أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-1-2022
2686
التاريخ: 18-3-2021
3562
التاريخ: 11-3-2021
5830
التاريخ: 17-2-2021
4024
|
يدخل في هذه الدراسة الالتزامات الناشئة عن الفعل الضار (المسؤولية التقصيرية) والفعل المادي النافع كالإثراء بلا سبب . اما الالتزامات القانونية كالنفقة والضريبة فيرجع في شأنها إلى القانون الذي يفرضها ، فالنفقة مثلا يرجع فيها إلى قانون المدين بها . ولهذا فإن موضوع بحثنا هذا يتحدد بالفعل الضار والفعل النافع ونتبين فيما يلي القانون المختص بكل منهما ومجال تطبيقه .
الفعل الضار
يرتب القانون على الأفعال الضارة مسؤولية مدنية تعطي المتضرر حق المطالبة بالتعويض . وقد تلتبس المسؤولية المدنية الناشئة عن الفعل الضار بالمسؤولية التعاقدية الناشئة عن الإخلال بالتزام عن العقد (1) ، هذا الالتباس يؤدي في كثير من الأحيان إلى الاختلاف في تكييف المسؤولية وما إذا كانت عقدية أو تقصيرية . وما يترتب عن ذلك من فروق جوهرية (2) .
والاختلاف في التكييف هذا قد يظهر واضحا في مسؤوليتي رب العمل والناقل. فارتباط رب العمل مع العامل في دولة معينة ووقوع الضرر أثناء العمل في دولة أخري يثير التساؤل عن أساس المسؤولية، أساسها المسؤولية التعاقدية أم التقصيرية ؟. ومسؤولية الناقل الجوي بسلامة الركاب والبضاعة أهي تعاقدية أم تقصيرية؟ ... هناك عدة اتجاهات .
الاتجاه الأول : وصف مسؤولية رب العمل ومسؤولية الناقل بالنسبة لاصطدام القطارات والسيارات بأنها تقصيرية وتخضع بهذا الى قانون محل وقوع الضرر(3) وقد تبنت هذا الرأي قرارات بعض المحاكم الفرنسية .
والاتجاه الآخر اعتبر مسؤولية رب العمل والناقل مسؤولية تعاقدية تخضع للقانون الذي يحكم العقد . ففي قضية Antipol (4) والتي تتلخص في ارتباط عامل مع إحدى الشركات الفرنسية بموجب عقد للعمل في السنغال ، وأثناء تأدية العمل وقع له حادث أصابه بضرر . اعتبرت محكمة التمييز الفرنسية أساس المسؤولية هو عقد العمل لأن المسؤولية مرتبطة تمام الارتباط به وهي نتيجة متوقعة له .
والاتجاه السائد في الوقت الحاضر يرى أن أساس المسؤولية هنا القانون إذ أوجب على رب العمل والناقل تحمل تبعة المخاطر وهذه المسؤولية شبيهة بالمسؤولية التقصيرية ويكون الاختصاص فيها لقانون مكان وقوع الفعل الذي نجم عنه الضرر (5) .
ويقع على عاتق القاضي مهمة التكييف لتحديد منشا الالتزام وما إذا كان أساسه العقد أم أنه نشأ عن فعل قائم بذاته تم لا بمناسبة انعقاد العقد أو تنفيذه لأن تحديد أساس المسؤولية له أهمية في اختيار قاعدة الاسناد التي يتعين بمقتضاها القانون الواجب التطبيق . فالقاضي المرفوع أمامه النزاع إذا ارتأى أن المسؤولية تعاقدية يطبق الفقرة الأولى من المادة العشرين ، ويحكم العلاقة بمقتضى قانون الإرادة . وإذا ما تبين للقاضي أن المسؤولية تقصيرية لا تعاقدية عليه أن يخضعها للقانون الذي تعينه قاعدة الاسناد الخاصة بذلك .
يدور التنازع في هذا الشأن - بين قانون محل ارتكاب الفعل الضار وقانون المحكمة المرفوع أمامها النزاع . وأكثر التشريعات أسندت الاختصاص فيها لقانون الجهة التي ارتكب فيها الفعل المنشئ للالتزام وهذا ما قررته قواعد الاسناد لأكثر التشريعات العربية (6) .
فقانون البلد الذي وقع فيه الفعل الضار بحكم المسائل المتعلقة بالأهلية اللازمة للمسائلة عن الفعل الضار والخطأ واشتراك الطرفين في الاهمال الذي نتج عنه الضرر او الدفع بمشروعية العمل لسبب من الأسباب ونتائج المسؤولية ومدى التعويض . وهذا القانون يحكم المسؤولية عن الغير والاشياء والحيوانات .
ويبرر اختصاص القانون المحلي على اعتبار أن الأفعال الضارة تكون خرقة القواعد سلوك الأفراد في المجتمع الذي وقع فيه الفعل الضار . فلكل مجتمع - كما هو معلوم - قواعد سلوك خاصة به قد تختلف عن قواعد السلوك المجتمع آخر . والقواعد التي تحكم سلوك الأفراد تدخل في نطاق قواعد الأمن المدني الذي وقع فيه الفعل الضار ، ولهذا فإن تقدير مسألة مخالفة قواعد السلوك للمجتمع تقاس في ضوء أحكام قانون المجتمع الذي تمت فيه الواقعة، وبمقتضى هذا القانون يقدر مقدار مخالفة هذه القواعد ومقدار الضرر الواجب اصلاحه (7) .
إن إخضاع الاختصاص في الفعل الضار الى قانون محل وقوعه قد لا ينسجم مع النظام القانوني للظرف الاجتماعي الذي حصل فيه ، فوجود مجموعة متجانسة بسفرة او مخيم لقضاء العطلة في بلد آخر ، وكذلك وجود وسائط نقل في دولة غير الدولة التي ينتسب اليها وتعرض احد افراد المجموعة او احدى وسائط النقل للضرر في الدولة التي وجدوا فيها ما كان الا مجرد صدفة، فإعطاء الاختصاص لقانون ذلك البلد الذي حصلت فيه الواقعة المنشأ للالتزام قد لا يسعف المتضرر ، وقد يكون من الافضل في مثل هذه الحالات ان يولى الاختصاص إلى القانون الذي تنسب اليه المجموعة .
وقد ظهر اتجاه جديد في الولايات المتحدة الأمريكية ناصرة بعض الفقهاء الفرنسيين ينادي بإخضاع الاختصاص للفعل الضار إلى قاعدة اكثر مرونة تدعو إلى تطبيق القانون الملائم للعمل غير المشروع» ، ويتم ذلك بأسناد الاختصاص إلى قانون محل وقوع الفعل الضار مع الأخذ بعين الاعتبار عوامل اسناد اخرى كالجنسية والموطن ومحل الاقامة الاعتيادية (8).
اخضع المشرع الأردني في الفقرة 1 م 22 مدني هذه الالتزامات على قانون الدولة التي تقع فيها الواقعة المنشئة للالتزام بقولها :
" الالتزامات غير التعاقدية يسري عليها قانون البلد الذي وقع فيه الفعل المنشئ للالتزام" . ويحكم قانون الدولة هذه الوقائع التي تقع في أرضها ومياهها الإقليمية وكذلك تلك التي تحدث في بواخرها الحربية اينما كانت والبواخر التجارية إذا كانت في عرض البحر ..الخ (9) .وقد تواجه عملية تحديد الإقليم الذي وقعت فيه الواقعة المنشئة للالتزام صعوبات مؤداها إما انتفاء السلطة في مكان وقوع الفعل او تفرق عناصر الواقعة بين عدة دول .
انتفاء السلطة :
حدوث الواقعة المنشأة للالتزام على ظهر سفينة (غير حربية في المياه الإقليمية الدولة معينة لا يثير اشكالا لأن اعمال قاعدة اخضاع الفعل المنشئ للالتزام القانون البلد الذي وقع فيه تفرض القول بإعطاء الاختصاص لقانون الدولة صاحبة الاقليم الذي وجدت الواسطة فيه .
اما لو حدثت الواقعة المنشأة للالتزام في اقليم لا يخضع الى سيادة دولة من الدول ، كوقوعه على متن طائرة او سفينة أو بين طائرتين في أعالي البحار او في خارج الأجواء التابعة لدولة فأن تعيين القانون المختص يستلزم التفريق بين ما اذا كان الحادث قد وقع على ظهر الواسطة أو بسبب التصادم بين الواسطتين ..
فاذا وقع على متن الطائرة او ظهر السفينة فيتولى الاختصاص قانون الدولة التي تحمل الواسطة علمها .
اما اذا كان الحادث قد وقع بسبب التصادم بين سفينتين او طائرتين ففي هذا الشأن عدة اتجاهات ، اذ يخضع بعضهم المسؤولية للقانون الشخصي للواسطة التي سببت الضرر ، لكن في هذه الحالة قد تنهض صعوبات تحول دون معرفة القانون المختص اما بسبب الاشتراك في الخطأ او لتعذر نسب التصادم لسبب معين او للقوة القاهرة . ولهذا ولتفادي ظهور مثل هذه الصعاب يذهب آخرون الى تطبيق قانون القاضي المرفوع امامه النزاع وقد يكون هذا الرأي اكثر قبولا لأنه يستند إلى مبدأ قانوني مفاده في حالة عدم وجود قاعدة اسناد ، تحدد القانون الواجب التطبيق أن ليس هناك من وسيلة إلا تطبيق قانون القاضي باعتباره صاحب الاختصاص الاحتياطي (10) ويتوقف تطبيق قانون القاضي على عدم وجود حل آخر اكثر ملائمة لطبيعة النزاع كتطبيق قانون العلم المشترك اذا كانت وسائط النقل تنتمي لدولة واحدة .
توزع عناصر الواقعة على أقاليم عدة دول :
تواجه عملية تعيين مكان وقوع الفعل المنشئ للالتزام صعوبة بسبب وقوع عناصر الواقعة المنشئة للالتزام في أكثر من دولة ، ومرد هذا التعدد أما عن كون
الواقعة تتألف من حوادث متعددة تم ارتكابها في أكثر من دولة أو وقوع الخطأ في , دولة وتحقق الضرر في دولة أخرى .
تعدد الحوادث :
ويتكون الفعل من سلسلة حوادث وقعت في بلاد متفرقة ككتاب سب أو شتم أرسل من دولة واستلم في دولة أخرى وكحادثة قذف ارتكبت في إذاعة لاسلكية او تلفزيونية بثت في دولة والتقطت في عدة دول اخرى . وكإغراء بنت على الفاحشة في بلد وتمام الفعل الفاحش في بلد آخر، وكسحب شيك بدون رصيد في دولة على بنك في دولة أخرى تحقق فيها عدم وجود الرصيد . ففي كل من الأمثلة المتقدمة تكونت الواقعة الواحدة من حوادث وقعت في أكثر من إقليم . إذن ، كيف يتم اعمال قاعدة الاسناد وتحديد قانون البلد الذي تمت فيه الواقعة المنشئة للالتزام ؟؟
يجيبنا باتیفول بإعطاء الاختصاص الى قانون البلد الذي حدث فيه الفعل الرئيسي للواقعة المنشئة للالتزام (11) . ويقصد بالفعل الرئيس هو الفعل الذي يرتبط مباشرة مع الضرر ، في حالة إلقاء القذيفة يكون الفعل الرئيس قد تم في المحل الذي انفجرت فيه ويكون الفعل الرئيسي قد تم بالنسبة لكتاب السب في المحل الذي تم فيه تسلم الكتاب (12) ، ويميل القضاء في الولايات المتحدة الامريكية - على ما يبدو - إلى تطبيق قانون مكان أقرب واقعة ترتب عليها وقوع الضرر(13) .
الوجه الثاني لتوزيع عناصر الواقعة على أقاليم عدة دول يكون بحدوث الخطأ في دولة وتحقق الضرر الناجم عنه في دولة أخرى ، كتصاعد مواد ضارة من معمل في دولة وإلحاق الضرر الناجم عنها بحقل زراعي في دول اخرى مجاورة ، وكتقليد انتاج معين او علامة فارقة في دولة واستعماله في دولة أخرى ، ووضع قنبلة زمنية في طائرة تم تفجرها في دولة اخرى . فما هو القانون المحلي في مثل هذه الحالات وهل هو قانون مكان وقوع الخطأ ، ام قانون مكان تحقق الضرر؟ لم يجيب القانون على ذلك وبهذا فلا مناص من اللجوء إلى الاجتهاد .
وبهذا الشأن نجد عدة اتجاهات (14) : فيذهب رأي الى اعمال قانون المحل الذي حدث فيه الخطأ لأنه اساس المسؤولية المدنية وما الضرر الا نتيجة له - والخطأ انما يقدر بقانون البلد الذي ارتكب فيه . ولا يخلو العمل بهذا الاتجاه من الصعوبات وعلى وجه التخصيص في حالة ارتكاب الخطأ في اكثر من محل كالقذف بالبث التلفزيوني اذ يتم التقاطه في عدة دول .
ويعطي رأي آخر الاختصاص إلى قانون محل وقوع الضرر ، لان نظام المسؤولية المدنية لا يهدف إلى ايقاع الجزاء على المخطئ بقدر ما يهدف إلى تعويض المتضرر عما لحقه من ضرر ، ولأن التعويض يتحدد بمكان قوع الضرر فهو المكان الذي اختل فيه التوازن بين المصالح التي يهدف القانون إلى حمايتها .
واعطاء الاختصاص في المسؤولية التقصيرية الى قانون البلد الذي ترتب فيه الضرر لا يخلو بدوره من الصعوبات العملية نتيجة لتعدد الضرر ووقوعه في عدة دول ، فما هي الدولة التي يوكل الاختصاص لقانونها ؟
يقول البعض بإعطاء الاختصاص الى قانون الدولة التي تحقق فيها الضرر الرئيس . وهذا ما عمل به القضاء الفرنسي في قضية خلاصتها أن امرأة وضعت
طفلا في فرنسا أثر إغراء تم في البرتغال اعتبر الضرر الرئيسي ولادة المولود . التي وقعت في فرنسا فقانون محل الضرر الرئيسي هو القانون الفرنسي (15).
ويدعوا آخرون إلى إعطاء المتضرر الحق في اختيار قانون محل وقوع الخطأ او قانون الدولة التي ترتب فيها الضرر (16) وقد يكون مثل هذا النظام أكثر عدالة لأنه يمكن الطرف الضعيف وهو المتضرر من الالتجاء الى الطريق الأيسر والأنفع له .
ولم يقيدنا المشرع الأردني في الفقرة الأولى من المادة (22) من القانون المدني براي دون آخر من الآراء المتقدمة . فقد اكتفي بإعطاء الاختصاص الى البلد الذي وقع فيه الفعل المنشئ للالتزام دون وضع ضابط يتعين بمقتضاه الفعل المنشئ للالتزام وابقي المسألة خاضعة في هذا الشأن للاجتهاد .
نطاق القانون المحلي :
يشمل اختصاص هذا القانون أسباب المسؤولية وهي العمل الشخصي ، وعمل الغير وما ينجم عن الأشياء والحيوانات . كما يشمل شروط المسؤولية كوجود الخطأ وتحديد فكرة الخطأ، ويحدد ايضا اسباب دفع المسؤولية كالقوة القاهرة والحادث الفجائي وخطا الضحية او فعل الغير ، وهذا القانون تحدد الأهلية اللازمة للمسائلة أي صلاحية من يقع منه الفعل الضار ، أن يكون محلا لتحمل التبعة ، وهي لا تشترط كمال الاهلية كما هو الحال في الأهلية العامة فقد يكتفي القانون بالنسبة للأهلية التقصيرية مجرد الادراك وقد لا يكون الادراك مطلوبة في تحقق هذه المسؤولية (17) ويحكم هذا القانون الضرر ايضا وتقديره والتعويض اللازم مادية كان او معنوية وكذلك العلاقة السببية بين الخطأ والضرر .
والقانون الأردني وإن أعطى الاختصاص في كل ما تقدم الى قانون البلد الذي تم فيه الفعل المنشئ للالتزام إلا أنه عاد في الفقرة الثانية من المادة ذاتها فقيد اعمال القانون الأجنبي بشرط نص فيه على أنه لا تسري أحكام الفقرة السابقة على الوقائع التي تحدث في الخارج وتكون مشروعة في المملكة الأردنية الهاشمية وإن عدت غير مشروعة في البلد الذي وقعت فيه، .
وكون الفعل بعد غير مشروع وفقا لقانون البلد الذي وقع فيه الفعل الضار ، فإن ذلك لا يعد كافية لاستكمال عناصر المسؤولية التقصيرية بل يشترط بالإضافة إلى ذلك أن يكون الفعل الواقع خارج الأردن يعتبر غير مشروع وفقا للقانون الأردني (18) فالزواج الثاني وتايب الزوجة في الحدود المرسومة إن كان كل منهما لا يعتبر مشروعة في الدولة التي وقع فيها الفعل فإنه يعد مشروعة بمقتضى القانون الأردني ولا يترتب عليه أية مسؤولية تقصيرية .
وهنا يجدر الإشارة إلى أن مجال تطبيق الفقرة الثانية من المادة الثانية والعشرين إنما يقتصر على تقدير مشروعية أو عدم مشروعية الفعل الواقع في الخارج وفقا لمفهوم القانون الأردني فإن اتضح أنه يعتبر مشروعة وفقا للقانون الأردني فلا ينال القانون الأجنبي (قانون البلد الذي وقع فيه الفعل التطبيق ، اما اذا تبين أنه يعتبر غير مشروع بمقتضى القانون الأردني ، يصار عندئذ إلى العمل بقانون البلد الذي وقع فيه الفعل الضار في كل ما يتعلق بالمسؤولية التقصيرية ، الأهلية للمسائلة ، ارتكاب الخطأ ، الدفع بمشروعية الفعل ، العلاقة السببية بين الخطأ والضرر ، وتقدير الضرر وما اذا يقاس بالضرر المباشر ام بغيره ، وما اذا يعتد بالضرر المادي فقط ام يؤخذ بالضرر الأدبي ، ويرجع لهذا القانون بكل ما يتعلق بالتعويض ، الطريقة التي يتم بها وكيفية تقديره والتضامن في المسؤولية المدنية عند تعدد الفاعلين .
الفعل النافع
(الكسب بلا سبب)
وكما يلزم من أحدث ضررا للغير بتعويض الضرر كذلك يلزم من أثرى على حساب غيره دون وجه حق ، أن يرد اليه قيمة هذا الإثراء في حدود ما افتقره به ذلك الغير .
ومن تطبيقات العمل المادي النافع الكسب بلا سبب وقبض غير المستحق وقضاء دين الغير والفضالة (19) .
وتختلف تطبيقات الكسب بلا سبب وكذلك شروط وأثار كل منهما من قانون الى آخر . ومن هنا فإن احتمال إثارة التنازع بين قوانين الدول بهذا الشأن ليس بالأمر المستبعد وعندئذ يثور التساؤل عن القانون الذي يعطي التفضيل ؟.
تذهب أكثر القوانين الى اعطاء الاختصاص الى القانون الإقليمي أي قانون البلد الذي تم فيه فعل الكسب بلا سبب ، ومن القوانين التي تصدت لهذا الموضوع وخصته بنص هو القانون الكويتي رقم 5 لسنة 1961 حيث نصت المادة 67 منه على ما يلي «يسري على الالتزامات الناشئة عن الإثراء بلا سبب ودفع غير المستحق والفضالة قانون البلد الذي وقع فيه الفعل المنشئ للالتزام» . .
لم يرد في القانون الأردني نص خاص يسند العمل النافع إلى القانون الواجب التطبيق لذا ينبغي ان يولى الاختصاص الى القانون المحلي (قانون البلد الذي حصل فيه الكسب بلا سب عملا) فالفقرة الأولى من المادة (22) من القانون المدني والتي تنص على أن الالتزامات غير التعاقدية يسري عليها قانون البلد الذي وقع فيه الفعل المنشئ للالتزام» .
ويرجع لهذا القانون لتحديد أركان الكسب بلا سبب من إثراء وافتقار (20) وانعدام السبب وأركان الفضالة ودفع غير المستحق . وقد يختلف مكان الافتقار عن مكان الإثراء كسحب شيك في دولة وقبضه في دولة أخرى . فمن هو البلد الذي حدث فيه الفعل المنشئ للالتزام هل هو البلد الذي وقع فيه الافتقار أم البلد الذي حصل فيه الإثراء ؟. يرجح الفقه اعتبار البلد الذي وقع فيه الإثراء هو البلد الذي تم فيه الفعل المنشئ للالتزام ، لأن الإثراء هو الأساس القانوني للالتزام في موضوعنا هذا (21) . ويقودنا هذا الرأي الى اعطاء الاختصاص في هذا الشأن إلى قانون البلد الذي تم فيه دفع غير المستحق وهذا القانون هو الذي يبين معنى الإثراء ومعنى الافتقار ومعنى انعدام السبب القانوني ، ويرجع اليه لمعرفة أحكام دعوى الإثراء وتحديد مقدار التعويض . وبالنسبة للفضالة فيكون قانون البلد الذي تولى فيه الفضولي شؤون رب العمل .
________________
1- راجع اوجه الشبه والخلاف بين المسؤوليتين التقصيرية والتعاقدية ، الدكتور عبد المجيد الحكيم - مصادر الالتزام - شركة الطبع والنشر الاهلية ، بغداد : 1960 ، ص 401.
2 - من حيث التعويض والتضامن والاعفاء ، ففي المسؤولية العقدية يمكن أن يمتد التعويض الى الخطأ غير المتوقع ويقتصر التعويض في المسؤولية التقصيرية على الخطأ المتوقع ، ويلتزم المدينون في المسؤولية التقصيرية بالتضامن بقوة القانون وفي المسؤولية العقدية في مقدور اطراف العلاقة الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية .
3- Sirey 1905 .1 .209
4- Sirey 1923 -1- 33 Arret Antipol.
5- راجع دكتور أبو زيد رضوان - القانون الجوي - دار الفكر العربي ، القاهرة : 1976 ، ص258 وما بعدها (في مسؤولية الناقل الجوي) .
6- الفقرة الأولى من المادة العشرين من القانون الأردني ، المادة 21 قانون مدني مصري ، م 22 قانون مدني سوري سنة 1949، م66 القانون الكويتي رقم 5 لسنة 1961 .
7-Tyan 1966 .P .296
8- منقول من القرارات المهمة للقضاء الفرنسي في القانون الدولي الخاص ص132 .
Morris "The proper law of a tort"
Havard Law Review 1951, 880, en France V. P. B ourel, Les conflits de loi en Matiere L'obligations extra - Contractuelle 1961. P 53
9- Gaz, Pal. 1937,2, 419
10- راجع تفصيل ذلك - هشام علي صادق - تنازع القوانين - الاسكندرية : 1974 ص752.
11- Batiffol 1959 .1959 .P . 608
12- Batiffol 1959 .1959 .P . 608
13- Beale II, 3772 Goodrich Jort Obligations Axd, TBE Conflit Law 73 PA T.R 1924 عن باتيفول. 609 .
14- راجع تفصيل ذلك في القانون الدولي الخاص 300.P.Tyan 1968
15-Paris Oct, 1955 , R.C, 484.
16- وبهذا اخذ الفقه في المانيا
Cumul Electif
Lewald; Red Dr.9NT.X, Obligation EN Droit int PR Allemand No. 54.
17- ففي قضية تريشار التي اعتبرت فيها محكمة التميز الفرنسية أن الشخص الذي كان في حالة صرع وقت كان ممسكا بمقود سيارته يبقى حارسا لها. منقول عن الدكتور سامي بديع منصور - الوسيط في القانون الدولي الخاص صفحة 351.
18- يرى البعض ان ما جاء في شرط كون الفعل غير المشروع الواقع في الخارج وجوب كونه غير مشروع في الداخل ايضأ، وفق ما هو مقرر في الفقرة الثانية من النص وما يقابلها من النصوص العربية، ما هو الا استثناء من القاعدة الأصلية التي تخضع الأفعال الضارة القانون ممل وقوعها ، بهذا الراي دكتور منصور مصطفی منصور ص325 في صدد شرح المادة الماثلة لها في القانون المصري . ونحن نعتقد أن ما تقرره المادة الثانية هو شرط من شروط تطبيق النص لا استثناء يخرج النص من قاعدة اصلية .
19- القانون المدني الاردني ، الكسب بلا سبب المواد من 293 إلى 295، وقبض غير المستحق المواد من 296 إلى 300 ، الفضالة 301 إلى 308 الاردني ، قضاء دين الغير المواد من 309 الى 310.
20- وكل من الاثراء او الافتقار قد يكون ايجابية او سلبا وقد يكون مادية او معنوية مباشرة او
غير مباشر .
21 - راجع تفصيل ذلك ، دكتور هشام علي صادق - تنازع القوانين - الاسكندرية 1974 ،
ص 744.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|