أقرأ أيضاً
التاريخ: 30/10/2022
![]()
التاريخ: 2-2-2016
![]()
التاريخ: 22-6-2021
![]()
التاريخ: 31-1-2016
![]() |
الإنسان والمدينة والبيئة
لا شك أن المدينة ليست مجرد مكان أو مجموعة أماكن حيث يقع المجتمع بل هي المحيط الذي يحقق الشخص نفسه كمخلوق اجتماعي مادي.
فالمدينة في نظر الكثير من الباحثين، المكان الذي يمضي فيه الناس معظمهم أكثر جزء من حياتهم إذ تتشكل تجاربهم اليومية وتزداد خبرتهم في الحياة.
أما المجتمع فهو أشبه بمنظمة هرمية تمثل الجهاز الذي تمثل فيه المؤسسات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية بطريقة هرمية، بحيث يعتمد تشغيل المجتمع على تداخل أعمال تلك المؤسسات، بمعنى أن المؤسسات السابقة الذكر تحتاج بالضرورة إلى تحديد أماكنها المادية في أجواء حضرية وفق أمرين مهمين هما:
1- طبيعة المؤسسة نفسها 2- بعدّها جزءاً من الكيان الهرمي نفسه.
إن العلاقة بين المدينة والمجتمع إذن علاقة تحددها أعمال المؤسسات ومهامها وبناءً على ذلك اقترح البعض تعريفا آخر للمدينة وعلى النحو الاتي:
المدينة : مجموعة اجتماعية مادية، من أبناء البشر المتواجدين في مكان معين، تعمل المؤسسات فيه على تكوين الأنماط (النماذج) التي تشكل ظروف الناس، وتعمل على تنويع الحياة داخل هذا المكان المعين.
ولعب الإنسان على مر العصور دوراً استراتيجيا في صنع معنى المدينة وفي خلق ثقافة حضرية تتلائم والمتطلبات المتغيرة والمتزايدة على وفق تحولات السياق السياسي والاقتصادي والثقافي، وأيما كانت طبيعة العوامل المؤثرة في صنع المعنى، عمل الإنسان دوماً على إغناء المدينة بدلالات متعددة وقوية، بحيث أصبحت معرفة الإنسان وفهمه تمر من خلال القراءة العميقة لتحليل بنية مدينته المورفولوجية*، مما يسمح باستخلاص القواعد والقوانين الضمنية.
إن المفهوم المعاصر للمدينة يعبر عن حقيقة الطبقات في المدينة العصرية من خلال حقائق الوجود القائمة على المؤسسات الهرمية الانموذج، ففي المدينة قوتان بارزتان هما قوة المؤسسات وقوة الحضر وهي الحقيقة الاجتماعية المادية الناجمة من العمل المتداخل القائم على المؤسسات التي أفرزت طبقة تتربع على المؤسسات الاجتماعية والثقافية والحضرية والسياسية على أعلى المستويات الهرمية سواء داخل المضمون الحضري وفي المجتمع وفي المدينة كمجموعة متكاملة.
ويرتبط الإنسان مثلما ترتبط المدينة بالحضارة، فهي رمز الحضارة وكاشف ومقيّم لها لكن الإنسان هو الذي يصنع الحضارة، وهو الذي ينشئ الجديد ويسهم بفعله المبدع في تطوير النتاجات الحضارية بغية تحقيق التواصل الحضاري عموماً حينما ينجح في حل المعادلة الصعبة التي تربط بين أطراف تاريخه الحضاري الطويل والغني والمخزون في الذاكرة الجماعية وبين الواقع الحضري المختلف والمغاير والمتصل بالرؤية الجديدة للحياة العصرية.
إن كل فرد في المجتمع الإنساني يأخذ ويعطي، وإن البشر إذا اعتنوا بمدينتهم وبيئتهم أمكن لهذه (البيئة) أن تمد الأحياء بمتطلبات حياتهم وهذا يتطلب من الإنسان أن يكون صديقا وفيا للبيئة لا مستغلا بشعا لها وعليه أن يبادلها الوفاء وأن يحيا معها بأسلوب التعايش أي تبادل المنفعة باعتبار إن موارد البيئة وجدت لمصلحة الأحياء كافة لا للبشر فقط، لأن الأحياء بما فيها الإنسان بالذات، إنما هي جميعا أجزاء مكملة ومتكاملة في البيئة.
فعرّف "جوناثان تورك "البيئة بأنها (( الأرض التي نعيش عليها، بكل ما تتضمنه من جوانب فيزياوية كالهواء والمعادن الأرضية والصخور والمياه والكائنات الحية مثل الحيوانات والنباتات )).
وهذا المفهوم الضيق يتضمن المحيط الحيوي بما يحتويه من موارد سواء أكانت فيزياوية أم بايولوجية.
أما المفهوم الواسع للبيئة فانه يتضمن :
الجوانب الفيزياوية والاجتماعية والاقتصادية والجمالية كلها التي تؤثر في حياة الأفراد والمجتمعات ومن ثم تسهم في تحديد شكلها النهائي والعلاقات الموجودة فيها كذلك فرص استمراريتها.
إن من اللازم أن نزرع في نفوس الناس حب إمعان النظر والتأمل في أسلوب حياتهم لفحص الضروري من غيره وهذا يعني أن كل إنسان بحاجة إلى عملية من عمليات التقويم يستكشف فيها أفكاراً جديدة عن السلوك البديل الذي يجعله يعيش بانسجام في مدينته وبيئته في إطار الحفاظ عليها لأن في ذلك حفاظاً لذاته.
كما أن أخلاقيات البيئة تقتضي أن يعيش الإنسان مع بيئته في وفاق ضمن إطار من الأخلاق الإنسانية المبنية على العدالة الاجتماعية بالنسبة للأفراد والجماعات جميعهم.
إن الأمر الأشد خطورة بالنسبة للدول النامية ومنها العراق هو كيفية وضع ستراتيجية في خططها التنموية التي تقلل من الأذى للبيئة نتيجة الانفجار السكاني الذي يحدث، والذي تراعي ستراتيجية المحافظة على البيئة لتحفظ أكبر قدر ممكن من السعادة والرفاهية اجتماعياً وفردياً، ليعيش الإنسان في الحاضر والمستقبل في عالم يضمن سعادة الفرد والمجتمع معاً، عالم يتسم بالأخوة والتعاون لا بين أفراده فحسب بل بينه وبين مدينته وبيئته أيضاً ان ذلك كله هو غاية الغايات من موضوع المحافظة على البيئة بعدّ الإنسان أسمى عناصر البيئة وأشدها أثراً وتأثيراً.
إن المشكلات الحضرية التي تتراوح بدءاً من المشاكل التي تتصل بالحيز المادي للمدينة إلى تلك المعروفة بالمشكلات الاجتماعية النابعة من الظروف والملابسات التي تفضل الاعتراف بإنسانية الإنسان في حياته الحضرية اليوم. كل ذلك يجعل الإنسان ابن المدينة، وابن المجتمع الحضري يجد نفسه يزداد ابتعاداً وغربة عن المخلوقات البشرية الأخرى إلى الحد الذي يمكن أن يكون غريباً عن نفسه.
وقصارى القول أن الحل الصحيح إنما يكمن بالتحول الجذري للمجتمع الحديث ونظرته للمدينة وبيئته تبعا لمبدأين اثنين هما:
• على الإنسان الحضري أن يسترد شموليته كمخلوق بشري اجتماعي بالتغلب على التمزق والتفتت اللذين تعرض لهما، بسبب التشوهات التي حصلت في مدينته وبيئته.
• على الإنسان الحضري استعادة قوة صنع القرار في إطار الحياة الاجتماعية الحضرية، مظهراَ بذلك أنه يشارك في إجراءات المجتمع بطريقة فعالة يحافظ من خلالها على نسيج مدينته المتضام وحصوله على بيئة نظيفة تكفل له ولأحفاده حياة آمنة، كريمة، صحية وسليمة.
|
|
للعاملين في الليل.. حيلة صحية تجنبكم خطر هذا النوع من العمل
|
|
|
|
|
"ناسا" تحتفي برائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين
|
|
|
|
|
بمناسبة مرور 40 يومًا على رحيله الهيأة العليا لإحياء التراث تعقد ندوة ثقافية لاستذكار العلامة المحقق السيد محمد رضا الجلالي
|
|
|