المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6767 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

خنفساء الحبوب الصدئية Laemophoeus pusillus Schon
2-2-2016
عدم منع الدين من الزكاة
25-11-2015
الخطأ والغش
7-4-2018
التفريق بطلب الزوجة قبل الدخول
24-5-2017
اجلائه (عليه السلام) بني عنيزة عن طريق الزوار
3-08-2015
التكذيب بآيات الله تعالى
11-2-2022


معركة احـد  
  
9915   06:58 مساءً   التاريخ: 5-7-2021
المؤلف : السيد جعفر مرتضى العاملي.
الكتاب أو المصدر : الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله
الجزء والصفحة : ج 7، ص 123- 190
القسم : التاريخ / التاريخ الاسلامي / السيرة النبوية / سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-5-2021 6449
التاريخ: 26-10-2019 2887
التاريخ: 15-7-2019 1634
التاريخ: 19-5-2021 2894

التعبئة للقتال :

ويقولون : إنه لما وصل النبي «صلى الله عليه وآله» إلى منطقة القتال ، اختار أن ينزل إلى جانب جبل أحد ، بحيث يكون ظهرهم إلى الجبل.

ثم عبأ أصحابه ، وصار يسوي صفوفهم ؛ حتى إنه ليرى منكب الرجل خارجا ، فيؤخره.

وأمرهم أن لا يقاتلوا أحدا حتى يأمرهم.

وكان على يسار المسلمين جبل اسمه جبل عينين ، وهو جبل على شفير قناة ، قبلي مشهد حمزة ، عن يساره (١).

وكانت فيه ثغرة ؛ فأقام عليها خمسين رجلا من الرماة ، عليهم عبد الله بن جبير ، وأوصاه : أن يردوا الخيل عنهم ، لا يأتوهم من خلفهم.

وفي رواية قال : إن رأيتمونا تختطفنا الطير ، فلا تبرحوا من مكانكم هذا حتى أرسل إليكم ، وإن رأيتمونا هزمنا القوم ، وأوطأناهم ؛ فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم (٢).

وحسب نص آخر : احموا ظهورنا ؛ فإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا ، وإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا (3).

وكان شعاره يوم أحد : أمت. أمت.

ويقولون أيضا : إنه «صلى الله عليه وآله» قد ظاهر بين درعين ، كما نص عليه الحاكم ، وطائفة من المؤرخين.

ويقول الواقدي : إنه كان قد لبس قبل وصوله إلى أحد درعا ، فلما وصل إلى ساحة الحرب لبس درعا أخرى ، ومغفرا وبيضة (4) فوق المغفر (5).

ومن جهة أخرى: فقد عبأ المشركون قواهم ، استعدادا للحرب، وأرسل أبو سفيان إلى الأنصار :

خلوا بيننا وبين ابن عمنا ؛ فننصرف عنكم ؛ فلا حاجة بنا إلى قتالكم ، فردوا عليه بما يكره (6).

ونذكر هنا ما يلي :

ألف : المظاهرة بين درعين :

إننا نشك في أنه «صلى الله عليه وآله» قد ظاهر بين درعين في الوقت الذي يرى فيه أن غالب أصحابه لا درع لهم يحميهم من سيوف المشركين ، فضلا عن أن يكون لهم درعان.

ولم يكن النبي «صلى الله عليه وآله» ليميز نفسه عنهم ، بل كان من عادته أن يجعل نفسه كأحدهم.

مع أنه يعلم : أنه هو المستهدف بالدرجة الأولى. وهذه هي أخلاق النبوة. وتلك هي سيماء الأفذاذ من الرجال ، وعباد الله الصالحين.

إلا أن يقال : إن المسلمين أنفسهم قد أصروا عليه بأن يظاهر بين درعين ، من أجل الحفاظ عليه «صلى الله عليه وآله» ، كما كانوا يقومون بحراسته «صلى الله عليه وآله» ليلا من أجل ذلك أيضا ..

ويكون «صلى الله عليه وآله» قد قبل منهم ذلك لتطمئن قلوبهم ، ويهدأ روعهم.

ونقول :

إن ذلك لا يصح أيضا ، لأن النبي «صلى الله عليه وآله» كان ملاذا للناس حين الحرب ، وكانوا يلجأون إليه في الشدائد والأهوال.

ولم يكن أحد أقرب منه إلى العدو ، وكان يقدم أحباءه وأهل بيته في الحرب ، ولا نجد مبررا بعد هذا للمظاهرة بين درعين ، لا سيما مع وجود المنافقين ، ومن في قلوبهم مرض ، ومع وجود اليهود وغيرهم من الأعداء ، الذين سوف لا يسكتون عن أمر كهذا ، بل سوف يستفيدون منه لتضليل الناس ، وخداع ضعاف النفوس ، والسذج والبسطاء.

ولم يكن النبي «صلى الله عليه وآله» ليسجل على نفسه سابقة كهذه أصلا.

ب : المنطق القبلي لدى أبي سفيان :

إن محاولة أبي سفيان استعمال المنطق القبلي حين قال : خلوا بيننا وبين ابن عمنا إنما كانت لتفريق الناس عن النبي «صلى الله عليه وآله» ؛ ليتمكن من القضاء على حركته من أسهل طريق ؛ فلا يتعرض للعداوات الحادة بينه وبين المدنيين ، ولا للخسائر الكثيرة في الأرواح ، ولا لتغيير المعادلات السياسية في المنطقة. إلى غير ذلك من الاعتبارات الكثيرة في جو كهذا.

ولكن فأله قد خاب ، فقد وجد : أن الإسلام والمسلمين لا يأبهون لمنطق كهذا ، وأصبح المسلم أخا للمسلم أيا كان ، ومن أي قبيلة كانت.

أما أبو سفيان وأصحابه فعدو محارب ، حتى ولو كانوا آباءهم ، أو أبناءهم ، أو إخوانهم ، أو عشيرتهم ، أو غيرهم.

 

أبو دجانة والسيف :

ويقولون : إنه «صلى الله عليه وآله» أخذ سيفا ، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ، فطلبه جماعة ، منهم الزبير.

وفي نصوص أخرى : أبو بكر ، وعمر ، وتضيف رواية الينابيع عليا «عليه السلام» أيضا ، فلم يعطهم إياه.

فسأله أبو دجانة : ما حقه؟

فقال : أن تضرب به العدو حتى ينحني.

فطلبه أبو دجانة ؛ فأعطاه إياه ، فجعل يتبختر بين الصفين ، فقال «صلى الله عليه وآله» : إنها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن.

فقاتل أبو دجانة قتالا عظيما ، حتى حمل على مفرق رأس هند ـ التي كانت تحوش المسلمين بهجماتها ـ ثم عدل السيف عنها ؛ لأنها صرخت ، فلم يجبها أحد ؛ فكره أن يضرب بسيف رسول الله امرأة لا ناصر لها (7).

ملاحظات على هذه الرواية :

ونقول :

١ ـ إن قضية عرضه السيف على أصحابه ، ومنعه من البعض ، وإعطائه لأبي دجانة قد تكون صحيحة.

ولكن ما تقدم عن الينابيع ، من ذكر علي «عليه السلام» فيمن لم يعطه «صلى الله عليه وآله» السيف في غير محله.

إذ سيأتي : أنه لم يثبت أمام ذلك الجيش الهائل سوى أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه.

وهذا يقرب : أنه «عليه السلام» كان يدرك : أنه لم يكن هو المقصود للنبي «صلى الله عليه وآله» في دعوته للمسلمين لأخذ السيف بحقه ؛ لأنه كان يعرف موقعه ودوره في المعركة.

ولنا أن نحتمل هنا ـ بسبب ما عرفناه وما ألفناه من هؤلاء الرواة والمحدثين ـ :

أن إضافة اسم علي في الرواية ، قد كانت من أجل الحفاظ على كرامة وشخصية الطالبين والممنوعين الحقيقيين عن السيف في هذا الموقف. فإنهم لم تكن مواقفهم الحربية تأبى عن مثل هذا ، حيث لم تؤثر عنهم مواقف حربية شجاعة في ساحات الجهاد ، بل أثر عنهم العكس من ذلك تماما.

٢ ـ إننا لا نفهم : لماذا يرفض رسول الله «صلى الله عليه وآله» إعطاء السيف للزبير ، ولأبي بكر ، وعمر ، بعد طلبهم إياه ، قبل أبي دجانة ، ولماذا لا يجربهم ، ليظهر مواهبهم ومواقفهم؟!

ولماذا يواجههم أمام الناس بهذا الرفض الفاضح والقاسي ، حتى لقد وجدوا في أنفسهم من منعه لهم؟

ولربما يقال : إنه أراد أن يعطيه أنصاريا ؛ ليقتدي به الأنصار.

وجوابه : أنه قد كان اللازم حينئذ : أن يوضح ذلك لهم بكلمة ، أو بإشارة ، حتى لا يتعرض الممنوعون لسوء ظن الناس بهم ، أو حتى لا ينسبوا للفشل والعجز ، وتصير كرامتهم في معرض الامتهان.

وإن كنا سنرى : أن هؤلاء الممنوعين لم يكونوا في المستوى المطلوب ، وكان أبو دجانة أولى منهم بهذا التكريم ، لأن هذه القضية قد جرت لو صحت بعد عودة المسلمين من الهزيمة.

٣ ـ إن ما ذكروه : من أن هندا كانت تقاتل المسلمين وتحوشهم قد كذبته أم عمارة رحمها الله ؛ فراجع (8).

ولا ندري من أين حصلت هند على هذه البسالة النادرة ، التي تجعلها في عداد أعظم فرسان التاريخ؟

ولماذا لم يعدها المؤرخون من فرسان الدهر ، وشجعان ذلك العصر؟!

كما أن من المعلوم : أنه «صلى الله عليه وآله» قد كان يوصي سراياه وبعوثه وصايا عديدة ، منها : أن لا يقتلوا امرأة ، ولا ولا الخ.

٤ ـ إن من الواضح مدى التشابه بين ما تذكره هذه القضية عن تبختر أبي دجانة بين الصفين ، وقول النبي «صلى الله عليه وآله» له ، وبين ما كان من تبختر علي «عليه السلام» يوم الخندق ، فاعترض عمر على ذلك ، ونبه النبي «صلى الله عليه وآله» إلى مشيته «عليه السلام».

فأجابه النبي «صلى الله عليه وآله» بهذا الجواب بعينه.

ويبعد أن تتعدد الواقعة بكل خصوصياتها ، كما أنه بعد قضية أبي دجانة في أحد لا يبقى مورد لاعتراض عمر في الخندق ، إذ نستبعد عدم اطلاعه على ما جرى في أحد ، إن لم يكن هو نفسه الذي اعترض آنئذ كما تعودنا منه في المواقف المختلفة ، حتى ليندر أن تجد في التاريخ اعتراضا على النبي لغيره!! ولا أقل من حضوره وشهوده الأحداث عن قرب ، فإنه ممن طلب السيف ، ورفض طلبه ؛ فإذا كان ما جرى يوم الخندق هو الصحيح ، وإذا كان ثمة تبديل وتغيير في الأسماء والأشخاص فقط ؛ فلا عجب ، فإنما هي شنشنة نعرفها من أخزم.

وعلى كل حال ، فإن مشية علي «عليه السلام» يوم الخندق ، كان الهدف منها هو الافتخار بعظمة وبعزة الإسلام ، وذل أعدائه حتى في حال انتصارهم من جهة ، ثم الحرب النفسية لأعدائه ، والتأثير على معنوياتهم من جهة أخرى.

نشوب الحرب ، وقتل أصحاب اللواء :

وكان أول من رمى بسهم في وجوه المسلمين أبو عامر الفاسق في خمسين ممن معه ، بعد أن حاول استمالة قومه من الأوس ؛ فردوا عليه بما يكره ، فتراموا مع المسلمين ، ثم ولوا مدبرين.

وحرض أبو سفيان بني عبد الدار ، حاملي لواء المشركين على الحرب ، وجعل النساء يضربن بالدفوف ، ويحرضنهم بالأشعار.

وطلب طلحة بن أبي طلحة ، حامل لواء المشركين البراز ، فبرز إليه علي «عليه السلام» فقتله. فسر رسول الله «صلى الله عليه وآله» بذلك ، وكبر تكبيرا عاليا.

ويقال : إن طلحة سأل عليا «عليه السلام» : من هو؟. فأخبره.

فقال : قد علمت يا قضم : أنه لا يجسر علي أحد غيرك (9).

وقد ضربه علي «عليه السلام» على رأسه ، ففلق هامته إلى موضع لحيته ، وانصرف علي «عليه السلام» عنه ، فقيل له : هلا ذففت عليه؟!

قال : إنه لما صرع استقبلني بعورته ؛ فعطفتني عليه الرحم. وقد علمت أن الله سيقتله ، وهو كبش الكتيبة (10).

وفي رواية أخرى : أنه صلوات الله وسلامه عليه قال : إنه ناشدني الله والرحم ؛ فاستحييت. وعرفت أن الله قد قتله (11).

وقيل : إن ذلك كان حينما قتل «عليه السلام» أبا سعيد بن أبي طلحة. وثمة كلام آخر في المقام لا أهمية له.

قال ابن هشام : «لما اشتد القتال يوم أحد ، جلس رسول الله «صلى الله عليه وآله» تحت راية الأنصار ، وأرسل إلى علي «عليه السلام» : أن قدم الراية ، فتقدم علي ، وقال : أنا أبو القصم (والصحيح : أبو القضم) ؛ فطلب أبو سعيد بن أبي طلحة ـ وكان صاحب لواء المشركين ـ منه البراز ، فبرز إليه علي «عليه السلام» ، فضربه ، فصرعه». ثم ذكر قصة انكشاف عورته حسبما تقدم (12).

واقتتل الناس ، وحميت الحرب. وحارب المسلمون دفاعا عن دينهم ، وعن وطنهم ، الذي فيه كل مصالحهم ، ويتوقف على حفظه مستقبلهم ووجودهم. حاربوا فئة حاقدة ، تريد الثأر لقتلاها في بدر ، وهي أكثر منهم عددا ، وأحسن عدة.

ثم شد أصحاب رسول الله (13) «صلى الله عليه وآله» على كتائب المشركين ، فجعلوا يضربون وجوههم ، حتى انتقضت صفوفهم ، ثم حمل اللواء عثمان بن أبي طلحة ، أخو طلحة السابق ، فقتل ، ثم أبو سعيد أخوهما ، ثم مسافع ؛ ثم كلاب بن طلحة بن أبي طلحة ، ثم أخوه الجلاس ، ثم أرطأة بن شرحبيل ، ثم شريح بن قانط ، ثم صواب ، فقتلوا جميعا ؛ وبقي لواؤهم مطروحا على الأرض ، وهزموا ، حتى أخذته إحدى نسائهم ، وهي عمرة بنت علقمة الحارثية ، فرفعته ، فتراجعت قريش إلى لوائها ، وفيها يقول حسان :

ولو لا لواء الحارثية أصبحوا *** يباعون في الأسواق بالثمن البخس

ويقال : إن أصحاب اللواء بلغوا أحد عشر رجلا (14).

قال الصادق «عليه السلام» ، بعد ذكره قتل أمير المؤمنين «عليه السلام» لأصحاب اللواء : «وانهزم القوم ، وطارت مخزوم ، فضحها علي «عليه السلام» يومئذ» (15).

كما أن رماة المسلمين الذين كانوا في الشعب قد ردوا حملات عديدة لخيل المشركين ، حيث رشقوا خيلهم بالنبل ، حتى ردوها على أعقابها.

وقبل المضي في الحديث نسجل هنا ما يلي :

ألف : بنو مخزوم ، وأهل البيت عليهم السّلام :

ولعل ما تقدم هو سر حقد خالد بن الوليد المخزومي ـ الذي كان على ميمنة المشركين في أحد ـ على أمير المؤمنين «عليه السلام» ، الذي قتل عددا من فراعنتهم (16).

