المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

Evil Number
11-11-2020
عدم تكامل صفات الإمامة للقوم - الشيخ أبو الصلاح تقي بن نجم الحلبي
طريقة الطبقات الأركيولوجية Archaeological Stratification
16-8-2022
مدلول مبدأ الشرعية الجنائية ونشأته
18-4-2017
Did we lose the perfect tense already?
2024-01-03
التطفيف
23-9-2016


ابن مفرغ  
  
2646   08:20 صباحاً   التاريخ: 8-1-2021
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : تاريخ الادب العربي - العصر الاسلامي
الجزء والصفحة : ص:236-237
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-8-2018 3131
التاريخ: 8-2-2018 2701
التاريخ: 24-06-2015 2810
التاريخ: 26-06-2015 2551

 

ابن (1) مفرغ

هو يزيد بن ربيعة بن مفرغ الحميري نشأ بالبصرة، ويقال إنه كان حليفا لقريش، وقيل بل كان مسترقا للضحاك الهلالي فأعتقه. وكان يتقن الفارسية كما أسلفنا في غير هذا الموضع، ولعل في ذلك ما يدل على أنه يرجع الى أصول إيرانية، أما لقبه الحميري فلعل منشأه أنه كان من حفدة الفرس الذي نزلوا اليمن قبل الإسلام، أو لعله يرجع الى وضعه سيرة لتبع.

 

236

ويظهر أن موهبة الشعر تيقظت عنده مبكرة، وطبيعي وهو قد نشأ في البصرة أن يتجه بشعره الى المديح والهجاء اللذين كانا شائعين فيها على ألسنة الشعراء من حوله، غير أن الهجاء هو؟ ؟ ؟ غلب عليه، وقد صبه صبا على أسرة زياد بن أبيه، وكان الذي؟ ؟ ؟ فيها أن سعيد بن عثمان والي معاوية على خراسان أراد استصحابه فآثر عليه عباد بن زياد والي سجستان، وصحبه فلم يحمده، وكان عباد طويل اللحية عريضها، فركب ذات يوم وابن مفرغ يسير معه في موكبه، فهبت ريح، فنفشت لحيته. فقال ابن مفرغ توا:

ألا ليت اللحي كانت حشيشا … فنعلفها دواب المسلمينا

وعلم عباد بما قال، فأخذ يجفوه ويتنكر له، وأخذ ابن مفرغ يظهر ندمه على صحبته وتركه لسعيد بن عثمان، وفي ذلك يقول:

إن تركي ندي سعيد بن عثما … ن فتي الجود ناصري وعديدي

واتباعي أخا الوضاعة واللؤ … م لنقص وفوت شأو بعيد

وكان على ابن مفرغ دين، فاستعدي عليه دائنوه عبادا، فأمر ببيع ماله في دينه. وكان فيما بيع عليه عبد يقال له برد وجارية تسمي أراكة، فبكاهما طويلا بمثل قوله:

وشريت بردا ليتني … من بعد برد كنت هامه (2)

يا هامة تدعو صدي … بين المشقر فاليمامه (3)

الريح تبكي شجوه … والبرق يلمع في الغمامه (4)

وأخذ يهجو عبادا وأخاه عبيد الله والي العراق وأباهما زيادا هجاء مقذعا، وكان مما وقف عنده طويلا استلحاق معاوية بزياد، معلنا نكيره على هذا الاستلحاق بمثل قوله:

237

 

ألا أبلغ معاوية بن حرب … مغلغلة عن الرجل اليماني

أتغضب أن يقال أبوك عف … وترضى أن يقال أبوك زاني

وأشهد أن إلك من زياد … كإل الفيل من ولد الأتان (5)

وكان أهل البصرة يتغنون بهجائه لتلك الأسرة، مما أثار عليه حفيظة عبيد الله، فطلبه وألح في طلبه. وحدث أن قدم البصرة وعبيد الله غائب عنها في وفادة على معاوية أو على ابنه يزيد، فاستجار بالمنذر بن الجارود، وكان عبيد الله مصهرا إليه، فأجاره. وعاد عبيد الله فلم يرع جوار المنذر، وأخذ ابن مفرغ وسجنه. ورأي أن ينكل به، فأمر-كما مر بنا في غير هذا الموضع- أن يسقي نبيذا ويحمل على بعير مقرونا الى هرة وخنزير ويطاف به في أزقة البصرة بتلك الصورة المزرية، واجتمع الصبية حوله في طوافه يخاطبونه بالفارسية ما هذا، وهو يرد عليهم بلغتهم هاجيا عبيد الله وجدته سمية هجاء مقذعا.

ورد الى السجن، ويقال بل أرسله عبيد الله الى أخيه عباد لينزل به عقابا أليما، فألقي به في غيابات السجون. وشفعت فيه اليمنية عند يزيد بن معاوية، وألحت في شفاعتها، حتي أمر بإطلاقه، وقد مضي يهجو عبادا وأخاه عبيد الله، وخاصة حين خلا له الجو بفرار عبيد الله الى الشام عقب وفاة يزيد بن معاوية، فقد ظل يسقط عليه بهجاء مرير.، وقد توفي سنة تسع وستين.

 

 

_________

 (1) انظر في ترجمة ابن مفرغ ابن سلام ص 554 والشعر والشعراء 1/ 319 وأغاني (ساسي) 17/ 51 والطبري 4/ 235 والاشتقاق ص 529 ومعجم الأدباء 20/ 43 والخزانة 2/ 212، 514

(2) يقال فلان هامة اليوم أو الغد أي أنه يموت في يومه أو غده. وشريت هنا: بعت.

(3) كانت العرب تزعم أن الهامة والصدي يطيران من رأس الميت. المشقر: حصن بين البحرين ونجران.

(4) يقول إن البرق يبكيه لامعا في الغمامة.

(5) الإل: القرابة

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.