أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-12-2020
2099
التاريخ: 16-9-2019
2777
التاريخ: 20-9-2019
2360
التاريخ: 8-9-2019
2198
|
وكان اول منظري التخلف من الاقتصاد الماركسي الأمريكي بـول باران الذي طرح ان التخلف هو نتاج للرأسمالية نفسها ، وليس نتاج لأنماط الانتاج ما قبل الرأسمالية التي كانت تهيمن في البلدان المختلفة ، ولقد أدى تطور الرأسمالية من وجهة نظره الى انشطار العالم الى شطرين ، هما البلدان الرأسمالية المتقدمة والبلدان الرأسمالية المتخلفة ، والتفاعل بين هذين الشـطرين يتم على ثلاثة مستويات هي التجارة وحركة الفائض والهيمنة السياسة .
فقد رأى ان حركة التجارة توفر بالنسبة للدول المتقدمة مصادر رخيصة للمواد الأولية ، كما يؤدي التنافس الذي يخلقه استيراد المنتجات الصناعية من الدول المتقدمة الى عرقلة النمو الصناعي في الدول المتخلفة ، وتتسبب حركة الفائض والتي تأخذ شكل أرباح متنقلة الى الدول المتقدمة في حرمان الدول المتخلفة فلقد أدت الى زرع ودعم حكومات في الدول المتخلفة تقوم بتشجيع الاستثمار الاجنبي وعرقلة ووقف التنمية المحلية .
ولقد طرح باران أن الفترة السابقة على الاستعمار الاوربي شهدت نمط انتاج واحد على النطاق العالمي ، وطبيعة اجتماعية وسياسية متشابهة في البلدان المتخلفة ، ويمكن تلخيص هذا النمط تحت مسمى نمط الانتاج الإقطاعي ، وعلى الرغم من الفوارق الاساسية بين المناطق المختلفة ، فقد دخل هذا النمط عند مرحلة معينة من تطوره في عملية انحلال وتفكك سمحت بإمكانية تطور رأسمالي .
ويجب هنا ملاحظة اختلاف هذه الرؤية عن رؤية ماركـس في ان نمط الانتاج الإقطاعي كان خاصاً بأوربا ، وان انماط الانتاج قبل الرأسمالية خارج اوربا كانت مختلفة عن الإقطاع مثل نمط الانتاج الآسيوي مثلاً ، واعتبر ماركس هذه الاختلافات بين انماط الانتاج قبل الرأسمالية هي التي أدت الى ظهور الرأسمالية في اوربا وتأخرها في آسيا وبقية العالم .
رأى باران أن هناك ثلاثة عوامل أساسية أسهمت في ظهور الرأسماليـة ؛
أولاً : زيادة في الانتاج الزراعي تقابله عمليات طرد واسعة للفلاحين من الارض .
ثانياً : نمو وتطور الانتاج السلعي وتقسيم العمل .
ثالثاً : مراكمة رأس المال من قبل التجار والفلاحين الأغنياء .
وقد أعطى باران اهمية خاصة للعامل الثالث الذي رأى ان تطوره السريع في أوربا هو الذي خلق الأساس الاقتصادي للتوسع الأوربي ، وبالتالي امتصاص الفائض المستخرج من بقية أنحاء العالم ، على عكس العاملين الأول والثاني الذي كان تطورهما متساوياً على مستوى العالم قبل الرأسمالي كله ، وفي النهاية اصبح العالم ينقسم في فترة الاستعمار الى بلدان غنية وفقيرة .
وللتدليل على وجهة نظره قارن ابران بين الهند واليابان ، حيث ظلت الهند متخلفة اقتصادياً بسبب نهب واستغلال الاستعمار البريطاني لها ، اما اليابان والتي ظلت مستقلة استطاعت أن تتحول الى قوى رأسمالية كبرى.
المهم في رأيه ان الاستعمار خلق مجموعة من الخصائص المشتركة في البلدان المتخلفة ، وأدت العلاقة البنيوية بين هذه الخصائص على إعاقة التطور الرأسمالي والتنمية ، وأهم هذه الخصائص في رأيه هي :
1ـ وجود قطاع زراعي كبير وشديد التخلف يهيمن عليه الانتاج الفلاحي الصغير وتعيش على اساسه طبقة من ملاك الاراضي .
2ـ وجود قطاع صناعي صغير ومتقدم نسبياً ينتج لسوق محلي محدود وعدد من المشروعات المنتجة للتصدير تكون عادة مملوكة لرأس المال الأجنبي.
3ـ وجود قطاع تجاري واسع تتحكم من خلاله الرأسمالية التجارية في التجارة الخارجية ، ويرتبط عضوياً برأس المال الأجنبي .
ان تفسير باران لعدم حدوث نمو صناعي سريع في البلدان المتخلفة هو جوهر تفسيره لظاهرة التخلف ككل ، حيث يؤدي التنافس الخارجي وضيق الأسواق المحلية بسبب ضآلة الاستهلاك الجماهيري ، الى إعاقة الصناعات الوليدة وعرقلة التنمية الصناعية ، وبالتالي تتحول سريعاً الصناعات القليلة الموجودة الى الاحتكار ، مما يؤدي بدوره الى عرقلة التوسع الرأسمالي والتنمية .
كان باران يعتقد ان الدولة في البلدان المتخلفة تقع تحت سيطرة البرجوازية الكومبرادورية التي ترتبط مصالحها اساساً بمصالح الشركات الأجنبية ، حيث تقوم الدولة عادة بتقديم تسهيلات لتلك الشركات ، وتمكنها من استغلال المصادرالطبيعية (البترول ، المعادن ، المنتجات الزراعية).
وبناءاً على الرؤية السابقة استنتج باران أن الطريق الوحيد أمام البلدان المتخلفة للتخلص من تخلفها هو الانفصال عن المنظومة الرأسمالية العالمية والتخلص من البرجوازية الكومبروادورية الحاكمة والمضي قدماً في طريق التنمية (الاشتراكية) المستقلة .
أي ان بول باران حقق على المستوى الاقتصادي النظري ما حققته الستالينية على المستوى السياسي الملموس ، اي تحويل النظرية الماركسية من نظرية الثورة العمالية العالمية الى نظرية الثورة الوطنية ، واكتسبت الاشتراكية معنى جديد " فقد اصبحت تعني انفصال البلدان المتخلفة عن السوق الرأسمالي العالمي وتحقيق التنمية " (الرأسمالية المستقلة) .
ويمكننا تلخيص التحول الذي أحدثه باران في النظرية الماركسية للإمبريالية في النقاط التالية :
1ـ لم يعد مفهوم التخلف يرتبط فقط بالمستعمرات وإنما اصبح يشير أيضاً الى البلدان المستقلة المتخلفة .
2ـ التخلف ليس نتيجة أنماط الانتاج قبل الرأسمالية ولكنه نتيجة الشكل الذي أخذه التطور الرأسمالي نفسه .
3ـ النظام الرأسمالي ليس نظاماً متجانساً ولكنه نظام تراتبي عالمي يتم فيه استغلال البلدان الأقل تقدماً من قبل البلدان المتقدمة .
4ـ تتم عملية الاستغلال هذه من خلال نقل جزء من الفائض الاقتصادي المتحقق في الدول المتخلفة الى الدول المتقدمة ومن خلال تبذير جزء آخر من هذا الفائض على استهلاك الطبقة الكمبرادورية الحاكمة .
5ـ تقف الامبريالية ضد تصنيع الدول المتخلفة وتحاول مساندة وتأييد البرجوازيات الكمبرادورية الحاكمة .
6ـ لم تعد الرأسمالية في مرحلتها الاحتكارية قوة ديناميكية وتوسعية بل أصبحت تؤدي الى الركود خاصة في البلدان المتخلفة ولذا يجب على هذه البلدان التخلي عن الرأسمالية وانتهاج الطريق الاشتراكي للتنمية .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|