وقد تقدم في الجزء السابق حين الكلام عن خطبة علي «عليه السلام» لبنت أبي جهل بعض ما يشير إلى حقد خالد هذا ، فلا نعيد.

وقد روى الحاكم ، عن النبي «صلى الله عليه وآله» قوله :

«إن أهل بيتي سيلقون من بعدي من أمتي قتلا وتشريدا ، وإن أشد قومنا لنا بغضا : بنو أمية ، وبنو المغيرة ، وبنو مخزوم» (17).

ب : الزبير والمقداد على الخيل :

وثمة رواية تفيد : أن الزبير والمقداد كانا على الخيل ، وحمزة بالجيش بين يديه «صلى الله عليه وآله» ، وأقبل خالد الذي كان على ميمنة المشركين ، وعكرمة بن أبي جهل على الميسرة ، فهزمهم الزبير والمقداد ، وحمل النبي «صلى الله عليه وآله» ، فهزم أبا سفيان (18).

ونحن لا نصدق هذه الرواية ؛ فقد تقدم : أنه لم يكن مع النبي «صلى الله عليه وآله» خيل.

وجاء في بعض الروايات :

أنه كان ثمة فرس واحد ، أو فرسان : فرس للنبي «صلى الله عليه وآله» ، والآخر لأبي بردة بن نيار كما تقدم.

إلا أن يقال : إن المراد : أنه كان في مقابل خيل المشركين : الزبير والمقداد. ولكن ذلك بعيد عن سياق الكلام ، ولا سيما إذا لم يكن معهما خيل. أما العشرة أفراس التي غنمها المسلمون يوم بدر ، فلعلها قد بيعت ، أو نفقت ، أو كان بعضها في حوزة من لم يشاركوا في حرب أحد ، ممن رجع مع ابن أبي أو غيرهم.

ثم إننا لا ندري أين كان علي «عليه السلام» ، الذي قتل نصف قتلى المشركين أو أكثر كما سيأتي؟!.

ولماذا لا تتعرض له هذه الرواية ، ولا تدلنا على دوره في هذه الحرب؟!.

ج : إخلاص علي عليه السّلام وعطفه على كبش الكتيبة :

وأما أن عليا «عليه السلام» انصرف عن قتل حامل لواء المشركين ، لأنه قد عطفته عليه الرحم ، فلا يمكن أن يصح ؛ لأن عليا «عليه السلام» لم يكن ليرحم من حاد الله ، ورسوله ، وكان كبش كتيبة المشركين ، الذين جاؤوا لاستئصال شأفة الإسلام والمسلمين.

ونحن نعلم : أن عليا «عليه السلام» كان في كل أعماله مخلصا لله تعالى كل الإخلاص.

وقد قدمنا الإشارة إلى موقفه حينما قتل عمرو بن عبد ود فلا نعيد.

فالظاهر أن الصحيح : هو أنه ناشده الله والرحم ، واستقبله بعورته فانصرف عنه. وهو بلاء تعرض له أمير المؤمنين «عليه السلام» مع غيره أيضا ، كعمرو بن العاص ، وبسر بن أبي أرطأة في وقعة صفين ، كما هو معلوم.

نعم ، لقد انصرف عنهم جميعا ، بدافع من كرم النفس ، وطاعة الله.

فهو حين يقتل قومه يقتلهم طاعة لله ، وحين ينصرف عنهم ينصرف لكرم النفس والنبل والشرف ، وطاعة لله أيضا. حيث لم يكن ثمة حاجة للتذفيف عليه ، مع مشاهدة ما لا يحسن مشاهدته منه ـ عورته ـ وقد علم أن الله سيقتله من ضربته تلك ، التي فلقت هامته إلى موضع لحيته.

ولا ننسى أن نشير هنا إلى أنه إذا بلغ السيف إلى موضع لحيته ، فإنه لن يكون قادرا على مناشدة أحد.

د : من قتل أصحاب اللواء :

إن من الثابت : أن عليا أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام ، هو الذي قتل جميع أصحاب اللواء وكانوا أحد عشر رجلا ، ولا يعتنى بتفصيلات طائفة من المؤرخين في من قتل هذا ، ومن قتل ذاك ، ونستند في ذلك إلى ما يلي :

١ ـ قال الطبري ، وابن الزبير ، وغيرهما : «وكان الذي قتل أصحاب اللواء علي ، قال أبو رافع : قال : فلما قتلهم أبصر النبي «صلى الله عليه وآله» جماعة من المشركين الخ ..».

وستأتي المصادر الكثيرة جدا لهذا النص حين الكلام عن مناداة جبرئيل :

لا سيف إلا ذو الفقار     ولا فتى إلا علي

وقد نص على أنه «عليه السلام» هو الذي قتل أصحاب اللواء عدد جم من المؤرخين وغيرهم (19) ، وبعضهم ـ كالإسكافي ـ ذكر ذلك في مقام الحجاج والاحتجاج. ولو كان ثمة مجال لإنكار ذلك ، لم يجرؤ على إيراده في مقام كهذا.

٣ ـ وعن أبي عبد الله ، عن أبيه «عليهما السلام» ، قال : كان أصحاب اللواء يوم أحد تسعة ، قتلهم علي بن أبي طالب عن آخرهم الخ .. (20).

ويمكن تأييد ذلك بما سيأتي إن شاء الله ، من أن أمير المؤمنين «عليه السلام» قد قتل نصف بل أكثر قتلى المشركين في معركة أحد. لماذا التزوير؟!.

فإذا كان هذا هو الصحيح في هذه القضية ، وإذا كنا نلاحظ كثيرا : أنهم في مقام تفصيلاتهم الأخرى في هذا المقام ، وفي غيره أيضا ، يحاولون إعطاء كثير من الامتيازات لأولئك الذين لم تكن لهم علاقات حسنة بأهل البيت «عليهم السلام». بل كان لغالبهم عداوات كبيرة مع علي وأهل بيته ، وعلاقات وثيقة بأعدائهم ومناوئيهم.

إذا كان كذلك ، فإننا نستطيع أن نعرف سر محاولة صرف الأنظار هنا عن رجل الجهاد الحقيقي ، الذي كان ولا يزال شوكة جارحة في أعين أعداء الدين الحق ، الذين يحاربون الله ورسوله بالسلاح تارة ، وبالكذب والدعايات المسمومة أخرى ، وبالتحريف والتزوير ثالثة ، وهكذا.

ومن الممكن أن يكون بعض ما ذكروه عن غير علي «عليه السلام» صحيحا أيضا ، وأنهم قد قتلوا بعض المشركين.

ولكن من المؤكد : أنه لم يكن لهم دور بهذا المستوى المعروض فعلا ، ولا هم قتلوا أصحاب اللواء. ولكن مناوئي أهل البيت «عليهم السلام» قد بدلوا الأسماء كيدا منهم وحقدا.

ومن هنا فلا مانع من أن يكون أحدهم ، وهو حمزة ، قد قتل بطلا من غير أصحاب اللواء من المشركين بأن ضربه بالسيف فقطع يده وكتفه ، حتى بلغ مؤتزره ، فبدا سحره (أي رئته) ، ثم رجع ، وقال : أنا ابن ساقي الحجيج (21).

ولسوف يأتي إن شاء الله المزيد من الكلام فيما يرتبط بهذا الموضوع.

هـ : مبارزة أبي بكر لولده :

ويقولون : إن أبا بكر دعا ابنه عبد الرحمن للبراز يوم أحد ، وكان عبد الرحمن من أشجع قريش ، وأشدهم رماية!! (22).

فقال له النبي «صلى الله عليه وآله» : «متعنا بنفسك ، أما علمت أنك مني بمنزلة سمعي من بصري ، فأنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ)(23)» (24).

وقد ذكرت قصة شبيهة بهذه لأبي بكر وابنه في يوم بدر أيضا.

لكن فيها : أن عبد الرحمن هو الذي دعا أباه للبراز ، ولكن لم يذكر فيها نزول الآية بهذه المناسبة (25).

كما أن أكثر المصادر لم تذكر قوله : أما علمت أنك مني بمنزلة الخ ..

وفي بعض السير : أن أبا بكر قال لولده يوم بدر وهو مع المشركين : أين مالي يا خبيث؟.

فقال له عبد الرحمن كلاما معناه : أنه لم يبق إلا عدة الحرب ، التي هي السلاح ، وفرس سريعة الجري ، وجنان يقاتل عليه شيوخ الضلال (26).

ولنا على ما ذكر ملاحظات :

١ ـ أما بالنسبة لمال أبي بكر الذي طالب به ولده ، فيرده قولهم : إن أبا بكر حمل ماله كله حين هاجر من مكة إلى المدينة ، حتى إن أباه أبا قحافة لما جاء وسأل : إن كان أبقى لأهله شيئا ، اضطرت أسماء لأن تضع الحصى في كيس وتلمسه إياه على أنه نقود (27) وقد تقدم بعض الحديث حول ثروة أبي بكر حين الكلام على قضية الغار ، فليراجع ما ذكرناه هناك.

٢ ـ وأما نزول الآية في أبي بكر في هذه المناسبة فلا ندري : هل نصدق هذا؟! أم نصدق قولهم : إن أبا بكر سمع والده أبا قحافة يذكر النبي «صلى الله عليه وآله» بشر ؛ فلطمه لطمة سقط منها ، فنهاه النبي «صلى الله عليه وآله» عن أن يعود لمثلها؟!.

فقال : والله ، لو حضرني سيف لقتلته به فنزلت الآية (28).

وهذا يعني أن الآية مكية وليست مدنية قد نزلت في أحد ، لأن أبا قحافة قد بقي في مكة إلى حين الفتح.

كما أن هذا ينافي ما قيل في تفسير هذه الآية ، من أن المراد : الدعوة إلى الحرب ، أو إلى القرآن (29).

ومقتضى ما ذكر في قصته : أنه دعاه لترك الحرب ، وليبقى حيا ويمتعهم بنفسه.

٣ ـ قال ابن ظفر في الينبوع : «لم يثبت أن أبا بكر دعا ابنه للمبارزة ، وإنما هو شيء ذكر في كتب التفسير» (30).

٤ ـ ولما ذكر الجاحظ في عثمانيته هذه الحادثة متبجحا بها ، أجابه الإسكافي بقوله : «ما كان أغناك يا أبا عثمان عن ذكر هذا المقام المشهور لأبي بكر ، فإنه لو تسمعه الإمامية لأضافته إلى ما عندها من المثالب ، لأن قول النبي «صلى الله عليه وآله» : (إرجع) دليل على أنه لا يحتمل مبارزة أحد ، لأنه إذا لم يحتمل مبارزة ابنه ، وأنت تعلم حنو الابن على الأب ، وتبجليه له ، وإشفاقه عليه ، وكفه عنه ، لم يحتمل مبارزة الغريب الأجنبي.

وقوله : (ومتعنا بنفسك) إيذان بأنه كان يقتل لو خرج ، ورسول الله كان أعرف به من الجاحظ. فأين حال هذا الرجل من حال الرجل الذي صلي بالحرب ، ومشى إلى السيف بالسيف ، فقتل السادة والقادة ، والفرسان والرجالة»؟! (31).

٥ ـ وأخيرا .. فإن عائشة تقول : ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن ، غير أن الله أنزل عذري (32).

وحتى عذرها هذا لا يمكن أن يكون قد نزل فيها كما أثبتناه في كتابنا حديث الإفك ، وفي الجزء الثالث عشر من هذا الكتاب. فكيف تكون الآية قد نزلت بهذه المناسبة؟!.

هزيمة المشركين :

ويقولون : إنه لما قتل أصحاب اللواء ، وانتكست راية المشركين ، صاروا كتائب متفرقة ، وصار أصحاب الثغرة يرمون المشركين ، و «اقتتل الناس قتالا شديدا ، وأمعن في الناس حمزة ، وعلي ، وأبو دجانة في رجال من المسلمين ، وأنزل الله نصره على المسلمين ، وكانت الهزيمة» (33).

وعلى حد تعبير الديار بكري : «وقاتل علي في رجال من المسلمين» (34). وانهزم المشركون ، واتبعهم المسلمون ، يضعون السيف منهم حيث شاؤوا ، حتى أجهضوهم ، ووقعوا ينتهبون العسكر ، ويأخذون ما فيه من الغنائم.

وقد روى كثير من الصحابة ممن شهد أحدا ، قال كل واحد منهم : والله ، إني لأنظر إلى هند وصواحبها منهزمات ، وما دون أخذهن شيء لمن أراده ، ولكن لا مرد لقضاء الله (35).

ويذكرون هنا أيضا : أن سعد بن أبي وقاص قتل بطلا آخر ، رماه بسهم ، ثم أخذ يسلبه درعه ، فنهض إليه نفر ، فمنعوه سلبه ، وكان أجود سلب لمشرك درع فضفاضة ، ومغفر ، وسيف جيد ، يقول سعد : «ولكن حيل بيني وبينه».

ويذكرون كذلك : أن عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح ، قد قتل أحد فرسان المشركين ؛ فنذرت أم المقتول : أن تشرب في قحف رأس عاصم الخمر ، وجعلت لمن جاءها به مئة من الإبل ؛ فلما قتل يوم الرجيع ، وأرادوا أن يأخذوا لها رأسه حمته الدبر ـ أي جماعة النحل والزنابير ـ وثمة تفصيلات أخرى تقال هنا لا مجال لتتبعها.

وسنتكلم عن قضية حماية الزنابير لرأس عاصم في الجزء التالي من هذا الكتاب إن شاء الله.

ونحن نشير هنا إلى ما يلي :

ألف : لماذا لم يسب من نساء قريش أحد؟!

ومع أن الفرصة كانت متاحة لسبي نساء قريش في أحد ، ولكن لم يسب أحد منهن.

بل نجد : أنه لم يسب لقريش أحد طيلة حروبها مع المسلمين في مدة عشر سنين. وهذا في الحقيقة لطف إلهي ، ونعمة عظيمة على الإسلام وعلى المسلمين ، وذلك :

أولا : لأن سبي نساء قريش لسوف يوقع بعض المسلمين من المهاجرين في حرج نفسي واجتماعي ، ربما تكون له آثار سيئة على موقعه في الإسلام والمسلمين. بل ربما يوجب ذلك حرجا لبعض المسلمين من الأنصار من أهل المدينة أنفسهم ، لأن العلاقات النسبية عن طريق التزويج كانت موجودة بين مكة والمدينة.

حتى إن بعض قتلى اللواء في أحد كانت أمهم أوسية.

ثم إن ذلك سوف يؤثر على موقف كثير من المكيين من الإسلام ، رفضا أو قبولا ؛ فإن دخولهم على مجتمع قد عاملهم هذه المعاملة القاسية ، في أكثر القضايا حساسية ، عاطفيا ، واجتماعيا ، «بل ربما توجب لهم ـ على حد فهمهم وزعمهم ـ عار الدهر» سوف يكون صعبا جدا ، ولا سيما إذا كان لا بد أن يطلب منهم : التعامل مع هذا المجتمع بروح الصفاء ، والمحبة والأخوة. وأنى يمكنهم ذلك بعد الذي كان؟

ثانيا : إنه إذا كان لم يسب لقريش أحد ، ولم تستطع أن تنسى ثارات بدر ، وأحد ، وسائر المعارك. حتى إن حرب صفين ـ كما قالت أم الخير بنت الحريش ـ كانت لإحن بدرية ، وأحقاد جاهلية ، وضغائن أحدية ، وثب بها معاوية حين الغفلة ؛ ليدرك ثارات بني عبد شمس (36).

بل إن مجزرة كربلاء ، وفاجعة قتل الإمام الحسين «عليه السلام» وأهل بيته وأصحابه ، كانت لها دوافع بدرية ، وإحن أحدية أيضا ، فقد قال اللعين يزيد بن معاوية :

ليت أشياخي ببدر شهدوا        

جزع الخزرج من وقع الأسل

لأهلوا واستهلوا فرحا  

ثم قالوا : يا يزيد لا تشل

قد قتلنا القرم من أشياخهم      

وعدلنا ميل بدر فاعتدل

ولما وصل رأس الحسين «عليه السلام» إلى المدينة رمى مروان بالرأس نحو قبر النبي «صلى الله عليه وآله» ، وقال : يا محمد يوم بيوم بدر (37).

وقيل : إن الذي قال هذا هو الأشدق ، كما في مثالب أبي عبيدة (38).

هذا كله .. عدا عن واقعة الحرة ، وسائر المواقف العدائية لقريش تجاه أهل البيت «عليهم السلام» ، وأصحابهم ، وشيعتهم. فلو أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان قد سبى أحدا من قريش ؛ فما هي الحالة التي يمكن تصورها لزينب ، وسبايا كربلاء؟! اللواتي تجر عن الغصص ، وواجهن أفظع المصائب والبلايا ، على يد يزيد الغادر الأثيم ، وأعوانه ، أعوان الشيطان؟!

ومع ذلك نجدهم يقولون : إنه إمام مجتهد ، أو إنه كان مجتهدا متأولا مخطئا (39).

مع أنهم يقولون بالتصويب في الاجتهاد. وهل ليزيد حظ من العلم ، فضلا عن نيل شرف الاجتهاد؟! فإنا لله وإنا إليه راجعون!!.

 

ب : مقارنة :

قال المعتزلي : «قلت : شتان بين علي وسعد ، هذا يجاحش (40) على السلب ، ويتأسف على فواته ، وذاك يقتل عمرو بن عبد ود يوم الخندق ، وهو فارس قريش ، وصنديدها ، ومبارزه ؛ فيعرض عن سلبه ؛ فيقال له : كيف تركت سلبه ، وهو أنفس سلب؟!

فيقول : كرهت أن أبز السبي ثيابه.

فكأن حبيبا [يعني أبا تمام الطائي رحمه الله] عناه بقوله :

إن الأسود أسود الغاب همتها *** يوم الكريهة في المسلوب لا السلب (41)

 

الهزيمة بعد النصر :

ويقولون : لما رأى أصحاب الثغرة المشركين قد انهزموا ، وأن المسلمين يغنمون ، اختلفوا ، فبعضهم ترك الثغرة للغنيمة.

وفي معالم التنزيل : إنهم قالوا : نخشى أن يقول رسول الله «صلى الله عليه وآله» : من أخذ شيئا فهو له ، ولا يقسم الغنائم ـ كما لم يقسمها يوم بدر (42).

وقال بعضهم : وكانوا فوق العشرة ، أو دونها ـ : لا نخالف أمر رسول الله «صلى الله عليه وآله». ولما سأل رسول الله «صلى الله عليه وآله» التاركين لمراكزهم عن سبب ذلك ، قالوا : تركنا بقية إخواننا وقوفا ، قال «صلى الله عليه وآله» : بل ظننتم : أنا نغل ؛ فلا نقسم لكم. فأنزل الله تعالى : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَ)(43) الآية.

وقال بعضهم : وأنزل الله : (مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ)(44).

فلما رأى خالد قلة من على الثغرة ، وخلاء الجبل ، واشتغال المسلمين بالغنيمة ، ورأى ظهورهم خالية ، صاح في خيله ، فمر بهم ، وتبعه عكرمة في جماعة ؛ فحملوا على من بقي في الثغرة ؛ فقتلوهم جميعا ، ثم حملوا على المسلمين من خلفهم. ورأت قريش المنهزمة عودة رجالها للحرب ، ورفعت الحارثية لواءهم الذي كان ملقى على الأرض ؛ فعادوا إلى الحرب من جديد.

وإذا كان المسلمون قد تفرقوا ، وانتقضت صفوفهم ، ولم يعودوا صفا واحدا كالبنيان المرصوص ، يشد بعضه بعضا ، وفقدوا الارتباط بقيادتهم الحكيمة ، وهم في طلب المغنم ، فمن الطبيعي أن لا يتمكنوا من مقاومة هذه الحملة الضارية ، وأن يضيعوا بين أعدائهم ، فكان هم كل واحد منهم أن ينجو بنفسه فقد «أهمتهم أنفسهم» على حد تعبير القرآن الكريم. لا سيما وأن أحد المشركين قد قصد مصعب بن عمير وهو يذب عن رسول الله ، فظن أنه الرسول فقتله ، فيقال : إن اللواء كان معه ، فأخذه أبو الروم.

ويقال : بل أخذه ملك في صورة مصعب.

والذي عليه المحققون : أن النبي «صلى الله عليه وآله» أعطاه عليا «عليه السلام» ، وقد قدمنا أن الظاهر : هو أن هذا اللواء خاص ، وليس هو لواء الجيش ، الذي كان مع علي «عليه السلام».

ونادى قاتل مصعب ـ أو غيره ـ : أن محمدا قد قتل ؛ فازداد المشركون جرأة ، وهزم المسلمون الذين لم يستطيعوا جمع شملهم ، ولم شعثهم. وثبت علي «عليه السلام» وحده معه «صلى الله عليه وآله» ، يدافع عنه.

وخلص العدو إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وكلمت شفته ، وشج في وجهه ، ونشبت حلقتان من الدرع في وجهه الشريف ، ودث بالحجارة ، حتى وقع لشقه. كذا يقولون.

ويقولون أيضا : إن أبا عبيدة هو الذي انتزع حلقتي الدرع من وجهه الشريف فسقطت ثنيتاه ، فكان أحسن الناس هتما.

وقيل : بل انتزعهما أبو بكر.

وقيل : طلحة.

وقيل : عقبة بن وهب (45).

ولا بد أن يكون انتزاعهما بعد عودة المسلمين من هزيمتهم ، كما سنرى. كما أن الذي كسر رباعيته «صلى الله عليه وآله» لم يولد له ولد ، إلا وابتلي بالهتم ، كما يقال.

 

تصحيح وتوضيح :

وقد تصدى الإمام الصادق «عليه السلام» لتصحيح بعض ما كان يشاع حول أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد ترك موضعه وتراجع حتى بلغ الغار الذي في جبل أحد ، فأوضح «عليه السلام» أن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يتزحزح من موقفه ولم يتراجع قيد شعرة.

كما أنه «صلى الله عليه وآله» لم يكن قد نقص من خلقته شيء ، ولم تكسر رباعيته ، فقد روي عن الإمام الصادق «عليه السلام» : أنه قد رد ذلك ، فقد قال له الصباح بن سيابة : «كسرت رباعيته كما يقول هؤلاء؟!.

قال : لا والله ، ما قبضه الله إلا سليما ، ولكنه شج في وجهه.

قلت : فالغار في أحد الذي يزعمون : أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» صار إليه؟!.

قال : والله ، ما برح مكانه.

وقيل له : ألا تدعو عليهم؟

قال : اللهم اهد قومي الخ ..» (46).

ولعلهم أرادوا بذلك أن يثبتوا الهزيمة للنبي ليخف العار عن المنهزمين الذين يحبونهم.

 

الرسول صلّى الله عليه وآله يدعوهم في أخراهم :

وحين هزم المسلمون ، جعل الرسول «صلى الله عليه وآله» يدعوهم في أخراهم : إلي عباد الله ، إلي عباد الله ، إلي يا فلان ، إلي يا فلان ، وهم يصعدون ولا يلوون ، ولا يعرج عليه أحد ، والنبل يأتي إليه من كل ناحية.

واستمروا في هزيمتهم حتى الجبل ، وفيهم : أبو بكر ، وعمر ، وطلحة ، وسعد بن أبي وقاص ، وغيرهم. أما عثمان فقد استمر في هزيمته ثلاثة أيام .

 

علي عليه السّلام وكتائب المشركين :

وحين انهزم الناس غضب «صلى الله عليه وآله» ، ونظر إلى جنبه ، فإذا علي «عليه السلام» ؛ فقال : ما لك لم تلحق ببني أبيك؟!

فقال «عليه السلام» : يا رسول الله ، أكفر بعد إيمان؟! إن لي بك أسوة (47).

ويقول النص التاريخي : كان الذي قتل أصحاب اللواء علي ، قاله أبو رافع. وصارت تحمل كتائب المشركين على رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فيقول : يا علي ، اكفني هذه ؛ فيحمل عليهم ، فيفرقهم ، ويقتل فيهم.

حتى قصدته كتيبة من بني كنانة ، فيها بنو سفيان بن عويف الأربعة فقال له «صلى الله عليه وآله» : اكفني هذه الكتيبة ، فيحمل عليها ، وإنها لتقارب خمسين فارسا ، وهو «عليه السلام» راجل ، فما زال يضربها بالسيف حتى تتفرق عنه ثم تجتمع عليه هكذا مرارا حتى قتل بني سفيان بن عويف الأربعة وتمام العشرة منها ، ممن لا يعرف بأسمائهم فقال جبريل «عليه السلام» : يا محمد ، إن هذه المواساة ، لقد عجبت الملائكة من مواساة هذا الفتى!

فقال «صلى الله عليه وآله» : وما يمنعه ، وهو مني وأنا منه؟!

فقال جبريل : وأنا منكما. ثم سمع مناد من السماء :

لا سيف إلا ذو الفقار    

ولا فتى إلا علي

فسئل «صلى الله عليه وآله» عنه ؛ فقال : هذا جبريل (48).

قال المعتزلي : «.. قلت : وقد روى هذا الخبر جماعة من المحدثين ، وهو من الأخبار المشهورة ، ووقفت عليه في بعض نسخ مغازي محمد بن إسحاق ، ورأيت بعضها خاليا منها ، وسألت شيخي عبد الوهاب بن سكينة رحمه الله عن هذا الخبر ، فقال : هذا الخبر صحيح الخ ..» (49).

وبعد أن صد أمير المؤمنين «عليه السلام» تلك الكتائب لم يعد منهم أحد (50).

وأصيب أمير المؤمنين بجراح كثيرة ، قال أنس بن مالك : أتي رسول الله «صلى الله عليه وآله» بعلي «عليه السلام» يومئذ وفيه نيف وستون جراحة ، من طعنة ، وضربة ، ورمية. فجعل رسول الله «صلى الله عليه وآله» يمسحها وهي تلتئم بإذن الله تعالى كأن لم تكن (51).

وقبل أن نتابع حديثنا نسجل ما يلي :

ألف : استشهاد حمزة رضوان الله عليه :

وبعد قتل أصحاب الألوية ، واشتداد الحرب ، قال وحشي : والله ، إني لأنظر إلى حمزة يهد الناس هدا ، بسيف ما يبقي شيئا ، مثل الجمل الأورق. فاختبأ وحشي خلف شجرة ، أو حجر ، ورصد حمزة حتى مر عليه ، بعد قتله سباع بن عرفطة بن عبد العزى ، وقبله أبا نيار ، فأتاه من ورائه (52) فدفع عليه حربته ، فأصابت ثنته .. فأقبل حمزة نحوه ، فغلب ، فوقع ؛ فلما مات جاءه وحشي ، وأخذ حربته ، وشغل المسلمون عن وحشي بهزيمتهم (53).

ورجع وحشي إلى العسكر ، ومكث فيه ، ولم يكن له بغيره حاجة. وأعطته هند ثوبها وحليها ، ووعدته عشرة دنانير بمكة.

نعم ، عشرة دنانير لقاتل أسد الله وأسد رسوله!!.

استطراد حول وحشي :

ولما عاد وحشي إلى مكة أعتق.

ويقال : إنه ندم على ما فعل ، لأنه لم يعتق (54).

فلما كان فتح مكة هرب إلى الطائف ؛ فقيل له : «ويحك ، إنه والله لا يقتل أحدا من الناس دخل دينه» فذهب مع الوفد إلى المدينة. وقبل أن يقع نظر النبي «صلى الله عليه وآله» عليه شهد شهادة الحق.

فلما رآه النبي «يقال : إنه طلب منه : أن يحدثه كيف قتل حمزة ، ففعل» وقال له «صلى الله عليه وآله» : غيب وجهك عني ، فكان يتنكبه حيث كان ؛ لئلا يراه حتى قبضه الله (55).

قال ابن اسحاق : فبلغني : أن وحشيا لم يزل يحد في الخمر حتى خلع من الديوان.

وقال في آخره : وأخرجه البخاري ، عن جعفر بن عمر.

فكان عمر بن الخطاب يقول : قد علمت : أن الله لم يكن ليدع قاتل حمزة. ثم مات غريقا في الخمر (56).

ونعلق على ما تقدم بأمور :

الأول : قد يقال : إن كلمة عمر في حق وحشي تشير إلى أن الله تعالى سوف يخذل قاتل حمزة ، ولا يمده بالتوفيقات والعنايات والألطاف ؛ بل يطبع على قلبه بما عصى واعتدى.

ولكن الحقيقة هي خلاف هذا التوجيه ، فإن عمر ـ على ما يظهر ـ كان يذهب إلى أبعد من ذلك ، فهو يقول : إن الله سوف لا يدع قاتل حمزة ، بل سوف يلاحقه في كل مكان لينتقم منه بصورة مباشرة ، وسوف لا يدعه وشأنه ، ولن يفسح له المجال لإصلاح نفسه ، ولعمل الخير ، وملازمة التقوى.

إذا ، فشرب وحشي للخمر هو نتيجة لهذا التصميم الإلهي على الانتقام من هذا الرجل.

ومعنى ذلك : هو أن شربه للخمر كان من فعل الله سبحانه ، ووحشي كان مجبورا على ذلك.

نقول هذا : لأن لدينا الكثير من الدلائل والشواهد على أن عمر كان لا يزال يعتقد بالجبر الإلهي ، وأن جهود النبي «صلى الله عليه وآله» لم تفلح في قلع هذه الرواسب من نفسه ، ونفوس الكثيرين ممن كانوا قد عاشوا في الجاهلية ، وتربوا على مفاهيمها وأفكارها.

والذي نعتقده وهدانا إليه القرآن والإسلام والعقل ، هو أن الله تعالى لم يكن ليجبر عباده على شيء ، وإنما هم يعصون ويطيعون بملء اختيارهم. ولسنا هنا بصدد تحقيق ذلك.

الثاني : إن وحشيا قد أسلم ، لأن من عادة النبي «صلى الله عليه وآله» أن لا يقتل أصحابه ، كما أنه لما طلب عمر من النبي «صلى الله عليه وآله» أن يقتل ابن أبي المنافق ، أجابه «صلى الله عليه وآله» : دعه ، لا يتحدث الناس : أن محمدا يقتل أصحابه (57).

ولما رجعوا من أحد إلى المدينة ، وأرجف بهم المنافقون ، وأظهروا الشماتة ، طلب عمر بن الخطاب من النبي «صلى الله عليه وآله» : أن يأمره بقتلهم ، فرفض «صلى الله عليه وآله» ذلك ؛ لأنه مأمور أن لا يقتل من يتشهد الشهادتين (58).

وحين كان «صلى الله عليه وآله» يقسم مالا ، اعترض عليه أحدهم بأنه لا يعدل ، فغضب «صلى الله عليه وآله» حتى احمرت وجنتاه ، فقال : ويحك فمن يعدل إذا لم أعدل؟!.

فقال أصحابه : ألا تضرب عنقه؟.

فقال : لا أريد أن يسمع المشركون أني أقتل أصحابي (59).

وقد قال «صلى الله عليه وآله» ذلك أيضا حين أراد عبد الله بن عبد الله بن أبي أن يقتل أباه فراجع (60).

نعم ، وهذه هي الخطة الحكيمة والصحيحة ، لأن قتله لأصحابه ، معناه :

١ ـ أن لا يرغب أحد بعد في الدخول في الإسلام لأنه لا يرى فيه عصمة لنفسه ، ولا يطمئن لمستقبله ووجوده. كما أن من دخل فيه يجد نفسه مضطرا للتخلي عنه ، واختيار طريق الردة ، فيما لو صدر منهم أي عمل سيئ أحيانا له مساس بالحالة العامة ، أو بشخص النبي «صلى الله عليه وآله» دون ما يقع في نطاق التعدي على حقوق الآخرين وحرماتهم.

٢ ـ أن يفسح المجال أمام أعداء الإسلام للقيام بحملة دعائية ضده ، ومنع الناس من التعرف عليه والاهتداء بهديه ، حيث يطعن أعداؤه عليه بأنه «صلى الله عليه وآله» كسائر الملوك الذين يستفيدون من الناس حتى يحققوا أهدافهم ، ثم يقتلون من ناصرهم على الظن والتهمة.

٣ ـ إن ذلك ربما يدفع ضعفاء النفوس ممن أظهروا الإسلام إلى التخلي عنه ، ابتعادا بأنفسهم عن مواطن الخطر بزعمهم.

٤ ـ أضف إلى ما تقدم : أن ذلك منه «صلى الله عليه وآله» لربما يتخذ من قبل حكام الجور والانحراف ذريعة لقتل الأبرياء ، والتخلص من خصومهم السياسيين ، ثم يحتجون بأن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قد فعل ذلك.

٥ ـ كما أنه لا يبقى مجال للتعصبات القبلية ، التي ربما تؤدي إلى خروج قبيلة بكاملها من الإسلام. ولعله لأجل ذلك نجد أبا سفيان لا يثأر لأبي أزيهر الدوسي ، وكان في جواره ، ومنع ولده من ذلك أيضا ، وقال له : «أتريد أن تفرق بين قريش ؛ فيقوى علينا محمد؟ لعمري ما بدوس عجز عن طلب ثأرهم» (61).

٦ ـ هذا كله ، عدا عن أنه «صلى الله عليه وآله» لو فعل ذلك ، لخسر أبناء المقتولين ، وإخوانهم ، وكثيرا من عشائرهم ، وأصبحت علاقاتهم به لا تقوم على أساس الحب ، بل على أساس الخوف من سلطانه ، الأمر الذي سوف يدفع الكثيرين منهم للبحث عن منافذ للفرار ، والتخلص من هيمنة رجل قتل أحباءهم بالأمس ، ولربما تصل النوبة إليهم اليوم أو غدا.

الثالث : إن موقف الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» من وحشي ، وقوله له : غيب وجهك عني ، إن دل على شيء ؛ فإنما يدل على أن وحشيا لم يكن مسلما حقا ؛ إذ لا يمكن أن يقول النبي «صلى الله عليه وآله» ذلك لمسلم مؤمن ؛ بسبب ما كان قد ارتكبه حين كفره ، فإن الإسلام يجب ما قبله. وعليه فإن التشهد بالشهادتين ، وإن حقن دم وحشي ، إلا أنه إنما أسلم حينما رأى البأس ، بعد أن أهدر النبي «صلى الله عليه وآله» دمه. فإسلامه وإيمانه لا ينفعه ؛ لأنه في الحقيقة لم يكن مستندا إلى الاختيار ، ولا إلى القناعة الوجدانية والعقلية بهذا الدين.

وأعتقد : أنه لولا شبهة : أن النبي «صلى الله عليه وآله» إنما قتل مسلما ، وما سوف يوجب ذلك من تبلبل في الأفكار ، ومن ضرر على الإسلام ؛ لكان للنبي «صلى الله عليه وآله» أن يقتله. وإن أعماله الشنيعة والقبيحة ، وسيرته الخبيثة بعد ذلك لتدل دلالة واضحة على أنه لم يسلم ، وإنما استسلم ، تماما كما كان الحال بالنسبة لطلقاء مكة ، أبي سفيان وأصحابه.

ب : هل يدعو النبي صلّى الله عليه وآله على قومه؟! :

وقد رووا عن أنس : أن النبي «صلى الله عليه وآله» جعل يمسح الدم عن وجهه ، ويقول : «كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم ، وهو يدعوهم إلى ربهم ، فأنزل الله تعالى : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ)(62)» (63).

وقيل : إنه «صلى الله عليه وآله» جعل يلعن أبا سفيان ، وصفوان بن أمية ، وسهيل بن عمرو ، والحرث بن هشام ـ وأضافت بعض الروايات : عمرو بن العاص ـ فنزلت الآية ، فتيب عليهم كلهم (64).

وقيل : إنه «صلى الله عليه وآله» همّ أن يدعو عليهم ، فنهاه الله تعالى بهذه الآية ؛ لعلمه بأن فيهم من يؤمن ، فكف عن الدعاء عليهم (65).

ونحن نشك في صحة ما تقدم ، وذلك لما يلي :

١ ـ تناقض الروايات المتقدمة.

٢ ـ إنهم يقولون : «إن سبب نزول الآية هو : أنه «صلى الله عليه وآله» كان يقنت في صلاته بعد الركوع ، ويدعو على مضر ، وفي صلاة الفجر يدعو على بعض الأحياء العربية ، فنزل قوله تعالى : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ)(66)» (67).

وفي نص آخر : أنه «صلى الله عليه وآله» كان يلعن فلانا وفلانا من المنافقين ، فأنزل الله سبحانه الآية (68).

وفي أخرى : أن الآية قد نزلت ، حينما أساء رجل من قريش الأدب مع النبي «صلى الله عليه وآله» ، حيث كشف عن أسته بحضرته ، فدعا عليه «صلى الله عليه وآله» ثم أسلم ، فحسن إسلامه (69).

٣ ـ إنهم يقولون : إنه «صلى الله عليه وآله» قد قال حين شج في وجهه : اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون (70).

٤ ـ وأخيرا لو كانت الآية المباركة المذكورة نازلة ردا على النبي «صلى الله عليه وآله» ، لم يبق ثمة مناسبة بينها وبين الآية التي قبلها.

ولم يمكن تفسير هذه الآية تفسيرا معقولا ومقبولا ، وخصوصا قوله تعالى : (أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) ، فإنه عطف على الآية قبلها ، والآيتان هما :

 

(لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ ، لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ ، وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ)(71).

والمعنى : أن نصر الله لكم ببدر ، وإمداده لكم بالملائكة ، وغير ذلك من أمور ، إنما هو ليقطع الله منهم طرفا ، ويقلل عدتهم بالقتل والأسر ، أو ليخزيهم ويغيظهم ، أو ليتوب عليهم ، أو ليعذبهم.

فأما القطع والكبت ؛ فلأن الأمر إليه (أي إلى الله) لا لك يا محمد ، لتمدح أو تذم ، وقد ذكر هذا بنحو الجملة الاعتراضية بين الأقسام المتقدمة.

وأما التوبة والعذاب ؛ فلأن الله هو المالك لكل شيء ؛ فيغفر لمن يشاء ، ويعذب من يشاء (72).

فلا ربط للآية إذا بالكلام المنسوب إلى النبي «صلى الله عليه وآله». ولو كان الكلام منفصلا عما قبله كما تقتضيه الروايات المتقدمة ، لورد سؤال : إن قوله : (أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) معطوف على ماذا؟! (73).

هذا ، ويجب أن لا ننسى أن ثمة يدا تحاول أن تثبت الإيمان للأربعة المتقدم ذكرهم ، وهم : أبو سفيان ، وصفوان بن أمية ، وسهيل بن عمرو ، والحرث بن هشام ـ ولغيرهم من أعوانهم ـ ممن صارت السلطة فيما بعد إلى قومهم وأبنائهم. مع أنهم من الطلقاء والمنافقين المؤلفة قلوبهم ، ومع أنه قد صدرت منهم أمور تدل على أنهم لم يسلموا ، وإنما استسلموا .

استطراد هام :

ومما يلفت النظر هنا قولهم المتقدم : إنه «صلى الله عليه وآله» جعل يلعن صفوان وأبا سفيان الخ .. فنزلت الآية ، فتيب عليهم كلهم.

وأعجب من ذلك : أن نجد ابن كثير يدّعي ، بالنسبة لدعاء النبي «صلى الله عليه وآله» على معاوية بقوله : «لا أشبع الله بطنه ، قال : فما شبع بعدها» (74) : ـ يدّعي ـ أن معاوية قد انتفع بهذا الحديث دنيا وآخرة : أما في الدنيا فكان بعدما يأكل الكثير يقول : والله ما أشبع وإنما إعياء ، وهذه نعمة ومعدة يرغب فيها كل الملوك.

وأما في الآخرة ، فقد أتبع مسلم هذا الحديث بالحديث الذي رواه البخاري ، وغيرهما من غير وجه ، عن جماعة من الصحابة :

أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قال : اللهم إنما أنا بشر ، وفي رواية : اللهم إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر فأيما عبد سببته ، أو جلدته ، أو دعوت عليه ، وليس لذلك أهلا ، فاجعل ذلك كفارة وقربة تقربه بها عندك يوم القيامة.

وفي نص : سببته أو لعنته أو جلدته ، فاجعلها له زكاة ورحمة.

أو : فاجعل ذلك له قربة إليك (75).

قال ابن كثير : فركب مسلم من الحديث الأول وهذا الحديث فضيلة لمعاوية ، ولم يورد له غير ذلك (76).

وثمة نصوص منقولة عن مصادر كثيرة حول شبع بطن معاوية لا مجال لإيرادها هنا. وقد علق عليها العلامة الأميني بما هو مفيد فليراجع (77).

أما نحن فنكتفي هنا بالإشارة إلى الحديث الآخر ، فنسجل ما يلي :

١ ـ روي عنه «صلى الله عليه وآله» أنه قال : المؤمن لا يكون لعانا (78) وقال ، وقد أبى الدعاء على المشركين : إني لم أبعث لعانا ، وإنما بعثت رحمة (79) ، فلم يلعنهم ولا دعا عليهم.

وقال «صلى الله عليه وآله» لما لعنت جارية ناقتها : لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة (80) ، وروي عنه «صلى الله عليه وآله» ما هو قريب من ذلك حينما سمع رجلا لعن ناقته (81).

وقال سلمة بن الأكوع : كنا إذا رأينا الرجل يلعن أخاه ، رأينا أن قد أتى بابا من الكبائر (82).

وجاء في اللعنة أحاديث كثيرة لا مجال لتتبعها (83).

٢ ـ وقد ذكر في الرواية : السباب. مع أنه «صلى الله عليه وآله» قال : سباب المؤمن فسوق.

وقال «صلى الله عليه وآله» : المستبان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان. وغير ذلك (84).

٣ ـ وأما أن النبي بشر يرضى ويغضب ، فإنه «صلى الله عليه وآله» هو نفسه قال لعبد الله بن عمرو : أكتب عني في الغضب والرضا ، فوالذي بعثني بالحق نبيا ، ما يخرج منه إلا حق ، وأشار إلى لسانه (85).

٤ ـ وكان «صلى الله عليه وآله» كما وصفه أمير المؤمنين لا يغضب للدنيا ؛ فإذا أغضبه الحق ، لم يعرفه أحد ، ولم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له (86).

٥ ـ وعنه «صلى الله عليه وآله» : المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده (87).

٦ ـ وروى البخاري في كتاب الأدب : أنه «صلى الله عليه وآله» لم يكن سبّابا ، ولا فحّاشا ، ولا لعّانا (88).

٧ ـ وقد قال تعالى : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً)(89).

وبعد هذا فإننا نعرف : أنه لا قيمة لقولهم : إن من خصائصه «صلى الله عليه وآله» جواز لعن من شاء بغير سبب (90).

قال المظفر «رحمه الله» : نعم ربما يلعن بعض المنافقين وفراعنة الأمة ، الذين ينزون على منبره نزو القردة ، لكشف حقائقهم ؛ إذ يعلم بابتلاء الأمة بهم ، كبني أمية الشجرة الملعونة في القرآن. لكن أتباعهم وضعوا الحديث الذي صيروا فيه اللعنة زكاة ، ليعموا على الناس أمرهم ، ويجعلوا لعن النبي «صلى الله عليه وآله» لهم لغوا ، ودعاءه على معاوية بأن لا يشبع الله بطنه باطلا ، فجزاهم الله تعالى عن نبيهم ما يحق بشأنهم (91).

فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ :

ومما يلفت النظر هنا : أننا نجد النبي «صلى الله عليه وآله» ، مع ما نالته به قريش ، كان يقول ـ وفي تلك اللحظات بالذات ـ : اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون. وما ذلك إلا لأنه رجل هادف ، وطبيب دوار بطبه ، لا يكرههم ، ولا يعاديهم ، لأنهم عدو ، وإنما هو يكره كفرهم ، وانحرافهم ، وأعمالهم الشاذة ، التي تعود أولا وأخيرا بالدمار عليهم وعلى إخوانهم من بني الإنسان. ولقد كان يذوب حسرة وشفقة عليهم ، حتى عاتبه الله تعالى بقوله : (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ)(92).

نعم ، إن النبي «صلى الله عليه وآله» يرأف بعدوه ، وتذهب نفسه حسرات عليه ، ويهتم ويبذل كل غال ونفيس في سبيل إنقاذه.

وليس أشد على الإنسان من أن يعيش قضية شخص ، ويعيش مشكلته ، ويبذل كل ما في وسعه من أجل إنقاذه ، وإذا به يرى ذلك الغير يعاديه ويعلن الحرب عليه ، ويعمل على قتله ، من أجل أن يحتفظ بذلك الانحراف بالذات ، وفي سبيل الإبقاء على تلك المشاكل نفسها.

ومن أجل ذلك احتاج الأنبياء إلى أعظم مراتب الصبر ، كما يظهر من الآيات القرآنية.

وقد أشرنا من قبل إلى أنه في حرب الجمل ، حينما حارب علي «عليه السلام» البغاة ، خرج صائح يحذر جيش عائشة من سيف الأشتر ، وجندب بن زهير (93).

ونرى : أن هذا الصائح إنما فعل ذلك عن رأي علي «عليه السلام» ورضاه ، لأنه يريد إعلاء كلمة الله تعالى بأقل قدر ممكن من الخسائر ؛ لأنه يحب لهم الهداية ، ولا يريد أبدا لهم الضلالة والغواية.

وكان «عليه السلام» ـ كأخيه ـ تذهب نفسه حسرات عليهم ، كما يظهر من كلماته المرة المعبرة عن غصته وآلامه. هذا ، عدا عن أن ذلك من أساليب الحرب النفسية ، التي تعجل في كسر شوكتهم ، وتحطيم كبريائهم.

لم يثبت في أحد غير علي عليه السّلام :

وأما عن الذين ثبتوا يوم أحد ، فنجد الروايات مختلفة جدا ، وتذكر أرقاما متعددة من واحد إلى ثلاثين.

والصحيح هو أن عليا «عليه السلام» وحده هو الذي ثبت يوم أحد ، وفر الباقون. ويدل على ذلك :

١ ـ قال القوشجي ، بعد أن ذكر قتل علي «عليه السلام» لأصحاب اللواء : فحمل خالد بن الوليد بأصحابه على النبي «صلى الله عليه وآله» ؛ فضربوه بالسيوف ، والرماح ، والحجر ، حتى غشي عليه ، فانهزم الناس عنه سوى علي «عليه السلام» ، فنظر النبي «صلى الله عليه وآله» بعد إفاقته ، وقال : اكفني هؤلاء ، فهزمهم علي عنه ، وكان أكثر المقتولين منه (94).

٢ ـ وقد قالوا : كان الفتح يوم أحد بصبر علي (ر ض) (95).

وقد يقال : إن هذا النص لا يدل على فرارهم ، وإنما هو يدل على عظيم جهاد علي «عليه السلام» وصبره ..

٣ ـ عن ابن عباس ، قال : لعلي أربع خصال ، هو أول عربي وعجمي صلى مع النبي «صلى الله عليه وآله» ، وهو الذي كان لواؤه معه في كل زحف ، وهو الذي صبر معه يوم المهراس (أي يوم أحد) ، انهزم الناس كلهم غيره ، وهو الذي غسله وأدخله قبره (96).

٤ ـ ما سنذكره ـ بعد الحديث عن موقف علي ـ من أن من يذكرونهم :

أنهم ثبتوا ؛ لا ريب في فرارهم ، كما تدل عليه النصوص.

وقبل أن نشير إلى هذه الناحية لا بد من إلماحة موجزة إلى ما يمكن أن يقال حول ثبات علي «عليه السلام» في هذا الموقف.

 

إنه مني وأنا منه :

إن قول النبي «صلى الله عليه وآله» عن علي «عليه السلام» : إنه مني وأنا منه ، لا بد أن نتدبر معناه ومغزاه.

وهو قريب من قوله «صلى الله عليه وآله» : حسين مني وأنا من حسين.

ولعل المراد : أن أمير المؤمنين «عليه السلام» هو من شجرة النبي ، وسائر الناس من شجر شتى ، هذه الشجرة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء. وهو «عليه السلام» من طينة رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، لحمه لحمه ، ودمه دمه. وهو من النبي «صلى الله عليه وآله» سلوكا ، وعقيدة ، ومبدأ ، ونضالا ، وأدبا ، وخلوصا ، وصفاء ، الخ ..

كما أن النبي «صلى الله عليه وآله» هو الذي صنع عليا ، وعلمه ، وثقّفه ، وأدّبه. ومن الجهة الأخرى ، فإن النبي «صلى الله عليه وآله» أيضا من علي ، حيث إن الوجود الحقيقي للنبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» إنما هو بوجود دينه ، ومبدئه ، وفكره ، وعقيدته ، وسلوكه ، ومواقفه ؛ فهذا النبي هو من علي ، وعلي «عليه السلام» هو الذي سوف يبعثه من جديد من خلال إحيائه لمبادئه ، وفضائله ، وآدابه ، وعلومه ، وغير ذلك.

وهكذا كان ؛ فلولا علي «عليه السلام» لم يبق الإسلام ، ولا حفظ الدين.

حتى إننا نجد أحدهم يصلي خلف علي «عليه السلام» مرة ؛ فيقول : إنه ذكره بصلاة رسول الله «صلى الله عليه وآله» (97).

هذه الصلاة التي لم يبق منها إلا الأذان ، وحتى الأذان فإنهم قد غيروه (98).

ويلاحظ هنا : أنه «صلى الله عليه وآله» قد قدم قوله : (إنه مني) ، تماما كما قدم قوله : «حسين مني» ، لأن صناعة النبي «صلى الله عليه وآله» لهم سابقة على إحيائهم لدينه. فثقافة ، وفكر ، ونفسية ، ودين ، وخصائص ، وآداب النبي «صلى الله عليه وآله» ، لسوف يبعثها علي والحسين «عليهما السلام» ؛ وهكذا العكس.

ومن هنا صح للنبي «صلى الله عليه وآله» أن يقول : أنا وأنت يا علي أبوا هذه الأمة (99).

كما أنه ليس من البعيد أن يكون جبرئيل قد كان يستفيد ويتعلم من النبي «صلى الله عليه وآله» وعلي «عليه السلام» ، ولأجل ذلك قال : وأنا منكما. وقد ناشدهم أمير المؤمنين بهذه القضية بالذات في قضية الشورى (100) ، وذلك يؤكد مغزاها العميق ، ومدلولها الهام.

لا سيف إلا ذو الفقار :

وإن مناداة جبرئيل ب «لا سيف إلا ذو الفقار الخ ..» لها مغزى عميق أيضا ، فإنها تأتي تماما في مقابل ما فعله الذين فروا وجلسوا يتآمرون ـ هل يرسلون ابن أبي لأبي سفيان ليتوسط لهم عنده؟

أم أن كونهم من قومهم ، وبني عمهم يجعلهم لا شيء عليهم ، أم يرجعون إلى دينهم الأول؟ ـ كما سيأتي ـ فإن كل ذلك يدل على أن الذي كان سيفه خالصا لله حقا هو أمير المؤمنين «عليه السلام» فإنه لا سيف خالصا لله ، وفي سبيل الله ، إلا سيفه ذو الفقار.

وهذا السيف هو الذي قال عنه أمير المؤمنين «عليه السلام» في رسالته إلى بعض عماله ، يتهدده على تلاعبه بأموال الأمة ، مشيرا إلى هذا :

«ولأضربنك بسيفي الذي ما ضربت به أحدا إلا دخل النار» (101). لأنه لا يقتل به إلا مستحقها ، ولأجل هذا صار لهذا السيف شرف ومجد ، وتفرد بين سائر السيوف بأنه في يد علي الذي هو نفس النبي «صلى الله عليه وآله».

كما أن أمير المؤمنين «عليه السلام» هو الذي كان الله ورسوله ، وجهاد في سبيله ، أحب إليه من كل شيء حتى من نفسه ؛ وجراحه الكثيرة جدا شاهد صدق على ذلك.

أما غير علي «عليه السلام» ، فقد كانت نفسه ـ بدرجات متفاوتة طبعا ـ أحب إليه من الله ورسوله ، وجهاد في سبيله. ولأجل ذلك تخلى عن كل ذلك ، حينما رأى نفسه تلك في خطر. بل لقد هم بعضهم بأن يتخلى حتى عن دينه ، حيث قال : «إرجعوا إلى دينكم الأول»!.

بل نجد البعض يرى : أن عشيرته الكافرة أحب إليه من الله ورسوله ، وجهاد في سبيله ، ومن دينه ؛ فنراه يقول : «نلقي إليهم بأيدينا ، فإنهم قومنا وبنو عمنا» (102).

ويلاحظ : أن أكثر ذلك الكلام قد كان من المهاجرين على وجه العموم!!. كما أن أولئك كلهم لا فتوة لهم ، ولا رجولة عندهم.

وعلي «عليه السلام» وحده هو الفتى ، لأنه يملك نفسه ، ولا تملكه نفسه ، أما هم ، فإن نفوسهم تملكهم ؛ فتهلكهم.

ولعل مما يشير إلى ما ذكرنا : أننا نجد الله تعالى يؤكد في الآيات النازلة في أحد على أنه قد كان ثمة اتجاه إلى امتحان أصحاب النبي «صلى الله عليه وآله» هؤلاء ، وتمحيصهم. ثم هو يبين لهم مدى ارتباطهم بنبيهم الأعظم «صلى الله عليه وآله» ويبين لهم : أن أمر هذا النبي «صلى الله عليه وآله» لا يهمهم ، بل هو إن مات أو قتل انقلبوا على أعقابهم.

ونحن نكتفي هنا بذكر الآيات التالية :

(إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ، وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ ، أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ، وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ، وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ..)(103).

وخلاصة الأمر : أننا نجد هؤلاء يفرون هنا ، ولا يثبت إلا علي «عليه السلام» ، ويتركون النبي «صلى الله عليه وآله» عرضة للشدائد والبلايا ، وعلي «عليه السلام» وحده هو الذي يثبت ، ويدفع عن هذا الرسول «صلى الله عليه وآله» ، ويرد عنه ، تماما كما كان «عليه السلام» في بدر يحارب ، ثم يرجع ليتفقد الرسول «صلى الله عليه وآله» كما تقدم.

والدليل على أنهم قد أهمتهم أنفسهم ، ولم يهتموا بحفظ نفس الرسول : أننا نجدهم ـ بعد سنوات ـ لا يعنيهم موت الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» في قليل ولا كثير ، حتى لقد أخرج ابن سعد ، عن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع ، قال : جاء علي بن أبي طالب يوما متقنعا متحازنا ، فقال له أبو بكر : أراك متحازنا.

فقال علي : إنه عناني ما لم يعنك!!.

قال أبو بكر : اسمعوا ما يقول ، أنشدكم الله ، أترون أحدا كان أحزن على رسول الله «صلى الله عليه وآله» مني؟! (104).

فإن عليا لم يكن يراهم محزونين على النبي «صلى الله عليه وآله» ، ولا مهتمين بأمره ، ولا حتى حين وفاته ، بل لم يكن يعنيهم أمره أصلا ، حتى اضطر أبو بكر إلى هذا الاستشهاد لإنقاذ موقفه. ولا بد أن يكون قد استشهد من هم على رأيه ، وعلى مثل موقفه ، من المقربين إليه.

بل نجد النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه يلمح للصحابة : أن غيرهم يحبه أكثر منهم.

فقد روي أنه قال : إن قوما يأتون من بعدي ، يود أحدهم أن يفتدي رؤيتي بأهله وماله (105).

بل إننا نجده «صلى الله عليه وآله» يفضل الذين يأتون بعده ولم يروه على أصحابه ، كما يظهر من عدد من الروايات (106).

الفارون في أحد :

ومما يدل على أنه لم يثبت غير علي «عليه السلام» : أن من تحاول بعض الروايات التأكيد على ثباتهم لا ريب في فرارهم ، فيلاحظ التعمد والإصرار على ثبات طلحة ، وسعد بن أبي وقاص ، وغيرهما. ونكتفي هنا بذكر عبارة الشيخ الطوسي رحمه الله ، حيث قال :

«ذكر البلخي : أن الذين بقوا مع النبي «صلى الله عليه وآله» يوم أحد ، فلم ينهزموا ثلاثة عشر رجلا ، خمسة من المهاجرين : علي «عليه السلام» ، وأبو بكر ، وطلحة ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ، والباقون

من الأنصار. فعلي وطلحة لا خلاف فيهما ، والباقون فيهم خلاف» (107).

وفي نص آخر : «أفرد النبي «صلى الله عليه وآله» في تسعة ، سبعة من الأنصار ورجلين من قريش».

ثم ذكر أن السبعة من الأنصار قد قتلوا أيضا (108).

ورغم ذلك كله نقول : لا ينبغي الريب في أن عليا «عليه السلام» وحده هو الذي ثبت وفر الباقون جميعا ؛ حتى طلحة وغيره. ولبيان ذلك ، نقول :

 

فرار سعد :

إن مما يدل على فرار سعد :

١ ـ ما تقدم من أنه لم يثبت سوى علي «عليه السلام».

٢ ـ عن السدي : لم يقف إلا طلحة ، وسهل بن حنيف (109).

ولعل عدم ذكر علي «عليه السلام» بسبب أن ثباته إجماعي ، لم يرتب فيه أحد.

٣ ـ وعند الواقدي : أنه لم يثبت سوى ثمانية ، وعدهم ، وليس فيهم سعد. أما الباقون ففروا والرسول يدعوهم في أخراهم (110).

٤ ـ ويعد الإسكافي ، وابن عباس ، وغيرهما من ثبت يوم أحد ، وليس فيهم سعد (111).

٥ ـ وسلمة بن كهيل يقول : لم يثبت غير اثنين ، علي ، وأبو دجانة (112).

٦ ـ عن سعد ، قال : لما جال الناس عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» تلك الجولة تنحيت ، فقلت : أذود عن نفسي ، فإما أن أستشهد ، وإما أن أنجو.

إلى أن قال : فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله» : أين كنت اليوم يا سعد؟!

فقلت : حيث رأيت (113).

 

فرار طلحة :

ويدل على فراره :

١ ـ جميع ما تقدم في أنه لم يثبت سوى علي «عليه السلام».

٢ ـ ويدل على ذلك أيضا قول سلمة بن كهيل المتقدم.

٣ ـ إنتهى أنس بن النضر إلى عمر بن الخطاب ، وطلحة بن عبيد الله ، في رجال من المهاجرين والأنصار ، وقد ألقوا بأيديهم ، فقال : ما يحبسكم؟

قالوا : قتل رسول الله.

فقال : فما تصنعون بالحياة بعده؟! قوموا ، فموتوا على مثل ما مات عليه رسول الله «صلى الله عليه وآله».

ثم استقبل القوم ، فقاتل حتى قتل (114).

ويروي السدي : أنه خاف هو وعثمان أن يدال عليهم اليهود والنصارى ، فاستأذنا رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالخروج إلى الشام ليأخذ أحدهما العهد لنفسه من اليهود ، ويأخذه الآخر من النصارى ، فرفض «صلى الله عليه وآله» طلبهما (115).

 

فرار أبي بكر :

ويدل على فراره :

١ ـ جميع ما تقدم في ثبات أمير المؤمنين «عليه السلام». وما تقدم في فرار سعد ، ما عدا الحديث الأخير المختص بسعد.

٢ ـ عن عائشة : كان أبو بكر إذا ذكر يوم أحد بكى ، ثم قال : ذاك كان

 

يوم طلحة.

ثم أنشأ يحدث ، قال : كنت أول من فاء يوم أحد ؛ فرأيت رجلا يقاتل مع رسول الله «صلى الله عليه وآله» ؛ فقلت : كن طلحة ، حيث فاتني ما فاتني ، يكون رجلا من قومي (116).

وحسب نص آخر ، عن عائشة ، عن أبيها : لما جال الناس عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» يوم أحد كنت أول من فاء إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فبصرت به من بعد ، فإذا برجل قد اعتنقني من خلفي مثل الطير ، يريد رسول الله «صلى الله عليه وآله» ؛ فإذا هو أبو عبيدة.

قال الحاكم : صحيح الإسناد (117).

ولكن ما أراده أبو بكر لم يصل إليه ، فإن طلحة كان قد فر أيضا كما فر هو ، ولكنه فاء إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» قبله.

ثم إننا لا نستطيع أن نوافق أبا بكر على هذه الروح القبلية التي كانت تستبد به ، وتهيمن على فكره وعقله وروحه ، حتى في هذه اللحظات الحرجة والخطيرة ، حيث يتمنى أن يكون رجلا من قومه!!.

٣ ـ قال الأمير أسامة بن منقذ : لما دون عمر الدواوين ، جاء طلحة بنفر من بني تميم يستفرض لهم. وجاء أنصاري بغلام مصفر سقيم ، فسأل عنه عمر ؛ فأخبر أنه البراء بن أنس بن النضر ، ففرض له في أربعة آلاف ، وفرض لأصحاب طلحة في ستمائة ؛ فاعترض طلحة.

فأجابه عمر : «إني رأيت أبا هذا جاء يوم أحد ، وأنا وأبو بكر قد تحدثنا : أن رسول الله قتل ؛ فقال : يا أبا بكر ، ويا عمر ، ما لي أراكما جالسين؟!

إن كان رسول الله قتل ؛ فإن الله حي لا يموت الخ ..» (118).

٤ ـ قال زيد بن وهب لابن مسعود : وأين كان أبو بكر وعمر؟

قال : كانا ممن تنحى (119).

٥ ـ قال المظفر رحمه الله ما معناه : إنه كيف يتصور ثبات أبي بكر في ذلك اليوم الهائل ، وحومة الحرب الطاحنة التي لم يسلم فيها حتى النبي «صلى الله عليه وآله» ، فضلا عن علي «عليه السلام» كيف يتصور ثباته في ظروف كهذه ، وما أصاب وما أصيب ، وكيف يسلم ، وهو قد ثبت ليدفع عن النبي «صلى الله عليه وآله» السيوف ، والرماح والحجارة؟

ولا سيما مع ما يزعمه أولياؤه من أنه قرين النبي «صلى الله عليه وآله» في طلب قريش له ، حتى بذلوا في قتله ما بذلوه في قتل النبي «صلى الله عليه وآله» ثم أتراهم ينعون إصبع طلحة ، ولا ينعون جراحة أبي بكر؟! (120).

٦ ـ روى مسلم : أن رسول الله قد أفرد في أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش (121).

قال الشيخ المظفر : «إن أحد الرجلين علي ، والآخر ليس أبا بكر ؛ إذ لا رواية ، ولا قائل في ثباته ، وفرار سعد أو طلحة» (122).

هذا وقد ذكر في سحّ السحابة : أن الأنصار قد قتلوا جميعا واحدا بعد واحد (123).

ولكن رواية أخرى تقول : إنهم سبعة من الأنصار ، ورجل من قريش ، وستأتي الرواية حين الحديث عن عدم ثبات أحد من المهاجرين سوى علي «عليه السلام».

٧ ـ ويرد الإسكافي على الجاحظ بقوله : أما ثباته يوم أحد ؛ فأكثر المؤرخين وأرباب السير ينكرونه (124).

٨ ـ لقد رووا بسند صحيح ، عن ابن عباس ؛ في قوله : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) : أبو بكر وعمر (125).

قال الرازي : «وعندي فيه إشكال ؛ لأن الذين أمر الله رسوله بمشاورتهم ، هم الذين أمره بالعفو عنهم ، ويستغفر لهم ، وهم المنهزمون ؛ فهب أن عمر كان من المنهزمين ؛ فدخل تحت الآية ، إلا أن أبا بكر ما كان منهم ؛ فكيف يدخل تحت هذه الآية» (126).

وأجابه المظفر بقوله : «إن الإشكال موقوف على تقدير ثبات أبي بكر ، وهو خلاف الحقيقة. هذا ، والآية ظاهرة في الأمر بمشاورتهم للتأليف ، كما يظهر من كثير من أخبارهم ، ومثله الأمر بالعفو عنهم ، والاستغفار لهم» (127).

 

فرار عمر :

ويدل على فراره :

١ ـ ما تقدم في ثبات أمير المؤمنين فقط.

٢ ـ ما تقدم في فرار طلحة ، وما جرى بينهم وبين أنس بن النضر.

٣ ـ ما تقدم في فرار أبي بكر ، في حديث فرض عمر لابن أنس بن النضر.

وكذلك ما ذكره ابن مسعود. ثم ما قاله المظفر. ثم ما قاله مسلم ، وعلق عليه المظفر. ثم ما ذكره ابن عباس ، وعلق عليه الرازي ، وأجابه المظفر.

٤ ـ ما تقدم في فرار سعد.

٥ ـ عن كليب قال : خطبنا عمر ، فكان يقرأ على المنبر آل عمران ، ويقول : إنها أحدية.

ثم قال : تفرقنا عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» يوم أحد ؛ فصعدت الجبل ، فسمعت يهوديا يقول : قتل محمد.

فقلت : لا أسمع أحدا يقول : قتل محمد ، إلا ضربت عنقه. فنظرت ، فإذا رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، والناس يتراجعون إليه ، فنزلت : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ)

(128).

وفي نص آخر : لما كان يوم أحد هزمناهم (129) ، ففررت حتى صعدت الجبل ، فلقد رأيتني : أنزو كأنني أروى (130).

وفي لفظ الواقدي : إن عمر كان يحدث ، فيقول : لما صاح الشيطان : قتل محمد ، قلت : أرقى الجبل كأنني أروية (131).

ونحن هنا لا ندري من أين جاء ذلك اليهودي الملعون ، الذي نقل عنه عمر قوله : قتل محمد!! مع أنه «صلى الله عليه وآله» قد رفض مشاركة اليهود في هذه الحرب ، كما رفض ذلك في غيرها. كما أننا لا ندري كيف نفسر تهديد عمر لهذا اليهودي بالقتل ، مع أنه هو نفسه قد فر عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وأسلمه لأعدائه ، فأين كانت حماسة عمر عنه في الدفاع عن النبي «صلى الله عليه وآله» ضد المشركين؟! ولم لم يقتل أحدا منهم؟ ولا حتى طيلة السنوات العشر ، في عشرات الغزوات والسرايا التي اشترك فيها؟!. إن ذلك لعجيب حقا ، وأي عجيب!!.

٦ ـ قال المعتزلي : قال الواقدي : لما صاح إبليس : إن محمدا قد قتل ، تفرق الناس.

إلى أن قال : وممن فر عمر وعثمان (132).

لكن يلاحظ : أن اسم عمر قد حذف من المطبوع من مغازي الواقدي ، وأثبته المعلق في هامش الصفحة على أنه قد ورد في بعض نسخ المغازي دون بعض (133).

فليراجع ذلك بدقة ، فقد تعودنا منهم مثل هذا الشيء الكثير!!

٧ ـ وبعد أن ذكر الواقدي اعتراض عمر على رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، في قضية الحديبية ، قال عن النبي «صلى الله عليه وآله» : «ثم أقبل على عمر ، فقال : أنسيتم يوم أحد ؛ إذ تصعدون ولا تلوون على أحد ، وأنا أدعوكم في أخراكم»؟! (134).

٨ ـ ما سيأتي من عدم قتل خالد لعمر ، حينما كان عمر منهزما.

٩ ـ وجاءته امرأة أيام خلافته ، تطلب بردا من برد كانت بين يديه ، وجاءت معها بنت له ، فأعطى المرأة ، ورد ابنته.

فقيل له في ذلك ، فقال : إن أب هذه ثبت يوم أحد ، وأب هذه فر يوم أحد ، ولم يثبت (135).

١٠ ـ وقد اعترف عمر برعبه من علي «عليه السلام» حينما تبع الفارين وهو يقول لهم : شاهت الوجوه ، وقطت ، وبطت ، ولطت ، إلى أين تفرون؟ إلى النار؟

ويقول : بايعتم ثم نكثتم؟ فوالله لأنتم أولى بالقتل ممن أقتل الخ .. (136).

وقد اعترف الجاحظ بفرار عمر في عثمانيته أيضا فراجع (137).

١١ ـ وعلى كل حال ، فإن فرار عمر من الزحف يوم أحد ، وحنين ، وخيبر ، معروف ، ويعده العلماء من جملة المطاعن عليه ؛ لأن الفرار من الزحف من جملة الكبائر الموبقة ، ولم يستطع المعتزلي أن يجيب على ذلك ، بل اعترف به ، واكتفى بالقول : «وأما الفرار من الزحف ، فإنه لم يفر إلا متحيزا إلى فئة ، وقد استثنى الله تعالى ذلك ؛ فخرج به عن الإثم» (138).

ولكن قد فات المعتزلي : أن ما جرى يوم أحد ، لا يمكن الاعتذار عنه بما ذكر ، لعدم وجود فئة لهم إلا الرسول «صلى الله عليه وآله» نفسه ، وقد تركوه ، وفروا عنه ، ولأن الله تعالى قد ذمهم على هذا الفرار ، وعلله بأن الشيطان قد استزلهم ببعض ما كسبوا ، ثم عفا عنهم ، ولو كان لا إثم في هذا الفرار ؛ فلا حاجة إلى هذا العفو.

هذا ، وقد حقق العلامة الطباطبائي «رحمه الله» : أن المراد بالعفو هنا معنى عام ، يشمل العفو عن المنافقين أيضا ، فراجع (139).

وقد كان ثمة حاجة إلى التسامح في هذا الفرار ، لأنه الأول من نوعه ، ويأتي في وقت يواجه الإسلام فيه أعظم الأخطار داخليا وخارجيا ، مع عدم وجود إمكانات كافية لمواجهتها ، ومواجهة آثار مؤاخذتهم بما اقترفوا. واستمع أخيرا إلى ترقيع الرازي الذي يقول : ومن المنهزمين عمر ، إلا أنه لم يكن في أوائل المنهزمين ولم يبعد ، بل ثبت على الجبل إلى أن صعد النبي «صلى الله عليه وآله» (140). بارك الله في هذا الثبات ، لكن لا في ساحة المعركة ، بل فوق الجبل (!!).

ثم إننا لا ندري ما الفرق بين أن يكون المنهزم في أول الناس أو في وسطهم ، أو في آخرهم؟! وما الفرق بين أن يبعد في هزيمته وبين أن لا يبعد!!.

 

فرار الزبير :

وبعد هذا فلا نرى حاجة لإثبات فرار الزبير في أحد ، بعد أن عرفنا أنه لم يثبت سوى أمير المؤمنين «عليه السلام». أو علي وأبو دجانة ، وغير ذلك من نصوص تقدمت مع مصادرها. وإن كان ثمة محاولات لإظهار الزبير على أنه فارس الإسلام ، ورجل الحرب الذي لا يبارى ولا يجارى ، حتى إننا لنجد عمر بن الخطاب يعتبره يعدل ألف فارس.

وعند مصعب الزبيري!! : أنه أشجع الفرسان ، وعلي أشجع الرجالة. بل ويدعون : أنه قد افتتح إفريقية وحده (141).

مع أن مما لا شك فيه : أن إفريقية قد فتحت على عهد عثمان في سنة سبع أو ثمان وعشرين على يد عبد الله بن سعد بن أبي سرح!! (142).

ونحن نعرف : أن الهدف هو إيجاد شخصيات بديلة ، أو في قبال الإمام علي «عليه السلام» الذي هو أشجع البشر بعد ابن عمه محمد «صلى الله عليه وآله». ولكن الله يأبى إلا أن يتم نوره ، ويرد كيد الخائنين للحقيقة والتاريخ.

 

فرار عثمان :

وأما عثمان ، فلا يختلف في فراره في أحد اثنان. وهو موضع إجماع المؤرخين ، وكان يعير به. وقد رجع بعد ثلاثة أيام ، فقال له رسول الله «صلى الله عليه وآله» : لقد ذهبتم فيها عريضة!! (143).

وعن ابن عباس وغيره : إن آية : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ)(144) نزلت بعثمان (145).

بل في بعض النصوص : أن طلحة أراد أن يتنصّر ، وعثمان أراد أن يتهود (146).

لم يثبت من المهاجرين سوى علي عليه السّلام :

يقول حسان بن ثابت عن الأنصار ، مشيرا إلى فرار المهاجرين :

سماهم الله أنصارا لنصرهم      

دين الهدى ، وعوان الحرب يستعر

وجاهدوا في سبيل الله واعترفوا         

للنائبات فما خافوا ولا ضجروا

والناس إلب علينا ثم ليس لنا    

إلا السيوف وأطراف القنا وزر

ولا يهرّ جناب الحرب مجلسنا   

ونحن حين تلظى نارها سعر

وكم رددنا ببدر دونما طلبوا     

أهل النفاق وفينا أنزل الظفر

ونحن جندك يوم النعف من أحد

إذ حزبت بطرا أشياعها مضر

فما ونينا وما خمنا ، وما خبروا

منا عثارا وجل القوم قد عثروا (147)

وأخيرا فقد تقدم : أن أبا بكر ، وسعدا ، وعمر ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير كلهم من المهاجرين.

وهناك نص يقول : إنه لم يثبت أحد من المهاجرين إلا رجل واحد ، وسبعة من الأنصار قتلوا كلهم. ولا ريب في أن هذا المهاجري هو علي «عليه السلام» ، للإجماع.

والنص هو : أخرج الإمام أحمد ، عن أنس : أن المشركين لما رهقوا النبي «صلى الله عليه وآله» يوم أحد ـ وهو في سبعة من الأنصار ، ورجل من قريش ـ قال : من يردهم عنا ، وهو رفيقي في الجنة؟

فجاء رجل من الأنصار ؛ فقاتل حتى قتل.

فلما رهقوه أيضا قال : من يردهم عنا ، وهو رفيقي في الجنة؟ ..

فأجابه أنصاري آخر ، وهكذا ، حتى قتل السبعة.

فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله» : ما أنصفنا أصحابنا (148).

 

سر الاختلاف في من ثبت :

وبعد ، فإننا يمكن أن نفهم : أن رجعة المسلمين إلى المعركة بعد هزيمتهم لم تكن دفعة واحدة ، وإنما رجع الأول فرأى عليا ، ثم يرجع آخر ؛ فيرى عليا وأبا دجانة مثلا ، ثم يرجع آخر فيرى خمسة ، وهكذا ؛ فكل منهم ينقل ما رآه. حتى وصل العدد لدى بعض الناقلين إلى ثلاثين.

كما أن ما يؤثر عن بعض الصحابة من مواقف نضالية ؛ لعله قد كان بعد عودتهم إلى ساحة القتال.

 

ثبات أبي دجانة :

ولعل ذكر أبي دجانة في بعض الأخبار ، مرجعه ذلك. وإلا ، فإننا نجد ابن مسعود ينكر ثباته ، فقد قال : انهزم الناس إلا علي وحده. وثاب إلى النبي «صلى الله عليه وآله» نفر ، وكان أولهم : عاصم بن ثابت ، وأبو دجانة (149).

ولكن يعكر على هذه الرواية : أنه قد جاء في المطبوع من كتاب الإرشاد للمفيد : أن أبا دجانة قد ثبت هو وسهل بن حنيف ، كانا قائمين على رأسه ، بيد كل واحد منهما سيف ليذب عنه (150).

وثاب إليه من أصحابه المنهزمين أربعة عشر رجلا (151).

ونحن لا نستبعد : أن يكون أبو دجانة قد ثبت ، ولكن لا كثبات علي «عليه السلام». وإنما حارب أولا بسيفه ، ثم لما فر المسلمون صار يقي النبي «صلى الله عليه وآله» بنفسه ، ويترّس عليه (٣) ، كما تقدم عن سلمة بن كهيل أيضا ؛ حيث كان علي «عليه السلام» يصد الكتائب ، ويجندل الأبطال ، حتى نزل في حقه :

لا سيف إلا ذو الفقار    

ولا فتى إلا علي

أو أن أول عائد إليه «صلى الله عليه وآله» هو عاصم بن ثابت كما تقدم ، فصار هو وسهل بن حنيف يذبان عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى أن كثر المسلمون.

وبعد عودة المسلمين من فرارهم أعطاه «صلى الله عليه وآله» السيف بحقه ، ومنعه عمر ، والزبير ، وأبا بكر ، عقابا لهم ، وتقديرا واهتماما في عودة أبي دجانة إلى ساحة الحرب ، ومجال الطعن والضرب معززا ومكرما.

إلا أن يقال : إن أبا بكر وعمر لم يعودا إلى الحرب بعد فرارهما أصلا ، فلا بد أن يكون عرض السيف على أبي دجانة وعليهم قد كان في المواجهة الأولى.

__________________

(١) تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٢٣.

(٢) تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٢٣ عن البخاري.

(3) تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٢٤ ، عن الطبراني والحاكم ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٢٢.

(4) المغفر : زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس. والبيضة : الحذوة.

(5) مغازي الواقدي ج ١ ص ٢١٩ ، وشرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٢٣٠.

(6) الكامل لابن الاثير ج ٢ ص ١٥١.

(7) راجع نصوص هذه الرواية المختلفة في : لباب الآداب ص ١٧٦ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٢٤ و ٤٢٥ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٢٢ و ٢٢٣ و ٢٢٥ ، وشرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٢٥٧ ، والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٦ و ١٧ ، وفيهما ذكر عمر والزبير ، ومغازي الواقدي ج ١ ص ٢٥٩ ، وحياة الصحابة ج ١ ص ٥٧٥ ـ ٥٧٧ عن غير واحد ، وينابيع المودة ، إلى غير ذلك من المصادر الكثيرة التي لا مجال لتعدادها.

(8) مغازي الواقدي ج ١ ص ٢٧٢ ، وشرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٢٦٨.

(9) فعن أبي عبد الله «عليه السلام» : أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» كان بمكة لم يجسر عليه أحد ؛ لموضع أبي طالب ، وأغروا به الصبيان ، وكانوا إذا خرج رسول الله «صلى الله عليه وآله» يرمونه بالحجارة والتراب ، وشكا ذلك إلى علي «عليه السلام» ، فقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، إذا خرجت فأخرجني معك ، فخرج رسول الله «صلى الله عليه وآله» ومعه أمير المؤمنين «عليه السلام» ، فتعرض الصبيان لرسول الله «صلى الله عليه وآله» كعادتهم ، فحمل عليهم أمير المؤمنين «عليه السلام» ، وكان يقضمهم في وجوههم ، وآنافهم ، وآذانهم ، فكان الصبيان يرجعون باكين إلى آبائهم ، ويقولون : قضمنا علي ، قضمنا علي ، فسمي لذلك : (القضم). راجع : البحار ج ٢٠ ص ٥٢ ، وتفسير القمي ج ١ ص ١١٤ ، وأشار إلى ذلك أيضا في نهاية ابن الاثير.

(10) مغازي الواقدي ج ١ ص ٢٢٦ ، وشرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٢٣٦ وغير ذلك.

(11) تاريخ الطبري ج ٢ ص ١٩٤ ، والكامل لابن الأثير ج ١ ص ١٥٢ ، ووفاء الوفاء ج ١ ص ٢٩٣ ، والأغاني ج ١٤ ص ١٦.

(12) تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٢٧.

(13) تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٢٧.

(14) تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٢٧.

(15) الإرشاد للمفيد ص ٥٢ ، والبحار ج ٢٠ ص ٨٧ عنه.

(16) شرح النهج للمعتزلي ج ١٥ ص ٨٤.

(17) مستدرك الحاكم ج ٤ ص ٤٨٧.

(18) الكامل لابن الاثير ج ٢ ص ١٥٢.

(19) راجع : شرح النهج للمعتزلي ج ١٣ ص ٢٩٣ عن الاسكافي ، وليراجع : آخر العثمانية للجاحظ ص ٣٤٠ ، وشرح التجريد للقوشجي ص ٤٨٦ ، ومجمع البيان ج ٢ ص ٥١٣ ، والبحار ج ٢٠ ص ٢٦ و ٤٩ و ٦٩ و ٨٧ ، وتفسير القمي ج ١ ص ١١٣ ، والإرشاد للشيخ المفيد ص ٥٢ ، وعن الخصال ج ٢ ص ١٢١ و ١٢٤.

(20) الإرشاد للشيخ المفيد ص ٥٢ ، والبحار ج ٢٠ ص ٨٧ عنه.

 

(21) السيرة النبوية لدحلان (بهامش السيرة الحلبية) ج ٢ ص ٢٨ ، وأنساب الاشراف ج ١ ص ٥٤.

(22) السيرة الحلبية ج ٢ ص ١٦٨.

(23) الآية ٢٤ من سورة الأنفال.

(24) السيرة الحلبية ج ٢ ص ١٦٩ و ٢٢٤ وفيها عن علي ما يؤيد هذا ، والعثمانية للجاحظ ص ٦٢ ولم يذكر نزول الآية وكذا في الكامل لابن الاثير ج ٢ ص ١٥٦ ، وشرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٢٥٦ مثله ، ومغازي الواقدي ج ١ ص ٢٥٧ ، وملحق العثمانية ص ٣٣٠ و ٣٤٠ ، والبحار ج ٢٠ هامش ص ١٠٣ عن كشف الغمة ، وعن المقريزي في الامتاع.

(25) السيرة الحلبية ج ٢ ص ١٦٨ ، والإستيعاب هامش الاصابة ج ٢ ص ٣٩٩ و ٤٠٠ وراجع : غزوة بدر ، فقد أشرنا إلى هذه الرواية هناك أيضا.

(26) السيرة الحلبية ج ٢ ص ١٦٩ ، وسيرة ابن هشام ج ٢ ص ٢٩١.

(27) تقدمت مصادر ذلك في هذا الكتاب في فصل هجرة الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» حين الحديث حول شراء أبي بكر للموالي ونفقاته.

(28) السيرة الحلبية ج ٢ ص ١٦٩.

(29) راجع الدر المنثور ج ٣ ص ١٧٦ عن ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن اسحاق.

(30) السيرة الحلبية ج ٢ ص ١٦٩.

(31) شرح النهج للمعتزلي ج ١٣ ص ٢٩٤ وص ٢٨١ ، وليراجع آخر كتاب العثمانية ص ٣٤٠ وليراجع ص ٢٣٠.

(32) صحيح البخاري ط سنة ١٣٠٩ ج ٣ ص ١٢١ ، وتفسير ابن كثير ج ٤ ص ١٥٩ ، والدر المنثور ج ٦ ص ٤١ ، وفتح القدير ج ٤ ص ٢١. وراجع : الغدير ج ٨ ص ٢٤٧.

(33) الكامل لابن الاثير ج ١ ص ١٥٣.

(34) تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٢٧.

(35) مغازي الواقدي ج ١ ص ٢٢٩ ، وشرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٢٣٩ عنه ، ومجمع البيان ج ٢ ص ٥١٣ ، وغير ذلك كثير.

(36) العقد الفريد (ط دار الكتاب) ج ٢ ص ١١٥ ، وصبح الأعشى ج ١ ص ٢٩٧ ، وبلاغات النساء ص ٥٧ ، وفي الغدير ج ٩ ص ٣٧١ ، ونهاية الأرب ج ٧ ص ٢٤١.

(37) شرح النهج للمعتزلي تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم ج ٤ ص ٧١ ، ٧٢ عن الاسكافي.

(38) راجع : الغدير ج ١٠ ص ٢٦٤.

(39) الفصل لابن حزم ج ٤ ص ٨٩ ، وتاريخ ابن كثير ٧ و ٢٧٩ و ٨ و ٢٢٣ وج ١٣ ص ٩ ، والغدير ٩ و ٩٣ و ٣٩٤ عنهم. والعواصم من القواصم. وكذا قالوا في ابن ملجم أيضا كما ذكره في الغدير عنهم أيضا ، فراجع الصفحات المشار إليها.

(40) جاحش : دافع وقاتل.

(41) شرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٢٣٧.

(42) الظاهر : أن هذه جملة اعتراضية ، زادها الرواة تبرعا ، وإلا فقد تقدم : أنه «صلى الله عليه وآله» قد قسم الغنائم في بدر ، بل لقد ادعوا ـ وإن كان ذلك كذبا ـ : أنه «صلى الله عليه وآله» قد أسهم لمن لم يكن قد حضرها ، فكيف بغيره؟ فراجع.

(43) الآية ١٦١ من سورة آل عمران.

(44) الآية ١٥٢ من سورة آل عمران.

(45) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٣٥ ، ومغازي الواقدي ج ١ ص ٢٤٧ ، وشرح النهج للمعتزلي ج ١٥ ص ٣٣ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٣١. وليلاحظ مدى الاختلاف في هذا!!.

(46) البحار ج ٢٠ ص ٩٦ ، وإعلام الورى ص ٨٣.

(47) البحار ج ٢٠ ص ٩٥ و ١٠٧ عن إعلام الورى ، وروضة الكافي ص ١١٠.

(48) النص المتقدم في أكثره للمعتزلي في شرح النهج ج ١٤ ص ٢٥٠ و ٢٥١ عن الزاهد اللغوي غلام ثعلب ، وعن محمد بن حبيب في أماليه ، وراجع ج ١٣ ص ٢٩٣ ، وراجع الرواية في الأغاني (ط ساسي) ج ١٤ ص ١٨ ، وتاريخ الطبري ج ٢ ص ١٩٧ ، والكامل لابن الاثير ج ٢ ص ١٥٤ ، وفرائد السمطين ، الباب الخمسون ج ١ ص ٢٥٧ ، ومجمع الزوائد ج ٦ ص ١١٤ و ١٢٢ عن البزار وعن الطبراني ، وكنز العمال ج ١٥ ص ١٢٦ ، والبداية والنهاية ج ٦ ص ٥ ، واللآلي المصنوعة ج ١ ص ٣٦٥ ، وتفسير القمي ج ١ ص ١١٦ ، والبحار ج ٢٠ ص ٥٤ و ٩٥ و ١٠٥ و ١٠٧ و ١٠٢ عن القمي ، وعلل الشرايع ص ٧ باب ٧ ، والإرشاد ص ٤٦ ، واعلام الورى وتفسير فرات ص ٢٤ و ٢٦ ، وروضة الكافي ص ١١٠ ، وعيون أخبار الرضا ج ١ ، وحياة الصحابة ج ١ ص ٥٥٩ ، وربيع الأبرار ج ١ ص ٨٣٣ ، ومناقب الخوارزمي ص ١٠٣ ، إلا أن فيه : أن ذلك كان في بدر. والغدير ج ٢ ص ٥٩ ـ ٦١ عن العديد من المصادر ، وسيرة ابن هشام ج ٢ ص ١٠٦ ، وتاريخ ابن عساكر ترجمة علي «عليه السلام» بتحقيق المحمودي ج ١ ص ١٤٨ و ١٤٩ و ١٥٠ ، وفي هامشه عن الفضائل لاحمد بن حنبل ، الحديث رقم ٢٤١ ، والمعجم الكبير للطبراني ج ١ ص ٣١٨ ، وغاية المرام ص ٤٥٧ ، وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج ١ ص ٣٤٣ ، والرياض النضرة المجلد الثاني ج ٣ ص ١٣١ ، وعن علي بن سلطان في مرقاته ج ٥ ص ٥٦٨ عن أحمد في المناقب.

(49) شرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٢٥١.

(50) الإرشاد للشيخ المفيد ص ٥٣ ، والبحار ج ٢٠ ص ٨٨.

(51) البحار ج ٢٠ ص ٢٣ ، ومجمع البيان ج ٢ ص ٥٠٩.

(52) البدء والتاريخ ج ٤ ص ٢٠١.

(53) إرشاد المفيد ص ٥٠ ، والبحار ج ٢٠ ص ٨٤.

(54) راجع : السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٤٤ ، والطبري ج ٢ ص ١٩٥.

(55) راجع في ذلك : تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٢٦ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٤٩ ، وحياة الصحابة ج ١ ص ٥٧٢ ، والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٨ عن ابن اسحاق.

(56) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٤٩ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٢٦ ، واسعاف الراغبين ، بهامش نور الابصار ص ٨٦.

(57) المصنف ج ٩ ص ٤٦٩ عن ابن المديني ، والحميدي عن ابن عيينة ، وأخرجه مسلم. وصحيح البخاري (ط سنة ١٣٠٩) ج ٣ ص ١٣٢ ، ومجمع الزوائد ج ٦ ص ٢٣١.

(58) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٥٦ ولهذا نظائر أيضا لا مجال لتتبعها ستأتي في أواخر هذا الجزء ، أو آخر فصل بعدما هبت الرياح.

(59) كنز العمال ج ١١ ص ٢٩٥ عن ابن جرير ، والبداية والنهاية ج ٧ ص ٢٩٧ و ٢٩٨ عن أحمد ، ومسلم ، والنسائي.

(60) الدر المنثور ج ٦ ص ٢٢٥ عن عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وسعيد بن منصور ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل.

(61) نسب قريش لمصعب الزبيري ص ٣٢٣.

(62) الآية ١٢٧ من سورة آل عمران.

(63) راجع الجامع الصحيح للترمذي ج ٥ ص ٢٢٧ ، وفتح الباري ج ٨ ص ١٧١ وج ٧ ص ٢٨١ ، وصحيح البخاري ج ٣ ص ١٦ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٢٩ عن ابن اسحاق ، والترمذي ، والنسائي ، وشرح النهج للمعتزلي ج ١٥ ص ٤ ، ومغازي الواقدي ج ١ ص ٢٤٥ ، ومجمع البيان ج ٢ ص ٥٠١ ، والبحار ج ٢٠ ص ٢١ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٣٤ ، والدر المنثور ج ٢ ص ٧٠ و ٧١ عن : ابن أبي شيبة ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، وابن جرير ، والنسائي ، وابن المنذر ، والنحاس في ناسخه ، وابن أبي حاتم ، وعبد الرزاق ، والبيهقي في الدلائل ، ونصب الراية ج ٢ ص ١٢٩.

(64) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٣٤ ، والدر المنثور ج ٢ ص ٧١ عن : أحمد ، والبخاري ، والترمذي ، والبيهقي في الدلائل ، وابن جرير ، والنسائي ، وابن أبي حاتم ، وصحيح البخاري ج ٣ ص ١٦ ، وراجع ج ٤ ص ١٧١ و ٧٤ وج ٢ ص ٧٣ ، وفتح الباري ج ٨ ص ١٧٠ ، ونصب الراية ج ٢ ص ١٢٧ و ١٢٩ ، ونيل الاوطار ج ٢ ص ٣٩٨ ، وراجع : سنن البيهقي ج ٢ ص ٢٠٧ و ٢٠٨ ، والجامع الصحيح للترمذي ج ٥ ص ٢٢٧ و ٢٢٨ ، ومسند أحمد ج ٢ ص ٩٣.

(65) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٣٤ و ٢٤١ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٢٩ ، والدر المنثور ج ٢ ص ٧١ عن ابن جرير.

(66) الآية ١٢٨ من سورة آل عمران.

(67) الدر المنثور ج ٢ ص ٧١ عن البخاري ومسلم ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والنحاس في ناسخه ، والبيهقي في سننه ، ومجمع البيان ج ٢ ص ٥٠١ ، والبحار ج ٢٠ ص ٢١ عنه.

(68) الدر المنثور ج ٢ ص ٧١ عن النحاس في ناسخه ، وعبد بن حميد والمحلى ج ٤ ص ١٤٤ ، وسنن البيهقي ج ٢ ص ٩٨ و ٢٠٧ ، والمنتقى ج ١ ص ٥٠٣ ، وليس فيه عبارة : (ناسا من المنافقين) وراجع : سنن النسائي ج ٢ ص ٢٠٣ ، وصحيح البخاري ج ٣ ص ٧٤ وج ٤ ص ١٧١ ، والإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ج ٥ ص ٣٢٥ و ٣٢٦ ، ومسند أحمد ج ٢ ص ١٤٧ و ٩٣ ، وعن شرح معاني الآثار ج ١ ص ٢٤٢.

(69) الدر المنثور ج ٢ ص ٧١ عن ابن اسحاق ، والنحاس في ناسخه.

(70) تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٣٢ عن ابن عائذ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٥٦ ، ومجمع البيان ج ٢ ص ٥٠١ ، والبحار ج ٢٠ ص ٢١ و ٩٦ عنه ، وعن إعلام الورى.

(71) الآيات ١٢٧ ـ ١٢٩ من سورة آل عمران.

(72) راجع تفسير الميزان ج ٤ ص ٩.

(73) راجع توضيح هذه الآية في الجزء الثامن صفحة ٣٢٩ من هذا الكتاب ، في فصل القنوت والدعاء على القبائل.

(74) صحيح مسلم ج ٨ ص ٢٧ ، والبداية والنهاية ج ٨ ص ١١٩.

(75) راجع هذه النصوص في : صحيح مسلم ج ٨ ص ٢٧ ، وج ٢ ص ٣٩١ كتاب البر والصلة ، والغدير ج ١١ ص ٨٩ ، وج ٨ ص ٢٥٢ عنه ، ومسند أحمد ج ٥ ص ٤٣٧ و ٤٣٩ ، وج ٦ ص ٤٥ ، وج ٢ ص ٣٩٠ و ٤٨٨ و ٤٩٣ ، و ٤٩٦ ، وج ٣ ص ٣٣ و ٣٩١ و ٤٠٠ ، وصحيح البخاري ج ٤ ص ٧٨ ، ودلائل الصدق ج ١ ص ٤١٦ ، وراجع : نسب قريش لمصعب ص ٢١٩ ، وأسد الغابة ج ٥ ص ٤٨٥ ، والمصنف ج ٥ ص ٢١٤ ، وج ١١ ص ١٨٩ ، وج ٩ ص ٤٦٩.

(76) البداية والنهاية ج ٨ ص ١١٩ والغدير عنه.

(77) راجع : الغدير ج ١١ ص ٨٩ و ٩٠.

(78) مستدرك الحاكم ج ١ ص ١٢ و ٤٧ ، والغدير ج ١١ ص ٩٠ عنه. وبقية المصادر ستأتي في الجزء السادس في فصل القنوت والدعاء على القبائل.

(79) الغدير ج ١١ ص ٩١ وج ٨ ص ٢٥٢ ، وصحيح مسلم ج ٨ ص ٢٤ ، وصحيح البخاري ج ٤.

(80) الغدير ج ١١ ص ٩٢ ، وصحيح مسلم ج ٨ ص ٢٣ ، وراجع : الترغيب والترهيب ج ٣ ص ٤٧٤ ، ومسند أحمد ج ٦ ص ٧٢ و ٢٥٨ و ١٣٨ وج ٤ ص ٤٢٩ و ٤٢٠ و ٤٢٣ ، وسنن الدارمي ج ٢ ص ٢٨٨ ، وسنن أبي داود ج ٣ ص ٢٦ ، ودلائل الصدق ج ١ ص ٤١٦ و ٤١٧.

(81) الترغيب والترهيب ج ٣ ص ٤٧٤ ، والغدير ج ١١ ص ٩٢.

(82) الغدير ج ١١ ص ٩٢ ، والترغيب والترهيب ج ٣ ص ٤٧٢.

(83) راجع هذه الأحاديث في الغدير للعلامة الأميني ج ١١ ص ٨٩ ـ ٩٣ وج ٨ ص ٢٥٢ عن كثير من المصادر ، ودلائل الصدق ج ١ ص ٤١٦.

(84) الغدير ج ١١ ص ٩١ وج ٨ ص ٢٥٢ عن البخاري ج ١ ، ومسلم ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجة ، والطبراني ، والحاكم والدارقطني ، وأحمد ، والطيالسي ، والهيثمي ، والسيوطي ، والمناوي.

(85) الغدير ج ١١ ص ٩١ وج ٦ ص ٣٠٨ و ٣٠٩ ، وسنن الدارمي ج ١ ص ١٢٥ ، وإحياء العلوم ج ٣ ص ١٧١ عن أبي داود ، ومستدرك الحاكم ج ١ ص ١٠٤ و ١٠٥ ، وتلخيصه للذهبي (مطبوع بهامشه) ، وجامع بيان العلم ج ١ ص ٨٥ وراجع : ج ٢ ص ٦٢ و ٦٣ ، وليراجع أيضا : سنن أبي داود ج ٣ ص ٣١٨ ، والزهد والرقائق ص ٣١٥ ، والمصنف للصنعاني ج ٧ ص ٣٤ و ٣٥ وج ١١ ص ٢٣٧.

(86) الغدير ج ١١ ص ٩٢ عن الترمذي في الشمائل.

(87) صحيح البخاري ج ١ ص ٦.

(88) صحيح البخاري ج ٤ ص ٣٧ و ٣٨ ، ودلائل الصدق ج ١ ص ٤١٧ و ٤١٦ ، وصحيح مسلم ج ٨ ص ٢٤ ، والغدير ج ١١ ص ٩١ وج ٨ ص ٢٥٢.

(89) الآية ٥٨ من سورة الأحزاب.

(90) الغدير ج ١١ ص ٩٣ عن الخصائص الكبرى ج ٢ ص ٢٤٤ ، والمواهب اللدنية ج ١ ص ٣٩٥.

(91) دلائل الصدق ج ١ ص ٤١٧ ، وراجع الغدير ج ١١ ص ٨٩ ـ ٩٤.

(92) الآية ٨ من سورة فاطر.

(93) لباب الآداب ص ١٨٧ ، والإصابة ج ١ ص ٢٤٨ ، والجمل ص ١٩٤.

(94) شرح التجريد ص ٤٨٦ ، ودلائل الصدق ج ٢ ص ٣٥٧ عنه.

(95) نور الابصار ص ٨٧ ، والإرشاد للمفيد ص ٥١ و ٥٢ ، والبحار ج ٢٠ ص ٦٩ و ٨٦ و ٨٧ و ١١٣ ، والاحتجاج ج ١ ص ١٩٩ و ٢٠٠.

(96) مستدرك الحاكم ج ٣ ص ١١١ ، ومناقب الخوارزمي ص ٢١ و ٢٢ ، وراجع : إرشاد المفيد ص ٤٨ ، وتيسير المطالب ص ٤٩.

(97) راجع مصادر ذلك في الجزء الأول من هذا الكتاب.

(98) راجع مصادر ذلك في الجزء الأول من هذا الكتاب.

(99) راجع كتابنا : دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ج ٢ بحث : الحب في التشريع الإسلامي وبحث آخر في نفس الكتاب حول : الوحدة الإسلامية أسسها ومنطلقاتها.

(100) البحار ج ٢ ص ٦٩ ، عن الخصال ج ٢ ص ١٢١ و ١٢٤.

(101) نهج البلاغة ج ٣ ص ٧٤ بشرح عبده الكتاب رقم ٤١.

(102) راجع : السيرة النبوية لدحلان (مطبوع بهامش السيرة الحلبية) ج ٢ ص ٣٣ ، وراجع : السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٢٧ ، والمغازي للواقدي ج ١ ص ٢٨٠ ، وراجع : البحار ج ٢٠ ص ٢٧ وغير ذلك.

(103) الآيات ١٤٠ ـ ١٤٥ من سورة آل عمران.

(104) حياة الصحابة ج ٢ ص ٨٤ ، وكنز العمال ج ٧ ص ١٥٩ عن ابن سعد.

(105) مجمع الزوائد ج ١٠ ص ٦٦ عن البزار ، وحياة الصحابة ج ٢ ص ٤١٧ عنه.

(106) مجمع الزوائد ج ١٠ ص ٦٦ و ٦٧ عن أبي يعلى والبزار ، وأحمد ، وحياة الصحابة ج ٢ ص ٤١٦ و ٤١٧.

(107) التبيان ج ٣ ص ٢٥.

(108) تفسير القرآن العظيم ج ١ ص ٤١٢ عن أحمد ، وراجع ص ٤١٥ عن دلائل النبوة للبيهقي بنحو آخر.

(109) تاريخ الطبري ج ٢ ص ٢٠١ ، ودلائل الصدق ج ٣ ص ٣٥٦ عنه.

(110) مغازي الواقدي ج ١ وشرح النهج عنه ، ودلائل الصدق ج ٢ ص ٣٥٦ عن الأول.

(111) راجع شرح النهج ج ١٣ ص ٢٩٣ ، وآخر العثمانية ص ٢٣٩.

(112) المصدر المتقدم.

(113) مستدرك الحاكم ج ٣ ص ٢٦ ، ودلائل الصدق ج ٢ ص ٣٥٦.

(114) تاريخ الطبري ج ٢ ص ١٩٩ ، والكامل لابن الأثير ج ٢ ص ١٥٦ ، والثقات لابن حبان ج ١ ص ٢٢٨ ، والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٦٨ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٣٤ عن ابن اسحاق ، وسيرة ابن هشام ج ٣ ص ٨٨ ، والدر المنثور ج ٢ ص ٨١ عن ابن جرير ، وقاموس الرجال ج ٢ ص ١٢٥ ، ودلائل الصدق ج ٢ ص ٣٥٦ عن الدر المنثور.

وراجع : البداية والنهاية ج ٤ ص ٣٤ ، وحياة الصحابة ج ١ ص ٥٣١ عنه. ولكن قد اقتصر في مغازي الواقدي ج ١ ص ٢٨٠ ، وشرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٢٨٦ على ذكر عمر فقط ، وتفسير القرآن العظيم ج ١ ص ٣١٤ ، وسيرة ابن اسحاق ص ٣٣٠ ، والأغاني ج ١٤ ص ١٩.

(115) نهج الحق ص ٣٠٦ و ٣٠٧ ، وتفسير الخازن ج ١ ص ٤٧١ ، وتفسير ابن كثير ج ٢ ص ٦٨ من دون تصريح بالاسم.

(116) منحة المعبود في تهذيب مسند الطيالسي ج ٢ ص ٩٩ ، وطبقات ابن سعد ج ٣ ص ١٥٥ ، والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٥٨ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٣١ ، عن الصفوة ، وابن أبي حاتم ، والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٩ عن الطيالسي ، وكنز العمال ج ١٠ ص ٢٦٨ و ٢٦٩ عن الطيالسي ، وابن سعد ، وابن السني ، والشاشي ، والبزار ، والدارقطني في الأفراد ، وأبي نعيم في معرفة الصحابة ، والطبراني في الكبير والأوسط ، وابن عساكر ، والضياء في المختارة.

وقد صرح في مقدمة الكنز بصحة ما يعزوه لبعض هؤلاء ، وحياة الصحابة ج ١ ص ٢٧٢ عن ابن سعد وعن الكنز عمن تقدم بإضافة ابن حبان ، ودلائل الصدق ج ٢ ص ٣٥٩ عن الكنز أيضا.

(117) مستدرك الحاكم ج ٣ ص ٢٧ ، وتلخيصه للذهبي بهامش نفس الصفحة ، ودلائل الصدق ج ٢ ص ٣٥٩ عن المستدرك ، ومجمع الزوائد ج ٦ ص ١١٢ عن البزار.

(118) لباب الآداب ص ١٧٩ ، وليراجع : حياة محمد لهيكل ص ٢٦٥.

(119) الإرشاد للشيخ المفيد ص ٥٠ ، والبحار ج ٢٠ ص ٨٤ عنه.

(120) راجع : دلائل الصدق للشيخ المظفر ج ٢ ص ٣٦٠.

(121) صحيح مسلم ج ٥ ص ١٧٨ في أول غزوة أحد ، ودلائل الصدق ج ٢ ص ٣٥٩ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣٤٦ عن سح السحابة.

(122) دلائل الصدق ج ٢ ص ٣٥٩.

(123) تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٣٦.

(124) شرح النهج للمعتزلي ج ١٣ ص ٢٩٣ ، وليراجع آخر العثمانية ص ٣٣٩.

(125) مستدرك الحاكم ج ٣ ص ٧٠ ، وتلخيصه للذهبي هامش نفس الصفحة ، وصححاه على شرط الشيخين ، والدر المنثور ج ٢ ص ٩٠ عن الحاكم ، والبيهقي في سننه ، وابن الكلبي ، والتفسير الكبير للرازي ج ٩ ص ٦٧ عن الواحدي في الوسيط عن عمرو بن دينار ، ودلائل الصدق ج ٢ ص ٣٥٩ عمن تقدم.

(126) تفسير الرازي ج ٩ ص ٦٧.

(127) دلائل الصدق ج ٢ ص ٣٥٩.

(128) الدر المنثور ج ٢ ص ٨٠ ، ودلائل الصدق ج ٢ ص ٣٥٨ ، وكنز العمال ج ٢ ص ٢٤٢ عن ابن المنذر ، وحياة الصحابة ج ٣ ص ٤٩٧ عن الكنز ج ١ ص ٢٣٨ ، وفتح القدير ج ١ ص ٣٨٨.

(129) لعل الصحيح : هزمنا ففررت. كما يقتضيه سياق الكلام.

(130) الدر المنثور ج ٢ ص ٨٨ عن ابن جرير ، وكنز العمال ج ٢ ص ٢٤٢ ، ودلائل الصدق ج ٢ ص ٣٥٨ ، وحياة الصحابة ج ٣ ص ٤٩٧ ، وكنز العمال ج ٢ ص ٢٤٢ ، وجامع البيان ج ٤ ص ٩٥ ، والتبيان ج ٣ ص ٢٥ و ٢٦.

(131) شرح النهج ج ١٥ ص ٢٢.

(132) شرح النهج للمعتزلي ج ١٥ ص ٢٤ ، ودلائل الصدق ج ٢ ص ٣٥٨ ، وراجع : غرائب القرآن (مطبوع بهامش جامع البيان) ج ٤ ص ١١٣.

(133) راجع : مغازي الواقدي ج ١ ص ٢٧٧.

(134) شرح النهج للمعتزلي ج ١٥ ص ٢٤ ، ودلائل الصدق ج ٢ ص ٣٥٨ ، ومغازي الواقدي ج ٢ ص ٦٠٩.

(135) شرح النهج للمعتزلي ج ١٥ ص ٢٢.

(136) البحار ج ٢٠ ص ٥٣ ، وتفسير القمي ج ١ ص ١١٤ و ١١٥.

(137) العثمانية ص ١٦٩.

(138) شرح النهج للمعتزلي ج ١٢ ص ١٧٩ و ١٨٠.

(139) راجع تفسير الميزان ج ٤ ص ٥١.

(140) التفسير الكبير ج ٩ ص ٥١.

(141) راجع لباب الآداب لأسامة بن منقذ ص ١٧٣ ـ ١٧٥.

(142) راجع : تاريخ الطبري وفتوح البلدان.

(143) راجع : تفسير المنار ج ٤ ص ١٩١ ، والجامع لأحكام القرآن ج ٤ ص ٢٤٤ ، وفتح القدير ج ١ ص ٣٩٢ ، وتفسير القرآن العظيم ج ١ ص ٤١٤ ، وتفسير التبيان ج ٣ ص ٢٦ ، وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٢٠٣ ، والإرشاد للشيخ المفيد ص ٥٠ ، والبحار ج ٢٠ ص ٨٤ ، والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٨ ، وشرح النهج للمعتزلي ج ١٥ ص ٢١ عن الواقدي لكن مغازي الواقدي المطبوع لم يصرح بالأسماء بل كنى عنها في ج ١ ص ٢٧٧ لكن في الهامش قال : في (نسخة عمر وعثمان) ، والكامل لابن الاثير ج ٢ ص ١٥٨ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٢٧ ، والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٥٥ ، والدر المنثور ج ٢ ص ٨٨ و ٨٩ عن ابن جرير وابن المنذر ، وابن اسحاق وراجع : سيرة ابن اسحاق ص ٣٣٢ ، وجامع البيان ج ٤ ص ٩٦ ، وغرائب القرآن (مطبوع بهامش جامع البيان) ج ٤ ص ١١٣ ، والتفسير الكبير للرازي ج ٩ ص ٥٠ و ٥١ ، وأنساب الاشراف ج ١ ص ٣٢٦. وراجع عن فراره يوم أحد وتخلفه يوم بدر : محاضرات الراغب ج ٣ ص ١٨٤ ، ومسند أحمد ج ٢ ص ١٠١ وج ١ ص ٦٨ ، والصراط المستقيم للبياضي ج ١ ص ٩١.

(144) الآية ١٥٥ من سورة آل عمران.

(145) الدر المنثور ج ٢ ص ٨٨ ، وفتح القدير ج ١ ص ٣٩٢ ، وراجع : جامع البيان ج ٤ ص ٩٦.

(146) قاموس الرجال ج ٥ ص ١٦٩.

(147) ديوان حسان بن ثابت ص ٥٧.

(148) البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٦ ، وحياة الصحابة ج ١ ص ٥٣٣ ، وتقدمت الرواية عن صحيح مسلم ج ٥ ص ١٧٨ إلا أن فيه : رجلين من قريش. وكذا في تاريخ الخميس أيضا.

(149) قاموس الرجال ج ٥ ص ٧. ولكن يبدو أن في الإرشاد تحريفا ، فراجع ص ٥٠ منه ، وقارنها مع ما نقله عنه في البحار ج ٢٠ ، وقاموس الرجال.

(150) وفي ربيع الأبرار ص ٨٣٣ و ٨٣٤ : أن عمارا كان بين يدي النبي «صلى الله عليه وآله» يذب عنه ، والمقداد كان عن يمينه «صلى الله عليه وآله».

(151) البحار ج ٢٠ ص ٨٣ ، والإرشاد للمفيد ص ٥٠.

(152) تفسير فرات ص ٢٤ و ٢٥ ، والبحار ج ٢٠ ص ١٠٤ و ١٠٥.

 

 

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).