أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-06-2015
1886
التاريخ: 21-06-2015
2085
التاريخ: 25-12-2015
3724
التاريخ: 25-12-2015
5819
|
ابن حنظلة بن النعمان بن حبة بن سعنة بن الحارث بن ربيعة، ويتصل نسبه بيعرب بن قحطان، أبو زبيد الطائي. شاعر معمر عاش خمسين ومائة سنة وعداده في المخضرمين أدرك الإسلام ولم يسلم ومات نصرانيا
وكان أبو زبيد طوالا من الرجال ينتهي إلى ثلاثة
عشر شبرا وكان حسن الصورة فكان إذا دخل مكة دخلها متنكرا لجماله. وكان أبو زبيد
يزور الملوك وملوك العجم خاصة وكان عالما بسيرهم ووفد على الحارث بن أبي شمر
الغساني والنعمان بن المنذر. حدث عمارة بن قابوس قال لقيت أبا زبيد الطائي فقلت له
يا أبا زبيد هل أتيت النعمان بن المنذر قال إي والله لقد أتيته وجالسته. قلت فصفه
لي فقال كان أحمر أزرق أبرش قصيرا. فقلت له أيسرك أنه سمع مقالتك هذه وأن لك حمر
النعم قال لا والله ولا سودها فقد رأيت ملوك حمير في ملكها ورأيت ملوك غسان في
ملكها فما رأيت أشد عزا منه كان ظهر الكوفة ينبت الشقائق فحمى ذلك المكان فنسب
إليه فقيل شقائق النعمان. فجلس ذات يوم هناك وجلسنا بين يديه كأن على رؤوسنا الطير
فقام رجل من الناس فقال له أبيت اللعن أعطني فإني محتاج فتأمله طويلا ثم أمر به
فأدني حتى قعد بين يديه ثم دعا بكنانة فاستخرج منها مشاقص فجعل يجأ بها وجهه حتى
سمعنا قرع العظام وخضب بالدم ثم أمر به فنحي. ومكثنا مليا فنهض رجل آخر فقال له
أبيت اللعن أعطني فتأمله ساعة ثم قال أعطوه ألف درهم فأخذها وانصرف. ثم التفت
النعمان عن يمينه ويساره وخلفه فقال ما قولكم في رجل أزرق أحمر يذبح على هذه
الأكمة أترون دمه سائلا حتى يجري في هذا الوادي فقلنا له أنت أبيت اللعن أعلى
برأيك فدعا برجل على هذه الصفة فأمر به فذبح ثم قال ألا تسألوني عما صنعت فقلنا
ومن يسألك عن أمرك وما تصنع فقال أما الأول فإني خرجت مع أبي نتصيد فمررنا به وهو
بفناء بابه وبين يديه عس من لبن فتناولته لأشرب منه فثار إلي فهراق الإناء فملأ
وجهي وصدري فأعطيت الله عهدا لئن أمكنني منه لأخضبن لحيته وصدره من دم وجهه
وأما الآخر فكانت له عندي يد فكافأته بها. وأما
الذي ذبحته فإن عينا لي بالشام كتب إلي أن جبلة بن الأيهم بعث إليك برجل صفته كذا
وكذا ليقتلك فطلبته فلم أقدر عليه حتى كان اليوم فرأيته بين القوم فأخذته. وكان
عثمان بن عفان رضي الله عنه يقرب أبا زبيد ويدني مجلسه لمعرفته بسير من أدركهم من
ملوك العرب والعجم فدخل عليه يوما وعنده المهاجرون والأنصار فتذاكروا مآثر العرب
وأخبارها وأشعارها فالتفت إليه عثمان وقال له يا أخا تبع المسيح أسمعنا بعض قولك
فقد أنبئت أنك تجيد الشعر فأنشده قصيدته التي أولها: [البسيط]
