أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-11-2014
1872
التاريخ: 28-09-2015
3299
التاريخ: 11-6-2021
3318
التاريخ: 12-5-2021
3942
|
قال تعالى : {وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ} [هود : 42 ، 43] .
{وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِـي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ} [هود : 45-47] .
ركب النبي نوح في السفينة ورأى ابنه (يقال إن اسمه كنعان) في معزل عنه ، فناداه بقلب لهيف : {يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ} ، ولكنه أبى أن يلبي نداء الوالد المشفق ، معتذراً بأنه سيلجأ إلى جبل عال يحفظه من الماء .
وكان يتصور أن المياه مهما ماجت فلن تصل إلى سفح الجبل فضلاً عن قمته ثم لم تلبث أن تنحسر ، وأنه سينجو من الغرق بصعوده في الجبل .
فأجابه نوح البصير بعظمة الله وقدرته قائلا : {لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ} ولكن هذا المفتون بجهله وغروره لم يفهم مغزى هذا القول ، ولم يدرك أنه لن يفلت أحد من غضب الله إلا بالرجوع إلى الله ، وظل سادراً في غيه إلى أن حال بينه وبين أبيه الموج .
فلما رأى نوح فلذة كبده وثمرة حياته يتقلب بين الأمواج ، ويعاني صرعات الغرق و الموت ، أراد أن يستنجز وعد الله بنجاة ولده ، فقال : {إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ} ولكن كلمة العذاب قد حقت عليه بعصيانه ، فكان من المغرقين .
وللتدبر والاستفادة من هذه القصة تجب دراسة المواضع الأربعة التالية :
١. ما هو المراد من قوله : {وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ} ؟
٢. كيف دعا نوح ابنه إلى ركوب السفينة مع كونه كافرا ، وكان (عليه السلام) قد دعا الله سبحانه أن لا يبقي على الأرض من الكافرين دياراً ؟
٣. ما هو المراد من قوله سبحانه : {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} ؟
٤. هل كان نداؤه لربه بشأن ابنه واقعاً في غير محله ؟
وإليك دراسة هذه المواضع واحداً بعد الآخر .
الأول : ما هو المراد من الوعد الحق ؟
الوعد الحق الذي ذكره نوح (عليه السلام) ، هو ما وعده الله من نجاة أهله من الغرق والهلاك ، وقد جاء في موضعين :
أحدهما ما مر من قوله : {احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ} .
وثانيهما قوله : {إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ} [العنكبوت : 33]
ومن هنا نادى ربه مستنجزاً وعده في ابنه ، لأنه من أهله : {إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ} ولم يفصح (عليه السلام) عن طلبه بنجاة ابنه تأدباً أمام الله سبحانه ، وإلا كان يقتضي أن يقول : يلزم ألا يغرق ولدي لأنه من أهلي .
فأجابه سبحانه بقوله : {يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [هود : 46] .
الثاني : كيف دعا نوح ابنه إلى ركوب السفينة مع كونه كافراً ؟
كيف طلب من ابنه ركوب السفينة مع كونه كافراً ، وكان (عليه السلام) قد دعا الله سبحانه أن لا يبقي عل الأرض من الكافرين دياراً ؟!
والجواب : انه لا يظهر من الآيات أن النبي نوحاً كان يعلم كفر ابنه ، لأن من يدعو الله سبحانه بكل وجوده أن لا يترك على الأرض من الكافرين دياراً ، لا يقدم على إركاب الابن الكافر معه في السفينة ، وهذا يعرب عن أن ابنه كان مظهراً للإيمان ومبطنا للكفر .
ولعل في قوله لابنه : {وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ} ما يشير إلى عدم وقوفه على كفر ابنه ، حيث يكون المعنى : لا تتخلف مع الكافرين فتغرف معهم ، (1) وإلاّ كان من المناسب أن يقول : ولا تكن من الكافرين . وهذا ما جعل نوحاً يسأل ربّه سبحانه عن وجه غرق ابنه مع كونه من أهله ولم يكن كافراً محكوماً بالغرق .
والشاهد على ذلك أنه لم يسأل الله عن امرأته مع أنها كانت من أهله من دون ريب ، وما ذلك إلا لأنه كان يعلم أنها كافرة ، ولذا تركها تغرق دون أن يسأل عنها .
وقد ذكر المفسرون في وجه السؤال أموراً غير تامة . (2) ولعل ما ذكرناه أوضح مما ذكر .
وعند ذلك وافاه الجواب بما نذكره في الموضع التالي .
الثالث : ما هو المراد من قوله : {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} ؟
يظهر مماً ذكرنا أن المراد من قوله : {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} ، هو أنه كان مبطناً للكفر ومظهراً للإيمان ، والمنافق أشد من الكافر. فهو إذاً قد بلغ من الفساد إلى حد صار عملاً غير صالح ، لا عاملاً غير صالح. وبتعبير آخر : صلته بنوح لما كانت صلة جسما نية لا صلة روحية ، ذكر سبحانه انه لا ينبغي لنوح أن يسأل ما ليس له به علم وما لم يطلع عليه ، كما يدل عليه قوله : (فلاً تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين).
الرابع : هل كان نداؤه لربه بشأن ابنه واقعاً في غير محله ؟
والجواب يعلم مما سبق ، إذ أن مناداته لربه في حق ولده بالنسبة إلى الظاهر لم تكن في غير موقعها ، لأنه كان غير مطلع على عدم صلاحه. وأما بالنسبة إلى الواقع فهي كانت في غير موقعها ، لأنها ستلزم استمرار حياة ابنه في الأرض مع أنه سأله سبحانه أن لا يبقي عليها كافراً .
___________________
1. مجمع البيان : 5/ 311 .
2. الميزان : 10/ 235 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|