أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-11-2017
3025
التاريخ: 27-3-2017
2207
التاريخ: 14-1-2023
988
التاريخ: 23-3-2022
2034
|
علم الجغرافيا وموقعه بين العلوم
يرى الجغرافيون المحدثون أن علم الجغرافيا يقع وسطاً بين العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية؛ إذ تنتمي بعض مجالات علم الجغرافيا كعلم أشكال الأرض إلى العلوم الطبيعية، بينما تنتمي مجالات أخرى مثل التخطيط التنموي الاقليمي، وتحليل الموقع وغيرها إما إلى العلوم الإنسانية أو الاقتصادية أو التطبيقية (كالهندسة). ويمثل الإحصاء والرياضيات والحاسوب قاسماً مشتركاً بين تلك العلوم. ويشترك علم الجغرافيا مثل غيره في استخدام أساليب القياس الإحصائية والرياضية في تحليل وتفسير الظواهر والعلاقات الجغرافية. ولا يختلف علم الجغرافيا عن غيره من فروع العلوم الأخرى من حيث الاستفادة من عدد من العلوم الأساسية المساندة، ويقال نفس الشيء بالنسبة للعلوم الهندسية التي تقوم أساساً على العلوم الطبيعية والعلوم البحتة كالرياضيات والفيزياء والكيمياء. وحتى في بريطانيا نجد أن بعض فروع الهندسة كالهندسة المعمارية، ملحقة إما بكليات العلوم الاجتماعية والاقتصاد، أو بكليات العلوم الاجتماعية والبيئة وغيرها. ويؤكد الاتجاه البريطاني الآنف الذكر على ما يلي:
أولاً: ضرورة اعتماد بعض فروع الهندسة على العلوم الاجتماعية، وهو أمر قلما يعترف به الاختصاصيون العرب إذا ما طرح للنقاش أو للتطبيق العملي.
ثانياً وهو أن العلوم جميعها سواء أكانت طبيعية أو اجتماعية أو تطبيقية أو بحتة وجدت أساساً لخدمة الإنسان والرقي بقيمه وأخلاقه وتحسين أحواله الاجتماعية والاقتصادية. ولا يمكن بأي حال من الأحوال تطوير العلوم الطبيعية والبحثة والتطبيقية بمعزل عن تطوير العلوم الاجتماعية. إذ يجب أن تتم عملية التطوير بشكل متواز، ولا يمكن الادعاء بإمكانية تطوير العلوم الطبيعية أو التطبيقية دون تطوير العلوم الاجتماعية أو الإنسانية. إذ لا تعني ثنائية تطوير التكنولوجيا وتخلف العلوم الاجتماعية (ومنها الجغرافيا) سوى تفريغ المجتمع من المضمون الفكري والقيمي والأخلاقي. وتتجلى عملية التطوير العلمي المتوازنة بالصورة الآنفة الذكر في اليابان. فبالقدر الذي تتطور فيه التكنولوجيا اليابانية، تتطور بنفس المستوى العلوم الاجتماعية والإنسانية فلسفة ومنهجاً ومجالاً ومنها الجغرافيا. وهي ميزة تتفرد بها اليابان عن المجتمعات الصناعية قاطبة.
وقد وضع " هجت " 1971 ,Haggett نموذجاً رياضياً مبسطاً لتعريف علم الجغرافيا وموقعه بين العلوم، كمحاولة لتجميع وتنسيق المناهج والتعريفات التي أوجدتها المدارس الجغرافية المتعددة، وذلك لإيجاد نوع من التكامل بين وجهات النظر المختلفة، كتصنيف بعض المدارس الجغرافية علم الجغرافيا على أنه من العلوم الاجتماعية، أو علوم الأرض، أو العلوم الهندسية. وقد اعتبر «هجت» كل علم من تلك العلوم مجموعة تتضمن عدداً من العلوم أو العناصر الفرعية. وعلى هذا الأساس أمكن تمييز ثلاث مجموعات هي:
أ- مجموعة علوم الأرض ومن عناصرها الجغرافيا والجيولوجيا والجيومورفولوجيا، والخرائط، والبيئة.
ب- مجموعة العلوم الاجتماعية وعناصرها الجغرافيا، والديموغرافيا، والبيئة، وتحليل الموقع وغيرها.
ج- مجموعة العلوم الهندسية وعناصرها الجغرافيا، والجيومورفولوجيا، والخرائط، والطوبوغرافيا، وتحليل الموقع وغيرها.
وقد رمز للعناصر بالأرقام التالية : الجغرافيا (1)، الجيولوجيا (2)، الديموغرافيا (3)، الطوبوغرافيا (4)، البيئة (5)، الجيومورفولوجيا (6)، الخرائط (7)، تحليل الموقع.(8)
فالمجموعة (أ) تحتوي على عناصر: الجغرافيا (1)، والجيولوجيا (2).. الخ من علوم الأرض. وبالمثل تحتوي المجموعات الأخرى على عدد من العناصر بحيث تكتب رياضياً كما يلي:
أ- (7.6.5.2.1)
ب- (1، 3، 5، 8)
ج - (1، 4، 6، 7، 8)
ثم حول " هجت " تلك المجموعات إلى أشكال فن (شكل1) لإيجاد العلاقة بين كل مجموعتين والعناصر المشتركة فيما بينها، وذلك بتطبيق قانون التقاطع بين المجموعات. حيث وجد أن الجغرافيا تشكل جزءاً من المجموعة (أ) والمجموعة (ب) وهكذا، كما يوضح (الشكل1). وبإجراء عمليات التقاطع جميعها يتضح موقع علم البيئة من الجغرافيا وذلك في تقاطع المجموعتين (أ)، (ب). وموقع الجيومورفولوجيا والخرائط من الجغرافيا بتقاطع المجموعتين (أ)، (ج). وكذلك تحليل الموقع من الجغرافيا بتقاطع المجموعتين (ب)، (ج). وتختصر العمليات السابقة رياضياً كما يلي:
إضافة إلى ما سبق تظهر علاقات أخرى بتقاطع المجموعات الثلاث، وفيها تشكل الجغرافيا المركز الأوسط، أو العنصر المشترك في المجموعات الثلاث:
كذلك أوجد " هجت " في هذا النموذج موقع علم الإقليم وعلاقته بالدراسات الموقعية، والجغرافيا والبيئة والعلوم الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافيا وغيرها. كذلك طور " هجت " (1975 ,Haggett) نموذجاً بسيطاً يبين العلاقة بين الجغرافيا بفروعها المختلفة ومجموعات العلوم المساندة الأساسية الطبيعية أم البحتة أم الاجتماعية تعتمد عليها في تطوير حقول ومجالات البحث الجغرافي المعاصر (شكل2). فمن العلوم الهندسية مثلاً تطورت علوم الطوبوغرافيا والمساحة والخرائط الجغرافية، ومن علم الاقتصاد والاقتصاد الرياضي استطاع الجغرافيون تطوير علم نظرية الموقع في الجغرافيا الاقتصادية. ومن علوم الأرض تطور علم أشكال الأرض (الجيومورفولوجيا)، والتربة, ومن الرياضيات والحاسوب، طور الجغرافيون أساليب التحليل الكمي في الجغرافيا وهكذا.
ولا يوجد في ترابط أو تشابك علم الجغرافيا بتلك العلوم أي سلبية، بل تعد ميزة ينفرد بها علم الجغرافيا عن غيره من العلوم. كما أن هذه العلاقة ليست اعتمادية بقدر ما هي تكاملية، مما أعطى الجغرافيا والجغرافي ميزة الشمولية في التفكير والبحث, وهي ظاهرة قلما يتميز بها أي علم آخر, وتتميز الرياضيات البحتة بأنها العلم الوحيد الذي يتميز بالحد الأدنى من الاعتمادية (إن جاز التعبير) على العلوم الأخرى. إذ يقترن بالتجريد والمنطق بالدرجة الأولى. ونظراً لأن الرياضيات البحتة تشكل الرديف الأساسي لتطوير العلوم التطبيقية سواء أكانت علوماً هندسية أم طبيعية أم اجتماعية – وهي ميزة فريدة لا يتمتع بها أي علم آخر – فإنها تشكل من هذا المنظور قمة العلوم وسلطانها.
ومن جهة أخرى تتجسد العلاقة البيئية الآنفة الذكر في العلوم الأخرى أيضاً سواء في مجالات البحث أو المنهجية أو في العلاقات (أو الاعتمادية) مع العلوم المساندة. فمثلاً نجد موضوعاً مثل نقل الحرارة مجال بحث في الفيزياء والكيمياء، والهندسة المدنية، والهندسة الكهربائية، والهندسة الميكانيكية وغيرها. ولكن يبحثها كل اختصاصي من منظور أو زاوية معينة، ويقال الشيء نفسه بالنسبة للبحث الجغرافي. على الرغم من وجود بعض مجالات البحث فيه مشتركة مع العلوم المساندة، إلا أن المنظور الجغرافي والمنهجي في البحث يختلف عما هو عليه في العلوم المساندة.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|