أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-10-2014
1549
التاريخ: 8-10-2014
3036
التاريخ: 8-10-2014
1556
التاريخ: 28-01-2015
1535
|
قال تعالى : { وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [النحل : 41] .
كما هو معروف فإِنّ للمسلمين هجرتين ، الأُولى : كانت محدودة نسبياً (هجرة جمع من المسلمين على رأسهم جعفر بن أبي طالب إِلى الحبشة) ، والثّانية : الهجرة العامة للنّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمسلمين من مكّة إِلى المدينة.
وظاهر الآية يشير إِلى الهجرة الثّانية ، كما يؤيد ذلك شأن النّزول.
وقد بحثنا أهمية دور الهجرة في حياة المسلمين في الماضي والحاضر واستمرار هذا الأمر في كل عصر وزمان بشكل مفصل ضمن تفسيرنا للآية (100) من سورة النساء ، والآية (75) من سورة الأنفال.
وعلى أية حال ، فللمهاجرين مقام سام في الإسلام ، وقد اهتم النّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) بهم كثيراً وكذا المسلمون من بعد ، وذلك لأنّهم جعلوا حياتهم المادية وما يملكون في خدمة الدعوة الإِسلامية المباركة ، ممّا حدا بالبعض أن يعرض حياته للمخاطر ، والبعض الآخر ترك كل أمواله (كصهيب) معتبراً نفسه رابحاً في هذه الصفقة المباركة.
ولو لم تكن تلك التضحيات لأُولئك المهاجرين لما سمح المحيط الفاسد في مكّة وتحكم الشياطين عليها بأن يخرج صوت الإِسلام ليعم أسماع الجميع ، وَلَكُتِمَ الصوت وقبر في صدور المؤمنين إِلى الأبد ، ولكنّ المهاجرين بتحولهم المدروس الواعي وهجرتهم المباركة لم يفتحوا مكّة فحسب ، وإِنّما أوصلوا صوت الإسلام إِلى أسماع العالم ، فأصبحت الهجرة سنّة إِسلامية تجري على مرّ التأريخ إِذا ما واجهت ما يشبه ظروف مكّة قبل الهجرة.
2 ـ التعبير بـ (هاجروا في اللّه) من دون ذكر كلمة «سبيل» إِشارة إِلى ذروة الإِخلاص الذي كان يحملونه أُولئك المهاجرون الأُول ، فهم هاجروا لله وفي سبيله وطلباً لرضاه وحماية لدينه ودفاعاً عنه ، وليس لنجاتهم من القتل أو طلباً لمكاسب مادية أُخرى.
3 ـ وتظهر لنا جملة (من بعدما ظلموا) عدم ترك الميدان فوراً ، بل لابدّ من الصبر والتحمل قدر الإِمكان.
أمّا عندما يصبح تحمل العذاب من العدو باعثا على زيادة جرأته وجسارته ، وإضعاف المؤمنين.. فهنا تجب الهجرة لأجل كسب القدرة اللازمة وتهيئة خنادق المواجهة المحكمة ، ويستمر بالجهاد على كافة الأصعدة من موقع أفضل ، حتى تنتهي الحال إِلى نصر أهل الحق في الساحات العسكرية والعلمية والتبليغية...
4 ـ أمّا قوله تعالى : (لنبوئنهم في الدنيا حسنة) «نبوئنهم» من (بوأت له مكاناً) أي هيأته له ووضعته فيه ـ فيشير إِلى أن المهاجرين في اللّه وإِنْ كانوا ابتداءً يفتقدون إِلى الإمكانيات المادية المستلزمة للمواجهة ، إِلاّ أنّهم في النهاية ـ حتى في الجانب الدنيوي ـ منتصرون (1).
فلماذا بعد ذلك يتحمل الإِنسان ضربات الأعداء المتوالية ويموت منها ذليلا؟! لماذا لا يهاجر وبكل شجاعة ليجاهد عدوّه من موضع جديد فيأخذ منه حقّه ؟!
وقد عرض هذا الموضوع بوضوح أكثر في الآية (100) من سورة النساء ، حيث تقول : (ومَنْ يهاجر في سبيل اللّه يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة).
5 ـ إِن سبب انتخاب صفتين للمهاجرين «الصبر» و «التوكل» واضح ، لما يواجه من ظروف صعبة ومتعبة ، تحتاج الثبات والصبر على مرارة تلك الظروف في الدرجة الأُولى ، ثمّ الإِعتماد الكامل على اللّه سبحانه وتعالى. وأساساً فإنّ الإِنسان لو إفتقد في الحوادث العصبية والشدائد القاسية المعتمد المطمئن والسند المعنوي المحكم ، فإنّ الصبر والإستقامة والثبات تكون مستحيلة.
وقال البعض : إِنّ انتخاب «الصبر» هنا ، لأنّ ابتداء السير في طريق الهجرة إِلى اللّه يحتاج إلى المقاومة والثبات أمام رغبات النفس ، أما انتخاب «التوكل» فلأجل أنّ نهاية السير هي الإِنقطاع عن كل شيء غير اللّه عزَّ وجلّ والإِرتباط به.
وعلى هذا ، تكون الصفة الأُولى لأوّل الطريق والثانية لآخره (2).
وعلى أية حال.. فلا سبيل الى الهجرة الخارجية دون الهجرة الباطنية ، فعلى الإِنسان أنْ يقطع علائقه المادية الباطنية أوّلاً بهجرته نحو الفضائل الأخلاقية ، ليستطيع أنْ يهاجر ويترك دار الكفر ـ مع كل ما له فيها ـ منتقلا إِلى دار الإِيمان.
_______________________
1. «لنبوئنهم» : في الأصل من (بوأ) بمعنى تساوي أجزاء مكان ما.. على عكس «نبوء» على وزن (مبدأ) بمعنى عدم تساوي أجزاء المكان. وعلى هذا فـ «بوّأت له مكاناً» أي ساويت له مكاناً ، ثمّ بمعنى هيأته له.
2. التّفسير الكبير ، ذيل الآية مورد البحث.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|