؤلاء الذين لا ينفع معهم ذلك السبيل: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[الجمعة: 5]، وفي بعض الموارد يستعمل أسلوب التشبيه القاسي: {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[الأعراف: 176].

الإنذار

يمكن استعمال أسلوب الإنذار حسب أهمية الموضوع والخطر الذي يحدق به. مثلاً نذكره أن الحالة الخاملة التي بمر بها والاسترخاء والتحلل وضياع الوقت ستجعل عاقبته مخجلة، وأن الغفلة عن حدود المعاشرة والارتباط اللامقيد مع الأفراد سيؤدي إلى مستقبل مؤلم وصعب وتكون النتيجة هي الفشل والذل.

يمكننا أن نقول له أن التطاول على الآخرين يؤدي إلى بروز المشاكل وان العبث بالأشياء يسبب الخطر، وعدم رعاية الأوامر في الأمور سيخلق المشاكل والعوارض و...الخ، كل هذه الإنذارات ستجعله بلا شك ينصرف عن إهماله وتجاوزه حدوده، واتخاذه طريقاً معقولاً.

أسلوب المقابلة بالمثل

يتجاوز الطفل أحياناً حدود الحريات المجازة إلى الحريات الممنوعة والتي تؤدي إلى ضرره وضرر الآخرين والتجاوز على حقوقه وحقوق الآخرين، والى السير في طريق كله أضرار وصدمات، مثلاً ضرب الطفل الآخر بالاستفادة من قواه، أو يجر شعر الآخر أو يخطف حاجة من يد طفل ما ويهرب، أو يثير الضوضاء، ويسبب الإخلال في أعمال الآخرين.

في مثل هذه الحالات عندما يعجز التذكير والنصح والتحذير وحتى التوبيخ والإنذار يجب علينا استعمال أسلوب القصاص أو المقابلة بالمثل لكي يتذوق طعم الآلام بصورة عملية ليدرك ما يعاني منه الآخرين من هذا الأسلوب والأذى الذي يتحملونه منه.

لا يحق له ضرب الآخرين، وإن فعل ذلك يجب ضربه لكي يفهم شعور الآخرين. والأولياء مكلفون بتهيئته للقبول بالقصاص والمقابلة بالمثل وهنا يمكن استعمال أسلوب التسلط ويعتبر القرآن القصاص هو الحياة: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة: 179]، وكذلك جزاء الإساءة هي الإساءة: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}[الشورى: 40]، وإن كان في بعض موارد الإصلاح تقابل الإساءة بالإحسان: {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}[فصلت: 34].

أسلوب اللوم

وهو أسلوب بنّاء مهم وتربوي ومحدد للحرية.

وهو عبارة عن ضغط هادئ لأجل السيطرة ويستفاد منه عادة عند عدم انتفاع الفرد من نصائح الآخرين أو لم يستثمر حرص الآخرين عليه أو وقع بفخ ما وابتلى فيه. لا شك أنه في هذه الصورة قلق متعب ومهموم ويلوم نفسه على عدم سماع كلام الأكبر منه ولم يهتم به، المربي الواعي في هذه الحالة يحاول زيادة اضطرابه وقلقه ورفع آلامه ومعاناته ومن ثم يقوم بإلقاء اللوم عليه. من الطبيعي ان يكون اللوم هنا أشد وقعاً من التعذيب والسوط والسجن وأكثر ألماً، وتبقى روحه ونفسه في حالة عذاب حتى أنه يقرر على أمور قاسية جداً وخطرة.

عدم الإفراط في اللوم

اللوم في بعض الموارد يكون سبباً إلى التشاؤم والقول الفاحش والهجوم المقابل وأحياناً يصل إلى حد الانتحار، ولهذا يمكن أن يكون خطراً وما نوصي به هنا هو عدم الإفراط باللوم لأن: (الإفراط في الملامة تشب نيران اللجاج)(1).

نعم اللوم سبيل جيد لتعديل سلطة الأطفال، بشرط أن لا يكون مستمراً ويؤدي إلى تفتيت شخصية الطفل ويدفعه إلى اتخاذ قرار خطير. يمكن أن يولد اللوم أحياناً عقدة لدى الطفل وهذا يؤدي إلى الكآبة والعزلة أو يدفعه إلى الانتقام أو يزيد من انانيته، لأن الطفل يعتبرها إهانة قاسية له.

ولهذا كل لوم بجب أن يصحب بالحنان والملاطفة لكسب قلبه وتجديده لكي يستقبل الحياة والطريق الجديد. لا بأس أن نتذكر بهذه النكتة وهي (لو انعدم اللوم لما قام فرد بفعله وأدى حقوق الآخرين)(2).

الشروط والحدود

- كما ذكر أن اللوم لازم ولكنه غير مستمر أو يفرط فيه.

- لو وقع بالخفاء لزاد تأثيره وكان أنفع لمستقبله.

- هناك تصور خاطئ للبعض هو كلما زاد اللوم زاد التأثير.

- يقع اللوم في الموارد التي يخطأ الفرد وهو عالم وواعٍ بخطأه وليس ناتج من جهله وعدم وعيه.

- لا يكون اللوم ضعيف وغير قائم على أساس لكي لا يهمله الطفل ولا يكون قاسياً أو مفرطاً فيه لكي لا يقابله الطفل بالعصيان والمقابلة.

- اللوم يجب أن يتناسب مع العمر والجنس وقابلية الطفل لكي لا يصدمه.

- يقع من فرد واحد وفي اتجاه واحد، وليس من الكل.

- اللوم في الحقيقة نوع من العقوبة، ولا يجب اضافته بنوع آخر من العقوبة كالضرب أو القول البذيء.

- نسعى في نفس الوقت إلى إعادة الطفل إلى الطريق والسير الأصلي لأن الهدف الحقيقي للوم هو البناء

أخذ التعهد

في بعض الموارد يمكن بعد لومه أخذ التعهد منه على عدم تكرار تلك الأخطاء وعدم السير بذلك الطريق والتصديق بأن ذلك الطريق قائم على الخطأ وأن يعمل بوعده من الآن فصاعداً وان كرر ذلك سيعاقب.

إن كان هذا التعهد مقروناً بالفهم والإدراك والصحة سينال قبول الأطفال حتماً ويبقون إلى حد ما ثابتين عليه، مع أنهم ينسون ذلك بسرعة ويذهبون إلى طريق آخر ولكن ذلك المقدار من عودته إلى الحدود يعتبر توفيقاً بلا شك.

عندما يعطي أحد الأساليب ثماره، نؤكد له بأن ذلك كان ممكناً بالنسبة له من قبل لكي لا يصل الأمر إلى هذا الحد من الضرر والزلل وهذه التذكرة لكي يعود ثباته على الضوابط ولكي تكون مواقفه الآتية في السيطرة على نفسه وتحديد حريته أنفذ وأشد قاطعية.

على أي حال نبدي اهتمامنا بهذا المبدأ وهو احترامنا لشخصية الأطفال ولا ننسى أصل ارتباطه بنفسه ولا نسمح أن يقطع حبل اتصاله بنا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ الحديث: قول فلسفي ج1 ـ 2.

2ـ تعبير عن المعصوم (عليه السلام). 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.