المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تربية الماشية في جمهورية مصر العربية
2024-11-06
The structure of the tone-unit
2024-11-06
IIntonation The tone-unit
2024-11-06
Tones on other words
2024-11-06
Level _yes_ no
2024-11-06
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05

خطبة العقيلة زينب في الكوفة
7-04-2015
عصمة النبي إبراهيم عليه السلام في القرآن الكريم
20-11-2019
سمو منزلة الأئمة
30-3-2016
أداء الأمانة
2024-11-02
التغييرات المهمة التي طرأت على مواصفات الأيزو 9000 ISO عام 2000 وعام 2008
2-4-2021
Polysulfanes
12-3-2017


حكم العقد الباطل  
  
4599   01:11 صباحاً   التاريخ: 28-8-2020
المؤلف : عبد الرزاق السنهوري
الكتاب أو المصدر : مصادر الحق في الفقه الاسلامي
الجزء والصفحة : ص94-108
القسم : القانون / القانون الخاص / القانون المدني /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-1-2019 3980
التاريخ: 20-6-2018 9680
التاريخ: 2024-03-04 1094
التاريخ: 28-8-2020 1626

ليس له وجود شرعي فلا ينتج أثرا:

العقد الباطل لا وجود له إلا من حيث الصورة، فليس له وجود شرعي، ومن ثم فهو عدم والعدم لا ينتج أثرة. فمن باع ميتة أو دمة أو حرة، كان بيعه باطلا لا أثر له، لأن المبيع ليس بمال . ومن باع خنزيرة أو خمرة من مسلم، كان بيعه كذلك باطلا لا أثر به، لأن المبيع ليس بمال متقوم، وكذلك يكون باطلا لا أثر له بيع السمك في البحر والطير في الهواء، لأن المبيع مال مباح . وأي تصرف بصدر من صبي غير مميز او من مجنون يكون باطلا لا أثر له، لانعدام التمييز في العاقد، وقل مثل ذلك في كل عقد لم يتوافر فيه ركنه وشرائطه .

جاء في"  البدائع " : اولا حكم لهذا البيع (الباطل) أصلا، لأن الحكم للموجود، ولا وجود لهذا البيع إلا من حيث الصورة ، لأن التصرف الشرعي لا وجود له بدون الأهلية والمحلية شرعا، كما لا وجود للتصرف الحقيقي إلا من الأمل في المحل حقيقة، وذلك نحو بيع الميتة والدم والعذرة والبول وبيع الملاقيح والمضامين وكل ما ليس بمال، وكذا بيع أم الولد والمدبر والمكاتب والمستسعي، لأن أم الولد حرة من وجه وكذا المدير فلم يكن مالا مطلقا، والمكاتب حر بدأ فلم يكن مالا على الإطلاق، والمستسعي عند أبي حنيفة بمنزلة المكاتب وعندهما حر عليه دين وكذا بيع الخنزير من المسلم، لأنه ليس بمال في حق المسلم. وكذا بيع الخمر، لأنها ليس بمتقدمة في حق المسلم، لأن الشرع أسقط تقومها في حق المسلمين حيث أهانها عليهم. فيبطل ولا ينعقد . لأنه لو انعقد، إما أن ينعقد بالمسمى، وإما أن ينعقد بالقيمة، لا سبيل إلى الأول، لأن التسمية لم نصح، ولا سبيل إلى الثاني، لأنه لا قيمة إذ التقويم ينبني على العزة والشرع أهان المسمى على المسلم فكيف ينعقد بقيمته ولا قيمة له، وإذا لم ينعقد يبطل ضرورة .. واختلف مشايخنا في بيع العبد بالميتة والدم. قال عامتهم يبطل، وقال بعضهم يفسد. والصحيح أنه يبطل، لأن المسمى ثمنا ليس بمال أصلا وكون الثمن مالا في الجملة شرط الانعقاد ، وكذا اختلفوا فيما إذا قال: بعت بغير ثمن. قال بعضهم يبطل وإليه ذهب الكرخي من أصحابنا، وقال بعضهم: " يفسد ولا يبطل كما إذا باع وسكت عن ذكر الثمن"  " البدائع"  (5/305)  وجاء في "  الأشباه والنظائر"  لابن نجيم:" الباطل والفاسد عندنا في العبادات مترادفان، وفي النكاح كذلك ... وأما في البيع فمتباينان : فباطله ما لا يكون مشروعة بأصله ووصفه ، وفاسده ما كان مشروعة بأصله دون وصفه، وحكم الأول أنه لا يملك بالقبض، وحكم الثاني أنه يملك به . وأما في الإجازة فمتباينان : قالوا: لا يجب الأجر في الباطلة كما إذا استأجر أحد الشريكين شريكه الحمل طعام مشترك، ويجب أجر المثل في الفاسدة . وأما في الرهن: فقال في " جامع الفصولين " فاسده يتعلق به الضمان وباطله لا يتعلق به الضمان بالإجماع، ويملك الحسن للدين في فاسده دون باطله. ومن الباطل لو رهن شينا بأجر نائحة أو معينة». «الأشباه والنظائر» (185). وفي المثل الأخير - رهن شيء بأجر نائحة أو مغنية - برجع البطلان إلى عدم مشروعية السبب .

 وإذا نفذ وجب الرد وإعادة الحال إلى ما كانت عليه :

وما دام العقد الباطل لا وجود له شرعا ولا ينتج أي أثر، فإنه يترتب على ذلك أن أحد العاقدين لا يملك أن يجبر الآخر على تنفيذه. وإذا نفذ العاقد باختياره، سواء كان يعلم بالبطلان أو لا يعلم، كان له أن يسترد ما سلمه تنفيذا للعقد. ففي البيع الباطل مثلا، لا يجوز للمشتري أن يجبر البائع على تسليم المبيع، ولا للبائع أن يجبر المشتري على دفع الثمن. ولو سلم البائع باختباره المبيع للمشتري، أو دفع المشتري باختياره الثمن للبائع، كان للبائع أن يسترد المبيع وللمشتري أن يسترد الثمن.

ولو تسلم المشتري بعقد باطل المبيع وتصرف فيه لآخر بالبيع مثلا، فإن تصرف المشتري لا يمنع البائع من استرداد المبيع من بد المشتري الثاني . ذلك أن البيع الباطل لم ينقل الملكية للمشتري ، فيكون المشتري قد باع مالا غير مملوك له، فالبيع موقوف على إجازة المالك وهو هنا البائع. فإذا لم يجزه، كان له أن يسترده ، كما تقدم القول.

جاء في الفتاوى الخانية : ابيع الصبي الذي لا يعقل والمجنون... باطل .. والبيع الباطل لا يفيد الملك وإن اتصل به القبض، حتى لو كان المبيع عبدة فأعتقه لا ينفذ إعتاقه ... ولو باع أم الولد وسلمها، لا يملكها المشتري ... والمشتري بالميتة والدم لا يملك وإن قبضه هامش الفتاوي الهندية (۲/ ۱۳۳).

والظاهر أن مذهب مالك بجعل الرد يفوت في البيع الباطل . وهو والفاسد سواء في هذا  المذهب . بخروج المبيع عن يد المشتري ببيع صحيح أو عتق أو هبة أو صدقة، وبتعلق حق للغير بالبيع، كرهنه إذا لم يقدر الراهن على خلاصه لعسره فلو قدر لملاءته لم يكن فوتاً، وكإجازته اللازمة " الشرح الكبير" للدردير في " هامش الدسوقي " (3/74). فيحمي المذهب المالكي الغير في العقد الباطل، كما يحميه المذهب الحنفي في العقد الفاسد على ما سنرى، لاختلاط العقد الباطل بالعقد الفاسد في مذهب مالك كما تقدم القول، ولو فات المبيع باطلا على البائع، على النحو الذي رأيناه، وجب على المشتري أن يرد للبائع القيمة في القيمي والمثل في المثلي، فإذا زال المفيت ارتفع حكمه، ووجب رد المبيع باطلا للبائع إن عاد لحالته الأصلية، سواء كان عوده اختياريا أو ضروريا كإرث. وهذا ما لم يحكم حاكم بعدم الرد، أو كان الفرات راجعة إلى تغير السوق ثم عاد السوق إلى حالته الأولى، فلا يرتفع حكم المفيت ولا يجب على المشتري الرد الشرح الكبيرة للدردير في " هامش الدسوقي  "  (3/75 ). ويفوت الرد أيضا في مذهب مالك بتغير المبيع زيادة أو نقصا في يد المشتري الشرح الكبير للدردير في "هامش الدسوقي" (3/72-73)

ولا ترد عليه الإجازة ويتمسك بالبطلان كل ذي مصلحة :

ولما كان العقد الباطل غير موجود شرعا، فإنه لا يتصور أن تلحقه الإجازة إذ الإجازة لا تلحق إلا عقدة موجودة قابلا لإنتاج أثره فينفذ بالإجازة . والعقد الباطل، كمنصرف شرعي، معدوم  وغير قابل لإنتاج أي أثر، ومن ثم لا تمكن إجازته .

وإذا كان العقد الباطل منعدمة، فلكل ذي مصلحة أن يتمسك بالبطلان، يتمسك به كل من العاقدين، وقد رأينا أن البائع في البيع الباطل لا يجبر على تسليم المبيع ويسترده إذا كان قد سلمه وهذا عن طريق التمسك بالبطلان، ورأينا أن المشتري لا يجبر على دفع الثمن ويسترده إذا كان قد دفعه وهذا أيضا عن طريق التمسك بالبطلان. كذلك الشفيع لا يملك الأخذ بالشفعة في بيع باطل، | إذ يستطيع البائع أن يتمسك ببطلان البيع لمنعه من الأخذ بالشفعة، وهنا المتمسك بالبطلان هو أحد العاقدين ولكن يتمسك به ضد الغير لا ضد العاقد الآخر. كذلك يجوز للمرتهن أن يتمسك ببطلان البيع الصادر من الراهن للعين المرهونة، وللمستأجر أن يتمسك ببطلان البيع الصادر من المؤجر للعين المؤجرة، فكل من المرتهن والمستأجر له مصلحة في التمسك ببطلان البيع الباطل. وإذا مات من صدر منه بيع باطل، دخلت العين المبيعة في تركته، وجاز لورثته أن يتمسكوا بطلان البيع لأن لهم مصلحة في ذلك.

ولكن العقد الباطل قد ينتج أثرة كواقعة مادية لا كتصرف شرعي:

والعقد الباطل إذا لم يكن له وجود شرعي فإن له وجودا فعليا، وإذا لم ينتج أثرا كتصرف شرعي فمن الجائز أن ينتج أثرا كواقعة مادية .

ونستعرض أثرين مما قد ينتجه العقد الباطل، لا كتصرف شرعي، بل كواقعة مادية :

اولا: انتقال الضمان إلى المشتري: فإذا فرضنا، في عقد بيع باطل، أن البائع سلم المبيع إلى المشتري، فإن البيع الباطل كتصرف شرعي لا ينتج أثر، ، فهو لا ينقل الملك للمشتري. وإذا هلك المبيع في يد المشتري، فقد كان ينبغي أن يهلك على البائع، لأن المشتري قبض المبيع بإذنه دون أن ينتقل الملك إليه فيكون أمانة في يده، والأمانة تهلك على مالكها فتهلك هنا على البائع. ولكن تسليم البائع المبيع للمشتري وقد اقترن ببيع باطل، وهذا البيع الباطل له وجود مادي، فهو كواقعة مادية . إذا اقترن بواقعة التسليم يجعل المشتري قد قبض المبيع بقصد تحقيق مصلحة له، فليست يده إذن يد أمانة .

ومن هنا وجد رأيان في الفقه الحنفي. رأي يقف عند تسليم المبيع بإذن البائع، فيجعل يد المشتري يد أمانة . ولا يرتب على اقتران التسليم بالبيع الباطل أي أثر، ومن ثم يكون الهلاك على البائع، ورأي يرتب على اقتران التسليم بالبيع الباطل - بوصف البيع واقعة مادية لا تصرفا شرعيا. أثرة، إذ يجعل التسليم حاصلا لتحقيق مصلحة للمشتري فتكون يد المشتري يد ضمان، ومن ثم يكون الهلاك عليه لا على البائع، قياسا على سوم الشراء حيث يقبض العاقد العين لتحقيق مصلحة له فيكون الهلاك عليه.

وقد ورد في " البدائع" في هذا المعنى ما يأتي : «ثم إذا باع مالا بما ليس بمال حتى بطل البيع، فقبض المشتري المال بإذن البائع، هل يكون مضمونة عليه أو يكون أمانة؟ اختلف المشايخ فيه . قال بعضهم: يكون أمانة، لأنه مال قبضه بإذن صاحبه في عقد وجد صورة لا معنى، فالتحق العقد بالعدم، وبقي إذنه بالقبض. وقال بعضهم يكون مضمونة عليه، لأن المقبوض على حكم هذا البيع لا يكون دون المقبوض على سوم الشراء، وذلك مضمون فهذا أولي، البدائع (5/305)

وجاء في "فتح القدير" : «الباطل لا يفيد مالك التصرف. ولو هلك المبيع في يد المشتري فيه . أي في البيع الباطل - يكون أمانة عند بعض المشايخ . هو أبو نصر ابن أحمد الطواويسي - وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة. وعند البعض، كشمس الأئمة السرخسي وغيره ، ويكون مضمونة بالمثل أو القيمة، وهو قول الأئمة الثلاثة، لأنه لا يكون أدني حالا من المقبوض على سوم الشراء. وقيل الأول قول أبي حنيفة رحمه الله والثاني قولهما، كالخلاف الكائن بينهم في أم الولد والمدبر إذا بيعا فماتا عند المشتري، لا يضمنهما عند أبي حنيفة، ويضمنهما عندهما. والمقبوض على سوم الشراء هو المأخوذ ليشتري مع تسمية الثمن بلا إبرام بيع، كأن يقول : أذهب بهذا فإن رضيته اشتريته بعشرة، فإذا هلك ضمن قيمته . فإذا ضمن هذا مع أنه لم يوجد فيه صورة العلة، فلأن يضمن فيما نحن فيه مع أنه وجد ذلك أولى. ولأبي نصر المروي عنه من عدم الضمان أن الضمان في المقبوض على سوم الشراء، إن قلت: إنه عند صحة كون المسمى ثمنا كالدراهم على ما ذكرنا من قوله إن رضيته اشتريته بعشرة سلمناه، وهو منتف في تسمية المحرم كالخمر. وإن قلت عند التسمية مطلقة منعناه، فيجب تفصيله، وهو أنه إن كان البطلان لعدم مالية الثمن أصلا لا يضمن وإن كان لعدم المبيع كما لو باعه على أنه ياقوت فإذا هو زجاج بثمن صحيح دراهم مثلا فقبضه يصير مضمونة "فتح القدير" (5/ ۱۸۷ - ۱۸۸).

