روسيا: انظر للشكل التالي رقم (٩) وأمعن النظر الآن إلى هذه السحاية التي تشبه رأس النسر وجناحيه وبعض صدره، والتي تظلل آسيا وتمتد من أواسط أوروبا حتى أقصى نقطة في الشرق على المحيط الهادئ، هنا تقع روسيا. وروسيا في شمالها بحار متجمدة غير صالحة للملاحة، وليس لها منفذ للمياه الدافئة إلا عبر البحر الأسود مرورا بمضيق البوسفور ثم الدردنيل، ثم بحر إيجة ثم البحر الأبيض المتوسط. (وضع مؤلم لقوى عظمى).حين تحرج الأساطيل للبحر الأبيض المتوسط، فالموانئ التي كانت صديقة لروسيا هي ليبيا وسوريا وحين انتزعت منها ليبيا لم تتبقى إلا سوريا. على حافتها الغربية تتصل بأوروبا، وسترى دولا كانت تشكل جزءا من الاتحاد السوفييتي سابقا، سترى أوكرانيا وفوقها روسيا البيضاء، وفوقها لاتفيا وليتوانيا، وفي ظهر هذه المجموعة ستجد بولندا وألمانيا بالترتيب. وستسمع عن هذه الكتلة كثيرا في الحديث عن الدرع الصاروخي، وعن توسعة حلف الناتو والاتحاد الأوروبي.

الان ركز النظر في الحدود الشرقية، سترى روسيا وهي تمد خرطوما كبيرا تتساقط منه جرر صغيرة على الجزيرة اليابانية، وسترى خرطوما آخر يغرز إبرة في أعلى كوريا الشمالية.

أما الحدود الجنوبية لروسيا فهي من اليمين تتشكل من تماس صغير كالدبوس مع كوريا الشمالية، ثم حدود مستعرضة مع الصين تنتهي بحدود كازاخستان، ثم جزء من بحر قروين، ثم تنتهي الشوط قصير على ظهر جورجيا.

وهنا توقف قليلا أمام زحمة الدول تحت كازاخستان. فالمسافة بين حدود روسيا في اتجاه الخليج العربي حيث منابع النفط تمر عبر كازاخستان، أوزبكستان، تركمنستان، إيران، وكل تقدم لروسيا وبأي شكل هنا يعنى الاقتراب من مناطق النفط.

إذا أرادت روسيا الوصول للمحيط الهندي حيث المياه الدافئة فعليها العبور عبر كازاخستان أو أوزبكستان أو طاجيكستان أو تركمنستان ثم أفغانستان، وبعض هذه المنطقة المستقلة عن الاتحاد السوفييتي كجمهوريات حديثة التكوين، هي منطقة عدم استقرار فهي تحيط ببحر قزوين مخزن البترول القادم، وتنتشر داخلها الصراعات العرقية والتدخلات من القوى الكبرى المحيطة: روسيا وإيران وتركيا، وتتطلع لها الصين والهند، وتتطلع لها أوروبا من خارج القارة، ومن خارج الجزيرة العظمى تتطلع لها الولايات المتحدة الأمريكية.