أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-04
261
التاريخ: 2-03-2015
2321
التاريخ: 2024-10-07
201
التاريخ: 4-05-2015
3670
|
[ يقول العلامة المازندراني حول تقدم الخبر المتواتر على الكتاب في التعارض المستقر] : أمّا التعارض المستقر بين الخبر المتواتر وبين الكتاب ، فالمشهور وقوعه وجواز نسخ الكتاب بالسنّة القطعية المتواترة ، كما عن السيّد (1) والشيخ الطوسي ، وإن قال الشيخ : «و لي في هذه المسألة نظر» (2) ، إلّا أنّ المستفاد من مجموع كلامه تقوية الجواز. وقد جزم المحقّق الحلّي بجواز نسخ الكتاب بالسنة المتواترة (3).
ولكن خالف الشيخ المفيد وجوّز ذلك عقلا ومنعه شرعا؛ حيث قال :
« والعقول تجوّز نسخ الكتاب بالكتاب ، والسنة بالسنة ، والكتاب بالسنة ، والسنة بالكتاب ، غير أنّ السمع ورد بأنّ اللّه تعالى لا ينسخ كلامه بغير كلامه؛ لقوله :
ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها فعلمنا أنّه لا ينسخ الكتاب بالسنة. وأجزنا ما سوى ذلك ممّا ذكرناه» (4).
يمكن الجواب عنه بأنّ السنة أيضا لا تصدر من رأي النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وتلقاء نفسه ، بل إنّما هي حكم من اللّه تعالى ووحيه ، كما شهد بذلك القرآن (5) وما كان النبيّ صلّى اللّه عليه وآله يأمر وينهى إلّا من جانب اللّه وبأمره تعالى. فالسنة أيضا حكم اللّه وتشريعه تعالى. وقد يستدل لعدم الجواز بشبهة الدور؛ بدعوى أنّ اعتبار قول النبيّ صلّى اللّه عليه وآله ثبت بالقرآن؛ لشهادته برسالته بقوله تعالى : «محمّد رسول اللّه ...».
فلو بطل الكتاب بقول النبيّ ، لزم الدور.
وفيه : أنّ الكتاب أيضا وصل إلينا بطريق النبيّ صلّى اللّه عليه وآله ، وكلام النبيّ كلّه من اللّه تعالى ، كما قال تعالى : {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم : 3 ، 4]
وعلى أيّ حال لا إشكال في جواز نسخ الكتاب بالسنة المتواترة ، بل وقوعه.
تحرير كلام المحقّق الحلي
وقد أجاد المحقّق الحلّي في المعارج في بيان عمدة ما قيل في وجوه ذلك؛ حيث قال : «نسخ الكتاب بالسنة واقع. وحكي عن الشافعي إنكاره.
لنا : أنّ السنة يقينيّة ، فتكون مساوية للقرآن في اليقين ، فكما جاز نسخ الكتاب بالكتاب ، جاز نسخه بالسنة المساوية في العلم. ولأنّ الزانية كان يجب إمساكها في البيوت (6) ، ونسخ ذلك بالرجم في المحصنة (7).
احتجّ المانع (8) : بقوله : ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها (9) ، والسنة ليست مماثلة للقرآن. وبقوله : قل ما يكون لي أن أبدّله من تلقاء نفسي ، إن أتّبع إلّا ما يوحى إليّ (10).
والجواب عن الأوّل : أنّه لا يلزم أن يكون المأتي به عوض المنسوخ ناسخا ، فلم لا يجوز أن تنسخ الآية بالسنة وهي دونها ، ثمّ يأتي اللّه بآية خير من المنسوخة ولا تتضمّن حكم النسخ.
والجواب عن الثاني : أنّا نسلّم أنّه لا يبدّله إلّا بوحي من اللّه ، ولا يلزم أن يكون الناسخ قرآنا ، بل يجوز أن يكون الأمر بالنطق بالناسخ قرآنا ، وذلك ممّا لا ينافي ما قصدنا» (11).
ولا يخفى أنّ قوله : «و لأنّ الزانية ...» تعليل لوقوع نسخ الكتاب بالسنة القطعية. والمورد المذكور في كلامه نسخ وجوب إمساك الزوجة الزانية في البيت إلى زمان وفاتها.
وقد دلّت على وجوب ذلك قوله تعالى : {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [الفاتحة : 15] ، قيل المقصود من السبيل تشريع حكم جديد للزّانية ناسخ لهذا الحكم ، لما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله - لما نزل قوله تعالى : { الزَّانِيَةُ والزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ } - أنّه قال : «خذوا عنى ، خذوا عنى قد جعل اللّه لهن سبيلا؛ البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ، والثيّب بالثيّب جلد مائة والرّجم» (12). قوله صلّى اللّه عليه وآله : «تغريب عام» ؛ أي نفيهما عن البلد الذي وقع فيه الزنا وتبعيدهما عن موطنهما مدّة سنة ، كما قال ابن الأثير (13).
قال الطبرسي : «كان في مبدأ الإسلام إذا فجرت المرأة وقام عليها أربعة شهود حبست في البيت ، حتى تموت ، ثمّ نسخ بالرجم في المحصنتين والجلد في البكرين ... وحكم هذه الآية منسوخ عند جمهور المفسّرين ، وهو المرويّ عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهما السلام» (14).
ولكن نسخ الآية المزبورة بالسنة إنّما هو في زناء المحصنة وهي الزوجة الزانية. وأمّا في زناء البكر فنسخها بالكتاب في آية الجلد ، كما عرفت.
وأمّا قوله : «لا يلزم أن يكون المأتي به عوض المنسوخ ...» حاصله : أنّ النسخ غير الاتيان بخير من المنسوخ أو مثلها. وقوله تعالى : { نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها } إنّما دلّ على أنّ الاتيان بحكم خير من الآية المنسوخة ، لا بدّ أن يكون من جانب اللّه ، دون الاتيان بالناسخ. فلا ينافي كون الناسخ السنة التي هي دون الكتاب ومن جانب النبيّ صلّى اللّه عليه وآله.
وقوله : «لا يلزم أن يكون الناسخ قرآنا ...» مقصوده أنّ نسخ الكتاب بالسنة لمّا كان بأمر القرآن ، لا يكون النسخ من تلقاء نفس النبيّ صلّى اللّه عليه وآله.
والجواب الصحيح عن الاحتجاج بكلتا الآيتين : أنّ السنة الصادرة من النبيّ صلّى اللّه عليه وآله لا تكون من تلقاء نفسه ، بل إنّما هي حكم اللّه تعالى ووحيه ، كما قال تعالى : { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم : 3 ، 4]. وقال : {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ } [الحاقة : 44 - 46]. وإذا كانت السنة في الحقيقة حكم اللّه ووحيه ، لا يكون دون الكتاب في الاعتبار.
وأما التطبيقات القرآنية لهذه القاعدة فقد سبق بعضها في تفسير القرآن بالقرآن ، مضافا إلى ما ذكرناه هاهنا في خلال البحث.
___________________
(1) الذريعة : ج 1 ، ص 462.
(2) العدة : ج 2 ، ص 544.
(3) معارج الأصول : ص 244.
(4) التذكرة بأصول الفقه : ص 44- 43.
(5) النجم : 3 و4.
(6) النساء : 15.
(7) جامع الأصول : ج 3 ، ص 497 ، ح 1812.
(8) المعتمد : ج 1 ، ص 395- 394.
(9) البقرة : 106.
(10) يونس : 15.
(11) المعارج : ص 248- 247.
(12) رواه الطبرسي في تفسير مجمع البيان : ج 4 ، ص 21.
(13) النهاية : ج 3 ، ص 314.
(14) تفسير مجمع البيان : ج 4 ، ص 21- 20.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|