أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-5-2017
7048
التاريخ: 2023-03-13
857
التاريخ: 2-2-2016
8752
التاريخ: 27-7-2022
1788
|
آن للأدلة المادية والمعنوية قيمة وأهمية ، وتقدير مراتب الأدلة وحجيتهما في الاثبات الجزائي حسب قوتها التدليلية ، وصدقها واقترابها من الحقيقة والواقع وعدم قابليتها للخداع والتضليل أو الخطأ والنسيان ، وقوة تأثيرها على القناعة الوجدانية للقاضي الجزائي ولا سيما بعد التطور العلمي في تكنولوجيا المعلومات الذي غذي كل جانب وظهور اجهزة علمية بالغة الدقة والحساسية ، والقادرة على رصد تحركات الجاني ، والتي تساهم في اظهار الحقيقة (1)
حيث اختلف فقهاء القانون حول قيمة الأدلة في الاثبات :
ذهب بعضهم إلى أن الأدلة المادية هي الأساس في الاثبات ، اما الادلة المعنوية فلا يمكن الاعتماد عليها كثيرا لان اقوال المتهم تحتمل الصدق او الكذب ، كذلك فان الشاهد يرى احيانا نتيجة لعوامل شخصية معينة لا كما تراها العين بل كما تشتهيه النفس (2) .
وكما ذهب بعض الفقهاء الى اتبار الدليل المستمد من الاعتراف صفة السيادة على باقي الادلة الأخرى ، ذلك لا نها ليست من المنطق أن يدين الانسان نفسه ، لم يقف الأمر عند هذا الحد فقد ظهرت اتجاهات بعضها يؤيد رجحان حجية الادلة المادية على الأدلة المعنوية وبعضها الآخر يعارض ذلك :
الاتجاه الأول : والذي يؤيد رجحان حجية الأدلة المادية على الأدلة المعنوية ، فان أصحاب هذا الاتجاه يستندون في قولهم ، بان اقوال المتهم تحتم الصدق او الكذب ، أما بالنسبة للأدلة المادية فأنها لا تحتمل الكذب فوجود تسجيلات صوتية او صور مرئية للمتهم بمحل ارتكاب الجريمة امر لا يمكن أن يكون محل الشك فان الأدلة المادية تنفرد بالمميزات الاتية :
1.الثبات والاستقرار، فالدليل المادي يعتمد في جوهره على النظريات والاسس العلمية المستقرة والتي أجمعت عليها الدوائر العلمية المتخصصة ، هذا هو الاستقرار والثبات الذي لا يتمتع به الدليل المعنوي(3) .
2.العمق والدقة اللذان يخرجان عن نطاق الادراكات البشرية ، فهناك تفاوت وتباين كبير بين الادراك البشري بالحواس والادراك العلمي عن طريق الخبرة والأجهزة الفنية وبالتالي فان الادراك العلمي حاسم في تقريره القطعي في دلالته الساطعة في حجيته (4) .
3- الوحدة المرحلية في استخلاص الدليل الذي يتجسد في كون الدليل المادي وحده متكاملة مترابطة في كليتها المتجانسة في جزئيتها بمعنى انها لا تحمل التضارب الذي تحمله الأدلة المعنوية . فالأدلة المادية تؤدي إلى نتيجة واحده مهما تعددت مصادر هذا الدليل ، ومهما خضع لفحوصات متعددة ، والسبب في ذلك هو وحدة المصدر ، ووحدة الأساس الذي يبني عليه وجود الدليل المادي ، فهو يعطي دلالة واحده لا تقبل الجدل والشك ، اما باتجاه الادانة او باتجاه البراءة بلا تعارض او تناقض ، ذلك الأمر الذي يغلب على الأدلة المعنوية (5) .
4.الحياد والنزاهة والثقة ، فالدليل المعنوي لا يتصف بالحياد وذلك من منطلق العلاقات الظاهرة والمستقرة التي قد تربط الشاهد بأحد اطراف الخصومة الا ان الخبير يقف موقف الحياد من الدليل المادي ، " فالخبير الجنائي موظف عمومي لا يتم تعيينه في هذه الوظيفة الخطيرة الا وفق شروط بالغة الدقة ، يتحقق من خلالها نزاهة وامانة هذا إلى جانب الخبرة العلمية (6)
5. خروج الدليل المادي عن نطاق استئثار وتحكم الجاني ، وان ادراك الجاني بعض هذه الادلة فاغلبها في طي الخفاء عنه ، وبالتالي تكون بمنا عن محاولة الطمس والازالة فتبقى على حالتها لتتلقفها يد الخبير بالكشف والفحص ليستخلص منها الدليل الفني بالوسائل والاساليب العلمية الحديثة (7) .
ثانيا : الاتجاه الذي يعارض رجحان الدليل المادي على الدليل المعنوي
يذهب أصحاب هذا الاتجاه إلى أن الدليل المادي قد لا يصدق أحيانا وبالتالي فلا يمكن الاعتماد عليه بصورة مطلقة ، فقد يستخدم الجاني اساليب الغش والخداع والتضليل .
لقد طال الجدال الفقهي حول تقدير مراتب الادلة الجزائية وحجيتها في الاثبات حسب قوتها الدليلية فمن الفقه من أضفى صفة السيادة على الدليل مستمد من الاعتراف فاعتبره سيد الادلة ، ومنهم من اعتبر الأدلة المادية لها الغلبة والترجيح في مواجهة الأدلة المعنوية ، ومن الناحية النظرية والقانونية فلا توجد معايير ثابتة
وواضحة يتثنى بمقتضاها وضع قاعدة معينة لترتيب الادلة الجزائية حسب مراتبها في الاثبات وقوتها الدليلية بحيث يعطي لبعضها قبل اصدار الأحكام القضائية صفة الأفضلية على الاخر (8)
ان قيمة كل دليل وحجيته في الاثبات تكون في الحقيقة فمدى استخلاص وجه قطعيا في دلالتها في اثبات او نفي الواقعة التي يتناولها تحت اي مسمى يكون هذا الدليل طالما انه يتمثل عنصرا شرعيا من عناصر كشف الحقيقة وذلك لما ينعقد به اليقين القضائي المبني على مقتضى العقل والمنطق السليم ، كما أن وضع مراتب الأدلة في نطاق الاثبات الجزائي من شانه الاخلال بقواعد الإثبات ، واهمها حرية القاضي في تكوين عقيدته حيث أن تحديد مراتب الأدلة فيه الزام للقاضي الأخذ بالدليل بعينه حسب مرتبته الامر الذي يتناقض مع مبدا حريته في تكوين قناعته (9) .
بالمشرع لم يقيد القاضي بأدلة معينة ذات قوة تدليليه معينة بل ترك له حرية في الأخذ بالدليل والأخذ به او اهداره اذا شعر بعدم مشروعيته ، او انه لا يكشف عن الحقيقة فقد يعترف المتهم بارتكاب جريمته والرغم ذلك يدخل القاضي الشك في سلامة هذا الاعتراف عندئذ له اهداره وعدم التعويل عليه في الحكم رغم أن الاعتراف سيد الأدلة ورغم كل ذلك فان هذه الحرية لا تعني أن يترك القاضي وشانه يتحكم كيفما شاء يأخذ بالأدلة بل يتعين أن يكون العقل والمنطق رائده ومبتعدا عن التحكم المجرد ، فالحرية تتمثل في عدم الزام القاضي بأخذ الدليل بعينه بل يترك له حرية الخيار في موازنة الادلة واعطائه القوة الدليلية اللازمة ، فمثلا له ترك تقرير الخبير والتعويل على اقوال الشهود كما وله الأخذ بشهادة شاهد وترك شهادة اخر وله تجزئة اقوال الشاهد او الاعتراف حسبما يراه متفقا مع باقي ادلة الثبوت خاصه وذلك تحت رقابة القضاء (10)
_____________
1- الدراوشة ، حنان (2015) ، مدى مشروعة الأدلة المستمدة من الوسائل العلمية الحديثة في الإثبات الجزائي دراسة مقارنة ، صفحة (28)
2- الهيتي ، محمد (2010)، التحقيق الجنائي و الأدلة الجرمية ، صفحة (36 )
3- الدراوشة ، حنان (2015) ، مدى مشروعة الأدلة المستمدة من الوسائل العلمية الحديثة في الإثبات الجزائي دراسة مقارنة ، صفحة (29)
4- عزمي ، ابو بكر عبد اللطيف ،(1995)، الجرائم الجنسية و اثباتها مع مبادئ أصول علم الأدلة الجنائية في مجال إثباتها ، صفحة (502، 501)
5- عزمي ، ابو بكر عبد اللطيف ،(1995) ، المرجع السابق ، صفحة (499)
6- الدراوشة ، حنان (2015)، المرجع السابق ، صفحة (29)
7- الدراوشة ، حنان (2015) ، المرجع السابق ، صفحة (30)
8- الهيتي ، محمد (2010)، التحقيق الجنائي و الأدلة الجرمية ، الصفحة (42 )
10- الجوخدار ، حسن ،(1997)، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية ، الصفحة (365)
11-الدراوشة ، حنان (2015)، المرجع السابق . ، صفحة (31)
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|