المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31

الصور المختلفة لحفظ العهد ونقضه
2023-07-19
مفهوم نزاع العمل الجماعي.
22-2-2017
أهل البيت يمنعون الماء
3-9-2017
زراعة النباتات الطبية (زراعة السيسال) (Sisal) Agave sisalana
26/9/2022
آثار الدفع بعدم التنفيذ في مواجهة الغير
7-8-2021
Ethyl-Nitrosourea
5-5-2016


الخطابة  
  
2586   05:22 مساءاً   التاريخ: 23-03-2015
المؤلف : د. علي الجندي
الكتاب أو المصدر : في تاريخ الادب الجاهلي
الجزء والصفحة : ص264-267
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الجاهلي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-03-2015 2765
التاريخ: 22-03-2015 3632
التاريخ: 23-03-2015 21971
التاريخ: 23-03-2015 4680

الخطابة حديث يقصد به إثارة المشاعر وإلهاب العواطف في الحال. والحياة الجاهلية جعلت الخطابة ضرورية لهم، فهم في اجتماعاتهم وفي عرض آرائهم، وفي القيام بواجباتهم في السفارات والوفود كانوا -ولا شك-يحتاجون إلى الإفصاح عما يريدونه؛ رغبة في الوصول إلى مقاصدهم وكلما كان إفصاحهم أقوى وأعذب كان تأثيره في القلوب أشد، فساعد ذلك على وجود الخطابة بينهم.

وقد ثبت أنهم كانوا يخطبون في مناسبات شتى، فبالخطابة كانوا يحرضون على القتال؛ استثارة للهمم، وشحذًا للعزائم، وبها كانوا يحثون على شن الغارات؛ حبًّا في الغنيمة، أو بثًّا للحمية رغبة في الأخذ بالثأر، وبالخطابة كانوا يدعون للسلم؛ حقنًا للدماء، ومحافظة على أواصر القربى أو المودة والصلة، ويحببون في الخير والتصافي والتآخي، ويبغضون في الشر والتباغض والتنابذ، وبالخطابة كانوا يقومون بواجب الصلح بين المتنافرين أو المتنازعين، ويؤدون مهام السفارات جلبًا لمنفعة، أو درءًا لبلاء، أو تهنئة بنعمة، أو تعزية أو مواساة في مصيبة، فوق ما كانت الخطابة تؤديه هذه المصاهرات، فتلقى الخطب ربطًا لأواصر الصلة بين العشائر، وتحبيب المتصاهرين بعضهم في بعض.

وأشهر الخطباء في الجاهلية: قس بن ساعدة الأيادي، وقد أدركه النبي صلى الله عليه وسلم فرآه في سوق عكاظ على جمل أحمر، وسحبان بن وائل الباهلي الذي ضرب بفصاحته المثل. فقيل: "أخطب من سحبان" ويقال إنه كان إذا خطب يسيل عرقًا، ولا يعيد كلمة ولا يتوقف ولا يقعد حتى ينتهي من كلامه.

ومن خطباء تميم المشهورين: ضمرة بن ضمرة، وأكثم بن صيفي، وعمرو بن الأهتم المنقري، وقيس بن عاصم.

وكان الخطباء يحفلون بخطبهم، ويتخيرون لها أشرف المعاني، وأقوى الألفاظ، وأشدها وقعًا على القلوب؛ ليكون تأثيرها أعظم، ويقال إنهم كانوا يخطبون، وعليهم العمائم، وبأيديهم المخاصر، ويعتمدون على الأرض بالقسي، ويشيرون بالعصي والقنا، راكبين أو واقفين على مرتفع من الأرض(1).

وقد أثارت الشعوبية في موقفها من العرب عادة اتخاذهم العصي والمخاصر في أثناء خطابتهم، فرد عليهم الجاحظ في كتابه البيان والتبيين، مبينًا فوائد العصا، ومما قاله: "إن حمل العصا والمخصرة دليل على التأهب للخطبة والتهيؤ للإطناب والإطالة. وذلك شيء خاص في خطباء العرب، ومقصور عليهم، ومنسوب إليهم، حتى إنهم ليذهبون في حوائجهم، والمخاصر بأيديهم إلفًا لها، وتوقعًا لبعض ما يوجب حملها، والإشارة بها"(2).

ومن الخطب التي تحرض على القتال: خطبة هانئ بن قبيصة في يوم ذي قار، يحرض قومه بكرًا على القتال، ومنها: "يا معشر بكر، هالك معذور خير من ناج فرور، إن الحذر لا ينجي من القدر، وإن الصبر من أسباب الظفر، المنية ولا الدنية، استقبال الموت خير من استدباره، الطعن في ثغر النحور أكرم منه في الأعجاز والظهور، يا آل بكر، قاتلوا فما للمنايا من بد".

ومن كلمات الوفود: كلمة قبيصة بن نعيم في وفد بني أسد، حين قدموا على امرئ القيس بعد مقتل أبيه، فيروى أنه وفد على امرئ القيس، بعد مقتل أبيه، رجالات من بني أسد، كهول وشبان، وفيهم عبيد بن الأبرص الشاعر، والمهاجر بن خداش، وقبيصة بن نعيم، فلما علم امرؤ القيس بمكانهم، أمر بإنزالهم، وتقدم في إفضالهم، والإكرام عليهم، واحتجب عنهم ثلاثًا، فقالوا لمن يباريه من رجال كندة: ما بال الرجل لا يخرج إلينا؟ فقال: هو في شغل بإخراج ما في خزائن حجر من العدة والسلاح، فقالوا: اللهم غفرًا! إنما قدمنا عليه في أمر نتناسى به ذكر ما فات، ونستدرك ما فرط. فليبلغ ذلك عنا. فخرج عليهم في قباء(3)، وخف، وعمامة سوداء، وكانت العرب لا تعتم بالسواد إلا في الترات(4).

فلما رأوه نهضوا، وبدر قبيصة فقال: إنك في المحل والقدر، والمعرفة بتصرف الدهر، وما تحدثه أيامه، وتنتقل به أحواله، بحيث لا تحتاج إلى تبصير واعظ، ولا تذكرة مجرب. ولك من سؤدد منصبك، وشرف أعراقك، وكرم أصلك في العرب محتمل يحتمل ما حمل عليه من إقالة العثرة، والرجوع عن الهفوة، ولا تتجاوز الهمم إلى غاية إلا رجعت إليك، فوجدت عندك من فضيلة الرأي، وبصيرة الفهم، وكرم الصفح، ما يطول رغباتها، ويستغرق طلباتها؛ وقد كان الذي كان من الخطب الجليل. الذي عمت رزيته نزاراً واليمن، ولم تخصص به كندة دوننا؛ للشرف البارع الذي كان لحجر: التاج والعمة فوق الجبين الكريم، وإخاء الحمد، وطيب الشيم ولو كان هالك يفدى بالأنفس الباقية بعده لما بخلت كرائمنا على مثله ببذل ذلك، ولفديناه منه. ولكن مضى به سبيل لا ترجع أولاه على آخره ولا يلحق أقصاه أدناه، فأحمد الحالات في ذلك أن تعرف الواجب عليك في إحدى خلال ثلاث: إما أن اخترت من بني أسد أشرفها بيتًا، وأعلاها في بناء المكرمات صوتًا، فقدناه إليك بنسعة(5) تذهب(6) مع شفرات حسامك بباقي قصرته(7): فيقال: رجل امتحن بهلك عزيز عليه فلم تستل سخيمته إلا بتمكينه من الانتقام، أو فداء بما يروح على بني أسد من نعمها، فهي ألوف تجاوز الحسبة، وكان ذلك فداء ترجع به القضب إلى أجفانها، لم يردده تسليط الإحن على البرآء، وإما أن تواعدنا حتى تضع الحوامل، فنسدل الأزر، ونعقد الخمر فوق الرايات.

قالوا: فبكى امرؤ القيس ساعة؛ ثم رفع طرفه إليهم، فقال: قد علمت العرب أن لا كفء لحجر في دم، وإني لن أعتاض به ناقة أو جملًا، فأكتسب بذلك سبة الأبد، وفت العضد؛ وأما النظرة فقد أوجبتها الأجنة في بطون أمهاتها، ولن أكون لعطبها سببًا، وستعرفون طلائع كندة من بعد، تحمل في القلوب حنقًا(8) وفوق الأسنة علقًا(9).

إذا جالت الخيل في مأزق   تصافح فيه المنايا النفوسا

أتقيمون أم تنصرفون؟ قالوا: بل ننصرف بأسوأ الاختيار، وأبلى الاجترار(10)، لحرب وبلية، ومكروه وأذية. ثم نهضوا عنه، وقبيصة يقول متمثلًا:

لعلك أن تستوخم الورد إن غدت كتائبنا في مأزق الموت تمطر

فقال امرؤ القيس: لا، والله لا أستوخمه، فرويدًا ينكشف لك دجاها عن فرسان كندة؛ وكتائب حمير! ولقد كان ذكر غير هذا أولى بي، إذ كنت نازلًا بربعي، ومتحرماً بزمامي، ولكنك قلت فأجبت، قال قبيصة إن ما نتوقع فوق قدر المعاتبة والإعتاب. قال امرؤ القيس: فهو ذاك، وفي ذلك يقول عبيد بن الأبرص:

يا ذا المخوفنا بقتل أبيه إذلالًا وحينا

هلا على حجر بن أم قطام تبكي لا علينا

نحن الألى فاجمع جموعك ثم وجههم إلينا

نحمي حقيقتنا وبعض القوم يسقط بين بينا

ونجد أمثلة من خطب الجاهليين في كتب الأدب والتاريخ؛ مثل العقد الفريد لابن عبد ربه؛ والأغاني؛ والأمالي؛ والبيان والتبيين للجاحظ، وفتوح الشام لأبي إسماعيل البصري، وفتوح الشام للواقدي، وفتوح البلدان للبلاذري وتاريخ الطبري، وابن الأثير.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) البيان والتبيين جـ3 ص7.

(2) المرجع السابق، ص117.

(3) القباء: جلباب له أكمام.

(4) الترات: جمع ترة وهي المصيبة.

(5) النسعة: سير من الجلد يوضع في أنف الجمل لإذلاله، المراد قدناه إليك ذليلًا مصغرًا كما يأتي البعير الذليل.

(6) تذهب أي أنت.

(7) القصرة: عظام العنق.

(8) حنقا: غيظا.

(9) العلق: دم غليظ متجمد.

(10) الاجترار: ما يجره الإنسان على نفسه من سوء عمله، ومنه الجريرة، وهي الذنب.

 

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.