أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-3-2017
2459
التاريخ: 21-10-2015
3025
التاريخ: 28-12-2021
2227
التاريخ: 9-1-2023
2713
|
تتعدد الأنظمة الحزبية التي تأخذ بها الدول , وترتكز دراسة الأحزاب السياسية على كيفية حضور هذه الأحزاب في تركيبة الحياة السياسية للنظام السياسي في كل دولة , وذلك من خلال عدد الأحزاب وحجمها , وطريقة التعاون فيما بينها و كيفية تداولها للسلطة , وفي اطار ذلك يمكن ان نميز في الأنظمة السياسية المعاصرة بين ثلاث انواع من الأحزاب السياسية وهي نظام الحزب الواحد , والثنائية الحزبية , والتعددية الحزبية (1).
لذا سنقسم هذا الموضوع الى فقرتين نتناول في الفقرة الاولى منه انواع الأنظمة الحزبية اما الفقرة الثانية فنخصصها لبحث تأثير النظم الانتخابية على الأنظمة الحزبية.
أولاً:- أنواع الأنظمة الحزبية:- تنقسم الأنظمة الحزبية إلى ثلاثة أنواع هي:
1- نظام الحزب الواحد:- يقوم هذا النظام على وجود حزب سياسي واحد في الدولة , وهذا الحزب لا يسمح بقيام أحزاب أُخرى إلى جانبهِ (2).
ويعد نظام الحزب الواحد من النظم الحديثة نسبياً حيث انه لم يظهر إلا عُقب انتصار ثورة الاتحاد السوفيتي عام 1917 , ثم ظهرت بعد ذلك في ألمانيا أبان ألحكم النازي وفي إيطاليا في عهدها الفاشي , ثم انتقلت بعد ذلك في بعض الدول العربية مثل مصر , السودان , تونس , الجزائر وغيرها من الدول (3).
وفي هذا النوع من الأحزاب يضم الحزب كل الموالين للحكومة وتكون السلطة الحقيقية بيد قادة الحزب , أما الوزراء والنواب ورجال الإدارة فهم أدوات مُسخرة بأمر ذلك الحزب لا يعملون إلا بتوجيهه , وينادي هذا الحزب بتجنيد الجماهير المساهمة في إيجاد الظروف الملائمة لتحقيق الحرية لهم , والى تنمية طبقة جديدة نابعة من الشعب لتقود التطور فيه ولتحل محل الطبقات القديمة ذات الامتيازات والمصالح (4).
يتضح إن فلسفة نظام الحزب الواحد يقوم على البعد عن نظام دولة المؤسسات الدستورية وأجهزتها , والميل للأخذ بالنظام المركزي الصارم الذي بموجبه يمسك الحزب كافة السلطات السياسية والاقتصادية والعسكرية والقضائية , كما يُحاول الحزب في ظل هذا النظام إعادة تشكيل المجتمع والتداخل في الحياة الشخصية للمواطنين بطريقة تسمح بالتحكم فيهم وتراقب تحركاتهم وتحدد حرياتهم , لذا يرى جانب كبير من الفقه إن نظام الحزب الواحد لا يعد ضمن النظم الحزبية , ذلك ان النظام الحزبي يجب ان يقوم على اكثر من حزب واحد , كما إن الحزب الواحد لن يكون اكثر من اداة في يد الطبقة الحاكمة تسخره لمصلحتها ولتحقيق أهدافها (5).
وبصفة عامة فأن النظم التي تعتنق نظام الحزب الواحد هي النظم الدكتاتورية وليس النظم الديمقراطية (6).
2- الثنائية الحزبية:- يقصد بالثنائية الحزبية النظام الذي بموجبه يهيمن حزبان رئيسيان على كل الأصوات في كل الانتخابات تقريباً وعلى كل مستويات الحكومة , ونتيجة ذلك فأن كل المناصب تقريباً تكون للحزبين , وفي ظل هذا النظام يوجد عدد كبير من الأحزاب تؤلف عند اندماجها حزبين كبيرين يتبادلان موقع السلطة في النظام السياسي , ويكون بينهما قدر كبير من التنافس للحصول على الاغلبية (7).
وبمقتضى ذلك فأن نظام الثنائية الحزبية لا يعني مطلقاً وجود حزبين فقط في الدولة , فلا شيء يمنع وجود حزب ثالث أو احزاب اخرى , ولكن تبقى هذه الأحزاب أو ذلك الحزب قليلة التأثير في الحياة السياسية , وتوجد هذه الظاهرة في الكثير من الدول وعلى رأسها انكلترا حيث يوجد حزبان مسيطران هما حزب المحافظين وحزب العمال , بالإضافة الى وجود احزاب اخرى الى جانبها مثل حزب الاحرار والحزب الاجتماعي الديمقراطي (8).
وفي الأنظمة ذات الثنائية الحزبية يمكن التمييز بين الثنائية الحزبية الكاملة , والثنائية الحزبية الناقصة , فالثنائية الحزبية الكاملة تعني وجود حزبين سياسيين يتقاسمان أصوات الناخبين , بحيث يتمكن أحد الحزبين من الحصول على الأغلبية المطلقة والحكم بمفرده , وابرز مثال على ذلك بريطانيا حيث يتم تداول السلطة بين حزبي العمال والمحافظين , كذلك في الولايات المتحدة الامريكية حيث يوجد الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي يحصل أحدهما دائماً على الأغلبية المطلقة في أحد مجلسي الكونغرس او كليهما , وفي الواقع ان سبب وجود هذه الحالة في هاتين الدولتين هو نظام الانتخاب السائد فيها والقائم على الانتخاب الفردي بالأغلبية البسيطة التي تُمكن أحد هذين الحزبين من الحصول على أغلبية مطلقة في البرلمان (9).
اما الثنائية الحزبية الناقصة فتعني وجود حزبين كبيرين يتداولان السلطة ولكن لا يحصل أحدهما وحده على الأغلبية المطلقة في البرلمان فيلجئان معاً للائتلاف , أو الائتلاف مع أحد الاحزاب الصغيرة , وأوضح مثال على ذلك ما يحصل في ألمانيا حيث ان الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي يتداولان السلطة فيما بينهما فيشكلان ائتلافا بينهما يسمى (الائتلاف الكبير) , او يقوم أحدهما بالائتلاف مع أحد الاحزاب الصغيرة كالحزب الليبرالي ويسمى عندئذ (الائتلاف الصغير) (10).
3- التعددية الحزبية:- يقصد به وجود عدد من الاحزاب السياسية (أكثر من ثلاثة احزاب) لا يملك أياً منها الأغلبية المطلقة في البرلمان , مما يضطر الى تشكيل حكومة ائتلافية بين حزبين أو أكثر , وتعود نشأة التعددية الحزبية الى اسباب واعتبارات اجتماعية وطائفية وعرقية , اضافة الى النظام الانتخابي المتبع في الدول , وتختلف الانظمة السياسية ذات التعددية الحزبية حسب النظام الانتخابي المعتمد , فنظام الأغلبية على جولتين يؤدي الى التعددية المرنة من الاحزاب ، وابرز مثال على ذلك الانتخابات الفرنسية منذ عام 1958 لاختيار اعضاء الجمعية الفرنسية , في حين نجد ان نظام التمثيل النسبي وفق القائمة النسبية والمطبق في دوائر انتخابية متعددة التمثيل ينتج عنه تعددية حزبية معتدلة , أما في حالة الدائرة الانتخابية الواحدة على مستوى الدولة فينتج عنه تعددية حزبية مفرطة (11) .
أما في مصر فقد أخذت بنظام التعددية الحزبية (بعد قيام ثورة 25 يناير) حيث نص دستور مصر لعام 2014 في المادة (5) منه على ان ((يقوم النظام السياسي على أساس التعددية السياسية والحزبية ...)).
ويعد العراق من الدول القائمة على كثرة اعداد الكيانات السياسية المتنافسة في الانتخابات بمعنى انه أخذ بنظام تعدد الأحزاب السياسية , وقد تم ذكر ذلك في ديباجة دستور جمهورية العراق لعام 2005 النافذ حاليا (12).
فقد شهد العراق بعد 9/4/2003 ظهور العديد من الأحزاب والتيارات السياسية وممارستها لنشاطها بصورة علنية من دون ضوابط قانونية تُنظم عملها (13).
ثانياً:- تأثير النظم الانتخابية على الأنظمة الحزبية:-
يلعب النظام الانتخابي دوراً كبيراً في رسم الخارطة الحزبية لأي دولة ديمقراطية , اذ تسعى الأحزاب المتنفذة والقوية الى اختيار نظام انتخابي يُكرس نفوذها ولا يسمح للقوى الطامحة بمنافستها , فمن غير المحتمل ان تدعم الأحزاب الموجودة التغيرات التي تتيح الإمكانية لأحزاب منافسة جديدة , الدخول في نظام الحزب السياسي مــالــم يكن هنالك موجب سياسي قوي , مما يترتب عليه إمكانية إعاقة خيارات تغيير النظام الانتخابي بالفعل (14).
وتتأثر طبيعة النظم الخاصة بالأحزاب السياسية التي يتم تطويرها بشكل كبير بالنظام الانتخابي , ومن ذلك ما يتعلق بعدد الأحزاب السياسية الناشطة في المجالس التشريعية وأحجامها , اما فيما يتعلق بالتماسك والانضباط السائد داخل الأحزاب , فينتج عن اعتماد بعض النظم الانتخابية بروز التيارات والاتجاهات المتباينة داخل الحزب الواحد عن طريق التنافس والتصارع فيما بينها باستمرار , في حين ان نظم انتخابيه اخرى ينتج عنها توحيد كلمة التيارات الحزبية ونبذ الانشقاقات الداخلية فيه , وتؤثر النظم الانتخابية بكيفية قيام الاحزاب السياسية بحملاتها الانتخابية , والتأثير في سلوكيات القيادات السياسية في هذه الاحزاب , كما تؤدي بعض النظم الانتخابية الى تشكيل التحالفات السياسية فيما بينها , في حين ان نظام انتخابي اخر قد يؤدي الى ابتعاد الأحزاب بعضها عن البعض الآخر (15).
وقد تؤدي بعض النظم الانتخابية الى توسيع القاعدة الشعبية للأحزاب السياسية بأكبر قدر ممكن , أو قد تعمل على تقييدها وتضييق نطاق قاعدتها الشعبية داخل المناطق أو الطائفة أو القبيلة (16).
يتضح مما تقدم ان النظم الانتخابية تسهم بشكل كبير في تصنيف نظم الأحزاب السياسية وطريقة تنظيمها , فالنظام الانتخابي هو الذي يحدد النظام الحزبي , وبالتالي يتيح الفرصة لحزب معين دون غيره للفوز في الانتخابات.
___________
1- ينظر د. ماجد راغب الحلو , النظم السياسية والقانون الدستوري , ط4 , منشأة المعارف , الإسكندرية , 2000 , ص294.
2- ينظر د. محمد عبد العال السناري , الأحزاب السياسية والأنظمة السياسية والقضاء الدستوري (دراسة مقارنة) , بدون مكان طبع , 2003 , ص47
3- ينظر د. محمد مرغني خيري , الوجيز في النظم السياسية , القاهرة , 1999-2000 , ص327.
4- مقال منشور على الموقع الالكتروني: http://www.m.ahewar.org
5- ينظر د. محمد انس جعفر , الوسيط في القانون العام , النظم السياسية والقانون الدستوري , دار النهضة العربية , 1998 , ص216.
6- ينظر د. محمد مرغني خيري , مرجع سابق , ص330.
7- ينظر د. عبد الغني بسيوني , ماهية الأحزاب السياسية , بحث منشور في مجلة الدراسات القانونية , كلية الحقوق , جامعة بيروت العربية , المجلد الاول , العدد (1) , 1998 , ص55.
8- ينظر فؤاد مطير الشمري , التجارب الانتخابية في العالم (الأسس والتطبيقات) , دار أسامة للنشر والتوزيع , الاردن , عمان , 2013 , ص195.
9- ينظر د. عصام الدبس , النظم السياسية , الكتاب الاول (أسم التنظيم السياسي) , ط1 , دار الثقافة للنشر والتزيع , 2010 , ص319-320.
10- ينظر د. عصام الدبس , المصدر نفسة , ص320
11- ينظر فؤاد مطير الشمري , التجارب الأنتخابية في العالم (الاسس والتطبيقات) , دار أُسامة للنشر والتوزيع , الاردن , عمان , 2013 , ص195.
12- ورد في ديباجة دستور جمهورية العراق لعام 2005 (... من خلال نظام جمهوري إتحادي ديمقراطي تعددي ...).
13- ينظر د. حيدر أدهم , الأحزاب السياسية في عراق ما بعد التاسع من نيسان بين النظرية والتطبيق , مركز الشهيدين الصدرين , بغداد , 2007 , ص17.
14- ينظر فرانشسكا بندا وآخرون , الأحزاب : التحول نحو الديمقراطية , الخيارات الرئيسية في عملية التحول الديمقراطي في العراق , المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات , ستوكهولم , 2005 , ص34.
15- ينظر فؤاد مطير الشمري , مصدر سابق , ص194.
16- ينظر القاضي قاسم حسن العبودي , تأثير النظم الانتخابية في النظام السياسي (دراسة مقارنة بالتجربة العراقية) , ط1 , دار ورد الاردنية للنشر والتوزيع , 2012 , ص97.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|