المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17751 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
ميعاد زراعة الجزر
2024-11-24
أثر التأثير الاسترجاعي على المناخ The Effects of Feedback on Climate
2024-11-24
عمليات الخدمة اللازمة للجزر
2024-11-24
العوامل الجوية المناسبة لزراعة الجزر
2024-11-24
الجزر Carrot (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
المناخ في مناطق أخرى
2024-11-24

تفاعل إضافة مايكل
2024-09-26
حبوب اللقاح Pollen
3-9-2021
الشيخ بهاء الدين حسين بن محمد قاسم العاملي.
25-6-2017
الأرض المناسبة لزراعة الجوافة
2023-05-09
كيف يساهم الاهل في جعل مخاوف اطفالهم دائمة؟
14-11-2016
تفسير الاية (1-5) من سورة التحريم
4-2-2018


قصة صالح  
  
2527   06:03 مساءاً   التاريخ: 2-06-2015
المؤلف : د. محمود البُستانِي
الكتاب أو المصدر : دراسات فنية في قصص القران
الجزء والصفحة : ص447-454.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / قصص قرآنية / قصص الأنبياء / قصة النبي صالح وقومه /

تبدأ قصة صالح مع قومه [في سورة النمل] على هذا النحو :

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ } [النمل : 45]

مع هذه البداية القصصية التي استهلها النص بإرسال صالح ـ عليه السلام ـ إلى قومه ، تستوقفنا سمة فنية هي : إن قوم صالح ـ عليه السلام ـ قد انشطروا فريقين يخاصم أحدهما الآخر.

هذا يعني ـ من الزاوية الفنية ـ ان القصة قد اختزلت ، أي : حذفت تفصيلات العمل الرسالي الذي اضطلع به صالح ، بحيث أنهتنا إلى نقطة معينة. تبدأ احداث القصة بها ، وهي : ان صلح ـ عليه السلام ـ قد نهض بمهمته الاصلاحية ، وإلى انه قد أفلح في هداية فريق من قومه ، وإلى ان فريقا آخر قد ظلوا على غوايتهم.

القصة ، لم تتحدث بهذا التفصيل مباشرة. لكنها ، عندما قالت لنا : { فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ } ، حينئذ نستنتج ـ وهذه هي سمة الفن ـ أن الموقف قد انتهى إلى صورته المذكورة.

والآن : وقد أنهت القصة الموقف على هذا النحو ، ماذا يواجهنا من جديد فيها ؟

لنتابع قراءة القصة :

{قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [النمل : 46]

هنا ، نواجه سمة فنية جديدة من سمات العرض القصصي ، وهي : ان القصة وجهت ـ على لسان صالح ـ عليه السلام ـ ـ إلى قومه سؤالا هو : لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة؟ ثم طالبهم صالح بالاستغفار ، لعلهم يرحمون.

وقد يعني ، أن هناك تفصيلات قد حذفت ، وترك للقارئ والسامع أن يستخلصها ـ بطريقة فنية ، من الممكن أن نتعرفها على هذا النحو.

إن السؤال الذي وجهه صالح إلى قومه ، يخص الفريق الذي لم يستجب للرسالة ، وإلى ان هذا الفريق فيما يبدو قد حذره صالح ـ عليه السلام ـ من انزال العقاب عليه ، وإلى انهم قد استهزؤا بهذا التحذير ، إلى الدرجة التي طالبوا بها صالح بإثبات حجته في نزول العذاب ، وإن صالحا قد طالبهم بالاستغفار بدلا من التعجل بنزول العذاب.

هذه التفصيلات جميعا ، لا وجود لها في القصة ،… لكن القارئ يستخلصها استخلاصا لمجرد أن القصة تكفلت ـ بطريقة فنية ـ حمل القارئ على هذا الاستنتاج ، من خلال هذه الآية المحتشدة بكل سمات الفن :{قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ} [النمل : 46]

بدلا ، من أن يذعن السفهاء ، لنصيحة صالح ، نجدهم يركبون رؤوسهم من جديد ، مصرين على تمردهم ، معلنين عن الأعراض المرضية التي تغلف نفوسهم ،… معلنين عنها بمثل هذه الأقوال المفصحة عن تفاقم حالتهم العقلية :

{قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ} [النمل : 47]

هذه الإجابة ، أو القول : تكشف عن حقائق مهمة في حقل السمات الفنية والنفسية في القصة.

فمن الناحية النفسية ، كشف القوم المتمردون عن انهم (مرضى) لا يمتلكون سمات الشخصية السوية السليمة. ولا عجب في ذلك ، فالمتمرد على رسالة السماء ـ أيا كانت سمات تمرده ـ لابد أن يعاني مركبات وعقدا من النقص ، والشك ، والتردد ، وما إلى ذلك من سمات المرض.

ولا أدل على مرض مثل هؤلاء المنعزلين عن السماء ،… لا أدل على مرضهم من اعترافهم أنفسهم بذلك ،… فقد خاطبوا (صالحا) بقوله :

{اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ} [النمل : 47]

فالمعروف ، ان (الطيرة) و(الوسوسة) ونحوهما ، تعد في الصميم من دائرة الأمراض النفسية أو العقلية التي تعرفها جيدا لغة علم النفس المرضي.

ولذلك ، فإن المشرع الإسلامي ، يقدم لمثل هؤلاء المرضى توصيات يعالج بها حالاتهم المرضية من نحو التوصية القائلة :

[إذا تطيرت ، فامض].

أي : لا تسمح بالوساوس ، والأوهام لأن تسيطر عليك ، بل تجاوزها.

غير ان مثل هذه النصيحة أو التوصية إنما تنجع في حالات العابر ،… أما إذا استفحلت في أعماق صاحبها ، فإن المعالجة تصبح من الصعوبة ، بمكان.

والمهم ، أن المتمردين ، أو المرضى من قوم صالح عليه السلام ، عندما دعاهم إلى (الله) وإلى رسالته ،… كشفوا عن حالتهم المرضية ، واعلنوها بوضوح ، حينما خاطبوه بانهم (متطيرون) منه.

والسؤال بعيدا عن سمة (التطير) المرضية ـ ، هو :

هل ان القوم شاهدوا بعض الظواهر التي جعلتهم (يتطيرون) فعلا؟

النص القصصي ساكت عن ذلك. إلا ان هذا الصمت [سمة فنية] ، في الواقع ، لان القصة تطالبنا ـ نحن القراء ـ بان نستكشف بان هناك ظواهر أو حوادث قد اقترنت وتزامنت مع الرسالة الخيرة التي دعاهم إليها صالح عليه السلام.

وفعلا ، فإن النصوص المفسرة ، تقول لنا : ان المطر قد انقطع عنهم فترتئذ ، ولفتهم المجاعة.

إن السؤال الذي غاب عن اذهان هؤلاء (المتطيرين) ، المرضى ، هو : هل ان القحط ظاهرة (طبيعية) لا صلة لها بالسماء؟

وإذا كان الأمر كذلك : فما هي صلة الرسالة الخيرة : بها حتى يعاتبوا صالحا بذلك ؟

وإذا كان الأمر متصلا بمجرد وجود شخصية تحمل رسالة خيرة ، وان بالإمكان أن يرتبط القحط والخصب بشخص أو بآخر ، فهذا يعني ان كل حوادث الحياة المتنوعة ستخضع لوجود هذا الشخص أو ذاك : الأمر الذي سيعطل كل استقرار في الحياة ، ويشغل الآخرين باستنتاجات وتداعيات ذهنية يفسرون بها كل حركة وفق الشؤم أو السعد ،… وهذا هو حالة المرضى الذين يعانون من تسلط الوسوسة والطيرة عليهم.

إذن : قوم صالح ـ ونعني بهم ، المتمردين ، أو المرضى ـ عندما قالوا له : [انا تطيرنا بك] ، لم يكن تطيرهم مستندا إلى أية حقيقة يعتد العقلاء بها ، بقدر ما يفضح عن سمات المرض التي غلفت شخوصهم.

وهنا ينبغي ان نلتفت إلى سمة فنية ، نستكشفها بوضوح من خلال الإجابة (اطيرنا بك ، وبمن معك). فهذه الإجابة تكشف عن وجود [الفريق المؤمن] الذي أشارت إليه القصة في بدايتها عندما قالت : {فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ } [النمل : 45]

وها هو الفريق الثاني [الفريق المؤمن] يظهر على حركة القصة ، معلنا عن فاعليته في سير الأحداث ، بعد ان كان الفريق الأول [وهو : الفريق الكافر ، المتمرد ، المريض] قد أعلن عن هويته منذ اللحظات الأولى من حركة القصة ، فيما انتهى إلى هذا الموقف (المتطير) الذي يفصح عن درجة المرض الخطير لديه ، على نحو ما فصلنا الحديث عنه.

والآن : بعد ان لحظنا جانبا من السمات النفسية ، والسمات الفنية التي كشف القصة عنها في فقرة حوارية واحدة هي : { قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ} [النمل : 47] .

حينئذ ، يجدر بنا ان نتابع القصة في احداثها اللاحقة. وفي مقدمتها : جواب صالح عليه السلام ، وطريقة تعامله مع مرضى يغلفهم المرض النفسي الخطير من جانب ،… ويغلفهم جهل مطبق من جانب آخر. ثم نتائج هذا المركب من المرض والجهل ، من جانب ثالث ، فيما يعكس آثارا خطيرة على إحداث القصة ، كما سنرى.

عندما تطير قوم صالح ـ عليه السلام ـ من رسالته الخيرة ، ومن المؤمنين الذين واكبوا رسالته… عندما تطير القوم من ذلك ، إنما كان تطيرهم ـ كما أوضحنا مفصلا ـ ناتجا عن سمة مرضية ، وليس عن دراسة ، أو استنتاج منطقي.

مما لا شك فيه ، ان السماء تتعامل مع الآدميين وفقا لمصالح خاصة يفرضها هذا السياق أو ذاك. فالسماء قد تغمر الأرض بالخصب : حتى للمتمردين على أوامرها ،… وقد تقطع الخصب عنهم : عقابا على سلوكهم. وقد تجعل الخصب مستمرا دون انقطاع : ليزدادوا إثما ،… وهكذا.

المهم ، ان صالحا ـ عليه السلام ـ قد حذرهم من نزول العذاب ـ كما استنتجنا فنيا ـ ، وإلى انهم [ونعني : المتمردين] قد تعجلوه بالعذاب قبل نزوله.

وقد دبت في حركة القصة ، إرهاصات : لعلها [من الناحية الفنية] تمهد لعذاب لاحق ، أو بالأحرى : تعلن عن إشارة خطر من الممكن ان تحمل القوم على التدبر ، والمراجعة ، بدلا من ركوب الذات.

ولا نستبعد ـ حينئذ ـ ان يكون (القحط) أو انقطاع المطر نذيرا أو مؤشرا في هذا الصدد.

ولذلك ، نجد صالحا ـ عليه السلام ـ يخاطب الذين تطيروا به وبجماعته المؤمنين ،… يخاطبهم ، مجيبا على تطيرهم بما يلي :

{ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ } [النمل : 47]

وهذه الإجابة تحسم كل شيء.

فقد مسح صالح ـ عليه السلام ـ بهذه الإجابة ، كل دلالة (للتطير) في نطاقه الذي صدر القوم عنه ، واكسبه دلالة أخرى هي : الاختبار. الفتنة ، الامتحان ، المؤشر ، الإنذار.

أوضح لهم ، أن السماء هي مالكة الأمر ، وانها ـ تخصب الأرض أو تمحلها ـ ، أو تشبع القوم أو تجيعهم… كل ذلك : من أجل اختبارهم في طاعة الله أو معصيته.

المهم ، ان إجابة صالح عليه السلام ، ومن قبل ذلك : تطير القوم به ، وبجماعته المؤمنين ،… إنما شكلت تمهيدا لأحداث لاحقة ، سنتعرف عليها الآن. وهي أحداث ، تكشف لنا عن أن القوم لم تجدهم النصيحة ، ولم يحركهم النذير… بل كانوا حصيلة مرض نفسي من جانب ، وجهل مطبق من جانب آخر ،… حتى اقتادهم الأمر : نتيجة هذا المركب : المرض والجهل ، إقتادهم إلى ان يمارسوا ، أو أن يفكروا بتدبير جريمة حيال صالح عليه السلام ، على ما يكشف عنه : الجزء اللاحق من القصة.

يبدأ القسم الجديد ، من قصة صالح عليه السلام ، على هذا النحو الذي تبدأ الاحداث معه ـ بما يسمى ـ في لغة الأدب القصصي ـ بـ(التأزم) : تبدأ الاحداث في منعطفها الجديد ، أولا بهذا النحو :

{وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ } [النمل : 48]

ثم يبدأ تأزم الاحداث على هذا النحو :

{قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} [النمل : 49]

ان القارئ أو السامع ، لم يكن ليتوقع : أن تجري الاحداث بهذه السرعة ، وان تتصاعد بهذا النحو الذي طبعته مرحلة (التأزم).

فالقوم ، كانوا متطيرين من رسالة صالح وجماعته الذين آزروه.

وصالح عليه السلام ، أجابهم بان طائرهم عند الله ، وأنهم يفتنون ،… بحادثة انقطاع المطر وما استتلاه من مجاعة مثلا.

ولكن : فيما يبدو أن القوم لم يرعوا ، ولم يفقهوا مثل هذا النذير. أو بالأحرى : ما داموا مرضى ، فان المريض قد يقدم على ممارسة جريمة ما : عندما تتصاعد حالته المرضية ،… وعندما يصاحبها بخاصة (جهل) بحقائق الأمور. وعندها ، نتوقع [وهذا ما يلحظه كل من رصد تحركات المرضى والعصابيين] نتوقع أن يقدم المريض أو المنحرف على التفكير بأية جريمة تخفف وطأة التمزق في أعماقه.

ويبدو ان هناك شخصيات منحرفة بلغت درجة انحرافها قمة المرض. وكان عددهم تسعة انفار يجسدون ـ في عددهم ـ نموذجا أعلى للشخصيات اللاإجتماعية ، أو ما يسمى في بالمسؤولية ـ ، ولا تقيم وزنا للثواب والعقاب الاجتماعيين ، ونعني بهما : القوانين الرسمية أو العادات والتقاليد والاعراف الاجتماعية ،… مثل هذه الشخصيات المنحرفة تمثل عددا ضئيلا : تعزلهم الدوائر الرسمية في جناح خاص من مؤسساتها حتى تتخلص من شرورهم. وقد يصعدون في غفلة من الزمن إلى موقع السلطة [كما هو شأن طغاة العصر الحديث] فيفتكون بالأخيار ، وبعامة الناس.

المهم : ان تجمع تسعة اشخاص من بين حفنة كبيرة من المنحرفين ، يحمل دلالة خاصة هي : ان هؤلاء التسعة انفار يجسدون قمة الوقاحة والصلافة وانعدام الحس الإنساني لديهم : حينئذ لا عجب ان يتقدم هؤلاء التسعة دون غيرهم إلى التفكير بجريمة قتل لشخصية ارسلتها السماء إليهم : لتنقذهم من الظلمات إلى النور.

والآن : لنقف مع هذه الحفنة التي قاءتها الأرض ، لننظر ، طريقة تفكيرها في حبك الجريمة ، وإخفاء معالمها : ظنا منهم انهم قادرون على محو آثار الجريمة ، ما داموا : كما قلنا ، يغلفهم (الجهل) من جانب حينما لم يعوا ان اخفاء الجريمة لا يمكن أن يتم إلا لحين. لكنهم ، ما داموا ـ من جانب آخر ـ مرضى ، لا يرتوون إلا من سفك الدم ، حينئذ لا مناص لهم من الاقدام على الجريمة بأية حال من الأحوال.

هؤلاء المفسدون في الأرض : كما وصفتهم القصة {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ } [النمل : 48] ، بدأوا في التفكير بمخطط الجريمة ، على هذا النحو :

{قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} [النمل : 49]

لقد تحالفوا فيما بينهم على جريمة القتل. ثم قرروا ان ينكروا ذلك عند أولياء القتيل.

بيد ان السماء ، كانت لهم بالمرصاد. فوفقا للنصوص المفسرة ، ان السماء أرسلت ملائكتها ، فرموا كل واحد بحجر ، فقتلوهم جميعا ، أو نزلوا في سفح جبل فخر عليهم ، أو أوحي إلى صالح بالخروج ، فنزل العذاب عليهم بعد ذلك.

وأيا كان الأمر : فان القصة نفسها عقبت على هذا الحادث :

{وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا..} [النمل : 50 - 52]

وبما اننا سنتحدث عن العقاب الدنيوي الذي لحق القوم بعامة ، كما سنتحدث ـ في قصص صالح : في نصوص أخرى ، تتصل بهذا الجانب ، إلا اننا هنا حسبنا ان نشير ـ ولو عابرين ـ ان احداث القصة [من الزاوية الفنية] ما ان بدأت بمرحلة (التأزم) حتى أطلت المرحلة التي تليها ، وهي مرحلة ما يسمى بـ(الإنارة) ، أو الانفراج ، أو الانعطاف بالحدث نحو نهايته التي عرج بها النص بنحو خاطف ، سريع. يتناسب فنيا مع سرعة (المكر) الذي هيأته السماء حيال حفنة من المنحرفين الذين يتعطشون لسفك الدم : حيث مكروا مكرا ، وخيل إليهم انهم قادرون على ذلك. وحتى لو انهم قدروا على ذلك عاجلا ، فإن امهالهم ـ ولو لأجل من الدنيا ، لا ينقذهم من النهاية الكسيحة التي تنتظر الطغاة : كل الطغاة في أي زمان ومكان.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .