أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-07-2015
1593
التاريخ: 1-07-2015
1929
التاريخ: 9-7-2019
1901
التاريخ: 5-12-2017
1691
|
الموضوع : القول في حسن ابتداء الخلق ووجهه .
المؤلف : العلامة الشيخ سديد الدين الحمصيّ الرازيّ
.
الكتاب : المنقذ من التقليد والمرشد الى التوحيد
المسمى بالتعليق العراقي، ج1 - ص237- 240.
___________________________________________________
أمّا حسنه فظاهر، وذلك لأنّه لا شكّ في أنّ اللّه تعالى
خلق الخلق ولخلقه ابتداء وهو لا يجوز أن تعرى أفعاله من الحسن والقبح، لأنّه تعالى
عالم لذاته يستحيل عليه السهو والغفلة، وإنّما يتقدر في أفعال الساهي والنائم ذلك.
وقد ثبت أنّه تعالى لا يفعل القبيح، فيجب أن يكون حسنا.
أمّا وجه حسنه: فهو أنّه نعمة على الأحياء وإحسان إليهم.
وذلك لأنّ ما خلقه تعالى لا يخلو من أن يكون حيوانا أو غير حيوان، وغير الحيوان
خلقه لنفع الحيوان، والحيوان ينقسم إلى مكلّف وغير مكلّف. والمكلّف خلقه لنفسه، وغير
المكلّف خلقه أيضا لنفسه ولانتفاع المكلّف به على ما قال تعالى: {خَلَقَ لَكُمْ
مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] والمنافع التي خلق اللّه تعالى الخلق
لها ثلاثة: التفضّل والعوض والثواب. فالمكلّف منفوع بالأنواع الثلاثة.
ولا يعترض على إطلاقنا هذا بالكافر، فانّه مكلّف وليس
منفوعا بالثواب.
وذلك لأنّه في حكم المنفوع به لكونه معرضا له، وإنّما لا
يصل إليه بسوء اختياره. وغير المكلّف منفوع بالتفضّل والعوض، دون الثواب.
فإن قيل: فما النفعة؟
قلنا: المنفعة هي
اللذة والسرور أو ما يؤدّي إليهما أو إلى أحدهما.
فإن قيل: وما النعمة ؟
قيل: إيصال النفع إلى الغير مع القصد إلى الإحسان إليه،
أو دفع الضرر منه، باعتبار القصد الذي ذكرناه. وإنّما شرطنا النفع، لا الضرر. وما
ليس بنفع ولا ضرر لا يعدّ نعمة وإنّما شرطنا أن يكون قصد النافع الإحسان إلى
الغير، لأنّه لو نفعه رياء أو للإضرار، كأن يطعمه خبيصا يظنّ أنّه مسموم، ولا يكون
كذلك، فتناوله الغير وانتفع به، لا يعدّ نعمة، لما لم يكن قصده الإحسان إليه.
وإنما ضممنا إليه دفع الضّرر، لأنّه كما يكون منعما على
الغير بأن ينفعه فكذلك يكون منعما عليه بأن يدفع عنه مضرّة كمن يشرف على السقوط من
موضع عال فينقذه غيره قاصدا دفع ضرر السقوط عنه.
وقد شرط أبو عليّ في النعمة أن يكون حسنة، وأبو هاشم لا
يعتبر فيها الحسن. وفي ذلك نظر.
وإنّما قلنا إنّ هذا هو الوجه في حسن ابتداء الخلق،
لأنّه لا يخلو من أن يكون فيه غرض أولا يكون له فيه غرض. إن لم يكن له فيه غرض كان
عبثا قبيحا فلا يفعله تبارك اللّه وتعالى. وإن كان له فيه غرض لم يخل ذلك الغرض من
أن يكون آئلا إليه أو إلى الخلق وما يرجع إليه محال لأنّه يستحيل عليه المنافع والمضارّ
والراجع إلى الخلق إمّا أن يكون نفعهم أو ضرّهم لا يجوز أن يكون الغرض الإضرار
بهم، لأنّ إضرار من لا يستحقّ الضرر يكون قبيحا لا يعترضه الآلام التي يفعلها
تعالى لاستصلاح المكلّفين بها، لأنّها ليست مضارّ، لما يتعقّبها من المنافع
العظيمة الموفية عليها. فلم يبق من الأقسام إلّا أن يكون قد خلقها لنفعها، وتعيّن
أنّ ما ذكرناه هو الوجه في حسن ابتداء الخلق، وعلى هذا نقول:
إنّ أوّل نعمة أنعم اللّه تعالى بها على الحيّ خلقه
إيّاه حيّا لينفعه.
فإن قيل: من ينفع الغير إحسانا إليه، يكون له غرض راجع
إليه، كمدح وشكر يستحقّهما، أو توقّع ثواب أو جزاء أو مكافاة من جهة ذلك الغير،
لو لا ذلك لما كان يفعله ولا يتحقّق بذلك كونه منعما عليه. إنّما المنعم في
الحقيقة هو الذي يفيض من ذاته الخير على الغير لا لغرض على ما يقوله الفلاسفة.
قلنا: ما يقولونه حدس باطل وبيانه أنّا إذا فرضنا واحدا
سقط من موضع عال، فيقع على عدوّ لإنسان فيقتله من دون قصد منه إلى ذلك لا يعدّ
منعما على ذلك الغير. ولو أرسل واحد حجرا على غيره ليقتله أو يضرّه فدفع إنسان ذلك
الحجر وقصده دفع الضرر عن الغير، لكان منعما عليه بلا شكّ وريب، فما قالوه عكس
الواجب.
ثمّ نقول للسائل: ما تقول فيمن ينفع الغير أو يدفع عنه
ضررا ولا يكون له في ذلك غرض راجع إليه بوجه من الوجوه؟ وإنّما غرضه الإحسان إلى
الغير، ليكون منعما عليه أو لا يكون منعما على هذا التقدير؟ لا يمكن أن يقال لا
يكون منعما فيجب أن يكون منعما. إذا تقرّر أنّ من وصفناه يكون منعما فهكذا نقول
فيما فعله اللّه تعالى بالعبيد.
فإن قيل: أليس الخلائق كما ينتفعون بضروب المنافع فكذلك
يستضرّون بضروب الآفات والمحن، والكافر زائدا على ذلك يستضرّ بعقوبة الآخرة، فكيف
تقولون إنّه خلقهم لنفعهم؟
قلنا: لا يمكن دفع منافع الحيوانات التي ينتفعون بها وشرف
تلك المنافع وعظم قدرها، حتى أنّ أكثر أصحاب البلاء والأمراض والأسقام والفقراء
لما أشعروا بالموت ومفارقة الحياة الدنيا فرقوا من ذلك فرقا عظيما، وأكثرهم يتمنون
ويودّون أن يبقوا على ما هم عليه ولا يموتوا، فكيف ينكر عظم موقع المنافع المعجلة.
وأمّا المحن التي تنزل بهم، فانّها في الحقيقة منح من اللّه تعالى يعوّضهم عنها
أعواضا موفية عليها هذا فيما يكون من جهة اللّه تعالى.
وما يكون من جهة غيره فانّه تبارك وتعالى ينتصف لمظلومهم
من ظالمهم، وأمّا الكافر فانّما يؤتي في عقوبته واستحقاقه لها من قبل نفسه...
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|