أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-6-2021
3121
التاريخ: 20-5-2021
3227
التاريخ: 12-8-2020
2486
التاريخ: 8-7-2020
1872
|
مبيت علي عليه السّلام ، وهجرة النبي صلّى الله عليه وآله :
ويقول المؤرخون : إن أولئك القوم الذين انتدبتهم قريش ، اجتمعوا على باب النبي «صلى الله عليه وآله» ، ـ وهو باب عبد المطلب على ما في بعض الروايات (١) ـ يرصدونه ، يريدون بياته.
وفيهم : الحكم بن أبي العاص ، وعقبة بن أبي معيط ، والنضر بن الحارث ، وأمية بن خلف وزمعة بن الأسود وأبو لهب وأبو جهل وأبو الغيطلة وطعمة بن عدي ، وأبي بن خلف ، وخالد بن الوليد ، وعتبة ، وشيبة ، وحكيم بن حزام ، ونبيه ، ومنبه ابنا الحجاج (٢).
لقد اختارت قريش من قبائلها العشر ، أو الخمس عشرة ، عشرة أو خمسة عشر رجلا ، بل أكثر ، على اختلاف النقل ، ليقتلوا النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» بضربة واحدة بسيوفهم ، بل قيل : إنهم كانوا مئة رجل (٣).
ونحن نستبعد هذا العدد الأخير ، وذلك لمخالفته لسائر الروايات الأخرى ، مع أن ما ذكرته الرواية من أن عدد القبائل كان مئة قبيلة ، لا نجد له ما يؤيده. واحتمال أن يكون قد خرج من كل قبيلة أكثر من واحد ينافيه التصريح بأن الخارجين كانوا واحدا من كل قبيلة.
ومهما يكن من أمر فإن المتآمرين تهيأوا واجتمعوا ، فأخبر الله تعالى نبيه «صلى الله عليه وآله» بمكرهم.
فأمر «صلى الله عليه وآله» أمير المؤمنين عليا «عليه السلام» بالمبيت على فراشه ، بعد أن أخبره بمكر قريش ، فقال علي «عليه السلام» : أوتسلم بمبيتي هناك يا نبي الله؟
قال : نعم.
فتبسم علي «عليه السلام» ضاحكا وأهوى إلى الأرض ساجدا ، شكرا لله ، فنام على فراش النبي «صلى الله عليه وآله» ، واشتمل ببرده «صلى الله عليه وآله» الحضرمي.
ثم خرج النبي «صلى الله عليه وآله» في فحمة العشاء ، والرصد من قريش قد أطافوا بداره ينتظرون.
خرج «صلى الله عليه وآله» ، وهو يقرأ هذه الآية : (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ)(4).
وكان بيده «صلى الله عليه وآله» قبضة من تراب ، فرمى بها في رؤوسهم ، ومر من بينهم ، فما شعروا به ، وأخذ طريقه إلى غار ثور.
ولعل هذه القبضة من تراب قد أشغلتهم بأنفسهم ، وصرفت قلوبهم عن التدقيق في رصد موضوع خروج النبي «صلى الله عليه وآله» ، لا سيما مع وجود ظلمة قوية ، فإنهم كانوا في فحمة العشاء ، وتحتاج الرؤية فيها إلى المزيد من التنبّه إلى إحداد النظر في نقطة بعينها ..
وعلى كل حال ، فإن الرواة قد زعموا : أن أبا بكر جاء وأمير المؤمنين علي «عليه السلام» نائم ، فقال : يا نبي الله ، وأبو بكر يحسبه أنه نبي الله قال : فقال له علي : إن نبي الله ، قد انطلق نحو بئر ميمونة ، فأدركه ، فانطلق أبو بكر ، فدخل معه الغار (١).
ولعل الصحيح هو الرواية التي تقول : إن النبي «صلى الله عليه وآله» قد لقي أبا بكر في الطريق ، وكان أبو بكر قد خرج ليتنسم الأخبار ، وربما يكون استصحبه معه ، لكي لا يسأله سائل إن كان قد رأى رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فيقر لهم بأنه رآه ، ثم يدلهم على الطريق التي سلكها خوفا من أن يتعرض لأذاهم ، أو خطأ ، أو لأي داع آخر.
نقول هذا : إذ لا موجب لترجيح تلك الرواية على هذه ، ولأننا لم نجد ، ما يدل على علم علي «عليه السلام» بالمكان والجهة التي توجه إليها رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وليس ثمة ما يؤيد احتمال أن يكون «صلى الله عليه وآله» قد أخبره بشيء من ذلك.
على أن السؤال الأهم هو : كيف دخل أبو بكر إلى علي «عليه السلام»؟!
ومن أين؟!
وكيف لم يره خمسة عشر رجلا يرصدون البيت وقد طافوا بالدار؟!
وإذا كانوا يرصدون ، وينظرون من خلل الباب إلى النائم ، ورأوه كيف يتضور وهم يرمونه ببعض الحصى ، فكيف لم يروا أبا بكر حين دخل إليه؟!
وإذا كانوا قد رأوه ، فهل سمعوا كلامه؟!
وإذا كانوا قد سمعوه ، وهم قريبون منه إلى حد أنهم يرمونه بالحصى ، فلماذا لم يلحقوا بالنبي «صلى الله عليه وآله» كما لحق به أبو بكر؟!
وحين دخل أبو بكر هل كشف له عليّ «عليه السلام» رأسه ، أم بقي مغطى ، وإذا كان قد كشفه فهل رآه المشركون أم لا؟
ولماذا لم يروه؟! وإذا كانوا قد رأوه ، فلماذا انتظروا إلى الصباح؟!
وإذا كانوا قد سمعوا صوت عليّ ورأوه فكيف لم يعرفوه ، ولم يميزوا بين الرجلين ولا بين الصوتين؟!
وكيف رأوا تضوره ولم يروا شخصه .. وبعد الاجتماع بين أبي بكر وعليّ «عليه السلام» من أين خرج أبو بكر ، وهل رأوه حين خرج أم لم يروه؟!
إلى غير ذلك من الأسئلة الكثيرة التي لن تجد الجواب المقنع والمقبول.
وعلى كل حال ، فقد روى الشيخ الطوسي : «أن النبي «صلى الله عليه وآله» أمر أبا بكر ، وهند بن أبي هالة : أن ينتظرا في طريقه إلى الغار بمكان عينه لهما» (6).
وذكر الراوندي : «أنه مشى وهم لا يرونه ، فرأى أبا بكر قد خرج في الليل يتجسس من خبره ، وقد كان وقف على تدبير قريش من جهتهم ، فأخرجه معه إلى الغار» (7).
وإذا صح هذا ؛ فيرد سؤال : كيف لم يخبر أبو بكر النبي بأمرهم؟! إلا أن يقال : إنه إنما جاء ليخبر النبي «صلى الله عليه وآله» بذلك.
ولكن الأهم من ذلك : كيف أطلعت قريش أبا بكر على تدبيرها مع حرصها الشديد على التكتم فيه ، عن كل من له بالنبي أدنى صلة كما تقدم تصريح الديار بكري وغيره بذلك؟
قالوا : وجعل المشركون يرمون عليا «عليه السلام» بالحجارة ، كما كانوا يرمون رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وهو يتضور (أي يتلوى ويتقلب) ، وقد لف رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح ، فهجموا عليه ، فلما بصر بهم عليّ «عليه السلام» قد انتضوا السيوف ، وأقبلوا عليه ، يقدمهم خالد بن الوليد ، وثب له عليّ «عليه السلام» ، فختله ، وهمز يده ، فجعل خالد يقمص قماص البكر ، ويرغو رغاء الجمل ، وأخذ من يده السيف ، وشد عليهم بسيف خالد ، فأجفلوا أمامه إجفال النعم إلى خارج الدار ، وتبصروه ، فإذا علي.
قالوا : وإنك لعلي؟
قال : أنا علي.
قالوا : فإنا لم نردك ؛ فما فعل صاحبك؟
قال : لا علم لي به (8).
فكان من الطبيعي أن يتراجعوا عنه ، وأن يسرعوا إلى قومهم لإخبارهم بما جرى ليتدبروا الأمر قبل فوات الأوان.
وهكذا كان فقد هبت قريش لتدارك الموقف.
__________________
(١) البحار ج ١٩ ص ٧٣ عن الخرائج والجرائح.
(٢) لقد وردت أسماء هؤلاء كلا أو بعضا في روايات مختلفة ، في السيرة الحلبية ج ٢ والبحار ج ١٩ ص ٧٢ و ٣١ ومجمع البيان.
(٣) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٨٠ ونور الأبصار ص ١٥.
(4) الآية ٩ من سورة يس.
(5) راجع في الفقرات الأخيرة : مناقب الخوارزمي الحنفي ص ٧٣ ومستدرك الحاكم ج ٣ ص ١٣٣ وتلخيصه للذهبي بهامشه وصححاه ، ومسند أحمد ج ١ ص ٣٢١ ، وتذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ص ٣٤ ، وشواهد التنزيل ج ١ ص ٩٩ و ١٠٠ و ١٠١ ، وتاريخ الطبري ج ٢ ص ١٠٠ ، وتفسير البرهان ج ١ ص ٢٠٧ ، والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص ٣٠ وخصائص أمير المؤمنين للنسائي ط النجف ص ٦٣ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٥ ، ومجمع الزوائد ج ٩ ص ١٢٠ عن أحمد ورجاله رجال الصحيح غير واحد وهو ثقة ، وعن الطبراني في الكبير والأوسط ، والبحار ج ١٩ ص ٧٨ و ٩٣ عن الطبري وأحمد ، والعياشي ، وكفاية الطالب ، وفضائل الخمسة ج ١ ص ٢٣١ ، وذخائر العقبى ص ٨٧ ، وكفاية الطالب ص ٢٤٢. وقال : إن ابن عساكر ذكره في الأربعين الطوال ، وترجمة الإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام» ، من تاريخ ابن عساكر تحقيق المحمودي ج ١ ص ١٨٦ و ١٩٠ ، ونقله المحمودي في هامشه عن : الفضائل لأحمد بن حنبل ، حديث ٢٩١ وعن غاية المرام ص ٦٦ ، عن الطبراني ج ٣ في الورق ١٦٨ / ب وفي هامش كفاية الطالب عن : الرياض النضرة ج ٢ ص ٢٠٣. وأما الفقرات الأخرى فهي موجودة في مختلف كتب الحديث والتاريخ.
(6) أمالي الشيخ الطوسي ج ٢ ص ٨١ والبحار ج ١٩ ص ٦١.
(7) راجع : البحار ج ١٩ ص ٧٣ عن الخرائج والجرائح.
(8) أمالي الشيخ الطوسي ج ٢ ص ٨٢ و ٨٣.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
العتبة الحسينية تطلق فعاليات المخيم القرآني الثالث في جامعة البصرة
|
|
|