أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-5-2020
3929
التاريخ: 29-5-2020
4057
التاريخ: 29-5-2020
2908
التاريخ: 27-5-2020
3739
|
قال تعالى : {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُومَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) إِنْ هُو إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59) وَلَو نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُو مُبِينٌ (62) وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63) إِنَّ اللَّهَ هُو رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (64) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ } [الزخرف : 57 - 65]
تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1)
{ولما ضرب ابن مريم مثلا} اختلف في المراد به على وجوه .
أحدها : أن معناه ولما وصف ابن مريم شبها في العذاب بالآلهة أي فيما قالوه على زعمهم وذلك أنه لما نزل قوله {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم} قال المشركون قد رضينا بأن تكون آلهتنا حيث يكون عيسى وذلك قوله {إذا قومك منه يصدون} أي يضجون ضجيج المجادلة حيث خاصموك وهو قوله {وقالوا أ آلهتنا خير أم هو} أي ليست آلهتنا خيرا من عيسى فإن كان عيسى في النار بأنه يعبد من دون الله فكذلك آلهتنا عن ابن عباس ومقاتل .
وثانيها : أن معناه لما ضرب الله المسيح مثلا ب آدم في قوله {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب} أي من قدر على أن ينشىء آدم من غير أب وأم قادر على إنشاء المسيح من غير أب اعترض على النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) بذلك قوم من كفار قريش فنزلت هذه الآية .
وثالثها : أن معناه أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) لما مدح المسيح وأمه وأنه ك آدم في الخاصية قالوا إن محمدا يريد أن نعبده كما عبدت النصارى عيسى عن قتادة .
ورابعها : ما رواه سادة أهل البيت عن علي عليهم أفضل الصلوات أنه قال جئت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يوما فوجدته في ملأ من قريش فنظر إلي ثم قال : ((يا علي! إنما مثلك في هذه الأمة كمثل عيسى بن مريم أحبه قوم فأفرطوا في حبه فهلكوا وأبغضه قوم فأفرطوا في بغضه فهلكوا واقتصد فيه قوم فنجوا)) . فعظم ذلك عليهم فضحكوا وقالوا يشبهه بالأنبياء والرسل فنزلت الآية {وقالوا أ آلهتنا خير أم هو} أي آلهتنا أفضل أم المسيح فإذا كان المسيح في النار رضينا أن تكون آلهتنا معه عن السدي وابن زيد وقيل معناه أن آلهتنا خير من المسيح فإذا عبد المسيح جاز أن تعبد آلهتنا عن الجبائي وقيل هو كناية عن محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) والمعنى : آلهتنا خير من محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) وهو يأمرنا بأن نعبده كما عبد النصارى المسيح ونطيعه ونترك آلهتنا عن قتادة وقال علي بن عيسى معنى سؤالهم بقولهم {أ آلهتنا خير أم هو} أنهم ألزموا ما لا يلزم على ظن منهم وتوهم كأنهم قالوا ومثلنا فيما نعبد مثل ما يعبد المسيح فأيما خير عبادة آلهتنا أم عبادة المسيح؟ على أنه إن قال عبادة المسيح أقر بعبادة غير الله وكذلك أن قال عبادة الأوثان وإن قال ليس في عبادة المسيح خير قصر به عن المنزلة التي أبين لأجلها من سائر العباد وجوابهم عن ذلك أن اختصاص المسيح بضرب من التشريف والإنعام عليه لا يوجب العبادة له كما لا يوجب أن ينعم عليه بأعلى مراتب النعمة .
{ما ضربوه لك إلا جدلا} أي ما ضربوا هذا المثل لك إلا ليجادلوك به ويخاصموك ويدفعوك به عن الحق لأن المتجادلين لا بد أن يكون أحدهما مبطلا بخلاف المتناظرين لأن المناظرة قد تكون بين المحقين {بل هم قوم خصمون} أي جدلون في دفع الحق بالباطل ثم وصف سبحانه المسيح فقال {إن هو إلا عبد أنعمنا عليه} أي ما هو إلا عبد أنعمنا عليه بالخلق من غير أب وبالنبوة {وجعلناه مثلا لبني إسرائيل} أي آية لهم ودلالة يعرفون بها قدرة الله تعالى على ما يريد حيث خلقه من غير أب فهو مثل لهم يشبهون به ما يرون من أعاجيب صنع الله .
ثم قال سبحانه دالا على كمال قدرته وعلى أنه لا يفعل إلا الأصلح {ولو نشاء لجعلنا منكم} أي بدلا منكم معاشر بني آدم {ملائكة في الأرض يخلفون} بني آدم أي يكونون خلفاء منهم والمعنى لو نشاء أهلكناكم وجعلنا الملائكة بدلكم سكان الأرض يعمرونها ويعبدون الله ومثل قوله {منكم} في الآية ما في قول الشاعر :
فليت لنا من ماء زمزم شربة *** مبردة باتت على الطهيان (2) .
وقيل : معناه ولو نشاء لجعلناكم أيها البشر ملائكة فيكون من باب التجريد وفيه إشارة إلى قدرته على تغيير بنية البشر إلى بنية الملائكة {يخلفون} أي يخلف بعضهم بعضا .
ثم رجع سبحانه إلى ذكر عيسى (عليه السلام) فقال {وإنه لعلم للساعة} يعني أن نزول عيسى (عليه السلام) من أشراط الساعة يعلم بها قربها {فلا تمترن بها} أي بالساعة فلا تكذبوا بها ولا تشكوا فيها عن ابن عباس وقتادة ومجاهد والضحاك والسدي وقال ابن جريح أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول سمعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقول : ((ينزل (3) عيسى بن مريم فيقول أميرهم تعال صل بنا فيقول : لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة من الله لهذه الأمة)) أورده مسلم في الصحيح وفي حديث آخر كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمامكم منكم وقيل إن الهاء في قوله {وإنه} يعود إلى القرآن ومعناه أن القرآن لدلالة على قيام الساعة والبعث يعلم به ذلك عن الحسن وقيل معناه أن القرآن لدليل الساعة لأنه آخر الكتب أنزل على آخر الأنبياء عن أبي مسلم .
وقوله {واتبعوني هذا صراط مستقيم} معناه واتبعوني فيما أمركم به هذا الذي أنا عليه طريق واضح قيم {ولا يصدنكم الشيطان} أي ولا يصرفنكم الشيطان بوساوسه عن دين الله {إنه لكم عدو مبين} بين العداوة يدعوكم إلى الضلال الذي هو سبب هلاككم ثم أخبر سبحانه عن حال عيسى (عليه السلام) حين بعثه الله نبيا فقال : {ولما جاء عيسى بالبينات} أي بالمعجزات الدالة على نبوته وقيل بالإنجيل عن قتادة {قال} لهم {قد جئتكم بالحكمة} أي بالنبوة عن عطاء وقيل بالعلم بالتوحيد والعدل والشرائع {ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه} قيل إن المعنى كل الذي تختلفون فيه كقول لبيد : ((أو يخترم بعض النفوس حمامها)) (4) أي كل النفوس وكقول القطامي :
قد يدرك المتأني بعض حاجته *** وقد يكون من المستعجل الزلل
أي كل حاجته عن أبي عبيدة قال الزجاج والصحيح أن البعض لا يكون في معنى الكل والذي جاء به عيسى في الإنجيل إنما هو بعض الذي اختلفوا فيه وبين لهم في غير الإنجيل ما احتاجوا إليه وقول الشاعر :
أو يخترم بعض النفوس حمامها إنما يعني نفسه وقيل معناه لأبين لكم ما تختلفون فيه من أمور الدين دون أمور الدنيا {فاتقوا الله} بأن تجتنبوا معاصيه وتعملوا بالطاعات {وأطيعون} فيما أدعوكم إليه {إن الله هو ربي وربكم} الذي تحق له العبادة {فاعبدوه} خالصا ولا تشركوا به شيئاً (5) {هذا صراط مستقيم} يفضي بكم إلى الجنة وثواب الله {فاختلف الأحزاب من بينهم} يعني اليهود والنصارى اختلفوا في أمر عيسى {فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم} قد مر تفسير الآية في سورة مريم .
___________________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج9 ، ص89-92 .
2- الطهيان : قلة الجبل . يتمنى ان يكون لهم بدلاً من ماء زمزم شربة ماء ، وضعت على قلة الجبل ، فصارت باردة شديداً .
3- وفي الحجري بدل ينزل : (كيف بكم اذا نزل) .
4- أوله : ( تراك أكنة اذا لم ارضها) . اي : اني أترك أمكنة اذا لم ارضها الا ان يأخذ الموت نفسي ، فلا يمكنها البراح .
5- وفي المخطوطة والحجري : ((شيئاً معبوداً)) .
تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) :
{ولَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ} ؟ الخطاب في قومك لرسول اللَّه (صلى الله عليه واله) وضرب مبني للمجهول . وقال المفسرون : ان الذي ضرب ابن مريم مثلا هو عبد اللَّه بن الزبعرى بكسر الزاي وفتح الباء والراء ، وتشير الآية إلى حادثة خاصة بين النبي (صلى الله عليه واله) وكفار قريش ، وملخصها انه لما نزل قوله تعالى : {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الأنبياء : 98] شق ذلك على قريش ، فقال ابن الزبعرى قبل أن يسلم ، قال للرسول : ان النصارى يعبدون المسيح ، فإذا كان المسيح في النار فنحن نرضى أن تكون آلهتنا معه لأنه خير منها ، أوهي ليست خيرا منه .
ولما سمع المشركون هذا النقض من ابن الزبعري رفعوا أصواتهم بالضجيج ليسكتوا الرسول عن الجواب ويوهموا الناس انه أعجز وأفحم ، وفي بعض الروايات ان رسول اللَّه (صلى الله عليه واله) قال ابن الزبعرى : ما أجهلك بلغة قومك ؟ أما فهمت ان (ما) لما لا يعقل ؟ .
{ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا} . ان نقض المشركين عليك يا محمد بالمسيح ما هو بقصد إحقاق الحق وإظهاره . . كلا ، بل للتهرب منه بالكذب والتمويه ، وإلا فإنهم على علم اليقين بأن المراد من {وما تعبدون} أصنامهم بالذات {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} يبالغون في اللجاج والخصومة بالباطل حرصا على أرباحهم وعدوانهم {إِنْ هُو إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وجَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ} . ان عيسى عبد من عباد اللَّه أنعم اللَّه عليه بالنبوة ، وخلقه كآدم من غير أب ليكون آية تدل بني إسرائيل على قدرة اللَّه وعظمته لعلهم يهتدون ويتقون . . ولكنهم ازدادوا عتوا وطغيانا ، وقالوا عن السيد المسيح وأمه ما يهتز له العرش .
{ولو نشاء لجعلنا منكم - أي بدلا منكم - ملائكة في الأرض يخلفون} أي يخلفونكم . هذا تهديد ووعيد للمشركين ، ومعناه ان اللَّه غني عنكم وعن عبادتكم أيها المشركون ، ولوشاء أهلككم وجعل مكانكم ملائكة يخلفونكم في الأرض يقدسونه ويسبّحون بحمده ولا يعصون له أمرا . ومثله : { وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ } [محمد : 38] .
{وإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها واتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ} . ضمير انه يعود إلى القرآن ، والمعنى ان القرآن يعلم الناس بيوم القيامة ويخبرهم عن حقيقته ، ويحذرهم من أهواله ، ولا يجوز الشك فيه . . و{هذا} إشارة إلى القرآن أيضا وانه صراط اللَّه المستقيم ، قال تعالى : {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } [الإسراء : 9] . والأقوم هو الصراط المستقيم .
وتسأل : كيف يعود الضمير إلى القرآن مع العلم بأنه لم يرد له في الآيات ذكر ، والذي ذكر فيها هو عيسى (عليه السلام) فينبغي أن يعود الضمير إليه ، لا إلى القرآن ؟
الجواب : ان موضوع الآيات هو الجدل في عيسى ، والحديث عنه كما وصفه القرآن ، لا كما هو في ذاته بصرف النظر عما جاء في كتاب اللَّه ، وعليه يكون ذكر السيد المسيح ذكرا للقرآن ، ويؤيده قوله تعالى في نفس الآية : هذا صراط مستقيم ، فإن المراد به القرآن كما أسلفنا . والغريب ان بعض المفسرين أعادوا الضمير إلى عيسى ، ومع هذا فسّروا الصراط المستقيم في الآية بدعوة محمد (صلى الله عليه واله) والقرآن .
{ولا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ} عن الحق والعمل بالقرآن {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُو مُبِينٌ} ، ظاهر العداوة والبغضاء يغريكم بالمنكر والفحشاء ، ومثله : {لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ } [الأعراف : 27] . {ولَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ ولأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهً وأَطِيعُونِ} .
المراد بالبينات هنا المعجزات الدالة على نبوة عيسى ، كشفاء الأكمه والأبرص ، والمراد بالحكمة العلم بدين اللَّه وشريعته ، والمعنى ان عيسى الذي ثبتت نبوته بالدلائل الواضحة قال لبني إسرائيل : قد جئتكم من عند اللَّه بأحكام الدين كلها عقيدة وشريعة ، وبها تعرفون المحق من المبطل ، فاتقوا اللَّه ترشدوا .
وتسأل : لما ذا قال بعض الذين تختلفون فيه ولم يقل كل :
وأجاب جماعة من المفسرين بأن القصد من ذلك ان عيسى (عليه السلام) بوصفه نبيا يبين لهم أمور الدين فقط ، أما شؤون الدنيا فلا تدخل في مهمته . وقد روى علماء السنة في صحاحهم عن النبي (صلى الله عليه واله) أنه قال : {أنتم أعلم بأمور دنياكم ، وأنا أعلم بأمور دينكم} .
{إِنَّ اللَّهً هُو رَبِّي ورَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ} . هذا إشارة إلى التوحيد والنهي عن الشرك ، والمعنى ظاهر على حد تعبير الرازي {فَاخْتَلَفَ الأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ} . المراد بالأحزاب اليهود والنصارى من جهة ، والنصارى فيما بينهم من جهة ثانية . قال اليهود :
ان عيسى ابن زنا مخالفين في ذلك جميع النصارى والمسلمين ، أما النصارى فقد اختلفوا بعد المسيح وتفرقوا شيعا ، فمن قائل : ان عيسى عبد اللَّه ورسوله ، وقائل : هو ابن اللَّه ، وقائل : بل هو اللَّه بالذات . . تعالى اللَّه عما يصفون .
________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص555-557 .
تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1)
إشارة إلى قصة عيسى بعد الفراغ عن قصة موسى (عليه السلام) وقدم عليها مجادلتهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في عيسى (عليه السلام) وأجيب عنها .
قوله تعالى : {ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون - إلى قوله - خصمون} الآية إلى تمام أربع آيات أوست آيات حول جدال القوم فيما ضرب من مثل ابن مريم ، والذي يتحصل بالتدبر فيها نظرا إلى كون السورة مكية ومع قطع النظر عن الروايات هو أن المراد بقوله : {ولما ضرب ابن مريم مثلا} هوما أنزله الله من وصفه في أول سورة مريم فإنها السورة المكية الوحيدة التي وردت فيها قصة عيسى بن مريم (عليهما السلام) تفصيلا ، والسورة تقص قصص عدة من النبيين بما أن الله أنعم عليهم كما تختتم قصصهم بقوله : {أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين{ : مريم : 58 ، وقد وقع في هذه الآيات قوله : {إن هو إلا عبد أنعمنا عليه} وهومن الشواهد على كون قوله : {ولما ضرب ابن مريم مثلا} إشارة إلى ما في سورة مريم .
والمراد بقوله : {إذا قومك منه يصدون} بكسر الصاد أي يضجون ويضحكون ذم لقريش في مقابلتهم المثل الحق بالتهكم والسخرية ، وقرىء {يصدون} بضم الصاد أي يعرضون وهو أنسب للجملة التالية .
وقوله : {وقالوا ء آلهتنا خير أم هو} الاستفهام للإنكار أي آلهتنا خير من ابن مريم كأنهم لما سمعوا اسمه بما يصفه القرآن به من النعمة والكرامة أعرضوا عنه بما يصفه به القرآن وأخذوه بما له من الصفة عند النصارى أنه إله ابن إله فردوا على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن آلهتنا خير منه وهذا من أسخف الجدال كأنهم يشيرون بذلك إلى أن الذي في القرآن من وصفه لا يعتنى به وما عند النصارى لا ينفع فإن آلهتهم خير منه .
وقوله : {ما ضربوه لك إلا جدلا} أي ما وجهوا هذا الكلام : {أ آلهتنا خير أم هو} إليك إلا جدلا يريدون به إبطال المثل المذكور وإن كان حقا {بل هم قوم خصمون} أي ثابتون على خصومتهم مصرون عليها .
وقوله : {إن هو إلا عبد أنعمنا عليه} رد لما يستفاد من قولهم : {ء آلهتنا خير أم هو} أنه إله النصارى كما سيجيء .
وقال الزمخشري في الكشاف ، وكثير من المفسرين ونسب إلى ابن عباس وغيره في تفسير الآية : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما قرأ قوله تعالى : {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم} على قريش امتعضوا من ذلك امتعاضا شديدا فقال ابن الزبعري : يا محمد ، أ خاصة لنا ولآلهتنا أم لجميع الأمم؟ فقال (عليه السلام) : هولكم ولآلهتكم ولجميع الأمم . فقال : خصمتك ورب الكعبة أ لست تزعم أن عيسى بن مريم نبي وتثني عليه خيرا وعلى أمه؟ وقد علمت أن النصارى يعبدونهما ، وعزير يعبد والملائكة يعبدون فإن كان هؤلاء في النار فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا معهم ففرحوا وضحكوا وسكت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأنزل الله : {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى - أولئك عنها مبعدون} ونزلت هذه الآية .
والمعنى : ولما ضرب ابن الزبعري عيسى بن مريم مثلا وجادل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعبادة النصارى إياه إذا قومك يعني قريشا من هذا المثل يضجون فرحا وضحكا بما سمعوا منه من إسكات رسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وقالوا : ء آلهتنا خير أم هوأي إن عيسى عندك خير من آلهتنا وإذا كان هو حصب جهنم فأمر آلهتنا هين .
ما ضربوا هذا المثل لك إلا جدلا وغلبة في القول لا لميز الحق من الباطل .
وفيه أنه تقدم في تفسير قوله : {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء : 98] ، أن هذه الرواية بما فيها من وجوه الوهن والخلل ضعيفة لا يعبأ بها حتى نقل عن الحافظ ابن حجر أن الحديث لا أصل له ولم يوجد في شيء من كتب الحديث لا مسندا ولا غير مسند .
وقصة ابن الزبعري هذه وإن رويت من طرق الشيعة على وجه سليم عن المناقشة لكن لم يذكر فيها نزول قوله : {ولما ضرب ابن مريم} الآية هناك .
على أن ظاهر قوله : {ضرب ابن مريم مثلا} وقوله : {أ آلهتنا خير أم هو} لا يلائم ما فسرته تلك الملاءمة .
وقيل : إنهم لما سمعوا قوله تعالى : {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [آل عمران : 59] ، قالوا : نحن أهدى من النصارى لأنهم يعبدون آدميا ونحن نعبد الملائكة - يريدون أرباب الأصنام - فآلهتنا خير من إلههم فالذي ضرب المثل بابن مريم هو الله سبحانه ، وقولهم : {ءآلهتنا خير أم هو} لتفضيل آلهتهم على عيسى لا بالعكس كما في الوجه السابق .
وفيه أن قوله تعالى : {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم} مدنية .
وهذه الآيات أعني قوله : {ولما ضرب ابن مريم} إلخ ، آيات مكية من سورة مكية .
على أن الأساس في قولهم - على هذا الوجه - تفضيلهم أنفسهم على النصارى فلا يرتبط على هذا قوله : {إن هو إلا عبد أنعمنا عليه} إلخ ، بما تقدمه .
وقيل : إنهم لما سمعوا قوله : {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم} ضجوا وقالوا : ما يريد محمد بهذا إلا أن نعبده كما يعبد النصارى المسيح ، وآلهتنا خير منه أي من محمد .
وفيه ما في سابقه .
وقيل : مرادهم بقولهم : {ء آلهتنا خير أم هو} التنصل والتخلص عما أنكر عليهم من قولهم : الملائكة بنات الله ، ومن عبادتهم لهم كأنهم قالوا : ما كان ذلك منا بدعا فإن النصارى يعبدون المسيح وينسبونه إلى الله وهو بشر ونحن نعبد الملائكة وننسبهم إلى الله وهم أفضل من البشر .
وفيه أنه لا يفي بتوجيه قوله : {ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون} على أن قوله : {إن هو إلا عبد أنعمنا عليه} على هذا الوجه لا يرتبط بما قبله كما في الوجهين السابقين .
وقيل : معنى قولهم : {ء آلهتنا خير أم هو} أن مثلنا في عبادة الآلهة مثل النصارى في عبادة المسيح فأيهما خير؟ عبادة آلهتنا أم عبادة المسيح؟ فإن قال : عبادة المسيح خير فقد اعترف بعبادة غير الله ، وإن قال : عبادة الآلهة فكذلك ، وإن قال : ليس في عبادة المسيح خير فقد قصر به عن منزلته وجوابه أن اختصاص المسيح بضرب من التشريف والإنعام من الله تعالى لا يوجب جواز عبادته .
وفيه أنه في نفسه لا بأس به لكن الشأن في دلالة قوله تعالى : {ءآلهتنا خير أم هو} على هذا التفصيل .
وقال في المجمع ، في الوجوه التي أوردها في معنى الآية : ورابعها ما رواه سادة أهل البيت عن علي (عليه السلام) أنه قال : جئت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوما فوجدته في ملإ من قريش فنظر إلي ثم قال : يا علي ، إنما مثلك في هذه الأمة مثل عيسى بن مريم أحبه قوم فأفرطوا في حبه فهلكوا ، وأبغضه قوم فأفرطوا في بغضه فهلكوا ، واقتصد فيه قوم فنجوا . فعظم ذلك عليهم فضحكوا وقالوا : يشبهه بالأنبياء والرسل ، فنزلت الآية .
أقول : والرواية غير متعرضة لتوجيه قولهم : {ء آلهتنا خير أم هو} ولئن كانت القصة سببا للنزول فمعنى الجملة : لئن نتبع آلهتنا ونطيع كبراءنا خير من أن نتولى عليا فيتحكم علينا أو خير من أن نتبع محمدا فيحكم علينا ابن عمه .
ويمكن أن يكون قوله : {وقالوا ء آلهتنا خير أم هو} إلخ ، استئنافا والنازل في القصة هو قوله : {ولما ضرب ابن مريم مثلا} الآية .
قوله تعالى : {إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل} الذي يستدعيه السياق أن يكون الضمير لابن مريم ، والمراد بكونه مثلا - على ما قيل - كونه آية عجيبة إلهية يسير ذكره كالأمثال السائرة .
والمعنى : ليس ابن مريم إلا عبدا متظاهرا بالعبودية أنعمنا عليه بالنبوة وتأييده بروح القدس وإجراء المعجزات الباهرة على يديه وغير ذلك وجلعناه آية عجيبة خارقة نصف به الحق لبني إسرائيل .
وهذا المعنى كما ترى رد لقولهم : {ء آلهتنا خير أم هو} الظاهر في تفضيلهم آلهتهم في ألوهيتها على المسيح (عليه السلام) في ألوهيته ومحصله أن المسيح لم يكن إلها حتى ينظر في منزلته في ألوهيته وإنما كان عبدا أنعم الله عليه بما أنعم ، وأما آلهتهم فنظر القرآن فيهم ظاهر .
قوله تعالى : {ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون} الظاهر أن الآية متصلة بما قبلها مسرودة لرفع استبعاد أن يتلبس البشر من الكمال ما يقصه القرآن عن عيسى (عليه السلام) فيخلق الطير ويحيي الموتى ويكلم الناس في المهد إلى غير ذلك ، فيكون كالملائكة المتوسطين في الإحياء والإماتة والرزق وسائر أنواع التدبير ويكون مع ذلك عبدا غير معبود ومألوها غير إله فإن هذا النوع من الكمال عند الوثنية مختص بالملائكة وهو ملاك ألوهيتهم ومعبوديتهم وبالجملة هم يحيلون تلبس البشر بهذا النوع من الكمال الذي يخصونه بالملائكة (2) .
فأجيب بأن لله أن يزكي الإنسان ويطهره من أدناس المعاصي بحيث يصير باطنه باطن الملائكة فظاهره ظاهر البشر وباطنه باطن الملك يعيش في الأرض يخلف مثله ويخلفه مثله ويظهر منه ما يظهر من الملائكة .
وعلى هذا فمن في قوله {منكم} للتبعيض ، وقوله : {يخلفون} أي يخلف بعضهم بعضا .
وفي المجمع ، أن {من} في قوله : {منكم} تفيد معنى البدلية كما في قوله :
فليت لنا من ماء زمزم شربة *** مبردة باتت على الطهيان (3) .
وقوله : {يخلفون} أي يخلفون بني آدم ويكونون خلفاء لهم ، والمعنى : ولو نشاء أهلكناكم وجعلنا بدلكم ملائكة يسكنون الأرض ويعمرونها ويعبدون الله .
وفيه أنه لا يلائم النظم تلك الملاءمة .
قوله تعالى : {وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم} ضمير {إنه} لعيسى (عليه السلام) والمراد بالعلم ما يعلم به ، والمعنى : وإن عيسى يعلم به الساعة في خلقه من غير أب وإحيائه الموتى فيعلم به أن الساعة ممكنة فلا تشكوا في الساعة ولا ترتابوا فيها البتة .
وقيل : المراد بكونه علما للساعة كونه من أشراطها ينزل على الأرض فيعلم به قرب الساعة .
وقيل : الضمير للقرآن وكونه علما للساعة كونه آخر الكتب المنزلة من السماء .
وفي الوجهين جميعا خفاء التفريع الذي في قوله : {فلا تمترن بها} .
وقوله : {واتبعون هذا صراط مستقيم} قيل : هومن كلامه تعالى ، والمعنى : اتبعوا هداي أو شرعي أو رسولي ، وقيل : من كلام الرسول بأمر منه تعالى .
قوله تعالى : {ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدو مبين} الصد الصرف ، والباقي ظاهر .
قوله تعالى : {ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة} إلخ ، المراد بالبينات الآيات البينات من المعجزات ، وبالحكمة المعارف الإلهية من العقائد الحقة والأخلاق الفاضلة .
وقوله : {ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه} أي في حكمه من الحوادث والأفعال ، والذي يختلفون فيه وإن كان أعم من الاعتقادات التي يختلف في كونها حقة أو باطلة والحوادث والأفعال التي يختلف في مشروع حكمها لكن المناسب لسبق قوله : {قد جئتكم بالحكمة} أن يختص ما اختلفوا فيه بالحوادث والأفعال والله أعلم .
وقيل : المراد بقوله : {بعض الذي تختلفون فيه} كل الذي تختلفون فيه .
وهوكما ترى .
وقيل : المراد لأبين لكم أمور دينكم دون أمور دنياكم ولا دليل عليه من لفظ الآية ولا من المقام .
وقوله : {فاتقوا الله وأطيعون} نسب التقوى إلى الله والطاعة إلى نفسه ليسجل أنه لا يدعي إلا الرسالة .
قوله تعالى : {إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم} دعوة منه إلى عبادة الله وحده وأنه هو ربه وربهم جميعا وإتمام للحجة على من يقول بألوهيته .
قوله تعالى : {فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم} ضمير {من بينهم} لمن بعث إليهم عيسى (عليه السلام) والمعنى : فاختلف الأحزاب المتشعبة من بين أمته في أمر عيسى من كافر به قال فيه ، ومن مؤمن به غال فيه ، ومن مقتصد لزم الاعتدال .
وقوله : {فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم} تهديد ووعيد للقالي منهم والغالي .
رجوع إلى إنذار القوم وفيه تخويفهم بالساعة والإشارة إلى ما يئول إليه حال المتقين والمجرمين فيها من الثواب والعقاب .
_________________________
1- الميزان ، الطبطبائي ، ج18 ، ص93-97 .
2-وليس هذا من الانقلاب المحال في شيء بل نوع من التكامل الوجودي بالخروج من حد منه أدنى الى حد منه أعلى كما بين في محله .
3- الطهيان : قلة الجبل . يتمنى ان يكون لهم بدلاً من ماء زمزم شربة ماء ، مبردة بقيت ليلة على قلة الجبل .
تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1)
أي الآلهة في جهنم ؟
تتحدث هذه الآيات حول مقام عبودية المسيح(عليه السلام) ، ونفي مقولة المشركين بألوهيته وألوهية الأصنام ، وهي تكملة للبحوث التي مرت في الآيات السابقة حول دعوة موسى ومحاربته للوثنية الفرعونية ، وتحذير لمشركي عصر النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وكل مشركي العالم .
وبالرغم من أنّ الآيات تتحدث بإبهام ، إلاّ أنّ محتواها ليس معقّداً ولا غامضاً للقرائن الموجودة في نفس الآيات ، وآيات القرآن الأُخرى ، رغم التفاسير المختلفة التي ذكرها المفسّرون .
تقول الآية الأولى : {ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدون} (2) .
أي مثل كان هذا؟ ومن الذي قاله في حقّ عيسى بن مريم؟
هذا هو السؤال الذي اختلف المفسّرون في جوابه على اقوال ، إلاّ أنّ الدقّة في الآيات التالية توضح أنّ المثل كان من جانب المشركين ، وضرب فيما يتعلق بالأصنام ، لأنّا نقرأ في الآيات التالية : {ما ضربوه إلاّ جدلاً} .
بملاحظة هذه الحقيقة ، وما جاء في سبب النّزول ، يتّضح أن المراد من المثل هوما قاله المشركون استهزاء لدى سماعهم الآية الكريمة : {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء : 98] ، وكان ما قالوه هو أن عيسى بن مريم قد كان معبوداً ، فينبغي أن يكون في جهنم بحكم هذه الآية ، وأي شيء أفضل من أن نكون نحن وأصنامنا مع عيسى؟! قالوا ذلك وضحكوا واستهزؤوا وسخروا!
ثمّ استمرّوا : {وقالوا أآلهتنا خير أم هو}؟ فإذا كان من أصحاب الجحيم ، فإنّ آلهتنا ليست بأفضل منه ولا أسمى .
ولكن ، اعلم أنّ هؤلاء يعلمون الحقيقة ، و{ما ضربوه لك إلاّ جدلاً بل هم قوم خصمون} (3) .
إنّ هؤلاء يعلمون جيداً أنّ الآلهة الذين يردون جهنم هم الذين كانوا راضين بعبادة عابديهم ، كفرعون الذي كان يدعوهم إلى عبادته ، لا كالمسيح(عليه السلام) الذي كان ولا يزال رافضاً لعملهم هذا ، ومتبرءاً منه .
بل : {إن هو إلاّ عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلاً لبني إسرائيل} فقد كانت ولادته من غير أب آية من آيات الله ، وتكلمه في المهد آية أُخرى ، وكانت كل معجزة من معجزاته علامة بينة على عظمة الله سبحانه ، وعلى مقام النبوّة .
لقد كان عيسى مقِراً طوال حياته بالعبودية لله ، ودعا الجميع إلى عبوديته سبحانه ، ولما كان موجوداً في أُمته لم يسمح لأحد بالإِنحراف عن مسير التوحيد ، ولكن المسيحيين أوجدوا خرافة ألوهية المسيح ، أو التثليث ، بعده (4) .
والطريف أن نقرأ في روايات عديدة وردت عن طريق الشيعة والسنة ، أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعلي(عليه السلام) : «إن فيك مثلاً من عيسى ، أحبّه قوم فهلكوا فيه ، وأبغضه قوم فهلكوا فيه» فقال المنافقون : أما رضي له مثلاً إلاّ عيسى ، فنزل قوله تعالى : (ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدون) .
وما قلناه متن رواية أوردها الحافظ أبوبكر بن مردويه ـ من علماء أهل السنة المعروفين ـ في كتاب المناقب . طبقاً لنقل كشف الغمة صفحة 95 .
وقد نقل جمع آخر من علماء السنة ، وكبار علماء الشيعة هذه الحادثة في كتب عديدة ، تارة بدون ذكر الآية أعلاه ، وأُخرى مع ذكرها (5) .
إنّ القرائن الموجودة في الآيات توحي بأن هذا الحديث المعروف من قبيل تطبيق المصداق ، لا أنه سبب النّزول ، وبتعبير آخر : فإنّ سبب نزول الآية هو قصة عيسى وقول المشركين وأصنامهم ، لكن لما وقع لعلي(عليه السلام) حادث شبيه لذاك بعد ذلك القول التاريخي للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فإنه (صلى الله عليه وآله وسلم) تلا هذه الآية هنا ليبين أنّ هذا الحادث كان مصداقاً لذاك من جهات مختلفة .
ولئلا يتوهموا أنّ الله سبحانه محتاج لعبوديتهم ، وأنّه يصر عليها ، فإنّه تعالى يقول في الآية التالية : {ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون} ملائكة تخضع لأوامر الله ، ولا تعرف عملاً إلاّ طاعته وعبادته .
واختار جمع من المفسّرين تفسيراً آخر للآية ، يصبح معنى الآية على أساسه : ولو نشاء لجعلنا أبناءكم ملائكة يخلفونكم في الأرض . بناء على هذا فلا تعجبوا من أن يولد المسيح من دون أب ، فإنّ الله عزَّوجلّ قادر على أن يخلق ملكاً من الإِنسان ، وهو نوع يختلف عنه (6) .
ولما كان تولد الملك من الإِنسان لا يبدوا مناسباً ، فقد فسّره بعض كبار المفسّرين بولادة الأبناء الذين يتمتعون بصفات الملائكة ، وقالوا : إن المراد : لا تعجبوا من أن تكون لعبد كالمسيح القدرة على إحياء الموتى ، وإبراء المرضى بإذن الله ، وهو في الوقت نفسه عبد مخلص مطيع لأمر الله ، فإنّ الله قادر على أن يخلق من ابنائكم من تكون فيه كل صفات الملائكة وطبائعهم (7) .
إلاّ أن التّفسير الأوّل ينسجم مع ظاهر الآية أكثر من الجميع ، وهذه التفاسير بعيدة (8) .
والآية التالية إشارة إلى خصيصة أُخرى من خصائص المسيح (عليه السلام) فتقول : إن عيسى سبب العلم بالساعة (وإنه لعلم للساعة)إمّا أن ولادته من غير أب دليل على قدرة الله اللامتناهية ، فتحُل على ضوئها مسألة الحياة بعد الموت ، أومن جهة نزول المسيح (عليه السلام) من السماء في آخر الزمان طبقاً لروايات عديدة ، ونزوله هذا دليل على اقتراب قيام الساعة .
يقول جابر بن عبدالله : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : «ينزل عيسى بن مريم ، فيقول أميرهم : تعال صلّ بنا ، فيقول : لا ، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة من الله لهذه الأُمّة» (9) .
ونقرأ في حديث آخر عن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : «كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمامكم منكم» (10) .
وعلى أية حال ، فإنّ إطلاق (العلم) على المسيح نوع من التأكيد والمبالغة ، وهو إشارة إلى أن نزوله من علامات القيامة حتماً .
واحتمل أيضاً أن يعود الضمير في (أنه) على القرآن ، وعلى هذا يكون معنى الآية : إنّ نزول القرآن الذي هو آخر الكتب السماوية ، دليل على اقتراب الساعة ، ويخبر عن قيام القيامة .
غير أنّ الآيات السابقة واللاحقة حول عيسى تقوي التّفسير الأوّل .
ثمّ تقول الآية بعد ذلك : إن قيام الساعة حتم ، ووقوعها قريب : {فلا تمترنَّ بها} لا من حيث الإِعتقاد بها ولا من حيث الغفلة عنها .
{واتبعون هذا صراط مستقيم} وأي صراط أكثر استقامة من الذي يخبركم بالمستقبل الخطير الذي ينتظركم ، ويحذركم منه ، ويدلكم على طريق النجاة من أخطار يوم البعث ؟!
إلاّ أن الشيطان يريد أن يبقيكم في عالم الغفلة والإِرتباط بها ، فاحذروا : {ولا يصدنكم الشيطان إنّه لكم عدو مبين} .
لقد أظهر عداءه لكم منذ اليوم الأوّل ، مرّة عند وسوسته لأبيكم وأمكم ـ آدم وحواء ـ وإخراجهما من الجنّة ، وأُخرى عندما أقسم على إضلال بني آدم وإغوائهم ، إلاّ المخلَصين منهم ، فكيف تخضعون أمام هكذا عدو لدود أقسم على أذاكم ودفعكم إلى الهاوية السحيقة؟ وكيف تسمحون له أن يتسلط على قلوبكم وأرواحكم ، وأن يمنعكم عن طريق الحق بوساوسه المستمرة؟!
وقوله تعالى : {وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63) إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (64) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ } [الزخرف : 63 - 65] .
الذين غالوا في المسيح :
مرت الإِشارة إلى جانب من خصائص حياة المسيح (عليه السلام) في الآيات السابقة ، وتكمل هذه الآيات ذلك البحث ، وتؤكّد بالخصوص على دعوة المسيح إلى التوحيد الخالص ، ونفي كل شكل من أشكال الشرك .
تقول الآية أوّلاً : {ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه} وبهذا فقد كانت «البينات» ـ أي آيات الله والمعجزات ـ رأسمال عيسى ، إذ كانت تبين حقانيته من جانب ، وتبين من جانب آخر الحقائق المرتبطة بالمبدأ والمعاد واحتياجات حياة البشر .
ويصف عيسى(عليه السلام) محتوى دعوته بـ «الحكمة» في عبارته ، ونحن نعلم أن أساس الحكمة هو المنع من شيء بقصد إصلاحه ، ثمّ أُطلقت على كل العقائد الحقّة ، وبرامج الحياة الصحيحة التي تصون الإِنسان من أنواع الإِنحراف في العقيدة والعمل ، وتتناول تهذيب نفسه وأخلاقه ، وعلى هذا فإن للحكمة هنا معنى واسعاً يشمل «الحكمة العلمية» و«الحكمة العملية» .
ولهذه الحكمة ـ إضافة إلى ما مرّ ـ هدف آخر ، وهو رفع الإِختلافات التي تخلّ بنظام المجتمع ، وتجعل الناس حيارى مضطربين ، ولهذا السبب نرى المسيح (عليه السلام) يؤكّد على هذه المسألة .
وهنا يطرح سؤال التفت إليه أغلب المفسّرين ، وهو : لماذا يقول : {قد جئتكم بالحكمة ولأُبين لكم بعض الذي تختلفون فيه} ولم لا يبيّن الجميع؟
وقد ذكرت أجوبة عديدة لهذا السؤال ، وأنسبها هو :
إنّ الإِختلافات التي بين الناس نوعان : منها ما يكون مؤثراً في مصيرهم من الناحية العقائدية والعملية ، ومنها ما يكون في الأُمور غير المصيرية ، كالنظريات المختلفة حول نشأة المنظومة الشمسية والسماوات ، وكيفية الأفلاك والنجوم ، وماهية روح الإِنسان ، وحقيقة الحياة ، وأمثال ذلك .
ومن الواضح أنّ الأنبياء مكلّفون أن ينهوا الإِختلافات من النوع الأوّل ويقتلعوها بواسطة تبيان الحقائق ، ولكنّهم غير مكلّفين برفع أي اختلاف كان حتى وإن لم يكن له تأثير في مصير الإِنسان مطلقاً .
ويحتمل أيضاً أن تبيان بعض الإِختلافات نتيجة وغاية لدعوة الأنبياء ، أي إنّهم سيوفقون أخيراً في حل بعض هذه الإِختلافات ، أمّا حلّ جميع الإِختلافات في الدنيا فإنّه أمر غير ممكن ، ولذلك تبيّن آيات متعددة من القرآن المجيد أن أحد خصائص القيامة هو ارتفاع كل الاختلافات وانتهاؤها ، فنقرأ في الآية (92) من سورة النحل : {وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } [النحل : 92] .
وقد جاء هذا المعنى في الآيات ، 55 ـ آل عمران ، 48 ـ المائدة ، 164 ـ الأنعام ، 69 ـ الحج ، وغيرها (11) .
وتضيف الآية في النهاية : {فاتقوا الله وأطيعون} .
بعد ذلك ، ومن أجل أن ترفع كل نوع من الإِبهام في مسألة عبوديته ، تقول الآية : {إنّ الله هو ربّي وربّكم} .
الملفت للإِنتباه تكرار كلمة «الرب» مرّتين في هذه الآية ، مرّة في حقّه ، وأُخرى في حق الناس ، ليوضح للناس أنّي وإيّاكم متساوون ، وربّي وربّكم واحد . وأنا مثلكم محتاج في كل وجودي إلى الخالق المدبر ، فهو مالكي ودليلي .
وللتأكيد أكثر يضيف : (فاعبدوه) إذ لا يستحق العبادة غيره ، ولا تليق إلاّ به ، فهو الرب والكل مربوبون ، وهو المالك والكل مملوكون .
ثمّ يؤكّد كلامه بجملة أُخرى حتى لا تبقى لمتذرع ذريعة ، فيقول : {هذا صرط مستقيم} (12) .
نعم ، إنّ الصراط المستقيم هو طريق العبودية لله سبحانه . . . ذلك الطريق الذي لا إنحراف فيه ولا اعوجاج ، كما جاء في الآية (61) من سورة يس : {وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ } [يس : 61] .
لكن العجب أن يختلف أقوام من بعده مع كل هذه التأكيدات : (فاختلف الأحزاب من بينهم)(13) :
فالبعض ذهب إلى أنّه الرب الذي نزل إلى الأرض !
وبعض آخر اعتبره ابن ربّه .
وآخرون بأنّه أحد الأقانيم الثلاثة (الذوات المقدسة الثلاثة : الأب ، والابن ، وروح القدس) .
وهناك فئة قليلة فقط هم الذين اعتبروه عبدالله ورسوله ، غير أن عقيدة الأغلبية هي التي هيمنت ، وعمت مسألة التثليث والآلهة الثلاثة عالم المسيحية .
وقد نقل في هذا الباب حديث تاريخي جميل أوردناه في ذيل الآية (36) من سورة مريم .
ويحتمل أيضاً في تفسير الآية ، أنّ هذا الإِختلاف لم يكن بين المسيحيين وحسب ، بل حدث بين اليهود والنصارى في المسيح ، فغالى أتباعه فيه ، وأوصلوه إلى مقام الألوهية ، في حين اتهمه وأُمَّه الطاهرة أعداؤه بأشنع الإِتهامات ، وهكذا سلوك الجاهلين وعرفهم ، بعضهم صوب الإِفراط ، وآخرون نحو التفريط ، أوهم ـ على حد تعبير أمير المؤمنين علي(عليه السلام) ـ بين محب غال وبين مبغض قال ، حيث يقول(عليه السلام) : «هلك فيّ رجلان : محب غال ، ومبغض قال» (14) !
وكم هي متشابهة أحوال هذين العظيمين !
وهددهم الله سبحانه في نهاية الآية بعذاب يوم القيامة الأليم ، فقال : {فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم} (15) .
نعم ، إنّ يوم القيامة يوم أليم ، فطول حسابه أليم ، وعقوباته أليمة ، وحسرته وغمه أليمان ، وخزيه وفضيحته أليمان أيضاً .
____________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج12 ، ص401-410 .
2 ـ «يصدون» من مادة صد ، ويكسر مضارعها ، وهي تعني الضحك والصراخ ، وإحداث الضجيج والغوغاء ، حيث يضعون يداً بيد عند السخرية والإستهزاء عادة . يراجع لسان العرب ، مادة : صدد .
3 ـ «خصمون» جمع خصم ، وهو الشخص الذي يجادل ويخاصم كثيراً .
4 ـ احتملوا في تفسير الآيات أعلاه احتمالات أُخرى ، وكل منها لا يتناسب مع محتوى الآيات :
1 ـ فقال البعض : إنّ المراد من المثل الذي ضربه المشركون هو أنّهم قالوا بعد ذكر المسيح وقصته في آيات القرآن : إنّ محمّداً يهيء الأرضية ليدعونا إلى عبادته ، والقرآن في مقام الدفاع عن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : لم يكن المسيح مدعياً للألوهية ، وسوف لن يدعيها هو أيضاً .
2 ـ وقال البعض الآخر : إنّ المراد من المثل في الآيات المذكورة هو التشبيه الذي ذكره الله سبحانه في شأن المسيح في الآية (59) من سورة آل عمران ، حيث يقول : {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [آل عمران : 59] فإذا كان عيسى قد ولد من غير أب فإن ذلك لا يثير العجب ، لأنّ آدم قد ولد من غير أب وأم ، بل من التراب بأمر الله تعالى .
3 ـ واحتمل بعض آخر أنّ المراد من المثل هو قول المشركين حيث كانوا يقولون : إذا كان النصارى يعبدون المسيح ، فلماذا لا تكون آلهتنا التي هي أسمى منه ، لائقة للعبادة وأهلاً لها؟
غير أنّ الالتفات إلى الخصوصيات التي ذكرت في هذه الآيات يوضح أن أيّاً من هذه التّفسيرات الثلاثة لا يصح ، لأنّ الآيات تبيّن جيداً :
أوّلاً : أنّ المثل كان من ناحية المشركين .
ثانياً : كان الموضوع قد أثار ضجة وصخباً ، وكان مضحكاً بنظرهم .
ثالثاً : كان شيئاً على خلاف مقام عبودية المسيح (عليه السلام) .
رابعاً : أنّه كان يحقق هدف هؤلاء ، وهو الجدال في أمر كان كاذباً .
وهذه الخصائص لا تتناسب إلاّ مع ما قلناه في المتن فقط .
5 ـ لمزيد الإطلاع راجعوا : كتاب إحقاق الحق ، المجلد 3 ، صفحة 398 وما بعدها ، تفسير نور الثقلين ، المجلد 4 ، صفحة 609 وما بعدها ، وتفسير مجمع البيان ذيل الآيات مورد البحث .
6 ـ اختار التّفسير الأوّل ، الطبرسي في مجمع البيان ، والشيخ الطوسي في التبيان ، وأبو الفتوح الرازي وآخرون .
أما التّفسير الثّاني فقد نقله القرطبي والآلوسي في روح المعاني ، والزمخشري في الكشاف ، والمراغي ، على أنه المعنى الوحيد للآية ، أو أنّه أحد معنيين لها .
7 ـ الميزان ، ذيل الآية مورد البحث .
8 ـ طبقاً للتفسير الأوّل ، فإن (من) للبدلية ، وبناء على التّفسيرين الثّاني والثّالث فإن (من) للإنشاء والإبتداء .
9 ـ نقل هذا الحديث صاحب مجمع البيان عن صحيح مسلم في ذيل الآيات مورد البحث .
10 ـ مجمع البيان ذيل الآية مورد البحث ، وتفسير روح المعاني ، المجلد 5 ، صفحة 88 .
11 ـ قال بعض آخر من المفسّرين : إن (بعض) هنا بمعنى الكل ، أوأن التعبير بـ (بعض الذي تختلفون فيه) إضافة موصوف إلى الصفة ، أوأن هذا التعبير إشارة إلى أنّي أبيّن لكم أُمور الدين وحسب ، لا اختلافاتكم في أمر الدنيا . إلاّ أن أيّاً من هذه التفاسير لا يستحق الإِهتمام .
12 ـ ورد نظير هذه الآية بتفاوت يسير في سورة مريم ـ 36 ، وسورة الأنعام ـ 51 ، وتكرار هذا المعنى تأكيد على أن عيسى (عليه السلام) قد أتمّ الحجة على جميع هؤلاء في مورد عبوديته وكونه عبداً لله سبحانه .
13 ـ الضمير في (بينهم) يعود إلى الذين خاطبهم المسيح (عليه السلام) في الآية السابقة ، ودعاهم إلى عبودية الله سبحانه .
14 ـ نهج البلاغة . الكلمات القصار : 117 .
15 ـ ينبغي الإنتباه إلى أن (أليم) صفة لليوم لا للعذاب .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|