(من مبلغ قومنا النائين إذ شحطوا ... أن الفؤاد
إليهم شيّق ولِعُ)
ووصف
فيها الأسد فقال له عثمان تالله تفتأ تذكر الأسد ما حييت والله إني لأحسبك جبانا
هدانا. قال كلا يا أمير المؤمنين ولكني رأيت منه منظرا وشهدت مشهدا لا يبرح ذكره
يتجدد في قلبي ومعذور أنا بذلك يا أمير المؤمنين غير ملوم. فقال له عثمان وأين كان
ذلك وأنى فقال خرجت في صيابة من أشراف العرب وفتيانهم ذوي هيبة وشارة حسنة ترمي
بنا المهارى بأكسائها والقيروانات على قنو البغال تسوقها العبدان ونحن نريد الحارث
بن أبي شمر الغساني ملك الشام فاخروّط بنا السير في حمارة القيظ حتى إذا عصبت
الأفواه وذبلت الشفاه وشالت المياه وذكت الجوناء والمعزاء وذاب الصيهب وصر الجندب،
وضاف العصفور الضب في وجره وجاوره في جحره. قال قائل أيها الركب تغوروا بنا في ضوج
هذا الوادي وإذا واد قد بدا لنا كثير الدغل دائم الغلل صحراؤه مغنة وأطياره مرنة فحططنا
رحالنا بأصول دوحات كنهبلات وأصبنا من فضلات المزاود وأتبعناها الماء البارد. فلما
انتصف حر يومنا ذلك وبينما نحن كذلك إذ صر أقصى الخيل أذنيه وفحص الأرض بيديه
فوالله ما لبث أن جال ثم حمحم فبال ثم فعل فعله الذي يليه واحدا فواحدا فتضعضعت
الخيل وتكعكعت الإبل وتقهقرت البغال فمن نافر بشكاله وشارد بعقاله فعلمنا أنه
السبع ففزع كل منا إلى سيفه فسله من قرابه ثم وقفنا رزدقا فأقبل أبو الحارث من
أجمته يتظالع في مشيته كأنه مجنون أو في وجار مسجون لطرفه وميض ولصدره شحيط
ولبلعومه غطيط ولأرساغه قضيض كأنما يخبط هشيما أو يطأ رميما له هامة كالمجن وخد
كالمسن وعينان سجراوان كأنهما سراجان يتقدان وقصرة ربلة ولهزمة رهلة وكتد معبط وزند مفرط وساعد مجدول وعضد مفتول وكف
شثنة البراثن إلى مخالب كالمحاجن فضرب بيديه فأرهج وكشر فأفرج عن أنياب كالمعاول
مصقولة غير مفلولة وفم أشدق كالغار الأخرق ثم تمطى بيديه وحفز بوركيه حتى صار ظله
مثليه ثم أقعى فاقشعر ثم أقبل فاكفهر ثم تجهم فازبأر فلا وذو بيته في السماء ما
اتقيناه إلا بأخ لنا من فزارة كان ضخم الجزارة فوقصه ثم نفضه نفضة فقضقض متنيه
وجعل يلغ في دمه فذمرت أصحابي فبعد لأي ما استقدموا فجهجهنا به فكر مقشعرا بزبرته
كأن به نهما حوليا فاختلج رجلا أعجر ذا حوايا فنفضه نفضة تزايلت بها مفاصله ثم
همهم ففرفر وزفر فبربر ثم زأر فجرجر ثم لحظ فأشزر فوالله لخلت البرق يتطاير من تحت
جفونه من شماله ومن يمينه فأرعشت الأيدي واصطكت الأرجل وأطت الأضلاع وارتجت الأسماع
وشخصت العيون وساءت الظنون فظنت المنون. فقال له عثمان اسكت قطع الله لسانك فقد
أرعبت قلوب المسلمين وقال يصف الأسد: [الوافر]
(فباتوا
يدلجون وبات يسري ... بصير بالدجى هاد هموس)
(إلى أن عرسوا وأغب عنهم ... قريبا ما يحس له حسيس)
(خلا أن العتاق من المطايا ... حَسِين به فهن
إليه شوس)
(فلما أن رآهم قد تدانوا ... أتاهم بين رحلهم يريس)
(فثار الزاجرون فزاد قربا ... إليهم ثم واجهه ضبيس)
(بنصل السيف ليس له مجن ... فصد ولم يصادفه جسيس)
(فيضرب بالشمال إلى حشاه ... وقد نادى وأخلفه الأنيس)
(يشتر كالمحملق في عيون ... تقيه قضة الأرض الربيس)
(فخر السيف واختلجت يداه ... وكان بنفسه وقيت نفوس)
(وطار القوم شتى والمطايا ... وغودر في مكرهم الرسيس)
(وجال كأنه فرس صنيع ... يجر جلاله ذيل شموس)
(كأن بنحره وبساعديه ... عبيرا بات تعبؤه عروس)
(فذلك إن تلاقوه تفادوا ... ويحدث عنكم أمر شكيس)
وقال
ابن الأعرابي كان لأبي زبيد كلب يقال له الأكدر وكان له سلاح يلبسه إياه فكان لا
يقوم له الأسد فخرج ليلة ولم يلبسه سلاحه فلقيه الأسد فقتله فقال أبو زبيد: [البسيط]
(أجال أكدر مشيا لا كعادته ... حتى إذا كان بين
البئر والعطن)
(لاقى لدى ثلل الأطواء داهية ... سرت وأكدر تحت
الليل في قرن)
(حفت به شيمة ورهاء تطرده ... حتى تناهى إلى
الجولان في سنن)
(إلى مقابل فتل الساعدين له ... فوق السراة
كذفرى الفالج القمن)
(ريبال غاب فلا قحم ولا ضرع ... كالفيل يختطم
الفجلين في شطن)
وهي قصيدة طويلة، فلامه قومه على كثرة وصفه
للأسد وقالوا قد خفنا أن تسبنا العرب بوصفك له
فقال لو رأيتم منه ما رأيت أو لقيتم منه ما لقي
أكدر لما لمتموني ثم أمسك عن وصفه فلم يصفه حتى مات
وقال ابن الأعرابي كان أبو زبيد يقيم أكثر أيامه
في أخواله بني تغلب وكان له غلام يرعى إبله فغزت بهراء وهم من قضاعة بني تغلب
فمروا بغلامه فدفع إليهم إبل أبي زبيد وانطلق معهم يدلهم على عورة القوم ويقاتل
معهم فهزمت تغلب بهراء وقتل الغلام. فقال أبو زبيد في ذلك: [المنسرح]
(هل كنت في منظر ومستمع ... في نصر بهراء غير ذي
فرس)
(تسعى إلى فتية الأراقم واستعجلت ... قبل الجمان
والقبس)
(في عارض من جبال بهرائها الألى ... مرين الحرون
عن درس)
(فبهرة إذ لقوا حسبتهم ... أحلى وأشهى من بارد الدبس)
(لا ترة عندهم فتطلبها ... ولا هم نهزة لمختلس)
(جود كرام إذا هم ندبوا ... غير لئام ضجر ولا خسس)
(صمت عظام الحلوم إن سكتوا ... من غير عي بهم
ولا خرس)
(تقود أفراسهم نساؤهم ... يزجون أجمالهم مع الغلس)
(صادفت لما خرجت منطلقا ... جهم المحيا كباسل شرس)
(تخال في كفه مثقفة ... تلمع فيها كشعلة القبس)
(بكف حران ثائر بدم ... طلاب وتر في الموت منغمس)
(إما تقاذف بك الرماح فلا ... أبكيك إلا للدلو والمرس)
(حمدت أمري ولمت أمرك إذ ... أمسك جلز السنان بالنفس)
(وقد تصليت حر نارهم ... كما تصلى المقرور من قرس)
(تذب عنه كف بها رمق ... طيرا عكوفا كزور العرس)
(عما قليل علون جثته ... فهن من والغ ومنتهس)
فلما بلغ شعره بني تغلب بعثوا إليه بدية غلامه
وما نهب من إبله. فقال في ذلك: [الوافر]
(ألا
أبلغ بني عمرو رسولا ... فإني في مودتكم نفيس)
(فما أنا بالضعيف فتظلموني ... ولا حقي اللفاء
ولا خسيس)
(أفي حق مواساتي أخاكم ... بمالي ثم يظلمني السريس)
وحدث
ابن الأعرابي قال كان أبو زبيد الطائي نديما للوليد بن عقبة والي الكوفة من قبل
عثمان فلما شهدوا عليه بشرب الخمر وعزل عن عمله وخرج من الكوفة قال أبو زبيد: [الخفيف]
(من يرى العير لابن أروى على ظهر ... المرورى
حداتهن عجال)
(مصعدات والبيت بيت أبو وهب ... خلاء تحن فيه الشمال)
(يعرف الجاهل المضلل أن الدهر ... فيه النكراء والزلزال)
(ليت شعري كذاكم العهد أم كانوا ... أناسا ممن
يزول فزالوا)
(بعد ما تعلمين يا أم زيد ... كان فيهم عز لنا وجمال)
(ووجوه بودنا مشرقات ... ونوال إذا أريد النوال)
(أصبح البيت قد تبدل بالحيي ... وجوها كأنها الأقتال)
(كل شيء يحتال فيه الرجال ... غير أن ليس
للمنايا احتيال)
(ولعمر الإله لو كان للسيف ... مصال أو للسان مقال)
(ما تناسيتك الصفاء ولا الودد ... ولا حال دونك الأشغال)
(ولحرمت لحمك المتعصى ... ضلة ضل حلمهم ما اقتالوا)
(قولهم
شربك الحرام وقد كان ... شرابا سوى الحرام حلال)
(وأبى الظاهر العداوة إلا ... شنآنا وقول ما لا يقال)
(من رجال تقارضوا منكرات ... لينالوا الذي
أرادوا فنالوا)
(غيرما طالبين ذحلا ولكن ... مال دهر على أناس فمالوا)
(من يخنك الصفاء أو يتبدل ... أو يزل مثل ما
تزول الظلال)
(فاعلمن أنني أخوك أخو الودد ... حياتي حتى تزول
الجبال)
(ليس بخل عليك عندي بمال ... أبدا ما أقل نعلا قبال)
(ولك النصر باللسان وبالكف ... إذا كان لليدين مصال)
ولأبي زبيد في مدح الوليد بن عقبة شعر كثير
تركناه خوف الإطالة ومن جيد شعره: [الخفيف]
(إن نيل الحياة غير سعود ... وضلال تأميل نيل الخلود)
(علل المرء بالأماني ويضحي ... غرضا للمنون نصبا
لعود)
(كل يوم ترميه منها برشق ... فمصيب أوصال غير بعيد)
(كل ميت قد اغتفرت فلا واجع ... من والد ومن مولود)
(غير أن الجلاح هد جناحي ... يوم فارقته بأعلى الصعيد)
وكان
أبو زبيد يحمل في كل أحد إلى البيع مع النصارى فبينما هو يوم أحد يشرب والنصارى
حوله رفع بصره إلى السماء فنظر نظرا طويلا ثم رمى الكأس من يده فقال: [الطويل]
(إذا
جعل المرء الذي كان حازما ... يحل به حل الحوار ويحمل)
(فليس له في العيش خير يريده ... وتكفينه ميتا
أعف وأجمل)
(أتاني رسول الموت يا مرحبا به ... وإني لآتيه
أما سوف أفعل)
ثم
مات فجأة ودفن هناك.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|