أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-11-2017
2597
التاريخ: 8-02-2015
3089
التاريخ: 14-10-2015
5126
التاريخ: 14-10-2015
7088
|
ولمّا انصرف النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) راجعا إلى المدينة ومعه تلك الحشود الغفيرة من المسلمين ؛ وصل إلى غدير خمّ من الجحفة التي تتشعّب فيها طرق أهل المدينة والعراق ومصر ، وذلك في اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة ، نزل إليه الوحي عن اللّه بقوله : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67] وأمره أن يقيم عليّا علما للناس ويبلّغهم ما نزل فيه من الولاية وفرض الطاعة على كلّ أحد ، وقد ضمن الوحي للنبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) أن يكفيه شرّ الحاقدين والحاسدين من الناس ، وكان أوائل القوم قريبا من الجحفة ، فأمر رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) أن يردّ من تقدّم منهم ، ويحبس من تأخّر عنهم في ذلك المكان الذي لم يكن منزلا لأحد من قبله ، ولم يكن هو ( صلّى اللّه عليه وآله ) ينزل فيه لولا خطاب الوحي له ، ثمّ وقف ( صلّى اللّه عليه وآله ) بين تلك الجموع وقال بصوت يسمعه الجميع : أيّها الناس كأنّي قد دعيت فأجبت ، إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض . . ثمّ قال : إنّ اللّه مولاي وأنا وليّ كلّ مؤمن ومؤمنة ، وأخذ بيد عليّ ( عليه السّلام ) وقال : « من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه ، اللّهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وأنصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأدر الحق معه حيث دار ، ألا فليبلّغ الشاهد الغائب » .
ثمّ لم يتفرّقوا حتّى نزل أمين الوحي بقوله : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً .
فقال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : « اللّه أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ، ورضى الرب برسالتي والولاية لعلّي من بعدي » ثمّ طفق القوم يهنّئون أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) وممّن هنّأه في مقدّم الصحابة الشيخان أبو بكر وعمر ، كلّ يقول : بخ بخ لك يا ابن أبي طالب ، أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة[1].
وروي : أنّ النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) أمر بنصب خيمة لعليّ ( عليه السّلام ) وأمر المسلمين أن يدخلوا عليه فوجا فوجا ويسلّموا عليه بإمرة المؤمنين ، ففعل ذلك كلّهم حتّى من كان معه ( صلّى اللّه عليه وآله ) من أزواجه ونساء المسلمين[2] .
واقعة الحارث بن النعمان ونزول آية سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ :
لمّا شاع وانتشر قول النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) : « من كنت مولاه فعليّ مولاه » فبلغ الحارث ابن النعمان الفهري ، فأتى النبيّ على ناقته وكان بالأبطح ، فنزل وعقل ناقته وقال للنبيّ وهو في ملأ من الصحابة : يا محمّد ! أمرتنا عن اللّه أن نشهد أن لا إله إلّا اللّه وأنّك رسول اللّه فقبلنا منك ، ثمّ ذكر سائر أركان الإسلام وقال : ثمّ لم ترض بهذا حتّى مددت بضبعي ابن عمّك وفضّلته علينا وقلت : « من كنت مولاه فعليّ مولاه » فهذا منك أم من اللّه ؟
فقال النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) : « واللّه الذي لا إله إلّا هو ، هو أمر اللّه » فولّى الحارث يريد راحلته وهو يقول : اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ، فما وصل إليها حتى رماه اللّه بحجر فسقط على هامّته وخرج من دبره ، وأنزل اللّه تعالى : {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} [المعارج: 1] [3] .
محاولات الرسول ( صلّى اللّه عليه وآله ) لتثبيت بيعة عليّ ( عليه السّلام ) :
لقد كان رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) على علم تامّ بما سيؤول إليه وضع المسلمين من بعده ، لأنّه كان يراقب العلل والأمراض التي ابتلي بها هذا المجتمع ، وكان على يقين بأن أوّل ضربة من بعده ستوجّه إلى الخطّ الرسالي الذي أرسى قواعده هو وعليّ ، وإلى الزعامة التي أشار إليها النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) في أن تخلفه في الخطّ الصحيح للدعوة الإسلاميّة ، لانّ هذا يهدّد مصالح الكثير ممّن كانوا يريدون أن يستفيدوا من الإسلام ويتنعّموا بإشباع رغباتهم في ظلاله لا أن يقدّموا جهدا وفائدة للإسلام ، ويتزّعموا هذا الكيان الكبير الذي بناه النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) .
وكان ( صلّى اللّه عليه وآله ) يتخوّف من أن تتحول الشريعة الإسلامية إلى شيء آخر غير الذي أنزله اللّه عليه ، وتكون خاضعة للأهواء والرغبات ، وكمصداق على تخوف النبيّ هو واقعة الحارث بن النعمان الذي جاء يشكّك ويستنكر على النبيّ مواقفه .
فما كان منه ( صلّى اللّه عليه وآله ) إلّا وأن يعلن موقفه من الاتّجاه الصحيح لخطّ الدعوة الإسلامية عبر مراحل وفترات عديدة ، فكان يكرّر لأصحابه : إن تستخلفوا عليّا - وما أراكم فاعلين - تجدوه هاديا مهديا يحملكم على المحجّة البيضاء[4].
وروي أنّ سعد بن عبادة قال في ملأ من الناس : فو اللّه لقد سمعت رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) يقول : إذا أنا متّ تضلّ الأهواء بعدي ويرجع الناس على أعقابهم ، فالحقّ يومئذ مع عليّ ( عليه السّلام ) .
وحديث الثقلين شاهد آخر على ضرورة التمسّك بطاعة عليّ ( عليه السّلام ) والسير على هديه ومنهاج ولايته لضمان سلامة العقيدة الإسلامية وتحصينها من الانحراف .
ثمّ بدأ النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) بإعداد خطّة جديدة لإتمام الأمر الإلهي بتنصيب عليّ أميرا للمؤمنين ، فحاول أن يعدّ جيشا كبيرا يضمّ فيه كلّ العناصر التي من الممكن أن تدخل في حلبة الصراع السياسي مع الإمام عليّ ( عليه السّلام ) وتناوئه على زعامة الساحة الإسلاميّة ، ومن ثمّ سينحرف مسار الرسالة الإسلامية عن طريقها القويم ، أو على الأقل أنّها تطالب بمكانة سياسية أو إدارية في جهاز الدولة ، وقد تظهر موقفا معاديا في حالة رفض الإمام عليّ ( عليه السّلام ) ذلك ، ممّا قد يثير الكثير من المشاكل للامّة وهي في حالة ارتباك بفقده ( صلّى اللّه عليه وآله ) .
[1] السيرة الحلبية بهامشه السيرة النبوية : 3 / 274 ، والمناقب لابن المغازلي الشافعي : 16 ، والفصول المهمّة لابن الصبّاغ المالكي : 40 ، وينابيع المودة للقندوزي : 40 .
وقد ورد حديث الغدير في مصادر كثيرة جدّا يضاف لما ذكرنا منها : أسباب النزول للنيشابوري ، مطالب السؤول لكمال الدين الشافعي ، تفسير مفاتيح الغيب للرازي ، تفسير المنار لمحمّد عبده ، تفسير ابن شريح ، تذكرة الخواص لابن الجوزي ، مسند الإمام أحمد ، ذخائر العقبى للطبري ، الرياض النضرة لمحبّ الدين الطبري وغيرها من الجوامع الحديثية والتأريخية والتفسيرية ، راجع الغدير للعلامة الأميني .
[2] الإرشاد للمفيد : 1 / 176 .
[3] تفسير المنار : 6 / 464 ، وتذكرة الخواص : ص 31 مع اختلاف في اللفظ ، والفصول المهمّة لابن الصبّاغ : 42 ، أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره والحاكم الحسكاني في كتابه دعاة الهداة ، والقرطبي في تفسيره ، والحمويني في فرائد السمطين ، والزرندي الحنفي في معارج الوصول ودرر السمطين ، والسمهودي في جواهر العقدين ، والعماري في تفسيره ، والشربيني القاهري الشافعي في تفسيره ، والمناوي الشافعي في فيض القدير ، والحلبي في السيرة الحلبية والحفني الشافعي في شرح الجامع الصغير ، والزرقاني المالكي في شرح المواهب اللدنية ، والشبلنجي الشافعي في نور الأبصار ، وغيرهم كما تجد تفصيل ذلك في الجزء الأول من موسوعة « الغدير » .
[4] حلية الأولياء لأبي نعيم : 1 / 64 ، ومختصر تأريخ دمشق لابن عساكر : 18 / 32 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|