المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9100 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الحالات التي لا يقبل فيها الإثبات بشهادة الشهود
2024-11-05
إجراءات المعاينة
2024-11-05
آثار القرائن القضائية
2024-11-05
مستحقو الصدقات
2024-11-05
استيلاء البريدي على البصرة.
2024-11-05
ولاية ابن رائق على البصرة
2024-11-05



مرض الإمام مصلحة ربانية  
  
3584   05:49 مساءً   التاريخ: 15-04-2015
المؤلف : جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيرة الائمة-عليهم السلام
الجزء والصفحة : ص211-212.
القسم :

حينما يذكر كثير من الناس الجهلاء الإمام الرابع يصفونه و للأسف الشديد بالإمام المريض و يتصوّرونه بعد إسباغ هذه الصفة عليه شخصاً معذباً عاجزاً ذا وجه ممتقع شاحب ونفسية متشائمة، في حين انّ الواقع غير ذلك، لأنّه كان مريضاً في كربلاء فقط و لمدة قصيرة وتحسّنت صحته بعدها، وأصبح يتمتع بصحة جسمية فترة حوالي 35 عاماً مثل بقية الأئمّة.

ولا شكّ انّ في مرضه المؤقت في تلك الأحداث مصلحة ربانية ليكون معذوراً من الجهاد، و يصان وجوده المقدس من خطر القتل على يد جلاوزة يزيد وبذلك تستمر سلسلة الإمامة.

ولو لم يمرض الإمام لوجب عليه المشاركة في جهاد اليزيديين، وحينئذ يصبح شهيداً مثل إخوته وأصحاب أبيه فتنطفئ شعلة الهداية بذلك.

قال السبط ابن الجوزي: وتركوا علي بن الحسين لمرضه.

وقال محمد بن سعد: كان علي بن الحسين مع أبيه وهو ابن أربع وعشرين سنة ولا يصح ما قيل انّه كان صغيراً لم ينبت، بل قعد به المرض عن القتال.

وأضاف: ثمّ انتهى الشمر بعد قتل الحسين بن علي إلى علي بن الحسين وهو منبسط على فراش وهو شديد المرض فقال الشمر: اقتلوه، فقال بعض من معه: سبحان اللّه أنقتل غلاماً مريضاً لم يقاتل؟

وجاء عمر بن سعد فقال: لا تعرضوا لهؤلاء النساء، ولا تتعرّضوا لهذا المريض.

وكتب الشيخ المفيد نقلاً عن حميد بن مسلم أحد جنود جيش يزيد: ثمّ انتهينا إلى علي بن الحسين وهو منبسط على فراش، وهو شديد المرض، ومع شمر جماعة من الرجالة، فقالوا له: ألا تقتل هذا العليل؟ فقلت : سبحان اللّه أيقتل الصبيان إنّما هذا صبي وانّه لما به ، فلم أزل حتى دفعتهم عنه، وجاء عمر بن سعد فصاح النساء في وجهه وبكين، فقال لأصحابه: لا يدخل أحد منكم بيوت هؤلاء، ولا تتعرّضوا لهذا الغلام.

وكما لاحظنا كان مرض الإمام الرابع مصلحة ربانية أوجبت المحافظة والإبقاء على حياته ولم يكن عجزاً نفسياً وضعفاً أمام الأعداء على الإطلاق، ولم يكن الإمام في ظروف الأسر المؤلمة والمريرة ملاذاً للأسرى وصدراً دافئاً للقلوب المعذبة فقط، بل كان يواجه الأعداء بكلّ شجاعة وشهامة، وخير دليل على ذلك خطبه وحواراته الساخنة مع الأعداء في الكوفة والشام كما حدث من غضب ابن زياد وأمره بقتل الإمام إثر الحوار الحاد الذي دار بينهما في قصره، ولكنّه (عليه السلام)أجاب: أبالقتل تهددني، أما علمت أنّ القتل لنا عادة وكرامتنا الشهادة .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.