المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

خيثمة بن عدي الهجري
7-8-2017
المنقوص
17-02-2015
Vowels and diphthongs TRAP
2024-03-08
درجة تشبع اللون colour saturation
21-5-2018
تومسون ، السير جوزيف جون
2-11-2015
مصادر الفرض العلمي
8-3-2022


ماهية الجرم المشهود  
  
5004   11:09 صباحاً   التاريخ: 16-1-2021
المؤلف : جلال ثروت – سليمان عبد المنعم
الكتاب أو المصدر : اصول المحاكمات الجزائية
الجزء والصفحة : ص415-426
القسم : القانون / القانون العام / المجموعة الجنائية / قانون اصول المحاكمات الجزائية /

اولا - تعريف الجرم المشهود وحالاته

تعريف الجرم المشهود كأساس لاتساع سلطات الضابطة العدلية :

الجرم المشهود (أو التلبس)  هو حالة تلازم الجريمة نفسها وليس شخص فاعلها. ويتحقق الجرم المشهود أو التلبس بوصفه حالة عينية لا شخصية إذا تم إدراك الجريمة حال وقوعها، أو عقب وقوعها ببرهة يسيرة، أو إذا تتبع العامة الجاني بالصياح أو الصراخ، أو إذا ضبط الجاني حاملا معه أشياء أو أسلحة أو وجدت به آثار تدل على أنه فاعل أو شريك في الجريمة خلال أربع وعشرين ساعة.

وتعرف المادة 36 من قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني الجرم المشهود بأنه «الجرم الذي يشاهد حال فعله أو عند نهاية الفعل ويلحق به أيضا الجرائم التي يقبض على مرتكبيها بناء على صراخ الناس أو يضبط معهم أشياء أو أسلحة أو أوراق يستدل منها أنهم فاعلو الجرم وذلك في الأربع والعشرين ساعة من وقوع الجرم».

وإذا ما تحققت إحدى حالات الجرم المشهود مثلما تستخلص من نص المادة السابقة يكون لرجال الضابطة العدلية اتخاذ سلطات أوسع كثيرة من سلطاتهم بشأن تقصي الجرائم بصفة عامة . وذلك أمر منطقي: إذ أن حالة الجرم المشهور أو التلبس تبدو فيها احتمالات الخطأ بعيدة ، فالجريمة لا زالت طازجة لم تذهب آثارها بعد، أو هي أقرب ما تكون إلى ذلك. والجاني لم يزل يطارده العامة بالصياح، ولم يزل شبح الجريمة مائلا أمام عينيه ولم تنقض بعد أربع وعشرين ساعة. لهذا كان من الطبيعي أن تتسع سلطات رجال الضابطة العدلية قبل أن ينجح الجاني في الإفلات

من دائرة الملاحقة، وقبل أن يعبث أحد بأدلة الجريمة أو تمحي آثارها. وتتسع هذه السلطات لتشمل كما سبق أن ألمحنا جواز القبض على المتهم واقتياده إلى المخفر أو قسم الشرطة وتفتيشه، بل وتفتيش منزله في بعض الأحيان.

حالات الجرم المشهود:

ثمة حالات اربع للجرم المشهود أو التلبس تنص عليها المادة 36 ا.م.ج السابق الإشارة إليها. ويلاحظ أن تعداد حالات الجرم المشهود وارد على سبيل الحصر. وبالتالي فلا يجوز مطلقة القياس على هذه الحالات بإضافة حالات أخرى لها لم ينص عليها القانون، مهما كان وجه الشبه أو التقريب بين هذه الحالات. ولا شك أن لهذا التأكيد الذي حرصت محكمة النقض المصرية على التذكير به قيمته الشرعوية من حيث ضمانة الحريات الفردية. كما أن القول بالطبيعة الحصرية لحالات التلبس بعد إعمالا لمبدا التفسير المضيق للقاعدة الجنائية الإجرائية التي تمس الحقوق والحريات الفردية .

وحالات الجرم المشهود الأربع هي: 1- إدراك الجريمة حال ارتكابها، ۲- إدراك الجريمة عقب ارتكابها ببرهة يسيرة؛ ۳. القبض على المجاني بناء على صراخ الناس إثر وقوع الجريمة. 4. ضبط الجاني وفي حوزته أدلة الجريمة خلال أربع وعشرين ساعة من وقوعها.

1- إدراك الجريمة حال ارتكابها:

ويقصد بذلك أن يتم إدراك الجريمة بإحدى الحواس الخمس لحظة ارتكابها. وقد يحدث الإدراك أثناء تنفيذ الركن المادي للجريمة، أو قبيل الانتهاء من تنفيذه بأكمله؛ المهم أن هذه الحالة الأولى لا تتوافر إلا إذا حدث إدراك الجريمة في نفس الحظة ارتكابها، وهو ما يعبر عنه المشرع بقوله: «حال ارتكابها». ويترتب على ذلك أنه إذا وقع الركن المادي المكون للجريمة بأكمله دون أن يتيسر إدراكه إلا عقب وقوعه ببرهة فلا نكون بصدد هذه الحالة الأولى من حالات الجرم المشهود، وإن جاز أن توافر الحالة الثانية .

وليس بلازم أن يتحقق إدراك الجريمة عن طريق المشاهدة»، وإن كان الغالب أن حصول إدراك الجريمة بهذه الطريقة. لكن ليس هناك ما يمنع من أن يقع الإدراك بإحدى الحواس الأخرى.

ويكون إدراك الجريمة بالمشاهدة إذا شوهدت الجريمة بالرؤية البصرية كمشاهدة الجاني وهو يطلق النار على المجني عليه، أو يطعنه بالة حادة ؛ أو وهو يخطف حافظة نقوده، أو وهو يناول الموظف مبلغ الرشوة المتفق عليه، أو وهو يتحسس قطعة من المخدرات. وقد يتم إدراك الجريمة بطريق «السمع، كمن يسمع عبارات الذم والخدش الموجهة في حقه علنة، أو من یسمع صوت الرصاصة تشق السكون يعقبها صرخة القتيل. ويكون الإدراك بطريق الشم، في حالة شم رائحة مخدر تنبعث عن جوزة، أو نرجيلة يدخنها الجاني ؛ أو بطريق اللمس، كما لو أن شخصا ضريرة شعر بحركة غريبة إلى جواره فمد يده وتحسس الدم الساخن الذي ينزف من جسد المجني عليه ؛ أو بطريق «التذوق، كمن يتذوق بلسانه طعم السم الذي وضع له أو لغيره في طعام أو شراب.

وإذا كان يكفي لقيام الجرم المشهود تحقق إحدى هذه الحالات التي نص عليها القانون؛ فإنه يشترط رغم ذلك أن يكون الإدراك يقينية لا يحتمل الشك أو اللبس. وبالإضافة لذلك، فإن التلبس أو الجرم المشهود يقوم من الناحية القانونية، حتى ولو لم يكن الجاني معروفة في بعض صوره. فالتلبس حالة واقعية أو عينية كما أسلفنا القول ترتبط بالجريمة الواقعة ذاتها، وليس بشخص فاعلها.

۲- إدراك الجريمة عقب ارتكابها ببرهة بسيرة:

ويقال لهذه الحالة أيضا إدراك الجريمة عند نهاية الفعل. ويقصد بذلك أن تكون الجريمة قد وقعت ولا زالت أثارها بادية للعيان : كان يشاهد المجني عليه القتيل ولا زالت الدماء تنزف منه ؛ أو مشاهد النيران

تشتعل او سحب دخانها لم تهدأ بعد عقب جريمة الحريق العمد؛ وكذلك مشاهدة السارق حاملا معه المسروقات وهو يهبط درج المسكن الذي سرق إحدى شققه منذ لحظات .

ولم يضع المشرع معيارا للوقوف على توافر هذه الحالة من حالات الجرم المشهود أو التلبس والأمر متروك لقاضي الموضوع فيمكنه استخلاص توافر هذه الحالة من عدمها من خلال مجمل الظروف والملابسات المحيطة بالجريمة الواقعة.

ولدينا أن ثمة معيارين يساعدان في الوقوف على توافر هذه الحالة الثانية من عدمها: ۱. معيار موضوعي أو مادي يتمثل في إدراك آثار الجريمة أو ما ينشأ عنها من متغيرات خاصة بالجريمة ذاتها، أم بفاعلها كمشاهدة دماء المجني عليه، أو دخان الحريق). ۲. معيار زمني مؤداه ألا ينفصل إدراك هذه الآثار أو المتغيرات بفترة طويلة عن لحظة وقوع الجريمة. وإذا كان من اليسير الركون إلى المعيار الموضوعي أو المادي؛ فإن المعيار الزمني يجب أن يترك أمر تقديره إلى محكمة الموضوع حيث لها . من خلال ظروف وملابسات كل حالة على حدة - أن تقرر ما إذا كانت الجريمة قد وقعت منذ فترة طويلة على نحو يجرد آثارها . ومتغيراتها من كل قيمة، أم أن الفترة الزمنية التي انقضت حتى انتقال رجل الضبط إلى مكان الجريمة لا تنتقص من قيمة هذه الآثار أو المتغيرات. وعلى أي حال، فلا يجوز أن تتجاوز هذه المدة أربع وعشرين ساعة في ظل القانون اللبناني.

٣- القبض على الجاني بناء على صراخ الناس إثر وقوع الجريمة :

وتفترض هذه الحالة من حالات الجرم المشهود أو التلبس وقوع الجريمة بأكملها، ثم صراخ الناس عقب وقوعها وهم بصدد متابعة الجاني أو مطاردته . وقد ألحق المشرع اللبناني هذه الحالة بالحالتين السابقتين مما قد يوحي باعتبارها من قبيل التلبس الحكمي إذا ما جاز اعتبار الحالة الأولى والثانية تلبس فعلية. والحق أنه ليس ثمة فارق بين كافة أحوال التلبس، لا من حيث طبائعها، ولا من حيث ما ترتبه من آثار .

ومع ذلك فإن صباح الناس أو صراخهم خلف الجاني لا يعدو أن يكون قرينة على وقوع الجريمة. ولهذا يرى البعض بحق أن هذه الحالة الثالثة من حالات الجرم المشهود كان يمكن أن تستوعبها الحالة الثانية الخاصة بإدراك الجريمة عقب ارتكابها ببرهة يسيرة.

وعلى أي حال، فإنه لا بد لقيام هذه الحالة من الناحية القانونية أن يكون ثمة صباح وصراخ من الناس خلف الجاني وهم بصدد متابعته أو مطاردته. وبالتالي فلا بدخل ضمن هذه الحالة ما بتناقله الناس من شائعات وما يتردد على ألسنتهم من أن شخصا بعينه هو مرتكب الجريمة.

4- ضبط الجاني وفي حوزته أدلة الجريمة خلال اربع وعشرين ساعة من وقوعها:

وتختلف هذه الحالة الأخيرة من حالات الجرم المشهود او التلبس عن الحالات السابقة في أنها تفترض سبق وقوع الجريمة منذ برهة ليست باليسيرة، بل قد تصل هذه المدة إلى أربع وعشرين ساعة في القانون اللبناني

وأهم ما يميز التلبس في هذه الحالة هو ضبط الجاني حاملا معه بعضا من أدلة الجريمة. وقد تتمثل هذه الأدلة في الأدوات المستخدمة في ارتكاب الجريمة كضبط السلاح الذي استخدمه الجاني في القتل كبندقية أو خنجر. وقد تبدو هذه الأدلة في حيازة الجاني لمتحصلات الجريمة، كما لو ضبط حائزة الأشياء المسروقة. وبصفة عامة يتوافر الجرم المشهود إذا ضبط الجاني وفي حوزته أشياء أو أسلحة أو أوراق يستدل منها على أنه فاعل الجريمة. وفي كافة الأحوال فلا يجوز أن تنقضي أربع وعشرين ساعة على وقت وقوع الجريمة لاعتبار الشخص متلبسة بها (م 36 ا.م.ج).

ثانيا - شروط صحة الجرم المشهود تمهيد:

للجرم المشهود أهمية بالغة بالنظر إلى ما يتيحه من سلطات لرجال الضابطة العدلية لم تكن لهم بحسب الأصل كالقبض والتفتيش وضبط الأشياء، إذ لا يجوز لغير جهة التحقيق اتخاذ هذه الإجراءات أو الأمر باتخاذها. أكثر من ذلك: أن القانون يعطي للأفراد العاديين الذين يتصادف إدراكهم لحالة الجرم المشهور حق اتخاذ بعض الإجراءات التي لم تكن لهم بأي حال من الأحوال القبض على الجاني وتقييد حريته، واقتياده إلى أقرب مخفر (قسم شرطة)، أو إلى أقرب رجل من رجال السلطة العامة

وبالنظر لهذه الآثار الجسيمة الناشئة عن التلبس كان من الطبيعي التيقن من تحقق إحدى حالاته. ولا يكفي لذلك حدوث إحدى الحالات الأربع السابق عرضها؛ بل ينبغي فوق ذلك أن تتوافر في حالات التلبس جميعها بعض الشروط .

وقد جرى الفقه والقضاء على تسمية هذه الشروط بشروط صحة التلبس أو الجرم المشهود. وهذه الشروط لازمة لإنتاج الآثار القانونية المترتبة على التلبس، ومن أهمها تخويل رجال الضبط العدلي والأفراد العاديين بعض السلطات التي لم تكن لهم بحسب الأصل. وإذا تخلف أحد هذه الشروط تجرد التلبس من قيمته القانونية ولا يصح اتخاذ أي إجراء من إجراءات القبض والتفتيش في مواجهة المشتبه فيه، وإلا اعتبر هذا الإجراء باطلا، وبطل كذلك ما بني عليه من إجراءات لاحقة.

وشروط صحة التلبس أو الجرم المشهود هي: 1- الإدراك الشخصي لحالة الجرم المشهود؛ ۲- كفاية المظاهر الخارجية لقيام الجرم المشهود، ۳- إدراك الجرم المشهود بطريق مشروع؛ 4. عدم جواز اصطناع الجرم المشهود. 

1- الإدراك الشخصي المباشر لحالة الجرم المشهود:

ينبغي لقيام حالة التلبس أو الجرم المشهود أن يدركها رجل الضابطة العدلية بنفسه إدراكا شخصية. وبالتالي، فلا يكفي لقيام التلبس قانونا أن يتلقى رجل الضبط نبا هذا التلبس من أحد الشهود، أو عن طريق أحد رجال السلطة العامة كان يأتي مرشدة يحمل إليه نبا جرم مشهود بحيازة مخدرات، أو حيازة سلاح دون ترخيص، فينتقل تبعا لذلك رجل الضبط ليباشر القبض أو التفتيش. نمثل هذا الإجراء يقع باطلا لأن رجل الضبط لم يدرك بنفسه التلبس في إحدى الحالات التي ينص عليها القانون.

ورغم ذلك، فليس المقصود بالإدراك الشخصي للتلبس من جانب رجل الضبط أن يدرك هذا الأخير بإحدى حواسه الجريمة المشهودة، بل يجوز أن يتلقى بلاغا أو إخبارا بوقوع الجريمة، فيبادر بالانتقال ليدرك إحدى حالات التلبس، كأن يشاهد العامة يطاردون الجاني بالصياح والصراخ، أو كان يضبط الجاني وفي حوزته أدلة الجريمة، أو يدرك الجريمة عقب وقوعها ببرهة يسيرة (كأن يشاهد المجني عليه ملقى على الأرض ينزف الدماء).

وهكذا لا تقوم حالة التلبس إذا انتقل رجل الضبط العدلي إلى مكان الجريمة بعد أن نما إلى علمه وقوعها بواسطة بلاغ أو عن طريق أحد الشهود، فلا يدرك بنفسه إحدى حالات التلبس. فإن ألقي القبض على أحد المشتبه فيهم بناء على البلاغ أو رواية الشاهد أو قام بتفتيشه وقع إجراؤه باطلا لانتفاء التلبس.

۲. كفاية المظاهر الخارجية لقيام الجرم المشهود:

يشترط لقيام الجرم المشهور أو التلبس أن تكون المظاهر الخارجية التي يبنى عليها هذا التلبس كافية بذاتها للقطع بتحققه. فإدراك التلبس لا بد وأن يكون يقينية وكافية بذاته للتأكيد على أن ثمة جريمة وقعت.

وهناك تطبيقات قضائية عديدة لمحكمة النقض المصرية تمضي فيها بعدم توافر التلبس أو الجرم المشهود لعدم كفاية المظاهر الخارجية للدلالة على وقوع الجريمة ولا يقوم التلبس بالتالي في الحالة التي يرى فيها رجل الضبط أحد الأشخاص وقد اعتراه الارتباك فيلتفت يمنة ويسرة، وإذ يتوجه رجل الضبط إليه ليسأله عن اسمه فيزداد الشخص ارتباكا ويحاول الهرب، وثم يلقي تحت وطأة الخوف مندية كان معه يحوي مادة مخدرة. فالمظاهر الخارجية السابقة على إلقاء المادة المخدرة لم تكن في هذا الفرض كافية للقطع بوجود إحدى حالات التلبس. وبالتالي يقع باطلا التفتيش الذي قام به رجل الضبط رغم عثوره بالفعل على المخدر.

وتمضي كذلك بانتفاء التلبس لعدم كفاية المظاهر الخارجية في حالة مرور رجل الضبط مصادفة أمام مقهى فيتوهم أنه اشتم رائحة مخدر تنبعث من اجوزة» يدخنها أحد الأشخاص، فيتوجه إليه مسرعة ويضبط الجوزة، وعندئذ يحاول هذا الشخص أن يلقي بلفافة كانت في جيبه يتبين فيما بعد أنها تحوي مخدرة. حيث ثبت في النهاية أن الجوزة، لم يكن بها أدني أثر لمادة مخدرة وأن الشخص لم يكن يدخن الحشيش، عندما توجه إليه رجل الضبط. ولم يكن حكم محكمة النقض بانتفاء حالة التلبس إلا بسبب عدم كفاية المظاهر الخارجية للدلالة بذاتها على وقوع جريمة.

وعلى العكس مما سبق تكون المظاهر الخارجية كافية بذاتها، ويقوم الجرم المشهود بالتالي إذا رأى رجل الضبط أحد الأشخاص وهو يناول الآخر مادة مخدرة ويقبض منه الثمن؛ أو إذا رأى أحد الأشخاص وهو يقدم للموظف مبلغا من المال. ففي الحالة الأولى تكفي المظاهر الخارجية بذاتها للقطع بقيام حالة تلبس بالإتجار في المخدرات، وفي الحالة الثانية بقيام حالة تلبس بالرشوة .

ومودي اشتراط كفاية المظاهر الخارجية لقيام الجرم المشهود استبعاد تكملة هذا الجرم المشهور بالظن أو الاستنتاج من ناحية ، أو بمحض المعلومات الشخصية من ناحية أخرى. ففي التطبيقات القضائية السابق الإشارة إليها استدل رجل الضبط المظاهر الخارجية الكافية بذاتها بالظن أو الاستنتاج تارة، وبالمعلومات الشخصية تارة أخرى.

ومما تجدر ملاحظته ضرورة عدم الخلط بين حالة الجرم المشهود او التلبس بوصفها حالة واقعية عينية تدل بذاتها دلالة قاطعة على وقوع جريمة، وبين توافر أركان الجريمة الواقعة من الناحية الفعلية. فمن المنصور أن تقوم حالة التلبس، دون أن تتوافر رغم ذلك أركان الجريمة. وبالتالي نكون أمام حالة تلبس لرؤية المتهم يحمل سلاحا إذا ثبت بعد ذلك أنه غير معاقب على حيازته. وكذلك تتحقق إحدى حالات التلبس إذا شوهد شخص يضرب آخر ثم اتضح فيما بعد أنه كان في حالة دفاع مشروع.

وهكذا نخلص إلى أن التلبس كحالة واقعية ترجح إلى حد اليقين أو تقطع بوقوع جريمة لا يعني بالضرورة أن هذه الجريمة قد توافرت أركانها بالفعل. فقد يشاهد شخصان يتحاوران ثم يسقط أحدهما مضرجا في دمائه، حيث تقوم هنا حالة التلبس حتى ولو تبين فيما بعد أن المجني

عليه قد انتحر إثر خبر حمله إليه الشخص الآخر. وكذلك الأمر بالنسبة لمن يشاهد ليلا حاملا ساطورا وآثار الدماء بادية على ملابسه، ثم يظهر فيما بعد أنه جزار (لحام عائد إلى منزله بعد انتهاء عمله.

3 - إدراك الجرم المشهود بطريق مشروع:

يشترط لصحة الجرم المشهود أو التلبس أن يحصل إدراكه بطريق مشروع. ويعتبر شرط مشروعية إدراك التلبس أهم شروط صحته لما يترتب عليه من الحكم بصحة أو بطلان كافة الإجراءات اللاحقة عليه.

ويعتبر إدراك الجرم المشهود غير مشروع إذا انطوى الإجراء المتخذ على مخالفة للقانون، أو انتهاك للحرية الفردية، أو مخالفة للأخلاق أو الآداب العامة.

ومثال التلبس المخالف للقانون أن يحرض رجل الضبط شخصا ويدفعه إلى ارتكاب الجريمة، حتى تقوم حالة التلبس : كأن يقوم بإغواء أحد الموظفين على ارتكاب جريمة الرشوة ويلقي إليه بمبلغ من المال

بهدف دفعه لارتكاب الجريمة. ففي هذا الفرض لا تقوم حالة التلبس المخالفة الإجراء المتخذ للقانون. ومثال ذلك أيضا أن يتجاوز رجل الضبط

حدود الإنابة (الندب) الصادرة إليه من جهة التحقيق بشأن ضبط السلاح. المستخدم في الجريمة فيضبطه ثم يواصل التفتيش في ملابس المتهم فيعثر على قطعة من المخدرات. فإدراك التلبس بإحراز المخدرات هنا يوصم بعدم المشروعية لمخالفته للقانون لتجاوزه حدود الغرض من الإنابة أو الندب. كما يكون التلبس مخالفة للقانون إذا اقتحم رجل الضبط منزل المتهم بالقوة دون أن يكون حاملا إذنا بذلك من جهة التحقيق فيعثر على سلاح غير مرخص أو على مواد مخدرة . ففي كافة هذه الأحوال تم إدراك التلبس بالمخالفة لأحكام القانون، فيكون الإدراك غير مشروع، وتبطل كافة الإجراءات المتخذة في هذا الصدد.

ومثال التلبس الذي يشكل انتهاكا للحرية الفردية أن يقوم رجل الضبط بدخول منزل في غير الأحوال التي يجوز له قانونا ذلك ثم يدرك

جريمة في حالة تلبس. وكذلك لا يقوم التلبس قانونا لإدراكه بطريق غير مشروع إذا نما إلى علم رجل الضبط أن شخصا يبيع في منزله المواد المخدرة للغير، وراي الناس يتوافدون إلى هذا المنزل ويخرجون تباعا، فما كان منه إلا أن يسارع ويدخل المنزل دون أن يكون مخولا بذلك، ودون إذن صاحبه فيدرك جريمة الاتجار في المخدرات بالفعل في حالة تلبس. مثل هذا الإجراء يعتبر غير مشروع لكونه يمثل اعتداء على الحرية الفردية (حرمة المسكن).

وبصفة عامة يمكن القول أنه لا يعتد بكل حالة تلبس استندت في الأصل على إجراء قبض أو تفتيش أو ضبط إذا كان أي من هذه الإجراءات الثلاثة يشكل انتهاكا لحريات الأفراد. فالتلبس أو الجرم المشهود ينبغي أن يكون سابقة على إجراءات القبض أو التفتيش أو ضبط الأشياء، وليس لاحقة عليها. وإلا وجب أن يوصم هذا التلبس بعدم المشروعية.

ومثال التلبس المخالف لقواعد الأخلاق أو الآداب العامة أن ينظر رجل الضبط من ثقب باب منزل فيكتشف جريمة إحراز مخدرات في حالة تلبس، أو أي جريمة أخرى. ومثال ذلك أيضا التنصت، عبر باب منزل واستراق السمع: فإذا فعل ذلك أحد رجال الضبط فأدرك حوارة بين الراشي والموظف المرتشي يفيد موافقة الثاني على تسلم مبلغ الرشوة نظير الإخلال بواجبات وظيفته، فإن هذا الإدراك يكون غير مشروع، ولا تقوم بالتالي حالة التلبس أو الجرم المشهود لتخلف أحد شروط صحتها.

4- عدم جواز اصطناع الجرم المشهود :

ويقصد بذلك أنه لا يجوز لرجل الضبط العدلي أن يخلق حالة التلبس بنفسه ويصطنعها اصطناعا. فالتلبس المشروع هو فقط الناشئ عن حالة واقعية وجدت دون أدنى تدخل من جانب رجل الضابطة العدلية. ويصير الجرم المشهود أو التلبس مصطنعة منذ اللحظة التي يدخل فيها رجل الضبط ويحرك بنفسه مسار الأحداث على نحو يفضي إلى خلق حالة التلبس، أو على الأقل على نحو يعجل بحدوثها.

ولعل في مجال جرائم إحراز المخدرات ما يوضح هذا الشرط : فتخلى الشخص عما بحوزته من مخدرات لا ينشئ حالة التلبس إلا إذا كان هذا التخلي عن طواعية واختيار فمن يخرج حافظة أوراقه ليسلم رجل الضبط هويته الشخصية فتسقط منه مصادفة قطعة مخدرات بعد في حالة تلبس. ومن تسقط عيناه على رجل الضبط العابر في الطريق فيعتريه الارتباك فجأة، ويسرع بالتخلص من المادة المخدرة التي يحوزها يعتبر في حالة تلبس متى ثبت أنه لم يند عن رجل الضبط أي دور في خلق أو اصطناع حالة التلبس تلك.

وعلى العكس مما سبق يكون قيام التلبس غير مشروع إذا اصطنعه رجل الضبط أو دفع إلى إنشائه، أو التعجيل بحدوثه. فلو شاهد رجل الضبط شخصا تبدو عليه إمارات الارتباك " فجرى" نحوه نجاة وطلب منه الكشف عن شخصيته أو إبراز ما في جيبه، فإذا بهذا الشخص يسرع بإلقاء  شيء على الأرض، فيتناوله رجل الضبط ويكتشف أنه مادة مخدرة ... في مثل هذا الفرض لا نكون أمام حالة تلبس مشروع لأن رجل الضبط بتصرفه على هذا النحو يكون قد اصطنع حالة التلبس، وعجل بحدوثها.

وبصفة عامة يمكن القول أن التلبس الناشئ عن تخلي الشخص عما بحوزته من شيء يشكل جريمة (كمادة مخدرة، أو سلاح غير مرخص، أو شيء مسروق) يعتبر مشروعة إذا كان هذا التخلي بمحض إرادة الشخص، وعن طواعية واختيار . ويكون هذا التلبس - على العكس - غير مشروع إذا ثبت أن رجل الضبط قد اصطنع التخلي أو دفع الشخص إليه، أو عجل بحدوثه .

وعلى أي حال فليس لاصطناع التلبس أو إدراكه بطريق تلقائي ومشروع ضابط محدد. والأمر متروك في نهاية المطاف إلى تقدير محكمة الموضوع تكون قناعتها على ضوء مجمل الظروف والملابسات الخاصة بكل قضية على حدة.

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .