أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-7-2020
1091
التاريخ: 8-8-2016
1447
التاريخ: 8-8-2016
3793
التاريخ: 9-8-2016
1738
|
الوجوب إمّا تعييني، وإمّا تخييري، وإما عيني، وإمّا كفائي، وإمّا نفسي، وإمّا غيريّ. وربّما يتوهّم أنّ التخيير الشرعي راجع إلى التخيير العقلي وأنّه متعلّق بالجامع بين المتباينين أو المتباينات، فهو في الحقيقة وجوب واحد تعييني يتعلّق بموضوع واحد، والفرق بينه وبين التعييني المصطلح أنّ الأفراد هناك واضحة عندنا وهنا يحتاج إلى بيانها من الشرع، فالأمر المتعلّق بالأفراد إرشادي مسوق لبيانها، والملزم أمر آخر متعلّق بالجامع مكشوف بهذا الأمر، وذلك لضرورة استحالة استناد المصلحة الواحدة التي يريد الآمر تحصيلها من كلّ واحد على البدل إلى المتعدّد، فإذا قال: أكرم زيدا أو عمروا فلا بدّ أن يكون بينهما جامع كانت المصلحة مترتّبة على إكرامه كالأبنية للبكر.
ويمكن أن يقال: إنّ البرهان وإن كان مسلّما لا محيص عنه، لكنّ المدّعى وهو تعلّق الأمر بالجامع قابل للمنع، فالغرض والداعي أعني: المصلحة لا بدّ أن يتعلّق بعنوان واحد ولا يلزم أن يكون هذا العنوان متعلّقا للأمر، بل يمكن أن يكون متعلّق الأمر عنوانات أخر متعدّدة.
والأصل في ذلك أنّه متى تعلّق غرض الآمر بعنوان فلا يلزم عليه توجيه الخطاب نحو هذا العنوان، بل يمكن توجيهه نحو عنوان مغاير له إمّا لعدم إمكان توجّهه للعنوان الأوّل، كما إذا كان مقيّدا بداعي الأمر كما مرّ، وإمّا لحكمة يقتضي ذلك مثل أن يكون البعث نحو العنوان الأوّل موجبا لخطاء المخاطب في مقام تعيين مصاديقه، فلا جرم يختار الآمر من بين المصاديق عنوانا لا يشتبه على المخاطب مصاديقه فيأمره به.
مثلا: لو تعلّق الغرض بعنوان النافع للصفراء فلو أمر به وقيل: اشرب النافع للصفراء ربّما يعيّنه المخاطب في مصداق الضار؛ فلهذا يؤمر بشرب السكنجبين، فالحق- بعد وضوح فساد كون المتعلّق ما هو المعلوم عند اللّه إتيان العبد به، وإلّا لزم أن لا يكون واجب في حقّه على تقدير العصيان وعدم الإتيان، أو كونه أمرا مبهما مردّدا بين الشيئين أو الأشياء واقعا- أي عند الأمر- لعدم معقوليّة تعلّق الإرادة بالأمر المبهم، وبعد شهادة الوجدان بأنّ قول المولى: أكرم زيدا أو عمروا أمر بعنوان إكرام الزيد وعنوان إكرام العمر ولا بعنوان آخر جامع لهما- أن يقال(1): إنّ الطلب التخييري سنخ مستقل من الطلب وهو طلب واحد له قرنان أو ثلاثة قرون أو أربعة فصاعدا قد تعلّق كلّ قرن منه بخاص.
فحاله حال الشكّ؛ فإنّه متقوّم بطرفي الوجود والعدم بحيث يرتفع بارتفاع أحدهما، وكذا الطلب المتقوّم بالقرنين أيضا يرتفع بكسر أحد قرنيه بإتيان متعلّقه وكذا المقوّم بالثلاثة فصاعدا، فبقولنا: طلب واحد، خرج الطلب الاستغراقي كأكرم كلّ واحد من هذين، فإنّه ينحلّ إلى طلبات متعدّدة غير مرتبط بعضها بالبعض، وبقولنا: قد تعلّق كلّ قرن منه بخاص خرج الطلب المجموعي؛ فإنّ كلّ واحد من الشيئين أو الأشياء قد لوحظ فيه على نحو الجزئيّة لا على نحو الاستقلال.
وبعبارة اخرى الإرادة علّقت أوّلا بإكرام زيد مثلا، ثمّ غضّ النظر عنه كأنّه لم يكن في البين أصلا وجيء في محلّه بآخر ثمّ غضّ النظر عنه أيضا وجيء بثالث وهكذا، لا أنّها علّقت بعنوان واحد اخذ مرآتا للإكرامات، ولا بالمجموع المركّب منها الملحوظ شيئا واحدا، وهذا النسخ من الطلب لا بدّ من تصويره، افرض أنّ التخيير الشرعي راجع إلى طلب واحد متعلّق بالجامع؛ إذ ننقل الكلام حينئذ إلى التخيير العقلي فيما إذا وقعت الطبيعة موردا للأمر، فإنّ الحاكم باجراء كلّ فرد هو العقل فلا يمكن تصحيح هذا الطلب الإرشادي للعقل إلّا بهذا الوجه.
فتبيّن ممّا ذكرنا أنّ الوجوب التخييري يحتاج إلى مئونة زائدة ليست في التعييني وهو العدل، وكذا الوجوب الكفائي؛ فإنّه يحتاج في التحقّق إلى العدل في طرف المكلّف، وكذا الوجوب الغيري فإنّه عبارة عن وجوب شيء بملاحظة الوصلة به إلى واجب آخر، فهذه الملاحظة مئونة زائدة وليست في الوجوب النفسي، ولا شكّ أنّ ما وضع له الصيغة في جميع هذه المقامات الثلاثة هو المعنى الأعمّ الجامع بين القسمين بشهادة الوجدان بأنّ الصيغة عند إرادة الوجوب التخييري أو الكفائي أو الغيري قد استعملت في معناه عند إرادة الوجوب التعييني أو العيني أو النفسي لا في معني آخر مجازي.
فعلى هذا لو شكّ في أنّ المراد بالصيغة أيّ القسمين في جميع هذه المقامات أو بعضها وفرض كون المتكلّم بصدد البيان، أمكن نفي ذي المئونة منهما وإثبات غيره بمقدّمات الحكمة، وليس إعمال هذه المقدّمات لإجراء الإطلاق مقصورا على ما إذا كان نتيجته التوسعة، بل يصحّ ولو كانت هي التضييق كما في ما نحن فيه؛ فإنّ دائرة الوجوب التعييني أضيق من التخييري، وكذا العيني والنفسي بالنسبة إلى قسيميهما؛ ضرورة عدم الفرق في ذلك بين المقامين أصلا.
إنّما الكلام في أنّ حملها على غير ذي المئونة في هذه المقامات موقوف على هذه المقدّمات بحيث لولاها حصل التحيّر أو لا، بل ينصرف منها غير ذي المئونة عند عدم القرينة على شيء آخر؟ الحق هو الثاني، وحينئذ فلا حاجة إلى إحراز كون المتكلّم بصدد البيان؛ فإنّ هذا المقدار من البيان أعني بيان مفاد اللفظ وتفهيمه موجود في جميع الألفاظ حتّى ما كان مفاده الطبيعة المهملة، والألفاظ التي مفادها هذه الطبيعة يحتاج إلى وجود بيان في البين أزيد من هذا المقدار.
والدليل على الانصراف المذكور أنه لو قال المولى: أكرم زيدا فأكرم العبد عمروا واعتذر بأنّ: مفاد الصيغة بحسب الوضع ليس إلّا المعنى الأعمّ، واحتملت أن يكون مرادك وجوب إكرام زيد أو عمرو على سبيل التخيير، ولم أحرز كونك بصدد البيان، وحكم عقلي بأنّه كلّما دار الأمر بين الأقلّ والأكثر فالأخذ بالأقلّ مجز، والأقلّ بحسب التكليف هو التخييري، ليس ذلك منه مسموعا أبدا، ولو لم يكن الانصراف موجودا لكان مسموعا، وكذا لو اكتفى عقيب قوله: أكرم زيدا بإكرام عمرو إيّاه باحتمال أن يكون المراد هو الوجوب الكفائي، واعتذر بعدم إحراز كون المولى بصدد البيان، وكذا الكلام في الوجوب النفسي.
________________
(1) متعلّق بكلمة فالحق الواقعة قبل الشارحتين، أي فالحق أن يقال ...
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|