المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

زهد الإمام علي (عليه السلام)
30-01-2015
مفردات القران وبيان الفاظه في العربية
14-06-2015
رفض المحكمة طلب اختصام الغير
8-5-2022
مجموعة الأسئلة التنظيمية
5-5-2022
أهداف الوالدين في تربية أطفالهم
10-1-2016
الامراض الغذائية التي تصيب الاسماك
22-5-2017


تفسير الاية (35-37) من سورة النحل  
  
3451   06:50 مساءً   التاريخ: 7-8-2020
المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف النون / سورة النحل /

 

قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَو شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (35) وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36) إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ } [النحل: 35 - 37]

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

 عاد سبحانه إلي حكاية قول المشركين فقال: { وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا} مع الله إلها آخر { لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ} أي: لوأراد الله ما عبدنا من دونه شيئا من الأصنام والأوثان { نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا} الذين اقتدينا بهم { وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ} من البحيرة والسائبة وغيرهما بل شاء ذلك منا وأراد بذلك فعلنا فأنكر الله سبحانه هذا القول عليهم وقال { كذلك } أي: مثل ذلك { فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} من الكفار والضلال كذبوا رسل الله وجحدوا آياته قالوا مثل قولهم وفعلوا مثل فعلهم { فهل على الرسل إلا البلاغ المبين } أي: ليس عليهم إلا إبلاغ الرسالة وقد سبق بيان مثل هذه الآية في سورة الأنعام.

 { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ} أي: في كل جماعة وقرن { رسولا } كما بعثناك يا محمد رسولا إلي أمتك { أن اعبدوا الله } أي: ليقول لهم اعبدوا الله { وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} أي: عبادة الطاغوت وأن هذه هي المفسرة ويعني بالطاغوت الشيطان وكل داع يدعوإلي الضلالة { فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ} معناه: فمنهم من هداه الله بأن لطف له بما علم أنه يؤمن عنده فآمن فسمى ذلك اللطف هداية ويجوز أن يريد فمنهم من هداه الله إلى الجنة بإيمانه ولا يجوز أن يريد بالهداية هنا نصب الأدلة كما في قوله { وأما ثمود فهديناهم } لأنه سبحانه سوى في ذلك بين المؤمن والكافر.

 { وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ} معناه: ومنهم من أعرض عما دعاه إليه الرسول فخذله الله فثبتت عليه الضلالة ولزمته فلا يؤمن قط وقيل معناه وجبت عليه الضلالة وهي العذاب والهلاك وقيل معناه ومنهم من حقت عليه عقوبة الضلالة عن الحسن وقد سمى الله سبحانه العقاب ضلالا بقوله { إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ}.

 { فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ} أي: أرض المكذبين الذين عاقبهم الله أن لم تصدقوني { فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} أي: فانظروا كيف حقت عليهم العقوبة وحلت بهم فلا تسلكوا طريقهم فينزل بكم مثل ما نزل بهم { إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ} أي: على أن يؤمنوا بك { فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ} هذا تسلية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) في دعائه لمن لا يفلح بالإجابة لانهماكه في الكفر وإشارة إلى أن ذلك ليس لتقصير وقع من جهته (صلى الله عليه وآله وسلّم) وإعلام له أنهم لا يؤمنون أبدا وإذا كانوا هكذا فإن الله لا يهديهم بل يضلهم على المعنى الذي فسرناه قبل { وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} أي: ليس لهم من ناصر ينصرهم ويخلصهم من العقاب وفي هذا بيان أن الإضلال في الآية ليس المراد به ما ذكره أهل الجبر .

______________

1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي،ج6،ص155-156.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ وقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوشاءَ اللَّهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ ولا آباؤُنا ولا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ } . سبق نظيره مع التفسير في الآية 148 من سورة الأنعام ج 3 ص 277 .

ذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) . هذا هومبدأ الطغاة في كل زمان ومكان ينكرون الحق ويحاربون المحقين ، ثم يحيلون ذلك إلى مشيئة اللَّه { فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ } هذه هي مهمة الرسل تبليغ الأوامر والنواهي عن اللَّه تعالى ، أما العمل بها فليس من وظيفتهم في كثير أوقليل . وسبق هذا المعنى في كثير من الآيات .

{ ولَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهً واجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } . تدل هذه الآية على أن اللَّه سبحانه قد أرسل لكل أمة في كل قرن وقطر رسولا يأمرها بعبادة اللَّه وحده ، وينهاها عن عبادة غيره صنما كان أوكوكبا أوإنسانا ، أوأي شيء ، وليس من الضروري ان يكون هذا الرسول بشرا ، فان العقل رسول من الداخل ، كما أن النبي رسول من الخارج . انظر « اللَّه والفطرة » ج 3 ص 188 .

{ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ ومِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ } . المراد بالضلالة هنا كلمة العذاب ، مثلها في قوله تعالى : « وفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ - 29 الأعراف » . . أرسل اللَّه سبحانه رسلا مبشرين ومنذرين ، فآمن قوم وكانوا من المهتدين المقربين عند اللَّه ، وكفر آخرون وكانوا من المبعدين المعذبين { فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ } . الخطاب موجه إلى مشركي قريش الذين كذبوا محمدا ( صلى الله عليه واله وسلم ) ، وقد أمرهم اللَّه بأن ينظروا آثار غضبه وعذابه فيمن كذبوا رسلهم من الأمم الماضية ليعتبروا ويتعظوا ، وتكرر هذا المعنى في الكثير من الآيات ، منها الآية 137 من آل عمران ج 2 ص 159 .

{ إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللَّهً لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ } .

ليس من شك ان رسول اللَّه ( صلى الله عليه واله وسلم ) يحرص على هداية كل الناس بخاصة قومه قريشا ، ولكن مجرد حرص النبي ليس سببا لوجود الهداية ، وانما السبب هورغبة الإنسان في الهدى وقدرته عليه ، كما أن السبب لوجود الضلال رغبته فيه وقدرته عليه ، وأقر اللَّه سبحانه وتعالى كلا من هذين السببين بمعنى انه جلت  حكمته قد جعل رغبة الإنسان في الهدى وقدرته عليه نتيجة طبيعية لهدايته ، وأيضا جعل رغبته في الضلال وقدرته عليه نتيجة طبيعية لضلاله ، تماما كشرب السم المؤدي إلى التهلكة ، وتجنب المخاطر المؤدي إلى النجاة ، وهذا المعنى هوالمراد من نسبة الهدى والضلال إليه تعالى في هذه الآية ، وأمثالها . . ومن قال : ان اللَّه يخلق الهدى والضلال في الإنسان خلقا فهوبحكم المشركين الذين حكى اللَّه قولهم في الآية السابقة : « ل شاء اللَّه ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا » .

تعالى اللَّه عما يقول الظالمون علوا كبيرا .

_________

1- التفسير الكاشف، محمد جواد مغنية،ج4، صفحه 511-513.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى:{ وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ} إلخ، الذي تورده الآية شبهة على النبوة من الوثنيين المنكرين لها، ولذلك عرفهم بنعتهم الصريح حيث قال:{وقال الذين أشركوا} ولم يكتف بالضمير ولم يقل: وقالوا كما في الآيات السابقة ليعلم أن الشبهة لهم بعينهم.

وقوله:{لوشاء الله ما عبدنا} جملة شرطية حذف فيها مفعول{شاء} لدلالة الجزاء عليه، والتقدير لوشاء الله أن لا نعبد من دونه شيئا ما عبدنا إلخ.

وقول بعضهم: إن الإرادة والمشية لا تتعلق بالعدم وإنما تتعلق بالوجود، فلا معنى لمشية عدم العبادة فالأولى أن يقدر متعلق المشية أمرا وجوديا ملازما لعدم العبادة كالتوحيد مثلا ويكون التقديم لو شاء الله أن نوحده أوأن نعبده وحده ما عبدنا من دونه من شيء، واستدل بقوله (صلى الله عليه وآله وسلم):{ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن} حيث علق عدم الكون على عدم المشية لا على مشية العدم.

وفيه أن ما ذكره حق بالنظر إلى حقيقة الأمر، إلا أن العنايات اللفظية والتوسعات الكلامية لا تدور دائما مدار الحقائق الكونية والأنظار الفلسفية وأن الأفهام البسيطة - ولم تكن أفهام أولئك الوثنيين بأرقى منها - كما تجيز ترتب الفعل الوجودي على المشية تجيز تعلق عدمه بها، وفي كلامه (صلى الله عليه وآله وسلم) جريا على هذه العناية الظاهرية:{اللهم إن شئت أن لا تعبد لم تعبد}.

على أنهم يشيرون بقولهم:{لو شاء الله ما عبدنا} إلخ، إلى قول الرسل لهم: لا تشركوا بالله ولا تعبدوا غير الله ولا تحرموا ما أحل الله وهي نواه ومدلول النهي طلب الترك.

على أن الوثنيين لا ينكرون توحيده تعالى في الألوهية بمعنى الصنع والإيجاد، وإنما يشركون في العبادة بمعنى أنهم يخصونه تعالى بالصنع والإيجاد ويخصون آلهتهم بالعبادة فلهم آلهة كثيرون أحدهم إله موجد غير معبود وهو الله سبحانه، والباقون شفعاء معبودون غير موجدين فهم لا يعبدون الله أصلا لا أنهم يعبدونه تعالى وآلهتهم جميعا، وحينئذ لوكان التقدير{لو شاء الله أن نوحده في العبادة أو أن نعبده وحده} لكان الأهم أن يقع في الجزاء توحيدهم له في العبادة أوعبادتهم له وحده لا نفي عبادتهم لغيره أوكان نفي عبادة الغير كناية عن توحيد عبادته أوعبادته وحده، فافهم ذلك.

وإن كان ولا بد من تقدير متعلق المشية أمرا وجوديا فليكن التقدير: لوشاء الله أن نكف عن عبادة غيره ما عبدنا{إلخ} حتى يتحد الشرط والجزاء بحسب الحقيقة في عين أنهما يختلفان في النفي والإثبات.

وقوله:{ما عبدنا من دونه من شيء} لفظة من الأولى بيانية والثانية زائدة لتأكيد الاستغراق في النفي، والمعنى ما عبدنا شيئا دونه، ونظير ذلك قوله:{ولا حرمنا من دونه من شيء}.

وقوله:{نحن ولا آباؤنا} بيان لضمير التكلم في{عبدنا} للدلالة على أنهم يتكلمون عنهم وعن آبائهم جميعا لأنهم كانوا يقتدون في عبادة الأصنام بآبائهم، وقد تكرر في القرآن حكاية مثل قولهم:{ إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ }: الزخرف: 23.

وقوله:{ولا حرمنا من دونه من شيء} عطف على قوله:{عبدنا} إلخ أي ولوشاء الله أن لا نحرم من دونه من شيء أونحل ما حرمناه ما حرمنا إلخ، والمراد البحيرة والسائبة وغيرهما مما حرموه.

ثم إن قولهم:{ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ } إلخ، ظاهر من جهة تعليق نفي العبادة على نفس مشيته تعالى في أنهم أرادوا بالمشية إرادته التكوينية التي لا تتخلف عن المراد البتة ولوأرادوا غيرها لقالوا: لو شاء الله كذا لأطعناه واستجبنا دعوته أوما يفيد هذا المعنى.

فكأنهم يقولون: لو كانت الرسالة حقة وكان ما جاء به الرسل من النهي عن عبادة الأصنام والأوثان والنهي عن تحريم البحيرة والسائبة والوصيلة وغيرها نواهي لله سبحانه كان الله سبحانه شاء أن لا نعبد شيئا غيره وأن لا نحرم من دونه شيئا، ولوشاء الله سبحانه أن لا نعبد غيره ولا نحرم شيئا لم نعبد ولم نحرم لاستحالة تخلف مراده عن إرادته لكنا نعبد غيره ونحرم أشياء فليس يشاء شيئا من ذلك فلا نهي ولا أمر منه تعالى ولا شريعة ولا رسالة من قبله.

هذا تقرير حجتهم على ما يعطيه السياق، ومغزى مرادهم أن عبادتهم لغير الله وتحريمهم لما حرموه وبالجملة عامة أعمالهم لم تتعلق بها مشية من الله بنهي ولوتعلقت لم يعملوها ضرورة.

وليسوا يعنون بها أن مشية الله تعلقت بعبادتهم وتحريمهم فصارت ضرورية الوجود وهم ملجئون في فعلها مجبرون في الإتيان بها فلا معنى لنهي الرسل عنها بعد الإلجاء وذلك أن{لو} تفيد امتناع الجزاء لامتناع الشرط فيكون مفهوم الشرطية{ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ } أنه لم يشأ ذلك فعبدنا غيره، وإن شئت قلت: لكنا عبدنا غيره فانكشف أنه لم يشأ ذلك، وأما مثل قولنا: لكنه شاء أن نعبد غيره فعبدنا غيره أوقولنا: لكنه شاء أن لا نوحده فعبدنا غيره فهوأجنبي عن مفهوم الشرطية ومنطوقها جميعا.

على أنهم لو عنوا ذلك وكان غرضهم رد النبوة بإثبات الإلجاء في أفعالهم بما أقاموه من الحجة كانوا بذلك معترفين على الضلال مسلمين له غير أنهم معتذرون عن اتباع الهدى الذي أتاهم به الرسل بالإلجاء والإجبار وأن الله شاء منهم ما هم عليه من الضلال والشقاء بعبادة غير الله وتحريم ما أحل الله وأجبرهم على ذلك فليسوا يقدرون على تركه ولا يستطيعون التخلف عنه.

لكنهم مدعون للاهتداء مصرون على هذه المزعمة مصرحون بها كما حكى الله سبحانه ذلك عنهم بعد ذكر عبادتهم للملائكة إذ قال:{ وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ - إلى أن قال - بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ }: الزخرف: 22، وقد تكرر في كلامه حكاية تعليلهم عبادة الأصنام بأنها سنة قومية قدسها سلفهم قبل خلفهم فمن الواجب أن يقدسها ويجري عليها خلفهم بعد سلفهم وأين هذا من الاعتراف بالضلال والشقاء؟.

وكذا ليسوا يعنون بهذه الحجة أن أعمالهم مخلوقة لأنفسهم غير مرتبطة بالمشية الإلهية ولا أنه خالقها إذ الأعمال والأفعال على هذا التقدير بمعزل من أن تتعلق بها الإرادة الإلهية، وإنما يتسبب تعالى لعدم فعل من الأفعال بإيجاد المانع عنه فكان الأنسب حينئذ أن يقولوا: لوشاء الله لصرفنا عن عبادة غيره وتحريم ما حرمناه وهومدفوع بظاهر الكلام أويقولوا: لوشاء الله شيئا من أعمالنا لبطل وخرج عن كونه عملا لنا ونحن مستقلون به.

على أنه لوكان معنى قولهم:{لو شاء الله ما عبدنا هو أنه لو شاء لصرفنا كان حقا فلم يكن معنى لقوله تعالى في آية الزخرف السابقة:{ وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ }: الزخرف: 20.

فالحق أنهم أرادوا بقولهم:{ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ } أن يستدلوا بعبادتهم لها على أن المشية الإلهية لم تتعلق بتركها من غير تعرض لتعلق المشية بفعل العبادة أو لكون المشية مستحيلة التعلق بعبادتهم إلا بالصرف.

قوله تعالى:{ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ }، خطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأمره أن يبلغ رسالته بلاغا مبينا ولا يعتني بما لفقوه من الحجة فإنها داحضة والحجة تامة عليهم بالبلاغ وفيه إشارة إجمالية إلى دحض حجتهم.

فقوله:{كذلك فعل الذين من قبلهم} أي على هذا الطريق الذي سلكه هؤلاء سلك الذين من قبلهم فعبدوا غير الله وحرموا ما لم يحرمه الله ثم إذا جاءتهم رسلهم ينهونهم عن ذلك قالوا: لوشاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء فالجملة كقوله تعالى:{ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ }: الأنفال: 52.

وقوله:{ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} أي بلغهم الرسالة بلاغا مبينا تتم به الحجة عليهم فإنما وظيفة الرسل البلاغ المبين وليس من وظيفتهم أن يلجئوا الناس إلى ما يدعونهم إليه وينهونهم عنه ولا أن يحملوا معهم إرادة الله الموجبة التي لا تتخلف عن المراد ولا أمره الذي إذا أراد شيئا قال له كن فيكون حتى يحولوا بذلك الكفر إلى الإيمان ويضطروا العاصي على الإطاعة.

فإنما الرسول بشر مثلهم والرسالة التي بعث بها إنذار وتبشير وهي مجموعة قوانين اجتماعية أوحاها إليه الله فيها صلاح الناس في دنياهم وآخرتهم صورتها صورة الأوامر والنواهي المولوية وحقيقتها الإنذار والتبشير، قال تعالى:{ قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ }: الأنعام: 50، فهذا ما أمر به نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يبلغهم وقد أمر به نوحا ومن بعده من الرسل (عليهم السلام) أن يبلغوه أممهم كما في سورة هود وغيرها.

وقال أيضا مخاطبا نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم):{ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا }: الكهف: 110.

فهذا هو الذي يشير إليه على سبيل الإجمال بقوله:{ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ } فإن ظاهره كما أشرنا إليه سابقا أن هذه حجة دائرة بينهم قديما وحديثا، وعلى هذا ليس من شأن الرسول إجبار الناس وإلجائهم على الإيمان والطاعة بل البلاغ المبين بالإنذار والتبشير وحجتهم لا تدفع ذلك فبلغ ما أرسلت به بلاغا مبينا ولا تطمع في هداية من ضل منهم، وستفصل الآيتان التاليتان ما أجملته هذه الآية وتوضحانها.

قوله تعالى:{ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ } إلخ، الطاغوت في الأصل مصدر كالطغيان وهو تجاوز الحد بغير حق، واسم المصدر منه الطغوى، قال الراغب: الطاغوت عبارة عن كل متعد وكل معبود من دون الله، ويستعمل في الواحد والجمع، قال تعالى:{فمن يكفر بالطاغوت}{واجتنبوا الطاغوت}{أولياؤهم الطاغوت}. انتهى.

وقوله:{ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا } إشارة إلى أن بعث الرسول أمر لا يختص به أمة دون أمة بل هو سنة إلهية جارية في جميع الناس بما أنهم في حاجة إليه وهو يدركهم أينما كانوا كما أشار إلى عمومه في الآية السابقة إجمالا بقوله:{كذلك فعل الذين من قبلهم}.

وقوله:{ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } بيان لبعث الرسول على ما يعطيه السياق أي ما كانت حقيقة بعث الرسول إلا أن يدعوهم إلى عبادة الله واجتناب الطاغوت لأن الأمر وكذا النهي من البشر وخاصة إذا كان رسولا ليس إلا دعوة عادية لا إلجاء واضطرارا تكوينيا، ولا أن للرسول أن يدعي ذلك حتى يرد عليه أنه لوشاء الله ما عبدنا من دونه من شيء وإذ لم يشأ فلا معنى للرسالة.

ومن هنا يظهر أن قول بعضهم إن التقدير ليقول لهم: اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت.

ليس في محله.

وقوله:{ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ } أي كانت كل من هذه الأمم مثل هذه الأمة منقسمة إلى طائفتين فبعضهم هو من هداه الله إلى ما دعاهم إليه الرسول من عبادة الله واجتناب الطاغوت.

وذلك أن الهداية من الله سبحانه لا يشاركه فيها غيره ولا تنسب إلى أحد دونه إلا بالتبع كما قال:{ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ }: القصص: 56 وسنشير إليه في الآية التالية:{ إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ } والآيات في حصر الهداية فيه تعالى كثيرة، ولا يستلزم ذلك كونها أمرا اضطراريا لا صنع فيه للعبد أصلا فإنها اختيارية بالمقدمة كما يشير إليه قولهوَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }: العنكبوت: 69 يفيد أن للهداية الإلهية طريقا ميسرا للإنسان وهو الإحسان في العمل وإن الله لمع المحسنين لا يدعهم يضلون.

وبعض هذه الأمم - الطائفة الثانية منهم – هو من حقت عليه الضلالة أي ثبتت ولزمت، وهذه الضلالة هي التي من قبل العبد بسوء اختياره وليس بالتي تتبعها مجازاة من الله فإن الله يصفها بقوله: حقت ثم يضيفها في الآية التالية إلى نفسه إذ يقول:{فإن الله لا يهدي من يضل} فقد كانت هناك ضلالة ثم حقت وثبتت بإثبات الله مجازاة فصارت هي التي من قبل الله سبحانه مجازاة، فتبصر.

ولم ينسب الله سبحانه في كلامه إلى نفسه إضلالا إلا ما كان مسبوقا بظلم من العبد أوفسق أوكفر وتكذيب أونظائرها كقوله:{ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }: الجمعة: 5 وعدم الهداية هو الإضلال، وقوله:{ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ }: إبراهيم: 27، وقوله:{ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ }: البقرة: 26، وقولهإِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ }: النساء: 168، وقوله:{ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ }: الصف: 5، إلى غير ذلك من الآيات.

ولم يقل سبحانه: فمنهم من هدى الله ومنهم من أضله مع كون ضلالهم ضلال مجازاة لا مانع من إضافته إليه تعالى دفعا لإيهام نسبة أصل الضلال إليه بل ذكر أولا من هداه ثم قابله بمن كان من حقه أن يضل – وهو الذي اختار الضلالة على الهدى أي اختار أن لا يهتدي - فلم يهده الله وحق له ذلك.

وتوضيحه ببيان آخر: أن خلاصة الفرق بين الضلال الابتدائي ونسبته إلى العبد والضلال مجازاة ونسبته إليه تعالى ونسبة الهداية ابتداء ومجازاة إلى الله سبحانه هي أن الله أودع في الإنسان إمكان الرشد واستعداد الاهتداء فإن جرى على سلامة الفطرة ولم يبطل الاستعداد باتباع الهوى والمعصية أوأصلحه بالندامة والتوبة بعد المعصية هداه الله، وهذه هداية مجازاة من الله سبحانه بعد الهداية الأولى الفطرية.

وإن اتبع هواه وعصى ربه بطل استعداده للاهتداء فلم يفض عليه الهدى وهو ضلاله بسوء اختياره فإن لم يندم ولم يراجع أثبته الله على حاله وحقت عليه الضلالة وهو الضلال مجازاة.

وربما توهم متوهم أن الإمكان والاستعداد لا يكون إلا ذا طرفين فالذي يمكنه الهدى يمكنه الضلال والإنسان لا يزال مترددا بين آثار وجودية وأفعال مثبتة والجميع منه تعالى حتى الاستعداد والإمكان الأول.

وهو من أوهن التوهم فإن عد إمكان الضلال وما يترتب عليه الضلال أمرا وجوديا وعطاء ربانيا يفسد معنى الضلال ويبطله فإن الضلال إنما هو ضلال لكونه عدم الهداية فلوعاد أمرا ثبوتيا لم يكن ضلالا بل صار الهدى والضلال كلاهما أمرين وجوديين وعطاءين إلهيين نظير ما يترتب على الجماد مثلا من الآثار الوجودية الخارجة عن الهدى والضلال.

وبعبارة أخرى: الضلال إنما يكون ضلالا إذا كان مقيسا إلى الهدى ومن الواجب حينئذ أن يكون عدم الهدى وإذا أخذ أمرا وجوديا لم يكن ضلالا فلم ينقسم الموضوع إلى مهتد وضال ولا حاله إلى هدى وضلال فلا مفر من أخذ الضلال أمرا عدميا، ونسبة الضلال الأول إلى نفس العبد. فأحسن التأمل فيه فلا تزل قدم بعد ثبوتها.

وقوله:{ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ } ظاهر السياق أن الخطاب للذين أشركوا القائلين:{ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ } والالتفات إلى خطابهم لكونه أشد تأثيرا في تثبيت القول وإتمام الحجة.

والكلام متفرع على ما بين جوابا لحجتهم إجمالا وتفصيلا ومحصل المعنى أن الرسالة والدعوة النبوية ليست من الإرادة التكوينية الملجئة إلى ترك عبادة الأصنام وتحريم ما لم يحرمه الله حتى يستدلوا بعدم وجود الإلجاء على عدم وجود الرسالة وكذب مدعيها بل هي دعوة عادية بعث الله سبحانه بها رسلا يدعونكم إلى عبادة الله واجتناب الطاغوت وحقيقته الإنذار والتبشير، ومن الدليل على ذلك آثار الأمم الماضية الظالمة التي تحكي عن نزول العذاب عليهم فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين حتى يتبين لكم أن الدعوة النبوية التي هي إنذار حق وأن الرسالة ليست كما تزعمون.

قوله تعالى:{ إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ } لما بين أن الأمم الماضين انقسموا طائفتين وكانت إحدى الطائفتين هم الذين حقت عليهم الضلالة وكانت هؤلاء الذين أشركوا وقالوا ما قالوا كالذين من قبلهم منهم بين في هذه الآية أن ثبوت الضلالة في حقهم إنما هو ثبوت لا زوال معه وتحتم لا يقبل التغيير فإنه لا هادي بالحقيقة إلا الله فإن جاز هداهم كان الله هو هاديهم لكنه لا يهديهم فإنه يضلهم ولا يجتمع الهدى والضلال معا، وليس هناك ناصر ينصرهم على الله فيقهره على هداهم فليؤيس منهم.

ففي الآية تعزية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وإرشاد له أن لا يحرص في هداهم وإعلام له أن القضاء قد مضى في حقهم وما يبدل القول لديه وما هو بظلام للعبيد.

فقوله:{إن تحرص على هداهم} إلخ، في تقدير إن تحرص على هداهم لم ينفعهم حرصك شيئا فليسوا ممن يمكن له الاهتداء فإن الله هو الذي يهدي من اهتدى، وهولا يهديهم فإنه يضلهم ولا يناقض تعالى فعل نفسه، وليس لهم ناصرون ينصرونهم عليه.

وفي هذه الآيات الثلاث مشاجرات طويلة بين المجبرة والمفوضة وكل يفسرها بما يقتضيه مذهبه حتى قال الإمام الرازي: إن المشركين أرادوا بقولهم: لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء إلخ، أنه لما كان الكل من التوحيد والشرك والهدى والضلال من الله كانت بعثة الأنبياء عبثا فنقول: هذا اعتراض على الله وجار مجرى طلب العلة في أحكامه وأفعاله تعالى وذلك باطل فلا يقال له: لم فعلت هذا ولم لم تفعل ذلك؟.

قال: فثبت أن الله تعالى إنما ذم هؤلاء القائلين لأنهم اعتقدوا أن كون الأمر كذلك يمنع عن جواز بعثة الرسل لا لأنهم كذبوا في قولهم ذلك.  انتهى ملخصا.

وقال الزمخشري إن المشركين فعلوا ما فعلوا من القبيح ثم نسبوه إلى ربهم وقالوا لو شاء الله إلى آخره وهذا مذهب المجبرة بعينه كذلك فعل أسلافهم فهل على الرسل إلا أن يبلغوا الحق وأن الله لا يشاء الشرك والمعاصي بالبيان والبرهان، ويطلعوا على بطلان الشرك وقبحه، وبراءة الله من أفعال العباد، وأنهم فاعلوها بقصدهم وإرادتهم واختيارهم، وأن الله باعثهم على جميلها وموفقهم له وزاجرهم عن قبيحها وموعدهم عليه، انتهى موضع الحاجة وقد أطالوا البحث عن ذلك من الجانبين.

وقد عرفت أن الآيات تروم غرضا وراء ذلك، وأن مرادهم بقولهم:{ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ } إلخ، إبطال الرسالة بأن ما أتى به الرسل من النهي عن عبادة غير الله وتحريم ما لم يحرمه الله لوكان حقا لكان الله مريدا لتركهم عبادة غيره وتحريم ما لم يحرمه ولو كان مريدا ذلك لم يتحقق منهم وليس كذلك، وأما أن الإرادة الإلهية تعلقت بفعلهم فوجب أوأنها لم تتعلق ومن المحال أن تتعلق وليست أفعالهم إلا مخلوقة لأنفسهم من غير أن يكون لله سبحانه فيها صنع فإنما ذلك أمر خارج عن مدلول كلامهم أجنبي عن الحجة التي أقاموها على ما يستفاد من السياق كما تقدم.

وفي قوله:{وما لهم من ناصرين} دلالة على أن لغيرهم ناصرين كثيرين وذلك أن السياق يدل على أنه ليس لهم ناصر أصلا لا واحد ولا كثير فنفي الناصرين بصيغة الجمع يكشف عن عناية زائدة بذلك أي أن هناك ناصرين لكنهم ليسوا لهم بل لغيرهم وليس إلا من يهتدي بهدى الله، ونظير الآية ما حكاه الله سبحانه عن المجرمين يوم القيامة:{ فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ }: الشعراء: 100.

وهؤلاء الناصرون هم الملائكة الكرام وسائر أسباب التوفيق والهداية والله سبحانه من ورائهم محيط، قال تعالى:{ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ }: المؤمن: 51.

__________

1- تفسير الميزان ،الطباطبائي،ج12،ص194-201.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

وتشير الآية التالية إِلى أحد أقوال المشركين الخاوية، فتقول: { وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ }.

إِنّ قولهم {ولا حرّمنا} إِشارة إِلى بعض أنواع الحيوانات التي حرّم لحومها المشركون في عصر الجاهلية، والتي أنكرها رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) بشدة.

والخلاصة: أنّهم أرادوا الادعاء بأنّ كلَّ ما عملوه من عبادة للأصنام إِلى تحليل وتحريم الأشياء، إِنما كان وفقاً لرضا اللّه تعالى وبإِذنه!

ولعل قولهم يكشف عن وجود عقيدة (الجبر) ضمن ما كانوا به يعتقدون، معتبرين كل ما يصدر منهم إِنْ هو إِلاّ من القضاء المحتوم عليهم (كما فهم ذلك جمع كثير من المفسّرين).

وثمّة احتمال آخر: إِنّهم لم يقولوا ذلك اعتقاداً منهم بالجبر، وإِنّما أرادوا الإِحتجاج على اللّه سبحانه، وكأنّهم يقولون: إِنْ كانت أعمالنا لا ترضي اللّه تعالى فلماذا لم يرسل إِلينا الأنبياء لينهونا عمّا نقوم به، فسكوته وعدم منعه ما كنّا نعمل دليل على رضاه.

وهذا الإِحتمال ينسجم مع ذيل الآية والآيات التالية.

ولهذا يقول تعالى مباشرة: { كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ }... يعني.

أوّلاً: أنْ تقولوا أنَّ اللّه سكت عن أعمالنا! فإِنّ اللّه قد بعث إِليكم الأنبياء، ودعوكم إِلى التوحيد ونفي الشرك.

ثانياً: إنّ وظيفة اللّه تعالى والنّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ليسَ هي هدايتكم بالجبر، بل بإِراءتكم السبيل الحق والطريق المستقيم، وهذا ما حصل فعلا.

أمّا عبارة { كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } فمواساة لقلب النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، بأن لا يحزن ويثبت في قبال ما يواجه من قبل المشركين، وأنّ اللّه معه وناصره.

وبعد ذكر وظيفة الأنبياء (البلاغ المبين)، تشير الآية التالية باختصار جامع إِلى دعوة الأنبياء السابقين، بقولها: { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا }.

«الأُمّة»: من الأم بمعنى الوالدة، أو بمعنى: كل ما يتضمّن شيئاً آخر في دخله، (ومن هنا يطلق على جماعة تربطها وحدة معينة من حيث الزمان أو المكان أو الفكر أو الهدف «أُمّة».

ويتأكد هذا المعنى من خلال دراسة جميع موارد استعمال هذه الكلمة في القرآن والبالغة (64) مورداً.

ويبيّن القرآن محتوى دعوة الأنبياء(عليهم السلام)، بالقول: { أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ }(2).

فأساس دعوة جميع الأنبياء واللبنة الأُولى لتحركهم هي الدعوة إِلى التوحيد ومحاربة الطاغوت، وذلك لأنّ أُسس التوحيد إِذا لم تحكم ولم يطرد الطواغيت من بين المجتمعات البشرية فلا يمكن إجراء أيُّ برنامج إصلاحي.

«الطاغوت»: (كما قلنا سابقاً) صيغة مبالغة للطغيان.. أيْ التجاوز والتعدي وعبور الحد، فتطلق على كل ما يكون سبباً لتجاوز الحد المعقول، ولهذا يطلق اسم الطاغوت على الشيطان، الصنم، الحاكم المستبد، المستكبر وعلى كل مسير يؤدي إِلى غير طريق الحق.

وتستعمل الكلمة للمفرد والجمع أيضاً وإِنْ جُمعت أحياناً بـ (الطواغيت).

ونعود لنرى ما وصلت إِليه دعوة الأنبياء(عليهم السلام) إِلى التوحيد من نتائج، فالقرآن الكريم يقول: { فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ }.

وهنا علت أصوات من يعتقد بالجبر استناداً إِلى هذه الآية باعتبارها المؤيدة لعقيدتهم!

ولكن قلنا مراراً إِنّ آيات الهداية والضلال إِذا جمعت وربط فيما بينها فلن يبقى هناك أيُّ إِبهام فيها، ويرتفع الإِلتباس من أنّها تشير إِلى الجبر ويتّضح تماماً أن الإِنسان مختار في تحكيم إِرادته وحريته في سلوكه أيّ طريق شاء.

فالهداية والإِضلال الالهيين إِنّما يكونا بعد توفر مقدمات الأهلية للهداية أو عدمها في أفكار وممارست الإِنسان نفسه، وهو ما تؤكّده الكثير من آيات القرآن الكريم.

فاللّه عزَّوجلّ (وفق صريح آيات القرآن) لا يهدي الظالمين والمسرفين والكاذبين ومَنْ شابههم، أما الذين يجاهدون في سبيل اللّه ويستجيبون للأنبياء(عليهم السلام) فمشمولون بألطافه عزَّ وجلّ ويهديهم إِلى صراطه المستقيم ويوفقهم إِلى السير في طريق التكامل، بينما يوكل القسم الأوّل إِلى أنفسهم حتى تصيبهم نتائج أعمالهم بضلالهم عن السبيل.

وحيث أنّ خواص الأفعال وآثارها ـ الحسنة منها أو القبيحة ـ من اللّه عزَّوجلّ، فيمكن نسبة نتائجها إِليه سبحانه، فتكون الهدايه والإِضلال الهيين.

فالسنّة الإِلهية اقتضت في البداية جعل الهداية التشريعية ببعث الأنبياء ليدعوا الناس إِلى التوحيد ورفض الطاغوت تماشياً مع الفطرة الإِنسانية، ومن ثمّ فمن يبدي اللياقة والتجاوب مع الدعوة فرداً كان أم جماعة يكون جديراً باللطف الإِلهي وتدركه الهداية التكوينية.

نعم، فها هي السنّة الإِلهية، لا كما ذهب إِليه الفخر الرازي وأمثاله من أنصار مذهب الجبر من أنّ اللّه يدعوا الناس بواسطة الأنبياء، ومن ثمّ يخلق الإِيمان والكفر جبراً في قلوب الأفراد (من دون أيّ سبب) والعجيب أنّه لإجمال للتساؤل ولا يسمح في الإستفهام عن سبب ذلك من اللّه عزَّوجلّ.

فما أوحش ما نسبوا اليه سبحانه.. إنّما صورة لا تتفق مع العقل والعاطفة والمنطق؟!

والتعبير الوارد في الآية مورد البحث يختلف في مورد الهداية والضلال، ففي مسألة الهداية، يقول: { فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ أمّا بالنسبة للقسم الثّاني، فلا يقول: إنّ اللّه أضلهم، بل إنّ الضلالة ثبتت عليهم والتصقت بهم: { وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ }.

وهذا الإِختلاف في التعبير يمكن أن يكون إِشارة لما في بعض الآيات الأخرى، والمنسجم مع ما ورد من روايات.. وخلاصته:

إنّ القسم الأعظم من هداية الإِنسان يتعلق بالمقدمات التي خلقها اللّه تعالى لذلك، فقد أعطى تعالى: العقل، وفطرة التوحيد، وبعث الأنبياء، وإِظهار الآيات التشريعية والتكوينية، ويكفي الإِنسان أن يتخذ قراره بحرية وصولا للهدف المنشود.

أمّا في حال الضلال فالأمر كلّه يرجع إِلى الضالين أنفسهم، لأنّهم اختاروا السير خلاف الوضعين التشريعي والتكويني الذي جعلهم اللّه عليه، وجعلوا حول الفطرة حجاباً داكناً وأغفلوا قوانينها، وجعلوا الآيات التشريعية والتكوينية وراء ظهورهم، وأغلقوا أعينهم وصموا أذانهم أمام دعوة الأنبياء(عليهم السلام)، فكان أنْ آل المآل بهم إِلى وادي التيه والضلال.. أوَليس كل ذلك منهم؟

والآية (79) من سورة النساء تشير إِلى المعنى المذكور بقولها: { مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ }.

وروي في أصول الكافي عن الأمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام)، في إِجابته على سؤال لأحد أصحابه حول مسألة الجبر والإِختيار، أنّه قال: «أكتب: بسم اللّه الرحمن الرحيم قال علي بن الحسين، قال اللّه عزَّ وجلّ: يا ابن آدم بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء، وبقوتي أديت فرائضي، وبنعمتي قويت على معصيتي، جعلتك سميعاً بصيراً، ما أصابك من حسنة فمن اللّه وما أصابك من سيئة فمن نفسك، وذلك أنّي أولى بحسناتك منك، وأنت أولى بسيئاتك منّي»(3).

وفي نهاية الآية يصدر الأمر العام لأجل إِيقاظ الضالين وتقوية روحية المهتدين، بالقول: { فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ }.

فالآية دليل ناطق على حرية إِرادة الإِنسان، فإِنْ كانت الهداية والضلال أمرين إِجباريين، لم يكن هناك معنىً للسير في الأرض والنظر إِلى عاقبة المكذبين، فالأمر بالسير بحد ذاته تأكيد على اختيار الإِنسان في تعيين مصيره بنفسه وليس هو مجبر على ذلك.

وثمّة بحوث كثيرة وشيقة في القرآن الكريم بخصوص مسألة السير في الأرض مع التأمل في عاقبة الأُمور، وقد شرح ذلك مفصلا في تفسيرنا للآية (137) من سورة آل عمران.

الآية الأخير من الآيات مورد البحث تؤكّد التسلية لقلب النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بتبيان ما وصلت إِليه حال الضّالين: { إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ }.

«تحرص» من مادة (حرص)، وهو طلب الشيء بجديّة وسعي شديد.

بديهي، أنّ الآية لا تشمل كل المنحرفين، لأنّ الشمول يتعارض مع وظيفة النّبي (هداية وتبليغ)، وللتاريخ شواهد كثيرة على ما لهداية الناس وإِرشادهم من أثر بالغ، وكم أولئك الذين انتشلوا من وحل الضلال ليصبحوا من خلص أنصار الحق، بل ودعاته.

فعليه.. تكون الجملة المتقدمة خاصة بمجموعة معينة من الضالين الذين وصل بهم العناد واللجاجة في الباطل لأقصى درجات الضلال، وأصبحوا غرقى في بحر الإِستكبار والغرور والغفلة والمعصية فأُغلقت أمامهم أبواب الهداية، فهؤلاء لا ينفع معهم محاولات النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) لهديهم حتى وإِن طالت المدّة لأنّهم قد انحرفوا عن الحق بسبب أعمالهم الى درجة أنّهم باتوا غير قابلين للهداية.

ومن الطبيعي أن لا يكون لهكذا أُناس من ناصرين وأعوان، لأنّ الناصر لا يتمكن من تقديم نصرته وعونه إِلاّ في أرضية مناسبة ومساعدة.

وهذا التعبير أيضاً دليل على نفي الجبر، لأنّ الناصر إِنّما ينفع سعيه فيما لو كان هناك تحرك من داخل الإِنسان نحو الصلاح والهداية فيعينه ويأخذ بيده ـ فتأمل.

ولعل استعمال «ناصرين» بصيغة الجمع للإِشارة إِلى أنّ المؤمنين على العكس من الضالين، لهم أكثر من ناصر، فاللّه تعالى ناصرهم و... الأنبياء، وعباد اللّه الصالحين، وملائكة الرحمة كذلك.

ويشير القرآن الكريم إِلى هذه النصرة في الآية (51) من سورة المؤمن: {إِنّا لننصررسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد}.

وكذلك في الآية (30) من سورة فصلت: { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ }.

_______________

1- تفسير الامثل،ناصر مكارم الشيرازي،ج7،ص52-56.

2- تقدير هذه الجملة: ليقولوا لهم اعبدوا..

3 ـ أصول الكافي، ج1، ص159 (باب الجبر والقدر ـ الحديث 12).

 

 

 

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .