المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17751 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
ميعاد زراعة الجزر
2024-11-24
أثر التأثير الاسترجاعي على المناخ The Effects of Feedback on Climate
2024-11-24
عمليات الخدمة اللازمة للجزر
2024-11-24
العوامل الجوية المناسبة لزراعة الجزر
2024-11-24
الجزر Carrot (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
المناخ في مناطق أخرى
2024-11-24

الخلية
17-12-2015
الأحكام العملية لبناء الاُسرة
28-8-2017
مكون عاطفي
14-12-2019
خـصـوصـيـة تشـكـيـل مجـلــس النـواب في العراق
11-5-2022
القول في القضاء والقدر
9-08-2015
الانسلاخ في الحشرات
17-11-2021


تفسير الأية (19-25) من سورة الحج  
  
5463   05:19 مساءً   التاريخ: 15-9-2020
المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الحاء / سورة الحج /

 

قال تعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23) وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } [الحج: 19 - 25]

_________________

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

لما تقدم ذكر المؤمنين والكافرين بين سبحانه ما أعده لكل واحد من الفريقين فقال: {هَذَانِ خَصْمَانِ} أي: جمعان فالفرق الخمسة الكافرة خصم والمؤمنون خصم وقد ذكروا في قوله {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ} الآية {اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} أي: في دين ربهم فقالت اليهود والنصارى للمسلمين نحن أولى بالله منكم لأن نبينا قبل نبيكم وديننا قبل دينكم وقال المسلمون بل نحن أحق بالله منكم آمنا بكتابنا وكتابكم ونبينا ونبيكم وكفرتم أنتم بنبينا حسدا فكان هذا خصومتهم وقيل إن معنى اختصموا اقتتلوا يوم بدر.

 {فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ} قال ابن عباس حين صاروا إلى جهنم لبسوا مقطعات النيران وهي الثياب القصار وقيل: يجعل لهم ثياب نحاس من نار وهي أشد ما تكون حرا عن سعيد بن جبير وقيل أن النار تحيط بهم كإحاطة اللثياب التي يلبسونها بهم {يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ } أي: الماء المغلى فيذيب في ما بطونهم من الشحوم وتساقط الجلود وفي خبر مرفوع أنه يصب على رءوسهم الحميم فينفذ إلى أجوافهم فيسلت ما فيها {يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ} أي: يذاب وينضج بذلك الحميم ما فيها من الأمعاء وتذاب به الجلود.

{وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ} قال الليث المقمعة شبه الجرز من الحديد يضرب بها الرأس وروى أبوسعيد الخدري قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) في قوله {وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ} لو وضع مقمع من حديد في الأرض ثم اجتمع عليه الثقلان ما أقلوه من الأرض وقال الحسن إن النار ترميهم بلهبها حتى إذا كانوا في أعلاها ضربوا بمقامع فهووا فيها سبعين خريفا فإذا انتهوا إلى أسفلها ضربهم زفير لهبها فلا يستقرون ساعة فذلك قوله {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا} أي: كلما حاولوا الخروج من النار لما يلحقهم من الغم والكرب الذي يأخذ بأنفسهم حين ليس لها مخرج ردوا إليها بالمقامع.

 {وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} أي: ويقال لهم ذوقوا والذوق طلب إدراك الطعم والحريق الاسم من الاحتراق قال الزجاج هذا لأحد الخصمين وقال في الخصم الذين هم المؤمنون {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا} بالله وأقروا بوحدانيته {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} أي: من تحت أبنيتها وأشجارها {يحلون فيها} أي: يلبسون الحلي فيها {من أساور} وهي حلي اليد {مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا} أي: ومن لؤلؤ {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} أي: ديباج حرم الله سبحانه لبس الحرير على الرجال في الدنيا وشوقهم إليه في الآخرة فأخبر أن لباسهم في الجنة حرير.

{وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ} أي: أرشدوا في الجنة إلى التحيات الحسنة يحيي بعضهم بعضا ويحييهم الله وملائكته بها وقيل معناه أرشدوا إلى شهادة أن لا إله إلا الله والحمد لله عن ابن عباس وزاد ابن زيد والله أكبر وقيل أرشدوا إلى القرآن عن السدي وقيل إلى القول الذي يتلذونه ويشتهونه وتطيب به نفوسهم وقيل إلى ذكر الله فهم به يتنعمون {وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ} والحميد هو الله المستحق للحمد المستحمد إلى عباده بنعمه عن الحسن أي الطالب منهم أن يحمدوه وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال ما أحد أحب إليه الحمد من الله عز ذكره وصراط الحميد هو طريق الإسلام وطريق الجنة .

ثم بين سبحانه حال الكفار فقال: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} عطف بالمضارع على الماضي لأن المراد بالمضارع أيضا الماضي ويقويه قوله الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ويجوز أن يكون المعنى أن الذين كفروا فيما مضى وهم الآن يصدون الناس عن طاعة الله {وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ} أي: مستقرا ومنسكا ومتعبدا وقيل: معناه خلقناه للناس كلهم لم يخص به بعض دون بعض قال الزجاج: جعلناه للناس وقف تام ثم قال {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} أي: العاكف المقيم فيه والباد الذي ينتابه من غير أهله مستويان في سكناه والنزول به فليس أحدهما أحق بالمنزل يكون فيه من الآخر غير أنه لا يخرج أحد من بيته عن ابن عباس وقتادة وسعيد بن جبير قالوا إن كراء دور مكة وبيعها حرام والمراد بالمسجد الحرام على هذا الحرم كله كقوله أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام وقيل المراد بالمسجد الحرام عين المسجد الذي يصلي فيه عن الحسن ومجاهد والجبائي والظاهر يدل عليه وعلى هذا يكون المعنى في قوله {جعلناه للناس} أي: قبلة لصلاتهم ومنسكا لحجهم فالعاكف والباد سواء في حكم النسك وكان المشركون يمنعون المسلمين عن الصلاة في المسجد الحرام والطواف به ويدعون أنهم أربابه وولاته.

 {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} والإلحاد العدول عن القصد واختلف في معناه هاهنا فقيل هو الشرك وعبادة غير الله تعالى عن قتادة فكأنه قال ومن يرد فيه ميلا عن الحق بأن يعبد غير الله ظلما وعدوانا وقيل هو الاستحلال للحرام والركوب للآثام عن ابن عباس والضحاك ومجاهد وابن زيد وقيل هو كل شيء نهي عنه حتى شتم الخادم لأن الذنوب هناك أعظم وقيل هو دخول مكة بغير إحرام عن عطاء {نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} أي: نعذبه عذابا وجيعا وقيل: إن الآية نزلت في الذين صدوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) عن مكة عام الحديبية.

_____________

1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي،ج7،ص139-144.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

{هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ }. جاء في تفسير الطبري ان أبا ذرّ كان يقسم باللَّه ان هذه الآية نزلت في ستة من قريش : ثلاثة منهم مؤمنون ، وهم حمزة بن عبد المطلب ، وعلي بن أبي طالب ، وعبيدة بن الحرث ، وثلاثة من المشركين ، وهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة ، والوليد بن عتبة ، وان الخصومة بينهم كانت في القتال والمبارزة يوم بدر ، وان اللَّه نصر المؤمنين على المشركين .

وقال جماعة من المفسرين : ان المراد بالخصمين فريق المؤمنين ، وفريق الكافرين ، وهم اليهود والنصارى والصابئة والمجوس والمشركون لأنهم جميعا ذكروا في الآية السابقة ، وكل فريق من المؤمنين والكافرين يقول : أنا المحق دون غيري ، ومهما يكن فان الخصومة في الدين وقعت بين من آمن باللَّه ، ومن كفر به .

{ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ والْجُلُودُ ولَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ }. بعد ان أشار سبحانه إلى تخاصم المؤمنين والكافرين ذكر أن من آمن باللَّه فمصيره إلى الجنة ، ومن كفر فإلى جهنم وبئس المصير . وان أهلها يلبسون ثيابا من نار ، ويصب فوق رؤوسهم الماء الحار الذي يذيب الشحم واللحم ، والأمعاء والجلود ، وان أعمدة الحديد تهوي على رؤوسهم وأبدانهم ، وهم يحاولون التخلص من هذا الهم والغم ،ولكن أين المفر من حكم اللَّه ومشيئته . وتقدم نظيره في الآية 49 وما بعدها من سورة إبراهيم ج 4 ص 459 فقرة : « جهنم والأسلحة الجهنمية » .

{ إِنَّ اللَّهً يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ ولُؤْلُؤاً ولِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ }. للكافرين ثياب النار ومقامع الحديد ، وماء الحميم ، وللمؤمنين المخلصين جنات نعيم ، وأنهار لذة للشاربين ، وثياب من حرير ، وحلي من الذهب واللؤلؤ { وهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ } بعد أن أشار سبحانه إلى طعامهم وشرابهم ذكر أقوالهم ، وهي أحسن الأقوال ، مثل الحمد للَّه وله الشكر على ما تفضل وأنعم { وهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ} وهو الطريق القويم الذي سلكوه في الحياة الدنيا ، وأدى بهم إلى نعيم الآخرة .

{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ويَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ والْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ والْبادِ } . كان مشركو قريش يمنعون الناس من الدخول في الإسلام ، ومن الحج والعمرة إلى بيت اللَّه الحرام الذي جعله مثابة وأمنا للمؤمنين كافة لا فرق بين المقيم فيه والعابر . وتقدم نظيره في الآية 125 من سورة البقرة ج 1 ص 200 { ومَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ }. المراد بالإلحاد هنا الميل والانحراف ، والمعنى من يميل وينحرف عما أمر اللَّه ، وأساء لمن قصد بيته الحرام فان اللَّه يعذبه العذاب الأكبر .

______________

1- التفسير الكاشف، ج 5، محمد جواد مغنية، ص 320-321.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى:{ هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ} الإشارة بقوله:{هذان} إلى القبيلين اللذين دل عليهما قوله سابقا:{إن الله يفصل بينهم يوم القيامة} وقوله بعده:{ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ}.

ويعلم من حصر المختلفين على كثرة أديانهم ومذاهبهم في خصمين اثنين أنهم جميعا منقسمون إلى محق ومبطل إذ لو لا الحق والباطل لم ينحصر الملل والنحل على تشتتها في اثنين البتة، والمحق والمبطل هما المؤمن بالحق والكافر به فهذه الطوائف على تشتت أقوالهم ينحصرون في خصمين اثنين وعلى انحصارهم في خصمين اثنين لهم أقوال مختلفة فوق اثنين فما أحسن تعبيره بقوله:{خصمان اختصموا} حيث لم يقل: خصوم اختصموا ولم يقل: خصمان اختصما.

وقد جعل اختصامهم في ربهم أي أنهم اختلفوا في وصف ربوبيته تعالى فإلى وصف الربوبية يرجع اختلافات المذاهب بالغة ما بلغت فهم بين من يصف ربه بما يستحقه من الأسماء والصفات وما يليق به من الأفعال فيؤمن بما وصف وهو الحق ويعمل على ما يقتضيه وصفه وهو العمل الصالح فهو المؤمن العامل بالصالحات، ومن لا يصفه بما يستحقه من الأسماء والصفات كمن يثبت له شريكا أو ولدا فينفي وحدانيته أو يسند الصنع والإيجاد إلى الطبيعة أو الدهر أو ينكر النبوة أو رسالة بعض الرسل أو ضروريا من ضروريات الدين الحق فيكفر بالحق ويستره وهو الكافر فالمؤمن بربه والكافر بالمعنى الذي ذكرهما الخصمان.

ثم شرع في جزاء الخصمين وبين عاقبة أمر كل منهما بعد فصل القضاء وقدم الذين كفروا فقال:{ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ} أي الماء الحار المغلي.

قوله تعالى:{ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ} الصهر الإذابة أي يذوب وينضج بذاك الحميم ما في بطونهم من الأمعاء والجلود.

قوله تعالى:{ وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ} المقامع جمع مقمعة وهي المدقة والعمود.

قوله تعالى:{ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} ضمير{منها} للنار و{من غم} بيان له أومن بمعنى السببية والحريق بمعنى المحرق كالأليم بمعنى المؤلم.

قوله تعالى:{ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا} إلى آخر الآية، الأساور على ما قيل - جمع أسورة وهي جمع سوار وهو على ما ذكره الراغب معرب{دستواره} والباقي ظاهر.

قوله تعالى:{ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ} الطيب من القول ما لا خباثة فيه وخبيث القول باطله على أقسامه، وقد جمع القول الطيب كله قوله تعالى إخبارا عنهم:{ دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ:} يونس: 10 فهدايتهم إلى الطيب من القول تيسيره لهم، وهدايتهم إلى صراط الحميد والحميد من أسمائه تعالى أن لا يصدر عنهم إلا محمود الفعل كما لا يصدر عنهم إلا طيب القول.

وبين هذه الآية وقوله:{ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} مقابلة ظاهرة.

تذكر الآيات صد المشركين للمؤمنين عن المسجد الحرام وتقرعهم بالتهديد وتشير إلى تشريع حج البيت لأول مرة لإبراهيم (عليه السلام) وأمره بتأذين الحج في الناس وجملة من أحكام الحج.

قوله تعالى:{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ} إلخ.

الصد المنع، و{سواء} مصدر بمعنى الفاعل، والعكوف في المكان الإقامة فيه، والبادي من البدو وهو الظهور، والمراد به - كما قيل - الطارىء أي الذي يقصده من خارج فيدخله، والإلحاد الميل إلى خلاف الاستقامة وأصله إلحاد حافر الدابة.

والمراد بالذين كفروا مشركوا مكة الذين كفروا بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في أول البعثة قبل الهجرة وكانوا يمنعون الناس عن الإسلام وهو سبيل الله والمؤمنين عن دخول المسجد الحرام لطواف الكعبة وإقامة الصلاة وسائر المناسك فقوله:{يصدون} للاستمرار ولا ضير في عطفه على الفعل الماضي في قوله {الذين كفروا} والمعنى الذين كفروا قبل ويستمرون على منع الناس عن سبيل الله والمؤمنين عن المسجد الحرام.

وبذلك يظهر أن قوله:{والمسجد الحرام} عطف على{سبيل الله} والمراد بصده منعهم المؤمنين عن أداء العبادات والمناسك فيه وكان من لوازمه منع القاصدين للبيت من خارج مكة من دخولها.

وبه يتبين أن المراد بقوله:{الذي جعلناه للناس} - وهو وصف المسجد الحرام - جعله لعبادة الناس لا تمليك رقبته لهم فالناس يملكون أن يعبدوا الله فيه ليس لأحد أن يمنع أحدا من ذلك ففيه إشارة إلى أن منعهم وصدهم عن المسجد الحرام تعد منهم إلى حق الناس وإلحاد بظلم كما أن إضافة السبيل إلى الله تعد منهم إلى حق الله تعالى.

ويؤيد ذلك أيضا تعقيبه بقوله:{سواء العاكف فيه والباد} أي المقيم فيه والخارج منه مساويان في أن لهما حق العبادة فيه لله، والمراد بالإقامة فيه وفي الخارج منه إما الإقامة بمكة وفي الخارج منها على طريق المجاز العقلي أو ملازمة المسجد للعبادة والطروعليه لها.

وقوله:{ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} بيان لجزاء من ظلم الناس في هذا الحق المشروع لهم في المسجد ولازمه تحريم صد الناس عن دخوله للعبادة فيه ومفعول{يرد} محذوف للدلالة على العموم، والباء في{بإلحاد} للملابسة وفي{بظلم} للسببية والجملة تدل على خبر قوله:{إن الذين كفروا} في صدر الآية.

والمعنى الذين كفروا ولا يزالون يمنعون الناس عن سبيل الله وهو دين الإسلام ويمنعون المؤمنين عن المسجد الحرام الذي جعلناه معبدا للناس يستوي فيه العاكف فيه والبادي نذيقهم.

من عذاب أليم لأنهم يريدون الناس فيه بإلحاد بظلم ومن يرد الناس فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم.

وللمفسرين في إعراب مفردات الآية وجملها أقاويل كثيرة جدا ولعل ما أوردناه أنسب للسياق.

______________

1- تفسير الميزان ،الطباطبائي،ج14،ص294-299.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

خصمان متقابلان!

أشارت الآية السابقة إلى المؤمنين وطوائف مختلفة من الكفّار، وحدّدتهم بستّ فئات. أمّا هنا فتقول: { هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}(2) أي أنّ الخصام بين مجموعتين، هما: طوائف الكفّار الخمس من جهة، والمؤمنون الحقيقيّون من جهة أُخرى. وإذا تفحّصنا الأمر وجدنا أساس الخلاف بين الأديان في ذات الله تعالى وصفاته، وهو يمتدّ إلى الخلاف في النبوّة والمعاد. لهذا لا ضرورة إلى القول بأنّ الناس مختلفين في دين الله. إذ أنّ أساس الخلاف وجذوره يعود إلى الخلاف في توحيده تعالى فقط. فجميع الأديان قد حرّفت، والباطل منها قد إختلط بنوع من الشرك، وبدت دلائله في جميع إعتقادات أصحاب هذه الأديان.

ثمّ تبيّن الآية أربعة أنواع من عقاب الكافرين المنكرين لله تعالى بوعي منهم، والعقاب الأوّل حول لباسهم، فتقول الآية: { فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ} ويمكن أن تكون هذه العبارة إشارة إلى لباسهم الذي اُعدّ لهم من قطع من نار، أو كناية عن إحاطة نار جهنّم بهم من كلّ جانب.

ثمّ { يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ}(3) أي يصبّ على رؤوسهم سائل حارق هو حميم النّار، وهذا الماء الحارق الفوّار ينفذ إلى داخل أبدانهم ليذيب باطنها وظاهرها { يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ}(4).

وثالث نوع من العقاب هو { وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ}(5) أي اُعدّت لهم أسواط من الحديد المحرق.

والرابع: { كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} أي كلّما أرادوا الخروج من جهنّم والخلاص من آلامها وهمومها اُعيدوا إليها، وقيل لهم ذوقوا عذاب الحريق.

وأوضحت الآيات التالية وضع المؤمنين الصالحين، مستخدمة اُسلوب المقارنة، لتكشف بها عن وضع هاتين المجموعتين، وهنا تستعرض هذه الآيات خمسة أنواع من المكافئات للمؤمنين: { إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}.

فخلافاً للمجموعة الأُولى الذين يتقلّبون في نار جهنّم، نجد أنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات يتمتّعون بنعيم رياض الجنّة على ضفاف الأنهر وهذه هي المكافأة الأُولى، وأمّا لباسهم وزينتهم فتقول الآية: و { يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ}(6).

وهاتان مكافئتان يمنّ الله بهما كذلك على عباده العالمين في الجنّة، يهبهم أفخر الملابس التي حرموا منها في الدنيا، ويجملّهم بزينة الأساور التي منعوا عنها في الحياة الأُولى، لأنّها كانت تؤدّي إلى إصابتهم بالغرور والغفلة، وتكون سبباً لحرمان الآخرين وفقرهم. أمّا في الجنّة فينتهي هذا المنع ويباح للمؤمنين لباس الحرير والحلي وغيرها. وبالطبع ستكون للحياة الاُخروية مفاهيم أسمى ممّا نفكّر به في هذه الدنيا الدنيّة، لأنّ مبادىء الحياة ومدلولها يختلفان في الدنيا عمّا هي في الآخرة (فتأمّلوا جيداً).

وأخيراً الهبة الرّابعة والخامسة التي يهبها الله للمؤمنين الصالحين ذات سمة روحانية { وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ} حديث ينمي الروح. وألفاظ تثير حيوية الإنسان، وكلمات ملؤها النقاء والصفاء التي تبلغ بالروح درجة الكمال وتملأ القلب بهجةً وسروراً، { وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ }(7) هكذا يهدون إلى طريق الله الحميد، الجدير بالثناء، طريق معرفة الله والتقرّب المعنوي والروحي إليه، سبيل العشق والعرفان.

حقّاً إنّ الله يهدي المؤمنين إلى هذا الطريق الذي ينتهي إلى أعلى درجات اللذّة الروحيّة.

ونقرأ في حديث رواه علي بن إبراهيم (المفسّر المعروف) في تفسيره، أنّ القصد من «الطيب من القول» التوحيد والإخلاص ويعني «الصراط الحميد» الولاية والإقرار بولاية القادة الربانيّين (وبالطبع هذا أحد البراهين الواضحة للآية).

كما يستنتج من التعابير المختلفة الواردة في الآيات السابقة وفي سبب نزولها أنّ هناك عذاباً عسيراً صعباً ينتظر مجموعة خاصّة من الكفّار الذين يعاندون الله ويحاولون تضليل الآخرين. إنّهم أفراد من قادة الكفر كالذين تقدّموا في معركة بدر لمبارزة علي (عليه السلام) وحمزة بن عبدالمطّلب وعبيدة بن الحارث.

الذين يصدّون عن بيت الله الحرام!

تحدّثت الآيات السابقة عن عامّة الكفّار، وهذه الآية تشير إلى مجموعة خاصة منهم باءت بمخالفات وذنوب عظيمة، ذات علاقة بالمسجد الحرام ومراسم الحجّ العظيم.

تبدأ هذه الآية بـ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} وكذلك يصدّون ويمنعون المؤمنين عن مركز التوحيد العظيم: { وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} أي سواءً المقيمون فيه والذين يقصدونه من مكان بعيد. { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} أي كلّ من أراد الإنحراف في هذه الأرض المقدّسة عن الحقّ ومارس الظلم والجور أذقناه عذاباً أليماً.

وهذه الفئة من الكفّار ترتكب ثلاث جرائم كبيرة، إضافةً إلى إنكارها الحقّ،وجرائمها هي:

1 ـ صدّ الناس عن سبيل الله والإيمان به والطاعة له.

2 ـ صدّهم عن حجّ بيت الله الحرام، وتوهم أنّ لهم إمتيازاً عن الآخرين.

3 ـ ممارستهم للظلم وإرتكابهم الإثم في هذه الأرض المقدّسة، والله يعاقب هؤلاء بعذاب أليم.

_______________

1- تفسير الامثل ،ناصر مكارم الشيرازي،ج8،ص379-382.

2 ـ كلمة «خصمان» مثنّى أمّا فعلها «اختصموا» فجاء بصيغة جمع، والسبب يكمن في أنّ هذين ليسا شخصين، بل فئتين، إضافة إلى كون الفئتين ليس في صفّين وإنّما في صفوف مختلفة، وتنهض كلّ مجموعة لمبارزة الآخرين.

3ـ الحميم: الماء الحارق.

4ـ «يصهر» مشتقّة من «صهر» على وزن «قهر» وتعني تذويب الشحم. أمّا «الصِهر» على وزن «فكر» فتعني النسيب.

5ـ «المقامع» جمع «مقمع» على وزن «منبر» وتعني السوط أو العمود الحديدي يضرب به المذنب عقاباً له.

6ـ «أساور» جمع «أسورة» على وزن «مشورة» وهي بدورها جمع لكلمة «سوار» على وزن «كتاب» وتعني المعضد.

7ـ كلمة «الحميد» تعني المحمود، وتطلق على من يستحقّ الثناء، وهنا يقصد بها الله تعالى، وعلى هذا فإنّ «الصراط الحميد» يعني السبيل إلى مقام مقرّب من الله تعالى. كما قال البعض بأنّ «الحميد» وصف للصراط يشبه الإضافة البيانيّة، وعلى هذا يكون المعنى: إنّ هؤلاء يُرشدون إلى سبيل جدير بالثناء كلّه. (الآلوسي في روح البيان)، إلاّ أنّ المعنى الأوّل يبدو أصحّ.

 

 

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .