أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-7-2022
1118
التاريخ: 26-7-2022
3380
التاريخ: 23-7-2022
1377
التاريخ: 7-7-2022
1733
|
فردریك تیلور : Frederick W. Taylor (1856م - 1915م)
إن الإسهامات العلمية التي قدمها فردریك تیلور في حقل الإدارة تعكس بشكل مباشر الحقبة الزمنية التي عاش فيها والخلفية الثقافية وطبيعة العمل الذي قام به .
إن استيعاب القارئ لهذه الإسهامات العلمية ينبغي أن يكون في إطار هذه المتغيرات، لذلك يرى كثير من كتاب النظريات الإدارية أنه لا يجب النظر إلى هذه الحركة بشكل منعزل عن المجتمع الذي نشأت وتطورت فيه بل يجب معالجتها في نطاق التفسير الهيكلي للرأسمالية في نهاية القرن التاسع عشر حيث ساهمت بعض التطورات التكنولوجية والاقتصادية في العالم الصناعي في انتشار وهيمنة الوحدات والتنظيمات الاقتصادية الكبيرة .
وأدى تطور هذه المؤسسات الكبيرة وتعقيد نشاطاتها وتصاعد الأهتمام بالتخصص وتقسيم العمل إلى خلق كثير من مشاكل التنسيق والتعاون، وقد أصبح من الصعب الاهتداء بأسلوب الإدارة التقليدية في معالجة التنظيم الداخلي لهذه المؤسسات بما يعنيه ذلك من إدارة الأفراد والعناصر المادية للإنتاج، لہذا برزت الحاجة لترشيد علاقة الإنسان بالآلة وعلاقة الفرد بالفرد في المؤسسة الصناعية . وقد استشعر هذه المشكلة بعض المتخصصين في النشاطات الصناعية الذين انغمسوا في المشاكل اليومية التي تبرز في مكان العمل (9) .
بدأ فردریك تیلور كعامل عادي في شركة الحديد بالولايات المتحدة الأمريكية وخلال ثماني سنوات من انخراطه في هذه الشركة تقلد مناصب مختلفة من عامل بسيط إلى ملاحظ للوقت إلى ميكانيكي إلى مشرف مجموعة إلى مساعد مهندس ثم أخيراً إلى كبير المهندسين في الشركة. وفي نفس الوقت كان يواصل تحصيله العلمي حتى تمكن من الحصول على الماجستير في الهندسة ، ولعل ذلك الواقع المتمثل في قصور وضعف الأساليب الإدارية التقليدية لتلبية احتياجات المنظمات في تلك الحقبة الزمنية أدى إلى هيمنة فكرة رفع الكفاءة الإنتاجية على تیلور ومن ثم البحث عن الأساليب والوسائل التي يمكن من خلالها تحقيق هذه الأهداف الذي أصبح فيما بعد المرتكز الأساسي للإدارة العلمية .
ومن أجل تحقيق هذا الهدف يرى فردریك تیلور أنه لا بد من الأخذ في الاعتبار هذه المبادئ والأسس (10):
(1) البحث عن أفضل طريقة (One best way)لإنجاز العمل وذلك باستخدام الأسلوب العلمي القائم على التجربة، أو بمعنى آخر تطوير أسلوب علمي لكل عنصر من عناصر العمل ليحل هذا التحليل العلمي والموضوعي محل الطريقة التخمينية والتجريبية في الأداء والعمل التي طالما استعملت و المعامل والمصانع .
(2) اختيار العاملين بطريقة موضوعية تقوم على أسس علمية وتدريبهم لتحسين أدائهم بدلاً من الطريقة التقليدية القاضية بأن يقوم الملاحظ بهذا الدور بالقدر الذي يستطيع طبقاً لخبراته وتجاربه الخاصة (۱۱) .
(3) أن وضع العامل في العمل المناسب غير كاف لإنجاز الأعمال بكفاءة وفعالية لذلك اقترح أن يكون هناك نظام الحوافز يقوم أساساً على الأجر الذي يتقاضاه العامل والذي يتناسب مع إنتاجيته وإنجاز العمل وليس على أساس ساعات العمل .
(4) لعل من أهم المبادئ والأسس التي قدمها تيلور في هذا الشأن هو مبدأ التخصص وتقسيم العمل حيث يقضي هذا المبدأ بتقسيم العمل والمسؤولية بين الإدارة والعمال ، تتحمل الإدارة مسؤولية التخطيط والتنظيم والإشراف بينما يقوم العمال بالعمل الحقيقي.
ولعل من أهم الإسهامات العلمية البارزة التي قام بها فردریك تیلور في حقل الإدارة ما يعرف بدراسة الحركة والزمن (Time and motion study) التي لا زالت محل إعجاب وتقدير من قبل بعض الباحثين والممارسين في حقل الإدارة بالرغم من مرور ما يربو على نصف قرن على هذه الدراسة، ولعل تقلده مناصب مختلفة و شركة الحديد والصلب ساعده في إجراء أبحاثه ودراساته وفي مقدمتها دراسة الحركة والزمن ، وتهدف هذه الدراسة إلى رفع الكفاءة الإنتاجية للعامل وذلك عن طريق التخلص من كثير من الحركات غير اللازمة التي يتطلبها أداء العمل ومن ثم تحديد وقت نموذجي لإنجاز كل عمل .
ولقد كان هناك إقبال كبير على تطبيق الأبحاث والدراسة الميدانية التي قدمها تيلور من قبل المؤسسات المختلفة والحقيقة أن هناك كثيراً من النتائج الإيجابية المتمثلة في زيادة الإنتاج وانخفاض التكاليف وهما هدفان رئيسيان تسعى النظرية الإدارية إلى تحقيقهما .
ويعطينا دوایت فارنهام النتائج التي ترتبت على إدخال نظام تيلور ففي مناولة الحديد الخام وتفريغه من العربات زاد الإنتاج من 2 طن إلى 10 طن في الساعة وانخفضت التكاليف من 27 سنت إلى 8 سنت للطن. وفي إحدى شركات الصلب زاد الإنتاج في بعض العمليات من 12 إلى 48 طن في اليوم وانخفضت التكاليف من 10 سنت إلى 4 سنت للطن (12) .
بالرغم من هذا النجاح الذي حققه فردريك تيلور في رفع الكفاءة الإنتاجية للعمل وتخفيض التكاليف غير أن ما يثير الدهشة أن العمال وقـتئذٍ قاوموا "الطريقة التايلورية" ... بل أن مجرد ذكر اسمه كان يثير الكراهية في نفوسهم، ويرى بعض الباحثين أن السبب في ذلك إنما يرجع إلى أن تیلور كان يعتبر من رواد "الهندسة الإنسانية" إذ أن نظرته إلى تناول عمل الإنسان كانت لا تختلف عن نظرته التي يتناول بها قطعة جهاز هندسي... بل إنه كان مؤمناً فعلاً بإمكان تطبيق علم الهندسة على طرائق العمل في المصنع، وقام بدراسات للتعرف على " الطريق الوحيد الأفضل "... وتوصل من هذه الدراسات إلى أن هناك نسبة عالية من الإسراف والضياع في العمل والموارد تحدث نتيجة لعدم كفاية التنظيم والإشراف على العمل (13) .
ولم يكن تيلور يسمح للعاملين بالمناقشة أو إبداء الرأي فيما يتعلق بالطريقة والكيفية التي يؤدي بها العمل، ونقلاً عن كوبيل مؤرخ تیلور أنه قال مرة إلى أحد العمال ليس من المفروض أن تفكر، إن هناك آخرين ندفع لهم مقابل التفكير بل أن تیلور كان يقترح بأن العامل الذي يصلح للعمل في نظامه يحسن أن يكون غبي بليد الإحساس (14) .
من خلال العرض السابق يبدو بجلاء أن تيلور استخدم كل الوسائل والأساليب لرفع الكفاءة الإنتاجية وقد حقق نجاحاً كبيراً في هذا الجانب، ولكنه أغفل في تحليله ودراسته طبيعة الفرد الذي يعتبر حجر الزاوية في العملية الإدارية، وكانت نظرته للعامل على أنه كتلة يمكن صياغتها وتشكيلها حسب متطلبات و مقتضيات العمل، وما ترتب على هذه النظرة من اغفال طبيعة ورغبات وطموحات الفرد باعتباره كائناً اجتماعياً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
9 ـ فيصل فخري مرار، التنظيم الإدارية: مداخل للنظريات والسلوك (عمان: الجامعة الأردنية،1979م)، ص 93- 94.
10- Gary Dessler, Organization Theory: Integration Structure and Behavior, (New Jersey: Prentice-Hall, Inc. Engle Wood Ciffs, 1980) P. 17.
11- حمدي فؤاد علي، التنظيم والإدارة الحديثة: الأصول العلمية والعملية بيروت: دار النهضة العربية ،۱۹۸۱م) ص ۲۰.
12 ـ صلاح الشنواني، التصورات التكنولوجية والادارة الصناعية ،الإسكندرية: دار الجامعات المصرية ،1977م) ص 43.
13ـ كمال حمدي أبو الخير، أصول الإدارة العلمية (القاهرة : مكتبة عين شمس، 1984م) ص 84- 85.
14- الشنواني، مرجع سابق، ص39- 40.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|