1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

الأدب الــعربــي : الأدب : الشعر : العصر الحديث :

الترجمة والتأليف

المؤلف:  عمر الدسوقي

المصدر:  في الأدب الحديث

الجزء والصفحة:  ص:359-373ج1

15-12-2019

1680

 

رأينا آنفًا أن الثقافة الأجنبية التي نهلت منها مصر منذ عصر محمد علي كانت الثقافة الفرنسية، وأن مدرسة رفاعة من التراجمة والمعربين لم يهتموا بالثقافات الأجنبية الأخرى إلّا قليلًا، وكان معظم رجال البعثات في عصري محمد علي وإسماعيل يذهبون إلى فرنسا, ويعودون متشبعين بالفكر الفرنسيّ وبالثقافة الفرنسية، ولكن كان كل شيء ينقل إلى اللغة العربية؛ من طبٍّ, وهندسةٍ, وعلومٍ رياضيةٍ وعسكريةٍ, وما شاكل هذا، فاتسعت اللغة العربية، وزادت ثروتها بما بذل المعربون في سبيل مدها بالكلمات الجديدة، أو إحياء الكلمات القديمة التي تحقق غرضهم، ولو استمرت النهضة العلمية في هذ الاتجاه، وحمل العلماء والأدباء ورجال الفن والقانون الذين يلجؤون إلى الثقافات الأجنبية المختلفة

(1/359)

ويتزودون من معينها، وينقلون من آثارها، على تعريب كل ما يفيدهم، لأصبحت اللغة العربية اليوم من أقوى اللغات على تمثيل الحضارة الحديثة, وإبرازها في صورها المتباينة، ولأخذت الكلمات المعربة صبغًا عربيًّا خاصًّا على مر السنين، وتركزت معانيها بكثرة استعمالها، وسهل على الجامعات العربية تدريس شتَّى العلوم وأحدث النظريات باللغة العربية.
ولكن وا أسفاه؛ أبى الإنجليز حين دخلوا مصر إلّا أن يرغموها على تعلم لغتهم في مدارسها الابتدائية والثانوية والعالية, وصار حظ اللغة العربية من اليوم المدرسي ضئيلًا، ولم يفعل الإنجليز ذلك دفعةً واحدة، وإنما مهدوا له تمهيدًا بطيئًا..
دخل الإنجليز مصر في سنة 1882، بعد أن ازداد نفوذ الأجانب، وقويت شوكتهم, وعظمت شركاتهم، وبعد أن فرضت الرقابة الثنائية, ودخل الوزارة المصرية وزيران أجنبيان، شعر المثقفون المصريون بتغلغل الأجانب في كل مصالح مصر، ورأوهم معتدين بلغاتهم وبجنسياتهم, وأن مدارسهم وإرسالياتهم تَجِدُّ في تدريس اللغات الأجنبية، ومن يتخرج فيها يكون له التفوق في ميادين الاقتصاد والسياسة، فأدى كل هذا إلى اهتمام مصر -حتى قبل الاحتلال الإنجليزي- بتعليم اللغات الأجنبية في مدراسها، وقد تقدَّم على إبراهيم ناظر المعارف في سنة 1880 يطلب إنشاء مدرسة تُسَمَّى "دار العلوم التوفيقية" لتخرج مدرسين في اللغات الأوربية, وسائر العلوم الغربية، على غرار دار العلوم العربية؛ وكانت مدرسة الألسن لا تزال موجودة، ولكن ضعف التعليم فيها؛ إذ ألغيت منها اللغة التركية والألمانية، واقتصر على تعليم الإنجليزية والفرنسية والعربية، وفي سنة 1881 تقرر إنشاء مكتب للترجمة والتحرير, تولى إدارته حينئذ أديب إسحق الكاتب المشهور، ثم تحول هذا المكتب إلى مدرسة المعلمين الخديوية في سنة 1889؛ كي تخرج مدرسين مصريين لتعليم اللغة الإنجليزية بالمدارس الابتدائية.

(1/360)

ولما ألغيت مدرسة الألسن أنشئ بدلها مدرسة الإدارة والحقوق سنة 1886 -وكان غرض الإنجليز جعل الثقافة المصرية ثقافة ديوانية بحتة- وقد ظلت كذلك طويلًا, حتى بعد أن كفوا أيديهم عن التدخل في وزارة المعارف؛ لأن المشرفين على نظم التعليم بمصر كانوا متشبعين بمبادئ المدرسة الديوانية، ولذلك صار الموظف المصري عبدًا لوظيفته, إذا فقدها أو إذا خرج إلى ميدان الحياة، صار كالسمكة التي جفَّ من حولها الماء، وإنما اختطَّ الإنجليز هذا النهج حتى لا يفطن المصريون إلى الأعمال الحرة, والنهوض ببلادهم عن سبيل التجارة والاقتصاد، وينفرد بها الأجانب بعامةٍ والإنجليز بخاصة، وبحسب المصريّ أن يوفِّرَ لهؤلاء الدخلاء الطمأنينة والرفاهية والنظام، وله من الأجر لقيمات تقيم صلبه, وحياة دونها حياة الخدم والأجراء، أما الربح الوفير، والعيش الرغيد, والعربات الفارهة، والقصور الشامخة, والتجارة العالمية, فهي وقف على هؤلاء الأفاقين الذين دخلوا ديارنا ضيوفًا, فاستبدوا بثروتها المادية والمعنوية، وتبجحوا في معاملاتهم لأبناء البلاد، يمشون في تيه وخيلاء وصلف وكبرياء, حتى تنبهت مصر لهم، وكفت من غلوائهم، وألغت امتيازاتهم.
أجل! كان هذا بعض ما رسمه الإنجليز للشعب المصريّ، وأشرفوا على تنفيذه، فإن مدرسة الحقوق حينما أنشئت، قسمت قسمين: ابتدائي وعالي، يعد الابتدائي والمحضرين والمترجمين، وأصناف الموظفين لأقلام الكتاب والنيابة بجميع المحاكم، وأقلام الحكومة والوزارات، وشتّى المصالح التي تحتاج لأشخاص عندهم معلومات قانونية، ويعد القسم العالي لوظائف الكتاب في الدرجة الأولى والثانية, ووكلاء النيابة وما شاكل هذا.
ولم يفكر المستعمرون -طبعًا- في إنشاء المدراس التي تُعِدُّ شبان مصر لميدان الحياة العلمية؛ من تجارةٍ وزراعةٍ وهندسةٍ وصناعةٍ, وغيرها، وليتهم حافظوا على لغة البلاد، وهي مصدر عزتهم، ورمز وطنيتهم وقوميتهم، وإنما عمدوا في سنة 1888 إلى الغض من شأنها، والحدِّ من تعليمها، وإفساح المدى أمام اللغات الأجنبية، وهاك ما أورده أمين باشا سامي في كتابه "التعليم في مصر خاصًّا

(1/361)

بهذا التحول الخطير, وهو في صورة تقرير مقدَّم من وزارة المعارف إلى الخديو: "إن تعليم اللغات الأجنبية التي لها في هذا العصر من الأهمية ما لا يخفى بمصر خاصَّةً، لم يأت إلى الآن في مدارسنا بالنتائج المطلوبة، وليس ذلك لتقصير من المعلمين، أو فتور في همتهم، فإنهم في الواقع أهلٌ لما عُهِدَ إليهم من الوظائف، غير أن الوقت المخصص لتعليم هذه اللغات غير كافٍ، حتى تكتسب التلامذة ملكة استعمال اللغة، ويسهل عليهم التكلم بها، وهو أمر لا يمكن الحصول عليه إلّا بعد تمرينٍ طويلٍ مستمرٍ، فلتلافي هذا الأمر بقدر الإمكان, تقرر أن مواد العلوم الجاري تدريسها للآن باللغة العربية, تعلم من الآن فصاعدًا بمعرفة مدرس اللغة الأجنبية, إما باللغة الفرنسية، وإما باللغة الإنجليزية، فإذا درس التاريخ والجغرافية والعلوم الطبيعية بلغات أجنبية, وضم هذا إلى تعليم اللغة المقصودة بالذات سهل نيل المقصود".
ثم ألغيت بعد ذلك اللغة الفرنسية من المدارس الأميرية الابتدائية، وحلَّت محلها اللغة الإنجليزية، وإن بقي للفرنسية بعض القوة والانتشار لكثرة المدارس التبشيرية التي تتخذها أساسًا للتعليم بمصر.
وفي سنة 1898 رأت الحكومة -أو رأى المستعمر- أن يغير منهج مدرسة الطب، وأن يحول بينها وبين الرسالة العظيمة التي اضطلعت بأدائها منذ عصر محمد علي، ألا وهي نقل الطبِّ الغربيِّ الحديث إلى اللسان العربي المبين؛ فعين لها مدير إنجليزيّ, أدخل بعض الإصطلاحات فيها، واشترط لنجاحه في مهمته أن تكون لغة التدريس بالمدرسة هي الإنجليزية, فأجيب إلى طلبه، وعطلت الترجمة، وصار كل الأساتذة من الإنجليز وظلت الإنجليزية هي لغة الطب بمصر حتى يومنا هذا.
وإذا كانت اللغة العربية قد حوربت في كل معهد، واشتد ساعد اللغات الأجنبية, ولا سيما الإنجليزية، فقد استطاعت بما كمن فيها من قوةٍ أن تقف أمام المحنة، وأن تسترد سلطانها المفقود بعد لأي، وأن ترغم العدو الغاصب على الاعتراف لها بالحيوية، وأنه ليس من السهل القضاء على لغة ذات تاريخ مجيد، وتراث تليد، ودين سماويٍّ مكين كاللغة العربية.

(1/362)

ظهرت سطوتها أول الأمر حينما اضطرت المحاكم الأهلية إلى تعيين المترجمين بين القضاة الأجانب، وبين الأهالي والمترافعين لأول عهدها سنة 1883؛ إذ لم تجد الحكومة من بين المصريين أكفاء يلون شئون القضاء، ولقد أدى إنشاء المحاكم المختلطة سنة 1876، وإنشاء المحاكم الأهلية بعد ذلك إلى نهضة قانونية قوية بمصر؛ فوضعت القوانين، وكثرت عليها شروح العلماء(1).
وترجمت كتب كثيرة من الفرنسية في هذا الباب مثل: أصول النواميس والشرائع, لبنتام, نقله فتحي زغلول(2) وهو في الخامس والعشرين من عمره، وحقوق الملل, ومعاهدات الدول, للأمير أمين أرسلان، والطعن في الحكام بطريق النقض والإبرام, ترجمة عزيز خانكي سنة 1900.
ووضعت المعاجم القضائية لتيسر على المشتغلين بالقضاء والمحاماة الاطلاع على المواد اللازمة أو الأوامر العالية، ومن أشهر هذه المعاجم: قاموس الإدارة والقضاء, لفيليب جلاد, في ستة مجلدات سنة 1899، والقضاء المصري الأهلي, لإبراهيم الجمال, وهو معجم للقواعد القانونية المأخوذة من أحكام المحاكم الأهلية.
(1/363)

وصدرت مع هذه التراجم العديدة، والمؤلفات الكثيرة، مجلات قضائية؛ من أشهرها: مجلة "الحقوق" لأمين شميل، ثم آلت لإبراهيم الجمال، ومجلة "الأحكام" لنقولا توما، ومجلة "القضاء" للشراباتي وغيرها.
إن هذه النهضة القانونية قد أفادت اللغة كثيرًا، وأضافت إلى المعجم العربيّ عشرات الكلمات الاصطلاحية، ولبى العلماء دعوة فتحي زغلول حين أهاب بهم أن يهيئوا لغتهم للحياة الجديدة، ورسم لهم الطريق بقوله: "عليكم بالتقدم, فادخلوا أبوابه المفتحة أمامكم ولا تتأخروا, فلستم وحدكم في هذا الوجود، ولا تقدم لكم إلّا بلغتِكم، فاعتنوا بها وأصلحوها وهيئوها, ولا تشوهوا صورتها الجميلة بتعدد الاشتراك أو التجوز، ثم لا تقفوا بها موقف الجمود، وأقيموا في وجه هذا السيل الجارف سدًّا من الاشتقاق المعقول, والترجمة الصحيحة, والتعريب عند الضرورة, لتكونوا من الناجحين"(3).
ومع هذه الفائدة الجليلة التي أحرزتها اللغة العربية بهذه النهضة القانونية, فإن من المؤسف حقًّا أن تهمل الشريعة الإسلامية وأحكامها، وأن يغلبنا الأجانب على أمرنا، ويتمكنوا من حملنا على التنكر للقانون السماويّ الذي يتمشى مع الغرائز الإنسانية، والطبيعة البشرية, وبرهنت الأيام على أنه أعدل القوانين وأقواها وأرحمها؛ إن القوانين الوضعية، ولا سيما القوانين التي وضعت لأناسٍ سوانا؛ لهم عادات وتقاليد وبيئة غير ما نحن عليه، لم تصلح المجتمع المصريّ بل أفسدته، ولو حاول المصلحون في مصر تنظيم أحكام الشريعة الإسلامية ووضعها في موادٍّ حسب أبواب القانون، ووازنوا بينها وبين غيرها من القوانين, واجتهدوا في استنباط الأحكام, ووصلوا الماضي التليد بالعهد الجديد، لبرهنوا على أنهم من أمة لها كرامة، وبها حرص على تراثها، والسير بنهضتها في السبيل المستقيم، أما عملهم هذا, فهو مسخ وتشويه للأمة، وتقليد سخيف، وهو عنوان الضعف، والشعور بالخزي أمام الأجانب، وعدم القدرة على الدفاع عن مقومات شخصيتنا.
(1/364)

ولقد حاول بعض العلماء في ذاك الوقت ممن كان لهم شعور صادق بهذه الكارثة أن يبرهنوا لهؤلاء الأجانب على أن الشريعة الإسلامية تستطيع أن تنهض بالمجتمع المصري كل النهوض، وأن بها من الأحكام ما يجعل الأمم الإسلامية في غنًى عن قانون نابليون, أو القانون الروماني، وهاك عمر لطفي(4) يضع باللغة الفرنسية بعض مواد الشريعة الإسلامية؛ ليدحض دعاوى هؤلاء المغرورين بمدنيتهم الزائفة, ومن لف لفهم ممن لم يعرفوا حقيقة الشريعة الإسلامية, ومن هذه المؤلفات التي قدمها عمر لطفي بالفرنسية للموازنة.
1-
الدعوى الجنائية في الشريعة الإسلامية، وقد أعجب به الفرنج أيَّمَا إعجاب.
2-
حرمة المساكن.
3-
حق المرأة.
4-
وحق الدفاع.
إن الاتجاه الذي سلكه العراق منذ سنوات, حين انتدب الدكتور عبد الرازق السنهوري لوضع قانون للمحاكم العراقية مستنبط من الشريعة الإسلامية, والاتجاه الذي اتجهت سوريا في دستورها قبل الوحدة اتجاه سليم يدل على يقظةٍ وإدراكٍ صحيحٍ لقيم التراث الإسلاميّ، وحرص على عدم المسخ والفناء في الأمم الأجنبية.
وظهرت قوة اللغة العربية كذلك، وأنها تستطيع أن تتحدى الاستعمار، وتسير في النهج العريض الذي خطه محمد علي وعبدته حكومة إسماعيل، على الرغم من العقبات التي أقامها الإنجليز أمامها؛ في رغبة العلماء والأدباء في أن يعرفوا أبناء أمتهم كثيرًا من أسس الحضارة الغربية، لعلمهم أن الاستعمار مهما كان جامحًا عنيفًا, لا يستطيع أن يستولي على إرادة العلماء ويمنعهم من
(1/365)

الاستمرار في تغذية اللغة العربية بهذه النفائس، وقد شملت الترجمة في هذا العصر الذي نؤرخ له ألوانًا جديدة من الفكر الغربيّ، فهناك "الاقتصاد السياسيّ"، وكان العرب يطلقون عليه المعاش, ومن الكتب التي وضعت أو ترجمت في هذا الموضوع:
1-
كتاب الاقتصاد السياسي, أو فن تدبير المنزل, لخليل غانم 1879.
2-
أصول الاقتصاد السياسي, لرفلة جرجس 1889، وهو مقتبس من كتب إفرنجية عديدة.
3
كتاب الاقتصاد السياسي, لجيفرنس, نقلته جمعية التعريب سنة 1892.
4-
مبادئ الاقتصادي السياسي, تأليف محمد حسين فهمي.
5-
الموجز في علم الاقتصاد لـ "بول لروابوليه", نقله حافظ إبراهيم وخليل مطران في خمسة أجزاء بأمر حشمت ناظر المعارف سنة 1913.
وهناك "علم الاجتماع" وقد مرَّ بك كيف بدأ هذا العلم على يد جمال الدين ومدرسته, وكيف شخصت أدواء الأمة الاجتماعية، ووصف لها الدواء على يد أديب إسحاق وعبد الله نديم ومحمد عبده، ولكن ما كتبه هؤلاء لم يبن على أصول علمية ثابتة، وقواعد مقررة، وإنما كان وليدة الخبرة والملاحظة والتجربة، وكان لا بُدَّ للنهوض بهذا العلم من دراسته عند علماء الغرب, ونقل أجلّ آثاره، مع تطبيق نظرياته على المجتمع المصريّ وعاداته وتقاليه وشرائعه وبيئته.
وليس علم الاجتماع غريبًا عن اللغة العربية، فإن ابن خلدون في مقدمته, قد وضع له أسسًا متينةً, ونظرياتٍ سليمةً بنى عليها مونتوسكيو(5) وسواه
(1/366)

أبحاثهم، ثم تطور هذا العلم واتسعت موضوعاته، ونظمت أبحاثه، وقد فطن لذلك علماء مصر, فترجم فتحي زغلول -كما مرَّ بك- كتابي روح الاجتماع، وتطور الأمم لـ "غوستاف لوبون" ونقل كذلك تقدم الإنجليز السكسونيين، وهو من الكتب الممتعة التي قرأناها بشغف، ونقل محمد زكي صالح نشوء الاجتماع لـ "بنيمامين كد".
ومن الكتاب الاجتماعيين الذين أفادوا هذا العلم، وحاولوا إصلاح الأمة عن طريق الدرس والتمحيص والتحليل، والاستقراء والاستنباط، السيد عبد الرحمن الكواكبي(6) ومن كتبه النفيسة التي بهرت جيله، وصار لها أكبر الأثر في اليقظة القومية بالشرق:
1-
طبائع الاستبداد.
2-
أم القرى.
وقد وضع كتبه في شكل روائي، وفيها تحليل دقيق للأمراض الاجتماعية والسياسية, وفيها حملات شديدة على الحكومة العثمانية، وفيها علاج إيجابي سليم لأدواء المسلمين, وامتاز الكواكبي في كتابته بالذكاء والتخصص والتعمق والرزانة، ولو أتيح له أن يعرف لغة أجنبية فيطلع على أبحاث علم الاجتماع عند الغربيين لكان له -مع غزارة فكره وصدق نظره- في تقدم هذا العلم وتطوره شأن يذكر.
(1/367)

ومن المشكلات الاجتماعية التي أثيرت في هذه الفترة، وكان لها دويٌّ عظيمٌ مسألة الحجاب والسفور، ومركز المرأة في المجتمع، ولقد أدّى اختلاطنا الشديد بالأجانب، وتطلعنا إلى محاكاتهم في كل شيء، والسير على نهجهم في مدنيتهم إلى ظهور هذه المشكلة، وكان بعض المفكرين يرى سفور المرأة المسلمة ومساواتها بالرجل في كل شيءٍ مغالاةً منهم في المحاكاة, ولكنهم لم يجرؤوا على الجهر بآرائهم أمام جمهور المسلمين في ذاك الوقت؛ لتمكن عادة الحجاب من النفوس، حتى ظهر قاسم أمين(7), فنشر كتابيه "تحرير المرأة" و"المرأة الجديدة"، وقد كان لهما أثر بليغ في الحياة المصرية، وإن لم يظهر هذا الأثر سريعًا، بل ظلت المرأة مدة يتجاذبها السفور تارةً والحجاب تارةً، حتى خلعته أخيرًا, ولم يعد له أثر إلّا في بيئات محدودة.
أما "الأدب" وهو الذي يعنينا في كتابنا هذا أكثر من سواه، فقد اشتدت فيه حركة التعريب، ولا سيما الروايات والقصص، وقد عرفت فيما سبق أن الكلية الأمريكية ببيروت أسست سنة 1860, ثم أسست الكلية اليسوعية بعدها بقليل، وقد كان لهاتين الكليتين أثرٌ بارزٌ في توجيه النشء إلى القصة الغربية، ولما هاجر كثير من نصارى لبنان إلى مصر؛ حيث الحرية والشهرة والثورة, أخذ هؤلاء المهاجرون يترجمون القصص الأوربيّ ويذيعونه في الناس، وكانت بيروت قد شهدت من قبل قيام "مارون نقاش" يؤلف بعض المسرحيات أو يقتبسها من الأدب الغربيّ؛ مثل مسرحية: "البخيل" لـ "موليير"، وكان يدعو فنه هذا "الذهب الإفرنجي المسبوك" وكان لمارون ابن أخٍ اسمه سليم نقاش, رحل بعد موت عمه إلى مصر، وسعى فيها حتى أنشأ مسرحًا وفرقةً، وظهر بمصر في ذلك الوقت رجل يهوديّ اسمه "يعقوب صنوع", أسس مسرحًا عربيًّا بالقاهرة ترجم له عشرات
(1/368)

الروايات الفرنسية الغرامية بلغة عامية ركيكة, وقد تقدم الكلام عنه(8)، وظل المسرح منذ ذلك الوقت يعتمد على الروايات الأجنبية الممصرة، وأحيانًا يضع له بعض المؤلفين مسرحيات لا تمثل الحياة المصرية في شيء، وبها كثير من عادات الغرب وتقاليده, ولم يتجه المسرح وجهة إصلاحية إلّا نادرًا, مثل ما مر بك من روايات عبد الله نديم وأضرابه(9).
على أن الاهتمام بالمسرح وبالتمثيليات لم يكن كبيرًا، وإنما عُنِيَ المترجمون بنقل القصص الغربيّ بأنواعه وألوانه؛ ومن أقدم الذين اشتغلوا بترجمة القصص نجيب حداد اللبناني(10)؛ فنقل إلى العربية رواية صلاح الدين تأليف "ولترسكوت" ورواية السيد Cid تأليف كروني Corneille وسماها: "غرام وانتقام", رواية "هير ناني" تأليف هوجو، وسماها: "حمدان", ورواية رميو وجوليت, تأليف شكسبير, وسماها: "شهداء الغرام"، ورواية البخيل لـ "موليير" ورواية الفرسان الثلاثة, تأليف إسكندر دوماس في أربعة أجزاء, طبعت لأول مرة سنة 1888.
وفي أواخر القرن التاسع عشر "يونيو سنة 1897", حضر إلى مصر كلٌّ من نقولا زرق الله، وخليل مطران، وطانيوس عبده، واشتغلوا بالصحافة، ثم التحق نقولا بجريدة الأهرام، وعكف على ترجمة الروايات بأسلوب سهل جذَّاب، وفي سنة 1904 ترجم رواية "سقوط نابليون الثالث" في أكثر من ألف صفحة، وقد استهوت هذه الروايات الناشئة في مصر والبلاد العربية، فأقبلوا عليها إقبالًا شديدًا، وأخذ بعض المسلمين يقلد هؤلاء المترجمين, حتى لقد أنشأ أحدهم مجلة باسم "مسامرات الشعب" يحشد فيها كثيرًا من القصص الرخيص، وأخرج نقولا رزق الله(11) "سلسلة الروايات الجديدة" وكان العدد يحتوي على شذرات من الشعر القديم، وقصصًا قصيرة, إلى جانب الرواية الرئيسية، وأنشأ طانيوس عبده مجلة "الراوي" وفيها أخذ في تعريب الروايات الشهيرة مثل: "فوست" و"الملكة إيزابو".
(1/369)

وترجم فرح أنطون(12) "الكوخ الهندي"، "بول وفرجين" و"أتلا" وغيرها من الروايات، كما ترجم خليل مطران كثيرًا من روايات شكسبير التمثيلية.
وكان من الطبيعيّ بعد أن كثرت هذه الروايات في أيدي الشباب والرجال, أن يبدأ الأدباء في محاكاتها، وكان أول المقلدين وأنشطهم جرجي زيدان(13), فنحا في تأليف الروايات منحى "ولترسكوت" الإنجليزي، واستمد من التاريخ العربيّ قصصه وأبطاله، وغيَّرَ في حقائق التاريخ وبدَّلَ حتى يدخل عامل التشويق والتتابع القصصي, وأخرج عددًا كبيرًا من هذه القصص التاريخية؛ منها: فتاة غسّان، وأرمانوسه المصرية، وعذراء قريش, وغادة كرباء، والحجاج، وفتح الأندلس، وشارل وعبد الرحمن، إلخ هذه السلسلة الطويلة التي بلغت ثماني عشرة قصة مستمدة من التاريخ الإسلاميّ، وأربع قصص أخرى مكتوبة كلها بأسلوب صحفيّ، خالية من التحليل النفسي، والنظريات الفلسفية, وما هي إلّا تاريخ في قالب قصة لم تكمل شروطها الفنية، وتاريخ لم يحافظ فيه على الحقائق، وإن كانت الحقائق التاريخية ليست شرطًا في القصة التاريخية, كما نرى عن "سكوت"، وكما نرى عند شكسبير في "أنطوني وكليوباترة", "يوليوس قيصر" وغيرهما من الروايات والمسرحيات التاريخية، ولكن هذه القصص فيها نفحة الأديب، وخيال الشاعر، وعبقرية الفنان، وليست سردًا تاريخيًّا مكتوبًا بأسلوب صحفيّ، ومثل زيدان في هذا سليم البستاني(14) في رواية "زنوبيا وبدور" وغيره ممن سلكوا هذا النهج التاريخي، وزيدان أسلم من سواه عاقبة، ثم ظهرت بعد ذلك، وللأسف قصص رخيصة تتملق النزعات الدنيا عند الشعوب، وتقرأ لقتل الوقت، وتمثل كثيرًا من وجوه الحياة الإنسانية المخزية، فالإجرام
(1/370)

بأنواعه وطرقه، والعشق السافل, وما شاكل ذلك من نواحي الضعف الإنساني، ولا سيما وهي في المدنية الغربية المسمومة قد زحفت في صورة قصص مزرية بالأدب, مطوحة به في مهواة سحيقة، مضللة عقول النشء، ومفسدة لأهوائهم وأخلاقهم، وباعثة منازع الشر والإجرام على طريقة رعاع باريس, وغوغاء لندن، وصعاليك برلين, وشطار نيويورك وشيكاغو، من أمثال: "اللص الشريف" و"جونسون"، و"ملتون توب" و"طرزان": وغير ذلك مما لا يخرج عما كان متداولًا في مصر إبَّان عصور الضعف من قصة "أحمد الدنف" "ودليلة المحتالة" ومغامرات العيارين والشطار، وإن اختلف اللون والزمان والحوادث، ولكن الفكرة واحدة، والنهج متشابه، والغاية السلوى وقتل الوقت، وتملق النزعات الدنيا. وأين هذا من الأدب؟
وظل هذه الفيض من السخف يغمر المطابع العربية حتى قامت الحرب العالمية الأولى، واستمر بعدها ولا زال للآن، ولكنا نكتفي بتتبعه عند هذا الحد، ولنا في الكلام عن القصة ومنزلتها في الأدب عودةً قبل أن نفرغ من هذا الفصل -إن شاء الله، وحسبنا أن نقول هنا كلمةً طالما رددناها في هذا النوع من الاتجار بعقلية الجماهير: لقد تفتحت أعيينا في الصبا, فإذا نحن في بيداء موشحة, نخبط في دروب ملتوية, ونعرج يمنة ويسرة, بعيدين عن جادة الحق، وأبواق الثقافة الدخيلة يقودون القافلة إلى مصرعها الوخيم، وينفثون فيها السموم المخدرة حتى تستكين لهم وتسلم قيادها, وهي في غفلة عما انطوت عليه جوانحهم، جاءوا وهي ترزح تحت أصفاد الجهل والانحلال، وأرادوا مسخها وتشويهها، حتى تتناسى ماضيها, وتفقد ما كمن فيها من عزة وأنفة.
جاءوا بقصص خليع يثير الشهوة، ويقتل الحياء، ويلطم وجه الفضيلة والشرف، يوحي بالإجرام والفسق، وجاءوها بمهازل تمثل على المسارح باسم الفن، وأدب موبوء يزلزل العقيدة، ويخدش وجه العفاف, ويعرض على الناس باسم القصة، إنه أدب نغل، ورود آسن, وغذاء عفن, التقطه من يتجرون بعقلية الجماهير، ومن وقعوا وقوع الذباب على الفضلات الفاسدة من نفايات الحضارة الأوربية, وقدموه لقونهم في شكل زريّ.

(1/371)

إن النفوس المريضة، والعقول الهزيلة, هي التي يخلبها الزيف، وتغويها المظاهر الخداعة، والقلوب الخالية من الإيمان هي التي تهيم بالأباطيل فتعتسف الطريق، وتنفذ في سراديب البهتان، وإذا أرادت أمة أن تنهض وتنشئ جيلًا طموحًا فتيًّا صدفت وعفت عن هذه الآداب المرقعة، والقصص الهزيلة، وجدَّت في تثقيف الجمهور وتهذيبه, فلا تترضاه أو تتملقه، أو تناشد عواطفه الجامحة النابية طمعًا في ثروة زائلة، وجاهٍ مؤقت، وعليها أن تقود هذا الجمهور الساذج إلى المعين العذب؛ فتشذب خلقه، وتروض نفسه، وتطبعه على الخير, وتزوده بما ينهض به.
لم نعرض أدواء الأمم الأجنبية ومثالبها على جمهور قرائنا، وقد وضع هذا القصص الغريب لبيئة غير بيئتنا، وليعالج مشكلات لا وجود لها عندنا؟ إن القصة سلاح ذو حدين، واستعماله يحتاج إلى مهارة وخبرة، وقد أساء المترجمون استعماله؛ فطعنوا قومهم ومجتمعاتهم الطيبة في الصميم، وجنوا عليها جناية لا تغتفر.
وقد انتشر هذا اللون من القصص بأوربا في أخريات القرن التاسع عشر باسم الواقعية, وقد لخصنا السمات العامة للمذهب الواقعيّ في كتابنا "المسرحية", ولا يزال الأدب الأوروبيّ والأمريكيّ واقعًا تحت تأثير المذهب الواقعيّ، ولقد جنى على بعض الأمم الغربية جنايةً فظيعةً, وأشاع فيها التحلل والضعف، ولذلك أخذ كثير من أدباء الغرب يناهضونه.
ولعلك أدركت مما سبق كيف أن الأدب الأجنبي قد طغى تياره واشتد، فالمدارس تفرض فيها اللغة الإنجليزية في كل الدروس، ولا يعفى إلّا درس العربية والدين، والأدب أخذ يغرف من بحور الغرب دون تَحَرٍّ أو تدقيق، وجمهرة المثقفين تَجِدُّ فيم ينقل إليها صورًا من حياة الغرب لم تعهدها، والغرب هو المتملك القاهر، والنفوس تشرئب لمعرفة عاداته, وسر قوته, وكثير من ألوان حياته.
ظلت المدارس المصرية خاضعة لهذه السيطرة الأجنبية حتى تولى سعد زغلول وزارة المعارف في سنة 1906، ونازع المستشار الإنجليزي "دانلوب" في سطوته وجبروته، وألزمه حده لا يتعداه، وذلك بتشجيع الجمعية التشريعية التي

(1/372)

أصرت على إرجاع اللغة العربية، وعمل جاهدًا على غسل هذه الوصمة، والرجوع بلغة التدريس إلى اللغة العربية، فكان لها ما أرادت، وكانت حسنةً لا تنسى له وللجمعية التشريعية؛ لأنها أعادت التيار إلى مجراه القديم، وأخذ العلم الحديث يتدفق في هذا المجرى كتبًا طريفة التأليف، بارعة العرض, جذابة الأسلوب, وسار نهر العربية زخارًا صوب الكمال حتى يومنا هذا.
وبقي درس اللغة الإنجليزية والأدب الإنجليزي درسًا أصيلًا في المدراس، يقف منه الشباب على لون من التفكير الأوروبي، وكان لهذا أثره العميق في التفكير العربيّ والنتاج الأدبي فيما بعد، وسنعود إلى هذا الموضوع بشيء من التفصيل في مقدمة الجزء الثاني إن شاء الله.

(1/373)

 

 

__________
 (1) من ذلك: 1- توضيح المشكلات في شرح قانون المرافعات, لأحمد عفيفي.2- شرح قانون التجارة, لعبد العزيز كحيل، ويوسف وهبة 1885. 3- ورسالة في قوة الأحكام المدنية لعبد العزيز كحيل 1889. 4- طلبة الراغبين في بيان حقوق الدائنين, لعبد العزيز محمد ومحمد توفيق نسيم 1893. 5- شرح الأموال على القانون المدني, لمراد فرج 1893. 6- شرح باب إثبات الديون, وإثبات التخلص منها, لعلي ذو الفقار 1973. 7- رسالة في تزوير الأوراق, لفتحي زغلول سنة 1895؛ وغير ذلك كثير, راجع تاريخ آداب اللغة العربية لجورجي زيدان, ج4 ص 362.
(2) ولد سنة 1863 بمصر، ودرس الحقوق بها، واشتغل بالقضاء حتى وصل إلى وكيل لوزارة العدل، قال فيه المنفلوطي: "إنه نابغة الأمة العربية علمًا وفضلًا، ونادرتها ذكاءً وفهمًا, وأقدر كتابها على الترجمة الصحيحة التي لا يضيع فيها معنى، ولا يضطرب فيها لفظ، وما انتفعت هذه الأمة في عصرها الحاضر بعلم أحد من علمائها انتفاعها بمؤلفاته ومترجماته, ويمتاز في كتاباته بالبيان والإيضاح والدقة في وضع الألفاظ بإزاء المعاني، فلا يتجوز إلّا قليلًا، ولا يتخيل إلّا نادرًا, ولا يغرب، ولا يتندر بحالٍ من الأحوال" مختارات المنفلوطي ص111، وقد ترك أحمد فتحي زغلول ثروةً علميةً عظيمةً من التأليف والتعاريب في القانون والإدارة والاجتماع؛ فترجم: روح الاجتماع لجوستاف لوبون، وتطور الأمم لجوستاف لوبون، وسر تقدم الإنجليز السكسونيين لأدمون دومولان، وشرح القانون المدني، وكُرِّمَ من أجله "1913", وله كتاب المحاماة 1905، وتوفي فتحي زغلول سنة 1914.

(3) مختارات المنفلوطي ص "11" من مقالٍ لفتحي باشا زغلول, بعنوان: "ماهية اللغة".

(4) أصله من أسرة مغربية، ولد بالإسكندرية سنة 1867، وتعلم بها، ثم جاء إلى القاهرة, ودرس الحقوق, وتقلَّب في مناصب الدولة حتى صار وكيلًا لمدرسة الحقوق، وكان له نشاط بارز في ميدان الحياة, فأنشأ كثيرًا من النقابات الزراعية وغيرها؛ وأنشأ نادي المدارس العليا, وله في هذا الباب كتاب إنشاء شركات التعاون، ومن أشهر مؤلفاته غير ما ذكرنا كتاب الامتيازات الأجنبية, وكان أول كتاب من نوعه في اللغة العربية، وتوفي عمر لطفي سنة 1912.

(5) سبق ابن خلدون بنظرياته الاجتماعية علماء الغرب, فنظرية التقليد الاجتماعيّ مثلًا التي قال بها، وملخصها انتقال العادات والطباع بين الأجيال والأمم المختلفة؛ لميل النفس إلى اعتقاد الكمال فيمن تنقاد إليه, كما بين الأبناء وآبائهم، والتلاميذ وأساتذتهم، بنى عليها "جبريل تادر" كتابه "قوانين التقليد"، وفي كتاب مونتسكيو "روح القوانين" Esprit des lois تجد أثر ابن خلدون واضحًا كقوله بضرورة الحكومات، وأثر البيئة في الناس وعاداتهم، وكقوله بتقسيم الناس إلى طبقات حسب مكانتهم الاقتصادية، وقد شابه الاشتراكيين في قوله بأن "الطبقات تسعى لاستثمار بعضها بعضًا استنادًا إلى ما لها من السلطة الاجتماعية والسياسية, فإن كل طبقة من طباق أهل العمران؛ من مدينة أو إقليم, لها قدرة على من دونها من الطباق، والجاه داخل على الناس في جميع أبواب المعاش, فإذا كان الجاه متسعًا كان الكسب الناشئ عنه كذلك.

وإذا أردت المزيد من آراء ابن خلدون الاجتماعية, والموازنة بينها وبين آراء علماء الغرب, ومن معرفة مكانته لدى الغربيين فارجع إلى :
 ابن خلدون: منتخبات لجميل صليبا، وكامل عياد. 1-
 فلسفة ابن خلدون الاجتماعية للدكتور طه حسين. 2-
 3-  ابن خلدون مؤرخ الحضارة العربيّ, القرن الرابع عشر, للعلامة: فون فيسندنك, وترجمة: محمد عبد الله عنان ..
 كتاب روبرت فلنت في تاريخ التطور العلمي Rober, Flint.4-
 (6) من أسرة حلبية مشهورة، نشأ ميَّالًا للعلم شغوفًا بالسياسية، وحرر مدةً في جريدة الفرات الرسمية, ثم أنشأ جريدة "الشهباء" وتقلب في مناصب الحكومة، ولما رأى ما فيها من فسادٍ أخذ ينقد رجال الدولة العلية، فاضطهدوه ففرَّ إلى مصر، ورحل إلى بلاد كثيرة كزنجبار والحبشة وأواسط جزيرة العرب والهند، ثم عاد إلى

مصر, واستقرَّ بها حتى توفي سنة 1902، راجع مشاهير الشرق ص35 ج1 "طبعة ثانية", ومجلة الثقافة العدد 307.

(7) من أصل كردي, نزح أبوه إلى مصر في عهد إسماعيل، وانتظم في الجيش المصريّ, وارتقى إلى رتبة أميرلاي؛ وولد قاسم بمصر, ودرس القانون، وتولَّى مناصب القضاء, حتى صار مستشارًا بالاستئناف, وتوفي سنة 1908, والمرأة الجديدة مدينة إليه بالشيء الكثير, فهو الذي شقَّ لها طريق التحرر كما تريد, وإن لم يكن أول من نادى بذلك، فقد عرفنا أن رفاعة الطهطاوي نادى بتحرير المرأة وتعليمها، ولكن الزمن والبيئة والأمة كانت كلها غير مستعدة لتلبية دعوته حينذاك, فلما أتى قاسم أمين وجد من المسلمين من يستجيب له، وقد سارت المرأة في سفورها شوطًا بعيدًا أكثر مما قَدَّرَ قاسم أمين أو أراد.

(8) راجع ص99 من هذا الكتاب.
(9) وقد ذكرنا في كتابنا "المسرحية" تاريخ المسرحية المصرية بالتفصيل, وسقنا ثمة نماذج عليها.
(10) ولد سنة 1876, واشتغل بالصحافة, فحرَّرَ في جريدة الأهرام إلى سنة 1884, ثم اعتزلها وأنشأ "لسان العرب، بالإسكندرية سنة 1889".
(11) توفي نقولا رزق الله في مارس 1905.

توفي فرح أنطون في 1922 (12)
 (13) ولد في بيروت سنة 1861، ودرس اللغة الإنجليزية في مدرسة ليلية مدة خمسة عشر شهرًا، وفي سنة 1881 خطر له أن يدرس الطب, ولكنه لم يتم دراسته بالكلية الأمريكية، ونال شهادة من الخارج في الصيدلة, ثم أتى مصر، وتولى تحرير جريدة الزمان سنة، ورافق الحملة النيلية إلى السودان سنة 1884 مترجمًا بقلم المخابرات، ثم رجع إلى بيروت عضوًا في المجمع العلميّ الشرقيّ, فدرس العبرية والسريانية, وزار انجلترا في سنة 1886؛ وتردد طويلًا على "المتحف البريطاني" بلندن، ثم عاد إلى مصر, وساعد في تحرير المقتطف، ولكنه استقال بعد مدة، واشتغل بالتدريس سنتين, وفي سنة 1892 أنشأ الهلال, وتوفي سنة 1914.
 (14) توفي سنة 1894, وبذلك سبق زيدان في تأليف القصص التاريخية, وله كذلك قيس وليلى والإسكندر.

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي