بدأ التفكير في قضية العشوائيات ليس فقط كونها  نمطاً لا يصلح فيزيائياً، وعمرانياً،  وبيئياً للحياة الادمية برغم حيوية ذلك واهميته البالغة ، بل بوصفها ايضاً قضية حياة تهم قطاعا كبيراً من سكان المجتمعات الحضرية ورغم ان الشكل العام والمظهر الخارجي لقضية العشوائيات يبدو أسكانياً, الا أن دوافعه الاصلية تضم الى جانب المكون الإسكاني مكونات عديدة تتصل بالوضع الاقتصادي، وبعده الداخلي على نحو خاص. كما ترتبط بالتركيب الاجتماعي وبنيته الطبقية  وتتعلق بالنسق التخطيطي العمراني وفعالية القوانين واللوائح بنجاحه.

ويمثل البعد الاجتماعي محورا لا يمكن تجاهله في تشكيل ظاهرة العشوائيات فالبنية الاجتماعية تتضافر مع الجانب الاجتماعي ومع النمط العمراني العشوائي، ويفرز ذلك كله نوعاً من الخلل او الاضطراب الذي ينتهي الى نشأة هذه المناطق بل واتساعها حجماً ،وحيزاً سكانياً.

فالعشوائية أذن مشكلة بشر أكثر من كونها مشكلة سكن أو تعدي على أملاك الغير والدولة بوضع اليد، او الاستيلاء على ارض لا تصلح للسكن أصلاً أو البناء على الاراضي الزراعية الملاصقة للمدن القائمة والذي  يمثل خطراً كبيراً على اقتصاديات الدولة .

أن الرؤية الاجتماعية للظاهرة تصحح كثيرا من التناول الجزئي المحدود والمتحيز لقضية العشوائيات فالعشوائيات ظاهرة مركبة معقدة ، ومن الخطأ سواء على المستوى العلمي لتناولها او الجهد التطبيقي لمواجهتها أن تُرى من خلال بعداَ واحداَ بذاته مهما بلغة اهمية ذلك البعد وحيويته، ورغم ان النمط السكني العمراني يمثل الإطار المباشر الذي يجسد الظاهرة، ويمنحها المضمون والمعنى. 

ان مفهوم المناطق العشوائية يختلف من مكان لآخر وذلك حسب ظروف كل مجتمع ومستويات المعيشة والقيم والنظم الاجتماعية السائدة به هناك ، فمنهم ً يرى العشوائيات مناطق تنشأ من دون تخطيط عمراني ،وهي تفتقد للخدمات والمرافق الاساسية . بينما يرى البعض المناطق العشوائية كونها  مناطق فقيرة ومزدحمة (slums) وذلك بصرف النظر  عن كونها التزمت بقوانين الدولة او لم تلتزم   ويذهب الكثيرون ممن تعرضوا لدراسة ظاهرة العشوائيات في انها  ممثلة لقطاع الأسكان غير الرسمي الذي ينشأ أساسَا نتيجة اغتصاب اراضي الدولة واقامة مباني سكنية عليها فهي تقع في الغالب في اطراف المدن , كما يقصد بالإسكان العشوائي وفق تعريف البعض تلك المساكن التي اقيمت على مساحات شاسعة من المناطق الزراعية, وفق تقسيمات غير معتمدة وبدون ترخيص، وهي مناطق تفتقر أساساً الى الخدمات والمرافق الاساسية, اما الاكواخ والعشش، وبيوت  الصفيح فبعدها  البعض مساكن جوازية.

وبصفة عامة فان تعبير المناطق العشوائية هو أحد المسميات التي تطلق على عملية بناء المساكن بصورة غير قانونية والتي ظهرت كنتيجة حتمية للنمو الحضري السريع بمدن معظم دول العالم النامي، و رغم تعدد المسميات إلا أنها تشترك جميعها في عامل واحد وهو أن عمليات البناء وتطويره والاضافة اليه، تتم بوساطة الاسرة والاعتماد اساساً على الجهود الذاتية وفي معظم الكتابات التي تناولت السكن العشوائي فأن المصطلح  يطلق على واحد او اكثر من الأنماط التالية:

1- المناطق القديمة التي تعرضت إلى التدهور بسبب الكثافة السكانية العالية ولجوء السكان إلى مساكن لا تتوفر فيها الشروط الصحية والسليمة للسكن.

2- المساكن المبنية بمواد بناء مؤقتة كالصفيح وخلافه على أراضي تابعة للقطاع الخاص أو الدولة.

3- تعديات على الأراضي الزراعية أو المتروكة تجاوزا .