1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

الأدب الــعربــي : الأدب : الشعر : العصر الحديث :

المستشرقون

المؤلف:  عمر الدسوقي

المصدر:  في الأدب الحديث

الجزء والصفحة:  ص :373-385ج1

2-10-2019

3576

ومن أهم العوامل في النهضة الأدبية الحديثة, والاتصال بالفكر الأوربيّ بجانب الترجمة, ما قام به المستشرقون من جهدٍ في سبيل اللغة العربية وآدابها, وبحث العقيدة الإسلامية ومذاهبها، ونشر ما عفت عليه الدهور، وأغفلته يد النسيان من كنوز اللغة العربية.
اتصل الغرب بالمشرق بادئ الأمر حينما كان الشرق في عنفوان صولته، وقمة مجده, يغص بالمدارس الجامعة، ويزخر بالكتب الثمينة، ويشمخ بعلمائه وفلاسفته ورياضييه، وكانت أوربا لا تزال في سِنَةٍ من النوم, حينما فرغ الشرق أو كاد من يقظته الطويلة وجهاده العنيف في سبيل العلم والمدينة، ولما استيقظت أوربا قليلًا، تلفتت فوجدت شعبًا غريبًا يعمر جزءًا خصبًا من قارتها، وقد أحاله جنةً فينانةً ترف فيها العلوم والفنون والآداب، فتطلع أهله إلى الأندلس منذ ذلك الحين، يرمقونها بعيون دهشة، وأفواه فاغرة، وبودهم أن يعرفوا بعض ما عليه أهلها من علم.
وطئت أقدام العرب كثيرًا من أرض القارة الأوروبية, وعبرت بعضها عبور المسافر أو المغامر أو التاجر، ووقفت في بعضها وقفة الفاتح القادر، فعبروا فرنسا عبورًا سريعًا, وامتد طوفانهم إلى أودية "بوردو"، وتألب عليهم أوشاب أوربا من فرنسيين وألمان, وسواهم, حتى انحسر طوفان العرب عن فرنسا غب معركة

(1/373)

"بواتييه" أو بلاط الشهداء، بيد أن مقامه قد طال نوعًا في جنوب فرنسا من جهة البحر الأبيض المتوسط، وتركوا ثمة آثمارًا في صميم الحياة الفرنسية تدل على طول المكث والعشرة, ولا سيما في مقاطعة "بروفانس" وقد امتد نفوذهم منها حتى سويسرا عبر جبال الألب.
وأقاموا بصقلية قرنين ونصف قرن من الزمان، وتركوا من المساجد والآثار في "بالرمو" ما يشهد بعزهم وثروتهم وحضارتهم, ولم يكن من السهل التخلص من ثقافتهم وآثارهم حتى بعد جلائهم عن بعض تلك البلاد والثغور، لا أدل على ذلك من صقلية, فقد ظلت العربية في بلاط ملوكها, وعلى ألسنة أهلها بعد نزوحهم عنها بقرون, وقد بلغ من سلطانهم أن ملوك صقلية تزيوا بزي العرب، ورأس وزاراتهم, وقاد جيوشهم, وأشرف على أمورهم عرب أقحاح ممن تخلف الجزيرة بعد نزوح جمهرتهم، وهاك ابن جبير يقول في رحلته المشهورة حين زار صقلية سنة 1187, في عهد الملك غليوم: "وشأن ملكهم هذا عجيب في حسن السيرة واستعمال المسلمين.. وهو كثير الثقة بهم, وساكن إليهم في أحواله والمهم من أشغاله، حتى إن الناظر في مطبخه رجل من المسلمين، وعليهم قائد منهم.. ومن عجيب شأنه المتحدث به أنه يقرأ ويكتب بالعربية، وشعاره على ما أعلمنا أحد المختصين به، الحمد لله، حق حمده".
ولا عجب فالعرب في ذلك الوقت قد بلغوا شأوًا عظيمًا من الحضارة، وكان أهل أوربا في أشد الحاجة لمعونتهم وثقافتهم، وهاك "دوزي" يؤكد أن بعد أن وقف بالدرس على كنه الحضارة العربية في الأندلس: "أنه لم يكن في كل الأندلس أميّ يوم لم يكن في كل أوربا مَنْ يعرف القراءة والكتابة إلّا في الطبقة العليا من القساوسة" وصارت جامعة طليطلة قِبْلَةَ الطلاب من كل بقاع أوربا في القرن الثاني عشر, حتى بعد أن تقلص ظل الملك العربي عن معظم بلاد الأندلس، وبقيت العربية لغة الثقافة والمعاملات والعقود حتى سنة 1580، وظلت بعض قرى بلنسية تتكلم العربية حتى القرن التاسع عشر، ولسنا الآن في صدد تبيان

 

(1/374)

أثر العرب في الحضارة الأوربية وآدابها وغنائها وموسيقاها، وبحسبك أن تعلم أن الفلسفة الإسلامية ظلت تدرس في جامعات أوربا حتى سنة 1650, وأن أرسطو لم يكن يفهم إلّا بشروح ابن رشد، وأن طب ابن سينا كان غاية كل مشتغل بالطب في أوربا أمدًا طويلًا، وأن مئات الكلمات العربية التي تنبئ عن الحضارة والعلم قد دخلت اللغات الأوربية واستعجمت؛ من مثل: قيثارة, وقطران, وأميرال, وشراب, وزعفران، وكافور, وقرمز, وصك, ورزمة، وإكسير، وكيمياء، وجبر، وساقية, وما شاكل ذلك، وهم الذين علموهم صناعة الحرير والغلائل الموشاة، وصناعة السلاح والخز المذهب, والفسيفساء والبلور والورق والأصباغ والأدهان، والمعادن، وعلم الجبر والحساب بأرقامه(1).
واتصل الغرب مرةً أخرى بالشرق إبَّان الحروب الصليبية التي شنها متعصبة المسيحيين, حينما أَنِسُوا في عرب الأندلس ضعفًا، وظلَّت نحو قرنين وطوفان جنود أوروبا يتكسر على صفاة حماة الإسلام، ويرتد، ثم يعود أشد مما كان بأسًا، فتقابله صدمات تخفف من غلوائه، وهكذا حتى خمد، ولكن خلف هذا الاتصال الطويل آثارًا بعيدة الغور في كل من المغاربة والمشارقة، أما المغاربة فدهشوا من حضارة العرب في بلادهم, ووجدوا أشياء كثيرة لا عهد لهم بها، فقلدوا المشارقة في لبس الدروع الخفيفة المنسوجة, وفي استخدام الموسيقى العسكرية؛ واصطنعوا السيوف والرماح، وأخذوا عنهم فن بناء الحصون وحفر الخنادق، وإقامة الاستحكمات, واستعملوا النار لنقل أخبارهم في الليل, والحمام الزاجل بالنهار، وأخذوا كثيرًا من أصول الهندسة وتأسيس المنازل بالطنافس والنماذج والسجاد والأواني الخزفية وغيرها، وإن الفلسفة اليونانية التي يعتز بها الغرب، وعليها بنى حضارته وثقافته، إنما وصلت إليه عن طريق العرب، فهم الذين حفظوها وشرحوها وعلقوا عليها, وأضافوا إليها فلسفتهم وآراءهم, فلما استيقظت أوربا وجدت الطريق ممهدًا فسارت في المدنية بخطى واسعة.
(1/375)

كان هذا استشراقًا غير منظم، نشأ عن الاختلاط ولم ينتج عن الدرس، أما الاهتمام بالعلوم العربية ودراستها فقديمٌ يرجع إلى القرن العاشر الميلادي, واهتم ملوك أوروبا بآداب العرب وعلومهم، وأول من فعل ذلك فرديريك الثاني ملك صقلية سنة 1350، ثم ألفونس ملك قشتالة, فقد جمع الأخير المترجمين كما فعل المأمون من قبل، أمر بترجمة كتب العرب, وكانوا ينقلونها إلى الإسبانية ثم إلى اللاتينية, وشاع خبر هذه التراجم فحاكه كثير من ملوك أوربا, ومضت القرون الوسطى والثقافة العربية من طب وهندسة وفلسفة وجبر وحساب وكيمياء وصناعة وأدب(2) هي عماد الثقافة الأوربية، ولكن ما لبثت أوربا أن تخطت دور التعلم، ومهرت في شتّى أنواع العلوم، وبنت على هذا القديم الذي نقلته ومحصته ودرسته دراسة عميقة, علمًا جديدًا لا يزال في نموٍّ واطراد، وهو عماد الحضارة الغربية اليوم، ومع أن أثر العلوم والآدب العربية لا يجحد, فإن هذا الأثر قد ضعف على مر الأيام(3) واستقلت العلوم والآداب الأوروبية، وصارت مرجعًا ومعينًا، وتراثًا شائعًا للإنسانية، ومع كل هذا فقد تجدد نشاط الغرب في الاستشراق خلال العصور الحديثة، وظهر هذا النشاط في صور عدة:
(1/376)

1- الجمعيات الأسيوية:
وهي جمعيات أنشأها المستعمرون أول الأمر لدراسة شئون الدول التي يحكمونها، وتعرف لغاتهم وآدابهم ونفسياتهم، حتى يكون حكمهم مبنيًّا على أسس متينة، ومن أقدم هذه الجمعيات تلك التي أنشئت في بتافيا عاصمة جاوا سنة 1781، ومن أشهرها الجمعية الأسيوية الملكية بلندن، وقد أسست سنة 1723, ونظيرتها الفرنسية 1820, ولكلٍّ من الجمعيتين مجلة مشهورة تعنى بالأبحاث الشرقية والإسلامية والعربية, وتقوم أحيانًا بطبع كتب لم تنشر من قبل, أو إخراجها بتعليقات قيمة، ومن ذلك نشر المجلة الأسيوية الإنجليزية لمقامات الحريري، وترجمان الأشواق لابن عربي "ترجمها نيكلسون"، وقد اعتنى الفرنسيون بخاصة في مجلتهم بالمذاهب الإسلامية؛ فبحثوا في الدروز والشيعة والإسماعيلية والوهابية والنصيرية, وما شاكل ذلك.
وحذا كثر من الدول حذو إنجلتزا وفرنسا في إنشاء الجمعيات الأسيوية, فصار لأمريكا الجمعية الشرقية، ولألمانيا الجمعية الأسيوية، وفي إيطاليا والنمسا كذلك.
2-
المؤتمرات:
ومن مظاهر نشاطهم المؤتمرات التي يعقدونها في إحدى مدنهم المشهورة, ويؤمها المستشرقون من كل دولة، وكثير من الأدباء والعلماء في الدول الشرقية، وتلقى فيها البحوث, ويتناقش المؤتمرون في شتَّى المسائل, ويطلعون على ما قام به كل من الخدمات في سبيل الاستشراق، وأول مؤتمر عقده المستشرقون هو مؤتمر باريس سنة 1773، وتكررت بعد ذلك المؤتمرات حتى زدات في القرن العشرين، وقد أخذت مصر في العصر الحديث تشترك في هذه المؤتمرات, ومن أول من اشتركوا فيها عبد الله فكري، وحمزة فتح الله، وحفني ناصف وأحمد شوقي الشاعر.
3-
المكتبات:
ومن العجب أن كثيرًا من نفائس الفكر العربي والإسلامي ليس في البلاد

(1/377)


العربية، وإنما اكتنزه الغربيون في مكاتبهم، وقد جمعوا كثيرًا من هذا التراث في خلال العصور الماضية، وأيام محن المسلمين بالأندلس وصقلية وفرنسا وإيطاليا, وأيام الحروب الصليبية, وأيام أن دخلو غزاة فاتحين، أو تجارًا مستعمرين، وحرصوا على اقتناء النسخ النادرة والكتب الثمينة؛ حتى تجمع في هذه المكتبات ما يزيد عن مائتين وخمسين ألف مجلد، ومن أشهرها: مكتبة برلين، وباريس، ولندن، وليبزيج، وليدن، وأكسفورد، وأدنبرة، وليننجراد، ومدريد.
وقد عز على كثير من أدباء العرب وعلمائهم أن يظل هذا التراث النفيس غريبًا محتبسًا في مكاتب أوربا، فأخذوا منذ تنبهوا يغشون هذه المكتبات وينقلون بعض المخطوطات القيمة، أو يصورنها؛ وقد اهتمت بذلك جامعة القاهرة, ورصد لهذا العلم الأموال, وبعثت العلماء لهذه الغاية، وقد جدت الجامعة العربية في نقل كثير من هذه المخطوطات وتصويرها, حتى تهيأ لها عدد غير يسير منها, سيلقى ولا شك كثير من الضوء على الحقائق العلمية والأدبية والتاريخية المتداولة.
على أننا ما زلنا نطمع في المزيد, وأن تنقل كل هذه الكتب وترد صورها على الأقل إلينا, فنحن أولى بها من سوانا, ولا سيما وقد نشأت بين ظهرانينا طائفة من العلماء المحققين الذين أجادوا إخراج هذه الكتب إخراجًا علميًّا صحيحًا، ومن أشهر الذين اهتموا بهذا وجلبوا عشرات الكتب النادرة أو صورها؛ المرحوم أحمد تيمور والمرحوم أحمد زكي.
4-
معاهد اللغات الشرقية:
وفي العواصم الكبرى بأوربا، مدارس للغات الشرقية، يرد مناهلها طلاب أوربيون يدرسون اللغات كي يتمكنوا من العيش ببعض بلاد الشرق تجارًا أو موظفين أو سياحًا أو مستعمرين, كما يؤمها اليوم كثير من أبناء البلاد الشرقية والعربية، ويتزودون من علم كبار المستشرقين، ويأخذون عنهم طرق البحث، والاستنباط، ومن أشهر هذه المعاهد مدرسة اللغات الشرقية بلندن وباريس وبرلين، وكل مدرسة تحوي مكتبة قيمة، تعنى بدارسة اللهجات وتسجيل الأصوات، ويدرس بمدرسة اللغات الشرقية بلندن ما يزيد عن ثلاثين لغة.

(1/378)

5- أشهر المستشرقين المحدثين:
1-
دي ساسي الفرنسيّ, توفي سنة 1838:
منشئ الجمعية الأسيوية الفرنسية، وكان من أعظم المستشرقين وأصبرهم على الدرس, وخلَّفَ عدة آثار تشهد بفضله، من ترجمةٍ لكليلة ودمنة، ومقامات الحريري، ورحلة عبد اللطيف البغدادي، وألفية ابن مالك, والبردة، وكتاب النقود للمقريزي، وكتاب الزاجل لابن الصباغ، وترجم كثيرًا من أشعار العرب كقصيدة الطغرائي: يا خالي البال، وله مؤلف في تاريخ العرب أيام الجاهلية، وآخر عن ديانة الدروز، وهو الذي أنشأ مع تلامذته المجلة الأسيوية Jourral Asisique.
2-
كاترمير Quatremere 1857:
وهو من تلاميذ دي ساسي الفرنسي، ومن أعماله: نقل تاريخ المماليك للمقريزي, وطبع مقدمة ابن خلدون في ستة أجزاء بالعربية والفرنسية، ونشر منتخبات من أمثال الميداني متنًا وترجمةً، وترجم المعلقات السبع، ومن أبحاثه المشهورة بالمجلة الأسيوية ماكتبه عن النبطيين والعباسيين، وكتاب الأغاني, والفاطميين، وذوق الشرقيين, وغير ذلك من الأبحاث المفيدة التي تدل على نشاط جَمٍّ، وصبر بليغ.
3-
مونك Muuk 1867:
وهو ألماني يهودي, درس على ساسي، وقدم مصر فجمع مخطوطات كثيرة منها تاريخ الهندي للبيروني, ومن آثاره: تأثير اللغة العربية في اللغة العبرية بعد التوراة, وبحث ونقد في ديانة الدروز, ومجموعة في الفلسفة العربية واليهودية "وهو كتاب نفيس".
4-
دي برسفال De Perecval 1871:
وهناك أب وأبن بهذا الاسم، وكلاهما اشتغل بالعلوم الشرقية، وإنما نعني بهذا التاريخ الابن، وقد قام برحلة إلى لبنان، ومكث به ثلاث سنوات، وعُيِّنَ أستاذًا للعربية العامية في مدرسة اللغات الشرقية بباريس، ثم للفصحى في معهد

(1/379)

فرنسا, ومن آثاره: المعلقات السبع "وباكورة تاريخ العرب" في ثلاثة مجلدات, وقد طبع مرارًا.
5-
رينان Renan:
وقد درس اللاهوت في أول نشأته، وتعمق في اللغات الشرقية، وقام برحلة في بلاد الشرق العربيّ، ومن مؤلفاته: تاريخ اللغات السامية, في جزأين, كتاب ابن رشد, وقد علق عليه بقوله: "ولولا ابن رشد لما فهمت فلسفة أرسطو وتاريخ فينيقية" وقد اشتهر بتعصبه الذميم ضد العرب والمسلمين، وفي كتابه تاريخ اللغات السامية مطاعن كثيرة على العقلية العربية سنرد على بعضها عما قليل.
6-
دي فو De Vaux:
واشتهر بأبحاثه الرياضية والفلسفية، ومن أحسن كتبه: مفكرو الإسلام, في خمسة أجزاء، وكتاب الفلسفة المشرقية، وترجم قصيدة ابن سينا في النفس، وترجم تائية ابن الفارض.
7- Massignon:

وهو من المستشرقين المعاصرين: وكان عضوًا بمجمع اللغة العربية بمصر، ومن أكثر المستشرقين نشاطًا، وأطولهم باعًا، وقد كان أستاذًا لتاريخ الفلسفة في الجامعة المصرية، وتتلمذ أول أمره في الجزائر وتونس وفاس، ورحل إلى العراق، جاب كثيرًا من الأقطار العربية، ومن آثاره المهمة: أخبار الحلاج, والصوفية، والأمثال البغدادية للطالقاني، وكتاب مراكش في القرن السادس عشر، وله بحوث طيبة في دائرة المعارف الإسلامية.
8-
لفي بروفنسال Provencol:
وهو كذلك من المستشرقين الفرنسيين المعاصرين، ولد بالجزائر سنة 1894، وقد انتدب أستاذًا زائرًا بجامعة القاهرة، ومن أشهر آثاره: أسبانيا المسلمة في القرن العاشر, والحضارة العربية في أسبانيا، وثائق غير منشورة عن تاريخ الموحدين، وتقويم للسير الأندلسية في القرن الثالث عشر، وقد عاون في طبعة الذخيرة لابن بسام, من مطبوعات جامعة القاهرة.

(1/380)

أما المستشرقون الإنجليز فمن أشهرهم:
1- كارليل, توفي سنة 1805, وهو صاحب كتاب الأبطال المشهور.
2-
إدوارد لين Lane:
وقد قدم مصر سنة 1825, ودرس عاداتها دراسة طيبة، حتى لقد لقبه أصدقاؤه بمصر بمنصور أفندي؛ لكثرة تقليده للمصريين في معيشتهم, ومن أجَلِّ آثاره: معجمه المشهور سواء العربي أوالإنجليزي، ومعجمه العربي نموذج احتذاه من قام بعمل المعاجم بعده، ومن آثاره كذلك: كتاب عن أخلاق المصريين وعاداتهم، وهو تحفة جميلة، وقد ترجمه أخيرًا الأستاذ عدلي نور بالرسالة, ثم نشر على حدة.
3-
وليم رايت Wright 1896:
ترجم رحلة ابن جبير ونقدها وعلق عليها، ومن أشهر كتبه وأعمها نفعا: كتابه في النحو, وقد طبع مرات، وله كتاب جيد في الموازنة بين اللغات السامية Comparative Grammer، واشترك مع "دوزي" في إخراج نفح الطيب للمقري، ونشر كتاب الكامل للمبرد، وكتاب تلقيب القوافي لابن كيسان، وكتاب أخبار الرواد، وترجم كليلة ودمنة، وهو صاحب أبحاث الأدب السوري في دائرة المعارف البريطانية.
4-
إداورد بروان T.BVrowne:
وكان أستاذًا بجامعة كمبردج للعربية والفارسية، ومن آثاره: الطب عند العرب، وتاريخ الأدب الفارسي, ونشر كتاب مذكرة الشعراء لدولتشاه، وكتاب نهاية الأرب في أخبار الفرس والعرب, والصحافة والشعر في إيران الحديثة.
5-
السير توماس أرنولد Arnold:
وهو أول أستاذ بمدرسة اللغات الشرقية بلندن، ومن مؤلفاته العظيمة ذات الأثر الجليل كتابه الدعوة إلى الإسلام، وقد ترجم إلى كثير من اللغات، وقمنا بترجمته ونشر جزء كبير من هذه الترجمة بمجلة الرسالة سنة 1939، ولكن

(1/381)


حالت دون نشره عوامل مختلفة، وقد تمت ترجمته إلى العربية, ونشر في هذه السنة على يد بعض الأساتذة، وفيه يظهر توماس أرنولد دون تحيز سر الإسلام وعظمته.
6-
مرجوليوث، وقد اكتسب شهرة كبيرة في البلاد العربية, ونشر معجم الأدباء لياقوت الحموي، ونشوار المحاضرة، وديوان ابن التعاويذي، وحماسة البحتري, وترجم فصولًا من التمدن الإسلامي لجورجي زيدان.
7-
نيكلسون: وهو كذلك من أشهر المستشرقين وأبعدهم صيتًا، ولا سيما في أبحاثه عن التصوف الإسلامي، وله في ذلك كتاب في ثمانية مجلدات، ونشر ترجمان الأشواق لابن عربي، وترجم لابن الفارض في المجلة الأسيوية، وفكرة الشخصية في الصوفية، وله كتاب مشهور في تاريخ الأدب العربي, وتوفي نيكلسون من أمد وجيز.
8-
جب Gibb:
وهو من أشهر المسشترقين الإنحليز, وقد درسنا عليه بمدرسة اللغات الشرقية بلندن, وكان عضوًا بمجمع اللغة العربية بمصر, وله عناية فائقة بالأدب الحديث في مصر والشام, ونشرت في مجلة معهد اللغات الشرقية بلندن من سنة 1927-1930, وله كتاب موجز عن تاريخ الأدب العربي، ومن أحدث كتبه وأنفعها كتاب "الميول الحديثة في الإسلام" غير أنه شديد العناية بتركيا وتطورها، وله أبحاث عن الفتوحات العربية في آسيا الوسطى وعلاقتها ببلاد الصين، وصار محررًا لدائرة المعارف الإسلامية، وهو أستاذ بجامعة "هارفرد" بأمريكا، وله خبرة واسعة ببلاد الشرق العربي.
أما المستشرقون الألمان, فقد كان الحافز لهم على الاستشراق في مبدأ الأمر الاشتغال بالمسائل الدينية وترجمة التوراة, فاضطروا إلى دراسة العبرية ثم العربية، وبعد ذلك حفزته عوامل سياسية وتجارية إلى الاهتمام باللغات الشرقية، وإن لم يتهيأ لهم أن يكونوا مستعمرين لهم أملاك واسعة وإمبراطوريات شرقية مترامية الأطراف كالفرنسيين والإنجليز, ومع هذا فقد نبغ منهم عدد أفادوا الدراسات الشرقية والإسلامية فائدة لا تنكر، ومن أشهرهم:

(1/382)


1- فريتاخ, توفي سنة 1861:
وتعلَّم على دي ساسي في باريس، واشتغل بالتدريس في جامعة "بون"، ومن آثاره ديوان الحماسة لأبي تمام مع شرح التبريزي وبترجمة لاتنية, وأمثال لقمان، وأمثال العرب, وأمثال الميداني بترجمة لاتينية، وفاكهة الخلفاء لابن عربشاه؛ وله معجم عربي لاتيني في أربعة أجزاء، وطَبَعَ معجم البلدان لياقوت مع فهارس قيمة وتذييل.
2-
فلوجل, توفي سنة 1870:
ومن آثاره: نشر كتاب كشف الظنون لحاجي خليفة, مع ترجمة لاتينية في سبعة مجلدات، ودراسة عن الكندي الفيلسوف العربي، ونشر كتاب التعريفات للجرجاني, وأتبعه بدراسة عن ابن عربي, ومدارس العرب النحوية حتى القرن العاشر، ونشر الفهرس لابن النديم كذلك.
3
فليشر, توفي سنة 1888:
مؤسس الجمعية الشرقية الألمانية، وقد نشرت هذه الجمعية كثيرًا من الكتب القيمة؛ مثل: معجم البلدان تصحيح "وستنفلد" وشرح المفصل لابن يعيش, تصحيح "بان"، وكتاب الآثار الباقية للبيروني, تصحيح "سخو".
ومن آثاره: ترجمة ألف ليلة وليلة في تسعة مجلدات, وتفسير القرآن للبيضاوي, وعجائب المخلوقات للقزويني.
4-
وستنفلد, سنة 1899:
ومن آثاره: مختلف القبائل ومؤتلفها, لمحمد بن حبيب، وتاريخ مكة للأزرقي، وأخبار قبط مصر للمقريزي، وجغرافية مصر للقلقشندي، وتاريخ الخلفاء الفاطميين، وتاريخ أطباء العرب، وديوان علقمة الفحل، وكتاب الاشتقاق لابن دريد، ومعجم البلدان لياقوت في جزأين، وآثار البلاد للقزويني، وطبقات الحافظ للذهبي، وغير ذلك من الكتب القيمة, وكلها تدل على نشاط وافر، ورغبة صادقة في خدمة الأدب العربيّ والتاريخ الإسلامي.

(1/383)

5- نولدكه, توفي سنة 1931:
ومن آثاره: قواعد اللغة العربية، وتقارب اللهجات، وتاريخ القرآن، ودراسة عن المعلقات، وتاريخ عرورة بن الورد، وتاريخ الفرس والعرب، والعرب في عهد الساسانيين, وله مختارات شعرية من العصر الجاهلي والإسلامي الأول، وجمعت مقالاته في مجلد؛ فبلغت خمسائة مقالة.
ولم يقتصر الاستشراق على علماء هذه الدول، بل نرى في معظم البلاد الأوربية وفي أمريكا مستشرقين لهم باعٌ طويلٌ في نشر الكتب وتصحيحها, وترجمة بعضها إلى لغاتها, حتى لو لم يكن لهم مطمع استعماري، أو مقصد تجاري أو تبشيري، ومن هؤلاء المستشرقين:
1-
كراتشوفسكي الروسي(4): "ولا يزال حيًّا" وقد عُنِيَ عنايةً خاصةً بالأدب العربي الحديث، وانتدب أستاذًا بجامعة القاهرة، ومن آثاره التي يقال إنها لا تقل عن الثلاثمائة؛ بين مصنف ومترجم ومفسر: الرواية التاريخية في الأدب العربي المعاصر، نشر مخطوطتين مجهولتين عن الجغرافية وعلم الفلك في الحبشة وأسبانيا المسلمة والمتنبي وأبي العلاء، وطبع كتاب البديع لابن المعتز بتفسير وتعليق ومقدمة في ثمانين صفحة.
2-
دوزي الهولاندي, توفي سنة 1883.
ولد بليدن، وهي من أشهر المدن اهتمامًا بنشر الكتب العربية, ومن أشهر مؤلفاته: تاريخ الإسلام في إسبانيا في أربعة أجزاء، بدأه بدرس القبائل العربية في العصر الجاهلي, ثم عهد النبي -عليه السلام، ثم عصر الأمويين، وتخلص إلى الأندلس, فأرخها من سنة 711 إلى 1110، وله كتاب "كلام كُتَّاب العرب في دولة العباديين" في ثلاثة أجزاء، ومن أجل آثاره: ملحق المعاجم العربية, ذكر فيه الألفاظ التي لم ترد بها, ويقع في جزأين، ومما نشره تاريخ ابن زبان، وتاريخ المعجب للمراكشي، وجغرافية الإدريسي.
(1/384)

3- دي جويه De Goeje المتوفي سنة 1909, وهو هولندي, وقد اشتهر بنشر المؤلفات العربية الهامة بعد تصحيحها وضبطها، فمما نشره: فتوح البلدان للبلاذري، وديوان مسلم بن الوليد، والمكتبة الجغرافية العربية في ثمانية مجلدات، وتاريخ الطبري الكبير في خمسة عشر مجلدًا مع فهارس قيمة، وغريب الحديث لأبي عبد الله القاسم بن سلام "وهو أقدم المخطوطات العربية بأوربا بعد القرآن"، ونشر كذلك رحلة ابن جبير، والمسالك والممالك لابن حوقل، وأحسن التقاسيم للمقدسي البشاري, والأعلاق النفيسة لابن رستة، وجزء من تجارب الأمم لابن مسكويه، وجغرافية الأصطخري، ورسالة حي بن يقظان، والتمدن الإسلامي لجرحي زيدان، وسيرة الرسول -عليه السلام- لابن هشام، وعشرات الكتب والمخطوطات القيمة.
4-
جولد زيهير المجري, وتوفي سنة 1929:
وهو إسرائيلي تبحر في اللغة العربية، والشريعة الإسلامية، وله فيهما أبحاث تدل على سعة اطلاع، وطول باعٍ، ومن أشهر آثاره: العقيدة الإسلامية في الإسلام, وقد ترجم أخيرًا إلى العربية، وكتاب آداب الجدل عن الشيعة، والفقه العربي، التقية في الإسلام, ونشر كتاب المستظهري في الفضائح الباطنية وفضائح المستظهرية للغزالي، وغير ذلك من الكتب التي تدل على اهتمامه بالعقائد والمذاهب.
وهذا وقد اشتهر في كثير من الدول بعض أفراد المستشرقين مثل: سانتلاتا، ونيلنو، وجويدي الكبيرن وجويدي الابن في إيطاليا(5)، والبارون كريمر, والدكتور مونر في النمسا، وفنديك، وماكدونالد, وشارلز آدمس في أمريكا، وكريمرسكي في بولندا, وبول كراوس في تشكوسلوفاكيا(6)، وبركلمن في ألمانيا، وكتابه في تاريخ الأدب العربي من أهم المراجع المعتمدة, ولا سيما تلك الملاحق التي
(1/385)

الملاحق التي يضيفها إليه في كل عام، وقد قام بترجمته زميلنا المرحوم الدكتور عبد الحليم النجار.
 

 

__________
(1) راجع: تراث الإسلاميين, وراجع كذلك غزوات العرب في أوربا للأمير شكيب أرسلان, وأثر الشرق في الغرب, ترجمة الدكتور فؤاد حسنين، وكتابنا الفتوة عند العرب، الفصل الخاص بالموازنة بين الفتوة العربية والفروسية الغربية.

(2) بلغ ما ترجم من الكتب العربية في القرون الوسطة أكثر من 300 كتاب؛ منها 60 في الفلسفة والطبيعيات، و70 في الرياضيات، والنجوم، 60 في الطب، 400 في الفلك والكيمياء.
(3)لا مراء في أن الأدب الأوربي قد تأثر بالأدب العربي خلال العصور الوسطى، وظهر هذا الأثر في صور شتّى؛ فنرى الشعر الغربي يقتبس القافية من الشعر العربي, بعد أن لم تكن معروفة في الشعر اليوناني أو اللاتيني Legacy of Islam p. 373،والطروبادور نوع من الشعر الغنائي الغزلي الرقيق، وقد ظهر في جنوب أوربا في القرون الوسطى، وهو يشبه إلى حد كبير في أوزانه وقوافيه ومعانيه وحرارته الشعر الغزلي العربي، ولا سيما الغزل العذريّ, وكلمة "طروب" عربية لا شك فيها, والقصص العربية والخرفات والأمثال والنوادر كان لها أكبر الأثر في الأدب الأوربي حينذاك؛ ومن أهم الكتب التي ترجمت: كليلة ودمنة في

القرن الثالث عشر، وكان النواة التي نشأ من حولها أدب قصص عن الحيوان والطير، وإذا وزانت بين أشعار "لافونتين" وبين قصص كليلة ودمنة, تجد الاقتباس واضحًا, وقصص بوكاشيو "دي كاميرون" عليها طابع عربيّ ظاهر، ولما ترجم ألف ليلة سنة 1704 احتفى به الأدباء الأوربيون احتفاءً شديدًا واقتبسوا منه، ونسجوا على منواله، وظهرت قصص أوربية مشهورة, فيها النفحة العربية والخيال الشرقي، خذ مثلًا "زاديج" لفولتير أو "الكوميديا الإلهية" لدانتي, فإنك تلمس أثر رسالة الغفران قويًّا في الملحمة الإيطالية، ولم يكن التشابه مجرد مصادفة، بل الأمر أعمق من هذا. ومن أشهر الآثار التي تتسم بالطابع الشرقي العربيّ ديوان الشاعر

العالمي "جيته" المسمى "ديوان الشرق والغرب", ومسرحية كورني "السيد" ومسرحية راسين "باجازيت أي بايزيد" من أثر هذا الاتصال الثقافي.

(4) راجع ترجمته بالتفصيل إذا شئت في كتب "المستشرقون" لنجيب العقيفي ص132 وما بعدها, وقد اعتمدنا في الكلام عن المستشرقين على هذا الكتاب، وتاريخ آداب اللغة العربية لجورجي زيدان, وتاريخ الآداب العربية للأب لويس شيخو, وعلى صلاتنا ببعض هؤلاء المستشرقين, ولا سيما المعاصرين منهم.

(5) وكل هؤلاء المستشرقين كانت لهم صلات وثيقة بمصر، وقد درسوا في جامعة القاهرة، وفي الجامعة المصرية القديمة، واشتهر سانتلانا بأبحاثه الفلسفية, ونلينو بأبحاثه الفلكية والتصوف, وجويدي الكبير بالأدب والتاريخ واللغة الحبشية والحميرية, وجويدي الابن بأبحاثه في الأدب وفقه اللغة والعقائد والمذاهب الإسلامية.
(6) انتدبته الجامعة المصرية للتدريس بها من 1936, حتى انتحاره في سنة 1944, واشتهر بأبحاثه عن الفرق الدينية وتراجم رجاله، وقد اعترف له كثير من المستشرقين بالفضل والدأب.

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي