أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-4-2018
1568
التاريخ: 31-10-2016
2687
التاريخ: 22-1-2023
920
التاريخ: 2024-03-10
679
|
8- استراتيجيا "التطور العضوي" - خلاصة التجربة الصينية
بعد نجاح الإصلاح التدريجي في الزراعة، بدأت الحكومة الصينية في تطبيقه في القطاعات الأخرى خارج القطاع العام. وترافق ذلك مع الانفتاح الاقتصادي على العالم الخارجي الذي فسح المجال لإقامة مشروعات مشتركة مع الاستثمار الأجنبي في الأقاليم الساحلية. وسرعان ما غدت هذه المشروعات القوة الرئيسة في دفع عجلة النمو الاقتصادي الصيني. وتبنت الصين استراتيجيا تطوير نشاطات القطاع الخاص بالوسائل الثلاثة الآتية:
- تشجيع إقامة المشروعات الخاصة : واجه تشجيع الاستثمار في المشروعات الخاصة مهمة تغيير الثقافة العقائدية السائدة التي ترى أن مهمة الحزب الشيوعي في القضاء على الرأسمالية عن طريق إقامة مشروعات مملوكة للدولة. ولم يبدأ التحرر الحقيقي من هذه الثقافة إلا بإقرار التشريع الخاص بالتعاقد مع الأسر الريفية لإنتاج مقادير من المنتوجات ضمن "کوتا" تحددها شروط التعاقد ، كما سبق بيانه. فكان ذلك منطلقاً لنشوء المشروعات الإنتاجية الخاصة في البلدات والقرى الريفية وتكاثرها بأعداد متزايدة. وفي خلال عشر سنوات بين عامي 1979 و1988 بلغ عدد الفلاحين العاملين في المشروعات الصناعية والتجارية في البلدات والقرى 100 مليون عامل. وسرعان ما ثبت نجاح هذه المشروعات وحقق الإنتاج الصناعي منها في الثمانينيات معدلات نمو بلغت ضعفي المعدلات المحققة في المشروعات المناظرة في القطاع العام. وفي منتصف الثمانينيات، شغل قطاع الأعمال الخاص مكانة مرموقة في الإنتاج الصناعي بلغت أكثر من ثلث هذا الإنتاج، ولما كان هذا النمو معتمداً على قوى السوق، فقد لازمه بالضرورة نمو الأسواق وتصاعد دورها في تخصيص الموارد الاقتصادية.
- الانفتاح على العالم الخارجي وإنجاز تکامل بعض مناطق الصين في السوق العالمية : لجأت حكومة الصين إلى مقاربة متدرجة في الانفتاح على العالم الخارجي، بتوجيه مناطق معينة تتوافر فيها شروط ملائمة نحو الاندماج في السوق العالمية وتطوير قدراتها على المنافسة في هذه السوق، وعلى هذا الأساس، تم في عام 1979 اتخاذ سياسات وإجراءات مرنة في مقاطعتي غوانجدونغ (Guandong) وفوجیان (Fujian)، القريبتين جغرافياً من هونغ كونغ، لتوثيق الصلات الاقتصادية بين كل من المقاطعتين ومدينة هونغ كونغ .
في عام 1980 جرى إنشاء أربعة مناطق اقتصادية خاصة هي شینزن (Shenzen) وزوهاي (Zhuhai) وشانتو (Shantou) وتزیامن (Xiamen) منفتحة اقتصادياً على العالم الخارجي. وفي عام 1985، طبق مثل هذا الانفتاح على أربع عشرة من المدن والموانئ الساحلية، وبذلك تكَوّن بالتدريج حزام حدودي عريض منفتح على العالم الخارجي شاملاً السواحل البحرية وضفاف نهر يانغتزي (Yangtze)، وساهمت هذه المناطق الساحلية في نمو الصادرات الصينية من جهة، وفي استقبال رؤوس الأموال والتكنولوجيا الأجنبية من جهة أخرى.
وتزايد اعتماد الاقتصاد الصيني على التجارة الخارجية بدرجة كبيرة يظهرها الجدول أدناه .
في المراحل الأولى من الانفتاح المذكور، كانت رؤوس الأموال الأجنبية الداخلة إلى الصين قروضاً أكثر مما كانت استثمارات مباشرة. لكن الاستثمارات الأجنبية المباشرة ازدادت بسرعة في التسعينيات حتى شكلت النسبة الكبرى من رؤوس الأموال الأجنبية. وبينما كان الاستثمار الأجنبي المباشر في سنوات الإصلاح المبكرة 1979-1985 في حدود 7.4 مليارات دولار أميركي، ارتفع خلال السنوات 1986-1991 إلى نحو 19 مليار دولار. وحديثاً، بلغ تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الصين خلال 24 شهراً منتهية بمنتصف عام 2015 مبلغ 122.4 مليار دولار أو ما يقارب 10 في المئة من تدفق الاستثمار المباشر في العالم كله (5).
كان الانفتاح على العالم الخارجي عاملاً مهماً في نجاح الإصلاح الاقتصادي الداخلي. وساعدت المشاركة في التنافس في السوق الدولية مديري الأعمال الصينيين على فهم طبيعة النشاط في هذه السوق وحفّزَتهم على الاستعجال في تطوير الجودة في المنتوجات الصينية وخفض تكاليف إنتاجها وتحسين أساليب العمل والإدارة بوجه عام. كما أدّت المشاركة في الأسواق التنافسية للمستوردات والصادرات إلى تقريب هيكل الأسعار في الصين من المستويات العالمية.
- تنفيذ الإصلاح في الأقاليم الداخلية اقتداءً بالمناطق التجريبية: لما كان تنفيذ الإصلاح القائم على تطوير السوق في جميع أقاليم البلاد في وقت واحد متعذراً ، كانت إقامة المناطق التجريبية في الأقاليم الساحلية خطوة إيجابية لتسهيل تلك العملية. وطُبّقت في هذه المناطق المقاربة المزدوجة للإصلاح، وهي إنشاء المشروعات الخاصة من جهة، والانفتاح على السوق الدولية من جهة أخرى، وأدّى نجاح هذه التجارب والقدوة التي مثّلَتها إلى حفز عملية الإصلاح في الأقاليم الداخلية.
أدّى انتشار الإصلاح في الأقاليم الداخلية إلى تحسين مستويات المعيشة لسكان هذه الأقاليم بدرجة كبيرة. وفي عام 1984، عبر دينغ تشياوبينغ عن أهمية نجاح المناطق الاقتصادية الخاصة في تشجيع انفتاح مدن أخرى على العالم الخارجي بالقول " لسنا في وضع يمكننا من النجاح في سياسة مباشرة لرفع الأجور وزيادة الاستهلاك على مستوى الوطن. لكن النجاح في تطوير المناطق الساحلية يمثل القدوة التي ستقود في نهاية المطاف إلى الزيادة المنشودة في الدخل ومستوى الاستهلاك. هذا ما تمليه قوانين التطور".
بعد ذلك بعشرة أعوام، في أوائل التسعينيات من القرن الماضي كان قد نشأ اقتصاد حيوي وسوق ابتدائية في المناطق الساحلية بين شبه جزيرة لياودونغ (Liaodong) وإقليم غوانغشي (Guangxi). وما لبث أثر ذلك أن ظهر في تشجيع قوی السوق لأن تنتشر وتعم الأقاليم الداخلية في كل اتجاه. وهكذا، أمكن للإصلاح التدريجي على مدى عقد من الزمن أن يُحدِث تسارعاً في النمو الاقتصادي بلغ معدلاً سنوياً مقداره 14.6 في المئة بين عامي 1978 و1990، مصحوباً بنمو في معدل دخل الفرد مقداره 13.1 في المئة سنوياً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(5) Financial Times Cross Border Investment Monitor: fdimarkets.com > >
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|