المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



من عوامل العزوف عن الزواج سهولة اقامة العلاقات اللا مشروعة  
  
2350   04:14 مساءً   التاريخ: 29-4-2021
المؤلف : سماحة آية اللّه العظمى مكارم الشيرازي
الكتاب أو المصدر : المشاكل الجنسية للشباب
الجزء والصفحة : ص30- 36
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مشاكل و حلول /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-4-2016 2599
التاريخ: 8-7-2022 1387
التاريخ: 22/12/2022 1232
التاريخ: 4-8-2022 1617

عامل مهم في قلّة الإقبال على الزواج

لقد خرجت الحياة الإجتماعية المعاصرة في أغلب مواقعها عن هيئة الحياة الطبيعية السليمة ، ويتمثّل أحد نماذج تلك المواقع بالانخفاض الكبير في نسبة الزواج واقبال الشباب على الحياة غير الطبيعية للعزوبة.

... ان انخفاض نسبة الزواج واتساع رقعة العزوبة - بغض النظر عن الآثار السيئة التي يتركها على النسل - يعتبر مأساة كبرى بالنسبة للمجتمعات البشرية من حيث ايجاد نوع من الحياة التي تقوم على أساس عدم الشعور بالمسؤولية وقطع الأواصر الإجتماعية وعدم الاكتراث للحوادث التي غالباً ما تشكّل العناصر الطبيعية في حياة العزّاب.

وستتضح بشاعة هذه المأساة أكثر فأكثر إذا أضفنا إليها الإنحرافات الأخلاقية التي تلحق بهؤلاء الأفراد بفعل تلك الحياة ، وسنتابع الآن - برفقة القرّاء الأعزاء - العوامل الرئيسية لهذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة.

لا شك ان هذا الوضع القلق ليس معلولا لعلة أو علتين ، لكن من المسلّم أن هناك بعض العوامل التي تلفت النظر أكثر من غيرها ، ومنها قضية «اتساع دائرة العلاقات اللا مشروعة» ، وذلك لانّ سهولة اقامة مثل هذه العلاقة ، فقد أصبحت المرأة كائناً مبتذلا وضيعاً في نظر أغلب الشباب ، بل قد يحصل عليها أحياناً بالمجان ، وعليه فقد فقدت قيمتها وأهميتها وانسانيتها التي كانت تملكها سابقاً ، والتي كانت تضطر المقابل للتضحية بالغالي والنفيس من اجل الوصول إليها ، فلم تعد ذلك الموجود الغالي واللطيف الذي يستهوي الشباب ويشد أنظارهم إليه ، وقد كان للعري والخلاعة الدور الواضح في هذا الابتذال والحطّ من شأنها ، ونتيجة لما تقدّم لم يعد هنالك من أثر في مجتمعاتنا الماضية ، والذي كان يشكل لبنة الحياة الزوجية الوطيدة ، ولا عجب فالإنسان انما يعشق شيئاً إذا كان صعب المنال ، وبخلافه فمن العبث أن يعشق شيئاً مبتذلا تافهاً يمكنه الحصول عليه بالمجان.

من جانب آخر فان أغلب الأفراد الطائشين يعتقدون بعدم جدوى الارتباط بالمرأة لأجل الزواج بعد تحمل ما لا يحصى من الشروط والمسؤوليات ، في حين يستطيعون الحصول على المزيد من النساء دون تحمّل عناء أي من الشروط والمسؤوليات ، ولذلك ترى أغلب هؤلاء الأفراد - الذين لا يدركون العواقب الوخيمة للتفسّخ الجنسي والتحلل الأخلاقي - وكونهم ينظرون الى الزواج والمرأة من خلال اِشباع الغريزة الجنسية ، لا يرون في الزواج وتحمّل هذه الشروط والمسؤوليات إلاّ حماقة ، وبالاستناد الى هذه الحقائق يتّضح لدينا مدى تأثير (سهولة اقامة العلاقات اللا مشروعة) على انخفاض نسبة الزواج ، ولذلك نلاحظ انخفاض هذه النسبة يتضاعف أضعاف كثيرة في المجتمعات الغربية بفعل الحريات التي تدعو الى التحلل والتفسّخ والإنحراف الجنسي ، فاذا ما وقع زواج فانه يقع في سن متقدمة ، ناهيك عن كون هذا الزواج على درجة من الضعف والوهن بحيث أنّ بعض الذرائع التافهة والمضحكة أحياناً قد تستأصله من الجذور.

ضحايا هذه الروابط الفاسدة

إضافة الى ما تقدّم فإننا نرى على الدوام دور البغاء والدعارة في المجتمعات التي تفضّل حياة العزوبة على الزواج ؛ وهذه المراكز تعتبر هي الاُخرى من العوامل المهمة في الحدّ من نسبة الزواج وتصدع كيان الاُسرة ، ومما لاشكّ فيه أن وجود هذه المراكز الموبوءة في هذه المجتمعات انما تكشف بوضوح عن مرضها وعدم سلامتها.

جدير بالذكر أنّ قضية الفحشاء ومراكز الدعارة لا ينبغي أن تبحث من زاوية كونها مركز لمضاعفة حجم الفساد الأخلاقي ونشر أنواع الميكروبات الجسمية والروحية ، إلى جانب كونها تساعد على انخفاض الإقبال على الزواج والاتجاه نحو حياة العزوبة - وان كانت هذه الاُمور جديرة بالبحث والتأمّل - فحسب، بل إضافة لذلك لابدّ من اخضاعها للدراسة من خلال زاوية النساء الفاحشات اللاتي يراودن تلك المراكز ويبعن فيها أنفسهن.

ويعترف الباحثون والمحققون المتخصصون في هذا الأمر بأن وضع هذه النسوة يمثل أبشع وأفجع أنواع الرقّ والعبودية التي شهدتها القرون الوسطى ، نساء طريدات ، بلا مأوى وضعيفات بمعنى الكلمة ، وغارقات في مستنقع من الديون ، يحترقن ليل نهار كالشمعة ليضيئن مجالس الهوى واللذة ويشبعن شهوة هذا المنحرف وذاك ، وعاقبة أمرهن أنهن سيودعن هذه الحياة في تلك الدهاليز بأبشع وأتعس حال ، حتى أنّهن قد لا يظفرن أحياناً بمن يحمل أجسادهن ليواريهن الثرى.

فأي ضمير يسمح بوجود مثل هؤلاء العبيد الضعاف في صفوف هذا المجتمع - وفي هذا العصر الذي يفتخر بأنّه عصر إلغاء الرقّ والعبوديّة - دون أن يتقدم أحد ليضع عنهم اِصرهنّ والأغلال التي تطوقهنّ؟!

وهنا لا ينبغي أن ننسى بأنّ هذه العبودية المؤلمة التي أقرت رسمياً - للأسف - من قِبل أغلب المجتمعات المعاصرة إنّما هي الوليدة الطبيعية لتلك العلاقات اللا مشروعة ، فأغلب النساء اللواتي يسبحن في وحل هذا المستنقع العفن هنّ ضحايا تلك العلاقات اللا مشروعة ، وقد انجرفن تدريجياً إلى هذه المراكز الساقطة.

لا شك أن سيرة بعض هذه النساء التي تناولتها بعض الكتب ، إنّما تعتبر وصمة عار في جبين المجتمعات التي يصطلح عليها بالمجتمعات المتحضرة ، ومما يؤسف له أنّ مثل هذا الموضوع لم يمنح الأهمية المطلوبة ، وبناءً على ما تقدم ومن أجل عدم تصدّع الاُسرة والحيلولة دون السقوط وانخفاض الزواج وبغية تحرير هؤلاء العبيد ، لابدّ من وضع حد لهذه الحريات الجنسية الطائشة والعلاقات الشاذّة ؛ وهو الأمر الذي يتطلّب خطة وبرنامجاً صحيحاً.

وهنا ينبغي للأخوة الشباب وعلى ضوء الحقائق المذكورة أن يكونوا أكثر مراقبة لأنفسهم وزملائهم والاّ يقيموا وزناً لأساليب الخداع والاغراء التي تهدف الى ايقاعهم في مصائد الفحشاء والمنكر، وليقف الأفراد الذين يحاولون التخفيف من قبح هذه المراكز وكونها ضرورة اجتماعية ، بغية الحفاظ على سلامة الشباب انهم على خطأ كبير ، وهل يمكن تصوّر نشر دور الدعارة والفساد من شأنه أن يسهم في الحدّ من الإنحراف والفساد ، وهل للفساد أن يكون ضرورة اجتماعية؟! أم أنّ التردد على مراكز الفساد ضرورة صحية؟! 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.