المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17757 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24

مراحل المنهج الكمي او الإحصائي – مرحلة الجمع- المراجع الفهرسية
7-2-2022
الدول التي تقع على خط الاستواء
23-3-2017
حساسية للخيار Cucumber Allergy
25-12-2017
الاسلام والتربية
2-9-2016
أهمية الدين في الزواج
2023-02-10
حديثُ مفتعل على الحُسين (عليه السّلام)
22-3-2016


تفسير الآية (69-70) من سورة يس  
  
5577   03:32 مساءً   التاريخ: 10-10-2020
المؤلف : إعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .....
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الياء / سورة يس /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-10-2020 4834
التاريخ: 9-10-2020 11997
التاريخ: 9-10-2020 11041
التاريخ: 8-10-2020 17563

قال تعالى : {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوإِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (69) لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ } [يس : 69 ، 70] .

 

 

تفسير مجمع البيان

- ذكر الطبرسي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

 

أخبر سبحانه عن نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) كيدا لقوله {إنك لمن المرسلين} فقال {وما علمناه الشعر} يعني قول الشعراء وصناعة الشعر أي ما أعطيناه العلم بالشعر وإنشائه {وما ينبغي له} أن يقول الشعر من عند نفسه وقيل معناه ما يتسهل له الشعر وما كان يتزين له بيت شعر حتى أنه إذا تمثل بيت شعر جرى على لسانه منكسرا كما روي عن الحسن أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) كان يتمثل بهذا البيت : ((كفى الإسلام والشيب للمرء ناهيا)) فقال أبوبكر يا رسول الله إنما قال الشاعر : ((كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا )) (2) أشهد أنك رسول الله وما علمك الشعر وما ينبغي لك وعن عائشة أنها قالت كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يتمثل ببيت أخي بني قيس :

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا *** ويأتيك بالأخبار من لم تزود

 

 فجعل يقول : ((يأتيك من لم تزود بالأخبار)) فيقول أبوبكر ليس هكذا يا رسول الله فيقول إني لست بشاعر وما ينبغي لي فما قوله (صلى الله عليه وآله وسلّم) : ((أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب)) فقد قال قوم إن هذا ليس بشعر وقال آخرون إنما هو اتفاق منه وليس بقصد إلى قول الشعر وقيل أن معنى الآية وما علمناه الشعر بتعليم القرآن وما ينبغي للقرآن أن يكون شعرا فإن نظمه ليس بنظم الشعر وقد صح أنه كان يسمع الشعر ويحث عليه وقال لحسان بن ثابت ((لا تزال يا حسان مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك)) (3) .

 {إن هو} أي من الذي أنزلناه عليه {إلا ذكر وقرآن مبين} من عند رب العالمين ليس بشعر ولا رجز ولا خطبة والمراد بالذكر أنه يتضمن ذكر الحلال والحرام والدلالات وأخبار الأمم الماضية وغيرها وبالقرآن أنه مجموع بعضه إلى بعض فجمع سبحانه بينهما لاختلاف فائدتهما {لتنذر من كان حيا} أي أنزلناه لتخوف به من معاصي الله من كان مؤمنا لأن الكافر كالميت بل أقل من الميت لأن الميت وإن كان لا ينتفع ولا يتضرر والكافر لا ينتفع لدينه ويتضرر به ويجوز أن يكون المراد بمن كان حيا عاقلا وروي ذلك عن علي (عليه السلام) وقيل من كان حي القلب حي البصر عن قتادة {ويحق القول على الكافرين} أي يجب الوعيد والعذاب على الكافرين بكفرهم .

________________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج8 ، ص287-288 .

2- هذا عجز بيت لسحيم عبد بني الحسحاس ، يخاطب صاحبته عميرة ، وصدره : ((وعميرة ودع ان تجمرت عاديا)) وهو مذكور في (جامع الشواهد) وكذا البيت الاتي .

3- وللإمام الرازي في هذه الاية تحقيق لطيف ، وكذا للفيض القاشاني (ره) من الخاصة فراجع : (التفسير الكبير ج26 : 104) ، و ( الصافي ج2 : 416) .

 

تفسير الكاشف

- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هاتين الآيتين (1) :

 

حاول أعداء اللَّه والحق تكذيب محمد (صلى الله عليه واله وسلم) بشتى الوسائل ، من ذلك قولهم :

انه مجنون . فقال قائل منهم ، وهو الوليد بن المغيرة الذي عاش ومات على الكفر ، قال : (كلا ، ان لقوله - يريد القرآن - لحلاوة ، وان عليه لطلاوة ، وان أعلاه لمثمر ، وان أسفله لمغدق ، وانه يعلو ولا يعلى عليه) . فعدلوا عن رمي رسول اللَّه بالجنون إلى القول : {هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ} [ص - 4] . ولما استبان انهم هم الكاذبون قالوا : كاهن يخطئ ويصيب أو شاعر حلو الكلام خصب القريحة والخيال .

وتجدر الإشارة إلى أن اتهامهم الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) بالشعر يدل على أن الشعر عند العرب لا يحده الوزن والقافية ، بل هو أوسع وأشمل . . انه التعبير الفني وجماله موزونا كان أم غير موزون ، وكذلك هو عند الفلاسفة القدامى ، قال صاحب تفسير روح البيان : (الشعر عند الحكماء القدماء ليس على وزن وقافية ، ولا هما ركن من أركانه عندهم) . . وشاعت هذه الفكرة اليوم في الدراسات الأدبية والنقدية ، وآمن بها كثير من أساتذة الأدب الحديث .

وقد رد سبحانه اتهام نبيه الكريم بالشعر والكهانة في العديد من الآيات ، منها :

{إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ ولا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ} [الحاقة - 40] . ومنها : {فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ ولا مَجْنُونٍ أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ} [الطور - 29 ] . ومنها ما حكاه سبحانه عن المشركين :

{أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ} [الصافات - 36] . ومنها : {بَلْ هُوَ شاعِرٌ} [الأنبياء - 5] .

ومنها الآية التي نحن بصددها {وما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وقُرْآنٌ مُبِينٌ لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا ويَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ} . المراد بالحي هنا من أحيا عقله بالتدبر والتأمل ، وتفتّح قلبه للحق والخير ، وبالقول كلمة العذاب تماما كقوله تعالى : {ولكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ} [الزمر - 71 ] . . قال المشركون : القرآن الذي جاء به محمد (صلى الله عليه واله وسلم) ما هو إلا شعر يعبر عن تفكيره وخياله ، وليس بوحي من عند اللَّه . . فردّ عليهم سبحانه بأن الشعر يرتكز على عاطفة الشاعر وميوله وأهوائه ، يناصر يحب وان كان مبطلا ، ويقاوم من يكره وان كان محقا ، والقرآن هو القول الجد والفصل ، وما هو بالهوى والهزل ، هو كتاب عقيدة وشريعة ، وأخلاق وعظات ، وفيه علم وفكر ، وأين الشعر من ذلك ؟ .

ولو كان القرآن من صنع محمد (صلى الله عليه واله وسلم) لبث فيه آلامه وأحزانه وحياته وأزماته ، تماما كما هو شأن الشعراء . . مع العلم بأن القرآن في معزل عن مشاكل محمد (صلى الله عليه واله وسلم) ومشاغله .

بقي أن نشير إلى أن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) كان يقدر الشعر ويحترمه كفن له أثر ايجابي في التعبير عن رغبات الجماهير وأمانيها . . وقد اشتهر أنه قال : (ان من البيان لسحرا ، وان من الشعر لحكمة) . وكان يدعو بالتوفيق والتسديد للشعراء الذين ناصروا الحق وأهله . . وخلع بردته على كعب بن زهير تكريما له حين مدحه بقصيدته الشائعة الذائعة المعروفة بقصيدة البردة ، ومطلعها :

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول * متيم أثرها لم يفد مكبول

ومنها :

ان الرسول لنور يستضاء به * وصارم من سيوف اللَّه مسلول

أنظر تفسير الآية 4 من السورة التي نحن بصددها ، فقرة (الموسيقى الباطنية في القرآن) ، وتفسير الآية 224 من سورة الشعراء ج 5 ص 524 .

________________

1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص322-323 .

 

تفسير الميزان

- ذكر الطباطبائي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

 

قوله تعالى : {وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين عطف ورجوع إلى ما تقدم في صدر السورة من تصديق رسالة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكون كتابه تنزيلا من عنده تعالى .

فقوله : {وما علمناه الشعر} نفى أن يكون علمه الشعر ولازمه أن يكون بحيث لا يحسن قول الشعر لا أن يحسنه ويمتنع من قوله للنهي من الله متوجه إليه ، ولا أن النازل من القرآن ليس بشعر وإن أمكنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقوله .

وبه يظهر أن قوله : {وما ينبغي له} في مقام الامتنان عليه بأنه نزهه عن أن يقول شعرا فالجملة في مقام دفع الدخل والمحصل أن عدم تعليمنا إياه الشعر ليس يوجب نقصا فيه ولا أنه تعجيز له بل لرفع درجته وتنزيه ساحته عما يتعاوره العارف بصناعة الشعر فيقع في معرض تزيين المعاني بالتخيلات الشعرية الكاذبة التي كلما أمعن فيها كان الكلام أوقع في النفس ، وتنظيم الكلام بأوزان موسيقية ليكون أوقع في السمع ، فلا ينبغي له (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقول الشعر وهو رسول من الله وآية رسالته ومتن دعوته القرآن المعجز في بيانه الذي هو ذكر وقرآن مبين .

وقوله : {إن هو إلا ذكر وقرآن مبين} تفسير وتوضيح لقوله : {وما علمناه الشعر وما ينبغي له} بما أن لازم معناه أن القرآن ليس بشعر فالحصر المستفاد من قوله : {إن هو إلا ذكر} إلخ من قصر القلب والمعنى ليس هو بشعر ما هو إلا ذكر وقرآن مبين .

ومعنى كونه ذكرا وقرآنا أنه ذكر مقروء من الله ظاهر ذلك .

قوله تعالى : {لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين} تعليل متعلق بقوله : {وما علمناه الشعر} والمعنى ولم نعلمه الشعر لينذر بالقرآن المنزه من أن يكون شعرا من كان حيا {إلخ} أو متعلق بقوله : {إن هو إلا ذكر} إلخ والمعنى ليس ما يتلوه على الناس إلا ذكرا وقرآنا مبينا نزلناه إليه لينذر من كان حيا {إلخ} ومآل الوجهين واحد .

والآية - كما ترى - تعد غاية إرسال الرسول وإنزال القرآن إنذار من كان حيا – وهو كناية عن كونه يعقل الحق ويسمعه - وحقيقة القول ووجوبه على الكافرين فمحاذاة الآية لما في صدر السورة من الآيات في هذا المعنى ظاهر .

_____________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج17 ، ص90-91 .

 

تفسير الامثل

- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

 

انّه ليس بشاعر . . بل نذير !!

قلنا أنّ في هذه السورة بحوثاً حيّة وجامعة حول اُصول الإعتقادات : التوحيد ، والمعاد ، والنبوّة ، وتنتقل الآيات من بحث إلى آخر ضمن مقاطع مختلفة من الآيات .

طرحت في الآيات السابقة بحوث مختلفة حول التوحيد والمعاد ، وتعود هاتان الآيتان إلى البحث في مسألة النبوّة ، وقد أشارتا إلى أكثر الإتّهامات رواجاً والتي اُثيرت بوجه الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وردّت عليهم ردّاً قويّاً ، منها اتّهام الرّسول بكونه شاعراً ، فقالت : {وما علّمناه الشعر وما ينبغي له} .

لماذا اتّهم الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذا الإتّهام مع أنّه لم يقل الشعر أبداً؟

كان ذلك بسبب الجاذبية الخاصّة للقرآن الكريم ونفوذه في القلوب ، الأمر الذي كان محسوساً للجميع ، بالإضافة إلى عدم إمكانية إنكار جمال ألفاظه ومعانيه وفصاحته وبلاغته ، وقد كانت جاذبية القرآن الكريم الخاصّة قد أثّرت حتّى في نفوس الكفّار الذين كانوا أحياناً يأتون إلى جوار منزل النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بشكل خفي ليلا لكي يستمعوا إلى تلاوته للقرآن في عمق الليل .

وكم من الأشخاص الذين تولّعوا وعشقوا الإسلام لمجرّد سماعهم القرآن الكريم وأعلنوا إسلامهم في نفس المجلس الذي استمعوا فيه إلى بعض آياته .

وهنا حاول الكفّار من أجل تفسير هذه الظاهرة العظيمة ، ولغرض إستغفال الناس وصرف أنظارهم من كون ذلك الكلام وحياً إلهيّاً ، فأشاعوا تهمة الشعر في كلّ مكان ، والتي كانت بحدّ ذاتها تمثّل إعترافاً ضمنياً بتميّز كلام القرآن الكريم .

وأمّا لماذا لا يليق بالرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يكون شاعراً ، فلأنّ طبيعة الشعر تختلف تماماً عن الوحي الإلهي ، للأسباب التالية :

1 ـ إنّ أساس الشعر ـ عادةً ـ هو الخيال والوهم ، فالشاعر غالباً ما يحلّق بأجنحة الخيال ، والحال أنّ الوحي يُستمدّ وجوده من مبدأ الوجود ويدور حول محور الحقيقة .

2 ـ الشعر يفيض من العواطف الإنسانية المتغيّرة ، وهي في حال تغيّر وتبدّل مستمرين ، أمّا الوحي الإلهي فمرآة الحقائق الكونية الثابتة .

3 ـ لطافة الشعر تنبع في الغالب من الإغراق في التمثيل والتشبيه والمبالغة ، إلى درجة أن قيل «أحسن الشعر أكذبه» ، أمّا الوحي فليس إلاّ الصدق .

4 ـ الشاعر في أغلب الموارد وجرياً وراء التزويق اللفظي يكون مجبراً على السعي وراء الألفاظ ، ممّا يضيع الكثير من الحقائق في الأثناء .

5 ـ وأخيراً يقول أحد المفسّرين : إنّ الشعر مجموعة من الأشواق التي تحلّق منطلقة من الأرض باتّجاه السماء ، بينما الوحي حقائق نازلة من السماء إلى الأرض ، وهذان الإتّجاهان واضح تفاوتهما .

وهنا يجب أن لا ننسى تقدير مقام اُولئك الشعراء الذين يسلكون هذا الطريق باتّجاه أهداف مقدّسة ، ويصونون أشعارهم من كلّ ما لا يرضي الله ، وعلى كلّ حال فإنّ طبيعة أغلب الشعراء كما أوردناه أعلاه .

لذا فإنّ القرآن الكريم يقول في آخر سورة الشعراء : {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} [الشعراء : 224 - 226] .

طبعاً فإنّ نفس هذه الآيات تشير في آخرها إلى الشعراء المؤمنين الذين يسخّرون فنّهم في سبيل أهدافهم السامية ، وهم مستثنون من ذلك التعميم ولهم حساب آخر .

ولكن على أيّة حال فإنّ الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يمكن أن يكون شاعراً ، وعندما يقول تعالى : {وما علّمناه الشعر} فمفهومه أنّه مجانب للشعر لأنّ جميع التعاليم النازلة إليه هي من الله تعالى .

والملفت للنظر أنّ التأريخ والروايات تنقل كثيراً من الأخبار التي تشير إلى أنّ الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) حينما يريد الإستشهاد ببيت من الشعر ، فإنّه غالباً ما يقوله بطريقة منثورة .

فعن عائشة أنّها قالت : كان رسول الله يتمثّل ببيت أخي بني قيس فيقول :

ستبدي لك الأيّام ما كنت جاهلا *** ويأتيك من لم تزوّد بالأخبار

فيقول أبوبكر : ليس هكذا يا رسول الله فيقول : إنّي لست بشاعر وما ينبغي لي (2) .

ثمّ يضيف تعالى في آخر الآية لنفي الشعر عن الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) : {إن هو إلاّ ذكر وقرآن مبين} .

والهدف هو الإنذار وإتمام الحجّة : {لينذر من كان حيّاً ويحقّ القول على الكافرين} (3) .

نعم ، هذه الآيات «ذكر» ووسيلة تنبيه ، هذه الآيات «قرآن مبين» يوضّح الحقّ بلا أدنى تغطية أو غمط ، بل بقاطعية وصراحة ، ولذا فهو عامل إنتباه وحياة وبقاء .

مرّة اُخرى نرى القرآن الكريم يجعل (الإيمان) هو (الحياة) و (المؤمنين) هم (الأحياء) و (الكفّار) هم «الموتى» ، ففي جانب يذكر عنوان «حيّاً» وفي الطرف المقابل عنوان «الكافرون» ، فهذه هي الحياة والموت المعنوي اللذان هما أعلى بمراتب من الموت والحياة الظاهريين . وآثارهما أوسع وأشمل ، فإذا كانت الحياة والمعيشة بمعنى «التنفّس» و«أكل الطعام» و«الحركة» ، فإنّ هذه الأعمال كلّها تقوم بها الحيوانات ، فهذه ليست حياةً إنسانية ، الحياة الإنسانية هي تفتّح أزهار العقل والفهم والملكات الرقيقة في روح الإنسان ، وكذلك التقوى والإيثار والتضحية والتحكّم بالنفس ، والتحلّي بالفضيلة والأخلاق ، والقرآن ينمي هذه الحياة في وجود الإنسان .

والخلاصة : أنّ الناس ينقسمون حيال دعوة القرآن الكريم إلى مجموعتين : مجموعة حيّة يقظة تلبّي تلك الدعوة ، وتلتفت إلى إنذاراتها ، ومجموعة من الكفّار ذوي القلوب الميتة ، الذين لا تؤمل منهم أيّة إستجابة أبداً ، ولكن هذه الإنذارات سبب في إتمام الحجّة عليهم ، وتحقّق أمر العذاب بحقّهم .

______________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج11 ، ص179-181 .

2 ـ مجمع البيان ، ج4 ، ص433 .

3 ـ جملة «لينذر . . .» متعلّقة بـ «ذكر» الواردة في الآية السابقة ، والبعض اعتبرها متعلّقة بـ «علمنا» أو «نزّلنا» تقديراً ، ولكن الإحتمال الأوّل هو الأنسب على ما يبدو .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .