المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17761 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



كيف ظهرت الدعوة الإسلامية ؟  
  
1564   06:19 مساءاً   التاريخ: 8-10-2014
المؤلف : محمد حسين الطباطبائي
الكتاب أو المصدر : تفسير الميزان
الجزء والصفحة : ج4 ، ص 132-141 .
القسم : القرآن الكريم وعلومه / قصص قرآنية / حضارات / مقالات عامة من التاريخ الإسلامي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-09-2015 3299
التاريخ: 8-10-2014 1679
التاريخ: 8-10-2014 1503
التاريخ: 8-10-2014 1746

كان وضع المجتمع الانساني يومئذ عهد الجاهلية ما سمعته من إكباب الناس على الباطل وسلطة الفساد والظلم عليهم في جميع شؤون الحياة وهو ذا دين التوحيد وهو الدين الحق يريد أن يؤمر الحق ويوليه عليهم تولية مطلقة ويطهر قلوبهم من ألواث الشرك ويزكى أعمالهم ويصلح مجتمعهم بعد ما تعرق الفساد في جذوره وأغصانه وباطنه وظاهره.

وبالجملة يريد الله ليهديهم إلى الحق الصريح وما يريد ليجعل عليهم من حرج ولكن يريد ليطهرهم وليتم نعمته عليهم فما هم عليه من الباطل وما يريد منهم كلمة الحق في نقطتين متقابلتين وقطبين متخالفين فهل كان يجب أن يستمال منهم البعض ويصلح بهم الباقين من أهل الباطل ثم بالبعض البعض حرصا على ظهور الحق مهما كان وبأي وسيلة تيسر كما قيل إن أهمية الغاية تبيح المقدمة ولو كانت محظورة وهذا هو السلوك السياسي الذي يستعمله أهل السياسة.

وهذا النحو من السلوك إلى الغرض قلما يتخلف عن الايصال إلى المقاصد في أي باب جرى غير أنه لا يجرى في باب الحق الصريح وهو الذي تؤمه الدعوة الاسلامية فإن الغاية وليدة مقدماتها ووسائلها وكيف يمكن أن يلد الباطل حقا وينتج السقيم صحيحا والوليد مجموعة مأخوذة من اللذين يلدانه.

وبغية السياسة وهواها أن تبلغ السلطة والسيطرة وتحوز السبق والتصدر والتعين والتمتع بأي نحو اتفق وعلى أي وصف من أوصاف الخير والشر والحق والباطل انطبق ولا هوى لها في الحق ولكن الدعوة الحقة لا تبتغى إلا الغرض الحق ولو توسلت إليه بباطل لكان ذلك منها إمضاء وإنفاذا للباطل فتصير دعوة باطلة لا دعوة حقة.

ولهذه الحقيقة ظهورات بارزة في سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والطاهرين من آله عليهم السلام.

وبذلك أمره صلى الله عليه وآله وسلم ربه ونزل به القرآن في مواطن راودوه فيها للمساهلة أو المداهنة ولو يسيرا في أمر الدين قال تعالى {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)} : سورة الكافرون 1-6 ، وقال تعالى وفيه لحن التهديد {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ) : الإسراء 74- 75 وقال تعالى (وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} : الكهف - 51 وقال تعالى وهو مثل وسيع المعنى {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا} : الأعراف - 58.

وإذ كان الحق لا يمازج الباطل ولا يلتئم به فقد أمره الله سبحانه حينما أعباه ثقل الدعوة بالرفق والتدرج في أمرها بالنظر إلى نفس الدعوة والمدعو و المدعو إليه من ثلاث جهات.

الأولى من جهة ما اشتمل عليه الدين من المعارف الحقة والقوانين المشرعة التي من شأنها إصلاح شؤون المجتمع الانساني وقطع منابت الفساد فإن من الصعب المستصعب تبديل عقائد الناس ولا سيما إذا كانت ناشبة في الأخلاق والأعمال وقد استقرت عليها العادات ودارت عليها القرون وسارت عليها الأسلاف ونشأت عليها الاخلاف ولا سيما إذا عمت كلمة الدين ودعوته جميع شؤون الحياة واستوعبت جميع الحركات الانسانية وسكناتها في ظاهرها وباطنها في جميع أزمنتها ولجميع أشخاصها وأفرادها ومجتمعاتها من غير استثناء كما أنه شأن الاسلام فإن ذلك مما يدهش الفكرة تصوره أو هو محال عادى.

وصعوبة هذا الامر ومشقته في الأعمال أزيد منها في الاعتقادات فإن استئناس الانسان واعتياده ومساسه بالعمل أقدم منه بالاعتقاد وهو أظهر لحسه وآثر عند شهواته وأهوائه ولذلك أظهرت الدعوة الاعتقادات الحقة في أول أمرها جملة لكن القوانين والشرائع الإلهية ظهرت بالتدريج حكما فحكما.

وبالجملة تدرجت الدعوة في إلقاء مضمراتها إلى الناس لئلا يشمس عن تلقيها الطباع ولا تتزلزل النفوس في نضد بعض أجزاء الدعوة على بعض وهذا الذي ذكرناه ظاهر للمتدبر الباحث في هذه الحقائق فإنه يجد الآيات القرآنية مختلفة في إلقاء المعارف الإلهية والقوانين المشرعة في مكيتها ومدنيتها الآيات المكية تدعو إلى كليات أجمل فيها القول والمدنية ونعني بها ما نزلت بعد الهجرة أينما نزلت تفصل القول وتأتى بالتفاصيل من الاحكام التي سبقت في المكية كلياتها ومجملاتها قال تعالى {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14} : [العلق 6- 14 ]والآيات نازلة في أول الرسالة بعد النبوة على ما مرت إليه الإشارة في آيات الصوم من الجزء الثاني وفيها إجمال التوحيد والمعاد وإجمال أمر التقوى والعبادة.

وقال تعالى {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) : المدثر 1- 3 وهى أيضا من الآيات النازلة في أول البعثة وقال تعالى (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} : الشمس 7- 10 وقال تعالى{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} : الاعلى 14- 15 وقوله تعالى {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (7) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} : فصلت 6- 8 وهذه الآيات أيضا من الآيات النازلة في أوائل البعثة.

وقال تعالى {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} : الانعام 151– 153 فانظر إلى سياق الآيات الشريفة كيف أجمل القول فيها في النواهي الشرعية أولا وفي الأوامر الشرعية ثانيا وإنما أجمل بجمع الجميع تحت وصف لا يستنكف حتى العقل العامي من قبوله فإن الفواحش لا يتوقف في شناعتها ولزوم اجتنابها والكف عنها ذو مسكة وكذا الاجتماع على صراط مستقيم يؤمن به التفرق والضعف والوقوع في الهلكة والردى لا يرتاب فيه أحد بحكم الغريزة فقد استمد في هذه الدعوة من غرائز المدعوين ولذلك بعينه ذكر ما ذكر من المحرمات بعنوان التفصيل كعقوق الوالدين والإساءة إليهما وقتل الأولاد من إملاق وقتل النفس المحترمة وأكل مال اليتيم إلى آخر ما ذكر فأن العواطف الغريزية من الانسان تؤيد الدعوة في أمرها لاشمئزازها في حالها العادي عن ارتكاب هذه الجرائم والمعاصي وهناك آيات اخر يعثر عليها المتدبر ويرى أن الحال فيها نظير ما ذكرناه فيما نقلنا من الآيات.

وكيف كان فالآيات المكية شأنها الدعوة إلى مجملات فصلتها بعد ذلك الآيات المدنية ومع ذلك فالآيات المدنية نفسها لا تخلو عن مثل هذا التدرج فما جميع الأحكام والقوانين الدينية نزلت في المدينة دفعة واحدة بل تدريجا ونجوما ويكفيك التدبر في أنموذج منها قد تقدمت الإشارة إليها وهى آيات حرمة الخمر فقد قال تعالى {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} : النحل - 67 والآية مكية ذكر فيها أمر الخمر وسكت عنه إلا ما في قوله (وَرِزْقًا حَسَنًا) من الايماء إلى أن السكر ليس من الرزق الحسن ثم قال {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ} : الأعراف - 33 والآية أيضا مكية تحرم الاثم صريحا لكن لم تبين أن شرب الخمر إثم إرفاقا في الدعوة إلى ترك عادة سيئة اجتذبتهم إليها شهواتهم ونبتت عليها لحومهم وشدت عظامهم ثم قال {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} : البقرة - 219 والآية مدنية تبين أن شرب الخمر من الاثم الذي حرمته آية الأعراف ولسان الآية كما ترى لسان رفق ونصح ثم قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} : المائدة - 91 والآية مدنية ختم بها أمر التحريم.
ونظيرها الإرث فقد آخى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أولا بين أصحابه وورث أحد الأخوين الآخر في أول الامر إعدادا لهم لما سيشرعه الله في أمر الوراثة ثم نزل قوله تعالى {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ} : الأحزاب - 6 وعلى هذا النحو غالب الاحكام المنسوخة والناسخة.

ففي جميع هذه الموارد وأشباهها تدرجت الدعوة في إظهار الاحكام وإجرائها أخذا بالإرفاق لحكمة الحفظ لسهولة التحميل وحسن التلقي بالقبول قال تعالى {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} : الإسراء - 106 ولو كان القرآن نزل عليه صلى الله عليه وآله وسلم دفعة واحدة ثم بين الرسول تفاصيل شرائعه على ما يوظفه عليه قوله تعالى {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} : النحل - 44 فأتى ببيان جميع معارفه الاعتقادية والأخلاقية وكليات الاحكام العبادية والقوانين الجارية في المعاملات والسياسات وهكذا لم تستطع الافهام عندئذ تصورها وحملها فضلا عن قبول الناس لها وعملهم بها وحكومتها على قلوبهم في أرادتها وعلى جوارحهم وأبدانهم في فعلها فتنزيله على مكث هو الذي هيأ للدين إمكان القبول والوقوع في القلوب وقال تعالى {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} : الفرقان - 32 وفي الآية دلالة على أن سبحانه كان يرفق برسوله صلى الله عليه وآله وسلم في إنزال القرآن نجوما كما أرفق بأمته فتدبر في ذلك وتأمله وفي ذيل الآية قوله (وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا).

ومن الواجب أن يتذكر أن السلوك من الاجمال إلى التفصيل والتدرج في إلقاء الاحكام إلى الناس من باب الارفاق وحسن التربية ورعاية المصلحة غير المداهنة والمساهلة وهو ظاهر.

الثانية السلوك التدريجي من حيث انتخاب المدعوين وأخذ الترتيب فيهم فمن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان مبعوثا إلى كافة البشر من غير اختصاص دعوته بقوم دون قوم ولا بمكان دون مكان ولا بزمان دون زمان ومرجع الأخيرين إلى الأول في الحقيقة البتة قال تعالى قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض : الأعراف - 158 وقال تعالى {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} : الانعام - 19 وقال تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} : الأنبياء -107

على أن التاريخ يحكى دعوته صلى الله عليه وآله وسلم اليهود وهم من بني إسرائيل والروم والعجم والحبشة ومصر وليسوا من العرب وقد آمن به من المشاهير سلمان وهو من العجم ومؤذنه بلال وهو من الحبشة وصهيب وهو من الروم فعموم نبوته صلى الله عليه وآله وسلم في زمانه لا ريب فيه والآيات السابقة تشمل بعمومها الأزمان والأمكنة أيضا.

على أن قوله تعالى {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} : السجدة 41- 42 وقوله تعالى {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} : الأحزاب - 40 تدلان على عموم النبوة وشمولها للأمكنة والأزمنة أيضا والبحث التفصيلي عن هذه الآيات يطلب من تفسيرها في مواردها.

وكيف كان فالنبوة عامة والمتأمل في سعة المعارف والقوانين الاسلامية وما كان عليه الدنيا يوم ظهر الاسلام من ظلمة الجهل وقذارة الفساد والبغي لا يرتاب في عدم إمكان مواجهة الدنيا ومكافحة الشرك والفساد حينئذ دفعة.

بل كان من الواجب في الحكمة أن تبدأ الدعوة بالبعض وأن يكون ذلك البعض هو قوم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم يظهر بركوز الدين فيهم على غيرهم وهكذا كان قال تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} : إبراهيم - 4 وقال {وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (198) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ} : الشعراء - 199 والآيات التي تدل على ارتباط الدعوة والانذار بالعرب لا تدل على أزيد من كونهم بعض من تعلقت بهم الدعوة والانذار وكذا الآيات النازلة في التحدي بالقرآن لو كان فيها ما ينحصر تحديه بالبلاغة فحسب إنما هي لكون البلاغة إحدى جهات التحدي بالإعجاز ولا دليل في ذلك على كون الأمة العربية هي المقصودة بالدعوة فقط نعم اللسان مقصود بالاستقلال للبيان كما مر من قوله وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم الآية وقوله {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ} : يوسف - 3 وقوله {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} : الشعراء - 195 فاللسان العربي هو المظهر للمعاني والمقاصد الذهنية أتم إظهار ولذلك اختاره الله سبحانه لكتابه العزيز من بين الألسن وقال {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} : الزخرف - 3.

وبالجملة أمره الله تعالى بعد القيام بأصل الدعوة أن يبدأ بعشيرته فقال {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} : الشعراء - 214 فامتثل أمره وجمع عشيرته ودعاهم إلى ما بعث له ووعدهم أن أول من لباه فهو خليفته من بعده فأجابه إلى ذلك علي عليه السلام فشكر له ذلك واستهزأ به الباقون على ما في صحاح الروايات (1) وكتب التاريخ والسير ثم لحق به أناس من أهله كخديجة ه زوجته وعمه حمزة بن عبد المطلب وعبيد وعمه أبى طالب على ما روته الشيعة وفي أشعاره تصريحات وتلويحات بذلك (2) وإنما لم يتظاهر بالإيمان ليتمكن من حمايته صلى الله عليه وآله وسلم.

ثم أمره الله سبحانه أن يوسع الدعوة لقومه على ما يظهر من قوله {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} : الشورى - 7 وقوله {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} : السجدة - 3 وقوله { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام : 19] وهذه الآية من الشواهد على أن الدعوة غير مقصورة عليهم وإنما بدأ بهم حكمة ومصلحة.

ثم أمره الله سبحانه بتوسعة الدعوة للدنيا من جميع المليين وغيرهم كما يدل عليه الآيات السابقة كقوله تعالى {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا } [الأعراف : 158] وقوله (ولكن رسول الله وخاتم النبيين) وغيرهما مما تقدم.

الثالثة الاخذ بالمراتب من حيث الدعوة والارشاد والاجراء وهى الدعوة بالقول والدعوة السلبية والجهاد.

أما الدعوة بالقول فهي مما يستفاد من جميع القرآن بالبداهة وقد أمره الله سبحانه برعاية الكرامات الانسانية والأخلاق الحسنة في ذلك قال تعالى {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ} : الكهف - 110 وقال {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} : الحجر - 88 وقال {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} : فصلت -34 وقال {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} : المدثر - 6 إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة.

وأمره صلى الله عليه وآله وسلم أن يستعمل جميع فنون البيان على حسب اختلاف الافهام واستعدادات الاشخاص قال تعالى {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} " النحل - 125 ".

وأما الدعوة السلبية فهو اعتزال المؤمنين الكافرين في دينهم وأعمالهم وتكوين مجتمع إسلامي لا يمازجه دين غيرهم ممن لا يوحد الله سبحانه ولا أعمال غير المسلمين من المعاصي وسائر الرذائل الأخلاقية إلا ما أوجبته ضرورة الحياة من المخالطة قال تعالى {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} : الكافرون - 6 وقال {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} : [هود - 113] وقال {فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا واليه المصير} : الشورى - 15 وقال تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق} إلى أن قال {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم؟؟ أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون} : الممتحنة - 9 والآيات في معنى التبري والاعتزال عن أعداء الدين كثيرة وهي كما ترى تشرح معنى هذا التبري وكيفيته وخصوصيته.

وأما الجهاد فقد تقدم الكلام فيه في ذيل آيات الجهاد من سورة البقرة وهذه المراتب الثلاث من مزايا الدين الاسلامي ومفاخره والمرتبة الأولى لازمه في الأخيرتين وكذا الثانية في الثالثة فقد كانت من سيرته صلى الله عليه وآله وسلم الدعوة والموعظة في غزواته قبل الشروع فيها على ما أمره به ربه سبحانه فقال (فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء ).

ومن أخنى القول ما نبذوا به الاسلام أنه دين السيف دون الدعوة مع أن الكتاب والسيرة والتاريخ تشهد به وتنوره ولكن من لم يجعل الله له نورا فما له من نور.

وهؤلاء المنتقدون بعضهم من أهل الكنيسة التي كانت عقدت منذ قرون فيها محكمة دينية تقضي على المنحرفين عن الدين بالنار تشبها بالمحكمة الإلهية يوم القيامة فكان عمالها يجولون في البلاد فيجلبون إليها من الناس من اتهموه بالردة ولو بالأقوال الحديثة في الطبيعيات والرياضيات مما لم يقل به الفلسفة الاسكولاستيكية التي كانت الكنيسة تروجها.

فليت شعري هل بسط التوحيد وقطع منابت الوثنية وتطهير الدنيا من قذارة الفساد أهم عند العقل السليم أو تخنيق من قال بمثل حركة الأرض أو نفي الفلك البطليموسي ورد أنفاسه إلى صدره والكنيسة هي التي أثارت العالم المسيحي على المسلمين باسم الجهاد مع الوثنية فأقامت الحروب الصليبية على ساقها مائتي سنة تقريبا وخربت البلاد وأفنت الملايين من النفوس وأباحت الاعراض.

وبعضهم من غير أهل الكنيسة من المدعين للتمدن والحرية!! وهؤلاء هم الذين يوقدون نار الحروب العالمية ويقلبون الدنيا ظهر البطن كلما هتفت بهم مزاعمهم توجه خطر يسير على بعض منافعهم المادية فهل استقرار الشرك في الدنيا وانحطاط الأخلاق وموت الفضائل وإحاطة الشؤم والفساد على الأرض ومن فيها أضر أم زوال السلطة على أشبار من الأرض أو الخسارة في دريهمات يسيرة؟! نعم إن الانسان لربه لكنود.

ويعجبني نقل ما ذكره بعض المحققين الأعاظم (3) في هذا الباب في بعض رسائله قال رحمه الله الوسائل المتبعة للإصلاح الاجتماعي وتحقيق العدل وتمزيق الظلم ومقاومة الشر والفساد تكاد تنحصر في ثلاثة أنواع :

1 - وسائل الدعوة والارشاد بالخطب والمقالات والمؤلفات والنشرات وهذه هي الخطة الشريفة التي أشار إليها الحق جل شأنه بقوله ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن وقوله ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وهذه هي الطريقة التي استعملها الاسلام في أول البعثة إلى أن قال :

2 - وسائل المقاومة السلمية والسلبية كالمظاهرات والاضرابات والمقاطعة الاقتصادية وعدم التعاون مع الظالمين وعدم الاشتراك في أعمالهم وحكومتهم وأصحاب هذه الطريقة لا يبيحون اتخاذ طريق الحرب والقتل والعنف وهي المشار إليها بقوله تعالى ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ولا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء وفي القرآن الكريم كثير من الآيات التي تشير إلى هذه الطريقة وأشهر من دعا إلى هذه الطريقة وأكد عليها النبي الهندي بوذا والمسيح عليه السلام والأديب الروسي تولستوي والزعيم الهندي الروحي غاندي.

3 - الحرب والثورة والقتال.

والاسلام يتدرج في هذه الأساليب الثلاثة الأولى الموعظة الحسنة والدعوة السليمة فإن لم ينجح في دفع الظالمين ودرء فسادهم واستبدادهم فالثانية المقاطعة السلمية أو السلبية وعدم التعاون والمشاركة معهم فإن لم تجد وتنفع فالثالثة الثورة المسلحة فإن الله لا يرضى بالظلم أبدا بل والراضي الساكت شريك الظالم.

الاسلام عقيدة وقد غلط وركب الشطط من قال إن الاسلام نشر دعوته بالسيف والقتال فإن الاسلام إيمان وعقيدة والعقيدة لا تحصل بالجبر والاكراه وإنما تخضع للحجة والبرهان والقرآن المجيد ينادي بذلك في عدة آيات منها لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي.

والاسلام إنما استعمل السيف وشهر السلاح على الظالمين الذين لم يقتنعوا بالآيات والبراهين استعمل القوة في سبيل من وقف حجر عثرة في سبيل الدعوة إلى الحق أجهز السلاح لدفع شر المعاندين لا إلى إدخالهم في حظيرة الاسلام يقول جل شأنه (قاتلوهم حتى لا تكون فتنة) فالقتال إنما هو لدفع الفتنة لا لاعتناق الدين والعقيدة.

فالإسلام لا يقاتل عبطة واختيارا وإنما يحرجه الأعداء فيلتجئ إليه اضطرارا ولا يأخذ منه إلا بالوسائل الشريفة فيحرم في الحرب والسلم التخريب والاحراق والسم وقطع الماء عن الأعداء كما يحرم قتل النساء والأطفال وقتل الاسرى ويوصي بالرفق بهم والاحسان إليهم مهما كانوا من العداء والبغضاء للمسلمين ويحرم الاغتيال في الحرب والسلم ويحرم قتل الشيوخ والعجزة ومن لم يبدأ بالحرب ويحرم الهجوم على العدو ليلا (فانبذ إليهم على سواء) ويحرم القتل على الظنة والتهمة والعقاب قبل ارتكاب الجريمة إلى أمثال ذلك من الأعمال التي يأباها الشرف والمروءة والتي تنبعث من الخسة والقسوة والدناءة والوحشية.

كل تلك الأعمال التي أبى شرف الاسلام ارتكاب شيء منها مع الأعداء في كل ما كان له من المعارك والحروب قد ارتكبتها بأفظع صورها وأهول أنواعها الدول المتمدنة في هذا العصر الذي يسمونه عصر النور نعم أباح عصر النور قتل النساء والأطفال والشيوخ والمرضى والتبييت ليلا والهجوم ليلا بالسلاح والقنابل على العزل والمدنيين الآمنين وأباح القتل بالجملة.

ألم يرسل الألمان في الحرب العالمية الثانية القنابل الصاروخية إلى لندن فهدمت المباني وقتلت النساء والأطفال والسكان الآمنين ؟!

ألم يقتل الألمان ألوف الاسرى ؟!

ألم يرسل الحلفاء في الحرب الماضية ألوف الطائرات إلى ألمانيا لتخريب مدنها ؟! ألم يرم الأمريكان القنابل الذرية إلى المدن اليابانية.

وبعد اختراع وسائل الدمار الحديثة كالصواريخ والقنابل الذرية والهيدروجينية لا يعلم إلا الله ماذا يحل بالأرض من عذاب وخراب ومآسي وآلام إذا حدثت حرب عالمية ثالثة ولجأت الدول المتحاربة إلى استعمال تلك الوسائل أرشد الله الانسان إلى طريق الصواب وهداه الصراط المستقيم انتهى.
________________________

1- راجع سادس البحار وسيرة ابن هشام وغيرهما.
2- راجع ديوان أبي طالب .
3- الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء في رسالة المثل العليا في الاسلام لا في بحمدون.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .