أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-9-2020
52413
التاريخ: 26-03-2015
55052
التاريخ: 26-03-2015
10150
التاريخ: 4-2-2020
12649
|
إن الكناية في عرف اللغة أن تتكلم بشيء وتريد غيره، ويقال: كنيت بكذا عن كذا إذا تركت التصريح به. كما ذكرنا أنها في اصطلاح علماء البيان: لفظ أطلق وأريد به لازم معناه مع جواز إرادة ذلك المعنى، أي المعنى الحقيقي للفظ الكناية (1).
وقد عبر الإمام عبد القاهر الجرجاني عن هذا المعنى الاصطلاحي بصورة أخرى فقال: «الكناية أن يريد المتكلم إثبات معنى من المعاني فلا يذكره باللفظ الموضوع له في اللغة، ولكن يجيء إلى معنى هو تاليه وردفه في الوجود فيومي إليه ويجعله دليلا عليه، مثال ذلك قولهم: «هو طويل النجاد» يريدون طول القامة، «وكثير رماد القدر» يعنون كثير القرى، وفي المرأة «نؤوم الضحى» والمراد أنها مترفة مخدومة لها من يكفيها أمرها. فقد أرادوا في هذا كله كما ترى معنى ثم لم يذكروه بلفظه الخاص به، ولكنهم توصلوا إليه بذكر معنى آخر من شأنه أن يردفه في الوجود، وأن يكون إذا كان. أفلا ترى أن القامة إذا طالت طال النجاد، وإذا كثر القرى كثر رماد القدر، وإذا كانت المرأة مترفة لها من يكفيها أمرها ردف ذلك أن تنام إلى الضحى؟ (2).
كذلك عبر ابن الأثير عن معناها الاصطلاحي بصورة ثالثة ومثل لها
212
فقال: «حد الكناية الجامع لها هو أنها كل لفظة دلت على معنى يجوز حمله على جانب الحقيقة والمجاز بوصف جامع بين الحقيقة والمجاز، نحو قوله تعالى: إن هذا أخي له تسعٌ وتسعون نعجة ولي نعجةٌ واحدةٌ. فقد كنى بذلك- يقصد لفظة النعجة- عن النساء، والوصف الجامع بينهما هو التأنيث. فالمعنى هنا يجوز حمله على الحقيقة كما يجوز حمله على المجاز (3).
وقد انتهى البحث في «الكناية» إلى السكاكي والقزويني ومدرستهما البلاغية فتوسعوا في بحثها وحددوا أقسامها على النحو الذي فصلته في مبحث «نشأة علم البيان وتطوره»، ثم جاء البلاغيون من بعدهم فأخذوا بتقسيمهم الذي لا يزال متبعا إلى اليوم في دراسة «الكناية».
...
وإذا عدنا إلى تقسيم السكاكي والقزويني وجدنا أن المطلوب بالكناية عندهم لا يخرج عن ثلاثة أقسام هي: طلب نفس الصفة، وطلب نفس الموصوف، وطلب النسبة.
ومعنى هذا أنهم يقسمون الكناية باعتبار المكنى عنه ثلاثة أقسام تتمثل في أن المكنى عنه عندهم: قد يكون صفة، وقد يكون موصوفا، وقد يكون نسبة.
ولعل الأمثلة والتعقيب عليها بالشرح والتحليل خير وسيلة لتوضيح أقسام الكناية وبيان أثر صورها المختلفة في بلاغة الكلام.
كناية الصفة: وهي التي يطلب بها نفس الصفة، والمراد بالصفة هنا الصفة المعنوية كالجود والكرم والشجاعة وأمثالها لا النعت.
213
1 - ومن أمثلة ذلك قول عمر بن أبي ربيعة في صاحبته هند:
نظرت إليها بالمحصب من منى … ولي نظر لولا التحرج عارم
فقلت: أشمس أم مصابيح بيعة … بدت لك تحت السجف أم أنت حالم؟
بعيدة مهوى القرط إما لنوفل … أبوها وإما عبد شمس وهاشم (4)
فالكناية هنا في البيت الثالث، هي «بعيدة مهوى القرط»، ومهوى القرط المسافة من شحمة الأذن إلى الكتف. فابن أبي ربيعة يصف صاحبته بأنها بعيدة مهوى القرط، وهو بهذه الصفة يريد أن يدل على أن هندا صاحبته «طويلة الجيد». ولهذا عدل عن التصريح بهذه الصفة إلى الكناية عنها، لأن بعد المسافة بين شحمة الأذن والكتف يستلزم طول الجيد.
2 - وقال المتنبي في إيقاع سيف الدولة ببني كلاب:
فمساهم وبسطهمو حرير … وصبحهم وبسطهمو تراب
فالمتنبي هنا يصف بني كلاب الذين أوقع بهم سيف الدولة بأن بسطهم في المساء وقبل الإيقاع بهم كانت من الحرير ثم صارت في الصباح من التراب بسبب ما أصابهم من الأمير سيف الدولة.
وقصد الشاعر من وراء هذا التعبير في الواقع أن يصف بني كلاب بأنهم في المساء كانوا سادة أعزاء ثم صاروا في الصباح وبعد الإيقاع بهم فقراء أذلاء. وقد عدل الشاعر بتعبيره عن التصريح إلى أسلوب الرمز
214
والكناية، لأن بسط الحرير التي كانت لهم في المساء تستلزم السيادة والعزة، وإن هذه البسط التي تحولت في الصباح إلى تراب تستلزم الفقر والحاجة والذلة. فالبيت كما نرى كناية عن صفة. هذا ويجوز حمل المعنى على جانب الحقيقة، بمعنى أنه يصح هنا إرادة المعنى المفهوم من صريح اللفظ، أي أنهم في المساء كانوا يجلسون على بسط من الحرير فعلا ثم صاروا في الصباح يجلسون على التراب حقيقة.
3 - وقالت الخنساء في أخيها صخرا:
طويل النجاد رفيع العماد … كثير الرماد إذا ما شتا
فالخنساء في هذا البيت تصف أخاها صخرا بثلاث صفات هي: إنه طويل النجاد، رفيع العماد، كثير الرماد.
وهي بهذه الصفات تريد أن تدل على أن أخاها شجاع، عظيم في قومه، كريم. ولكنها عدلت عن التصريح بهذه
الصفات إلى الكناية عنها، لأنه يلزم من طول حمالة السيف طول صاحبه، ويلزم من طول الجسم الشجاعة عادة، ثم إنه يلزم من كونه رفيع العماد أن يكون سيدا عظيم القدر والمكانة في قومه وعشيرته، كما أنه يلزم من كثرة الرماد كثرة إحراق الحطب تحت القدور، ثم كثرة الضيفان، ثم كثرة الكرم. وهنا أيضا يجوز حمل المعنى على جانب الحقيقة، فمن الجائز بالإضافة إلى المعنى الكنائي أن يكون أخوها حقيقة طويل النجاد، رفيع العماد، كثير الرماد.
فتراكيب الكناية في الأمثلة السابقة هي «بعيدة مهوى القرط» و «كون بسطهم حريرا» و «كون بسطهم ترابا» و «طويل النجاد» و «رفيع العماد» و «كثير الرماد».
ولما كان كل تركيب من هذه التراكيب قد كني به عن صفة لازمة
215
لمعناه، كان كل تركيب من هذه وما يشبهه «كناية عن صفة». وهذا هو القسم الأول من أقسام الكناية.
...
__________
(1) كتاب التلخيص ص 338.
(2) كتاب دلائل الإعجاز ص 44.
(3) المثل السائر ص 248.
(4) ديوان عمر بن أبي ربيعة ص 207، ونظر عارم: خارج عن القصد، والبيعة بكسر الباء: متعبد النصارى، والسجف بكسر السين: الستر، وبعيدة مهوى القرط: كناية عن طول عنقها، ونظيره قول الحماسي:
أكلت دما إن لم أرعك بضرة … بعيدة مهوى القرط طيبة النشر
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|