أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-4-2017
3987
التاريخ: 25-3-2022
2220
التاريخ: 9-3-2022
1740
التاريخ: 8-4-2017
3031
|
لقد تحدث أكثر المؤرخين والمؤلفين في سيرة النبي عن رحلاته المتتالية إلى الشام قبل زواجه من خديجة وبعده ، واجتماعه بالرهبان والأحبار ، وعن بحيرا الذي بشر بنبوته وأخبرهم بما يكون من أمره ، وحذرهم من اليهود ومن التدابير التي أعدها رؤساء الأديان من مسيحيين وغيرهم للقضاء عليه ، واختلفت الروايات لتلك الحوادث في صياغة تلك الرحلات وما اشتملت عليه من الكرامات اختلافا يبعث على الشك في صحة تلك المرويات ، هذا بالإضافة إلى أن الذين رووا اخبار تلك الرحلات ومحتوياتها من المتهمين بالكذب وعدم التثبت في عرض الحوادث التاريخية .
وقد ألمح إلى التشكيك فيها جماعة من المؤرخين منهم أبو الفداء في تاريخه الكبير ، وجاء فيه ان أحد رواتها هو أبو بكر بن أبي موسى عن أبيه أبي موسى الأشعري ، وقد دخل في الاسلام في السنة السابعة من الهجرة ، ولا بد وأن تكون حينئذ من مرسلات الصحابة على حد تعبيره ، وأضاف إلى ذلك في معرض التشكيك بتلك المرويات ، انها قد اشتملت على نصيحة الرهبان والأحبار لأبي طالب بإرجاعه إلى مكة خوفا عليه من اليهود وغيرهم ، فأرجعه أبو طالب على حد زعم الراوي مع بلال الحبشي وأبي بكر ، وكانا يوم ذاك أصغر منه سنا ، حيث إن أبا بكر في ذلك الوقت لم يتجاوز العاشرة وبلال الحبشي كان أقل من ذلك ؛ ومع ذلك فكيف يصح من أبي طالب الحريص على ابن أخيه ان يرده إلى مكة من تلك المسافة البعيدة وفي تلك الصحراء المخيفة مع طفلين صغيرين ، وهو الذي لم يكن يفارقه في يوم من الأيام ، ولم يتركه لأحد حتى من أعمامه ذوي البأس والنجدة من الهاشميين .
وقد رجحت في كتابي ( الموضوعات ) ان اخبار هذه الرحلات بما اشتملت عليه من الكرامات ، كانت من صنع أعداء الاسلام الذين أرادوا ان يفتحوا أبواب التشكيك برسالة محمد ونبوته عن طريق هذه الرحلات المتتالية واجتماعه فيها بالأحبار والرهبان كبحيرا وأمثاله من أبطال تلك الأساطير ، ونبهت على عيوبها متنا وسندا ، وقلت في الكتاب المذكور وأكرر في كتابي هذا ان محمد بن عبد اللّه ( ص ) يوم كان حملا وطفلا ويافعا وشابا وكهلا لم يخرج في شيء من حالاته ومراحل حياته عن سنن الكون وقوانين الطبيعة ، ولم تدع الحاجة في طفولته وشبابه إلى تلك الحوادث الجسام التي امتلأت بها كتب الحديث والسير السنية والشيعية ، سواء في ذلك ما رافق ولادته وطفولته في بني سعد من العجائب والغرائب التي نبهت على بعضها في كتابي الموضوعات وما يرويه المحدثون والمؤرخون مما جرى له في طريقه إلى الشام وهو في قافلة تتألف من مائة وثمانين من التجار ومعاونيهم كحديث الغمامة التي كانت تظلله والمياه التي كانت تتفجر من بطون الصحراء التي كانت تتعرض فيها حياة العشرات من المسافرين للموت عطشا والأشجار اليابسة التي كانت تعود إليها الحياة فتثمر من ساعتها أنواعا من الثمار إلى كثير من أمثال ذلك مما دعا بحيرا الراهب ان يضع الطعام لتلك الحشود ويجتمع بالنبي ويخبرهم بما سيكون من أمره إلى غير ذلك مما اشتملت عليه كتب الحديث والتاريخ من الأساطير التي استغلها أعداء الاسلام للدس والتشويش على النبي ورسالته .
ولعل كعب الأحبار وأبا هريرة ووهب بن منبه وتميم الداري وأمثالهم كانوا من أبرز أبطال تلك الأساطير ، كما تؤيد ذلك مواقفهم من الإسرائيليات والمسيحيات التي أدخلوها بين أحاديث الرسول ( ص ) وفي التفسير وغيره من المواضيع .
هذا مع العلم بأن تلك الأحداث والكرامات التي يدعيها الرواة وبخاصة ما كان منها في طريقه إلى الشام مع تلك الحشود لم تترك اثرا على المكيين الذين رافقوه في تلك الرحلة ، فلا محمد ( ص ) قد احتج بها عليهم يوم كانوا يطاردونه من بيت إلى بيت وفي شعاب مكة وبطاحها ، ولا حدث أحد من المؤرخين بأن رفاقه في تلك الرحلة كانوا يتحدثون بها لمن رجعوا إليهم في مكة وجوارها ، كل ذلك مما يرجح استبعادها .
وإذا كنت قد وقفت موقف المتصلب في كتابي الموضوعات من بعض المرويات التي يرويها المدائني عن بعض من تستروا بصحبة النبي ( ص ) ورواها غيره من المؤرخين كما رواها الصدوق في اكمال الدين واتمام النعمة ، فاني لا أقف نفس الموقف من حديث بحيرا الراهب ، ومن الجائز ان يكون قد رأى النبي إذا صح انه سافر إلى الشام مع عمه أبي طالب وهو في الثالثة عشرة من عمره ، أو في تجارة خديجة مستقلا عن عمه أبي طالب ولكن دوره معه إذا صح انه قد التقى به لا يعدو ان يكون دور من يترقب له النبوة عندما وجد فيه بعض العلامات التي وصفته بها الكتب القديمة كالتوراة والإنجيل وغيرهما .
ومن غير المستبعد ان يكون بحيرا قد نصح عمه بإرجاعه إلى مكة وإبقائه تحت رقابته خوفا عليه من اليهود وغيرهم ممن كانوا يضمرون السوء له ولكل مصلح يحاول ان يضع حدا لجشعهم وعدوانهم واستغلالهم لغيرهم من الناس اما بقية الأحداث والخوارق التي روتها كتب التاريخ والحديث وادعت وقوعها في تلك الرحلة فلو صحت لتركت أثرا في مكة وجوارها بل في شبه الجزيرة بكاملها ولم يحدث شيء من ذلك .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|