المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
عمليات الخدمة اللازمة للجزر
2024-11-24
العوامل الجوية المناسبة لزراعة الجزر
2024-11-24
الجزر Carrot (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
المناخ في مناطق أخرى
2024-11-24
أثر التبدل المناخي على الزراعة Climatic Effects on Agriculture
2024-11-24
نماذج التبدل المناخي Climatic Change Models
2024-11-24

 فيتامين (أ)  Vitamin A
19-7-2016
خصائص السكريات السداسية
8-6-2017
فلق النواة
31-1-2023
الكافر لن تقبل منه توبة ابدا بعد موته
2024-10-30
استنكار الاَمثال القرآنية
11-10-2014
Mixed Partial Derivative
21-7-2018


التتبيع  
  
2404   04:56 مساءاً   التاريخ: 25-03-2015
المؤلف : ابن رشيق القيرواني
الكتاب أو المصدر : العمدة في محاسن الشعر وآدابه
الجزء والصفحة : ص103-106
القسم : الأدب الــعربــي / البلاغة / البديع /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-9-2020 8687
التاريخ: 25-03-2015 8655
التاريخ: 2062
التاريخ: 25-03-2015 3150

ومن أنواع الإشارة التتبيع، وقوم يسمونه التجاوز، وهو: أن يريد الشاعر ذكر الشيء فيتجاوزه، ويذكر ما يتبعه في الصفة وينوب عنه في الدلالة عليه، وأول من أشار إلى ذلك امرؤ القيس يصف امرأة:

ويضحى فتيت المسك فوق فراشها ... نؤوم الضحى لم تنتطق عن تفضل

فقوله " ويضحى فتيت المسك " تتبيع، وقوله " نؤوم الضحى " تتبيع ثان، وقوله " لم تنتطق عن تفضل " تتبيع ثالث، وإنما أراد أن يصفها بالترفه، والنعمة، وقلة الامتهان في الخدمة، وأنها شريفة مكفية المؤونة، فجاء بما يتبع الصفة ويدل عليها أفضل دلالة.. ونظيره قول الأخطل يصف نساء:

لا يصطلين دخان النار شاتيةً ... إلا بعود يلنجوجٍ على فحم

فذكر أنهن ذوات تملك وشرف حال. وأين من هذا القول النابغة في معناه وقصده:

ليست من السود أعقاباً إذا انصرفت ... ولا تبيع بجنبي نخلة البرما

كأنها إن لم تكن سوداء العقبين بياعة للبرم كانت في نهاية الحسن والشرف والدعة.

وقال النابغة وأراد أن يصف طول العنق وتمام الخلقة فيها فذكر القرط؛ إذ كان مما يتبع وصف العنق، ولم يسبقه إلى ذلك أحد من الشعراء:

إذا ارتعثت خاف الجبان رعاثها ... ومن يتعلق حيث علق يفرق

فجعل رعاثها يخاف ويفرق، وعذره ببعد مسقطه، فتناول هذا المعنى عمر بن أبي ربيعة فأوضحه بقوله:

بعيدة مهوى القرط إما لنوفل ... أبوها، وإما عبد شمس وهاشم

وتبعه ذو الرمة فزاد المعنى وضوحاً بقوله:

والقرط في حرة الذفرى معلقه ... تباعد الحبل منه فهو يضطرب

وقال طفيل الغنوي يصف فرساً، ويروى لغيره:

هريت قصير عذير اللجام ... أسيل طويل عذار الرسن

فلو ترك الهرت والأسالة لكان من هذا الباب، ولكنه الآن لم يقصد التتبيع، وإنما جاء به كالتوكيد لما قبله، هذه رواية ابن قتيبة، وأما رواية النحاس عن شيوخه عن الأصمعي فإنها:

وأحوى قصير عذار اللجام ... وهو طويل عذار الرسن

وهذا تتبيع لا شك فيه. وأما قول الأخطل:

أسيلة مجرى الدمع، أما وشاحها ... فجار، وأما الحجل منها فما يجري

ففيه التتبيع في ثلاثة مواضع، وهي صفة الخد بالسهولة، وصفة الخصر بالرقة، والساق بالغلط. ومثله قول الأعشى:

صفر الوشاح، وملء الدرع، خرعبة ... إذا تأتي يكاد الخصر ينخزل

فقوله " صفر الوشاح " دال على رقة الخصر، " وملء الدرع " دال على تمام الخلق من طول وسمن وامتلاء صدر وعجيزة، وكل ما وقع من قولهم: طويل النجاد، وكثير الرماد، وما يشاكلهما فهو من هذا الباب. وقالت ليلى الأخيلية:

ومخرق عنه القميص تخاله ... وسط البيوت من الحياء سقيماً

أرادت أنه يجذب ويتعلق به للحاجات لجوده وسؤدده وكثرة الناس حوله، وقيل: إنما ذلك لعظم مناكبه، وهم يحمدون ذلك.

ومن عجيب ما وقع في هذا الباب من التجاوز قول أوس بن حجر:

حتى يلف نخيلهم وبيوتهم ... لهب كناصية الحصان الأشقر

أراد الحرب التي هي المقصود بالصفة، هكذا الرواية الصحيحة، وبهذا التفسير فسره جلة العلماء وهم الأكثر، وقال آخرون: بل إنما أغراه بإحراق النخل والبيوت ففعل، ولا يكون على هذا الرأي الآخر من هذا الباب.

ومن التجاوز قول رؤبة بن العجاج يصف حوافر الخيل: سوى مساجيهن تقطيط الحقق أراد أن يشبهها بالمساحي فجعلها أنفسها مساحي، يريد العظم.

ومثله قول ابن دريد:

يدير إعليطين في ملمومة ... إلى لموحين بألحاظ اللأى

أراد أن يشبه أذن الفرس بالإعليط وهو وعاء ثمر المرخ فجعل الأذن نفسها إعليطاً، كما فعل رؤبة في المساحي، ومثله كثير.

ومما يدخل في باب التجاوز قول النابغة:

تقد السلوقي المضاعف نسجه ... وتوقد بالصفاح نار الحباحب

وإنما أراد السلوقي مع ما فيه من الجسد وما تحت لابسه زعموا من السرج والفرس، فعدا عن الجميع، وجاء بما يتبعه، ويستغني به عن ذكره، إذ كانت لا تقد السلوقي إلا أن تقد ما فيه، ولا تنتهي إلى الصفاح على ما فسروا من أنه يريد الفارس بأداته إلا بعد أن تأتي على السرج والفرس، على أن من الناس من رد يوقدن على الخيل.. وإلى مثل هذا الإفراط ذهب النمر بن تولب في صفة السيف الذي شبه به نفسه فقال:

تظل تحفر عنه إن ضربت به ... بعد الذراعين والساقين والهادي

وروى الحذاق " القينين والهادي " وهو واضح في المعنى.

ومن التتبيع قول زهير:

وملجمنا ما إن ينال قذاله ... ولا قدماه الأرض إلا أنامله

فأشار إلى طول عنقه وقوائمه بذكر تطاول الملجم إشارة عجيبة، وتبعه ابن مقبل فقال:

تمطيت أخليه اللجام فبذني ... وشخصي يسامي شخصه وهو طائله

وإنما تناول زهير هذا المعنى من أبي دؤاد الإيادي، ويروي بن ثعلبة الأسدي حيث يقول:

لا يكاد الطويل يبلغ منه ... حيث يثني على المقص العذار

وأنا أقول:

إن بيت الذبياني في الرعاث مأخوذ من قول عبيد بن الأبرص:

ماطوا الرعاث بنهد لو يزل به ... لاندق دون تلاقي اللبة القرط

وقال ابن دريد وأتى ببديع مليح:

قريب ما بين القطاة والمطا ... بعيد ما بين القذال والصلا

فدل هذا على قصر الظهر وطول العنق..

وقال بعض الشعراء فملح وظرف:

فما يك في من عيب فإني ... جبان الكلب مهزول الفصيل

أشار إلى كثرة غشيان الضيوف، حتى إن الكلب مما أنس جبن أن ينبح فضلاً عما سوى ذلك، وهزال فصيله دال على أن الألبان مبذولة للضيفان، فقل ما بقي له منها.

وقد قال امرؤ القيس: سمان الكلاب عجاف الفصال فعجف الفصال للعسلة التي قدمت، وسمن الكلاب لكثرة ما ينحرون ويذبحون.

ومن أعجب التتبيع قوله:

أمرخ خيامهم أم عشر ... أم القلب في إثرهم منحدر

يقول: أنزلوا نجداً الذي من نباته المرخ أم الغور الذي من نباته العشر؟ وإن الأعراب يعملون خيامهم من نبات الأرض التي ينزلونها، فإذا رحلوا تركوه واستأنفوا غيره من شجر البلد الذي ينزلون به، هكذا شرح العلماء هذا البيت المتقدم، ولا أرى الأعراب تذكر ذلك كثيراً في أشعارها، وإنما يتعاورون ذكر الوتد، اللهم إلا أن تكون الأعمدة وما شاكلها تنتخب وتحمل وإنما المطرح ما جعل فوقها وسد به خصاصها فدفع الحر والبرد فنعم، ولا شك أن هذا هو الصحيح، ويدل عليه قول جرير يذكر منزلاً:

فلا عهد إلا أن تذكر أو ترى ... ثماماً حوالي منصب الخيم باليا

فذكر الثمام مطرحاً، وقال أبو دواد:

عهدت لها منزلاً دائراً ... وآلا على الماء يحملن آلا

فالآل الأول: أعمدة الأخبية، والآل الثاني: الشخص الذي يرتفع عند اشتداد الحر، هكذا فسروه، منهم قدامة، والذي قال الحذاق: يعني أعمدة تحمل أعمدة مثلها ذكره أبو حنيفة، وقوله " على الماء " يعني الماء العد الذي هو المحضر يرجعون إليه بعد تبديهم وانقطاع ماء السماء، وقد أخبرك الشاعر على القول الأول أنهم يحملون أعمدة الأخبية والبيوت.

ومن أحسن ما وقع في هذا الباب من التتبيع قول حسان بن ثابت:

أولاد جفنة حول قبر أبيهم ... قبر ابن مارية الكريم المفضل

فقوله " حول قبر أبيهم " تتبيع مليح، أشار به إلى أنهم ملوك مقيمون لا يخافون فينتقلون من مكان إلى مكان، وأنهم في مستقر عز وأرض خصب لا تجدب، أراد الشام، وأن ذلك دأبهم من القدم، فهو حول قبر أبيهم، وهذا كما قال ابن مقبل:

نحن المقيمون لم تبرح ظعائننا ... لا نستجير، ومن يخلل بنا يجر

ومن هذا الباب أيضاً قول عنترة بن شداد العبسي:

بطل كأن ثيابه في سرحة ... يحذي نعال السبت ليس بتوأم

أراد أنه ملك؛ لأن نعال السبت لا يحتذيها عندهم إلا كل شريف، يدلك على ذلك قول عتيبة بن مرداس المعروف بابن فسوة يذكر آل رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصيدة لام فيها عبد الله بن عباس وشكر الحسن بن علي عليهما السلام وعبد الله بن جعفر رضي الله عنهما:

إلى نفر لا يخصفون نعالهم ... ولا يلبسون السبت ما لم يخصر

ومن التتبيع قول الحطيئة:

لعمرك ما قراد بني كليب ... إذا نزع القراد بمستطاع

وذلك أن الفحل إذا منع الخطام نزعوا من قردانه شيئاً فلذ ذلك، وسكن إليه، ولان لصاحبه حتى يلقى الخطام في رأسه، فزعم الحطيئة أن هؤلاء لا يخدعون عن عزهم وإبائهم فيقدر عليهم.

وأما قول ذي الإصبع العدواني واسمه حرثان بن الحارث:

يا عمرو، إلا تدع شتمي ومنقصتي ... أضربك حيث تقول الهامة اسقوني

فيجوز أن يكون أراد أضربك على الرأس الذي تصيح منه الهامة اسقوني على زعم الأعراب، فيكون من هذا الباب، ويجوز أن يكون مراده أضربك فلا يؤخذ بثأرك وتكون حيث ههنا مثلها في قول زهير: لدى حيث ألقت رحلها أم قشعم فيخرج عن هذا الباب.. وإلى نحو التأويل الأول قصد أبو الطيب بقوله:

فيا بن الطاعنين بكل لدن ... مواضع يشتكي البطل السعالا

أراد الصدر، أو النحر..

وبيت البحتري في صفة الذئب، ويروى لعمارة بن عقيل:

فأوجرته أخرى فأظللت ريشها ... بحيث يكون اللب والرعب والحقد

خير من بيت أبي الطيب وأجمع للصفة، وقوله " أظللت " بمعنى صبرت ويروى بالضاد.

 

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.