أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-5-2022
1722
التاريخ: 14-1-2016
3031
التاريخ: 14-1-2016
4695
التاريخ: 2023-03-14
1176
|
من أهم الصفات الأساسية التي ينبغي مراعاتها والبحث عنها في اختيار الشريك الصالح والمناسب:
ـ العقل
ينبغي الالتفات إلى المستوى العقلي للشريك رجلاً كان أو امرأة. فالرجل رب البيت وقائده وحارسه، ملجأ المرأة وملاذها، وقدوة أولادها. والمرأة هي المحور الأساس والعمود الفقري للأسرة وبها يتأثر الولد ولها تأثير كبير على قوة الرجل وعزيمته.
والأسرة تفقد التوازن والاستقرار إذا كان قائد المنزل أو محور العائلة ضعيف العقل غبياً. ذلك لأنه وكما قال الإمام الصادق عليه السلام "العقل دليل المؤمن"(1) وإذا فقد الإنسان الدليل تاه وضاع فلا يمكنه السير. وإن مشى قليلاً فيتعثر هنا ويقع هناك و... وهذه حال ضعيف العقل يصرف أوقاته في أمور ومشاغل لا فائدة منها أبداً .
فليس المراد من العقل قدرة الرجل على مخاطبة الناس والدخول في نقاشات معهم أو قدرته على تحصيل المعاش فقط، ولا هو قدرة المرأة على شراء الأغراض وتدبير المنزل... إنما يقول أمير المؤمنين عليه السلام "العقل ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان"(2).
فالعقل هو الفهم الحقيقي للحياة ولوجود الإنسان وذلك من خلال السعي نحو معرفة الهدف الذي خلقنا الله تعالى للوصول إليه. ومعرفة الطريق إلى هذا الهدف، معرفة الدنيا وقيمتها وأنها دار يمر فيها الإنسان ثم يرحل عنها.
السعي نحو هذه المعرفة يدفع كلاً من الشاب والفتاة الى عدم الانشغال بالأمور التافهة والأعمال البسيطة، وترك مجالس اللهو واللغو والغيبة والجلسات غير المفيدة.
نعم لا بأس بمن كان جاهلا إذا كان لديه استعداد للمعرفة ولكن ينبغي أن لا يكون غبياً، لأن الغباء ضياع.
من هنا نعلم سبب نهي مولانا علي عليه السلام عن التزوج من الحمقاء حيث قال عليه السلام"
"إياكم وتزوج الحمقاء فإن صحبتها ضياع وولدها ضياع"(3).
وقد نهى «سلام الله عليه» ولده الحسن عليه السلام في وصية له عن مصاحبة الأحمق قائلاً:
"إياك ومصاحبة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك"(4).
فالزواج من الحمقاء ضياع والزواج من الأحمق فيه ضرر وعذاب لأنه وكما جاء في الحديث "صحبة الأحمق عذاب الروح"(5) فكيف الزواج منه؟
أما علامات العاقل فمن أهمها :
1ـ طلب الكمال الحقيقي الموجود عند الله فقط {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ}.
فقد جاء عن الإمام علي عليه السلام: "العاقل يطدب الكمال والجاهل يطلب المال"(6).
2ـ طاعة الله تعالى وتوحيده، فقد قيل في رجل مسيحي له بيان ووقار وهيبة ما أعقل هذا النصراني؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وآ له:
"إن العاقل من وحد الله وعمل بطاعته"(7).
وفي حديث للإمام الصادق عليه السلام يبين فيه كيف يمكن معرفة عقل الرجل فيقول عليه السلام: "إذا أردت أن تختبر عقل الرجل في مجلس واحد فحدثه في خلال حديثك بما لا يكون*، فإن انكره فهو عاقل وإن صدقه فهو أحمق"(8).
العقيد والإيمان
يكون الزواج سعيداً بسعادة ركنيه الشاب والفتاة، فهي مسكن ومستراح الشاب، وهو ملاذها وملجؤها ولكن هل يمكن أن يكونا كذلك فيما إذا كان كل منهما يعتنق ديناً مغايراً؟
من الطبيعي جداً أن نقول كلا، لأن الإنسان يسير في هذا العالم وفق عقيدة يعتنقها، أما أن تكون الإيمان بالله الواحد وبرسوله ووليه عليه السلام أو الإيمان بالدنيا والبحث عن مالها وجاهها، المهم كل إنسان لديه عقيدة يسير على أساسها، وبالتالي فإن مسيرة المؤمن والكافر لا تجتمعان ولا يمكن أن يسلكا طريقاً واحداً نحو هدف واحد فالمؤمن يبحث عن الله والكافر يبحث عن الشيطان بطلبه للدنيا ومالها.
من خلال ما تقدم ندرك بأن السعادة بعيدة كل البعد عن الزوجين اللذين لا يعتنقان عقيدة واحدة، فكل منهما مسيرته غير الآخر، وطريقة علاج مشاكله مختلفة عن الآخر، فالكافر يضرب زوجته مثلاً أو يهضم حقها أما المؤمن الذي يخاف الله فإنه لا يضرب زوجته أو يهينها لمجرد أنه غضب وانفعل.. هذا كله بمعزل عن الأولاد وتربيتهم، فانحراف الأبوين أو أحدهما يشكل خطراً كبيراً عليهم وقد ذكرنا فيما تقدم حديث رسول الله صلى الله عليه وآله :
"ما من مولود إلا ويولد على الفطرة ولكن أبواه إما يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه".
تفكير المؤمن كله يدور حول الله تعالى وخدمة الإسلام والمجتمع أما الكافر فبحثه الدائم عن نفسه كيف يعيش ويحصل على الجاه والمال في هذه الدنيا. ولذلك فإن اجتماعهما يكون منشأ للخلاف الدائم.
كما أن الحب الذي يجمع قلبي الزوجين في قلب واحد، ويحيل روحيهما إلى روح واحدة لا يحصل بين الكافر والمؤمن لأن حب الله الموجود عند المؤمن وحب الدنيا عند الكافر لا يجتمعان في قلب واحد أبداً كما جاء في الحديث الشريف عن الإمام علي عليه السلام:
"إن الدنيا والآخرة عدوان متفاوتان وسبيلان مختلفان، فمن أحب الدنيا وتولاّها أبغض الآخرة وعاداها، وهما بمنزلة المشرق والمغرب وماش بينهما، كلما قرب من واحد بعد عن الآخر، وهما بعد ضرتان"(9).
من أجل ذلك (ولأسباب أخرى أيضاً) فضل الله تعالى المؤمن والمؤمنة على المشرك والمشركة وإن أعجبنا بهما حيث قال عز من قائل: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} [البقرة: 221].
فلا بد من اختيار الشريك الكفوء كما أوصانا رسول الله صلى الله عليه وآله:
"...فانكحوا الأكفاء وانكحوا إليهم"(10).
والكفاءة بالدرجة الأولى والأساسية في الإسلام والإيمان* حيث قال صلى الله عليه وآله:
"من تزوج امرأة لا يتزوجها إلا لجمالها لم يرَ فيها ما يحب، ومن تزوجها لمالها لا يتزوجها إلا وكله الله إليها، فعليكم بذات الدين"(11).
وعندما أتى إليه رجل يستأمره في النكاح قال صلى الله عليه وآله له:
"نعم إنكح وعليك بذوات الدين"(12).
وحذر أهل البيت عليهم السلام من تزويج الفتاة بالفاسق الشارب للخمر ففي الحديث: "إياك أن تزوج شارب الخمرفإن زوجته فكانما قدت إلى الزنى"(13).
وأوصوا صلوات الله عليهم الفتيات وذويهن بالزواج من المؤمن التقي كما ورد عن لسان الإمام الحسن عليه السلام:
"زوجها من رجل تقي فإنه إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها".
وينبغي الالتفات إلى أن الإسلام والتدين الذي هو النهج العملي للسير والسلوك إلى الله تعالى يقوم على أساس روح واحدة هي الحب في الله والذي بدوره يتجلى بصدق من خلال محبة أهل البيت عليهم السلام من هنا كان الميزان والمعيار الذي يعرف المؤمن من خلاله هو حب علي وبنيه عليهم السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
" لولاك يا علي ما عرف المؤمنون بعدي"(14).
حب علي وبنيه عليهم السلام هو عنوان الإيمان ومعدنه ومحوره كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
"عنوان صحيفة المؤمن حب علي بن أبي طالب".
فشرط الإيمان وجوهره إذا هو محبة أهل البيت عليهم السلام، وهو يضفي على الحياة الزوجية سعادة* وراحة وسكينة ويجعل الأولاد عظماء وقادة حيث يغرس في نفوسهم حب علي وبنيه عليهم السلام ويكونوا الأسوة والقدوة التي يسعى الأولاد من صغرهم إليها.
وقد حذر أهل البيت عليهم السلام من الزواج والاقتران بمبغضيهم وناصبي العداء لهم كما في الحديث عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام:
"لا يتزوج المؤمن الناصبة ولا يتزوج الناصب المؤمنة"(15).
وذلك لانه ملعون منافق وخاسر كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
"من أبغض عترتي فهو ملعون منافق وخاسر" لا تنفعه عبادة ولا يشم رائحة الجنة حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "ألا ومن مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة" وعنه صلى الله عليه وآله أيضاً أنه قال: "لو أن عبدا عبد الله بين الصفا والمروة ألف عام ثم ألف عام ثم ألف عام ثم لم يدرك محبتنا لأكبه الله على منخريه في النار ثم تلا {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23](16).
ولمحبهم (سلام الله عليهم) علامات عديدة من أهمها :
1ـ طاعتهم: فالذي يحب شخصاً يطيعه، وفيما ورد عن الإمام المهدي عليه السلام "فليعمل كل امرىء منكم بما يقرب به من محبتنا، وليتجنب ما يدنيه من كراهتنا وسخطنا، فإن أمرنا بغتة فجأة حيث لا تنفعه توبة ولا ينجيه من عقابنا ندم على حوبة"(17).
2ـ معرفتهم: فبالمعرفة تقبل الأعمال كما قال الصادق عليه السلام: "لا يقبل الله عملاً الا بمعرفته" ومعرفة أهل البيت هي الطريق والباب الوحيد لمعرفة الله والسلوك إليه كما جاء في الزيارة "..السلام على من عرفهم فقد عرف الله، ومن جهلهم فقد جهل الله"(18).
3ـ محبة أوليائهم: كما جاء في زيارة عاشوراء "إني سلم لمن سالمكم وعدو لمن عاداكم ومحب لمن أحبكم ومبغض لمن أبغضكم"(19).
قال أمير المؤمنين عليه السلام:
"من سره أن يعلم أمحب لنا أم مبغض فليمتحن قلبه، فإن كان يحب ولياً لنا فليس بمبغض لنا، وإن كان يبغض ولينا فليس بمحب لنا، إن الله تعالى أخذ الميثاق لمحبينا بمودتنا"(20).
فمن يبحث عن الشريك الصالح والمناسب ليكون عوناً له على طاعة الله، وسكناً ومستراحاً يطمئن ويأنس به فعليه أن يبحث عن المؤمن بالله الواحد الذي لا شريك له وبرسوله وأهل بيته عليهم السلام*، وهكذا يدوم الحب ويستمر ويجتمع قلب الزوجين وتتحد روحيهما فيزدهر بستان العائلة ويثمر أولاداً صالحين محبين.
حسن الخلق
قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
"أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقاً"(21).
من أبرز وأهم صفات الشريك الصالح حسن الخلق، وذلك لما له من مقام رفيع وسامٍ حتى أن الرسول صلى الله عليه وآله قال: "الإسلام حسن الخلق"(22).
فالشريك إذا كانت أخلاقه حسنة فإن المعيشة معه تطيب وتزداد هناءً وسعادة وتستمر المحبة في الحياة معه وتتكامل، أما صاحب الخلق السيء فالعيش معه موحش ومنفر ومنغص للحياة بل هو بحد ذاته عذاب كما جاء عن الإمام علي عليه السلام:
"سوء الخلق نكد العيش وعذاب النفس"(23).
وفي حديث آخر عنه عليه السلام:
"سوء الخلق يوحش القريب وينفر لبعيد"(24).
سيء الخلق يمله أهله وزوجته وأولاده بل كل من حوله كما قال علي عليه السلام:
"من ساء خلقه مله أهله"(25).
وإذا ملت الزوجة من زوجها نفرت منه وأبغضته في بعض الأحيان، وكذلك الزوج إن كانت أخلاق زوجته سيئة فهو يبغضها ويكره العيش معها، وإذا تحولت حياة الزوجين إلى هذا الشكل فأين السعادة؟! أين الحب والراحة؟! ومن يخفف الآلام عن الآخر؟
سوء خلق أحد الزوجين يحول المنزل والحياة الزوجية إلى جحيم ويصنع أولاداً فاسدين، ذلك لأن الأخلاق الحسنة تضاعف المحبة بين الزوجين وتوطدها كما قال السيد الخامنئي:
"إن ما يقوي الصلة، ويوثق العلاقة بين الزوجين هي الأخلاق الحسنة ومراعاة الموازين الإسلامية"(26).
فحسن الخلق يثبت جذور الحب فى بستان السعادة العائلية.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله "حسن الخلق أثبت للمودة"(27). من هنا نهى إمامنا الكاظم عليه السلام عن تزويج سيء الخلق، فقد كتب إليه أحد الأشخاص أن لي قرابة قد خطب إلي وفي خلقه سوء فقال عليه السلام: "لا تزوجه إن كان سيء الخلق"(28).
وعلامات حسن الخلق كثيرة من أهمها :
1ـ الصدق والأمانة: وهما معيار وميزان يعرف به الإنسان كما أشار الإمام الصادق عليه السلام في حديثه: "لا تغتروا بصلاتهم ولا بصيامهم فإن الرجل لربما لهج بالصلاة والصوم حتى لوتركه استوحش ولكن اختبروهم (المؤمنون) عند صدق الحديث وأداء الأمانة"(29).
فلا يَسُد الحب في العائلة التي يكون أحد ركنيها (الشاب أوالفتاة) كذاباً أو غير أمين، ولا يوجد فيها محل للراحة والطمأنينة، وقد نهانا مولانا الصادق عليه السلام عن مخالطة الكاذب والخائن فكيف بالزواج منهما حيث يقول عليه السلام:
"لا تخالطن من الناس خمسة.. والكذاب فإن كلامه كالسراب يقرب منك البعيد ويبعد عنك القريب.."(30).
وعنه عليه السلام: "إحذر من الناس ثلاثة: الخائن والظلوم والنمام، لأن من خان لك خانك.."(31).
2ـ العفة والحياء: فالحياء سبب وطريق إلى كل خير ومن أحسن ملابس الدين كما قال علي عليه السلام: "أحسن ملابس الدين الحياء"(32) وهو دليل على عقل صاحبه كما جاء عنه عليه السلام:
"أعقل الناس أحياهم"(33).
والحياء سبب العفة كما قال إمامنا علي عليه السلام: "سبب العفة الحياء"(34)، فعلى قدر الحياء تكون العفة، وقد أوصانا الإمام الصادق عليه السلام بالزواج من العفيفة، حيث قال عليه السلام: "لا تتزوج إلا عفيفة، إن الله تعالى يقول {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} فلا تضع فرجك حيث لا تأمن على درهمك(35).
ولا بد من الالتفات إلى أن الله تعالى فطر المرأة وجبلها على الحياء وكان ذلك فيها أكثر من الرجل وأشد.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
"الحياء عشرة أجزاء فتسعة في النساء وواحدة في الرجال"(36).
لذلك ينبغي أن لا تخالف المرأة فطرتها بخلعها درع الحياء فتظهر جمال جسدها الذي وهبها الله إياه أمام الرجال والشباب.
وكذلك الأمر بالنسبة إلى اختيار الشاب فعلى المرأة أن تبحث عن الشاب العفيف المتصف بالحياء والغيرة ليحافظ عليها ويصونها فعن الإمام علي عليه السلام: "قدر الرجل على قدر همته.. وعفته على قدر غيرته"(37). وعنه عليه السلام: "دليل غيرة الرجل عفته"(38).
3ـ التواضع: وذلك بأن يتواضع الأخ لأخيه والزوج لزوجته وبالعكس، فلا يرى أحدهما لنفسه فضلاً عن الآخر ولا ميزة توجب الترفع والتكبر، ويغفر أحدهما زلة وهفوة الآخر، ويجهد في خدمته.
كما أن طيب الكلام أي الكلام الحسن الجميل مع الناس وخصوصاً مع المؤمنين والفقراء، وملاقاتهم بوجه بشوش وثغر مبتسم. كل هذه من علامات حسن الخلق وقد أشار إليها إمامنا الصادق عليه السلام لما سئل عن حد حسن الخلق فقال عليه السلام: "تلين جانبك (التواضع) وتطيب كلامك، وتلقى أخاك ببشر حسن (أي وجه بشوش)"(39).
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
يقول الإمام الخميني عن هذه الفريضة الإلهية - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - في رسالته الفقهية «تحرير الوسيلة» ج١ :
"وهما من أسمى الفرائض وأشرفها، وبهما تقام الفرائض. ووجوبهما من ضروريات الدين، ومنكره (منكر وجوبه) مع الالتفات بلازمه والالتزام به من الكافرين. وقد ورد الحث عليهما في الكتاب العزيز والأخبار الشريفة بألسنة مختلفة. قال الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
الأمر بالمعروف هو أن يأمر المرء نفسه والآخرين بطاعة الله والقيام بالفرائض والواجبات الإلهية كالصلاة، والجهاد، والصوم، والخمس والزكاة وولاية علي وآله عليهم السلام.. والنهي عن المنكر هو أن ينهى الإنسان نفسه والآخرين عن ارتكاب المعاصي والذنوب كشرب الخمر واستماع الأغاني والزنا وتزين المرأة وخروجها سافرة.
ولهذه الفريضة مراتب وشروط وأحكام* لا بد من الالتفات إليها حين أدائها.
فالمرء الذي يعمل بهذه الفريضة يكون قوياً واعياً مفلحاً وعمله من أفضل أعمال الخلق* ويدل على إيمان صلب وعميق. ولذلك يجب البحث عنه شاباً كان أو فتاة. والعيش مع شريك يتسم بهذه الصفة يكون مملوءاً بالحيوية والسعادة والاهتمام بالآخرين وتتحقق المعونة بشكل كامل على إطاعة الله تعالى ويرشد كل منهما الآخر على المفاسد والعيوب الموجودة عنده ويكونا مرآة لبعضهما كما جاء في الحديث:
"المؤمن مرآة أخيه المؤمن"(40).
وهكذا يسير الزوجان نحو الله معاً ويكونا قويين لا ضعيفين فقد جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله: "إن الله عزوجل ليبغض المؤمن الضعيف الذي لا دين له" فقيل وما المؤمن الضعيف الذي لا دين له؟! قال صلى الله عليه وآله: "الذي لا ينهى عن المنكر"(41).
المحيط والعشرة الصالحة
من الشروط المهمة في اختيار الشريك، النظر إلى أصدقائه وإخوانه وذلك لما للصديق من أثر كبير في النفس الإنسانية، وقد أشار الإمام الخميني إلى ذلك في وصيته لولده السيد أحمد قائلاً له:
"من الأمور التي أود أن أوصيك بها وانا على عتبة الموت اصعد الأنفاس الأخيرة. أن تحرص ما دمت متمتعا بنعمة الشباب على دقة اختيار من تعاشر وتصاحب.. فإن تأثير المعاشرة على الطرفين من إصلاح وإفساد أمر لا شك في وقوعه"(42).
إذاً فالصديق له تأثير كبير وقوي شاباً كان أو فتاة وخصوصاً في عمر الشباب. ولذلك فبما أن الشاب عادة لا يملك معرفة كاملة عن الفتاة قبل الزواج أو الخطوبة وكذلك الفتاة أيضاً، ينبغي على كل منهما أن يسألا عن أصدقاء شريكهما عن التزامهم وتدينهم وأخلاقهم، وانتمائهم السياسي، وقد أشار إمامنا ومولانا علي عليه السلام إلى ذلك بقوله:
"من اشتبه عليكم أمره فانظروا إلى خلطائه"(43).
وحذر «سلام الله عليه» من مصاحبة الأشرار لما يتركونه في النفس من تأثير سيء حيث قال عليه السلام: "وصحبة الأشرار تكسب الشر كالريح إذا مرت بالنتن حملت نتنا"(44).
فعلينا التدقيق في أصدقاء الشريك، والنظر إلى المحيط العائلي الذي يعيش فيه، حيث أن له أيضاً أثراً وطباعاً لا يمكن لعاقل نكرانها، وهكذا نكون قد اقتربنا من الشخص الذي نبحث عنه، وتعرفنا عليه أكثر من خلال معرفة أصدقائه، لكن علينا أن نلتفت إلى أن قدرة الإنسان على التغيير أقوى من تأثير المحيط والعائلة والأصدقاء وهذا مرهون بإرادته وعزيمته.
إظهار المحبة والمودة
وهي من أهم الصفات أيضاً فالزوجة منبع العطف والحنان، و مصدر قوة الرجل، تحن عليه تخفف الآلام والأحزان عنه، يسكن إليها ويستريح عندها، لأنها مظهر الرحمة والرقة، أما الزوج فهو ملاذ المرأة وملجؤها، تسير خلفه يحميها ويحفظها، يجعلها كريمة مصونة ولا يلجؤها إلى غيره. ووجود هذه الصفة أي إظهار المحبة والعطف والحنان شرط لتحقق الزواج السعيد، والخطوة الأولى نحو وحدة القلب وانصهار الروح، وأساس متين للسكون الزوجي الذي أشار إليه تعالى في كتابه:
{خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}.
إظهار المحبة بقوة وشدة من كلا الزوجين عامل مهم لاستمرار وبقاء الحياة الزوجية المزدهرة والمليئة بالحنان والعطف، وقد بين أمير المؤمنين عليه السلام هذا الأمر في قوله عليه السلام:
"قول الرجل للمرأة إني أحبك لا يذهب من قلبها أبداً"(45).
وإلى ذلك أشار رسول الله صلى الله عليه وآله في حديثه عن خير النساء قائلاً:
" خير نسائكم الودود الستيرة*"(46).
فالطمأنينة والسكون النفسي المطلوب الحصول عليهما في الزواج يكونا عند الشريك الحنون والودود، المظهر لحبه وعطفه.
أشرنا في ما تقدم من الكلام إلى جملة من أهم وأبرز الصفات التي ينبغي وجودها في الشريك الصالح، وذلك على أساس ما وصلنا عن أهل البيت عليهم السلام من كلامٍ عنها وتشديدٍ عليها، لكن يبقى أن نشير إلى بعض الصفات التي تختص بكل من الفتاة والشاب على حدة، وهي لا تتساوى في الأهمية والأولوية.
_________________________________
(1) ميزان الحكمة - الباب 365 .
(2) بحار الأنوار -ج1.
(3) المصدر السابق - ج 103 .
(4) الحكم من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) ج2.
(5) المصدر السابق.
(6) المصدر السابق.
(7) ميزان الحكمة - الباب 365.
* أي بأمر غير ممكن حصوله.
(8) ميزان الحكمة ـ الباب365.
(9) المصدر السابق الباب 161.
(10) ميزان الحكمة الباب207.
* قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (المؤمنون بعضهم أكفاء بعض).
(11) بحار الأنوار ج 103.
(12) وسائل الشيعة - كتاب النكاح.
(13) بحار الأنوار ج 79.
(14) لولاك ياعلي.
* قال رسول الله صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين علي عليه السلام: (ان السعيد حق السعيد من أحبك واطاعك).
(15) وسائل الشيعة - الباب 10 .
(16) أهل البيت عليهم السلام في الكتاب والسنة.
(17) المصدر السابق.
(18) المصدر السابق.
(19) مفاتيح الجنان - زيارة عاشوراء المشهورة.
(20) أهل البيت (عليهم السلام) في الكتاب والسنة.
* للإطلاع على الإيمان وشروطه و... بشكل تفصيلي أكثر. يمكن الرجوع الى كتاب "عودة الروح" للأستاذ السيد عباس نور الدين.
(21) ميزان الحكمة - الباب 149.
(22) المصدر السابق.
(23) المصدر السابق.
(24) المصدر السابق.
(25) المصدر السابق.
(26) أنوار الولاية.
(27) ميزان الحكمة. الباب 149.
(28) بحار الأنوار ج103.
(29) اصول الكافي ج1.
(30) أشعة من بلاغة الإمام الصادق (عليه السلام).
(31) المصدر السابق.
(32) ميزان الحكمة. الباب 134.
(33) المصدر السابق.
(34) المصدر السابق.
(35) الاستبصار ج3.
(36) ميزان الحكمة - الباب 134.
(37) المصدر السابق.
(38) المصدر السابق).
(39) أشعة من بلاغة الإمام الصادق عليه السلام.
* للإطلاع على هذه الشروط والمراتب يمكن مراجعة الكتب الفقهية للسيد الخامنئي والسيد الخميني.
* كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (الأمر بالمعروف أفضل أعمال الخلق).
(40) المؤمن مرآة أخيه المؤمن.
(41) أصول الكافي ج5.
(42) وصايا عرفانية.
(43) الحكم من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) ج2 .
(44) المصدر السابق.
(45) وسائل الشيعة ج14.
* الودود هي الحنونة والمحبة، والمراد بالستيرة العفيفة والمستورة.
(46) مكارم الأخلاق - الباب 8.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
في مستشفى الكفيل.. نجاح عملية رفع الانزلاقات الغضروفية لمريض أربعيني
|
|
|