العناصر البيئية المؤثرة في المنظمات  

بوجه عام؛ بيئة المنظمة غير محدودة وتحتوي على كل ما هو خارج تلك المنظمة. فالمنظمات تتأثر مباشرةً بمجموعة من العناصر. تلك العناصر يجب أن تتفاعل معها المنظمة من أجل البقاء. بمعنى أنها تخضع لتأثيرات من بيئتها الخارجية وبدورها تؤثر فيها وقبول هذا المبدأ يحتم ضرورة النظر ودراسة المعطيات من خارج إطار المنظمة لفهم ما يجري بداخلها. ومن الحقائق المسلّم بها أن أداء المنظمة ومقدرتها على تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها يتأثر بمجموعة من العناصر البيئية ومنها:

1 ـ المواد الخام : المنظمة تحصل على ما تحتاجه من مواد خام من البيئة الخارجية، تشمل هذه الاحتياجات كل شيء من ورق طباعة، أقلام ، أجهزة، معدات، أثاث مكتبي....... الخ  .

2 ـ الموارد البشرية : نعني بالموارد البشرية منسوبي المنظمة من إداريين، تقنيين ، عمال.. ذوو الخبرات والمهارات اللازمة للقيام بأعمال الجهاز الإداري أو المنشأة، هذا العنصر الإنتاجي المهم لا بد أن تحصل عليه المنظمة من بيئتها الخارجية، أيضاً، أجهزة إعداد هؤلاء الأشخاص وتزويدهم بالخبرات والمهارات التي يحتاجونها للقيام بواجباتهم كالجامعات والمعاهد والكليات تعتبر من عناصر البيئة الخارجية .

3 ـ المصادر المالية : تحصل المنظمات على مصادرها المالية من الميزانية العامة للدولة، الضرائب، الرسوم، الهبات..الخ. المؤسسات والمنشآت الخاصة تحصل على احتياجاتها النقدية من بيع السلع والخدمات التي تنتجها و في شكل قروض من البنوك .. وكل هذه الانشطة تتفاعل من خلالها المنظمات العامة والخاصة مع بيئتها الخارجية .

4 ـ المستفيدين : الطلب على السلع والخدمات التي تقدمها المنظمة يُحدد مسارها. على سبيل المثال لا الحصر المستشفيات تخدم المرضى، المدارس تخدم الطلاب ، المحلات التجارية تقدم ما تحتاجه الأسر من مواد استهلاكية وغيرها، الخطوط الجوية تخدم المسافرين، المنظمات الحكومية تقدم خدمات لكل فئات الشعب..... الخ ، زيادة طلب هؤلاء المستفيدين على هذه الخدمات يحتّم على هذه المنظمات زيادة إنتاجها سواء كان سلعة أو خدمات. الزيادة في الإنتاج قد يصاحبه كبر حجم المنظمة وتعدد فروعها. والعكس قد يحدث إذا انخفض حجم المستفيدين من هذه الخدمات.

5 ـ التقنية الحديثة : يُقصد بالتقنية استخدام أحدث ما توصل إليه من معدات وآلات وأجهزة لتقديم السلع والخدمات. هذه الأجهزة والآلات والمعدات معقدة التركيب تحتاج إلى قدرات ومهارات لتشغيلها وصيانتها، فإذا ما رغبت المنظمة في مواكبة التطور والتغير المستمر والسريع في مجال التقنية لا بد أن تعمل جاهدة على تطوير وتنمية عنصرها البشري لكي يواكب هذا التغير.

6 ـ الحالة الاقتصادية : الوضع الاقتصادي العام للبلد يؤثر على منظمات العمل والإنتاج العاملة به، فالقوة الشرائية للمستفيدين، نسبة البطالة والتضخم.. إلى غير ذلك من العوامل الاقتصادية تؤثر على مدى مقدرة المنظمة على الاستمرار في تحقيق أهدافها.

7 ـ الأنظمة الحكومية : القوانين والأنظمة التي تضعها الدولة تمثل الإطار العام الذي يجب أن تعمل ضمنه أي منظمة. هدف الدولة هو خدمة الصالح العام، لذلك قد تضطر أحياناً لإصدار نظام أو قانون لتحقيق هذا الهدف وإن كان يحد من صلاحيات المنظمة، أو يحدد طريقة أدائها لعملها .

8 ـ القيم : أثر القيم السائدة في المجتمع على المنظمات الإنتاجية يتضح إذا ما قورن بين بلدين أو أكثر. ففي اليابان مثلاً هناك قيم تشجع الشركات والمنظمات الإنتاجية على التعامل مع منسوبيها من عمال وموظفين كأفراد عائلة واحدة، يضمن لهم العمل مدى الحياة حتى في وقت الأزمات لا يفصل العضو إنما يتحمل الجميع العبء حتى يتحسن الوضع. على العكس من ذلك في مجتمعات أخرى كالمجتمع الأمريكي مثلاً نسمع بين فترة وأخرى تسريح آلاف العمال نظراً لتعرض الشركة أو المنشأة لأزمة اقتصادية.  

إذاً المنظمات الإدارية تختلف عن بعضها البعض في مدى تعرضها للتأثيرات وضغوط البيئة، فكلما زاد اعتماد المنظمة على بيئتها الخارجية كلما زاد احتمال تأثرها بهذه البيئة, فالمنظمة ذات المصادر المالية القوية أقل عرضة للتأثر بالتقلبات الاقتصادية من أخرى تعتمد على التمويل الخارجي ^{(45) .}

"The more dependent an organization is on its environment, the more vulnerable it is")

فالمنظمات الإدارية تعتمد على بيئتها الخارجية بدرجات متفاوتة. وعلى  كل منها أن تضع لنفسها استراتيجية واضحة تحدد كيفية التعامل مع معطيات هذه البيئة، علماً بأن العديد من النظريات الحديثة أثبتت عدم وجود طريقة مثلى تستطيع من خلالها المنظمة أن تتفاعل مع المؤثرات والضغوط الخارجية⁽⁴⁶⁾. فنجاح المنظمة في التعامل مع بيئتها يعتمد على الخيارات المتاحة لها، أي للمنظمة. من بين هذه الخيارات مدى مقدرة المنظمة على التحكم في البيئة الخارجية، مثال على ذلك مقدرة المنظمة في التحكم في أسعار وطريقة توسيع منتجاتها وخدماتها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

45 ـ السلمي، مرجع سابق، ص ۱۳۵.

46- Sam Souryal, Police Administration and Management (New York: West Public, Co.

1977), PP. 175-177.