أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-8-2016
738
التاريخ: 28-5-2020
1011
التاريخ: 23-8-2016
993
التاريخ: 26-5-2020
1028
|
...لا بأس بالإشارة إلى بعض الموارد التي توهّم كونها من موارد الاصول المثبتة وليس منها.
أحدها: ما إذا نذر التصدّق بدرهم عند حياة الولد ، فيتوهّم أنّ استصحاب الحياة في زمان شكّ فيها مثبت؛ لأنّه محتاج إلى وساطة أنّ التصدّق وفاء بالنذر حتى يترتّب الوجوب، وإلّا فنفس التصدّق من حيث هو غير موضوع للوجوب، لكن لازم حياة الولد عقلا كونه ملتزما به ومنذورا، فيترتّب عليه الوجوب بتوسّط هذا العنوان الملازم العقلي.
ومن هذا القبيل استصحاب حياة زيد لترتّب وجوب الانفاق على زوجته، فإنّه أيضا بتوسّط عنوان الزوج، ومثله استصحاب حياة زيد الموقوف عليه لإثبات الاستحقاق من الوقف، فإنّه بتوسّط عنوان الموقوف عليه، وهكذا.
وأجاب المحقّق الخراساني قدّس سرّه بما هذا لفظه: والتحقيق في دفع هذه الغائلة أن يقال: إنّ مثل الولد في المثال وإن لم يكن يترتّب على حياته أثر في خصوص خطاب، إلّا أنّ وجوب التصدّق قد رتّب عليه، لعموم الخطاب الدالّ على وجوب الوفاء بالنذر، فإنّه يدلّ على وجوب ما التزم به الناذر بعنوانه الخاص على ما التزم به من قيوده وخصوصيّاته، فإنّه لا يكون وفاء لنذره إلّا ذلك.
وبالجملة، إنّما يجب بهذا الخطاب ما يصدق عليه الوفاء بالحمل الشائع، وما يصدق عليه الوفاء بهذا الحمل ليس إلّا ما التزم به بعنوانه بخصوصيّاته، فيكون وجوب التصدّق بالدرهم ما دام الولد حيّا في المثال مدلولا عليه بالخطاب لأجل كون التصدّق به كذلك وفاء لنذره، فاستصحاب الحياة لإثبات وجوب التصدّق به غير مثبت.
ووجه ذلك أي سراية الحكم من عنوان الوفاء بالوعد أو العقد أو النذر وشبهه من الحلف والعهد إلى تلك العناوين الخاصّة المتعلّقة بها أحد هذه الامور حقيقة هو أنّ الوفاء ليس إلّا منتزعا عنها، وتحقّقه يكون بتحقّقها، وإنّما اخذ في موضوع الخطاب مع ذلك دونها لأنّه جامع لها مع شتاتها وعدم انضباطها، بحيث لا يكاد أن يندرج تحت ميزان، أو يحكي عنها بعنوان غيره كان جامعا مانعا كما لا يخفي.
وهذا حال كلّ عنوان منتزع عن العناوين المختلفة المتّفقة في الملاك للحكم عليها المصحّح لانتزاعه عنها، كالمقدّميّة والضديّة ونحوهما، ولأجل ذلك يكون النهي المتعلّق بالضدّ بناء على اقتضاء الأمر بالشيء له من باب النهي في المعاملة أو العبادة، لا من باب اجتماع الأمر والنهي.
لا يقال: إنّ الغصب مثلا له عنوان منتزع، فكيف إذا اجتمع مع الصلاة يكون من باب الاجتماع، لا النهي في العبادات والمعاملات.
لأنّا نقول: إنّ الغصب وإن كان منتزعا، إلّا أنّه ليس بمنتزع عن الأفعال بما هي صلاة، بل بما هي حركات وسكنات، كما ينتزع عنها عنوان الصلاة أيضا، وهذا بخلاف عنوان الضدّ؛ فإنّه منتزع عن الصلاة بما هي صلاة في ما إذا زاحمت هي كذلك واجبا مضيّقا، فإذا اقتضى الأمر به النهي عن ضدّه يكون النهي متعلّقا بالصلاة، فاحفظ ذلك؛ فإنّه ينفعك في غير مقام.
قال شيخنا الاستاد دام أيّام إفاداته الشريفة: أمّا ما يستفاد من ظاهر كلامه من أنّ المناط كون العنوان المأخوذ في موضوع الحكم على نحو الجهة التعليليّة أو على نحو التقييديّة، فعلي الأوّل يجرى الاستصحاب لإجراء الحكم في المصاديق، وعلى الثاني لا يجري، فهو حقّ لا محيص عنه.
وذلك لما هو واضح من أنّ الموضوع بالحقيقة على الأوّل نفس المصاديق بما هي هي، والعنوان بمنزلة المصالح والمفاسد التي هي ملاك الأحكام.
وأمّا على الثاني فالموضوع نفس العنوان بما هو هو وفي عالم تجريده عن الخصوصيّات، فاستصحاب الزيد لإثبات أثر نفس الإنسان بهذا المعني يكون مثبتا، كما تقدّم الإشارة إليه في مبحث استصحاب الكلّي.
ولكنّ الكلام كلّه في ما ذكره قدّس سرّه معيارا للجهة التعليليّة وأنّه إذا كان العنوان أمرا منتزعا عن الامور الخارجة عن الذات ولم يكن بحذائها شيء في الخارج مثل الملكيّة والغصبيّة وغير ذلك، فالجهة تعليليّة وإن كان منتزعا عن الامور المتأصّلة الخارجة عن مرتبة الذات مثل الضارب والعالم، وغير ذلك، فالجهة تقييديّة. فإنّا لا نعقل الفرق بين المقامين.
إلّا أنّ الأوّل شيء ينتزعه العقل ولا يضاف إليه الوجود في الخارج، وبعبارة اخرى: ليس بحذائه شيء في الخارج، فإنّ الموجود هو الزيد مثلا وليس الملك موجودا آخر وفي مقامنا الموجود هو الولد والتصدّق والدرهم، وليس مطابقة التصدّق للمنذور التي هي عبارة عن الوفاء موجودا آخرا.
والثاني أيضا شيء ينتزعه العقل، ولكن يضاف إليه الوجود في الخارج، وبعبارة اخرى: يكون بحذائه شيء في الخارج، فالزيد موجود، والضرب أو العلم موجود آخر، ولكنّهما في الحمل على المصاديق على نحو واحد وكيفيّة واحدة وإن كان أهل المعقول يسمّون كلّا باسم خاصّ به، فيسمّون الأوّل بالخارج المحمول، والثاني بالمحمول بالضميمة، وبالجملة، لا يتصوّر مدخليّة في هذا الفرق في صيرورة أحدهما جهة تعليليّة، والآخر تقييديّة.
والذي يمكن أن يقال في ملاك الجهتين: إنّه متى وقع العنوان باعتبار الوجود الساري تحت الحكم من غير فرق بين الانتزاعي والأصالي فهو جهة تعليلية، والحكم يعبر عنه إلى المصاديق.
والشاهد صحّة تشكيل القياس، فيقال مثلا: هذا عالم، وكلّ عالم يجب إكرامه، ينتج: هذا يجب إكرامه، وكذلك يقال: هذا إنسان، وكلّ إنسان ضاحك، ينتج: هذا ضاحك، فإنّه بعد وضوح أنّ المشار إليه بهذا ليس إلّا الذات لا هي معنونة بالعنوان، لا محيص عن القول بكون الجهة تعليليّة، وإلّا كان اللازم عدم صحّة الانتساب إلى الذات إلّا مع تقييدها بالعنوان.
والسرّ في أنّ معنى تعلّق الحكم بالطبيعة بهذا الاعتبار جعلها مع أيّ وجود اتّحدت ذات أثر كذا، بحث اضيف الأثر إلى ذلك الموجود المتّحد معها، كما هو الحال في حرارة النار، فإنّها تسري بسراية النار، فكما أنّ نفس النار متّحدة مع هذه النار الشخصيّة المدوّرة مثلا، مع أنّ المدوّرية خارجة عن حقيقة النار، كذلك حرارتها أيضا قائمة في الخارج بهذه النار الشخصيّة المدوّرة، ولا يخفي أنّ هذا مقتضى طبع الطبيعة، وخلاف ذلك أعني التجريد عن الخصوصيّات مع حفظ السريان هو المحتاج إلى المئونة.
وعلى هذا فالجهة التقييديّة إنّما يتحقّق بملاحظة التقييد في الموضوع الخاص، كأن تعلّق الحكم على الزيد المقيّد بالصداقة أو العلم.
وحاصل ما ذكرنا أنّ الحكم المتعلّق بالطبيعة بلحاظ الوجود السرياني- نحو أكرم العالم- يكون متعلّقا بعين الأشخاص الخاصّة من الزيد والعمرو والبكر وغير ذلك، غاية الفرق أنّ هذه عناوين تفصيليّة، والملحوظ بمرآتيّة العالم نفس تلك الذوات بطريق الإجمال.
والشاهد على هذا المدّعى صحّة تشكيل القياس، حيث إنّه من المعتبر في إنتاج الشكل الأوّل كون الكبرى محصورة حتّى يكون الأصغر محكوما عليه فيها بالعنوان الإجمالي، فيكون الفرق بينها وبين النتيجة في صرف كون الحكم فيها بالعنوان التفصيلي، دون الكبرى.
وبالجملة، فحال العنوان حال «هؤلاء» و«من في الصحن» في كونه غير مقصود بالأصالة، وإنّما جيء به للإحاطة بتمام الجزئيّات المشتّتة حتّى لا يشذّ عنها شيء، فشأنه السورية والإحاطة.
ولكنّ الفرق بينه وبين «هؤلاء» وشبهه أنّ فيه مضافا إلى هذه الفائدة فائدة اخرى ليست في «هؤلاء» وشبهه، وهي الإشارة إلى علّة الحكم وأنّه وجود هذا العنوان، فالحكم أوّلا على الفرد، والعلّة تحقّق الطبيعة في ضمنه، لا أنّ الحكم على الطبيعة وهو علّة لثبوته على الفرد حتّى يقال: لا سببيّة ولا مسببيّة بين الكلّي والفرد، لا في ذاتهما ولا في عرضهما.
والحاصل أنّه تارة يقال: الحكم على العالم بالوجود السريانى سبب للحكم على الزيد والعمرو والبكر، وهذا مخدوش بما عرفت، واخرى يقال: الحكم على الزيد والعمرو والبكر، والعلّة وجود العلم فيهم، وهذا يستفاد من مناسبة الحكم والموضوع.
ويمكن أن يكون هذا وجها لعدّ الأصل الجاري في حكم العنوان والجاري في حكم الشخص من باب الأصل في السبب والأصل في المسبّب، مثلا إذا شككنا في نسخ حكم أكرم العالم فهنا شكّان، أحدهما في بقاء هذا الحكم، والآخر في حكم الزيد الشخصي، فتارة يقال: وجهه سببيّة حكم الكلّي لحكم الفرد، وهذا منقوض، واخرى يقال: وجهه كون الشكّ في بقاء حكم الزيد ناشئا عن نفاد عليّة العلم للوجوب أو بقائها، فاستصحاب حكم الكلّي- حيث إنّه رافع للشكّ في بقاء العليّة- يكون مقدّما على استصحاب حكم الجزئي، وبهذا يمكن تقريب تقدّم الاستصحاب التعليقي أيضا على الفعلي المخالف، فإنّ الشكّ في بقاء حكم الحرمة مسبّب عن نفاد عليّة الغليان وعدمه، فالاستصحاب التعليقي يرفع هذا الشكّ.
فإن قلت: تمام ما ذكرت إلى هنا مبني على أن يكون الأفراد الملحوظة هي الذوات المعرّاة عن وصف تلبّسها بالعنوان؛ إذ هذا معنى التعليليّة، ولو كان الوصف مأخوذا لكان العنوان جهة تقييديّة، وكذلك يكون النتيجة في القياس أيضا وهو قولنا: العالم حادث مثلا هو ذات العالم، لا العالم المتقيّد بوصف التغيّر، ومسلميّة هذا في محلّ المنع، لإمكان أن يقال: إنّ قولنا: زيد عالم، يكون الملحوظ فيه عند قولنا: زيد، هو المعنى الذي لا يقبل محمولا مقابلا للعالم، وهكذا قولنا: زيد جاهل يكون ملحوظ المتكلّم عند قوله: زيد، معنى غير قابل لحمل غير الجاهل، وعلى هذا تكون الجهة تقييديّة لا تعليلية، كما هو واضح.
قلت: نعم ما ذكرت أيضا ممكن، لكنّ الأمر على هذا دائر بين ما ذكرنا- فلا إشكال- وبين ما ذكرت، وحينئذ يمكن دعوى خفاء الواسطة، فإنّ وجود هذا التقيّد في الموضوع على فرض ثبوته يكون بمثابة من الدقّة والخفاء، بحيث يشتبه الأمر على العرف ويتوهّمون كونه نفس الذات.
والحاصل إمّا ندّعي أنّ ملحوظ القائل في جميع الموارد ليس إلّا معنى واحدا، وهو مفاد زيد الذي هو لا بشرط عن العلم وغيره، وعلى هذا فلا إشكال في الاستصحاب، وإمّا ندّعي بأنّ الموضوع والملحوظ ولو بنحو تعدّد الدال والمدلول هو المقيّد، لكنّ العرف لا يفهم التقييد، وعلى هذا أيضا لا إشكال في الاستصحاب لخفاء الواسطة.
[ومنها الاستصحاب في الموضوعات الخارجيّة]
ثانيها: الاستصحاب في الموضوعات الخارجيّة بتوهّم أنّه لا أثر لها شرعا إلّا بواسطة انطباق العناوين الكليّة عليها، ضرورة أنّ الأحكام الشرعيّة يكون لها لا للموضوعات الخارجيّة الشخصيّة، فيكون استصحابها بملاحظة تلك الأحكام مثبتا.
قال شيخنا الاستاد دام أيّام إفاداته الشريفة: يمكن توجيه الإشكال بثلاثة وجوه.
الأوّل: أن يكون المراد استصحاب وجود الموضوع بتوهّم أنّه محتاج إلى انطباق عنوان الكلّي عليه، مثل استصحاب وجود الزيد، فإنّه يحتاج إلى تطبيق «هذا زوج» عليه، فإنّ الحكم مرتّب على الزوج لا الزيد، وهذا إشكالا ودفعا مثل المورد المتقدّم حرفا بحرف.
الثاني: أن يكون المراد استصحاب اتّصاف الموجود الخارجي مع الفراغ عن وجوده بعنوان كذائي، مثل استصحاب خمريّة هذا المائع الموجود إذا شكّ في انقلابها خلّا بتوهّم أنّ ما هو شأن الشارع هو الكبرى، وهو أنّ الخمر حرام، وأمّا الصغرى وهو أنّ هذا خمر، ثمّ النتيجة وهو أنّه حرام، فهو من فعل العقل، فاستصحاب خمريّة المائع محتاج إلى تطبيق خطاب «لا تشرب الخمر» على هذا المائع وهو عقلي.
وجوابه أنّ التطبيق هنا بنفسه من فعل الشرع، ومعنى تطبيق الخمر أيضا ترتيب حكمه- وهو الحرمة- على هذا المائع، والحاصل أنّ العقل بالنسبة إلى الأفراد الواقعيّة للخمر يرتّب القياس ويدرك حكم الشرع في موضوعه، فشأنه الإدراك فقط، لا الحكم أو ترتيبه، وأمّا الفرد التعبّدي فما كان يفعله العقل في الواقعي بنحو الإدراك يتصدّاه الشرع فيه بنحو الجعل والتنزيل، ولا دخالة للعقل بوجه.
الثالث: أن يكون المراد استصحاب الاتّصاف في الموجود الخارجي أيضا، لكن بتوهّم أنّ الحكم الشرعي لم يترتّب على نفس الموضوع الخارجى، بل على فعل المكلّف متقيّدا بإضافته إلى الموضوع الخارجي، مثلا لم يترتّب الحرمة على عين الخمر، بل على الشرب المضاف بها، فاستصحاب كون هذا المائع خمرا يحتاج إلى واسطة أنّ شربه شرب الخمر، وعلى هذا يسري الإشكال إلى موارد كثيرة.
مثلا استصحاب القلّة في الماء يحتاج إلى إثبات أنّ ملاقاة هذا الماء ملاقاة القليل، واستصحاب نجاسة اليد مثلا يحتاج إلى إثبات أنّ ملاقاتها ملاقاة النجس.
واستصحاب الطهارة في الماء مع حدوث الكريّة في اللاحق، أو استصحاب الكريّة مع حدوث الإطلاق في اللاحق يحتاج إلى إثبات أنّ الكريّة المضافة إلى هذا الماء هي الكريّة المضافة إلى الطاهر، أو أنّ الطهارة المضافة إلى هذا المائع هي الطهارة المضافة إلى الماء.
واستصحاب الطهارة الحدثيّة في المصلّي يحتاج إلى إثبات أنّ صلاته صلاة شخص طاهر واقعي، إلى غير ذلك من موارد كثيرة يجدها المتأمّل.
وحاصل الجواب عن الكلّ أنّ خطاب «لا تنقض» بحسب ما مرّ من البيان مخصوص بما إذا كان للمستصحب أثر مرتّب عليه بلا واسطة حتّى يكون الشارع جاعلا لهذا الأثر عليه بلسان «لا تنقض».
ونقول في المقام: إذا رتّب الشارع حكم الحرمة على شرب الخمر بنحو التقييد فالموضوع ينحلّ إلى شرب وخمر، فما كان من هذا الحكم حصّة الخمر وأثرها بلا واسطة هو أنّ الشرب المتقيّد بها حرام، فاستصحاب الخمريّة ناظر إلى هذا الأثر، فمفاده أنّ الشرب المتقيّد بهذا المائع بمنزلة الشرب المتقيّد بالخمر.
وكذا إذا رتّب حكم العصمة على الماء الطاهر الكرّ بنحو التقييد، فالموضوع منحلّ إلى أجزاء، فما يصير حصّة الماء الطاهر هو أنّ الكم الخاصّ القائم به عاصم، فاستصحاب الطهارة مع حدوث الكريّة ينزل الكمّ المضاف بهذا المشكوك منزلة الكمّ المضاف بالطاهر الواقعي.
وكذا إذا رتّب حكم الوجوب على الصلاة الصادرة عن الشخص الطاهر بنحو التقييد، فما يكون حصّة للشخص أنّ الصلاة الصادرة منه واجبة، فمعنى استصحاب الطهارة الحدثيّة أنّ الصلاة الصادرة من هذا الشخص صلاة صادرة من الطاهر الواقعي.
نعم هذا إنّما يستقيم إذا اعتبرت الطهارة وصفا في الفاعل، كما هو الواقع، وأمّا اذا اعتبرت وصفا في الصلاة فاستصحابها لا يثبت تقيّد الصلاة بها.
وحاصل الفرق بين المقامين أنّ تقيّد الصلاة في الأوّل بشخص هذا المصلّي محرز بالوجدان والاستصحاب أيضا يفيد تنزيل صدورها منه منزلة صدورها عن الطاهر الواقعي، وأمّا في المقام الثاني فليس للصلاة تقيّد وجداني حتّى ينزّل منزلة الواقعي، ولا يتكفّل الاستصحاب أيضا أزيد من الحكم بالطهارة مع كون الأمر بحسب الواقع مردّدا بين تقيّد الصلاة بالطهارة وعدمها.
والحاصل أنّ التقيّد ليس ممّا تكفّله الاستصحاب، ولا هو وجداني حتّى يلحقه التنزيل، ولا يتوهّم أنّ هنا أيضا تقيّدا بحالة المكلّف أيّا ما كانت، فإنّ استصحاب الطهارة لا يفيد كون الحالة طهارة، بل يفيد نفس الطهارة، وبعبارة اخرى: مفاده أنّ الطهارة باق بنحو مفاد كان التامّة، لا أنّ هذه الحالة طهارة بنحو مفاد كان الناقصة.
وضابط المقام أنّه كلّما اعتبر القيد في محلّ واعتبر إضافة المقيّد إلى ذلك المحلّ، فاستصحاب القيد ينزل المقيّد بهذا المحلّ منزلة المقيّد بالمحل المتلبّس الواقعي، فتلبّس المحلّ محرز بالأصل، وتقيّد الذات بالمحلّ محرز بالوجدان، فصار الموضوع محرزا بكلا جزئيّة، وكلّما اعتبر القيد أوّلا في الذات فاستصحاب القيد غير مثمر؛ لأنّ مفاده أنّ الذات المقيّدة به محكوم بكذا، ولكن التقيّد غير محرز لا بالاصل ولا بالوجدان.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|