أقرأ أيضاً
التاريخ:
3209
التاريخ:
3916
التاريخ: 28-4-2017
3586
التاريخ: 26-3-2022
1890
|
نزلت آيات كثيرة من القرآن الكريم خلال أربع سنوات من حركة الرسالة تضمنت بيان عظمة التوحيد والدعوة إليه والإعجاز البلاغي والإنذار والوعيد لمخالفيه فتناقلتها الألسن وحوتها قلوب المؤمنين وانجذب إليها القاصي والداني لاستماعها واستيعابها .
ولما كان للبلاغة أكبر الأثر في النفوس قررت قريش وهي تحاول احتواء حركة النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) بوسائل متعددة أن تمنع النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) من الاتصال بالجماهير وعرض دعوته عليهم أن لا يستمع القادم إلى مكة لما نزل من آيات القرآن ، بعد أن فشلت في محاولة إغراء النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) بالملك والسلطان عليهم والأموال الطائلة والشرف والسؤدد . ثم أردفوا ذلك بتشكيكهم في صحة دعوته ؛ زاعمين أن الذي يعتري النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) إنّما هو حالة مرضية يسعون لعلاجها ، فأجابهم النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) جوابا فيه كل الخير والشرف والنجاة لهم فقال ( صلّى اللّه عليه واله ) : كلمة واحدة تقولونها تدين لكم بها العرب وتؤدي إليكم بها العجم الجزية . . . ففزعوا لكلمته وحسبوا أنها نهاية المطاف فقالوا : نعم وأبيك عشرا . . . قال ( صلّى اللّه عليه واله ) : لا إله إلا اللّه . . . فكان الردّ مفاجئة قوية خذلتهم فقاموا مستكبرين وهم يردّدون : أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ[1].
وعندها قرروا أن يلجأوا إلى الإهانة والسخرية من النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) وأتباعه الذين بدأوا يتزايدون كل يوم وتتعمق دعوته المباركة في النفوس فكان من أفعالهم قيام أبي لهب وزوجته أم جميل بطرح الشوك على باب بيت النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) إذ كان بيته يجاورهم[2]. وأخذ أبو جهل يتعرض للنبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) فيؤذيه بقوله الفاحش ولكن اللّه كان للظالمين بالمرصاد إذ ما كان من حمزة عم النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) حين علم بذلك إلّا أن ردّ على أبي جهل إهانته أمام الملأ من قريش معلنا إسلامه وتحدّيه لجمعهم أن يردّوا عليه أو أن يتعرضوا ثانية للرسول ( صلّى اللّه عليه واله )[3].
الكفر يأبى الانصياع لصوت العقل :
تصورت قريش أنها بدهائها تستطيع أن تثني النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) عن رسالته ، وقد بان لها استجابة الناس لدعوته المباركة . من هنا اقترح عتبة بن ربيعة - حين اجتمعت وجوه قريش - أن يذهب إلى النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) ليحدّثه كي يكفّ عن دعوته ، فمشى إليه والنبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) جالس - وحده - في المسجد ، وامتدح النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) ومكانته في قريش وعرض عليه عروضه والنبي ( صلّى اللّه عليه واله ) ينصت مستمعا فقال : يا ابن أخي إن كنت تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا وإن كنت تريد به شرفا سوّدناك علينا حتى لا نقطع أمرا دونك ، وإن كنت تريد به ملكا ملّكناك علينا ، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيّا تراه لا تستطيع ردّه عن نفسك طلبنا لك الطبّ وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه . . . ولما أتم كلامه قال ( صلّى اللّه عليه واله ) : أقد فرغت يا أبا الوليد ؟ قال : نعم ، قال ( صلّى اللّه عليه واله ) : فاسمع مني ثم تلا قوله تعالى : {حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4) وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ ...} [فصلت: 1 - 5]واستمر النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) يقرأ الآيات الكريمة فانبهر عتبة لما سمع وألقى يديه خلف ظهره معتمدا عليها . ثم سجد رسول اللّه عند آية السجدة . ثم قال ( صلّى اللّه عليه واله ) : قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت ، فأنت وذاك .
فلم يحر عتبة جوابا وقام إلى قومه فلما جلس إليهم قال : إني قد سمعت قولا واللّه ما سمعت مثله قط ، واللّه ما هو بالشّعر وبالسّحر ولا بالكهانة . يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها بي ، وخلّوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه » .ولكن أنى للقلوب الميتة أن تستجيب فقالوا : سحرك واللّه يا أبا الوليد بلسانه قال : هذا رأيي فيه فاصنعوا ما بدا لكم[4].
الاتّهام بالسّحر :
أرادت قريش أن لا تختلف كلمتها ولا تفقد مكانتها في محاربة الرسالة الإسلامية وفي نفس الوقت أن توقف سريان الرسالة إلى نفوس الناس وموسم الحج على الأبواب فرأت أن تتخذ وسيلة تبدو فيها محافظتها على مكانتها الوثنية وإضعاف دور الرسول ومكانته فاجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة لكبر سنّه وسعة معرفته لاتخاذ قرار بذلك فاختلفت أقوالهم بين أن يدّعوا أنّه كاهن أو مجنون أو شاعر أو مريض تعتريه الوسوسة أو ساحر ، ثم أرجعوا القول للوليد فقال : واللّه إنّ لقوله لحلاوة وإن أصله لعذق وإن فرعه لجناة وما أنتم بقائلين في هذا شيئا إلّا عرف أنّه باطل وإنّ أقرب القول فيه أن تقولوا : ساحر جاء بقول هو سحر يفرّق به بين المرء وأبيه وبين المرء وأخيه وبين المرء وزوجه ، فتفرّقوا يندسّون بين الناس يبثّون شائعتهم الخبيثة [5] .
التعذيب وسيلة لقمع المؤمنين :
لقد عجزت قوى الكفر والشرك أن تثني الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) وأصحاب الحق عن الاستمرار في نشر الرسالة الإسلامية ، مثلما عجزت عقولهم عن إدراك التوحيد والإيمان ، وراحت كل جهودهم لإيقاف الرسالة أو تشويهها سدى فلم يجدوا بدّا من اتخاذ العنف والقسوة والتعذيب وسيلة لمحاربة أصحاب العقيدة فوثبت كل قبيلة على من فيها من المسلمين فجعلوا يحبسونهم ويعذبونهم بالضرب وفرض الجوع والعطش عليهم ، محاولين أن يفتنوهم عن دينهم ورسالة ربّهم .
فهذا أمية بن خلف يخرج بلالا إلى رمضاء مكة إذا حميت الظهيرة ليمارس تعذيبه بأبشع صورة ، وهذا عمر بن الخطاب يعذب جارية له - لإسلامها - ضربا حتى إذا عجز قال : إني أعتذر إليك ، إني لم أتركك إلّا ملالة ، وهذه بنو مخزوم يخرجون عمّارا وأباه وأمه يعذبونهم في رمضاء مكة فيمرّ بهم رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) فيقول : « صبرا آل ياسر موعدكم الجنّة » ، حتى بلغ من تعذيبهم أن استشهدت سمية أم عمار[6] على أيديهم فكانت أول شهيدة في الاسلام .
وإذا حاولنا أن نرسم صورة عامّة لأساليب مواجهة قريش للرسالة والرسول وأتباعه فنستطيع أن نلخّص مراحل المواجهة في ما يلي :
1 - كان الاستهزاء والسخرية بشخصية النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) وإضعاف مكانته في نفوس الناس من أبسط الأساليب . وقد مارس هذا الدور الوليد بن المغيرة ( والد خالد ) ، وعقبة بن أبي معيط ، والحكم بن العاص بن أمية ، وأبو جهل .
ولكن التسديد الإلهي أحبط كل مساعيهم فقد قال القرآن الكريم :
{إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر: 95] ، {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الأنعام: 10] .
2 - إهانة النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) شخصيا لإضعافه . فقد روي أنّهم ألقوا الفرث والسلى عليه ( صلّى اللّه عليه واله ) ، فغضب عمه أبو طالب حين علم بذلك وردّ الإهانة عليهم ، ويعتبر موقف أبي جهل وردّ حمزة بن عبد المطلب عليه شاهدا آخر .
3 - محاولات الإغراء بالملك والسيادة وبذل الأموال الطائلة .
4 - الاتهامات الباطلة : بالكذب والسحر والجنون والشعر والكهانة . وقد تحدث القرآن عن كلّ ذلك .
5 - الطعن في القرآن الكريم ، فقد اتهموا النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) بتقوّله وافترائه على اللّه فتحدّاهم القرآن بأن يأتوا بمثله . على أن النبيّ كان قد أمضى عمرا بينهم لم يعرف بما اتهموه به .
6 - استخدام التعذيب وقتل المؤمنين برسالته .
7 - الحصار والمقاطعة الشاملة .
8 - التخطيط لقتل صاحب الرسالة [7] .
وقد تصدّى النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) لكل هذه الأساليب بما يحقق للرسالة أهدافها مسدّدا بالوحي الذي كان يرعى حركة الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) خير رعاية .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|