الفعل التخطيطي وآلية الاداء اللامركزي

تطبق الدول في ادارة شؤونها التنموية بأساليب مركزية او لامركزية او بهما معا، وذلك من خلال مفهوم اللامركزية القائم على اساس انها الحالة او الوضع الذي يعطي فيه حق المشاركة في اتخاذ القرار للمستويات الدنيا دون ان يلغي ذلك حق الجهة المركزية في اتخاذ القرار، ومن ثمّ فان اللامركزية هي اسلوب في العمل يقوم على مبدأ توزيع سلطة صنع القرار والصلاحيات بين السلطة المركزية وهيئات اخرى مستقلة توجد في الاقاليم والتجمعات السكنية المختلفة، وهذا يعني ان اللامركزية تتمثل من الناحية العملية في تفعيل دور السلطات الاقليمية والمحلية، وذلك بأسناد مهام تخطيطية تنموية لها تزيد من فاعليتها وتعزز دورها في تحمل مسؤولياتها وصلاحياتها على النحو الذي يعمل على دمج السكان المحليين في عمليات التنمية المحلية ويؤدي في النهاية الى نجاحها.

ان الجانب التنظيمي في عملية اعداد وتنفيذ خطط التنمية عامة والتنمية الاقليمية خاصة. قضية من الضروري التعامل معها على انها اساسية وضرورية لنجاح هذه الخطط.

فالوكالة الانمائية للتعاون الفني، تلخص فشل كثير من الخطط الاقليمية ولا سيما الريفية منها في العديد من دول العالم النامي بانه ناجم بالدرجة الاولى من الاساليب المتبعة في ادارة الخطط في اثناء تنفيذها وليس عن فقر في محتوى عملية التخطيط نفسها، وعلى صعيد اخر ان اهمية التخطيط الاقليمي مقارنة بالتخطيط القطاعي هي الوسيلة الوحيدة التي يتم من خلالها تحويل الاهداف القطاعية الى اطار عام يصلح استراتيجية تنمية اقليمية، تسمح بتحقيق المشاركة الشعبية وتضمن الترابط والانسجام والتكامل بين الهيئات والمؤسسات المعنية بأعداد وتنفيذ الخطط، لذلك فان هيئات التخطيط في المستوى الاقليمي من الضروري ان تمتلك السلطة والكفاءة العالية التي تمكنها من القيام بدورها على اكمل وجه، ولتحقيق ذلك فانه لابد من التركيز على تطبيق استراتيجية تتمكن من ربط المفاهيم التخطيطية بالكفاءة والقدرة لهيئات ومؤسسات التخطيط المكاني، علما بان اهمية اللامركزية في عملية التخطيط المكاني يمكن ابرازها من خلال الجوانب التي تحدد بدقة قبل البدء بعملية اعداد وتنفيذ خطط التنمية الاقليمية وهذه الجوانب هي:

1- نوع الاقاليم.

2- نوع التخطيط الاقليمي (شامل ام قطاعي).

3- التغطية الاقليمية على مستوى الدولة او الاقاليم.

4- وظائف هيئات التخطيط الاقليمي وصلاحياتها في ظل اللامركزية المطبقة( ).

ان عملية التخطيط الاقليمي بظل اللامركزية من الضروري ان تعني تفعيل المشاركة الشعبية ودور المجموعات المستهدفة من عمليات اعداد وتنفيذ خطط التنمية الاقليمية، وهذا ما يعرف بأسلوب التخطيط من اسفل (Planning from below) او تخطيط بالإقليم وليس تخطيطاً للإقليم كما هو الحال في اسلوب التخطيط من اعلى (Planning from above)، ويمكن ملاحظة الفرق بين هذين الاسلوبين من اساليب التخطيط التي هي انعكاس لنوع نظام الادارة المطبق، من خلال ما يمتاز به اسلوب التخطيط بظل اللامركزية او التخطيط من اسفل عن اسلوب التخطيط من اعلى، فالتخطيط من اسفل يعمل على تحقيق مبدأ رئيسي من مبادئ التنمية الناجحة والمتمثلة في مبدأ تعزيز احترام الذات (Self - Esteem)، والحرية ايضا بمفهومها الانساني الشامـل الـذي يسمـح ويعظـم مـن قـدرة الانسـان علـى الاختيـار (To be able to choose)، اضافة على ذلك فان التخطيط من اسفل يساعد في تحديد اهداف التنمية الاقليمية التي تعكس خصوصية الاقليم قيد التخطيط، ودائما هناك فرق كبير بين اهداف التنمية الاقليمية التي تضعها هيئات ومؤسسات التخطيط الاقليمية واهداف التنمية الاقليمية التي تضعها هيئات التخطيط المركزي وان كانت الاولى من الضروري ان تكون مكملة ومنسجمة مع الثانية وغير متناقضة معها.