قواعد انعقاد الاختصاص القضائي الدولي للمحاكم المصرية في مسائل الحضانة المبنية على وجود صلة بين النزاع وإقليم الدولة |
2634
01:54 صباحاً
التاريخ: 15-2-2022
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-12-2021
3223
التاريخ: 5-4-2016
12355
التاريخ: 25-3-2017
2283
التاريخ: 12/12/2022
1282
|
يعقد المشرع المصري الاختصاص القضائي الدولي للمحاكم المصرية مراعاة لمصلحة الخصوم في الحالات التي تكون السرعة فيها أمرأ حتمية ويخشی بشأنها من فوات الوقت ويطلب من المحكمة في المنازعات المتعلقة بالحضانة اتخاذ مجموعة من الإجراءات الوقتية والتحفظية داخل الإقليم المصرى رغم عدم اختصاصها بنظر الدعوى الأصلية وهو ما سنتعرض له تفصيلا في مطلب أول، كما يعقد الاختصاص القضائي أيضا للمحاكم المصرية في حال اتصال عناصر المنازعة الموضوعية المتعلقة بالحضانة بالإقليم المصري كتعلق النزاع بأموال الحاضن وهو ما سنتناوله تفصيلا في مطلب ثاني وفق التقسيم التالي : المطلب الأول : انعقاد الاختصاص القضائي الدولي للمحاكم المصرية بمسائل الحضانة فيما يتعلق باتخاذ إجراءات وقتية أو تحفظية رغم عدم اختصاصها بالدعوى الأصلية .
المطلب الثاني : انعقاد الاختصاص القضائي الدولي للمحاكم المصرية في مسائل الحضانة المتعلقة بأموال الحاضن الكائنة في مصر .
المطلب الأول
انعقاد الاختصاص القضائي الدولي للمحاكم المصرية بمسائل الحضانة فيما يتعلق باتخاذ إجراءات وقتية أو تحفظية رغم عدم اختصاصها بالدعوى الأصلية
تنص لمادة 34 من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أنه " تختص محاكم الجمهورية بالإجراءات الوقتية والتحفظية التي تنفذ في الجمهورية ولو كانت غير مختصة بالدعوى الأصلية، ومن النص يبين أن المحاكم المصرية تختص بإتخاذ الإجراءات الوقتية اللازمة والأمر بالإجراءات التحفظية الواجب تنفيذها بالإقليم المصرى، وذلك حتى ولو ثبت عدم اختصاصها بالدعوى الأصلية، وذلك أن التراخی في القيام بالإجراءات الوقتية أو التحفظية إلى حين البت في النزاع الأصلي المرفوع أمام محكمة دولة أجنبية قد يكون سببة في أضرار بالغة بمصالح الخصوم وضياع الحقوقهم.
وقد نص المشرع المصرى على اختصاص القضاء المصري بالإجراءات المستعجلة والتحفظية في قانون المرافعات وليس قانون الأحوال الشخصية، وتعزف الإجراءات المستعجلة بأنها " الطلبات التي يخشى عليها من فوات الوقت والتي يطلب فيها الخصوم الحكم بإجراء وقتي لا يمس أصل الحق"، وجدير بنا الإيماء إلى أن اختصاص المحاكم المصرية بالإجراءات الوقتية والتحفظية لا يقتصر فقط على مواد الأحوال الشخصية، بل يشمل أيضا مسائل الأموال العينية (1) .
ومن أشهر أمثلتها التي يسوقها الفقه النفقة الوقتية، وعلى ذلك إذا تقدمت أجنبية مقيمة في مصر بطلب للقاضى المصرى تطالبه بفرض نفقة وقتية على ابن أخيها المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن المحاكم المصرية لن تختص بنظر النزاع تأسيسا على معايير المدعى عليه لانعدام ارتباطه بإقليم الدولة، ولن ينعقد الاختصاص تأسيسا علی معیار کون المدعي مقيمة في الدولة في دعاوى النفقات لكون العمة ليست ضمن الفئات المذكورة في نص القاعدة التي تؤسس للاختصاص في دعاوى النفقات، ولن ينعقد الاختصاص تأسيسا على الحكم العام في مسائل الأحوال الشخصية لأن للمدعي موطن معروف في الخارج، ولكن الاختصاص القضائي لمحاكم الدولة يمكن أن يؤسس على هذا المعيار (معیار اتخاذ إجراءات وقتية ومستعجلة).
أما الإجراءات التحفظية فهي تلك الإجراءات التي تتخذها المحكمة بهدف الحفاظ على وضع معين قائم دون تغيير، ومن أمثلتها وضع الحراسة على التركة لحين الفصل فالنزاعات المتعلقة بالميراث (2) ، وتجدر الإشارة إلى أن دعوى الزوجة التي تطالب فيها بنفقة وقتية تدخل ضمن اختصاص المحاكم المصرية بالإجراءات الوقتية والتحفظية باعتبارها تدخل من مسائل الأمن المدني، مثال ذلك دعوى تطليق مرفوعة أمام محكمة أجنبية من إحدى الزوجات الأجنبيات العاملات في مصر لدى إحدى شركات الاستثمار الأجنبية لفترة معينة لا يمكن فيها تجاهل هذه الزوجة، فينعقد للمحاكم المصرية بتقرير نفقة وقتية لها لحين الفصل في دعوى التطليق.
ويشترط لتقرير الاختصاص للمحاكم المصرية بالإجراءات الوقتية والتحفظية ما يلي:
1- أن يتعلق الأمر بدعوى مستعجلة يكون المطلوب فيها اتخاذ إجراء وقتي أو تحفظى، ويتم الرجوع لقانون القاضي لتحديد المقصود بعنصر الاستعجال.
2- أن يكون مضمون الدعوى المستعجلة طلب اتخاذ إجراءات وقتية أو تحفظية تنفذ في مصر.
وبخصوص السبب الرئيس الذي دفع المشرع المصرى للأخذ بهذا المعيار من معايير ثبوت الاختصاص القضائي لمحاكم الدولة فهو ترجع في الغالب إلى حالة الاستعجال التي تكون مرتبطة بهذه الإجراءات، الأمر الذي يعني أن تأخير اتخاذها سيسبب ضررة للأطراف، ويؤثر سلبا على سير الدعوى كما هو الحال في النفقة الوقتية؛ حيث تحتاج المرأة إلى مصدر دخل وعدم توفره سيؤثر على وضعها المادي ويؤثر بالتبعية على المجتمع المصري كله .
ولكن خليق بنا أن ترمز إلى أن الفرق بين هذه الحالة من حالات انعقاد الاختصاص القضائي لمحاكم الدولة بالإجراءات الوقتية والتحفظية في مسائل الحضانة بوصفها من مسائل الأحوال الشخصية وبين حالة انعقاد الاختصاص القضائي في المسائل الأولية والطلبات العارضة والمرتبطة أنه في هذه الحالة لا يشترط أن يكون القضاء المصري مختصة بنظر النزاع الأصلي، أما الحالة الثانية فإنه لابد أن يكون القضاء المصري مختصة في الأصل بنظر النزاع، ولعل السبب في التمييز بين الحالتين فيما يتعلق بهذا الشرط أن المسائل الأولية والمسائل العارضة والطلبات المرتبطة هي أمور متصلة بموضوع الدعوى، فهي تذوب وتصبح جزءا منها حكمية، أما الإجراءات المستعجلة والتحفظية فهى إجراءات لا تمس أصل الدعوى ومضمونها الأصلي، وإنما تهدف إلى حسن سير الدعوى دون أن تؤثر في الطلب الأصلي.
وأخيرة لزاما علينا التأكيد أنه لو انعقد الاختصاص القضائي لمحاكم الدولة أصلا بنظر الدعوى الأصلية فإن نظرها للإجراءات التحفظية والمستعجلة المتعلقة بهذه الدعوى لن يكون مثار جدل، وبالتالي إذا كانت المحكمة الأجنبية مختصة في الأصل بنظر الدعوى الأصلية المتعلقة بالحضانة ولكن تطلبت إجراءات الدعوى ولزوم السير فيها اتخاذ مجموعة من الإجراءات الوقتية والتحفظية على الإقليم المصرى فإن المحاكم المصرية ضمانا لحسن سير العدالة فإنها تختص باتخاذ هذه الإجراءات والبت فيها .
ولكن يثور التساؤل عن مدى الحاجة إلى المرونة واليسر عند تقرير اختصاص المحاكم المصرية بنظر الطلبات العارضة والمسائل الأولية والإجراءات التحفظية والمستعجلة في منازعات الحضانة، أي هل يمكن أن يتصور أن يكون من حق الدولة تجاهل اختصاصها في نظر هذه المسائل لوجود رابطة وثيقة مع دولة أخرى ثبرر عقد الاختصاص لمحاكم تلك الدولة بهذه المنازعات ذات الطبيعة الحساسة ؟
ترى من جانبنا أنه لا يتصور أن تحكم المحكمة بعدم الاختصاص في نظر مثل هذه المسائل في منازعات الحضانة حتى لو كانت الدعوى مرتبطة ارتباطا وثيقة بدولة أخرى، فبالنسبة للطلبات العارضة والمرتبطة فإن اختصاص الدولة انعقد لأنها في الأصل مختصة بنظر الدعوى ، وهذا الاختصاص الأصيل لمحاكم الدولة لم يكن الينعقد للدعوى الأصلية مالم يكن هناك ارتباط وثيق بالدولة يبرره نص عليه القانون، وعليه فلا يتصور أن ينعقد الاختصاص في نظر الدعوى الأصلية ولا ينعقد في الدعاوى المرتبطة بها.
أما بالنسبة للإجراءات التحفظية والمستعجلة فإنها إجراءات تتخذ في حدود الإقليم المصرى، وعليه فالقضاء المصري هو الأحق والأجدر على البت فيها، خاصة أنها عادة ما تكون محاط بظروف وملابسا تستلزم الاستعجال، وقد يكون لها تأثير أمني على المجتمع يبرر نظر القضاء المصرى لها كالخوف على مستقبل الطفل المحضون وضياعه في منازعات الحضانة، إضافة إلى الضرر المعنوي والنفسي .
المطلب الثاني
انعقاد الاختصاص القضائي الدولي للمحاكم المصرية في مسائل الحضانة المتعلقة بأموال الحاضن الكائنة في مصر
بموجب هذه القاعدة من قواعد الاختصاص القضائي الدولي للمحاكم المصرية ، فإن الاختصاص القضائي الدولي لمحاكم الدولة ينعقد في مسائل الحضانة إذا كان محلها مال موجود في الدولة، ولقد ورد النص على هذه القاعدة في قانون المرافعات المدنية والتجارية في المادة 30 منه والتي نصت على أنه " تختص محاكم الجمهورية بنظر الدعاوى التي ترفع على الأجنبي الذي ليس له موطن أو محل إقامة في الجمهورية إذا كانت الدعوى متعلقة بمال موجود في الجمهورية ......... .
وعلى ذلك لو أن القاضي المصري بصدد دعوى متعلقة بحضانة تنصب على أموال خاصة بالطفل المحضون موجودة على الإقليم المصرى فإن الاختصاص القضائي ينعقد لمحاكم الدولة وإن لم يكن المدعى عليه مصريا أو أجنبية له موطن أو محل عمل أو محل إقامة في مصر، وإن لم يكن المدعى كذلك مصرية أو أجنبية له موطن أو محل إقامة في مصر، وإن لم يعرف له موطن أو محل إقامة معروف في الخارج، وإن لم يكن القانون المصرى هو القانون واجب التطبيق. وبنظرة دقيقة ومتمعنة إلى الأسباب التي دفعت المشرع المصرى الأم على هذه القاعدة من قواعد ثبوت الاختصاص القضائي الدولي لمحاكم الدولة بمسائل الأحوال الشخصية بصفة عامة ومسائل الحضانة بصفة خاصة والمتعلقة بأموال كائنة على الإقليم المصري يتبدى لنا أن :
أولا : أن الهدف الرئيس هو ضمان فاعلية الإجراءات المتخذة وكذلك فاعلية التنفيذ، ولتحقيق ذلك كان على المشرع اعتناق هذا الضابط، حيث إن دولة وجود المال هي الدولة الأقدر على اتخاذ الإجراءات وعلى التنفيذ على هذا المال .
ثانيا : لا يغيب عنا أن الأموال بصفة عامة و العقارية منها بصفة خاصة تعد جزء من إقليم الدولة، ومن ثم يتولد لدى الدولة الحق في الحرص على عدم المساس
بأي جزء من إقليمها وعليها واجب الالتزام بالدفاع عنه قانونا عن طريق اخضاع المال الموجود على أراضيها للاختصاص القضائي لدولة مكان وجوده (3).
ثالثا : أنه بخصوص المنقول لابد من احاطته بسياج من المرونة عند تحديد الاختصاص القضائي بمنازعاته ، ومن ثم إذا تحققت المحكمة من أن النزاع يرتبط ارتباطا وثيقا بدولة أخرى فلا حرج من إسناد الاختصاص المحاكم هذه الدولة كأن تكون الدعوى متعلقة بأموال عائلة في أحد بنوك دولة أجنبية، وكان الحاضن والطفل المحضون مقيمين في هذه الدولة، فإنه من الأفضل اخضاع النزاع للاختصاص القضائي لمحاكم تلك الدولة تطبيقة لفكرة " الرابطة الوثيقة بين النزاع ودولة الاختصاص القضائي"، مع ملاحظة أن ذلك لن يؤدي إلى المساس بإجراءات التنفيذ في الدولة، ذلك أن التنفيذ في الدولة محاط بضمانة فاعلة وهي ضمائة عدم مخالفة الحكم الصادر للنظام العام في مصر وفقا لنص المادة 4/298 من قانون المرافعات والتي نصت على أنه "لا يجوز الأمر بالتنفيذ إلا بعد التحقق مما يأتي ...... 4- أن الحكم أو الأمر لا يتضمن ما يخالف النظام العام أو الآداب فيها "، بحيث لن يطبق أي حكم متعلق بهذا المال متى كان متعارضة من النظام العام والمصالح العليا للدولة المصرية .
رابعا : أنه فيما يتعلق بالدعاوى المتعلقة بعقار واقع في مصر، فإن القضاء المصري يبقى مختصة بنظر النزاع حتى لو كان هناك ارتباط بدولة أخرى، ذلك أن العقار ولارتباطه بمفاهيم الإقليمية من حيث الاستقرار والثبات، واستنادا لمتطلبات استقرار المعاملات الخاصة به، فإنه لا يتصور أن تتنازل الدولة عن تنظيم المسائل والأحكام المتعلقة به لدولة أخرى، حتى لو وجد هناك ارتباط بين النزاع وتلك الدولة.
____________
1- د. حمد قسمت الجداوي: مبادئ القانون الدولي الخاص، 1988 م، المطبعة التجارية، القاهرة ، ص 120.
2-ومن أمثلة الإجراءات الوقتية دعوى النفقة التي ترفعها في مصر الزوجة أو الأم أو الأقارب، أو المصاب في دعوى التعويض الناشئة عن الفعل الضار، والإثن للزوجة بالإقامة في منزل يتفق عليه الطرفان أو يعينه القاضي، ومن أمثلة الإجراءات التحفظية إثبات حالة عين التهمتها ألسنة النار على إثر حريق شب فيها للوقوف على سييه، وكذلك طلب تعيين حارس قضائي في حالة ما إذا كان هناك مثلا نزاع حول ملكية عين وثمة خشية من استمرارها في حوزة حائزها فيطلب تعيين حارس قضائي مهمته حفظ العين واستغلالها إلى أن يفصل في النزاع حول ملكيتها.
3- مع ملاحظة أن المشرع المصرى لم يفرق بين كون المال منقوة أو عقارا، ففي جميع الحالات تبقى محاكم الدولة مختصة، وإن تغير موقع المنقول بعد السير في الدعوى حفاظا على المراكز القانونية والدور الفعال للقضاء .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|