أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-8-2016
729
التاريخ: 23-8-2016
993
التاريخ: 1-8-2016
768
التاريخ: 1-8-2016
639
|
ثمّ إنّه يعتبر في الاستصحاب فعليّة اليقين والشكّ بحيث يدور مدار فعليّتهما وجودا وعدما، ففي حال الغفلة لا موضوع للاستصحاب واقعا، فلا يكون خطابه متوجّها واقعا، لعدم تحقّق الوجدانين والحالتين للنفس مع الغفلة، لا أنّ الخطاب موجود والغفلة مانعة عن تنجّزه، والدليل على ذلك أنّا إمّا أن نقول بحجّية الاستصحاب من باب الأخبار أو من باب الطريقية أو من باب السيرة وبناء العقلاء.
فإن قلنا بالأوّل فواضح أنّ مفاد قوله: «لا تنقض اليقين بالشكّ» هو اليقين والشكّ الفعليّان، فلا يشمل الغافل الفاقد لهما فعلا، والواجد لهما على تقدير الالتفات.
وإن قلنا بالثاني فمعنى الطريقيّة أنّ الكون السابق طريق للثبوت في اللاحق بملاحظة القاعدة المتوهّمة من أنّ كلّ ما ثبت يدوم بحسب الغالب، فالثبوت في السابق يفيد الظنّ النوعي بحسب هذه الغلبة بالثبوت في اللاحق؛ لأن الظنّ يلحق الشيء بالأعمّ الأغلب، ولا يخفى أنّ طريقيّة الكون السابق وإفادته الظنّ مخصوصة بحال ذكره والالتفات إليه؛ لوضوح أنّه مع غفلة الذهن وعزوبه عن الكون السابق لا يعقل طريقيّته وإفادته الظنّ لا شخصا ولا نوعا، وقد فرض أنّ موضوع الحجّية هو موضوع الطريقيّة والظنّ النوعي، فإذا انتفى الطريقيّة والظنّ النوعي انتفت الحجيّة بانتفاء الموضوع.
وإن قلنا بالثالث فواضح أنّ المتيقّن من السيرة وبناء العقلاء هو اليقين والشكّ الفعليّان.
وقد فرّع على هذا الأصل شيخنا المرتضى قدّس سرّه فرعين:
الأوّل: أنّه لو أحدث ثمّ غفل، ثمّ صلّى غافلا ثمّ التفت فشكّ في كونه متطهّرا حال الصلاة أو محدثا، فالاستصحاب لا موضوع له حال الصلاة ولا قبلها، لوجود الغفلة وعدم وجود اليقين والشكّ الفعليّين وإن كان لو التفت كان متلبّسا بهما.
نعم يتحقّق موضوعه بعد الصلاة لمكان اليقين والشكّ الفعليّين حينئذ، فيحكم بمقتضى هذا الاستصحاب بكونه محدثا حال الصلاة، فيترتّب عليه بطلان الصلاة، ولكن قاعدة الفراغ قاضية بالصحّة، وذلك لوجود موضوعها وهو الشكّ الحادث بعد العمل في المقام، وهى مقدّمة على الاستصحاب المذكور للحكومة.
الثاني: أنّه لو قطع بالحدث، ثم شكّ، ثمّ غفل، ثمّ صلّى، ثمّ التفت وحصل له اليقين والشكّ فمقتضى الاستصحاب الجاري في الشكّ المتحقّق قبل الصلاة هو الحكم ببطلان الصلاة؛ لأنّه دخل في الصلاة محدثا بحكم الاستصحاب، ولا مجرى للقاعدة حينئذ كما هو واضح.
أقول: أمّا ما ذكره قدّس سرّه في الفرع الأوّل من عدم جريان الاستصحاب حال الصلاة وقبلها لوجود الغفلة فمتين، وكذا ما ذكره من جريانه بعدها لتحقّق الموضوع متين أيضا، وأمّا ما ذكره من جريان قاعدة الفراغ وتقدّمها على الاستصحاب من باب الحكومة فمخدوش؛ لأنّا إن بنينا في القاعدة على الطريقيّة كما هي الظاهر من الأخبار الواردة بعدم الاعتناء بالشكّ في بعض أفعال الوضوء بعد الفراغ منه، وتعليل ذلك بقوله: «لأنّه حين العمل أذكر منه حين يشكّ» فإنّ ظاهره أنّ الغالب عدم غفلة من يشتغل بعمل عن عمله حال الاشتغال، فإذا شكّ المكلّف في غفلته حال العمل وعدمها بنى على عدمها للغلبة المذكورة(1).
فعلى هذا يخرج عن مورد القاعدة ما إذا كان المكلّف بعد الفراغ قاطعا بالغفلة حال العمل، وينحصر فيما إذا احتمل بعد الفراغ عدم الغفلة حاله.
ولهذا استشكل في جريان القاعدة فيما إذا قطع بعد الفراغ من الوضوء بغفلته عن تحريك الخاتم الذي في اليد، ولكن احتمل وصول الماء تحته من باب الاتّفاق، فيتقيّد بهذه الأخبار المطلقات الواردة بعدم الاعتناء بالشكّ بعد الفراغ مطلقا من دون ذكر للتعليل المذكور، وحينئذ يكون الفرع المذكور خارجا عن مورد قاعدة الفراغ؛ لفرض كون المكلّف بعد الفراغ قاطعا بالغفلة حال الصلاة، فيكون الاستصحاب جاريا بلا معارض وإن كان على فرض جريان القاعدة محكوما لها؛ لكونها من الطرق والأمارات وكونه من الاصول.
وأمّا إن بنينا في القاعدة على عدم الطريقيّة وأنّ التعليل المذكور في الأخبار يكون للتقريب إلى ذهن المخاطب والإشارة إلى الحكمة دون بيان العلّة(2)، وإلّا فالحكم ثابت لمطلق من يشكّ بعد الفراغ وإن كان قاطعا بكونه غافلا حال العمل، والشاهد على ذلك وجود الإطلاقات الواردة في مقام البيان مع خلوّها عن ذكر التعليل المذكور، فيكون الفرع المذكور موردا لقاعدة الفراغ، ولكن لا حكومة لها على الاستصحاب، لكون كلّ منهما حكما واردا على موضوع الشك، بل الاستصحاب- بملاحظة برزخيّته بين الطريقيّة والأصليّة ولهذا يقدّم على سائر الاصول- أولى بالتقدّم، ولكنّ القاعدة مقدّمة عليه من جهة أنّ أكثر أفراد الشكّ بعد العمل تكون لها الحالة السابقة وإن كان يمكن فرض انفكاكه عن الحالة السابقة، لكنّه فرض نادر، فلو قدّم الاستصحاب على القاعدة يلزم لغويّة القاعدة من جهة خروج أكثر أفرادها عن تحتها.
فتحصّل أنّه بناء على الطريقيّة لا جريان للقاعدة أصلا وإن كان حكومتها على تقدير الجريان تامّة، وبناء على عدم الطريقيّة تكون جارية ومقدّمة على الاستصحاب لكن لا من باب الحكومة، بل من جهة اللغوية، هذا هو الكلام في الفرع الأوّل.
وأمّا الكلام في الفرع الثاني فهو أنّ ما ذكره قدّس سرّه من جريان الاستصحاب في الشكّ المتقدّم على الصلاة، والحكم ببطلان الصلاة من جهته مخدوش، بأنّا بعد ما قلنا بدوران الاستصحاب مدار الشكّ واليقين الفعليّين، فبانقلابهما إلى الغفلة لا بدّ وأن نقول بارتفاع الاستصحاب؛ إذ كما أنّ الاستصحاب في الحدوث يحتاج إلى الشكّ واليقين الفعليّين، كذلك في البقاء محتاج إليهما أيضا، ففي حال بقاء الشكّ يكون المكلّف محكوما بعدم جواز الدخول في الصلاة بحكم الاستصحاب، وأمّا بعد انقلابه إلى حال الغفلة يرتفع عنه هذا الحكم بارتفاع الموضوع، ففي حال الدخول في الصلاة كان غير محكوم بالحدث الاستصحابي، فيكون حال هذا المكلّف حال المكلّف الذي دخل في الصلاة غافلا من الأوّل كما في الفرع المتقدّم.
وحينئذ لا بدّ من نقل الكلام في الشكّ المتأخّر عن الصلاة، فنقول: جريان الاستصحاب فيه معلوم، وأمّا جريان قاعدة الفراغ فهو هنا أشكل منه في الفرع المتقدّم، ووجهه أنّا إن قلنا بالطريقية فعدم الجريان واضح ممّا ذكر في الفرع المتقدّم، وإن قلنا بعدمها فيمكن القول بعدم الجريان هنا من جهة أنّ موضوع القاعدة لا شكّ أنّه الشكّ الحادث بعد العمل؛ لوضوح أنّه لو لم يكن كذلك فالشكوك الحادثة في أثناء العمل يمكن الصبر عليها والحكم بالصحّة في ما بعد العمل، ومن المعلوم بطلان ذلك.
وحينئذ فيمكن أن يقال: إنّ الشكّ الحاصل بعد الصلاة عند العرف عين الشكّ الحاصل قبلها، فيحكمون بأنّه كان مخفيّا فظهر، لا أنّه صورة جديدة طارئة على النفس، كما أنّ الحال كذلك بحسب الدقّة العقليّة، أ لا ترى أنّ صورة زيد إذا حصلت في النفس ثمّ غفل عنها، ثمّ عادت يحكم العرف بأنّها عين الصورة الاولى وإن كانت مغايرة لها بالدقّة العقليّة؟ فكذلك الحال في الشكّ هنا.
وبالجملة، فجريان قاعدة الفراغ في هذا الفرع مبنيّ على مقدّمتين، إحداهما القول بعدم الطريقيّة، والاخرى إحراز أنّ العرف يحكمون بمغايرة الشكّ الثاني مع الأوّل؛ إذ مع الشكّ أو إحراز عدم المغايرة لا مجرى للقاعدة، أمّا على الأوّل فللشبهة في المصداقيّة، وأمّا على الثاني فللقطع بعدم المصداقيّة، والظاهر حكمهم بعدم المغايرة، فلا تكون القاعدة جارية مطلقا، سواء قلنا بالطريقيّة أم لم نقل، فيكون الاستصحاب جاريا بلا معارض ونحكم ببطلان الصلاة من جهته لا من جهة الاستصحاب في الشكّ المتحقّق قبل الصلاة كما زعمه قدّس سرّه.
_______________
(1) فيه أنّه فرق واضح بين جعل الظنّ الحاصل من العادة و الغلبة حجّة، و بين كونه علّة لتشريع الحكم للشاك، و مفاد الطريق هو الأوّل كذا أفاده دام ظلّه. منه قدّس سرّه الشريف.
(2) فيه أنّ كون التعليل المذكور من باب الحكمة أو العلّة لا ربط له بما نحن فيه من استظهار الطريقيّة منه، فإنّه على فرض تماميّته في نفسه يتمّ على التقديرين، نعم هذا الكلام إنّما ينفع للفرع الفقهي و هو أنّه هل يندرج تحت القاعدة صورة القطع بعدم الالتفات حال العمل أو لا، كذا أفيد.منه قدّس سرّه الشريف.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|