أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-10-2019
3339
التاريخ: 2-10-2019
3622
التاريخ: 15-12-2019
690
التاريخ: 24-03-2015
1154
|
أُعِدَّ البارودي ليكون جنديًّا، ولم يُعَدُّ ليكون أديبًا، بيد أنه حين وجد نفسه بعد أن تخرج في المدرسة الحربية متعطلًا, أبت عليه نفسه الطموح أن يستمرئ اللهو والدعة، وعكف على كتب الأولين يقرؤها بشغفٍ ونهمٍ، ولم يقرأ كتابًا من كتب اللغة، ولكنه قرأ كتب الأدب، ويقول الشيخ حسين المرصفي صديقه ومرشده(1): "ولم يقرأ كتابًا في فنٍّ من فنون العربية، غير أنه لما بلغ سن التعاقل وجد من طبعه ميلًا إلى قراءة الشعر وعمله، فكان يستمع إلى بعض من له دراية وهو يقرأ بعض الدواوين، أو يقرأ بحضرته حتى تصور في برهةً يسيرةً هيئات التراكيب العربية، ومواقع المرفوعات منها والمنصوبات والمخفوضات, حسبما تقتضيه المعاني والتعليقات المختلفة، فصار يقرأ ولا يكاد يلحن، سمعته مرةً يسكن ياء المنقوص والفعل المعتقل بها المنصوبين، فقلت له في ذلك فقال: هو كذا في قول فلان, وأنشد شعرًا لبعض العرب، فقلت: تلك ضرورة، وقال علماء العربية: إنها غير شاذة، ثم استقلَّ بقراءة دواوين مشاهير الشعراء من العرب وغيرهم, حتى حفظ الكثير منها دون كلفة، واستثبت جميع معانيها، ناقدًا شريفها من خسيسها, واقفًا على صوابها وخطئها".
والحق أن أثر القراءة والحفظ ظاهر في شعر البارودي، ومن يطَّلِع على "مختارات البارودي" يشهد بحسن ذوقه، ودقة اختياره، وتأنقه في غذائه عقله، كما يشهد بكثرة محفوظه، ولا نعجب بعد هذا حين نرى البارودي ممتلكًا ناصية اللغة, يتصرف فيها تصرف الخبير العليم بأسرارها, المطبوع على التَّكَلُّمِ بها، وأغلب الظن أن مختاراته لم تحو كل ما حفظ من جيد الشعر العربيّ؛ لأننا نلمح أثرًا للشعر الجاهليّ في شعره: من كلماتٍ، وعباراتٍ, ومعارضاتٍ, وتشبيهاتٍ، مع أن مختارته لم تحو إلّا شعرًا عباسيًّا.
(1/183)
كانت عند البارودي الملكة الكامنة، والملكة وحدها لا تكفي، بل لابد لها من عدة تصقلها وتنميها، وتعدها للبروز ناضجةً قادرةً خالقةً، ودراسة البارودي الأدبية قد غذت هذه الملكة غذاءً كاملًا، لا من دواوين الشعراء وحدهم، بل من كتب الأدب وطرائف القصص، وأخبار العرب, وقبائلهم, وشجاعتهم, وعدائيهم, وأمثالهم, وحكمهم، وغير ذلك مما لا يستغني عنه أديب، والأدلة على هذه المعرفة متوفرةٌ في ديوانه(2).
كانت إذًا قراءة كتب الأدب والتاريخ وحفظ الشعر المنتقى الجيد, هي عماد ثقافته الأدبية، على أن البارودي قد اطَّلَع على آدابٍ أخرى غير الآداب العربية، فقد مر بنا أنه حينما ذهب إلى الآستانة وهو في شبابه، والتحق بوزارة الخارجية, عكف على دراسة التركية والفارسية، ونظم الشعر بهما كما كان ينظمه بالعربية. أضف إلى هذا ما روي من أنه تعلَّم الإنجليزية وهو في منفاه وترجم بعض آثارها، وهذه اللغات المتعددة لها أثرها ولا ريب، في معانيه وأخيلته، وتصويره للحوداث.
(1/184)
هذا، وقد حفل زمان البارودي بأحداثٍ عظامٍ، فمن نهضةٍ شاملةٍ، وخلق لأمة متمدينة، إلى ثوراثٍ وفتنٍ وحروبٍ ومعارك، ونفيٍ وتشريدٍ، وقد سافر البارودي إلى الآستانة مرارًا، وشهد حرب "كريت" وحرب "روسيا" ورأى علمًا لم يعرفه من قبل، ومناظر جديدة، فتأثر بكل ذلك وانفعلت نفسه له، وهاجت هذه الأحداث شاعريته, فانطلق لسانه يردد خواطره وأحاسيسه, فكانت هذا الشعر الخالد.
وإذا أضيف إلى هذه الموهبة العظيمة، والدارسة الواسعة، والتجارب الحافلة, وراثةً في قول الشعر سجلها البارودي بقوله:
أنا في الشعر عريق ... لم أرثه عن كلاله
كان إبراهيم خالي ... فيه مشهور المقالة
زالت دهشتنا حين نرى البارود قد كملت عدته، وهيأته الأيام ليبعث الشعر من رقدته، وينهض به هذه النهضة السامية.
شعره:
يقول البارودي في مقدمة ديوانه: "الشعر لمعة خيالية, يتألق وميضها في سماوة الفكر، فتنبعث أشعتها إلى صحيفة القلب, فيفيض بلألأئها نورًا يتصل خيطه بأسلة اللسان، فينفث بألوان من الحكمة ينبلج بها الحالك، ويهتدي بدليلها السالك، وخير الكلام ما ائتلفت ألفاظه وائتلفت معانيه، وكان قريب المأخذ، بعيد المرمى، سليمًا من وصمة التكلف، بريئًا من عشوة التعسف، غينًّا عن مراجعة الفكرة، فهذه صفة الشعر الجيد، فمن آتاه الله منه حظًّا، وكان كريم الشمائل، طاهر النفس، فقد ملك أعنة القلوب، ونال مودة النفوس، ولو لم يكن من حسنات الشعر الحكيم إلّا تهذيب النفوس، وتدريب الأفهام, وتنبيه الخواطر إلى مكارم الأخلاق, لكان قد بلغ الغاية التي ليس وراءها لذي رغبة مسرح، وارتبأ الصهوة التي ليس دونها لذي همة مطمح".
(1/185)
وتعريف البارودي للشعر غامض؛ لأنه لفه في ثوبٍ كثيفٍ مزخرفٍ بالمجازات والاستعارات، ولم يحدده تحديد علميًّا، وهو يعني: أنه خطرة ذهنية ينفعل لها الفؤاد، فيتحرك اللسان معبرًا عن خلجاته, والخطرة الذهنية تأتي مثلًا من نظرةٍ إلى شيءٍ جميلٍ، أو شيء يبعث الرثاء والأسى، وقد تكون خطرة ذهنية مجردة عن الأثر الخارجيّ، وهذا التعريف يتمشَّى مع مذهب العرب في الشعر, وهو أنه "لمعة خيالية" تومض إيماضًا، فتأتي هذه الخطرات الخيالية غير متصلة, أو مرتبط بعضها ببعض في حلقة متماسكة، أو قصة محبوكة الأطراف, أو خيال ممتد طويل في ملحمة من الملاحم, أو مسرحية من المسرحيات تتابع حوادثها، وإنما هو ومضات تتألق في أبيات وقصيدة لا تربطها وحدة فكرية.
والشعر الجيد في رأي البارودي "ما كان قريب المأخذ سليمًا من وصمة التكلف، بريئًا من عشوة التعسف، غنيًّا عن مراجعة الفكرة" وهذه صفة الشعر الغنائيّ, وهي سمة الشعر العربيّ غالبًا، ليس فيه عمق المعنى والتوغل في الخيالات، أو تعقيد الفكرة، وحشد القضايا المنطقية، والفكر المجرد عن الشعور والإحساس، كما ترى ذلك عند أبي تمام والمتنبي أحيانًا, وعند أبي العلاء كثيرًا، وكما نراه مذهبًا من مذاهب بعض شعراء العصر الحاضر، والشعر ليس فلسفةً ولا منطقًا، وقد لا يحتوي البيت كبير معنى، وإنما تطرب له النفوس وتهتز عجبًا، وذلك لأن الشعر غذاء القلوب، وليس مهارة العقول, وهذا ما جعل النقاد قديمًا ينعتون البحتريّ بأنه الشاعر، وأن المتنبي وأبا تمام حكيمان؛ لأن البحتري لم يكن يتكلف في شعره الغوص على المعاني وابتكارها, ولا يستعمل المنطق والفلسفة، بل كان يحذو حذو شعراء الجاهلية والصدر الأول في قرب معانيه, وانسجام ألفاظه بعضها مع بعض، والقائل ردًّا على من عاب عليه بعده عن ثقافة عصره، وعدم أخذه بشيء من الحكمة والمنطلق, وهو يمثل نظرة العرب إلى الشعر:
كلفتمونا حدود منطقكم ... والشعر بغنًى عن صدقه كذبه
لم يكن ذو القروح يلهج بالمنطق ... ما نوعه وما سببه(3)
والشعر لمح تكفي إشارته ... وليس بالهذر طولت خطبه
(1/186)
ويرى البارودي أن وظيفة الشعر: "تهذيب النفوس، وتدريب الأفهام, وتنبيه الخواطر إلى مكارم الأخلاق". وقد ردَّدَ هذه المعاني في شعره، بيد أن الشعر قد لا يؤدي وظيفةً ما إلّا التعبير عن شعور الشاعر، وهذه مسألة تحتاج إلى بحثٍ مستفيضٍ نقرر فيه نظرة العرب إلى وظيفة الشعر بخاصةٍ والأدب بعامة، ونظرة الغربيين إلى الشعر ومذاهبهم فيه، وهل للأدب وظيفة, أو هو التعبير لمجرد التعبير، أو للفن كما يقولون(4)؟ ومهما يكن من أمر فإن البارودي لم يفطن إلى كل أغراض الشعر, وما يمكن أن يستخدم فيه، وما قرره في مقدمته من تعريف للشعر ووظيفته يعبر عن مذهبه.
والبارودي مطبوعٌ على قول الشعر، لا ينتزعه انتزاعًا, ويتعسف في نظمه, بل يتدفق على لسانه تدفقًا، وتشعر وأنت تقرؤه أنه يجري في رفقٍ و هوادة ولينٍ, غير قلقٍ أو مضطربٍ أو متكلفٍ، وقد كان البارودي يدرك هذه الميزة في شعره يقول:
أقول بطبع لست أحتاج بعده ... إلى المنهل المطروق والمنهج الوعر
إذا جاش طبعي فاض بالدر منطقي ... ولا عجب فالدر ينشأ في البحر
وعلى الرغم من سليقته المواتية، وحافظته الواعية التي تمده بمخزون الآداب ألفاظًا منمقة ومعاني سامية، فإن البارودي كان من المؤمنين بأن الفن تهذيبٌ وصقلٌ، وجهدٌ متصلٌ، وتحسينٌ مستمرٌ، وأن الطبع وحده لا يكفي، ولذلك كان يتعهده بالتهذيب والرعاية، فقد روي أنه رتَّبَ ديوانه بعد عودته من المنفى، وأعاد النظر فيما قاله من قصائد، وحذف الأبيات التي لا ترقه، حتى لا يخلف للأجيال المقبلة إلّا الشعر المصقول لفظًا ومعنًى:
لم تبن قافية فيه على خلل ... كلّا! ولم تخلف في وصفها الجمل
فلا سناد ولا حشو ولا قلق ... ولا سقوط ولا سهو ولا علل
لا تنكر الكاعب الحسناء منطقه ... ولا يعاد على قوم فيبتذل
(1/187)
ولا أدلَّ على هذا التنقيح من اختلاف القصائد كما نشرت في الديوان عن نصها المنشور أول الأمر في الوسيلة الأدبية للمرصفي، خذ قوله في الوسيلة الأدبية:
أقاموا زمانًا ثم بدد شملهم ... أخو فتكات بالكرام اسمه الدهر
فقد صار في الديوان:
أقاموا زمانًا ثم بدد شملهم ... ملول من الأيام شيمته الغدر
ومطلع قصيدته التي يعارض فيها رائية أبي نواس، فقد كانت في الوسيلة على الصورة الآتية:
تلاهيت إلّا ما يجن ضمير ... وداريت إلّا ما ينم زفير
وهل يستطيع المرء كتمان أمره ... وفي الصدر منه بارح وسعير
ثم صار في الديوان:
أبى الشوق إلّا ما يحن ضمير ... وكل مشوق بالحنين جدير
وهل يستطيع المرء كتمان لوعة ... ينم عليها مدمع وزفير
كما كان يهتف بشعره قبل أن يخرجه للناس، ويصغي إليه ليتبين ما فيه من عيوب في الموسيقى وعدم انسجام الألفاظ بعضها مع بعض، والخلل المعنوي، والقافية القلقة المضطربة، والحشو، وغير ذلك من عيوب الشعر ويقول:
واهتف به من قبل تسريحه ... فالسهم منسوب إلى الرامي(5)
(1/188)
فجاء والحق يقال شعرًا يأخذ بمجامع القلوب من حيث موسيقاه، وتماسك أبياته وقوافيه, وانسجام ألفاظه، وانتقاؤها انتقاء خبير ملهم:
فألق إليه السمع ينبئك أنه ... هو الشعر لا ما يدعي الملأ الغمر(6)
يزيد على الإنشاد حسنًا كأنني ... نفثت به سحرًا، وليس به سحر
كان البارودي يتخير الألفاظ المناسبة للمعاني التي يريدها فيرق ويلطف حين يقضي المقام الرقة واللطف كأن يتغزل أو يعتب، أو يصف منظرًا جميلًا, أو مجلس أنس وسمر، ويجزل شعره يجلجل لفظه، ويشتد أسره حين ينشد في الحماسة والفخر والمديح، وحين يصف البحر الهائج، والريح الزفوف والحرب الضروس.
إذا اشتد أورى زندة الحرب لفظه ... وإن رق أزرى بالعقود فريدة
إذا ما تلاه منشد في مقامه ... كفى القوم ترجيع الغناء نشيده
فجاء شعره مما يلذ للإنسان حقًّا إن ينشده بصوت مرتفع، يترنم به ليطرب, ويتأمل في نغمه وموسيقاه فيلتذ ويعجب، فلا بدع أن قال:
ولي كل ملساء المتون غريبة ... إذا أنشدت أفضت لذكر بني سعد(7)
أخف على الأسماع من نغم الحدا ... وألطف عند النفس من زمن الورد
كان البارودي يعلم أنه سيخلد بشعره لا بحسبه ونسبه، وإذا كان قد أخفق في بلوغ مناه وتحقيق آماله في هذه الدنيا، فإنه أدرك الغاية من السعي في الحياة العمل الصالح والمجد المؤثل، ألَا وهي الخلود بعد الموت, وترديد اسمه عطرًا على كل لسان، وفي ذلك يقول في شعره:
(1/189)
سيبقى به ذكري على الدهر خالدًا ... وذكر الفتى بعد الممات خلود
يقول:
سيذكرني بالشعر من لم يلاقني ... وذكر الفتى بعد الممات من العمر
هذا، وفي شعر البارودي هنات، وعليه مآخذ قليلة, سنذكرها في موضعها من هذا الفصل، بيد أنها تزري به ولا تغض من شأنه؟ حسبه أنه سما بالشعر العربيّ إلى الذروة، وأنه حلَّق في السماء التي جاب آفاقها من قبل بشار وأبو نواس والبحتريّ وأبو تمام والمتنبي وأبو فراس وأضرابهم، بعد أن وصل الشعر العربيّ قبيل عهده إلى الحضيض, وكاد يلفظ أنفاسه الواهية.
والآن، علينا أن نتعرف على هذا الشعر الذي مدحه وافتخر به، وصقله وهذبه، لنرى أمحقٌّ هو في الثناء عليه، أم هو غرور شاعر زَيَّنَ له خياله الباطل حقًّا، والسيء حسنًا؟ ولنرى القديم والجديد في شعره، ومنزلته في موكب الأدب العربيّ، وهل كان صدًى للشعراء الذين عارضهم وجاراهم في مضمارهم, أو أنه استقلَّ وابتكر وخرج على المألوف، وتكونت له شخصية يذكره التاريخ غير معتمدة على سواها؟ وهل هي شخصية قميئة هزيلة؟ أو شخصية قوية فارعة ذات مزايا واضحة؟
__________
(1) الوسيلة الأدبية, ص474.
(2) من مثل قوله
لك عرض أرق نسجًا من الريح ... وأوهى من طليلسان "ابن حرب"
وكان ابن حرب أهدى إلى الحمدوني طيلسانًا خلقًا، وكان الحمدوني يحفظ قول أبي حمران السلميّ في طيلسانه.
يا طيلسان أبي حمران قد برمت ... بك الحياة فما تلتذ بالعمر
في كل يوم له رفا يجدده ... هيهات ينفع تجديد مع الكبر
إذا ارتداه لعيد أو لجمعته ... تنكب الناس لا يبلى من النظر
فاحتذى الحمودني حذو أبي حمران، وقال في وصف طيلسانه ما يقرب من مائتي مقطوعةٍ من مثل قوله:
يا ابن حرب كسوتني طيلسانًا ... مل من صحبة الزمان وصدا
طال ترداده إلى الرفو حتى ... لو بعثناه وحده لتهدى
ومما يدل كذلك على سعة اطلاع البارودي قوله:
إن شوقي إليه أسرع شأوا ... من "سليك والصول في بطء "فند"
وأمر سليك بن سلكة معروف، أما فند "بكسر الفاء" فهو مولى عائشة بنت سعد بن أبي وقاص، وكانت قد أرسلته ليأتيها بنار، فوجد ثومًا يخرجون إلى مصر فتبعهم، وأقام بها سنة، ثم قدم فأخذا نارًا, وجاء بعدو, فتعثر وتبدد فقال: "تعست العجلة" فقيل: "أبطأ من فند".
(3) ذو القروح: امرؤ القيس، ولقب بذلك كما يقولون لأنه أصيب بمرض جلديّ في طريق عودته من لدن ملك الروم, حينما ذهب إليه يستنجد به على قتلة أبيه.
(4) انظر دراستنا للمذاهب الأدبية الغربية في كتابنا "المسرحية".
(5) يقول الشيخ حسين المرصفي في هذا: ونبه بقوله: واهتف به من قبل تسريحه، على أنه لا ينبغي أن يكتفي بالنظرة الأولى, فللنفس خداع وربما تنبهت بعد أن أغفلت، واستقبحت ما استحسنت, ولذلك يقول الأول:
لا تعرضن على الرواة قصيدة ... ما لم تبالغ قبل في تهذيبها
فإذا عرضت الشعر غير مهذب ... عدوه منك وساوسًا تهذي بها
(6)الغمر: مثلثة الغين، ومعناها الذي لم يجرب الأمور.
(7) بنو سعد: بطن من هوازن، ومنهم حليمة السعدية مرضعة النبي -صلى الله عليه وسلم، وكان بنو سعد من أفصح العرب، ولذلك أرسل رسول الله إليهم كي ينشأ على الفصاحة واللسن، ويريد البارودي أن شعره يذكر الناس بأفصح العرب.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|