أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-5-2022
1362
التاريخ: 8-1-2022
2215
التاريخ: 10-1-2022
1656
التاريخ: 23-5-2022
1749
|
المرحلة الثانية: وتتمثل بفترة الثمانينات من القرن العشرين:
لقد اخذت مشكلة المياه في هذه المرحلة منحاً جديداً ،اشد خطورة من المرحلة التي سبقتها ، ففي هذه المرحلة دخل الكيان الصهيوني كطرف في مشكلة المياه ، عندما بدأ الترويج لمبدأ بيع المياه بشكل واضح ، و يعد الكيان الصهيوني وبدعم امريكي الراعي الاول لهذا التوجه. (1)
حيث قام الكيان الصهيوني في هذه المرحلة بحثّ تركيا على تنفيذ مشاريعها المائية دون اعتبار لردود الافعال (العراقية - السورية), وكما صرح السفير الصهيوني في اثيوبيا (اوري لو يراثي) قائلا (( لتتعلم تركيا من الدرس الاسرائيلي، لقد حولت نهر الاردن و انتفعت بمياهه ونفذت المشروعات على الرغم من أن منابعه تقع في عمق الاراضي الاردنية و السورية ))، وفي ظل هذا التوجه ,قدم الكيان الصهيوني مقترحا لحل مشكلة المياه في نهري دجلة و الفرات، يتضمن تقسيم مياه نهر الفرات بين تركيا و سوريا، و أن تؤجل تركيا تطوير حوض نهر دجلة و تتفرغ لتطوير حوض نهر الفرات، اما العراق فيتنازل عن مياه نهر الفرات و يعوض باستخدام معظم مياه نهر دجلة، عند ذلك يستطيع أن ينقل المياه من دجلة الى الفرات كلما دعت الضرورة. (2)
لقد اتخذت تركيا من مسالة المياه في هذه المرحلة كسلاح سياسي، اخذ دوره كأحد العوامل الستراتيجية المهمة في بناء سياسة تركيا الخارجية مع محيطها الاقليمي، و على حساب حقوق العراق المائية المشتركة، اذ اتخذت تركيا من المياه اداة لتشكيل تحالفات سياسية بين دول المنطقة، تأمل تركيا أن تطرحه كبديل بحيث يوازي الدور الذي يمثله البترول . لقد جاء هذا التوجه لخدمة الكيان الصهيوني الحليف الستراتيجي لتركيا (في هذه المرحلة تحديدا). ففي هذه المرحلة وفي ظل التقارب (الاسرائيلي – التركي) ظهر مشروع خط أنابيب السلام، الذي طرحه رئيس الوزراء التركي الاسبق (تروكت اوزال) عام 1986، (والذي يمكن اعتباره مشروع المستقبل)، يتضمن هذا المشروع مد خطي أنابيب لنقل المياه من جنوب تركيا وبيعها الى دول عربية مع ضمان حصة للكيان الصهيوني.(3)، لقد وجدت تركيا في مشروع أنابيب السلام أداة لبناء سوق شرق اوسطيه مشتركة بينها و بين الكيان الصهيوني، و قد اشار رئيس الوزراء الصهيوني (شيمون بيريز) في ايلول 1990, الى أقامة سوق شرق أوسطية مشتركة, تقوم على أساس التكامل بين التكنولوجيا الصهيونية و المياه التركية و الاموال الخليجية و العمالة المصرية.(4) ولذلك يعتبر مشروع أنابيب السلام مشروعًا اسرائيليًا من حيث الأصل و التخطيط، حيث وضع تخطيطه المهندس الاسرائيلي (اليسع كالي) عام 1974.(5) كما ان فكرة نقل المياه وبيعها كأنت في الاساس فكرة (اسرائيلية - تركية) وبدعم امريكي، لغرض أن يسهم ذلك بحصول استقرار اقليمي و ايجاد مناخ للتعاون بين تركيا و اسرائيل ومصر و السعودية، هذا التعاون من وجهة نظر الولايات المتحدة الامريكية, هو الطريق الأنسب لضمان الحصول على مصادر الطاقة في منطقة الشرق الاوسط (في هذه المرحلة)، هذا من جهة، و كذلك مواجهة الحركات الاسلامية و المتطرفة في المنطقة من جهة اخرى.(6)
ويتضح من مما تقدم أن مشروع أنابيب السلام ، هو مسالة اعتماد من طرف واحد ، لا تتوفر فيه فرصة المبادلة بالمثل، اذ أن المشاركين في المشروع سوف يجدون أنفسهم معتمدين على تركيا اكثر من اعتماد تركيا عليهم. وقد استهدفت تركيا من هذا المشروع تعزيز دورها الاقليمي في المنطقة للتمهيد الى هيمنة تركية على المناطق التي تزودها بالمياه، و السعي الى طرح مبدأ بيع المياه و جعله أمرًا واقعًا، مستفيدة من موقعها الاستراتيجي و امتلاكها عنصر المياه لتمارس دورها الاقليمي بشكل اكثر فاعلية، خاصة و أنها تحظى بدعم الولايات المتحدة ، حتى بعد التغيرات الاقليمية التي حصلت بعد تفكك الاتحاد السوفيتي .
فعلى الرغم من التحولات الداخلية بالنسبة الى تركيا فأنها بقيت تسير باتجاه بناء علاقات دولية متوازنة مع دول الغرب و على رأسها الولايات المتحدة الامريكية و الكيان الصهيوني و دول الشرق منها الدول العربية و الاسلامية، وهذا يعني أن العوامل التي ساهمت في بلورة مشروع أنابيب السلام لا تزال قائمة خاصة في ظل التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، و التي تزيد من الحاجة الى المياه اكثر من أي وقت مضى، ولذا فأن احتمالية تنفيذ هذا المشروع في المستقبل لا تزال راجحة، و حتى وأن ابدت تركيا عدولها عن المشروع في السابق فأن ذلك جاء لغرض المضي في مشروع (Gap)(*) الذي أصبح اشد خطورة على الأمن المائي العراقي (كما سيتضح).
و يمكن القول أن مشروع أنابيب السلام يعد مشروع المستقبل. و اذا ما أنجز فسوف يؤسس لمبدأ خطير و هو مبدأ بيع المياه و الذي سيترك تداعياته على العراق بشكل و اخر، لا سيما وأن العراق سوف يعتمد في موارده المائية على ما يصل اليه من تركيا خصوصا بعد تأثير التغيرات المناخية و التي ستحرم العراق من نسبة مساهمته في الايراد المائي لنهر دجلة و هذا مما يرجح احتمال لجوء تركيا الى فكرة بيع المياه للعراق كما كان هذا التوجه موجودًا في عهد الحكومات التركية المتطرفة سابقا.
____________
(1) عبد القادر رزيق المخادمي، الامن المائي العربي بين الحاجات و المتطلبات، دار الفكر، دمشق، ط2 ، 2004 ، ص143 .
(2) محمد احمد السامرائي ، نهر الفرات بين الاستحواذ التركي و الاطماع الصهيونية ، دار الشؤون الثقافية بغداد ، ط1 ، 2001 ، ص54.
(3) رواء زكي يونس الطويل ، مصدر سابق ، ص47 .
(4) كاظم موسى الطائي ، استراتيجية الامن المائي العربي رؤية مستقبلية للقرن القادم ، مجلة بحوث مستقبلية ، ع3 ، كلية الحدباء ، 2001 ، ص74 .
(5) استبرق كاظم سبوط المسعودي، العلاقات التركية – الاسرائيلية و ابعادها المستقبلية، رسالة ماجستير، (غير منشورة)، كلية التربية، الجامعة المستنصرية، 2005 ، ص96 .
(6) قيس محمد النوري ، التحديات التي يفرضها التعاون العسكري التركي – الاسرائيلي على الامن القومي العربي ، مجلة العلوم السياسية ، ع 3 ، كلية العلوم السياسية ، جامعة بغداد ، 1999 ، ص99.
(*)(Gap) مختصر لعبارة Guney Andaely prejesi , وتعني جنوب شرق الاناضول .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|