x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
حسن التعليل
المؤلف: أحمد الهاشمي
المصدر: جواهر البلاغة
الجزء والصفحة: ص306-307
25-03-2015
35454
حسن التعليل (1) هو أن ينكر الأديب صراحة، أو ضمناً، علة الشيء المعروفة، ويأتي بعلة أخرى أدبية طريفة، لها اعتبار لطيف، ومشتملة على دقة النظر، بحيث تناسب الغرض الذي يرمى إليه، يعني أن الأديب: يدّعى لوصف علّةً مناسبة غير حقيقية، ولكن فيها حسن وطرافة، فيزداد بها المعنى المراد الذي يرمى إليه جمالا وشرفاً كقول المعري في الرثاء:
وما كُلفة البدر المنير قديمةٌ ولكنها في وجهه أثر اللطم
يقصد: أن الحزن على (المرثي) شمل كثيراً من مظاهر الكون، فهو لذلك: يدعى أن كلفة البدر (وهي ما يظهر على وجهه من كدرة) ليست ناشئة عن سبب طبيعي، وإنما هي حادثة من (أثر اللطم على فراق المرثي) ومثله قول الشاعر الآخر:
أما ذكاء فلم تصفر إذ جنحت إلا لفرقة ذاك المنظر الحسن
يقصد: أن الشمس لم تصفر عند الجنوح إلى المغيب للسبب المعروف ولكنها (اصفرت مخافة أن تفارق وجه الممدوح) - ومثله قول الشاعر الآخر:
ما قصَّر الغيث عن مصرِ وتربتها طبعاً ولكن تعدّاكم من الخجل
ولا جرى النِّيل إلا وهو معترف بسبقكم فلذا يجري على مهل
ينكر هذا الشاعر: الأسباب الطبيعية لقلة المطر بمصر، ويلتمس لذلك سبباً آخر: وهو (أن المطر يخجل أن ينزل بأرض يعمها فضل الممدوح جوده) لأنه لا يستطيع مباراته في الجود والعطاء، ولابد في العلة أن تكون ادعائية، ثم الوصف أعم من أن يكون ثابتا فيقصد بيان علته، وغير ثابت فيراد اثباته.
(أ) فالأول - وصف ثابت غير ظاهر العلة - كقوله:
بين السيوف وعينيها مشاركة من آجلها قيل للأجفان أجفان
وقوله - لم يحك نائلك السحاب وانما حُمَّت به فصبيبها الرحضاء (2)
(ب) أو وصف ثابت ظاهر العلة، غير التي تذكر، كقول المتنبي:
ما به قتل أعاديه ولكن يتّقى إخلاف ما ترجو الذئابُ
فان قتل الأعادي عادة للملوك، لأجل أن يسلموا من أذاهم وضرهم ولكن (المتنبي) اخترع لذلك سبباً غريباً، فتخيّل أن الباعث له على قتل أعاديه لم يكن إلا ما اشتهر وعرف به، حتى لدى الحيوان الأعجم من (الكرم الغريزي، ومحبته إجابة طالب الاحسان) ومن ثم فتك بهم، لانه علم، أنه إذا غدا للحرب، رجت الذئاب أن يتسع عليها رزقها، وتنال من لحوم أعدائه القتلى، وما أراد أن يخيب لها مطلبا، والثاني - وصف غير ثابت، وهو.
(1) إما ممكن - كقول مسلم بن الوليد
يا واشياً حسنت فينا إساءتهُ نجى حذارك إنساني من الغرق
فاستحسان إساءة الواشي ممكن، ولكنه لما خالف الناس فيه، عقبه بذكر سببه، وهو أن حذاره من الواشي منعه من البكاء، فسلم انسان عينه من الغرق في الدموع.
(2) وإما غير ممكن - كقول الخطيب القزويني
لو لم تكن نية الجوزاء خدمته لما رأيت عليها عقد منتطق فقد ادّعى الشاعر: أنّ الجوزاء تريد خدمة الممدوح، وهذه صفة غير ممكنة، ولكنه علّلها لعلة طريفة، إدّعاها أيضاً إدّعاء أدبياً مقبولا إذ تصور أن (النجوم التي تحيط بالجوزاء، إنما هي نطاقٌ شدته حولها على نحو ما يفعل الخدم، ليقوموا بخدمة الممدوح(3)) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) من الأشياء ما له صفة ثابتة، ذات علة معروفة، أو غير معروفة: كزلزلة الأرض، وسقوط المطر من السحب، ومقاتلة الأعداء، وبزوغ القمر وأقواله، ونحو: ذلك، فيلتمس الأدباء لها عللا أخرى، فيها طرافة وحسن، يزداد بها المعنى الذي يريدون تقريره جمالاً وشرفاً، فحسن التعليل: هو استنباط علة مناسبة للشيء غير حقيقة، بحيث تكون على وجه لطيف بليغ، يحصل بها زيادة في المقصود.
(2) أي أن السحائب لا تقصد محاكاة جودك بمطرها لأن عطاءك المتتابع أكثر من مائها وأغزر، ولكنها حمت حسداً لك، فالماء الذي ينصب منها هو عرق تلك الحمى - فالرحضاء عرق الحمى.
وكقوله: لم يطلع البدر إلا من تشوقه إليك حتى يوافى وجهك النضرا
ولا تغيب إلا عند خجلته لما رآك فولى عنك واستترا
وكقوله: سألت الأرض لم كانت مصلى ولم جعلت لنا طهراً وطيبا
فقالت غير ناطقة لأني حويت لكل انسان حبيبا
وكقوله: عيون تبر كأنها سرقت سواد أحداقها من الغسق
فان دجا ليلها بظلمته تضمها خيفة من السرق
وكقوله: ما زلزلت مصر من يكد يراد بها وانما رقصت من عدله طربا
وكقوله: لا تنكروا خفقان قلبي والحبيب لدىّ حاضر
ما القلب إلا داره دقت له فيها البشائر
وكقوله: أرى بدر السماء يلوح حبنا ويبدو ثم يلتحف السحابا
... وذاك لأنه لما تبدى وابصر وجهك استحيا وغابا
وكقوله: لم تؤذن الدنيا به في صروفها يكون بكاء الطفل ساعة يولد
وكقوله: ولو لم تكن ساخطا لم أكن أذم الزمان وأشكو الخطوبا
وكقوله: قد طيب الأفواه طيب ثنائه من أجل ذا تجد الثغور عذابا وقوله - زعم البنفسج أنه كعذاره حسنا، فسلُّوا من قفاه لسانه
فخروج ورقة البنفسج إلى الخلف لا علة له، لكنه ادعى أن علته الافتراء على المحبوب
(3) ومثله قول ابن المعتز:
قالوا اشتكت عينه فقلت لهم من كثرة القتل نالها الوصب
حمرتها من دماء من قتلت والدم في السيف شاهد عجب وكقوله: فلئن بقيت لأرحلن بغزوة تحوى الغنائم أو يموت كريم
وكقوله: عداتي لهم فضل على ومنة فلا أذهب الرحمن عني الأعاديا
هموا بحثوا عن زلتي فاجتنبتها وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا
وكقوله: لو لم يكن أقحوانا ثغر مبسمها ما كان يزداد طيبا ساعة السحر