وجاء في " ابن عابدين": «قوله : لأنه أمانة، وذلك لأن العقد إذا بطل بقي مجرد القبض بإذن المالك، وهو لا يوجب الضمان إلا بالتعدي : درره . قوله : وصحح في"القنية "، ضمانه إلخ، قال في الدرر، وقيل: يكون مضمونة، لأنه يصير كالمقبوض على سوم الشراء، وهو أن يسمي الثمن. فيقول: أذهب بهذا فإن رضيت به اشتريته بما ذكر. أما إذا لم يسمه فذهب به فهلك عنده، لا يضمن. نص عليه الفقيه أبو الليث، قيل: وعليه الفتوى، كذا في " العناية"  اهـ... لكن في النهر، واختار السرخسي وغيره أن يكون مضمونة بالمثل أو بالقيمة، لأنه لا يكون أدني حالا من المقبوض على سوم الشراء ، وهو قول الأئمة الثلاثة، وفي القنية، أنه الصحيح، لكونه قبضه لنفسه، فشابه الغصب، وقيل : الأول قول أبي حنيفة والثاني قولهما، «ابن عابدين» (4/163)  وانظر أيضا "البحر الرائق" ، (6/72) . الزيلعي (4/ 44).

ونرى من ذلك أن الصحيح من الرأيين في المذهب الحنفي هو أن المبيع بعقد باطل يكون مضمونة في يد المشتري، لأن المشتري قبضه لنفسه ولتحقيق مصلحته، فلا يكون أدني حالا من المقبوض على سوم الشراء. وهذا هو الحكم في مذهب مالك. جاء في الحطاب: وإنما ينتقل ضمان الفاسد (أي الباطل) بالقبض: هذا قول ابن القاسم. وأما الملك فقال في "التوضيح" : وإن قلنا: إن الضمان في المبيع بيعة فاسدة ينتقل بالقبض، فالملك لا ينتقل بذلك، بل لا بد من ضميمة الفوات". "الحطاب " (4/ ۳۸۰). وجاء في "الشرح الكبير" للدردير : "لما أنهى الكلام على ما أراد من البياعات التي ورد النهي عنها، أتبع ذلك بما يوجب ضمان المبيع على المشتري فيها. فقال وإنما ينتقل ضمان البيع الفاسد، على البت متفق عليه أم لا، إلى المشتري بالقبض المستمر ،

نقد المشتري الثمن ام لا، كان المبيع بدخل في ضمان المشتري في البيع الصحيح بالعقد او بالقبض. وتقييد القبض بالمستمر للاحتراز عما لو رد المشتري السلعة لبائعها على وجه الأمانة أو غيرها، كما لو استثني ركوبها مدة وأخذها بعد نبض المشتري لها فاسدة فهلكت فالضمان على البائع، ورد المبيع فاسدا لربه إن لم يفت وجوبا، ويحرم انتفاع المشتري به ما دام قائمة. ولا غلة تصحبه في رده، بل يفوز بها المشتري لأنه كان ضمانة والغلة بالضمان. ولا برجع على البائع بالنفقة، لأن من له الغلة عليه النفقة، فإن أنفق على ما لا غلة له رجع بها، وإن أنفق على ما له غلة لا تفي بالنفقة رجع بزائد النفقة، فإن فات المبيع فاسدة بيد المشتري، مضي المختلف فيه ولوخارج المذهب بالثمن الذي وقع به البيع، وإلا يكن مختلفة فيه بل متفقة على فساد، (وهو الباطل)، ضمن المشتري نيمنه إن كان مقومة حينئذ أي حين القبض ... وضمن مثل المثلي إذا بيع كيلا أو رزنا وعلم كبله أو وزنه ولم يتعذر وجوده، وإلا ضمن نيمنه يوم القضاء عليه بالرد، ومحل رد القيمة في الجزاف حيث لم تعلم مكبلته بعد وإلا وجب رد المثل،" الشرح الكبير" للدردير في هامش الدسوقي، (3/70-71)  ۷۰ ) وانظر أيضا "حاشية الصاوي"  على "الشرح الصغير" (2/35-36) الخرشي (5/ ۸۰ - ۹۳).

وبعد هذا يتبين أن البيع الباطل ينتج أثرة كواقعة مادية ، فهو إذا اقترن بالقبض بجعل المبيع في يد المشتري مضمونا عند الهلاك.

ثانيا: عقد الزواج : الزواج باطلا كان أو فاسدة . لأن بطلان الزواج وفساده سيان حتى في المذهب الحنفي - ليس له وجود شرعي، وإن كان له وجود فعلي. فلا ينتج أثره كتصرف شرعي، ولكن ينتج بعض الآثار كواقعة مادية إذا اقترن بالدخول على الزوجة، فالدخول مقترنة بعقد زواج باطل أو فاسد واقعة مادية تستوجب طبيعتها آثاره معينة، كدرء الحد وثبوت النسب ووجوب العدة والمهر .

جاء في "البدائع" ، في هذا الصدد ما يأتي: وأما النكاح الفاسد، فلا حكم له قبل الدخول . وأما بعد الدخول، فيتعلق به أحكام. منها ثبوت النسب، ومنها وجوب العدة، وهو حكم الدخول في الحقيقة، ومنها وجوب المهر . والأصل فيه أن النكاح الفاسد ليس بنكاح حقيقة، لانعدام محله أعني محل حكمه وهو الملك، لأن الملك يثبت في المنافع و منافع البضع ملحقة بالأجزاء والحر بجميع أجزائه ليس محلا للملك لأن الحرية خلوص، ولأن الملك في الآدمي لا يثبت إلا بالرق والحرية تنافي الرق. إلا أن الشرع أسقط اعتبار المنافي في النكاح الصحيح لحاجة الناس إلى ذلك، وفي النكاح الفاسد بعد الدخول لحاجة الناكح إلى درء الحد وصيانة مائه عن الضياع بثبوت النسب، ووجوب العدة، وصيانة البضع المحترم عن الاستعمال من غير غرامة ولا عقوبة فوجب المهر، فجعل منعقدة في حق المنافع المستوفاة لهذه الضرورة، ولا ضرورة قبل استيفاء المنافع وهو ما قبل الدخول فلا يجعل منعقدا قبله ... ثم اختلف في تقدير هذا المهر وهو المسمى بالعقر . قال أصحابنا الثلاثة بجب الأقل من مهر مثلها ومن المسمى، وقال زفر : يجب مهر المثل بالغة ما بلغ، وكذا هذا الخلاف في الإجارة الفاسدة. وجه قول زفر : أن المنافع تتقوم بالعقد

الصحيح والفاسد جميعا كالأعيان، فيلزم إظهار التقوم وذلك بإيجاب مهر المثل بالغة ما بلغ لأنه قيمة منافع البضع، وإنما العدول إلى المسمى عند صحة التسمية ولم تصح، لهذا المعنى أوجبنا كمال القيمة في العقد الفاسد، كذا ههنا. ولنا أن العاقدين ما قوما المنافع بأكثر من المسمى، فلا تقوم بأكثر من المسمى، فحصلت الزيادة مستوفاة من غير عقد فلم تكن لها قيمة. إلا أن مهر المثل إذا كان أقل من المسمى لا يبلغ به المسمى، لأنها رضيت بذلك القدر لرضاها بمهر مثلها. واختلف أيضا في وقت وجوب العدة أنها من أي وقت تعتبر . قال أصحابنا الثلاثة : إنها تجب من حين يفرق بينهما، وقال زفر من آخر وطء وطئها حتى لو كانت قد حاضت ثلاث حيض بعد آخر وطء وطئها قبل التفريق فقد انقضت عدتها عنده وجه قوله: إن العدة تجب بالوطء، لأنها تجب الاستبراء الرحم وذلك حكم الوطء، ألا ترى أنها لا تجب قبل الوطء، وإذا كان وجوبها بالوطء تجب عقيب الوطء بلا فصل كأحكام سائر العلل. ولنا أن النكاح الفاسد بعد الوطء منعقد في حق الفراش لما بينا، والفراش لا يزول قبل التفريق، بدليل أنه لو وطئها قبل التفريق لاحد عليه ولا يجب عليه بتكرار الوطء إلا مهر واحد، ولو وطئها بعد التفريق يلزمه الحد، ولو دخلته شبهة حتى امتنع وجوب الحد يلزمه مهر آخر، فكان التفريق في النكاح الفاسد بمنزلة الطلاق في النكاح الصحيح، فيعتبر ابتداء العدة منه كما تعتبر من وقت الطلاق في النكاح الصحيح، والخلوة في النكاح الفاسد لا توجب العدة، لأنه ليس بنكاح حقيقة إلا أنه ألحق بالنكاح في المنافع المستوفاة حقيقة مع قيام المنافع لحاجة الناكح إلى ذلك، فيبقى في حق غير المستوفي على أصل العدم، ولم يوجد استيفاء المنافع حقيقة بالخلوة "البدائع" (5/335)

وقد يقال : إن الآثار التي تترتب على الزواج الباطل - أو الفاسد - إنما تترتب لا على واقعة الزواج المادية، بل على واقعة مادية أخرى هي واقعة الدخول بالزوجة. ويقول الأستاذ محمد أبو زهرة في هذا الصدد : وقد قرروا أن ذلك ليس موجب النكاح، ولكنه مقتضى الدخول مع شبهة العقد. وهو يثبت للوطء بشبهة ولو لم يكن عقد، لأن الشبهة هنا الجهل الذي لم تتوافر معه أسباب العلم،" الملكية ونظرية العقد في الشريعة الإسلامية " (364)

وهذا القول صحيح فيما لو أخذنا برأي زفر السابق الذكر فيما يتعلق بابتداء المدة، فإن زفر لا يجعل لواقعة الزواج الباطل أي أثر في هذه المسألة بل يجعل الأثر الواقعة الدخول، فيعتبر بداية العدة من وقت آخر اتصال بالمرأة لا من وقت التفريق. أما لو أخذنا برأي الأئمة الثلاثة . أبي حنيفة وصاحبيه . وجب أن تعتد، إلى جانب واقعة الدخول، بواقعة الزواج الباطل ذاته، فالمهر المسمى يدخل في الحساب إذا كان أقل من مهر المثل، والعدة لا تبدأ إلا من وقت التفريق أي من وقت زوال واقعة الزواج المادية . بل إنه يمكن القول، أخذا برأي الأئمة الثلاثة، إن الزواج الباطل أو الفاسد يبقى منعقدة في حق المنافع المستوفاة حقيقة، ويبقى في حق غير المستوفي على أصل العدم، وهو ما يصرح به صاحب «البدائع، فيما قدمناه .

 انتقاص العقد في حالة البطلان:

ويمكن القول بأن الفقه الإسلامي يعرف فكرة انتقاص العقد في حالة البطلان. ونستعرض في هذا الصدد بعض النصوص الفقهية في كل من المذاهب الأربعة .

ففي مذهب مالك جاء في القوانين الفقهية، لابن جزي : «إذا اشتملت الصفقة على حلال وحرام، كالعقد على سلعة وخمر او خنزير أو غير ذلك، فالصفقة كلها باطلة ، وقيل : يصح البيع فيما عدا الحرام بقسطه من الثمن. ولو باع الرجل ملكه وملك غيره في صفقة واحدة، صح البيع نبهما، ولزمه في ملكه، ووقف اللزوم في ملك غيره على إجازته، "القوانين الفقهية"(260)  ونرى من ذلك أن البيع، في مذهب مالك، إذا كان في شق منه صحيحا وفي شق باطلا، ففي راي تكون الصفقة كلها باطلة، وفي رأي آخر ينتقص البيع، فيزول الشق الباطل ويبقى الشق الصحيح بقسطه من الثمن. أما إذا كان البيع في شق منه نافذ وفي شق موقوفة، صح البيع في الشفين ، فإذا أجيز الشق الموقوف، نفذ البيع في الشقين جميعا، وإذا لم يجز الشق الموقوف. انتقص العقد فنفذ في شق وسفط في الشق الآخر.

وفي المذهب الحنفي تفصيل ننقله عن الزيلعي فيما يأتي: اومن جمع بين حر وعبد، أو بين شاة ذكية وميتة، بطل البيع فيهما، وإن جمع بين عبد ومدير أو بين عبده وعبد غيره أو بين ملك ووقف. صح في الفين وعبده، والملك. أما الأول فالمذكور على إطلاقه قول أبي حنيفة ، وعندهما إن بين ثمن كل واحد منهما جاز في العبد والذكية وإلا فلا، لأنه إذا بين ثمنهما صارا صفقتين، فيتقدر الفساد بقدر المفسد، بخلاف ما إذا لم يسم لكل واحد ثمنا لأنه يبقى بيعة بالحصة ابتداء وهو لا يجوز . وله أن الصفقة متحدة فلا يمكن وصفها بالصحة والفساد فتبطل، وهذا لأن الحر والميتة لا يدخلان في العقد لعدم شرطه وهو المالية، فيكون قبول العقد في الحر والميتة شرطة لجواز العقد والذكية فيبطل. وأما الثاني فهو قول علمائنا الثلاثة. وقال زفر لا يصح لأن محل العقد المجموع، ولا بنصور ذلك لانتفاء المحلية في المدبر و نحوه كام الولد والمكاتب، وقد جعل قبول العقد فيه شرط لصحة العقد في المال، فيفسد كالفصل الأول . والفرق بين الفصلين . لأبي حنيفة مطلقة ولهما إذا لم يفصل الثمن . أن المدير ونحوه يدخل تحت البيع، ثم ينقص في حقه، فينقسم الثمن عليهما حالة البقاء وهو غير مفسد. وفي الفصل الأول الحر ونحوه لا يدخل في البيع أصلا، فلو جاز البيع فيما ضم إليه لكان بيعة بالحصة ابتداء فلا يجوز لجهالة الثمن عند العقد... والدليل على أن المدبر وأم الولد والمكاتب وعبد الغير يدخل في البيع أن القاضي لو نضي بجواز بيع المدبر وأم الولد ينفذ، وفي المكاتب ينفذ برضاه في الأصح. وفي عبد الغير بإجازة مولاه، ولولا أنهم مال ولم يدخلوا في العقد لما نفذ كما في الحر والميتة، وإنما يخرجون من العقد بعد الدخول لاستحقاقتهم أنفسهم في المدبر وأم الولد والمكاتب وفي عبد الغير لأجل مولاه، فلا يكون بيعة بالحصة ابتداء بل في حالة البقاء فلا يفسد. وفيما إذا جمع بين مال ووقف روايتان : وفي رواية يفسد في الملك لأن البيع لا ينعقد على الوقف لأنه صار محررا عن الملك والتملك، فصار كما لو جمع بين حر وعبد، ذكره الفقيه أبو اللبث في «نوازلها. والأصح أنه يجوز في الملك، لأن الوقف مال ولهذا ينتفع به انتفاع الأموال، غير أنه لا يباع لأجل تعلق حق به، وذلك لا يوجب فساد العقد فيما ضم إليه كالمدبر ونحوه. بخلاف المسجد حيث يبطل العقد فيما ضم إليه لأنه ليس بمال ولهذا لا ينتفع به انتفاع الأموال، " نصار الحر" «الزيلعي، (4/60-61)  وانظر أيضا المبسوط، (13/3-5) البحر الرائق (6/90-91)  والفتاوي الهندية (13/131-133)

ويبدو من هذه النصوص أن انتقام العقد لا يتم على النحو الذي يتم به في الفقه الغربية ففي الفقه الغربي، كما رأينا، ينتقص العقد إلا إذا تبين أنه ما كان ليتم بغير الشق الذي وقع باطلا او قابلا للإبطال، فالعبرة إذن بقصد العاقدين. أما في الفقه الحنفي فيتم الانتقاص على أساس موضوعي لا على أساس ذاتي . ذلك أنه لا يجوز البيع بالحصة من الثمن ابتداء ، ويجوز ذلك بقاء . فإذا كان البيع في شق نافذة وفي شق موقرفة، دخل المبيع كله في العقد إذ ينعقد البيع في الشقين ، فإذا سقط الشق الموقوف لعدم إجازته، بقي الشق النافذ بحصته من الثمن، وهذا جائز لجواز البيع بالحصة من الثمن بقاء كما قدمنا. ويتفق في هذا الرأي الأئمة الثلاثة، ويخالفهم زفر فهو يذهب إلى عدم جواز انتقاص العقد في أية حالة لأن العقد قد وقع على المجموع والمجموع لا يتجزأ . أما إذا كان البيع في شق صحيحا وفي شق باطلا، لم يدخل في العقد إلا الشق الصحيح لعدم الانعقاد في الشق الباطل، فيكون بقاء الشق الصحيح وحده بيعة بالحصة من الثمن ابتداء وهذا لا يجوز، فيسقط الشقان معة . الباطل والصحيح . ولا ينتقص العقد فيبقى الصحيح ويسقط الباطل . ويستثنى من ذلك، عند الصاحبين، أن يعين ابتداء لكل شق حصته من الثمن، فعند ذلك تعتبر الصفقة صفقتين مستقلتين تجوز فيهما التجزئة، فتصح واحدة وتبطل الأخرى. وفي هذه الحالة الأخيرة ينتقص العقد عند الصاحبين فيبقى الشق الصحيح قائمة لأنه ليس بيعة بالحصة من الثمن ابتداء، بل هو ليس بيعة بالحصة من الثمن أصلا إذ قد عين الثمن في هذا الشق الصحيح مستقلا منذ البداية .

وفي مذهب الشافعي خلاف في جواز انتقاص العقد ننقله عن " المهذب" للشيرازي فيما يأتي: «إذا جمع في البيع بين ما يجوز بيعه وبين ما لا يجوز بيعه، كالحر والعبد وعبده وعبد غيره، ففيه قولان، أحدهما: تفرق الصفقة فيبطل البيع فيما لا يجوز ويصح فيما يجوز، لأنه ليس إبطاله فيهما لبطلانه في أحدهما بأولى من تصحيحه فيهما لصحته في أحدهما، فبطل محل أحدهما دون الآخر وبقيا على حكمهما، فصح فيما يجوز وبطل فيما لا يجوز، والقول الثاني: أن الصفقة لا تفرق فيبطل العقد فيهما. واختلف أصحابنا في علته، فمنهم من قال : يبطل لأن العقد جمع حلالا وحرامة فغلب التحريم، كما لو جمع بين أختين في النكاح أو باع درهما بدرهمين. ومنهم من قال : يبطل لجهالة الثمن، وذلك أنه إذا باع حرا وعبدة بألف، سقط ما يخص الحر من الثمن، فيصير العبد مبيعا بما بقي، وذلك مجهول في حال العقد فيبطل، كما لو قال : بعتك هذا العبد بحصنه من ألف درهم. فإن قلنا بالتعليل الأول، بطل البيع فيما ينقسم فيه على القيمة كالعبدين وفيما ينقسم الثمن فيه على الأجزاء كالعبد الواحد نصفه له ونصفه لغيره أو كرين من طعام أحدهما له والآخر لغيره، وكذلك لو جمع بين ما يجوز وما لا يجوز في الرهن أو الهبة أو النكاح بطل في الجميع، لأنه جمع بين الحلال والحرام. وإن قلنا إن العلة جهالة العرض، لم يبطل البيع فيما ينقسم الثمن فيه على الأجزاء لأن العوض غير مجهول، ولا يبطل الرهن والهبة لأنه لا عوض فيه، ولا يبطل النكاح لأن الجهل بالعرض لا يبطله. فإن قلنا: إن العقد يبطل فيهما، رد المبيع واسترجع الثمن. وإن قلنا: إنه يصح في أحدهما، فله الخيار بين فسخ البيع وبين إمضائه لأنه

يلحقه ضرر بتفريق الصفقة نثبت له الخيار، فإن اختار الإمساك فيكم بمسك؟ فيه قولان: أحدهما بمسك بجميع الثمن أو برد لأن ما لا يقابل العقد لا ثمن له فيصير الثمن كله في مقابلة الآخر، والثاني: أنه يمسكه بقسطه لأنه لم يبذل جميع العوض إلا في مقابلتهما فلا يؤخذ منه جميعه في مقابلة أحدهما.. فإن قلنا: يمسك بجميع الثمن لم يكن للبائع الخيار لأنه لا ضرر عليه، وإن قلنا: يمسك بحصنه، فهل للبائع الخبار؟ فيه وجهان : أحدهما أن له الخيار لأنه تبعضت عليه الصفقة فيثبت له الخيار كما يثبت للمشتري، والثاني لا خيار له لأنه دخل على بصيرة لأن الحر لا يؤخذ منه بثمن " المهذب" (1/269)  -  وانظر أيضا «الوجيزة للغزالي (1/140 )  ونلاحظ أنه لا يرد في مذهب الشافعي أن يكون العقد في شق نافذة وفي شق موقوفا، فالعقد الموقوف في هذا المذهب كالعقد الباطل. والصورة التي ترد هي أن يكون العقد في شق صحيحة وفي شق باطلا. وفي المذهب آراء ثلاثة : (۱) رأي يذهب إلى جواز انتقاص العقد دائما، فيبقى الشق الصحيح قائما ويسقط الشق الباطل، وللمشتري الخيار بين فسخ البيع في الشق الصحيح وبين إمضائه لتفرق الصفقة عليه، فإذا أمضاه ، دفع كل الثمن في قول، ودفع قسط الشق الصحيح من الثمن في قول آخر. وعلى هذا القول الآخر يكون للبائع الخيار لتفرق الصفقة عليه في قول، وليس اله الخيار في قول آخر. (۲) وراي ثان يذهب إلى عدم جواز انتقاص العقد إطلاقا، لأن العقد جمع حلال وحرامة فغلب التحريم، فيبطل العقد في الشقين جميعا ويرد المشتري المبيع كله ويسترد الثمن. (3) ورأي ثالث بذهب إلى عدم جواز انتقاص العقد عند جهالة الثمن، وجواز الانتقاص فيما ينقسم الثمن فيه على الأجزاء لأن العوض غير مجهول وفيما لا عوض فيه كالرهن وفيما لا يبطله الجهل بالعوض كالنكاح. فإذا لم يجز انتقاص العقد لجهالة الثمن، سقط العقد في شفيه جميعا، ورد المشتري المبيع كله واسترد الثمن. وإذا جاز انتقاصه في الأحوال المشار إليها، بني الشق الصحيح قائمة وسقط الشق الباطل، وللمشتري الخيار بين فسخ البيع في الشرق الصحيح وبين إمضائه لتفرق الصفقة عليه، ..... وفي المذهب الحنبلي خلاف أيضأ ننقله عن " المغني "، فيما يأتي : ... (الثاني : أن يكون المبيعان مما ينقسم الثمن عليهما بالأجزاء، كعبد مشترك بينه وبين غيره باعه كله بغير إذن شريكه وكقفيزين من صبرة واحدة باعهما من لا يملك إلا بعضهما، ففيه وجهان : أحدهما يصح في ملكه بقسطه من الثمن ويفسد فيما لا يملكه، والثاني لا يصح فيهما لأن الصفقة جمعت حلالا وحرام أغلب التحريم، ولأن الصفقة إذا لم يمكن تصحيحها في جميع المعقود عليه بطلت في الكل كالجمع بين الأختين وبيع درهم بدرهمين . ولنا أن كل واحد منهما له حكم لو كان منفردة، فإذا جمع بينهما ثبت لكل واحد منهما حكمه كما لو باع شقصا وسيفا، ولأن ما يجوز له بيعه قد صدر فيه البيع من أهله في محله بشرطه فصح كما لو انفرد، ولأن البيع سبب اقتضى الحكم في محلين وامتنع حكمه في أحد المحلين لنبونه عن قبوله فيصح في الآخر كما لو أوصى بشيء لآدمي وبهيمة. وأما الدرهمان والأختان فليس واحد منهما أولى بالفساد من الآخر فلذلك فسد فيهما، وهنا بخلافه، (القسم الثالث: أن يكون المبيعان معلومين مما لا ينقسم عليهما الثمن بالأجزاء ، عبد وحر وخل وخمر وعبده وعبد غيره و عبد حاضر وآبق، فهذا يبطل البيع فيما لا يصح بيعه، وفي الآخر روايتان ... والقول بالفساد في هذا القسم أظهر . والحكم في الرهن والهبة وسائر العقود إذا جمعت ما يجوز وما لا يجوز كالحكم في البيع، إلا أن الظاهر فيها الصحة، لأنها ليست عقود معارضة فلا توجد جهالة العرض فيها... ومتي حكمنا بالصحة في تفريق الصفقة وكان المشتري عالما بالحال، فلا خيار له لأنه دخل على بصيرة، وإن لم يعلم، مثل أن اشتري عبدة يظنه كله للبائع فبان أنه لا يملك إلا نصفه أو عبدين فتبين أنه لا يملك إلا أحدهما، فله الخيار بين الفسخ والإمساك لأن الصفقة تبعضت عليه، وأما البائع فلا خيار له، لأنه رضي بزوال ملكه عما يجوز بيعه بقسطه " المغني " (4/291-293 ) وانظر أيضا المرداوي، (4/316-323)

فالظاهر في مذهب أحمد أنه جوز انتقاص العقد إذا كان العرض ينقسم على المحل بالأجزاء أو كان العقد ليس معاوضة كالرهن والهبة، ففي الحالتين لا توجد جهالة العرض. ويبقى الشق الصحيح في العقد قائمة، ويسقط الشق الباطل. ولا خيار للمشتري إن كان عالما بأن أحد شقي العقد باطل لأنه دخل على بصيرة، وإلا فله الخيار . أما البائع فلا خيار له إطلاقا، لأنه رضي بزوال ملكه عما يجوز بيعه بقسطه ويتبين مما قدمناه من أحكام انتقام العقد في المذاهب المختلفة أن نظرية انتقاص العقد معروفة في الفقه الإسلامي، ولكن المعيار فيها موضوعي، بخلاف الفقه الغربي فالمعيار فيه ذاتي .




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .